قبس الفيض والمدد من بركة ورد الصلاة المشيشية
قبس الفيض والمدد من بركة ورد الصلاة المشيشية :
للعارف بالله القطب مولانا عبد السلام بن مشيش رضي الله عنه وأرضاه ونفعنا بأسراره، وأحواله وتجلياته واشراقاته وفيوضاته ومقاماته عدد فتوحاته على تلاميذه مشائخ الحقيقة الربانية والأنوار والكشوفات المحمدية رضي الله عنهم، وسلام الله يرعاهم ويحفهم بالرحمة والرضوان والكمال والترقي الدائم في حضرة المجد ومطالع الأنس انه ولي ذلك والقادر عليه وسلام على عباده الذين اصطفى والحمد لله رب العالمين .
يقول الشيخ سيدي الحاج محمد خلادي بارك الله لنا في عمره .
الحمد لله العلي الكبير المتعال، له الصفات العلا والأسماء والأفعال، تعالى علوا كبيرا عن كل نقص أو مثال، خلق كل شيء سبحانه واليه المآل، يدبر الأمر سلطانه بلا نفاذ أو زوال، سرى اسمه النور في السماوات والأراضين، فلبتا طائعين في الحال، " قالتا أتينا طائعين فسوايهن سبع سماوات وأوحي في كل سماء أمرها " . - فالحمد لله الملك الواحد الصمد المنان، يداه مبسوطتان ينفق كيف يشاء الجواد الحنان، خلق الانسان في أحسن صورة علمه البيان، فسبحان من اختصنا بالعقل سبيلا لننفذ به الى أسرار الأكوان
.
قال تعالى : {يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَن تَنفُذُوا مِنْ أَقْطَارِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ فَانفُذُوا لَا تَنفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطَانٍ }الرحمن33 ، فبلطفه تصلح الأحوال، وبكرمه وجوده تدرك الآمال، وعلى وفق مشيئته تتصرف الأفعال، وبارادته تتغير الأحوال، واليه المصير والمرجع والمآل، سبحانه الباقي بلا زوال، والمنزه عن الحلول والانتقال، ذو العرش والمعارج والاكرام والجلال، نحمده على ما أسبغ من الانعام والافضال، ومن به من الاحسان والنوال، ونصلي ونسلم على خاتم الأنبياء والرسل سيدنا ونبينا محمد المصطفى من ولد عدنان، وعلى آله وصحبه والتابعين لهم باحسان وعلى الأولياء والأبدال، وجعلنا متمسكين بشرعته مقتدين بسنته متعظين بما ضرب من الأمثال، أحمد الله حمدا كثيرا كبيرا على سابغ نعمه، وجزيل ثوابه ومنه واعطائه، فهو المتفضل في قليل كان أو كثير، في سكون أو حركة منا أو تدبير، وله الحمد على النعمة العظمى، والآية الكبرى، شمس الأنوار ومعدن الأسرار وأول العقد وواسطة العقد، سر أسرار الوجود، والسبب في كل موجود، من حوت ذاته الشريفة الأنوار القدسية، فأصبح يتقلب في الجمال والجلال غرفا في أذيال العبودية، سيدنا وعظيمنا وحبيبنا وقائدنا محمد صلى الله عليه وسلم، النور الكامل، والسر البديع التام ، المبعوث رحمة ونعمة للأنام
" ليخرجهم من الظلمات الى النور " فهو نور الأنوار كلها، ومعدن الأسرار وبحرها، وان أفضل مدخل، وباب لنيل ولثم أسراره، والاقتباس من أنواره وطلب أمداده وفيوضاته ولطيف غيثه واستسقائه، لا يتم الا بكثرة الصلاة عليه، والتوسل به لديه والاستغاثة بأسمائه وأحواله وصفاته ثم التشبث بسيرته، واقتفاء آثاره وتقديمه على النفس بالفناء في ذاته الشريفة منبع أسراره وأنواره وعرفانه، فتنجلي حينها عرائس الجنان، ظاهرات للعيان تخاطب ودها بكل لسان، كالحور المقصورات في الخيام، لم يطمثهن انس قبلهم ولا جان، فهي بواكر العلوم اللدنية، وشتى أصناف الفهوم الغيبية، والفتوحات الوهبية، وكذا المطالعات والمساررات والمكالمات في حضرة القرب وطوالع الأنس، فهي معراج العارفين طريق رب العالمين، وهي منهل كل مسلم دبت فيه روحانية الاسلام والايمان فنورت طريقه بالاستقامة، والهدى فأبعدته عن الزيغ والضلال، فيسير المؤمن في درب الأنوار مستضيئا بالهدى المحمدي الذي لا غنى عن أحد الا به .
فرأيت مستفتحا ومستلهما من مجمل فضائله صلى الله عليه وسلم، بأنه النور الشامل التام، الذي سطعت أنواره فعمت كل المخلوقات، أن أفرد كتابا يتناول الحديث عن هذا النور المرسل للناس رحمة ونعمة، لينتشلها، ويخرجها من الظلمات ودركات، الجهل فتسطع شمسه صلى الله عليه وسلم، على البشرية جمعاء، فبدأت مستفتحا بالصلاة المشيشية، وهي صلاة عظيمة القدر كثيرة الأسرار والأنوار غزيرة المعاني مليئة بالجواهر، والدرر النفسية لما فيها من روحانية جذب تشد الصغار الكبار، تأسر المهج والأرواح، ربانية الأنوار تسمو بقارئها لأسمى المرات فترقى بقارئها لروح المصطفى، ان صح صدق وحضور عندها بالحاح، فتراني غصت في بحارها وأنوارها محاولا استخراج بعضا من الدرر الملاح، فتوالت منح منه علي تترى فكان الساقي للراح، فشدني بعد أن أمدني بالحال الذي هو لسان المقال، فاستعنت بكل ثمين وغال لما قد قال، فالشوق اليه والحب فيه صلى الله عليه وسلم، من أكبر وأنفس الذخائر والمال، والعشق في ذاته المطهرة سبيل العارفين لنيل المقامات والأحوال، فهو الملجأ والحمى من الشيطان وسوء المنقلب والمآل، فهو أحد أعظم العارفين بالله قطب دائرة العلوم والأفهام، والذي هو أحد أجدادي نسبا العارف بالله سيدي عبد السلام بن مشيش قدس الله سره، ونفعنا بجميع أحواله ومقاماته وأسراره .
فقلت مبتدأ بقوله رضي الله عنه عند طلبه السؤال، بعين اليقين ولما صح عنده من قوة في الاستغراق وشواهد الحال، فقلت بقوله مستمدا وبامداده مستفتحا:
"اللهم صلِّ على من منه انشقت من ذاته الأسرار الربانية، مفتاح كنز الحقائق النورانية، الذي أينعت من كف نواله المكرمات، ففاضت أنهار أنواره وأسراره، فعم من شذى ريحه وريحانه تنفس صبح نعمائه وآلائه على الثقلين انسه وجنه، فانفلقت لطلعته وحسن بهائه الأنوار فأضاءت ما حولها تفتق العوالم وتلألؤها بالضياء و العز والفخار، فجادت لنا بصور الكائنات والمكونات، وجميع الغيبيات فأبهر العقول سنا النور الذي أودع فيه جميع الكمالات، سراج العوالم المستمد نوره من عظم الذات، من تلاطمت أبحر الضياء والنور في ذاته، فأضاءت الأفلاك والنجوم وكل المرئيات، وفيه ارتقت الحقائق، بكمال أوصافه بالنعوت وصفاء الذات، فاقترنت في مصاعد الأنس والقرب منه الأسماء والصفات، فعرجت للمنتهى فانتهى حيث البدايات والنهايات، فنال آدم بعضا من مكنون أسمائه والدرجات، فأعجز الخلائق فهم أسراره ومراميه والغايات، فكلت بصائرهم فانقلبت خاسئة بعدد المرات رؤية السماوات فلا سبيل اليه، فتبارك الذي عظم خلقه وخلقه ونصره وآواه وعلمه ورباه واصطفاه واجتباه ومن نوره خلقه وسواه ثم أعطاه وارتضاه وقرن اسمه باسمه في التوحيد فذاك المرام بعينه عين العناية الربانية، وسر الحضرة الالهية غاية كل الغايات، ومصدر كل الأعمال والنيات، فرياض الملكوت برؤيته أضحت مزهرة ضاحكة لثغره مستبشرة، قد طاب غرسها من طيبه فهي جنية مثمرة، وحياض الجبروت فاضت من لوامع برقه وسناه فهي بالسيول النورانية جارية، ولا شيء الا وهو به منوط فهو مظهر الوجود، وعنصر كل موجود، طور التجليات، ومهبط الرحمات، ونور صور الكائنات، مرآة الشهود، ومحل نظر الملك المعبود، عين أعين الحقائق صاحب الكرم والجود، اذ لولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط، عقد الواسطة شمس الأسرار الربانية وباب الحضرة العلية، وخازن الأسرار الملكوتية، ومنبع التجليات الالهية، ومفيض الأنوار القدسية، صلاة منك تامة اليه عامة، تحضى به ذاته الشريفة غبطة وسرورا، ورضاءا لنفسه وحبورا، تزيد من أنواره وأسراره، حق قدره ومقداره العظيم، صلاة تجعلنا للاستغفار به أهلا، كما هو أهله .
