حلبية وزلبية تبحث عن الاهتمام بغية جذب السياح
على بعد 50 كم من دير الزور تقع أطلال مدينة أثرية تعرف باسم حلبية وزلبية وتقع على هضبة صخرية صلدة تسيطر على وادي الفرات، يصطدم الفرات بهذا الحاجز لكنه يجتازه باتباع سفح الهضبة حيث ينتهي جبل البشري بسهل بازلتي مشكلاً الهضبة فيحفر مجراه في البازلت فيوسعه ويزيد من عمقه.
حلبية:
ينسب المؤرخون والجغرافيون العرب أطلال المدينة في هذا المكان إلى الزباء. ويطلقون عليه أيضاً اسم الخانوقة فقد ذكرها الواقدي باسم بقلعة زبا، بينما وردت عند ابن الأثير باسم قلعة الزباء (نائلة العمليقي ) وأيضاً عند ياقوت الحموي الذي ذكر قلعة حلبية على أنها قلعة الزباء بينما ذكرت قلعة زلبية باسم زليبية وزبيبة كما أوردها الطبري، وزلوبة عند الواقدي.
وفي الضفة الشامية في موقع صدر المحارب في الشمال يوجد بقايا سور من الحجارة على امتداد2كم يتجه نحو برج عند مخرج الخانوقة من جهة الجنوب، ومجموعة السور المبني بالحجر البازلتي مع البرج تشكل خطاً أولياً الدفاع عن حلبية ويحمي مؤخرة المدينة.
زلبية:
وتقع على ضفة الجزيرة وقد كانت محمية بخط من الحصون الخارجية الشبيهة بحصون حلبية وتقوم هذه المدينة على قمة مرتفع صخري يسيطر على الفرات ويلاحظ على المنطقة القريبة منها عند الممر الذي يصلها بالحمة آثار حصن صغير وبقايا سور طويل يمتدُّ على طول الوادي الشمالي ويهبط في الحمة حتى يضيع في السهل.
هذه الأسوار الحجرية لم تكن قوية جداً ضد هجمات جيوش منظمة ولكن كان بإمكانها أن تؤخر تقدم العدو وتجنب المدن مفاجآت غزو الفرسان مثل الفرثيون.
بعد طول انتظار:
تتم الآن مشاريع جديدة بغية عمليات التنقيب من قبل « بعثة سورية فرنسية « مشتركة بإدارة كل من السيد ياسر شوحان من الجانب السوري، وسيلفي بلتري من الجانب الفرنسي « جامعة مونبلييه «، هدفها يكمن في إكمال أعمال التنقيب التي قامت في أربعينيات القرن الماضي «أي بعد 67 سنة».
رؤية مستقبلية:
يشير السيد ياسر شوحان مدير دائرة الآثار والمتاحف بدير الزور إلى إمكانية إقامة مهرجانات أو احتفالات سياحية أو إقامة متاحف أثرية بغية جذب السياح إلى المنطقة، وخاصة في ظل وقوعها على نهر الفرات، وذلك في حال إيجاد بعض الاهتمام له إن توفرت الرغبة الحقيقة في إقامة فعاليات سياحية فيه.
تهديد:
يهدّد المنطقة الأثرية اليوم « جسر حلبية وزلبية « والذي في حال إنشائه سيغمر المنطقة كاملة بالمياه وستختفي من الوجود نتيجة لغمرها بمياه البحرية التي ستنشأ من جراء السد!.
الرافقة بسورها وقصورها وطبيعتها
تنبَّه الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور إلى أهمية موقع الرقة من النواحي العسكرية والاقتصادية والسياسية، فبعد أن بنى بغداد (مدينة السلام) أراد أن يشمل العمران جميع النقاط الحساسة، فكانت الرقة أحد هذه المواضع المهمة، وصمَّم في سنة 154هـ ـ 770م على بناء مدينة الرافقة في جوار مدينة الرقة القديمة (الرقة البيضاء)، وشرع ببنائها سنة 155هـ 771م وأرسل لهذه الغاية ابنه المهدي فبناها بناء مدينة بغداد في أبوابها وفصولها ورحابها وشوارعها وخندقها.
وبنيت المدينة الجديدة على بعد 300 ذراع شمالي غربي الرقة القديمة، وكان حدُّها الجنوبي ملامساً للفرات، واليوم أصبح الفرات على بعد 1كم تقريباً منها، وقصد أبو جعفر المنصور أن يبني المدينة على شكل مدينة بغداد أي أن يكون سورها مستديراً، لكن طبيعة الموقع فرضت على البنائين أن يجعلوا السور على شكل (نعل فرس) وضلعه الشرقي أطول من الغربي، ولما كان الموضع سهلاً مضاعفاً كبغداد أي سور داخلي وسور خارجي بينهما فصيل وحول السور الخارجي حفر خندقاً.
الرافقة تخطيط عمراني فريد:
لقد بنيت الرافقة على شاكلة بغداد هندستها وأسوارها وفصائلها ورحابها.
لتكون حصناً بجانب الرقة ويرجع اختيار موقع مدينة الرافقة بجوار مدينة الرقة للأهمية الاقتصادية التي كانت تلعبها المدينة، والرافقة مدينة نموذجية كمدينة بغداد حيث قامت على مخطط هندسي مسبق ولا نعرف في تاريخ العمران العالمي أية مدينة كان مخططها على شكل نعل الفرس غير الرافقة، وقد نمت المدينتان «الرقة والرافقة» وتطوَّر العمران مما أدَّى إلى تداخل العمران بين المدينتين، وأنشأ فيها جميع وسائل الترف والراحة حتى أصبحت من أجمل مصائف الدنيا وساد اسم الرقة على الرافقة. والمرجح أن للمدينة أربعة أبواب كما هي الحال في بغداد إلا أن بابين منها مختفيان، فقد ذكر أن اسم الرشيد مكتوب على باب السبال، وذكر ابن حوقل عن مدينة المهدية بتونس ولها سور من حجارة وله بابان ليس لهما فيما رأيت من الأرض شبيهاً ولا نظيراً غير البابين اللذين على سور الرافقة وعلى مثالهما عملاً ومثل شكلهما اتخذا.
ويقدّر الأستاذ كرزويل أبعاد الرافقة من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب بنحو 1500م، وطول السور الداخلي يقدَّر بـ 5كم وقد بني المسجد وقصر الإمارة، وكان من حولهما رحبة متصلة بشوارع تفضي إلى أبواب المدينة وإلى الطاقات القائمة في السور كما هي الحال في بغداد. ولكن هذا التخطيط أخذ يتبدل منذ القرن الرابع الهجري، العاشر الميلادي.
عصر الرشيد عصر ازدهار الرافقة
ولما حان عصر الرشيد أخذت الرقة تتلقى عهداً جديداً بعد أن تدفقت الثروة وازدادت خزينة الدولة، فبنى الرشيد خارج المدن القديمة – السوداء – البيضاء – والرافقة – وأواسط الرقة مدينة جديدة سماها البلدانيون العرب باسم الرقة الوسطى وسماها دونان باسم (مدينة الرشيد)، وجعل فيها قصوراً ضخمة وأبنية فخمة له ولوزرائه وأعيان دولته وخاصة الأمراء البرامكة. وتمتدُّ خرائب مدينة الرشيد بين نهري الفرات والبليخ وعند ملتقاهما، وهي مطمورة بالأتربة والطمي التي حملتها الرياح والمياه، ولا يمكن رؤيتها، ولم يدرِ الأثريون بوجودها إلا بعد تدقيقهم في الصور الجوية التي أخذت لها من الطائرة، والتي أبانت أن هناك قناة آتيه من نهر الفرات، وكانت بين أبنيتها الفخمة ذات الأبعاد الكبيرة جداً.
ومن المنشآت العمرانية الهامة التي أنشاها الرشيد في الرقة السد الذي لا زالت بقاياه موجودة إلى غربي الرقة قرب الحمام وفي الضفة المقابلة له بقايا آثار القناة التي تجري بها الماء من الناحية الشمالية، كما لا زالت تفرُّعاتها باقية ظاهرة تنطق عن فن رفيع في الري، وهذه القناة هي التي ذكرها ياقوت الحموي باسم النيل وأعاد إنشاءها إلى الرشيد، كما ذكرها الأب فان ديرمير في مجلة الحوليات الأثرية السورية، حيث قال: إن هناك قناة كانت آتية من الفرات تجري بين أبنية الرقة الضخمة، وظلت هذه القناة تسقي مدينة الرشيد (الرقة الوسطى) والرافقة – الرقة البيضاء طوال العصر الذهبي والعصور الأخرى مع قناة أخرى كانت آتية من نهر البليخ لا زالت آثارها أيضاً باقية
أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
08-31-2008
حلبية وزلبية
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
