أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           الحَمْدُ لله الذِي أحْيَانا بَعْدَمَا أمَاتَنَا وإلَيْهِ النَشُور           
العودة   منتدى الإحسان > التراث والتاريخ > ركن وادي الفرات

ركن وادي الفرات نادي مختص بتراث وتاريخ المنطقة الشرقية من سوريا

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 09-30-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي من تاريخ حلبية وزلبية وقرقيسيا

تقع منطقة حلبية زلبية شمال غربي دير الزور على بعد 58 كم في اراضي قرية التبني شرق طريق دير الزور حلب على شاطئ الفرات وشرق شمال تدمر على بعد 165 كم 0 المنطقة هضبة ترتبع عن النهر اكثر من مائة متر تغطيها حجارة بركانية بسمك 3 – 6 امتار يشقها الفرات قسمين يسمى الاهلون القسم الغربي حمة الشامية حيث توجد مدينة حلبية أي مدينة زنوبيا او الزباء على ضفة الفرات الغربية في الشمال والقسم الشرقي حمة الجزيرة حيث توجد مدينة زلبية او زلوبيا على ضفة الفرات الشرقية في الجنوب بين المدينتين ثلاثة كم اسم الحمة بفتح الحاء ماخوذ من الحمم البركانية والهضبة امتداد لسلسلة جبال البشري انفصلت عنها في العصور الجيولوجية 0 كان لمضيق حلبية اهمية كبرى في التاريخ القديم لسهولة تحصينه بالصخور الشاهقة الموجودة على سفح الهضبة والتي تسيطر على مدخل الممر وعلى مخرجه تشكل ابوابا ضيقة وهذا المضيق او الممر مكان نادر من نهر الفرات ومعنى الاستيلاء عليه السيطرة والتحكم بالطريق النهري وطريق القوافل التجارية التي كانت تسلكه وهو موقع عسكري ممتاز وفي العصور الاسلامية نشات فيه مدينة اسلامية هي الخانوقة لان النهر وهو يمر من تحتها كانه مخنوق ولاهمية هذا الممر كان عامرا بالسكان والمدن منذ العصر الحجري كما تشهد بذلك الاثار على جانبي النهر 0 ذكر الموقع في اخبار الملك الاشوري ( اشور ناصر بال ) باسم ( نينقوشابورات ) كانت عنده عدة مدن اشورية منها ( دور كرباني ) بنيت بامر ملك اشور ( ناصر بال الثالث ) عام 877 قبل الميلاد يرى موسل انها هي حلبية ( زنوبية ) 0 كان كثير من سكان وادي الفرات السوري في العصور البابلية والاشورية اراميين اسسوا عدة امارات في وادي الفرات منها امارة زوحي في منطقة زلبية وامارة لاقي في منطقة حلبية بين نهر الخابور ونهر البليخ والى الان يسمى الاهلون منطقة حلبية ( لايجة ) أي لاقى القديمة كانت هذه الامارات تحت نفوذ مملكة بابل ثم مملكة اشور ولم تكن الحال فيها تستقر فتارة كانت تدفع الجزية الى اشور وتارة تثور عليها وكان سلوك بابل واشور يجتازونها في طريقهم الى سورية ومصر فاصاب هذه البلاد خراب كثير واكثر ما كان ذلك من ملك اشور ناصر بال الثالث ( 885 – 860 ) قدم له ملك لاقي فضة وذهبا ونحاسا وحجارة كريمة وارجوانا وجمالا ونصب تمثال اشور ناصر بال في وسط قطره علامة لعبوديته 0 وذهب ملك زوحي الى نينوى وقدم مثل ذلك وثارت زوحي على اشور ناصر بال الثالث اكثر من مرة فاتى اليها في سنة 878 ق 0 م ونكل باهلها وخربها وبنى قلعتين في ممر حلبية واحدة على الضفة الغربية سماها ( نيبارت اسور ) والاخرى على الضفة كرخ اسور ناصر بال وكذا فعل شلمناصر الثالث ( 860 – 825 ) وخلفاؤه من بعده الى ان انقرضت دولة اشور سنة 668 0 وقبل الاراميين بقرون سكن مضيق حلبية سكان غير معروفين وفي عهد السلوقيين خلفاء الاسكندر الكبير الذين الت اليهم هذه البلاد وجدت عدة مدن في ممر حلبية اندرست وبقيت اسماؤها منها ( تلدا ) يرى دوسو انها زلبية نفسها ( وماسيليا ) يرى بوادبار انها بجوار زلبية الى الشمال وترى الانسة بل ان تلدا في تل حميضة شمال زلبية ومدينة انوكاس في قبور ابي عتيق في الممر 0 ولما نمت تدمر ذلك النمو المفاجئ الذي جعلها من اكبر مدن الشرق بفضل السياسة الرشيدة التي سار عليها رجالها الاذكياء الشجعان الذين عرفوا الاستفادة من موقع مدينتهم واختاروا الحياد تجاه الدولتين المتنازعتين الفرس والروم وجعلوا بلدهم مركزا تجاريا تمر بها قوافل التجارة تحمل البضائع بين اسواق العراق وما يتصل بها من بلاد ايران والهند والخليج وبين اسواق الشام وحوض البحر المتوسط وعرف رجال تدمر كيف يحافظون على الامن في بادية الشام وكانوا خبراء بالطرق فصارت القوافل تعبر بادية الشام مارة بتدمر يتجرون لحسابهم ويربحون من قيادة القوافل 0 كان وادي الفرات الاوسط تحت نفوذ الفرثيين الفرس شجعوا التدمريين على القيام بالتجارة فاسس التدمريون مراكز تجارية لهم في مضيق حلبة وفي صالحية ابو كمال 0 دورا ) التي ما زالت تحتفظ بباب ضخم في سورها الغربي يسمى باب تدمر وكانت توجد طرق بين تدمر ودورا وتدمروحلبية تسلكها القوافل التجارية 0 صارت تدمر بغناها مطمح انظار الطامعين فتوجه اليها القائد الروماني مرقس انطونيوس سنة 36 ق 0 م بعد ان حارب الفرثيين في الشام وحاول الاغارة عليها ونهبها فبادر التدمريون الى نقل اموالهم وعيالهم وعبروا الفرات واقاموا عند زلبية فتعقبهم انطونيوس واقتتلوا قتالا شديدا كانت الغلبة فيه لاهل تدمر ولكنها خربت في سنة 41 ق 0 م قدر التدمريون اهمية مضيق حلبية لتجارتهم فجعلوا فيه ميناء نهريا ومستودعات للبضاعة بموافقة الفرثيين واقاموا عنده السدود على النهر ما تزال اثارها 0 اغتنت تدمر في اوائل القرن الثاني الميلادي وبلغت بعمرانها درجة سامية فطمع الرومان بها واخضعوها لحكمهم ولما قويت تجارتها ازدادت قوتها الحربية فخلعت طاعة روما في سنة 250 وحمل ملك تدمر اذينة الثاني على شابور ملك فارس وكسره وغنم امواله فرفع الامبراطور الروماني غاليانوس منزلة اذينة ودعاه قائدا عاما على جميع عساكر المشرق واستولى اذينة على الجزية الفراتية سنة 261 م وشدد الحصار على ساليق على دجلة واتخذ التدمريون من مضيق حلبية قاعدة استراتيجية لتموين جيوشهم لغزو الامبراطورية الفارسية ولكن اذينة الثاني اغتيل في حمص فنودي بابنه الصغير وهب اللات ملكا على تدمر فتولت امه زنوبية زوجة اذينة تدبير الامور كانت تصحب زوجها الى ساحات الحروب نشات في الاداب وكانت تتكلم عدة لغات منها الاغريقية واللاتينية وكان لها بلاط جمعت فيه الفلاسفة واعتنت بتحسين عاصمتها وتزيينها وامتدت حدود مملكتها الى قسم من اسيا الصغرى والى النيل سنة 269 0 وقد بنت مدينة على الفرات لحماية حدود مملكتها من الشرق ولتجعل من المدينة ميناء نهريا تزاحم به ميناء مدينة الكفل ( الجيشا ) بلواء الحلة في العراق اسمت المدينة 0 زنوبية ) وهو اسمها باليونانية سماها العرب زينب وهي نفسها مدينة الزباء كما اسماها الطبري وبنت مدينة مقابلة هي زلبية فوق انقاض المدن الاشورية في الممر الذي يمتد سبعة كيلومترات على الفرات بين قريتي التبني والقصبي من قرى دير الزور ولا تذكر المدينتان الا مقرونتين معا وتوجد لوحة تحمل اسم حلبية وزلبية على الطريق العام بين حلب – دير الزور عند قريتي التبني بجوار طرف الحمة الغربي 0 راى الرومان في تدمر منافسا خطيرا لروما فحارب الامبراطور الروماني اورليانوس جيوش زنوبية وحاصر تدمر سنة 272 م وقاتل التدمريون