وصية للحجاج والزائرين
وصية للحجاج والزائرين
بسم الله الرحمن الرحيم
هذه الوصية كانت جواباً لسؤال من بعض الإخوة المتوجِّهين إلى حجِّ بيت الله تعالى وزيارة النبيِّ عليه وآله الصلاة والسلام.
الحمد لله ربِّ العالمين، والصلاة والسلام على سيِّدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، أما بعد:
فإنَّ من منهاج أهل الطريق والسير والسلوك أنه لا بدَّ للسالك من ثلاثة أمور: أولاً: العلم حتى يصحِّح عقيدته وعبادته، ثانياً: العمل الصالح، ثالثاً: الإخلاص، فإذا وُجدت هذه الأمور الثلاثة أثمرت الأخلاق، والتصوُّف كلُّه أخلاق فمن زاد عليك بالأخلاق زاد عليك بالتصوف.
وما دمتم بصدد الذهاب إلى الحج فلا بدَّ أن تتعلَّموا ما تحتاجون إليه من أحكام الحج.. وانظروا على سبيل المثال كتاب (تعلَّم كيف تحجُّ وتعتمر) للعلامة الشيخ نور الدين عتر رحمه الله تعالى.
ثم أقول لكم ما قاله بعض العارفين:
الحاجُّ قسمان:
قسم يخرج من بيته ويسافر لرؤية البيت والمسجد الحرام، والبلاد والأراضي والبحار، فهذا سفره سيران [يعني نزهة]، وإعانةٌ لحظِّ النفس وطغيانها، فلم يرجع إلا ناصراً لعدوِّه، وهي النفس.
وقسم يخرج من بيته قاصداً زيارةَ ربِّه الكريم وتلبيةَ دعوته، ولو لم يكن له جلَّ وعلا مكان، فهو سبحانه منزَّه عن الزمان والمكان؛ فيخرج متلبِّساً بالعبودية ظاهراً وباطناً، باطنه يقول: أنت ذاهب إلى ربٍّ عظيم لا نهاية لعظمته وكبريائه، كريم لا نهاية لكرمه، ولا يقبل منك إلا العبودية، فاخلع لباس الملوك والرفاهية، والبس لباس الذُّلِّ والعبودية، المنبئة عن غاية التضرُّع والافتقار، راجياً منه أن يثبِّتك ويجعلك في حصنه الحصين.. ولا تنظر إلى شيء من حظوظ النفس ذهاباً وإياباً، بل اخلع لباسها، والبس لباس الروح والعبودية حتى تموت، وإن كنت ظاهراً لابساً لباس الخلق وأنت بينهم، فكن مع الحقِّ بالعبودية.
روي عن النبيِّ صلَّى الله عليه وسلَّم أنه قال: (إنَّما جُعل الطواف بالبيت، وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله) أخرجه أبو داود والترمذي نحوه وقال: حديث حسن صحيح.
قال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: فإذا لم يكن في قلبك للمذكور الذي هو المقصود والمبتغى عظمةٌ ولا هيبة، فما قيمة ذكرك! انتهى كلام العارف بالله الشيخ ملا رمضان البوطي رحمه الله تعالى.
وكذلك الزيارة للحبيب الأعظم والنبيِّ الأكرم صلَّى الله عليه وسلَّم فإنها قربة مشروعة من أعظم القربات الموصلة إلى ذي الجلال والإكرام سبحانه وتعالى، ومن أسباب استحقاق شفاعة الحبيب الأعظم صلَّى الله عليه وسلَّم، وهي بعض الوفاء لحقِّه علينا صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلَّم.. قال الله تعالى: ﴿وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرُوا اللَّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللَّهَ تَوَّابًا رَحِيمًا﴾.
ولقد جعل الله تعالى القدومَ إلى حبيبه صلَّى الله عليه وسلَّم باباً من أوسع أبواب المغفرة، وسبباً لاستحقاق الرحمة، وهذا في حياته صلَّى الله عليه وسلَّم، وبعد انتقاله للرفيق الأعلى.
ووصيةُ شيخنا رحمه الله تعالى للحجاج أن يدخلوا الحجَّ بالعبودية، والتعظيم، وأن لا ينشغلوا بالخلق، وعند زيارتهم للنبيِّ عليه الصلاة والسلام ينصح بكثرة الصلاة على النبي صلَّى الله عليه وسلَّم مع حفظ الحرمة والأدب وعدم الانشغال بالخلق.
هذه وصية موجزة لا بدَّ من وضعها بين العينين أو في القلب عند التوجُّه إلى بيت الله الحرام، وزيارة نبيِّه عليه الصلاة والسلام.
ومن الوصايا المهمَّة للسادة الحجاج والزائرين لحضرة سيد الأولين والآخرين وإمام الأنبياء والمرسلين وقائد الغرِّ المحجَّلين وحبيب ربِّ العالمين سيدنا محمد رسول الله صلَّى الله عليه وآله وصحبه ومن والاه، ما جاء في كتاب (مناسك الحج) لفضيلة الإمام العارف بالله الشيخ عبد الله سراج الدين رحمه الله تعالى:
عليكم بالودِّ واللطف مع أهل الحرمين، وإياكم والشدَّةَ والعنف معهم، فإنَّ أهلَ مكة جيرانُ بيت الله تعالى، وأهلَ المدينة جيرانُ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم، فأدُّوا الجوارَ حقَّه، واحتفظوا بحرمته، فقد قال صلَّى الله عليه وسلَّم: (ما زال جبريل يوصيني بالجار) [متفق عليه] ولم يخصَّ جاراً دون جار، سيما أهل المدينة المنورة، فعامِلْهم بالبِشر والحسنى، ولين القول والجانب فإنَّهم أهلُ طيبة، وإنَّهم أهل الخير والسعادة بمجاورة الرسول صلَّى الله عليه وسلَّم، واحفظ قلبك من النقمة عليهم، فإنَّهم الطيِّبون الأخيار، فقد ورد أنَّ المدينة تنفي خبثها وينصع طيبها.. ولله درُّ القائل:
فيا ساكني أكنافِ طيبةَ كلُّكم *** إلى القلبِ من أجلِ الحبيبِ حبيبُ
وقال غيره:
هناؤكمو يا أهلَ طيبةَ قد حقَّا *** فبالقُربِ من خيرِ الورى حُزتمُ السَّبْقا
فلا يتحرَّكْ ساكنٌ منكمُ إلى *** سواها وإنْ جارَ الزمان وإنْ شَقَّا
فكم ملِكٍ رامَ الوصولَ لمثلِ ما *** وصلتمْ فلم يقدِرْ ولو ملَكَ الخَلْقا
ترونَ رسولَ اللهِ في كلِّ ساعة *** ومن يرهُ فهو السعيدُ به حقاً
وصلى الله تعالى على سيِّدنا محمَّد، وعلى آله وصحبه وسلَّم، والحمد لله ربِّ العالمين.
محمد عبد الله رجو
***
لمتابعة نسيم الرياض:
على الفيسبوك:
https://www.facebook.com/naseemalriad
وعلى التليغرام:
https://t.me/naseemalriad
وعلى تويتر:
https://twitter.com/naseemalriad
وعلى اليوتيوب:
https://youtube.com/@naseemalriad
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات