ما في الطُّلُولِ مِن الأَحِبَّةِ مُخْبِرُ = فَمَن الَّذِي عن حالِها نَسْتَخْبِرُ
لا تَسأَلنَّ سِوى الفراقِ فإِنَّهُ = يُنْبِيكَ عنهم أَنْجدُوا أَم أَغْوَرُوا
جارَ الزَّمانُ علَيْهِمُ فَتَفَرَّقُوا = في كُلِّ ناحِيّةٍ وبادَ الأَكْثرُ
جَرَتِ الخُطُوبُ على محلِّ دِيارِهِم = وعلَيْهِمُ فَتَغَيَّرَتْ وتَغَيّرُوا
فدَعِ الزَّمانَ يصوغُ في عرصاتِهِم = نُوراً تكادُ له القُلُوبُ تُنَوِّرُ
فلِمثْلِ قُرْطُبةٍ يقلُّ بُكاءُ مَن = يَبْكِي بعَيْنٍ دَمْعُها متَفَجِّرُ
دَارٌ أَقالَ اللَّهُ عَثْرةَ أَهْلِهَا = فَتَبَرْبَرُوا وتَغَرَّبُوا وتَمَصّرُوا
في كُلِّ ناحِيَةٍ فَرِيقٌ منهمُ = مُتَفَطِّرٌ لفراقِها مُتَحَيِّرُ
عَهْدي بها والشملُ فيها جامِعٌ = مِن أَهْلِها والعَيْشُ فيها أَخْضَرُ
ورِياحُ زَهْرَتِها تلوحُ علَيْهمُ = برَوائِحٍ يَفتَرُّ منها العَنْبرُ
يا طِيبَهُمْ بقُصُورِها وخُدُورِها = وبُدُورها بقُصُورِها تَتَخَدَّرُ
يا جَنَّةً عَصفَتْ بها وبأَهْلِها = رِيحُ النَّوى فتَدَمَّرتْ وتَدَمَّرُوا
أَسَفِي على دارٍ عَهدْتُ ربوعَها = وظباؤُها بفنائِها تَتَبَخْترُ
أَيّامَ كانَتْ عَيْنُ كُلِّ كَرامةٍ = مِن كُل ناحِيَةٍ إِليَهْا تَنظُرُ
حَزَني على سَرَواتِها ورُواتِها = وثِقاتِها وحُماتِها يَتَكَرَّرُ
نَفْسِي على آلائِها وصفائِها = وبَهائِها وسَنائِها تَتَحَسَّرُ
كَبِدِي على عُلَمائِها حُلَمائِها = أُدَبائِها ظُرَفائِها تَتَفَطَّرُ
ابن شهيد الأندلسي
323 - 393 هـ / 935 - 1003 م
عبد الملك بن أحمد بن عبد الملك بن شهيد القرطبي أبو مروان.
وزير، من أعلام الأندلس ومؤرخيها وندماء ملوكها.
ولد ومات بقرطبة.
له (تاريخ) كبير يزيد على مائة جزء، بدأه بعام الجماعة (40 هـ) وختمه عام وفاته، مرتباً على السنين.
وجمع ما وجد من شعره في (ديوان - ط).