بلوغ المامول
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله ربالعالمين والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين
بلوغ المأمول
في
الاحتفاء والاحتفال
بمولد الرسول صلى الله عليه وآله وسلم
لراجي عفو ربه خادم العلم الشريف
عيسى بن عبدالله بن مانع الحميري
وقبل الدخول في تفاصيل الأدلة الواردة في تعظيم هذه الذكرى العزيزة يحسن بنا أن نذكر معنى المولد ، والمقصود من تعظيمه ، وفوائد ذلك كله فأقول :
المولد معناه اللغوي : وقت الولادة أو مكانها . وأما في اصطلاح الأئمة فهو : اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن الكريم ورواية الأخبار الواردة في ولادة نبي من الأنبياء أو ولي من الأولياء ومدحهم بأفعالهم وأقوالهم . (إعانة الطالبين 3/361)
فالمقصود من الاحتفال بالمولد هو تعظيم الأنبياء والأولياء والصلحاء مصداقا لقوله تعالى : (( ذلك ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب )) (الحج : 32)
ولا شك أن الأنبياء عليهم الصلاة والسلام من أعظم شعائر الله قطعا وأجلها قدرا ، ويتأكد ذلك عند مولد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم حيث ورد تعظيمه في الكتاب الكريم وفي السنة المطهرة .
هذا وللمولد فوائد كثيرة ، منها : أن الاحتفال به يشتمل على ذكر مولده الكريم ، ومعجزاته ، وسيرته ، والتعريف به صلى الله عليه وآله وسلم .
هذا بالإضافة إلى اجتماع الناس على تلاوة القرآن الكريم وقراءة الأحاديث والسير وإطعام الفقراء والمساكين .
ومن فوائد الاحتفال بالمولد النبوي أيضا إحياء ذكرى مولده صلى الله عليه وآله وسلم ، فقد قال الحافظ السيوطي في الحاوي للفتاوى 2528 : "إن أصل عمل المولد الذي هو اجتماع الناس وقراءة ما تيسر من القرآن ورواية الأخبار الواردة
في مبدأ أمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وما وقع في مولده من الآيات ... هو من البدع* التي يثاب عليها صاحبها لما فيه من تعظيم قدر النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإظهار الفرح والاستبشار بمولده الشريف" .
وقال الإمام شهاب الدين المعروف بأبي شامة الشافعي رحمه الله في كتابه الباحث على إنكار البدع والحوادث ص23 : "ومن أحسن ما ابتدع في زماننا ما يفعل كل عام في اليوم الموافق من مولده صلى الله عليه وآله وسلم من الصدقات والمعروف وإظهار الزينة والسرور ، فإن ذلك – مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء – مشعر بمحبته صلى الله عليه وآله وسلم ، وتعظيمه في قلب فاعل ذلك ، وشكرا لله تعالى على ما من به من إيجاد رسوله ، الذي أرسله رحمة للعالمين صلى الله عليه وآله وسلم" .
وقد قسمت هذه الرسالة إلى أربعة فصول :
الفصل الأول : الأدلة من القرآن الكريم
الفصل الثاني : الأدلة من السنة المشرفة
الفصل الثالث : دليل الإجماع
الفاصل الرابع : شبهات وردود
* من حيث الوسائل لا من حيث المقاصد لأن المقصد أصل الأصول ، وهو المحبة للرسول وآله الكرام ، وأصوله ثابتة من الكتاب والسنة كما ستعرف .
[ الفصل الأول ] الأدلة من القرآن الكريم :
لقد أورد القرآن الكريم أدلة كثيرة تحض على الاحتفاء والابتهاج بسيد ولد عدنان صلى الله عليه وآله وسلم ، إما تصريحا وإما تلويحا ، وأقتصر على بعض الأدلة التصريحية وهي على النحو الآتي :
[ الدليل الأول ] : قال تعالى (( قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا )) (يونس 5
فالله عز وجل طلب منا أن نفرح بالرحمة ، والنبي صلى الله عليه وآله وسلم رحمة ، وقد قال تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) (الأنبياء : 107)
وفي الدر المنثور للحافظ السيوطي (4/367) أخرج أبو الشيخ عن ابن عباس رضي الله عنهما في الآية قال : فضل الله العلم ، ورحمته النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال الله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) انتهى .
وذكر الرحمة في الآية بعد الفضل تخصيص بعد العموم المذكور وهو يدل على شدة الاهتمام ، ومجيء اسم الإشارة "ذلك" لأكبر الأدلة على الحض على الفرح والسرور لأنه إظهار في موضع الإضمار ، وهو يدل على الاهتمام والعناية .
ولذلك قال الآلوسي في روح المعاني (10/141) عند قوله تعالى (( فبذلك فليفرحوا )) الآية للتأكد والتقرير ، بعد أن رجح كون الرحمة المذكورة في الآية هي النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، قال : والمشهور وصف النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالرحمة كما يرشد إليه قوله تعالى (( وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين )) الآية انتهى . وينظر تفسير أبي السعود (4/156) .
وقال الإمام الرازي في التفسير الكبير (17/123) عند قوله تعالى (( فبذلك فليفرحوا )) "يفيد الحصر ، يعني يجب ألا يفرح الإنسان إلا بذلك" انتهى .
[ الدليل الثاني ] : قال الله تعالى (( وكلا نقص عليك من أنباء الرسل ما نثبت به فؤادك )) (هود : 120)
_________________
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات