البادية السورية تستعد لتصدير الطاقة الكهربائية المستدامة
تشكل نصف مساحة الدولة وتضم أهم ثروات البلاد
البادية السورية تستعد لتصدير الطاقة الكهربائية المستدامة
من المصدر ©تدمر عاصمة البادية السورية
عمّار أبو عابد
تشغل البادية السورية نصف مساحة سوريا تقريبا، لكن نسبة الكثافة السكانية فيها لا تتجاوز شخصاً واحداً لكل كيلو متر مربع. وتوصف البادية بأنها أرض قليلة الأمطار وغير صالحة للزراعة، لذا يعتبرها كثيرون مجرد مرعى طبيعي لتربية الأغنام المعروفة بالعواس، وهي الأشهر عربياً، لنكهة لحومها وطعمها المتميز عن سواها
لكن الوقائع على الأرض تثبت أن البادية السورية هي مصدر ثروات هذا البلد العربي، ويمكن أن تكون مستقبلاً مصدراً لأهم الثروات فيه، ومركز استقطاب لقيام تجمعات حضرية وصناعية فيه تستوعب الزيادات السكانية الكبيرة للشعب السوري الذي يصل تعداده الآن إلى 21 مليون نسمة.
ثروات بالجملة
انتبهت الحكومة السورية منذ سنوات إلى أهمية البادية السورية، وضرورة وقف التدهور البيئي الذي أصابها وحماية المراعي الطبيعية وإعادة تأهيلها، فاتخذت إجراءات لحماية الموارد الطبيعية والرعوية، فصدر قانون خاص لحماية البادية وتحسين المراعي وتربية الأغنام. كما بدأت الحكومة السورية بإجراءات لصيانة المراعي والحفاظ على الغطاء النباتي الطبيعي، وإعادة تأهيل المراعي بغرس الأشتال الرعوية ونثر بذارها على مساحات أخرى، وبتنظيم الرعي، وإراحة المناطق الواعدة وتنميتها.
وفي عام 2006 تم إنشاء الهيئة العامة لإدارة وتنمية البادية، وهي هيئة مستقلة مالياً وإدارياً، وترتبط مباشرة برئيس مجلس الوزراء السوري، وتهدف الهيئة إلى تطوير البادية وتنمية مواردها الطبيعية والبشرية، وإقامة البنى التحتية، والنهوض بها.
إلى ذلك، يقول المهندس علي الزعبي، مدير التخطيط في الهيئة، إنه وفي إطار خططها وبمشاركة فعالة من وزارة الزراعة تمت إقامة العديد من المحميات البيئية لحماية النباتات والأشجار التقليدية في البادية، ولإعادة الحياة البرية والتنوع الحيوي فيها، كما تمت زراعة مئات الآلاف من أشجار النخيل، وهناك توجه جاد لإقامة واحات كبرى تضم الملايين الأشجار.
ويضيف أن الحكومة السورية رصدت مبلغ مليار ليرة سورية لهذا العام، لتنفيذ مشاريع البنية التحتية في البادية، كتعبيد الطرق وتأهيل الآبار الرومانية القديمة، ودعم مشروعات السدود وحصاد المياه، وإقامة محطات تحلية لمياه عدد من الآبار ولاستكمال تأهيل المحميات الطبيعية القائمة، ودعم تربية الأغنام والإبل والنعام، ولزيادة عدد المدارس المتنقلة (كرفانات) لتعليم أبناء البدو، وكذلك إقامة مدارس مسبقة الصنع في بعض المناطق لهذا الغرض، ولوحظ أن مشاريع هذا العام تتضمن استخدام الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء لأغراض الإنارة، وجر المياه إلى القرى، وإنارة المحميات.
من جانبه، يشير المهندس محمد عبد العال، مدير فرع هيئة تنمية البادية في حمص، أنه تم زراعة ملايين من الغراس الرعوي في مساحات واسعة من البادية، وتقوم مراكز البحوث بتحسين الثروة الحيوانية، وتوزيع الأكباش المحسنة على المربين، لتحسين الثروة الحيوانية الغنمية.
مزارع كهرباء
ربما يكون السوريون والعرب عموماً انتبهوا متأخرين إلى الثروة الهائلة التي توفرها لهم الشمس الساطعة في بواديهم وصحاريهم، والتي تتلقى خلال ست ساعات فقط كميات من الطاقة تساوي ما تستهلكه البشرية خلال عام كامل من الكهرباء، وذلك بحسب دراسات علمية حديثة، تتوقع أن استغلال الطاقة الشمسية لإنتاج الكهرباء ستوفر الطاقة بشكل دائم، وبكلفة تقل كثيراً عن استخدام البترول، وتتداول مراكز الأبحاث الأوروبية الآن فكرة العمل لتوليد الطاقة من الشمس والكهرباء من الصحاري والبوادي العربية واستخدامها في الاستهلاك المحلي، ونقل الفائض إلى أوروبا والمناطق الباردة. وانطلاقاً من هذا الاهتمام الأوروبي أعلنت شركة ألمانية بالتعاون مع شركة شام السورية القابضة عن فكرة مشروع لإنتاج الكهرباء من خلال الطاقة الشمسية في البادية السورية، بحيث يصل الطموح من خلال هذا المشروع إلى إنتاج ألف ميجاواط ساعي سنوياً من الكهرباء، وأعلن بول فان سوان، رئيس مجلس إدارة ديزرتيك الألمانية، أن بداية المشروع قد تمتد إلى عشر سنوات. كما قال محمود الخشمان المدير التنفيذي لشركة سنا (إحدى شركات شام القابضة) إن البادية السورية تستقبل كماً هائلاً من الطاقة يؤهلها لتكون مزرعة خصبة لإنتاج الكهرباء بجدوى اقتصادية عالية، وأن الموقع الجغرافي لسوريا يجعلها تشكل منطقة وصل بين شمال إفريقيا وأوروبا على خارطة “ديزرتيك” التي تضم تسع عشرة دولة، متوقعا أن يرى المشروع النور خلال خمس سنوات كحد أدنى بمساعدة ومشاركة أوروبية.
ويذكر أن مبادرة “ديزرتيك” تشكل مجمعاً يضم اثنتي عشرة شركة منها عشر شركات ألمانية وواحدة إسبانية وأخرى جزائرية، وتقوم بإجراء دراسات على المستوى التقني والقانوني لوضع آليات لتمويل مجموعة من المشاريع النموذجية. وفضلاً عن الدراسات القائمة لاستغلال الطاقة الشمسية في إنتاج الكهرباء، فإن جهوداً ودراسات ميدانية تجري أيضاً لإنتاج الكهرباء بالاستفادة من طاقة الرياح، من خلال ما أصبح يسمى “مزارع الريح”.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 02-09-2011 الساعة 02:44 AM