قتالا شديدا عند مدينتهم وانطلقت زنوبية من عاصمتها تدمر الى مدينتها على شاطئ الفرات لتذهب منها الى الجزيرة الفراتية تهيء مقاومة الى احلاف ولكن مفرزة من الجنود الرومان كانت ارسلت لتقطع عليها الطريق فاتجهت الملكة الى الشرق ووصلت دير الزور كما يقول المؤرخ العراقي الدكتور جواد علي في كتابه ( تاريخ العرب قبل الاسلام ج 3 ) وفي دير الزور ادركتها المفرزة الرومانية بينما كانت تتاهب لاخذ قارب ينقلها الى الضفة الثانية من النهر عادت بها المفرزة اسيرة الى اورليانوس في خريف سنة 272 اصطحبها معه مع بناتها الى روما اسيرة وخرب تدمر واستولى الرومان على مدينة زنوبية على الفرات وكانت من قلاعهم على الحدود الشرقية لامبراطوريتهم 0 استولى خسرو الاول ملك فارس على زنوبية حوالي سنة 540 ودمرها وقد استرجعها الامبراطور جوستنيان ( 537 – 565 ) فاعاد بناء ما تهدم منها واسكن فيها اناسا وحامية عسكرية وقد عثر على المباني التي تعود الى ايامه وبعضها من عمل معمارية ( يوحنا البيزنطي ) و ( ازيدوروس الملطي ) وفي 610 م في ايام القيصر فوقاس هاجمها خسرو الثاني وانزل بها الخراب واخذ نجمها منذ ذلك الحين في الافول فلم يسمع عنها شيء في اخبار ( الفتوح ) ويدل هذا على انها لم تكن شيئا يذكر في ذلك الحين وانفرد الواقدي في كتابه ( فتوح الشام ) بتخصيص فصل ذكر فيه القلعتين زبا وزلوبيا غير ان رواية الواقدي لا تخرج عن اقاصيص الاخباريين عن الزباء واسمها عندهم نائلة بنت عمرو بن الظرب وعلى زعم اخر اسمها ليلى وزعموا ان لها اختا اسمها زبية وان الزباء بنت قصرا لاختها على الفرات وكانت تشتو عندها وتصيف في تدمر واخذ ابن خلدون رواية الطبري وتصرف ببعضها ذكر المسعودي في كتابه ( مروج الذهب ج 2 ) ان مدائن الزباء على شاطئ الفرات من الجانب الشرقي والغربي وكانت فيما ذكر قد سقفت الفرات وجعلت من فوقه ابنية رومية وجعلت نفقا ما بين مدائنها وذكر انها حفرت سربا من تحت سريرها وبنته حتى خرج من تحت الفرات الى سرير اختها ان وجود مدينة زنوبية على الفرات ومدن اخرى على الجانب الاخر من النهر لا يعرف الاخباريون شيئا عنه هو الذي خلق قصة النفق في مخيلتهم وترجع قصة النفق الى الاخباري ابن الكلبي رواها الطبري اما الاصل فخبر من اخبار الاخباريين وقصة النفق بين المدينتين شائعة عند سكان المنطقة تلقنوها من السنة قراء كتاب الواقدي وغيره وقد تكون قديمة في المنطقة 0 ذكر البكري ان المدينة التي بنتها الزباء على شاطئ الفرات هي الخانوقة وزعم ان الزباء عمدت الى الفرات عند قلة مائه فسكر ثم بنت في بطنه ازجا جعلت فيه نفقا الى البرية واجرت عليه الماء فكانت اذا خافت عدوا دخلت في النفق وخرجت الى مدينة اختها الزبية ولعل اصل النفق بين المدينتين يعود الى وجود جسر كان على الفرات لربط الجانبين من النهر وكان الجسر من طابقين اعتنوا به ليجيء متفقا مع اهمية الموقع واهمية المدينتين وما زالت اثار ركائز الجسر باقية تشاهد في ايلول وقت نزول مستوى النهر وذكر ياقوت ان الزباء مدينة على شاطئ الفرات سميت باسم الزباء صاحبة جذيمة الابرش وروى عن ابي بكر عبد الله بن عثمان المقري الدمشقي خطيب الزباء انه قال : ( الزباء معقل في عنان السماء ومدينة قديمة حسنة الاثار ) فتكون في عهد ياقوت المتوفي سنة 626 هـ مسكونة ولابد انه كان فيها مسجد يصلي فيه ما دام لها خطيب وذكر فيه ما دام لها خطيب وذكر ياقوت ان الخانوقة مدينة على قرب الرقة ينسب اليها ابو عبد الله محمد بن محمد الخانوقي محدث فهي عند ياقوت غير الزباء في حين ان البكري يسمى الخانوقة مدينة الزباء وهو الارجح ويذكر اليعقوبي بقة على شاطئ الفرات وانها كانت لامراة يقال لها الزباء ولكنه جعل بقة قرب الانبار وبما ان بقة هذه جاءت مقترنة بالزباء وبجذيمة الابرش فتكون هي حلبية ويذكر الميداني النيسابوري في كتابه مجمع الامثال في تفسير المثل ( خطب يسير في خطب كبير ) قصة جذيمة والزباء محشية بالامثال ويذكر ياقوت في موضع اخر من معجم البلدان : بلدة عدان على شاطئ الفرات لاخت الزباء ومقابلها اخرى يقال لها ( عزان ) وهو يقصد حلبية وزلبية اذ لا توجد على الفرات مدينتان متقابلتان لهما علاقة بالزباء غيرهما وهذا الاسمان بعض ما سميت به المدينتان بسبب ما اصابهما من خراب وما توالى عليهما من السكان 0 ان لفظة حلبية متاخرة لا اعلم مصدرها ومما لا جدال فيه انها هي الزباء او زنوبية وان بقاء لفظة الزباء وزنوبية وزلبية تعني ان المنطقة كانت من اعمال مملكة زنوبية ملكة تدمر بل ملكة الشرق في ذلك الوقت 0 منطقة حلبية وزلبية من الاماكن الاثرية بمحافظة دير الزور اهتم بدراستها بعض العلماء والرواد الغربيين : سار – وهرتزفلد – وتشسني – وساخو – والانسة بل وفي سنة 1936 درست جامعة ييل الامريكية التي كانت تعمل في الصالحية ( دورا اوروبوس ) بعض ابراج المدافن في مقبرة حلبية وفي سنة 1945 اجرى الاثري الفرنسي ج 0 لوفري حفريات في حلبية وساعده الجيش الفرنسي بدير الزور بان شق له طريقا للسيارة على سفح الهضبة من بين النهر والهضبة ليصل الى حلبية قسم من هذا الطريق وسط سهل وهو معظمه والقسم الثاني على سفح الهضبة 0 ان موقع مدينة حلبية عبارة عن مرتفع بارز منفصل عن الحمة يحيط به واديان ولكن المرتفع الذي يصله بالحمة منخفض وعلى قمة المرتفع قلعة يتفرع عنها سوران جصيان ينحدران باتجاهين متعاكسين الى الفرات اما الضلع الثالث للمثلث المواجه للنهر فقد ذهبت به مياه الفرات واعيد بناؤه خلف البناء القديم واقيم سد في النهر يحاذي الشاطئ لكي لا يلاحق النهر السور الشرقي المواجه له وتشرف القلعة من فوق المرتفع على الاراضي المجاورة وعلى الجزيرة وللسور من جهة النهر بابان او ثلاثة ولكل ضلع من الضلعين الاخرين من المثلث باب وعلى كل ضلع عدد من الابراج المربعة المتشابهة ذات طوابق وادراج ومداخل ومزاغل والاسوار مبنية بالاحجار الجصية التي يكثر وجودها في منطقة الفرات ومتاثرة في طراز بنائها بالعمارة العسكرية البيزنطية وبرغم وجود البازلت حولها لم يدخل في بنائها وعلى الضلع الشمالي قصر يرجح انه عربي كان قصر الحاكم مؤلف من ثلاث طبقات عقوده من القرميد فوق اقواس من الحجر 0 يجتاز المدينة شارع ذو اعمدة رخامية على الجانبين يتجه من الجنوب الى الشمال ويمر ببابي المدينة الجنوبي والشمالي وللاعمدة تيجان مزخرفة من الرخام ما تزال اثارها وفي وسط المثلث اثار كنيسة وبعض ابنية مخربة تخريبا تاما وكشف لوفري عن اسوار ثانية وعن المحكمة وابراج المدافن وعن حمام ومطابخ ووجد اواني خزفية ونقوش كتابية ومجموعة عظيمة من الاقمشة وضعت في متحف دمشق ووضع ومعاوناه مخطط الشوارع الرئيسية ووضع المباني وقدم تقريرا بذلك الى مديرية الاثار السورية 0 تظهر مقبرة وراء الباب الجنوبي وهناك حي خارجي يمتد بين سور المثلث وبين سور اخر للدفاع يقع على بعد اربعمائة متر واثار السور الثاني لا تزال ويبلغ طوله ثلاثة كيلومترات ونصف ويقع كله ضمن حلبية ويتجه من الشمال الى الجنوب ويبدو انه يقطع الحمة بعرضها وهذا السور مبني