يا من تريد تدري فني فاسأل عني الألوهية
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هذه قبسات من نور متابعة مشائخ الطريقة نفعنا الله بعلومهم و أسرارهم أرجو أن تكون نافعة شافية للقلوب الموبوءة بحجاب الغفلة والاغيار و ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.
يقول الاستاد احمد العلاوي رضي الله عنه و نفعنا به:
• يا من تريد تدري فني فاسأل عني الألوهية
أما البشر لا يعرفني أحوالي عنه غيبية
• اطلبني عند التداني من وراء العبودية
أما الضر وف والأكوان ليس لي فيها بقية
• إني مظهر رباني والحال يشهد عليا
أنا فياض الرحمن ظهرت في البشرية
• والأصل مني روحاني كنت قبل العبودية
ثم عدت لأوطاني كما كنت في حرية
• لا تحسب انك تراني بأوصاف البشرية
فمن خلفها معاني لوازم الروحانية
• فلو رائيت مكاني في الحضرة الاقدسية
تراني ثم تراني واحدا بلا غيرية
• ولكن الحق كساني لا يصل بصرك أليا
تراني ولا تراني لأنك غافل عليا
• حدد بصر الأيمان وانظر نظرة صفية
فان كنت ذا إيقان عساك تعتر عليا
الحق سبحانه وتعالى جعل هذا الشكل الإنساني من عجائب خلقه اجتمع فيه ما افترق في غيره (أتحسب انك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر )
فالإنسان نخبة الأكوان ونسخة الوجود بأسره
اني مظهر رباني والحال يشهد عليا * أنا فياض الرحمن ظهرت في البشرية
قال الشيخ أبو العباس المرسى
يا تائها في مهمه عن سره انظر تجد فيك الوجود بأسره
أنت الكمال طريقة وحقيقة يا جامعا سر الإله بأسره
ثم إن الله سبحانه وتعالى أودع في هذا الشكل سرا من أسراره ونورا من أنواره وهي ( الروح ) وهي لطيفة ربانية لاهوتية ملكية ، وكانت الروح قبل دخولها هذا الهيكل الإنساني في غاية الصفا لأنها جبروتية ( وهو عالم العظمة ) ولذلك كانت الروح علامة داركة عالمة بما كان وبما يكون عارفة بأسرار الملك
يقول الشيخ احمد العلاوي
لنا منه نورا يسني قد ضاءت منه جباها يا عارف الروح مني لا يخفى عليك صفاها
فغار عليها القدر وخشي أن تفشي أسرار الملك فحبسها في هذا القالب الظلماني البشري فنسيت تلك العلوم وغابت عنها تلك الأسرار حكمة من الواحد القهار
فلما ركبت الروح في هذا القالب طلبت الرجوع إلى أصلها فوجدت العوائق قد أحاطت بها فكلما همت بالرحيل جذبتها العوائق والعلائق فردتها إلى سجنها وقفصها وهو ( البدن ) وهو بدوره يحن إلى أصله الطيني الظلماني وهي تشتاق إلى أصلها العالم الروحاني
كمل حقيقتك التي لم تكمل والجسم دعه في الحضيض الأسفل
أتكمل الفاني وتترك باقيا هملا وأنت بأمره لم تحفل
الجسم للنفس النفيسة آلة ما لم تحصله بها لم يحصل
يفنى وتبقى بعده في غبطة محمودة أو شقوة لا تنجلي
أعطيت جسمك خادما فخدمته ونسيت عهدك في الزمان الأول
ملكت رقك مع كمالك ناقصا أتملُِك المفضول رق الأفضل
و إلى هذا أشار سيدي الفيتو ري فقال :
انظر في ذاتك تحيا بحياتك روحك ناداتك لفك الطلسم
ومن هنا قامت الحرب بينهما سجالا ولكل واحدا منهما جندا يمده
فجند البشرية النفس والهوى والدنيا والناس والشيطان وسائر أوصاف الشرية الخبيثة والمذمومة
وجند الروحانية العلم والأيمان والمعرفة واليقين والذكر والفكر وسائر الأوصاف المحمودة
لا تحسب انك تراني بأوصاف البشرية فمن خلفها معاني لوازم الروحانية
ولكن البشرية قريبة من وطنها وجندها حاضر معها، والروح غريبة عن وطنها وعن جندها
فكل عبيد الله غابوا في حبه لا يرومون قصدا سواه ولا ميلا
إلا من حيث الضروف ضاق نطاقهم لما لاحظوا في الكون لطفا تشكلا
تأوٍٍٍهوا أسفا على ما كان لهم قبل دخول الأرواح اعني ذا الهيكلا
ووقعت الغلبة للبشرية على الروحانية في جل الناس فغلب عليهم الحس وأتباع الهوى ولم يخلص من هذه الأعداء حتى تقع الغلبة للروحانية على البشرية إلا القليل من الخواص
وإذا أراد الله عز وجل أن ينصر عبده بفضله وكرمه أمد الروح بجندها ثم قواها على مجاهدة النفس البشرية وضعف عنها مادة جند النفس فيدفع عنه الدنيا ويوحشه من الناس حتى ينكروه فتخنس النفس وتنكسر ويضعف عنها الحس ويضمحل عنها الهوى وحينئذ تفوز الروحانية بالغنيمة فتستولي على البشرية وتصير في يدها مملوكة ثم تستولي على الوجود بأسره كما اشرنا سابقا من إن الوجود كله منطو في نشأة الإنسان ( الإنسان من جهة نقطة من طين ومن جهة الروحانية خليفة رب العالمين )
أيا مريد الله نعيد لك قولي إصغاه إذا تفهم قولي به تصل لله
فاذكر الاسم الأعظم واطوي الكون تغنم وخض بحر القدم فذاك بحر الله
وخض بحر الأنوار والمعنى والأسرار وافني هذي الديار يبلغ قلبك مناه
الملك والملكوت كذاك الجبروت فكلها نعوت و الذات مسماه
فغب عن الصفات وافني في ذات الذات هذي تلونات مصيرها لله
فإذا ما ملك الإنسان نفسه وتصرف فيها فقد ملك الوجود بأسره
ونفسك تحوي الحقيقة كلها أشرت بجد القول ما أنا خادع
فإذا ما استولت الروحانية على البشرية رجعت إلى أصلها وصارت عالمة بالأشياء على حقيقتها عارفة بأسرار الملك
ومن عادة الملوك أن يغاروا على سرهم إن يفشى فمن أفشاه لغير أهله كان حده ذهاب رأسه
سقوني وقالوا لا تغني ولو سقوا جبال حنين ما سقوني لغنت
سقوني بكأس من لو أهدى سناه إلى الجبال نصيب منه لدكت
سقوني شرابا قديما كان مزاجه غراما وتبريحا ووجدا وحيرة
وقالوا فمن باح خاطر بحياته فوا حيرتي كيف المفاز بنجاتي
تباح دمائنا إن بحنا بسرهم هكذا شان الغرام يقضي بحياتي
ويقول الاستاد أحمد العلاوي في لاميته:
ومن عجب إني ما بحث بسره ولو سقى غيري ما صام ولا صلى
وأنشد أحدهم قائلا:
ومن شهد الحقيقة فليصنها وآلا سوف يقتل بالسنان
كحلاج المحبة إذ تبدت له شمس الحقيقة بالتدان
وإذا أراد الله عز و جل خذلان عبد –بعدله وحكمته وقهريته – أمد بشريته بجندها وضعف عنه جند الروحانية فتقوى عليها مادة الدنيا ويقبل الناس عليه فتتقوى على الإنسان النفس والهوى ويغلب عليه الحس و يتكثف في حقه الحجاب فتبقى الروح مسجونة بمحيطاتها محصورة في هيكل ذاتها قال تعالى 0( بل ران على قلوبهم ما كانوا يكسبون ) صدق الله العظيم
ولا يطمع احد أن ينصره الله على نفسه ويتخلص من سجن بشريته بلا شيخ أبدا
فهده سنة الله في خلقه فلابد من شيخ يكون جامعا بين جذب وسلوك لان المجذوب المصطلم أو السالك الظاهري لا يربي
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين وبالله التوفيق
و صلى الله على سيدنا محمد و على آله و صحبه وسلم
__________________
ابو خالد الحسيني
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالرحمن الحسيني ; 08-31-2010 الساعة 05:06 AM