اللهم انه سرك الجامع الدال عليك، الكامل لديك، القائم بين يديك، الماضي في أمرك، المنجز لوعدك، الأمين لسرك، الصادع بأمرك، سر أسرارك، المتقدم من نور ضياء وجهك، وحجابك الأعظم القائم بين يديك، أقرب وأحب وأعظم الخلائق لديك، محل نظرك وخطابك، الذي اذا قال صدقته، واذا سأل أعطيته، قسمك الذي أقسمت به في كتابك، ونورك الذي أخرجته لعبادك، المصرف في ملكوتك بما يشاء تصديقا لوعدك، " انا رفعنا لك ذكرك " . " ولسوف يعطيك ربك فترضى "
.
اللهم ألحقني بنسبه الشريف وأصله النقي الحنيف قولا وفعلا، وحققني بحسبه باحقاق حقه عليك أن ينالني نصيب فضله وفيوضاته فأكون من جملته وخاصته، وعرفني اياه معرفة أسلم بها من موارد الجهل، وأكرع بها من مواهب الفضل، معرفة محفوفة بعين الرضا والقبول، تحققني بأوصافه وكمال ذاته، وتحصنني مني بمحو أثري في آثاره، وظلمة ليلي يجليها صبح أنواره، حتى أكرع وأنهل من معين صفائه ويغشاني في كتف عينيه الشريفتين ببروز لوامع برق أسراره، فتهب علي نسائم فتوحاته واشراقاته، وتعمني طوالع نصره وقربه واحسانه، واحملني على سبيله الى حضرتك، حملا محفوفا بنصرتك، بأن أفنى فيه فناءا يوردني فيه هو لحضرتك، ومنتهى كمالك، مشفوعا بختم تأييدك، ونصرة حبيبك، وأقذف بي على الباطل فأدمغه، بفتك غوائلي، وخرق عوائدي، وزج بي في بحار الأحدية في نور أنوارك، وسر بقائك، فأكون بك لك، وأنشلني من أحوال التوحيد من صور الأغيار، والأكوان والآثار، وأغرقني في عين بحر الوحدة حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس الا بها في غيب غيبك الأزلي السرمدي، واجعل الحجاب الأعظم حياة روحي، وروحه سر حقيقتي وحقيقته جامع عوالمي، أفنني عني فيه فناء يشملني فيه صلوات الله وسلامه عليه، باحاطة عناية يغشاني فيه نوره وتنجلي في صورته بتحقيق الحق الأول يا أول يا آخر يا ظاهر يا باطن، بأسمائك الأربع المحيطة للخلائق أنوارها وأسرارها، اسمع ندائي بما سمعت به نداء عبدك سيدنا زكرياء عليه السلام، أجب دعواي بأسمائك يا مجيب يا مغيث يا سميع يا قريب، وأنصرني بك لك، وأيدني بك لك، واجمع بيني وبينك، وحل بيني وبين غيرك، يا فتاح يا ناصر يا معز يا قادر، الله الله الله، ان الذي فرض عليك القرآن لرادك الى معاد، ربنا آتنا من لدنك رحمة وهيء لنا من أمرنا رشدا، " ان الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما ." اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آله وصحبه وسلم تسليما .
انتهت الصلاة المباركة ولله الحمد
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 08-31-2008 الساعة 04:23 PM