العقيقة
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عَقِيقَة
التّعريف :
1 - تطلق العقيقة في اللّغة على : الخرزة الحمراء من الأحجار الكريمة ، وقد تكون صفراء أو بيضاء ، وعلى : شعر كلّ مولود من النّاس والبهائم ينبت وهو في بطن أمّه ، وعلى الذّبيحة الّتي تذبح عن المولود عند حلق شعره .
ويقال : عقّ فلان يعُقّ بضمّ العين أيضاً : حلق عقيقة مولوده ، وعقّ فلان عن مولوده يعُقّ بضمّ العين أيضاً : ذبح عنه .
والعقيقة في الاصطلاح : ما يذكّى عن المولود شكراً للّه تعالى بنيّة وشرائط مخصوصة . وكره بعض الشّافعيّة تسميتها عقيقةً وقالوا : يستحبّ تسميتها : نسيكةً أو ذبيحةً .
أ - الأضحيّة :
2 - الأضحيّة : ما يذكّى تقرّباً إلى اللّه تعالى في أيّام النّحر بشرائط مخصوصة .
وكلّ من العقيقة والأضحيّة يذبح تقرّباً إلى اللّه تعالى وشكراً له سبحانه على نعمه .
غير أنّ العقيقة تذبح للتّقرّب إلى اللّه تعالى والشّكر له سبحانه على إنعامه على الوالدين بالمولود ، وعلى المولود بنعمة الحياة ، وليس لها من العام وقت معيّن ، فهي مرتبطة بولادة المولود في أيّ وقت من العام .
وأمّا الأضحيّة فإنّها تذبح للتّقرّب إلى اللّه تعالى ، والشّكر له سبحانه على نعمة الحياة في أيّام النّحر ، وهي وقتها .
ب - الهدي :
3 - الهدي ما يذكّى من الأنعام في الحرم في أيّام النّحر للتّمتّع ونحوه ، وتجتمع العقيقة والهدي في أنّهما قربة ، غير أنّ العقيقة مرتبطة بوقت ولادة المولود ، وفي أيّ مكان ، أمّا الهدي ففي أيّام النّحر وفي الحرم .
4 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة في الصّحيح المشهور عندهم إلى أنّ العقيقة سنّة مؤكّدة . وعند الحنفيّة تباح العقيقة في سابع الولادة بعد التّسمية والحلق والتّصدّق ، وقيل : يعقّ تطوّعاً بنيّة الشّكر للّه تعالى .
وذهب المالكيّة إلى أنّها مندوبة .
والمندوب عندهم أقلّ من المسنون .
واستدلّ الشّافعيّة والحنابلة على كونها سنّةً مؤكّدةً بأحاديث كثيرة ، منها : حديث سمرة بن جندب رضي الله عنه أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم قال : » الغلام مرتهن بعقيقته ، يذبح عنه يوم السّابع « وفي رواية :» كلّ غلام رهينة بعقيقته تذبح عنه يوم سابعه ، ويحلق ويسمّى « .
ومعنى " مرتهن " " ورهين " قيل : لا ينمو نموّ مثله حتّى يعقّ عنه .
5 - شرعت العقيقة لما فيها من إظهار للبشر والنّعمة ونشر النّسب .
6 - قال الشّافعيّة : لو مات المولود قبل السّابع استحبّت العقيقة عنه كما تستحبّ عن الحيّ .
وقال الحسن البصريّ ومالك : لا تستحبّ العقيقة عنه .
7 - ذهب الجمهور إلى أنّ الأنثى تشرع العقيقة عنها كما تشرع عن الذّكر لحديث أمّ كرز الخزاعيّة رضي الله عنها أنّها قالت : سمعت رسول اللّه صلى الله عليه وسلم يقول في العقيقة : » عن الغلام شاتان مكافئتان ، وعن الجارية شاة « .
8 - ذهب الشّافعيّة إلى أنّ العقيقة تطلب من الأصل الّذي تلزمه نفقة المولود بتقدير فقره ، فيؤدّيها من مال نفسه لا من مال المولود ، ولا يفعلها من لا تلزمه النّفقة إلاّ بإذن من تلزمه .
ولا يقدح في الحكم أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم قد عقّ عن الحسن والحسين ، مع أنّ الّذي تلزمه نفقتهما هو والدهما ؛ لأنّه يحتمل أنّ نفقتهما كانت على الرّسول صلى الله عليه وسلم لا على والديهما ، ويحتمل أنّه عليه الصلاة والسلام عقّ عنهما بإذن أبيهما .
ومن بلغ من الأولاد ولم يعقّ عنه أحد يندب له أن يعقّ عن نفسه عند الشّافعيّة .
ويشترط في المطالب بالعقيقة عندهم : أن يكون موسراً بأن يقدر عليها فاضلةً عن مؤنته ومؤنة من تلزمه نفقته قبل مضيّ أكثر مدّة النّفاس وهي ستّون يوماً فإن قدر عليها بعد ذلك لم تسنّ له .
وذكر المالكيّة أنّ المطالب بالعقيقة هو الأب .
وصرّح الحنابلة أنّه لا يعقّ غير أب إلاّ إن تعذّر بموت أو امتناع ، فإن فعلها غير الأب لم تكره ولكنّها لا تكون عقيقةً ، وإنّما عقّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين لأنّه أولى بالمؤمنين من أنفسهم .
