الـلـهـم صـلِّ و سـلـِّـم و بـارك عـلـيـه )
و بَـرزَ صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم واضـعـاً يَـدَيـهِ عـلـى الأرض رَافِعاً رَأسـهُ إلـى الـسَّـمـاءِ الـعـلـيَّـة ، مُـومِـيـاً بـذلـك الـرَّفـع إلـى سُـؤدُدِه و عُـلاه ، و مُشـيـراً إلـى رِفـعَـةِ قـَدْرِهِ عـلـى سَـائرِ الـبَـريّـة ، و أنـَّه الـحََـبـيـبُ الـذي حَـسُـنَـتْ طِـبَـاعـهُ وَ سَـجَـايـاه .
و دَعَـتْ أمُّـه عـبـدَ الـمـطَّـلـب و هـو يَـطـُوفُ بـِهَاتِـيـكَ الـبَـنِـيـة ، فـأَقـْبَـلَ مُـسـرعـاً و نـَظـَرَ إلـيـه ، و بَـلـغَ مـن الـسُّـرور مُـنـَاه . وَأدخـلـهُ الـكـعـبـة الـغـرَّاء و قـام يـدعـو بـخـُلـوص الـنـيَّـة ، وَ يـشـكُـرُ الـلـه تـَعالـى عـلـى مـا مَـنَّ بـه عـلـيـه و أعـطـاه .
و وُلِدَ صـلـى الـلـه عـلـيـه و سـلـم نـظـيـفـاً ، مَـخـتـُونـاً مَـقـْطـُوعَ الـسُّـرَّةِ بـيَـدِ الـقـُدْرة الإلـهـيَّة ، طـَيـبـاً دَهِـيـنـاً ، مَـكْـحـولـة ًبـكُـحْـلِ الـعـنـايـة عـيـنـاه ، و قِـيـلَ خَـتـَنـهُ جـَدُّهُ عـبـد الـمطـَّلـب بَـعـدَ سَـبعِ لـيـالٍ سَـويَّـة ، وَ أَولـَم و أطـعَـمَ ، و سَـمَّـاهُ مُـحـمـداً ، و أَكـرَم مَـثـْواه .
عـطـِّر الـلـهـم قـَبْـرَهُ الـكَـريـم بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم
( الـلـهم صـلِّ وسـلِّـم وبـارك عـلـيـه )
و ظـَهَـرَ عِـنـد ولادَتِـهِ صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم خـَوارِقُ و غـَرائِبُ غـيـبـِيَّـة ، إِرْهـاصـاً لِـنـُبـوتِـه ، و إعـلامـاً بأنـَّه مُـخـتـارُ الـلـه تـَعـالـى ومُـجـتـبـاه . فـَزِيـدَت الـسَّـمـاء حِفـظـاً ، وَرُدَّ عـنـهـا الـمَـرَدَة ُو ذوُو الـنـُّفـوسِ الـشـَّيـطـانـيَّـة ، و رجَـمَـت نـُجـوم الـنــَّيـِّـرات كُـلَّ رَجـيـمٍ فـي حَـالِ مَـرقـاه ، و تـدلَّـت إلـيـه صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم الأنـجُـم الـزَّهـريَّـة ، و اسـتـنـارت بـنـورهـا وِهَـادُ الـحَـرَمِ و رُبـاه .
و خَـرَجَ مـعـه نـورٌ أضـاءت لـه قـُصُـور الـشَّـام الـقـيـصـريَّـة ، فـرآهـا مَـنْ بـِطـَاحُ مـكَّـة دَارُه و مَـغـْنـاه ، و انـصـدَعَ الإيـوان بـالـمـدائـن الـكـسـرويَّـة ، الـذي رَفـَعَ أَنـُوشـَروَانَ سَـمْـكَـهُ و سَـوَّاه وسـقـط أربـعٌ و عـشـرٌ مـن شـُرُفـاتـهِ الـعُـلـويَّـة . و كُـسِـرَ مُـلُـكُ كِـسْـرى لِـهَـولِ مـا أَصَـابَـه و عَـراه . و خـمـدَت الـنـيـران الـمَـعْـبُـودَة ُبـالـمَـمَـالِـك الـفـارسـيَّـة ، لِـطـُلـُوعِ بَـدْرِهِ الـمُـنـيـرِ وَ إشـراقِ مُـحـيـاه .
و غـَـاضـَت بُـحـيـرة سَـاوة َ و كـانـت بـيـن هَـمَـذان وقـُمٍّ مـن الـبـلاد الـعـجـمـيَّـة ، و جـفـَّت إذ كـفَّ واكِفُ مَـوجـِهَـا الـثـَّجَّـاج يـنـابـيـع هَـاتِـيـكَ الـمـيـاه .
و فـاضَ وادي سَـمَـاوة َو هـي مَـفـَازة ٌفـي فـَلاةٍ و بـرِّيَّـة ، لـم يـكـن بـهـا مِـنْ قـَبـلُ مـا يَـنـْقـَعُ لـلـظـمـآن الـلـَّهَـاة .
و كـان مَـوْلِدُهُ صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم بـالـمـوضـع الـمـعـروف بـالـعِـرَاصِ الـمكـيَّـة ، و الـبَـلَـدُ الـذي لا يُـعْـضـَدُ شـَجـرُه و لا يُـخـْتـَلـى خـَلاه .
و اخـتـُلِـفَ فـي عـام وِلادتـه ، و فـي شـَهـرِهـا ، و فـي يَـومِـهـا عـلـى أقـوالٍ لـلـعـلـمـاء مـرويـَّة . و الـراجـح : أنـَّهـا قـُبـيـلَ فـجـر يـوم الاثـنـيـن ثـانـي عـشـر شـهـر ربـيـع الأول مـن عـام الـفـيـل الـذي صَـدَّهُ الـلـه تـَعـالـى عـن الـحَرَمِ و حَـمـاه .
عـطـِّر الـلـهـم قـَبْـرهُ الـكَـريـم بـعَرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تـسـلـيـم
( الـلـهـم صـلِّ وسـلـِّم و بـارك عـلـيـه )
و أرضـعـتـه أُمُّـهُ أيـامـاً ، ثـمَّ أَرْضـَعَـتـْه ثـُويـبـة الأسـلـمـيَّـة الـتـي أَعـتـَقـَهـا أبـو لـهـب حـيـن وَافـتـه عـنـد مـيـلاده عـلـيـه الـصـلاة و الـسـلام بـِبـُشْـراه . فـأرضـعـتـه مـع ابـنـهـا مَـسْـرُوحٍ ، وأبـي سَـلـَمَـة و هـي بـه حَـفِـيَّـة ، و أَرضـَعَـت قـَبـلـَه حـمـزة الـذي حُـمِـدَ فـي نـُصـرِةِ الـدِّيـن سُـراه .
و كـان صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم يَـبْـعَـثُ إلـيـهـا مـن الـمـديـنـة بـِصِـلـَةٍ و كِسـوةٍ هـي بـهـا حَـرِيـَّة ، إلـى أن أَوردَ هـيـكـلـهـا رائـدُ الـمَـنـونِ الـضَّـريـحَ وَ وَاراه . قـيـل : عـلـى دِينِ قـَومِـهـا الـفِئـَةِ الـجـاهـلـيـَّة ، و قـيـل : أسـلـمـت ، أَثـْبَـتَ الـخِـلافَ ابـن مَـنـده و حَـكـاه .
ثـمَّ أرضـعـتـه الـفـتـاة ُحَـلـيـمـة ُالـسَّـعـديَّـة ، و كـان قـد ردَّ كـُلٌّ مـن الـقـومِ ثـديَـهـا لِـفـَقـرِهَـا و أَبـاه . فـَأَخـصـبَ عَـيـشُـهـا بـعـد الـمَـحْـلِ قـبـلَ الـعَـشـيـة ، و دَرَّ ثـَديُـهـا بـِدُرٍّ أَلـْبـنـهُ الـيـمـيـن مـنـهـمـا ، و أَلـَبَـن الآخـر أخـاه .
و أَصـبَـحـت بـعـد الـهُـزَالِ و الـفـقـر و الـهُـوال غـنـيَّـة ، و سَـمِـنـت الـشـَّارِف لـديـهـا و الـشـِّيـاه ، و انـْجَـابَ عـن جـانـبـهـا كـلُّ مُـلِـمَّـةٍ و رَزِيَّـة ، و طـرَّز الـسَّـعـد بُرْدَ عـيـشـهـا الـهـنـيِّ و وَشـَّاه .
عـطـِّر الـلـهـم قـَبـْرَهُ الـكَـريـم بـعَرْفٍ شـذِيٍّ مـن صَـلاَةٍ و تـَسـلِـيـم
( الـلـهـم صـلِّ وسـلـِّم و بـارك عـلـيـه )
و كـان صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم يَـشِـبُّ فـي الـيـوم شـَبَـابَ الـصَّـبـيِّ فـي الـشـهـر بـعـنـَايـةٍ رَبّـانـيـة ، فـقـام عـلـى قـَدَمـيـهِ فـي ثـلاثٍ ، و مَـشـى فـي خـمـسِ ، و قـَوِيَـتْ فـي تِـسْـعٍ مـن الـشـهـور بـفـصـيـح الـنـُّطـقِ قـُواه .
وشـقَّ الـمَـلـكـَانِ صـدره الـشـريـف لـديـهـا و أخـرجـا مـنـه عـلـقـة ً دمـويَّة ، وأَزَالا مـنـه حـظَّ الـشـيـطـان و بالـثـلـج غـسـلاه . وَ مـلأهُ حِـكـمـةَ و مَـعَـانِـيَ إيـمـانـيَّة ، ثـمَّ خـَاطـَاهُ و بـخـاتـم الـنـُّبـوَّة خـَتـَمـاه وَ وَزَنـَاه ، فـرجـح بـألـفٍ مـن أمَّـتـه أمّـةِ الخـيـريَّـة .
و نـشـأ صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم عـلـى أكـمـل الأوصـاف مـن حـال صِـبَـاه ، ثـمَّ ردَّتـه إلـى أمِّـهِ و هـي بـه غـَيْـرُ سَـخِـيـَّة ، حَـذراَ مـن أن يُـصَـابِ بـِمُـصَـاب حـادثٍ تـخـشـاه .
وَ وَفـدتْ عـلـيـه حَـلـيـمـة ُفـي أيَّـام خـديـجـة الـسَّـيـدة الـرَّضـيـَّة ، فـَحَـبـاهـا مـن حِـبـائِه الـوافـر بـِحِـبـاه . و قـَدِمَـت عـلـيـه يـوم حُـنـَيـن ، فـقـام إلـيـهـا و أخَـذتـهُ الأريـحـيـَّة ، وَ بَـسـَطَ لـهـا صـلـى الـلـه عـلـيـه وسـلـم مـن رِدَائِـه الـشـريـف بـِسـاط بـِرِّه و نـَداه .
و الـصـحـيـح : أنـَّهـا أسـلـمـت مـع زوجـهـا و الـبـَنِـيـنَ و الـذرِّيـة ، و قـد عـدَّهُـمـا فـي الـصـحـابـة جَـمْـعٌ مـن ثِـقـَات الـرُّواة .
عـطـِّر الـلـهـم قـَبـْرَهُ الـكَـريـم
بـعَـرْفٍ شـذِيٍّ مِـن صَـلاَةٍ و تَـسـلـيـم
( الـلـهـم صـلِّ و سـلـِّم و بـارك عـلـيـه