العرب تستخف اللباس وتصون الاحساب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله رب العالمين وافضل الصلاة واتم التسليم على سيدنا محمد سيد الاولين وسيد الاخرين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
العرب تستخف اللباس وتصون الاحساب
هذا اللقاء جرى قبل البدء بمعركة القادسية عندما طلب رستم من سعد وفودا للتفاوض معهم
أرسل رستم إلى سعد: أن ابعث إلينا رجلاً نكلمه ويكلمنا. فدعا سعدٌ جماعة ليرسلهم إليهم. فقال له ربعى بن عامر: إن الأعاجم لهم أراء وأداب ومتى نأتهم جميعاً يروا أنا قد احتفلنا بهم فلا تزدهم على رجل فمالئوه جميعاً على ذلك.
الرسول الاول : ربعى بن عامر
فأرسله وحده، فسار إليهم، فحبسوه على القنطرة. وأعلم رستم بمجيئه فأظهر زينته وجلس على سرير من ذهب وبسط البسط والنمارق والوسائد المنسوجة بالذهب، وأقبل ربعي على فرسه وسيفه في خرقة ورمحه مشدود بعصب وقد، فلما انتهى إلى البسط قيل له: انزل، فحمل فرسه عليها ونزل وربطها بوسادتين شقهما وأدخل الحبل فيهما، فلم ينهوه وأروه التهاون وعرف ما أرادوا، وعليه درع، وأخذ عباءة بعيره فتدرعها وشدها على وسطه.
فقالوا: ضع سلاحك.
فقال: لم آتكم فأضع سلاحي بأمركم، أنتم دعوتموني فإن أبيتم أن آتيكم إلا كما أريد وإلا رجعت.
فأخبروا رستم،
فقال: ائذنوا له،
فأقبل يتوكأ على رمحه ويقارب خطوه، فلم يدع لهم نمرقاً ولابساطاً إلا أفسده وهتكه. فلما دنا من رستم جلس على الأرض وركز رمحه على البسط،
فقيل له: ما حملك على هذا؟
قال: إنا لا نستحب القعود على زينتكم.
فقال له ترجمان رستم، واسمه عبود من أهل الحيرة: ما جاء بكم؟
قال: الله جاء بنا، وهو بعثنا لنخرج من يشاء من عباده من ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جور الأديان إلى عدل الإسلام، فأرسلنا بدينه إلى خلقه، لندعوهم إليه، فمن قبله قبلنا منه ورجعنا عنه وتركناه وأرضه دوننا، ومن أبى قاتلناه حتى نفضي إلى الجنة أو الظفر.
فقال رستم: قد سمعنا قولكم فهل لكم أن تؤخروا هذا الأمر حتى ننظر فيه؟
قال: نعم، وإن مما سن لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، أن لا نمكن الأعداء أكثر من ثلاث، فنحن مترددون عنكم ثلاثاً، فانظر في أمرك واختر واحدة من ثلاث بعد الأجل: إما الإسلام وندعك وأرضك، أو الجزاء فنقبل ونكف عنك وإن احتجت إلينا نصرناك، أو المنابذة في اليوم الرابع ولسنا نبدأك فيما بيننا وبين اليوم الرابع إلا أن تبدأ بنا، أنا كفيل بذلك عن أصحابي.
قال: أسيدهم أنت؟
قال: لا ولكن المسلمين كالجسد الوحد بعضهم من بعض يجيز أدناهم على أعلاهم.
فخلا رستم برؤساء قومه فقال: هل رأيتم كلاماً قط أعز وأوضح من كلام هذا الرجل؟
فقالوا: معاذ الله أن نميل إلى دين هذا الكلب! أما ترى إلى ثيابه؟
فقال: ويحكم! لا تنظروا إلى الثياب ولكن انظروا إلى الرأي والكلام والسيرة، إن العرب تستخف باللباس وتصون الأحساب،
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات