وصية شاملة من سيدنا الشيخ احمد فتح الله جامي حفظه الله تعالى
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
هذه وصية شاملة من سيدنا الشيخ احمد فتح الله جامي حفظه الله تعالى في زيارة أخونا الدكتور بشير فرح والشيخ محمد رجو لسيدنا الشيخ بتاريخ : /12 /4 . نرجو الله تعالى ان ينفعنا بها ويوفقنا للتطبيق .. امين
بسم الله والحمدلله والصلاة على رسول الله وعلى أله وصحبه وسلم .
أما بعد : ياأيها الإخوة والاخوات فإن الإنسان بين حياتين ، حياة حاضرة ، وحياة ثانية هو مقبل عليها ، نرى أكثر الناس من المؤمنين والمؤمنات ، الموافقين والمخالفين ، متعلقين بهذه الحياة الحاضرة ، وقلّ من نجد ونرى من لا يهتمون بهذه الحياة الحاضرة ، وهم ينظرون إليها نظر المسافر ، الذي سيرجع إلى مكانه الأصلي ، وهو الآخرة . قلّ من يتفكر في هذه الحياة الثانية .
لابد أن نقوي التفكر في الحياة الثانية ، لأن الله جل وعلا واقف على هواجس قلوبنا وخطراتنا ، فلابد أن نزداد ولا ننقص ، وان لا نغفل عن الآخرة بالامور العادية ، ولا نتعلق بها ، حتى لا يضعف تعلقنا بالحياة الثانية .
وإذا نظرنا إلى هذه الحياة العامة في الدنيا نرى أن تعلقنا بها أكثر من تعلقنا بالحياة الثانية . ليس لنا حق في أن نتعلق بهذه الحياة الحاضرة ، لأن الرزاق هو الله ، وعلينا أن نأخذ بالاسباب فقط ، والباقي نفوضه إليه ، ليضعف تعلقنا بالحياة الحاضرة .
وإن تسأل كيف نقوي هذه الحياة الثانية ؟ أقول لكم : قال ربنا جلا وعلا : ( وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور ) ، وإذا تفكرنا في هذه الاية لحظة وساعة أو يوماً أو يومين وقوي تعلقنا بالحياة الثانية ، فكم ساعة وكم يوماً يضعف تعلقنا بسبب غفلتنا ؟
وإذا نظرنا إلى المتعلقين بهذه الحياة الحاضرة ، وبدأنا أولاً بالمؤمنين نجد أن منهم متعلقون بالمشيخة ، ومنهم بالشهرة ، ومنهم بالحج ، ومنهم بالنوافل ، الحج والنوافل جيدة لكن شرط واحد ، إذا كانت خالصة لوجه الله تعالى تقُبل لانها مقيدة بالإخلاص ، وإلا لا يقُبل منا صيام ولا صلاة . قال تعالى : ( ولا تبطلوا أعمالكم ) ، والعمل يبطل إذا لم يوجد شرطه ، وهو الإخلاص .
علينا أن نفتش قلوبنا ، هل الغالب عليها الآخرة أو الدنيا ؟ الاهل والأولاد أو المقام أو غير ذلك ؟
نرى الكثيرين متعلقين بالمقام وبالدنيا ، ويقاتلون عليهما ، هذا كله ليس من مقتضى الإيمان ، لأن الإيمان قبل العمل الصالح ، ويقوى الإيمان بالعمل الصالح.
لابد للمؤمن ان ينظر بعين الحقيقة إلى إيمانه ، والعمل الصالح لابد أن يُفتش ، هل يُقبل منا أو لا يُقبل ؟ كما قال ربنا جل وعلا : ( والذين يؤتون ما آتوا وقلوبهم وجله ) ، سألت أمنا عائشة رضي الله عنها : أهو الذي يسرق ويزني ويشرب الخمر ، وهو مع هذا يخاف الله ؟ قال صلى الله عليه وسلم : لا يا بنت الصديق ، لكنه الذي يصلي ويصوم ويتصدق ، وهو يخاف عدم القبول .
نحن قد نتفكر ساعة في خلق السماوات والأرض فيحصل لنا الخشوع ، والثلاث وعشرون ساعة الباقية كلها في الغفلة .
فلابد قبل أن نرحل من هذه الحياة الحاضرة ، التي هي كالسراب ، لابد أن نتهيأ لما بعدها ، حتى لا تحصل لنا الندامة .
العلم بارتحالنا من الدنيا شئ والعمل به شئ آخر ، لأن كل مؤمن يعلم ويعتقد أنه يخرج من هذه الدنيا ، لكن ليس كل مؤمن يعمل بمقتضى هذا العلم .
هذا متعلق بالمسؤلية ، وهذا متعلق بالشهرة ، وهذا يترفع على الآخرين ....
لو تفكرنا في هذه الأخلاق لابد آن نستحيي من خالقنا ، المطلع علينا .
اللهم نور قلوبنا وعقولنا وبصيرتنا فيما تريد منا ولموافقة السنة السنية ، حتى نخرج من الدنيا مع الشهادة والإيمان .
لايلزم أن يكون المتكلم أحسن من السامعين ، أيهما يتمسك بأوامر الله جل وعلا وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم هو الأفضل .
اللهم إننا نتبرأ من حولنا وقوتنا ، ونلجأ إلى عفوك ورحمتك ، ونسألك أن توجه قلوبنا إلى حقيقة ما يقتضيه كلامك وكلام حبيبك صلى الله عليه وسلم .
لابد لنا من العبدية : الرضا بلا خصومة ، والصبر بلا شكاية ، واليقين بلا شبهة ، والشهود بلا غيبة ، والإقبال بلا رجعة، والوصال بلا قطيعة .
فالمعتقدات : ان نعتقد بالذات الأزلية الأبدية ، المنعوتة بصفات الجلال والإكرام ، الذي هو الأول والآخر والظاهر والباطن . أي : الأول بوجوده والآخر بصفاته وأفعاله ، والظاهر بشهادته ومكوّناته ، والباطن بغيبه ومعلوماته .
ثم التقديس عما لا يليق بكماله ، أو يشين بجماله ، من النقائص والرذائل .
ثم القدرة الشاملة للممكنات ، ثم العلم المحيط بجميع المعلومات ، ثم الإرادة لجميع الكائنات ، فلا يجري في المُلك والملكوت قليل أو كثير إلا بقضائه ومشيئته ، مريد في الأزل لوجود الأشياء في أوقاتها المعينة ، فوجدت كما أرادها .
ثم السمع والبصر ، إلى آخر الصفات الأزلية .
ومن العبادة الصلاة بلا غفلة ، والصوم بلا غيبة ، والصدقة بلا منة ، والحج بلا رياء والغزو بلا سمعة والعفو بلا أذية ، والذكر بلا ملالة وسائر الطاعات بلا آفة ( آفة الجسد المرض ، وآفة المال ذهابه وإفلاسه ، وآفة العبادة ما يبطل العمل ) .
وإن كنتم تدافعون عن أنفسكم وتزكون أحوالكم ، عليكم أن تنظروا إلى صلاتكم ، هل هي من صلاة الخاشعين ، أو أكثرها من صلاة الغافلين ؟ هل أنتم في صلاتكم تناجون ربكم أم تتدحرجون وراء الخطرات والوساوس ؟
زينوا صلاتكم بميزان المناجاة ، فإن وافقته أهلاً وسهلاً ، وادعوا لنا بالتوفيق والاستقامة في الصلاة ، وإلا فليس لنا حق في ان ندافع عن هذه النفس الأمارة ونزكيها .
أيها الإخوة والأخوات قطعياً هذه الدنيا تنتهي ، وتحصل لنا الخسارة والندامة ، ولا ينفع هناك الندم .
استغفر الله العظيم لنا ولكم ، من قولٍ ومدافعة عن النفس بدون أعمال . وصلى الله على سيدنا محمد آله وصحبه وسلم .
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 05-02-2010 الساعة 06:02 PM