وصرّحوا بأنّها تسنّ في حقّ الأب وإن كان معسراً ، ويقترض إن كان يستطيع الوفاء .
قال أحمد : إذا لم يكن مالكاً ما يعقّ فاستقرض أرجو أن يخلف اللّه عليه ؛ لأنّه أحيا سنّة رسول اللّه صلى الله عليه وسلم .
9 - ذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّ وقت ذبح العقيقة يبدأ من تمام انفصال المولود ، فلا تصحّ عقيقة قبله ، بل تكون ذبيحةً عاديةً .
وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّ وقت العقيقة يكون في سابع الولادة ولا يكون قبله .
واتّفق الفقهاء على استحباب كون الذّبح في اليوم السّابع على اختلاف في وقت الإجزاء كما سبق .
وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّ يوم الولادة يحسب من السّبعة ، ولا تحسب اللّيلة إن ولد ليلاً ، بل يحسب اليوم الّذي يليها .
وقال المالكيّة : لا يحسب يوم الولادة في حقّ من ولد بعد الفجر ، وأمّا من ولد مع الفجر أو قبله فإنّ اليوم يحسب في حقّه .
وقال المالكيّة : إنّ وقت العقيقة يفوت بفوات اليوم السّابع .
وقال الشّافعيّة : إنّ وقت الإجزاء في حقّ الأب ونحوه ينتهي ببلوغ المولود .
وقال الحنابلة وهو قول ضعيف عند المالكيّة : إن فات ذبح العقيقة في اليوم السّابع يسنّ ذبحها في الرّابع عشر ، فإن فات ذبحها فيه انتقلت إلى اليوم الحادي والعشرين من ولادة المولود فيسنّ ذبحها فيه وهو قول عند المالكيّة ، وهذا مرويّ عن عائشة رضي الله تعالى عنها .
ونصّ الشّافعيّة على أنّ العقيقة لا تفوت بتأخيرها لكن يستحبّ ألاّ تؤخّر عن سنّ البلوغ فإن أخّرت حتّى يبلغ سقط حكمها في حقّ غير المولود وهو مخيّر في العقيقة عن نفسه ، واستحسن القفّال الشّاشيّ أن يفعلها ، ونقلوا عن نصّه في البويطيّ : أنّه لا يفعل ذلك واستغربوه .
ما يجزئ في العقيقة وما يستحبّ منها :
10 - يجزئ في العقيقة الجنس الّذي يجزئ في الأضحيّة ، وهو الأنعام من إبل وبقر وغنم ، ولا يجزئ غيرها ، وهذا متّفق عليه بين الحنفيّة والشّافعيّة والحنابلة ، وهو أرجح القولين عند المالكيّة ومقابل الأرجح أنّها لا تكون إلاّ من الغنم .
وقال الشّافعيّة : يجزئ فيها المقدار الّذي يجزئ في الأضحيّة وأقلّه شاة كاملة ، أو السّبع من بدنة أو من بقرة .
وقال المالكيّة والحنابلة : لا يجزئ في العقيقة إلاّ بدنة كاملة أو بقرة كاملة .
11 - وذهب الشّافعيّة والحنابلة إلى أنّه يستحبّ أن يعقّ عن الذّكر بشاتين متماثلتين وعن الأنثى بشاة لحديث عائشة رضي الله عنها : » أنّ رسول اللّه صلى الله عليه وسلم أمرهم عن الغلام شاتان مكافئتان وعن الجارية بشاة « .
ويجوز العقّ عن الذّكر بشاة واحدة لحديث ابن عبّاس رضي الله عنهما : » أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عقّ عن الحسن والحسين رضي الله عنهما كبشاً كبشاً « .
وذهب الحنفيّة والمالكيّة إلى أنّه يعقّ عن الغلام والجارية شاةً شاةً وكان ابن عمر رضي الله تعالى عنهما يفعله .
وقال الحسن وقتادة لا عقيقة عن الجارية .
12 - وذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يشترط في العقيقة عند الذّبح ما يشترط في أيّ ذبيحة ، ويستحبّ أن يقول : اللّهمّ لك وإليك هذه عقيقة فلان ، وذلك لحديث عائشة رضي الله عنها أنّ النّبيّ صلى الله عليه وسلم عقّ عن الحسن والحسين وقال :» قولوا بسم اللّه واللّه أكبر اللّهمّ لك وإليك هذه عقيقة فلان « .
13 - ذهب جمهور الفقهاء إلى أنّه يستحبّ طبخ العقيقة كلّها حتّى ما يتصدّق به منها لحديث عائشة رضي الله عنها :» السّنّة شاتان مكافئتان عن الغلام وعن الجارية شاة ، تطبخ جدولاً ولا يكسر عظماً ، ويأكل ويطعم ويتصدّق وذلك يوم السّابع « .
وقال الحنفيّة : يجوز في العقيقة تفريقها نيئةً ومطبوخةً .
ويذكر الفقهاء عند الكلام عن العقيقة أموراً منها تسمية المولود ، وحلق رأسه ، وما يقال في أذنيه ، وتحنيكه ، وختانه ، والتّهنئة بمولده ... وتنظر كلّها في مصطلحاتها
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات