أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله           

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-04-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي كعب بن مالك الشاعر الصادق

كانت كنية كعب في الجاهلية أبا بشير، فكناه النبي صلى الله عليه وسلم أبا عبدالله ولم يكن لمالك ولد غير كعب الشاعر المشهور، وشهد العقبة وبايع بها، وتخلف عن بدر وشهد أحداً وما بعدها وتخلف في تبوك، وهو أحد الثلاثة الذين يكب عليهم وقد ساق قصة في ذلك سياقاً حسناً وهو في الصحيحين: قال كعب: لم أتخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة غزاها، إنما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد عير قريش، حتى جمع الله بينهم وبين عدوهم على غير ميعاد. ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة العقبة حين تواثقنا على الإسلام. وما أحب أن لي بها مشهد بدر، وإن كانت بدر أذكر في الناس منها كان من خبري أني لم أكن قط أقوى ولا أيسر حين تخلفت عنه في تلك الغزوة ولم يكن رسول الله صلى الله عليه وسلم يريد غزوة إلا ورى بغيرها. حتى كانت تلك الغزوة غزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم في حر شديد، واستقبل سفراً بعيداً، ومفازاً وعدواً كثيراً، فجلى للمسلمين أمرهم ليتأهبوا أهبة غزوهم، فأخبرهم بوجهه الذي يريد، والمسلمون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم كثير، ولا يجمعهم كتاب حافظ (يريد ديواناً أو سجلات).. فما رجل يريد أن يتغيب إلا ظن أنه سيخفى له، ما لم ينزل فيه وحي الله. وغزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تلك الغزوة حين طابت الثمار والظلال.

وتجهز رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه، فطفقت أغدو لكي أتجهز معهم. فأرجع ولم أقص شيئاً، فأقول في نفسي: أنا قادر عليه. فلم يزل يتمادى بي، حتى اشتد بالناس الجد فأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه. ولم أقصد من جهازي شيئاً. فقلت: أتجهز بعده بيوم أو يومين، ثم ألحقهم. فغدوت بعد أن فصلوا، لأتجهز، فرجعت ولم أقض شيئاً ثم غدوت ثم رجعت ولم أقض شيئاً. فلم يزل بي حتى أسرعوا، وتفارط الغزو ــ أي سبقوا وفاتوني ــ وهممت أن أرتحل فأدركهم وليتني فعلت، ولم يقدّر لي ذلك.. فكنت إذا خرجت في الناس، بعد خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم فطفت فيهم أحزنني أني لا أرى إلا رجلاً مغموصاً عليه النفاق، أو رجلاً ممن عذر الله من الضعفاء، ولم يذكرني رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بلغ تبوك. فقال وهو جالس في القوم بتبوك: «ما فعل كعب؟» فقال رجل من بني سلمة: يا رسول الله حبسه برداه ونظره في عطفه. فقال معاذ بن جبل: بئس ما قلت. والله يا رسول الله ما علمنا عليه إلا خيراً. فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال كعب بن مالك: فلما بلغني أنه توجه قافلاً، حضرني همي.. وطفقت أتذكر الكذب، وأقول: بماذا أخرج من سخطه غداً؟ واستعنت على ذلك بكل ذي رأي من أهلي. فلما قيل إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أظلّ قادماً، زاح عني الباطل، وعرفت أني لن أخرج منه أبداً بشيء فيه كذب، فأجمعت صدقه. وأصبح رسول الله صلى الله عليه وسلم قادماً. وكان إذا قدم من سفر بدأ بالمسجد، فيركع فيه ركعتين، ثم جلس للناس. فلما فعل ذلك جاءه المخلفون، فطفقوا يعتذرون إليه، ويحلفون له. وكانوا بضعة وثمانين رجلاً. فقبل منهم رسول الله صلى الله عليه وسلم علانيتهم وبايعهم واستغفر لهم، ووكل سرائرهم إلى الله. فجئته. فلما سلمت عليه، تبسم تبسم المغضب.. ثم قال «تعال» فجئت أمشي، حتى جلست بين يديه. فقال لي: «ما خلفك؟ ألم تكن قد اتبعت ظهرك؟» فقلت: بلى، إني والله، لو جلست عند غيرك من أهل الدنيا، لرأيت أن سأخرج من سخطه بعذر، ولقد أعطيت جدلاً ولكني والله، لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله أن يسخطك عليّ.

ولئن حدثتك حديث صدق تجد عليّ فيه، إني لأرجو فيه عفو الله. لا، والله ما كان لي من عذر، والله ما كنت أقوى قط، ولا أيسر متى حين تخلفت عنك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما هذا فقد صدق، فقم حتى يقضي الله فيك». فقمت. وثار رجال من بني سلمة، فاتبعوني فقالوا لي: والله، ما علمناك كنت أذنبت ذنباً قبل هذا. ولقد عجزت ألا تكون اعتذرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بما اعتذر اليه المتخلفون. لقد كان كافيك ذنبك استغفار رسول الله صلى الله عليه وسلم لك، فوالله ما زالوا يؤنبوني حتى أردت أن أرجع فأكذب نفسي. ثم قلت لهم: هل لقي هذا معي أحداً؟ قالوا: نعم. رجلان قالا مثل ما قلت، فقيل لهما مثل ما قيل لك. فقلت: من هما؟ قالوا مرارة بن الربيع العمري، وهلال بن أمية الواقفي. فذكروا لي رجلين صالحين، قد شهدا بدراً، فيهما أسوة، فمضيت حين ذكروهما لي ونهى رسول الله صلى الله عليه وسلم المسلمين عن كلامنا، نحن الثلاثة، من بين من تخلف عنه. فاجتنبنا الناس وتغيروا لنا، حتى تنكرت في نفسي الأرض، فما هي التي أعرف فلبثنا على ذلك خمسين ليلة.

فأما صاحباي فاستكانا وقعدا في بيوتهما يبكيان. وأما أنا فكنت أشب القوم وأجلدهم فكنت أخرج فأشهد الصلاة مع المسلمين وأطوف في الأسواق ولا يكلمني أحد. وآتي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلم عليه، وهو في مجلسه بعد الصلاة فأقول في نفسي: هل حرك شفتيه برد السلام عليّ أم لا؟ ثم أصلي قريباً منه، فأسارقه النظر. فإذا أقبلت على صلاتي، أقبل إليّ. وإذا التفت نحوه، أعرض عني. حتى إذا طال عليّ ذلك من جفوة الناس، مشيت حتى تسورت جدار حائط أبي قتادة، وهو ابن عمي، وأحب الناس إليّ، فسلمت عليه، فوالله ما ردّ عليّ السلام، فقلت: يا أبا قتادة! أنشدك الله، هل تعلمني أحب الله ورسوله؟ فسكت، فعدت له فنشدته فسكت. فعدت له فنشدته فقال: الله ورسوله أعلم. ففاضت عيناي، وتوليت حتى تسورت الجدار.

فبينما أنا في سوق المدينة، إذا نبطي من أنباط أهل الشام ممن قدم بالطعام يبيعه بالمدينة يقول: من يدل على كعب بن مالك؟ فطفق الناس يشيرون له، حتى إذا جاءني، دفع إلي كتاباً من ملك غسان، فإذا فيه: أما بعد، فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك، ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة. فالحق بنا نواسك. فقلت لما قرأتها: وهذا أيضاً من البلاء، فتيممت بها التنور فسجرته بها. حتى إذا مضت أربعون ليلة من الخمسين، إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم يأتيني. فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تعتزل امرأتك. فقلت أطلقها؟ أم ماذا أفعل؟ قال لا. بل اعتزلها ولا تقربها. وأرسل إلى صاحبي مثل ذلك. فقلت لامرأتي: الحقي بأهلك، فكوني عندهم حتى يقضي الله في هذا الأمر. وأذن النبي صلى الله عليه وسلم لزوجة هلال بن أمية أن تخدمه دون أن يقربها، وعرض بعض الأهل أن استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وبعد خمسين ليلة وبعد صلاة الفجر سمعت صوت صارخ بأعلى صوته: يا كعب بن مالك، ابشر، فخررت ساجداً وعرفت أن قد جاء الفرج. وأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم بتوبة الله علينا، حين صلى صلاة الفجر، فذهب الناس يبشروننا.. إلخ. وأصبح كعب بن مالك وصاحباه وقد نزل فيهم قرآن يُتلى إلى يوم القيامة، في قوله تعالى: «وعلى الثلاثة الذين خلفوا... إلخ الآيات من سورة التوبة».

وهذا الذي حدث مع كعب بن مالك يُعد درساً لكل مسلم أن يجنح إلى الصدق وينفر من الكذب، وهو بالفعل كان صادق الدين واللهجة مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وسهماً في كنانة الإسلام ينطلق في نحر كل متقول على الإسلام ورسوله، ومن أجل ذلك رفض أن يعتذر بالكذب، حين طلب منه بعض أهله أن يعتذر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ببعض ما يعتذر به الناس، فيقول: إني لأحسنهم لساناً وأقدرهم على ذلك، ولكن والله لا أعتذر إليه بكذب وإن عذرني، فيطلعه الله عليه. فيُقال إن الله عز وجل أنزل فيه: «يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين».
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
بنو لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر عبدالقادر حمود السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام 2 10-08-2018 03:16 PM
المحب الصادق العبد الضعيف صالح الفطناس القسم العام 1 12-01-2016 07:28 AM
علامة المريد الصادق في الطريق عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 3 11-03-2011 07:36 AM
من درر سيدنا جعفر الصادق رضي الله عنه أبو أنور المواضيع الاسلامية 12 05-06-2010 02:15 AM
مالك إبن دينار أبوانس السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام 3 12-15-2008 02:36 AM


الساعة الآن 09:54 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir