بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه.
إن الأدلة على جواز الاستغاثة والتوسل كثيرة جداً وهي من باب العمل بالأسباب وليست من باب عبادة المخلوقين كما يزعم المخالفون لأهل السنة .
وقد جاءت النصوص الشرعية المبينة لمشروعية الاستغاثة .وكان السلف الصالح رضي الله عنهم يعملون بها عند الشدائد أو الحاجات .وسار على نهجهم من جاء بعدهم من أمة الإسلام إلى يومنا هذا .
وقد ألف العلماء كتباً نافعة أوردوا فيها أدلة الاستغاثة ورغبوا في العمل بها، وجعلوها من الأداب الشرعية المرعية ومن ذلك كتاب الأدب المفرد للبخاري وكتاب عمل اليوم والليلة للحافظ ابن السني تلميذ الحافظ النسائي ، وكتاب الكلم الطيب لابن تيمية ,غيرها من كتب الأمة التي ألفت للعمل بهذه الأذكار .وهنا أنقل من كتب العلماء قديماً وحديثاً ما كتبوه عن أحد هذه الأثار وهو الأثر الثابت عن الصحابي الجليل عبدالله بن عمر رضي الله عنهما.
فإليكم النقول في ذلك .
جاء في كتاب غريب الحديث للإمام إبراهيم الحربي تلميذ الإمام أحمد بن حنبل في مادة خدر ما نصه:
756 - حدثنا عفان ، حدثنا شعبة ، عن أبي إسحاق ، عمن سمع ابن عمر ، قال : « خدرت رجله » ، فقيل : اذكر أحب الناس ، قال : « يا محمد »
757 - حدثنا أحمد بن يونس ، حدثنا زهير ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن سعد : جئت ابن عمر فخدرت رجله ، فقلت : مالرجلك ؟ قال : « اجتمع عصبها » ، قلت : ادع أحب الناس إليك ، قال : « يا محمد »
ففي هذين الأثرين تبرز الاستغاثة بسيدنا النبي صلى الله عليه وسلم ودعاءه عند حدوث هذا العارض .وحتماً أن المسلمين قديماً وحديثاً لا يفعلون ذلك بقصد عبادة النبي صلى الله عليه وسلم وإنما بقصد الاستغاثة السببية فقط.وإلا للزم المتنطعون اتهام الصحابة والتابعين بالوقوع في الشرك.
وجاء في الأدب المفرد للإمام البخاري باب ما يقول الرجل إذا خدرت رجله
1001 - حدثنا أبو نعيم قال : حدثنا سفيان ، عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن سعد قال : خدرت رجل ابن عمر ، فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك ، فقال :" يا محمد"
فتأمل في قول الحافظ البخاري رحمه الله تعالى باب ما يقول الرجل فهو حث على فعل هذه الاستغاثة.
وجاء في عمل اليوم والليلية للحافظ ابن السني ما نصه:باب ما يقول إذا خدرت رجله
167 - حدثني محمد بن إبراهيم الأنماطي ، وعمرو بن الجنيد بن عيسى ، قالا : ثنا محمد بن خداش ، ثنا أبو بكر بن عياش ، ثنا أبو إسحاق السبيعي ، عن أبي شعبة ، قال : كنت أمشي مع ابن عمر رضي الله عنهما ، فخدرت رجله ، فجلس ، فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك . فقال : « يا محمداه فقام فمشى »
وجاء في الكلم الطيب لابن تيمية ما نصه
في الرجل إذا خدرتعن الهيثم بن حنش قال : كنا عند عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فخدرت رجله فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال : يا محمد فكأنما نشط من عقال.
فتأمل في فعل ابن تيمية إذ جعله من الكلم الطيب الذي حث الناس على فعله لا من الشرك كما يفعل المتشددون.
وجاء في تهذيب الكمال للمزي ما نصه: 3832 - بخ(البخاري) عبد الرحمن بن سعد القرشي العدوي مولى بن عمر كوفي روى عن أخيه عبد الله بن سعد ومولاه عبد الله بن عمر بخ روى عنه حماد بن أبي سليمان وأبو شيبة عبد الرحمن بن إسحاق الكوفي ومنصور بن المعتمر وأبو إسحاق السبيعي بخ ذكره بن حبان في كتاب الثقات روى له البخاري في كتاب الأدب حديثا واحدا موقوفا وقد وقع لنا عاليا عنه أخبرنا به أبو الحسن بن البخاري وزينب بنت مكي قالا أخبرنا أبو حفص بن طبرزذ قال أخبرنا الحافظ أبو البركات الأنماطي قال أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال حدثنا علي بن الجعد قال أخبرنا زهير عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن سعد قال كنت عند عبد الله بن عمر فخدرت رجله فقلت له يا أبا عبد الرحمن ما لرجلك قال اجتمع عصبها من ها هنا قال قلت ادع أحب الناس إليك فقال يا محمد ،فانبسطت .رواه عن أبي نعيم عن سفيان عن أبي إسحاق مختصرا
وجاء في مسند الحافظ ابن الجعد ما نصه:
2117 - وبه عن أبي إسحاق ، عن عبد الرحمن بن سعد قال : كنت عند عبد الله بن عمر فخدرت رجله فقلت له : يا أبا عبد الرحمن ، ما لرجلك ؟ قال : « اجتمع عصبها من هاهنا ، قلت : ادع أحب الناس إليك ، قال : يا محمد ، فانبسطت »
قال الإمام ابن جرير الطبري في تفسيره القول في تأويل قوله : { فما كان دعواهم إذ جاءهم بأسنا إلا أن قالوا إنا كنا ظالمين }
.............ولـ"الدعوى"، في كلام العرب، وجهان: أحدهما: الدعاء ، والآخر: الادعاء للحق.
ومن"الدعوى" التي معناها الدعاء، قول الله تبارك وتعالى( فما زالت تلك دعواهم ) [سورة الأنبياء: 15]، ومنه قول الشاعر:
وإن مذلت رجلي دعوتك أشتفي... بدعواك من مذل بها فيهون .
انتهى المراد.فهم يطلبون الشفاء الذي يحصل نتيجة دعاء من يحبون .وهكذا فعل المسلمون من الصحابة فمن بعدهم إلى اليوم وليس دعاء عبادة وإنما هو دعاء طلب بقصد تعاطي الأسباب .
(( مذلت رجله ( بفتح وسكون ) ومذلا ( بفتحتين ): خدرت ،فإذا خدرت رجله ثم دعا باسم من أحب ، زال خدرها .
ووممن حث على ذلك في مقام بيان فضل النبي صلى الله عليه وسلم الحافظ شمس الدين السخاوي :في كتابه "القول البديع " حيث قال ما نصه : "وللبخاري في الأدب المفرد من طريق عبد الرحمن بن سعد قال: خدرت رجل ابن عمر فقال له رجل : اذكر أحب الناس إليك فقال: يا محمد" انتهى.
يتبع