صفحات من تاريخ البرلمان المصري
الاثنين ,23/01/2012
القاهرة - “الخليج”:
لم تعرف مصر مجالس تنوب عن الشعب، وتشارك في حكم البلاد طوال تاريخ مصر الإسلامي، وأثناء الحكم العثماني المباشر الذي استمر زهاء الأربعة قرون . لكن الأمور تغيرت في مصر بعد قدوم الحملة الفرنسية والصدمة الحضارية، التي أصابت المصريين وجعلتهم ينظرون إلى الغرب للمحاكاة . فكانت أول إرهاصة لقيام حياة نيابية في عام 1829 في عهد محمد علي باشا، عندما أسس مجلساً للثورة يتكون من كبار التجار والأعيان والمشايخ والعلماء، وكانت وظيفته الأساسية إبداء الرأي في القضايا الإدارية العامة وأشبه بالمجلس الاستشاري الذي لا يلزم الحاكم وقتها بتنفيذها . وبدأ المجلس في التطور حتى أصبح يضاهي المجالس النيابية في أوروبا، وبعد وفاة محمد علي باشا تعطل المجلس ولاسيما لعدم تحمس الخديوي عباس وسعيد له . ثم شهد البرلمان تطوراً في عهد الخديوي إسماعيل، حيث أسس مجلس شورى النواب في ديسمبر/كانون الأول من عام 1866 من 75 نائباً يتم انتخابهم من طبقة كبار ملاك الأراضي الزراعية كل ثلاث سنوات، وواكب تأسيس المجلس حالة الحراك التي خلفتها الصحافة المصرية الناشئة، وظهور حركات التحرر ضد التدخل الأجنبي الذي كان يتزايد في نهاية حكم الخديوي إسماعيل . وبعد خلع إسماعيل ونفيه خارج مصر في عام 1879 تولى ابنه توفيق الخديوية، واستمر مجلس النواب في عهده يحاول أن ينتزع صلاحياته التشريعية، إلى أن حصل عليها مناصفة مع الخديوي، إضافة إلى مناقشة الميزانية وإقرار الضرائب، غير أن القوى الأوروبية التي كانت تسيطر على مصر أدركت أن الوقت لا يسير في مصلحتها بعد ما دخل المجلس في صدام معها . ودخلت مصر مرحلة الاحتلال البريطاني عام 1882 ووضع اللورد دفريني عام 1983 القانون الأساسي لتنظيم الشؤون الداخلية لمصر تحت سلطة الاحتلال البريطاني، وحدد القانون إقامة مجلسين استشاريين لا تشريعيين، هما مجلس شورى القوانين والجمعية العمومية، للتداول في الشؤون الداخلية لمصر، وهو ما شكل انتكاسة لتطور الحياة النيابية، ورغم ذلك دخل مجلس شورى القوانين في صدام مع الاحتلال بلغ ذروته عام 1909 بسبب التصدي لمشروع الحكومة لمد امتياز قناة السويس 40 سنة مقابل الحصول على 4 ملايين جنيه ونسبة من أرباح القناة، بعدما رفض المجلس مشروع الحكومة .
ثم جاء دستور 3291 الذي أسس لأول مجلس نيابي حقيقي له سلطة مساءلة الحكومة وسحب الثقة منها وصلاحيات حق التشريع والموافقة على مشروعات قوانين الحكومة أو الملك، لكن هذا المجلس ظل رهن سلطات الملك لاسيما في حله في أي وقت، وشهد البرلمان الذي تأسس عام 1924 عمليات تزوير واسعة في الانتخابات إلى أن ألغي دستور 1923 وأصدر دستور عام 1930 الذي أعطى صلاحيات واسعة للملك، لكن مصر شهدت مظاهرات عارمة طالبت بإلغاء دستور 1930 وعودة دستور 1923 وقد جرت انتخابات وفاز بها حزب الوفد صاحب الشعبية الكبرى وقتها، وتولى مصطفى النحاس الوزارة في مايو/ ايار 1936 وظل دستور 1923 هو السائد في البلاد إلى أن قامت ثورة 23 يوليو /تموز عام 1952 والتي أسست دستوراً جديداً عام 1956 بعد فترة انتقالية كان مقرراً لها 3 سنوات، وتم تغيير اسم مجلس النواب إلى مجلس الأمة عام 1956 وبعد تغير التركيبة الاجتماعية للشعب المصري إثر قيام ثورة 23 يوليو تغيرت أيضاً عضوية مجلس الأمة، الذي ضم 50% من عضويته من الفلاحين والعمال باعتبارهم الطبقات التي ظلت مهمشة طوال سنوات البرلمان .
واعتبر مؤرخون مصريون أن كل الانتخابات البرلمانية شابها بعض المسالب، وأنها جاءت بأغلبية تعمل في مصلحة الحكام باستثناء دورة مجلس شعب عام 1976 التي أشرف عليها ممدوح سالم، حيث جاء بأعضاء ذي توجه سياسي متنوع، وذلك بعد تغير الدستور المصري عام 1971 الذي مهد للتجربة الحزبية في مصر ولبرلمان شبه ديمقراطي، إلا أنه بعد تجربة عام 1976 ومع تصاعد حالة الجدل السياسي بين الرئيس الأسبق أنور السادات ورموز المعارضة التي دخلت البرلمان، لاسيما بعد توقيع معاهدة “كامب ديفيد” مع الكيان، عادت السلطات إلى تزوير إرادة الناخبين بحيث تأتي بنواب من الموالين للرئيس . ولعل برلمان 2010 كان الأبرز في حالات التزوير إذ إن نتائجه أطاحت النظام السابق وأشعلت ثورة 25 يناير .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
01-23-2012
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض الشجري