"الرتبة الثانية من مراتب الولاية: أن يتنـزَّل إلى رتبة بطن أمه، فيشاهد أنه كان ماء مهيناً في ظلام الأحشاء، وقد تولاَّه "الولي" بأنوار الأسماء، فيتجلَّى له نور "البصير،"السميع".
فإذا تنـزَّلت إلى هذا المشهد، وخلعت الأنانية والحيثية، ورجعت إلى أصلك واجهتك هذه الأسماء، وتجمَّلت بمعانيها، وهذه رتبة من مراتب الأولياء، الذين تجمَّلوا بالعطاء، وسبحوا في بحار الأسماء، وانجلى لهم أصلهم؛ وهو الماء، فرجعوا إليه شهوداً وذكراً، فرفع الله لهم بين العوالم قدرا..... يقول أحدهم: "الله" وهو مستحضر أنه "المصوِّر، الجميل، السميع، البصير، المحيي ، النافع " فيرجع إلى أصله فيفوز بوصله.
المرتبة الثالثة: تتنـزَّل إلى رتبة التراب، فيشهدك الحق أنك كنت متفرقاً في عناصر الوجود، فجمع الله حقيقتك من تراب، ولحم، وفاكهة، وحوَّلها إلى منيّ هو أصلك، وعند ذلك يتجلَّى لك أنوار اسمه تعالى:" الحكيم، الخبير، المحيط، الحفيظ، اللطيف، القريب، الرحيم".
فمتى دخلت في هذا المشهد، وخلعت الأنانية، وذكرت الله مستحضراً معاني الأسماء، فانياً عن كل ما أحاط بك، أو نسب إليك من الآلاء، انفعلتْ لك الحقائق، وفُزتَ بالدقائق، وتشهد أن الأسماء التي تولَّتك في تلك المواطن، هي التي تتولاَّك هناك.
فإذا ذكرت الله وأنت تلاحظ تلك المعاني الخفية، تاركاً المظاهر البشرية، شاهدت الأمر على ما هو عليه، فإن الأسماء التي تولَّتك في تلك المواطن هي التي تواجهك الآن بالأسرار.
وجميع التطورات في نظر الله واحدة، والذي حجبك هو الأنانية (1) .
المرتبة الرابعة: أن تتنـزَّل من رتبة الأرض إلى رتبة العدم، وتفهم معنى قوله تعالى" {وَقَدْ خَلَقْتُكَ مِن قَبْلُ وَلَمْ تَكُ شَيْئًا }(2) .
فترى العدم على أصله لم يتحوَّل، وترى نور القدم تجلَّى، فأبرز العدم في صورة الوجود، وعند ذلك يصبح العبد مشرقاً لشمس الحقيقة، إماماً لكل أهل الطريقة (3) ." اهـ
اقتباس:============================= الحاشية =============================
(1) : الأنانية : هي الحقيقة يضاف إليها كل شيء من العبد كقوله: روحي، ونفسي، وقلبي، ويدي، ومالي.... .
(2) : سورة مريم – الآية 9.
(3) : الطريقة: هي السيرة المختصَّة بالسالكين إلى الله تعالى من قطع المنازل والترقِّي في المقامات. وقيل: العمل هو حركة الجسم والقلب والفكر، فإن تحرَّك بما يوافق الشريعة سمي طاعة. وإن تحرك بما يخالف الشريعة سمي معصية، لذلك أجمعوا على أن الشريعة: لإصلاح الظواهر، والطريقة: لإصلاح الضمائر، والحقيقة: لإصلاح السرائر. " اهـ 165
(يتبع إن شاء الله تعالى مع: العلم كلُّه في العالَم كلِّه..... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات