الشيخ: خالد بن تونس زعيم الطريقة العلاوية في الجزائر
اعتبروا مضمونه "مساسا بالمقدسات الإسلامية"
شيوخ الصوفية بالجزائر يطالبون بمنع كتاب "بن تونس" من التداول
عبد الرحمن أبو رومي 09-08-2009
في أول رد فعل لهم على ما جاء في كتاب "الصوفية الإرث المشترك" لصاحبه الشيخ: خالد بن تونس زعيم الطريقة العلاوية في الجزائر، عبر عدد من شيوخ وأبرز أتباع مختلف الطرق الصوفية المنتشرة في الجزائر، عن استيائهم الشديد لإقدام "بن تونس" على نشر صور للرسول الكريم -صلى الله عليه وسلم- وصحابته وجبريل عليه السلام، مؤكدين "حرمة تصوير أو تشخيص الرسول –صلى الله عليه وسلم– وصحابته"، استنادا لما صدر من فتاوى عن علماء الأمة وإجماعهم على ذلك.
واعتبر د. محمد بن بريكة -أحد أبرز الوجوه الصوفية في الجزائر والمنسق السابق للطريقة القادرية- ما جاء في كتاب "الصوفية الإرث المشترك" المثير للجدل خطأ عقائديا ومساسا بمقدسات الشعب الجزائري، الذي يضع الإسلام دين الدولة"، مضيفا "وهذا الكتاب فيه هز لمشاعر الجزائريين؛ لأن ما جاء فيه من منمنمات تصور الرسول محمد –صلى الله عليه وسلم- لا يختلف عما جاءت به الرسوم المسيئة المنشورة في الدنمارك".
وأوضح بن بريكة في التصريحات التي خص بها أسبوعية "الخبر الأسبوعي" في عددها الأخير بأنه "يجب أن لا نلوم غيرنا إذا قاموا بفعل مماثل، ما دام ما حدث جاء من شخص مثل "بن تونس" الذي يعد شخصية مرموقة، باعتباره عضوا في كثير من مجالس الحوار بين الحضارات والمنظمات العالمية، وينتسب إلى طريقة معروفة ولها انتشارها في القارات الخمس، ومن باب أولى أن نعالج الداء في داره".
وانتقد الوجه البارز في الطريقة القادرية بالجزائر "تقاعس وزارة الشئون الدينية والأوقاف عن القيام بواجبها"، إذ كان من واجبها حسب كلامه أن "ترد بسرعة أي صبيحة الحدث"، مؤكدا أنه "لا عذر في عدم الرد على الإساءة للرسول –صلى الله عليه وسلم–".
وطالب بن بريكة المختص في علم التصوف في ختام حديثه بـ"سحب كل نسخ الكتاب التي بيعت وإرجاعها للسلطات المعنية"، موجها دعوة لخالد بن تونس للحوار وليس للمناظرة حول الموضوع"، على اعتبار أن الإساءة بالغة ومهما كانت المعلومات الواردة في الكتاب ذات مصداقية، خاصة أنه هاجم الوهابية؛ لكونها تهاجم الصوفية، إلا أنه لا يسمح بالإساءة للرسول الكريم".
الشيخ محمد المأمون القاسمي
من جهته طالب الشيخ: محمد المأمون القاسمي شيخ "زاوية الهامل" بمدينة "بوسعادة" جنوب الجزائر، وزعيم الطريقة "الرحمانية"، من أولياء الأمور أن يمنعوا كتاب الصوفية الإرث المشترك من التداول، شأنه شأن أي مجلة أو شريط أو كتاب فيه صور من هذا القبيل"، داعيا صاحب الكتاب إلى استدراك الموقف، والاستجابة لداعي الحق والعودة إلى جادة الصواب، وعدم التمادي في الخطأ"، معربا في ذات الصدد عن أسفه لتجاهل خالد بن تونس النداءات التي وجهتها مؤسسات إسلامية وهيئات علمية بشأن ما تضمنه كتابه".
وذكر الشيخ: محمد المأمون القاسمي زعيم الطريقة الرحمانية في الجزائر، في ذات التصريحات التي أدلى بها لصحيفة "الشروق اليومي" بأن "الطريقة العلاوية كأخواتها من الطرق الصوفية، لها فضل كبير في نشر الإسلام وترسيخ قيمه، والنهوض برسالته، ودورها في إبراز التربية الروحية، والتثقيف الديني"، معربا عن أمله في "أن تتخلص الطرق الصوفية من أوجه قصورها ومن الشوائب التي ألحقت بها، وأن تتفرغ لمقاصد رسالتها، وتنأى بنفسها عن كل ما يسيء إلى صورتها، أو ينال من مصداقيتها".
وكانت "جمعية العلماء المسلمين الجزائريين" أول هيئة دينية جزائرية طالبت السلطات إلى سحب كتاب "الصوفية الإرث المشترك"، وقال الشيخ: عبد الرحمن شيبان رئيس الجمعية في بيانه، بأن الكتاب تضمن جملة من الإساءات للمقدسات الإسلامية والرموز الوطنية والتصوف الحق".
ودعا المجلس الإسلامي الأعلى وهو هيئة تابعة للرئاسة الجزائرية، صاحب الكتاب إلى "إبعاد الصورة المشخصة للرسول –صلى الله عليه وسلم-، وباقي الصور التي نشرت على صفحات الكتاب".
واكتفت وزارة الشئون الدينية والأوقاف بالتأكيد أنها "ليست الجهة التي رخصت لطبع كتاب خالد بن تونس"، دون أن تتخذ أي موقف يذكر بشأن محتوى الكتاب، وبالأخص من الصور التي نشرت على صفحاته.
أما على الصعيد الحزبي فدعا الشيخ عبد الله جاب الله الرئيس السابق لـ"حركة الإصلاح الوطني" وأحد أبرز القيادات الإسلامية في الجزائر وزارتي الشئون الدينية والأوقاف والعدل، إلى "تحمل مسئوليتهما في مصادرة المؤلف ومتابعة صاحبه في القضاء".
وأشار عبد الله جاب الله إلى أن مثل هذا السلوك "صدر عن بعض الغربيين، ونراه اليوم يصدر من بعض المنتسبين لأمة الإسلام، ليسجل بهذا السلوك جرما على نفسه من أفدح أنواع الجرائم، ولعنة من أقبح أنواع اللعنات".
ودافع الشيخ "خالد بن تونس" زعيم الطريقة العلاوية في الجزائر عن مؤلفه، بالتأكيد على أنه "موسوعة للمحافظة على الموروث المشترك للجزائريين، وهو تأريخ للحياة الروحية بدءا من أبي البشرية آدم عليه السلام، ووصولا إلى اليوم، وهو مدعم بصور منمنمات وخرائط تصف المراحل، مرحلة مرحلة إلى الوصول إلى التصوف لدى الطريقة العلاوية".
وتبقى الطريقة "العلاوية" من الطرق الصوفية الأكثر انتشارا في الجزائر، إلى جانب: "التيجانية" و"القادرية" و"الهبرية" و"الرحمانية".
وتحظى الطرق الصوفية منذ اعتلاء الرئيس: عبد العزيز بوتفليقة سدة الحكم عام 1999، برعاية خاصة من قبل السلطات الجزائرية، ما سمح لها بالبروز مجددا بعد فترة ركود عانت منها خلال الأزمة الدموية التي عصفت بالجزائر في تسعينيات القرن الماضي.
وتجلت هذه الرعاية بالأساس في تنظيم الملتقيات الوطنية والإقليمية، وحتى الدولية التي تعرف بالدور التاريخي والحضاري لهذه الفرق فضلا عن فتح وسائل الإعلام الثقيلة أمامها بغية الترويج لأفكارها وأدبياتها مع الحرص الدائم للتليفزيون على تغطية جميع النشاطات التي تقوم بها الجمعيات والزوايا.
وقدرت أحدث الدراسات عدد أتباع الطرق الصوفية في الجزائر، بنحو مليون ونصف المليون صوفي.