قال ابن القيم رحمه الله
سبحان الله رب العالمين ! لو لم يكن فى ترك الذنوب والمعاصى الا اقامة المروءة و صون العرض ,وحفظ الجاه , وصيانة المال- الذى جعله الله قوامآ لمصالح الدنيا و الاخرة -و محبة الخلق , و جواز القول بينهم , و صلاح المعاش , و راحة البدن , و قوة القلب ، و طيب النفس , و نعيم القلب ، و انشراح ,الصدر , و الامن من مخاوف الفساق و الفجار , و قلة الهم و الغم و الحزن ,و عز النفس عن احتمال الذل , و صون نور القلب أن تطفئه ظلمة المعصية ,و حصول المخرج له مما ضاق على الفساق و الفجار , وتيسير الرزق عليه من حيث لا يحتسب , و تيسير ما عسر عل أرباب الفسوق و المعاصى , و تسهيل الطاعات عليه , و تيسير العلم , و الثناء الحسن فى الناس , و كثرةالدعاء , و الحلاوة التى يكتسبها وجهه , و المهابة التى تلقى له فى قلوب الناس ,و انتصار هم له و حميتهم له اذا أوذى أو ظلم ,و سرعة اجابة دعائه ,وزوال الوحشة التى بينه و بين الله , و قرب الملائكة منه , وبعد شياطين الانس و الجن منه , و تنافس الناس على خدمته , و خطبتهم لمودته و صحبته , و عدم خوفه من الموت - بل يفرح لقدومه على ربه , ولقائه له و مصيره اليه -و صغر الدنيا فى قلبه , و كبر الاخرة عنده , وحرصه على الملك الكبير و الفوز العظيم , وذوق حلاوة الطاعة , ووجدان حلاوة الايمان , و دعاء حملة العرش و من حوله من الملا ئكة له و فرح الكرام الكاتبين له , و دعائهم له كل و قت , والزيادة فى عقله و فهمه و ايمانه و معرفته , و حصول محبة الله له , و اقباله وفرحه بتوبته .
فهذا بعض آ ثار ترك المعاصى فى الدنيا .
فاذا مات تلقته الملائكة بالبشرى من ربه بالجنة و بانه لا خوف عليه و لاحزن , و ينتقل من سجن الدنيا و ضيقها الى روضة من رياض الجنة ينعم فيها الى يوم القيامة , فاذا كان يوم القيامة كان الناس فى الحر و العرق و هو فى ظل العرش ,فاذا انصرفوا بين يدى الله أخذ به ذات اليمين مع أوليائه المتقين و حزبه المفلحين و ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء , والله ذو الفضل العظيم )) . انتهى .
(( كتاب الفوائد لابن القيم رحمه الله ص 151,152 ))
ونسال ان يجنبنا المعاصى و الذنوب ما ظهر منها و ما بطن انه سبحانه ولى ذلك والقادر عليه