هل تريد أن تعلم من هم المحتفلون بالمولد النبوي الشريف؟
إنهم جماهير أهل العلم؛ من المفسرين والمحدثين والفقهاء والصلحاء
وهؤلاء هم ورثة الأنبياء وأعلم الناس بفهم الكتاب والسنة ومنهج السلف الصالح رضي الله عنهم في طريقة التعامل مع صور الخير الحادثة
وفي هذه المشاركة سأقتصر على ثلاثة من كبار أهل السنة والجماعة الذين كانوا النواة الأولى في عمل هذه السنة الحسنة ولهم فيها فضل السبق
- أحدهم: شيخ عالم
- والآخران: ملكان عادلان صالحان
1- أما العالم فهو الشيخ الصالح : عمر الملَّاء الموصلي توفي 570 هجرية
وقد وافقه على ذلك غيره من العلماء والفقهاء وكانوا يفدون إليه من بقاع شتى للمشاركة في الاحتفال بالمولد
نقل الإمام المحدث الفقيه المجتهد أبو شامة المقدسي عن المؤرخ الكبير -المعاصر للشيخ الملاء - عماد الدين ابن الكاتب قوله: (وكان بالموصل شيخ صالح يعرف بعمر الملاء …وكان ذا معرفة بأحكام القرآن والأحاديث النبوية
وكان العلماء والفقهاء والملوك والأمراء يزورونه في زاويته ويتبركون بهمته ويتيمنون ببركته وله كل سنة دعوة يحتفل بها في أيام مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم يحضره فيها صاحب الموصل ويحضر الشعراء وينشدون مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك المحفل) [ الروضتين لأبي شامة 2/171]
2- 3- وأما الملكان فهما الملك نور الدين محمود زنكي، وصلاح الدين الأيوبي.
وقد أيّدا الاحتفال بالمولد النبوي منذ ظهوره وهما من أجل وأعدل الملوك في ذلك العصر
والملك نور الدين محمود زنكي وصفه الحافظ ابن كثير بأنه محي السنن ومميت البدع فقال:
(هو الملك العادل …كان شهما شجاعا ذا همة عالية وقصدٍ صالح وحرمة وافرة وديانة متينة، … وكان حنفي المذهب يحب العلماء والفقراء ويكرمهم ويحترمهم ويحسن إليهم، ويقوم في أحكامه بالمعدلة الحسنة واتباع الشرع المطهر ويعقد مجالس العدل ويتولاها بنفسه ويجتمع إليه القاضي والفقهاء والمفتون من سائر المذاهب… وأظهر ببلاده السنة وأمات البدعة)
[البداية والنهاية لابن كثير 16/480]

أنّ العالم الصالح عمر الملاء هو أول من سنَّ الاحتفال بالمولد النبوي، ووافقه على ذلك العلماء في عصره
وأيده في عصره ملكان مشهوران بالعدل والصلاح وهما نور الدين محمود زنكي وصلاح الدين الأيوبي
وفي هذه المشاركة سأذكر شيئا من ثناء العلماء على هذين الملكين العادلين
قال الإمام المجتهد أبو شامة المقدسي: (وجدتُهما في المتأخرين كالعُمرين رضي الله عنهما في المتقدمين…فلله درهما من ملكين تعاقبا على حسن السيرة وجميل السريرة وهما حنفي وشافعي شفى الله بهما كل عيّ وظهرت بهما من خالقهما -سبحانه- العناية) الروضتين لأبي شامة 1/ 26]
وكان نور الدين زنكي معظما مبجلاً للشيخ عمر الملاء الذي أحدث الاحتفال بالمولد
قال الإمام المجتهد المحدث الفقيه أبو شامة المقدسي (سمعت قَاضِي الْقُضَاة بهاء الدّين أَبَا المحاسن يُوسُف بن رَافع بن تميم قَالَ: كَانَ نور الدّين يُنفذ كل سنة فِي شهر رَمَضَان يطْلب من الشَّيْخ عمر الملاء شَيْئا يفْطر عَلَيْهِ فَكَانَ - عمر الملاء- ينفذ إِلَيْهِ الأكياس فِيهَا الفتيت والرقاق وَغير ذَلِك فَكَانَ نور الدّين يفْطر عَلَيْهِ
وَكَانَ إِذا قدم الْموصل لَا يَأْكُل إِلَّا من طَعَام الشَّيْخ عمر الملاء.
قَالَ وَكَانَ نور الدّين لما صَارَت لَهُ الْموصل قد أَمر … ألا يعْمل القَاضِي والنواب كلهم شَيْئا إِلَّا بِأَمْر الشَّيْخ عمر الملاء) [الروضتين لأبي شامة 1/59]