القدس في عيون الرحالة.. عرباً وأجانب
ما السر وراء عظمة وقداسة تلك المدينة.. مكانتها بين مسلمين ومسيحيين.. القدس.. مدينة المعجزات..
ماذا عنها في عيون من أثارهم سحر الشرق وغموضه.. وكيف اتجهوا إليها من كل حدب وصوب وكأن سحرها قد أتى بهم مسربلين بكل أعدادهم وعددهم ليكتشفوا.. كيف رأتها عيون الرحالة الأجانب وأيضاً العرب.. هذا ما قدمه لنا د. حسين عمر حمادة في محاضرته القيمة منذ أيام في النادي العربي تحت عنوان (القدس في عيون الرحالة العرب والأجانب) ليبدأ القول: مقدسيون نحن جميعاً أهل العقائد السماوية والتوحيدية ومن قبلنا أصحاب المعتقدات الوثنية والدهرية والأرواحية والطبيعية الخارقة بمعنى من معاني فطرة التوحيد والعقل. فهل نحن حقاً مقدسيون؟
سنشد الرحال مع رحالتنا ومحاضرنا لنكتشف كيف لنا ذلك..!
قدس الأقداس
القدس هي معجزة مئات القرون الزمنية الأرضية على امتداد أعمار الحضارات في بلاد ما بين النهرين ووادي النيل وفارس وبلاد اليونان والرومان..
ويخلص المحاضر إلى أن القدس ليست مجرد أرض يزرع فيها التين والعنب والزيتون فحسب بل هي مدينة الثمار السماوية النورانية التي انتهت إليها الرحلات المقدسة الكبرى.
فضائلها في مخطوطات عربية
ويذكر المحاضر مجموعة من أسماء الباحثين الذين حققوا في مخطوطات بيت المقدس حيث حققت ونشرت كاملاً أو جزئياً ومن هذه الأسماء: كامل جميل العسلي- عبد الجليل حسن عبد المهدي ومحمود ابراهيم، وعارف العارف، ومصطفى مراد الدباغ وكلاوس بولكين ونيقولا زيادة وآخرون.
والملاحظ من قبل الباحث في المخطوطات التي ترجمت وحققت كلياً أو جزئياً... أو أعدت تقارير بحثية عنها أن العلماء العرب هم الأقل عدداً بين الثلاثة والعشرين مهتماً بمخطوطات فضائل بيت المقدس وكان بين المحققين الأجانب نسبة كبيرة من أتباع العقيدة اليهودية.. وكم من التحريفات المتعمدة أو غير المقصودة في تسمية الأماكن وتاريخ بنائها وغير ذلك.
ويستشهد د. حمادة بكتاب إدوار سعيد عن الاستشراق الصادر عام 1978 يقدم فيه موقفاً نقدياً موضوعياً حول عمليات التنقيب التي قام بها المستشرقون في الشرق معلوماتياً ومعرفياً وما نتج عنها سلباً حيث فرض ذلك الهيمنة والتسلط الاستعماري على المسلمين والعرب ووصل الأمر في خطورته إلى التهويد.. وخير شاهد اليوم فلسطين.
كما لفت المحاضر إلى كتاب صادق جلال العظم (الاستشراق والاستشراق معكوساً) وظهر بعدها بطبعة جديدة (ذهنية التحريم) وفيه إشارات إلى النزعة المثالية عند إدوار سعيد، أيضاً النزعة الذاتية النسبية المستندة برأي العظم إلى نظرية الخطاب عند ميشيل فوكو.. والمطبقة برأيه عند إدوار سعيد الذي قال من غير دليل لدى العظم ( إن الشرق قلب والغرب عقل).
ويضيف المحاضر: إن إدوار سعيد أشار إلى سيرة علماء الآثار والحفريات وسبورهم الأرضية والمعرفية هي التي قادت بعضها خطا كوندر وكتشنر واللنبي وغيرهم لاحتلال القدس عسكرياً.. بعد أن زاروها بصفتهم العلمية والآثارية المزيفة والمضللة للسكان.
ويشير المحاضر إلى جملة من المخطوطات لفضائل بيت المقدس حيث ذكر كتاب محمود ابراهيم عن نصوص مختارة محققة نشرها معهد المخطوطات العربية وهو من مؤسسات المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (ألكسو) الكويت 1985 والحديث يطول حول ذلك يكفي الإشارة إلى أن بعض كتب الفضائل ترجمت إلى لغات أجنبية عديدة والهدف كان دراسة النسيج العقيدي والفكري والاجتماعي والاقتصادي الذي تتأسس عليه البنية الاجتماعية العربية المحلية.
ويذكر أيضاً مجموعة من هذه الكتب: فضائل بيت المقدس والخليل عليه الصلاة والسلام وفضائل الشام للمشرف بني المرجي بن ابراهيم المقدسي.
مفتاح المقاصد ومصباح والمراصد في زيارة بيت المقدس لعبد الرحيم بن علي بن اسحاق بن شيت القرشي.
ويذكر أيضاً المحاضر بشكل مكثف مداح المدن المقدسة والمؤلفين الذين أحبوا فلسطين وقلبها (مدينة القدس) ومن عشاقها الحضاريين: ابن عساكر وكتابه الجامع المستقصي في فضائل المسجد الأقصى- التمرتاشي وكتابه الخبر التام في حدود الأرض المقدسة وفلسطين والشام ومحمد بن طولون في فضائل البيت المقدسي وابن الجوزي في فضائل القدس.. كثر من كتبوا عنها ورحلوا إليها عدا المستشرقين ورحلاتهم.. حيث نشر المستشرق الروسي اغناطيوس يوليانوفيتش كراتشكوفسكي كتاباً بعنوان (تاريخ الأدب الجغرافي العربي) ورأى كراتشوفسكي أن المسألة الفلسطينية كما دعاها لم تعد وقفاً على أهل الشام وحدهم منذ النصف الثاني من القرن الثامن الهجري، أيضاً كلاوس بوليكن في مصنفه (قديماً في البلد القدس- رحلات إلى فلسطين القديمة) في تحليل مئات التقارير التي وضعها الرحالة الأجانب إلى القدس.. وفيهم الحجاج المؤمنون والمتدينون والمتلهفون للمعرفة والرهبان والتجار والملوك والأمراء.
__________________
ركعتان في جوف الليل خير من الدنيا ومافيها