بالحجر البازلتي ومعه برج يشكل خطا اوليا للدفاع يحمي مؤخرة المدينة وعلى بعد كيلو متر جنوب السور برج جنائزي تنتهي عنده المقبرة وحول البرج اكتشفت كنيسة صغيرة وبعض التوابيت 0 ان قسما من السور فقط يمكن نسبته الى جوستنيان اما القسم الاخر فيعود الى عهد اقدم والاختلافات بين هذين القسمين ظاهرة في اسلوب البناء وفي مادته وتوجد كيسة في الجهة الغربية هي من عهد جوستنيان واخرى في الجهة الشرقية اقدم ان اسلوب البناء في هذه المدينة موضعي خاص بمناطق الفرات والمواد هي الاعتيادية المستعمل فيها الجص 0 لم يبق من اثار تدمر في حلبية الا ابراج جنائزية تتالف من طابقين او ثلاثة واهرام تدمرية للقبور دون الاهارم الموجودة في تدمر في الصنعة والفن 0 ولا تعرف بلدة اسلامية عند زلبية التدمرية وزلبية هذه التي تقع على ضفة الفرات الشرقية جنوب حلبية على بعد ثلاث كيلومترات مرتفع من الحجر الجصي كان عليه قلعة ذات اسوار وابراج مبنية بالحجر الجصي وقد جرف النهر هذا المرتفع لانه يمر من تحته مسرعا لوجود اثار سد شماله وذهب بمعظم القلعة والى شمالها في السهل على سفح هضبة حمة الجزيرة اثار رسوم ابنية من الحجر البازلتي هي زلبية القديمة الاشورية التدمرية يذهب اليها من دير الزور عبر الجزيرة على بعد 65 كيلو مترا في اراضي قرية الكبر من قرى ناحية الكسرة التابعة لدير الزور 0 قرقيسيا ( البصيرة ) نهر الخابور عبر التاريخ الجزيرة الفراتية او الجزيرة السورية عبارة عن نهر الخابور كان حتى العشرينات من قرننا يبدو وكان لا شان له ولا خطر ومؤخرا تبرز اهميته الاقتصادية والوطنية بروزا ظاهرا يلفت اليه الانظار ويسترعي الاهتمام بفضل جهود ابنائه والتفات الحكومة السورية اليه اكثر من قبل يشهد تدفق النفط والسكك الحديدية تفتحت العيون والاذهان على اهمية حوض الخابور لا في حياة الجزيرة الفراتية حيث يجري النهر فحسب بل في حياة سورية واقتصادها 0 كان للخابور اهمية كبيرة في العصور القديمة فقد شهد حوضه الاعلى حضارات تعاقبت وشهدت ضفافه بين منابعه ومصبه في الفرات عمرانا وقرى ومدنا منذ عصور قديمة طوله 450 كيلومترا يشكل واديه ولاية واسعة حفلت ببلدان جمة 0 اجتذبت تلول الخابور الاصطناعية القديمة ومواقع مدنه الاثرية علماء وباحثين ومنقبين اثاريين منذ منتصف القرن التاسع عشر كتبوا عنها بحوثا ومؤلفات من اشهرهم هنري لايريد الانكليزي وارنست هرتزفلد الالماني والبارون ماكس فون اوبنهايم الالماني والذي قام بحفريات في تل حلف بالقرب من مدينة راس العين في اعالي الخابور في الربع الاول من القرن الحالي استمرت عشرين سنة اسفرت عن الكشف عن حضارة متميزة اطلقوا عليها تل حلف او الحضارة الميتانية نسبة الى الشعب الميتاني الذي اسسها وقد عاصرت حضارات مصر واشور وكان لها معهما علاقات 0 نقلت الاثار الميتانية المكتشفة في تل حلف الى المتحف الوطني بحلب والى متحف اسسه البارون اوبنهايم في برلين كان واجهته تحمل عبارة ( متحف تل حلف ) دمر في اثناء الحرب العالمية الثانية ونشر اوبنهايم عدة مؤلفات عن جغرافية المنطقة وتاريخها وعن تنقيباته وضمنها رسوما ومخططات عديدة 0 ما زال موقع تل حلف وتل الفجيرية يجتذبان بعثات اثارية اميركية والمانية ليس عدد المصادر التاريخية التي ذكرت الخابور باقل من التي ذكرت الفرات ولقد ذكر الجغرافيون المسلمون من بلدان الخابور واوصافها اكثر مما ذكروا من بلدان الفرات وزار حوض الخابور علماء اثاريون ومنقبون بقدر ما زار منهم وادي الفرات وسبق التنقيب الاثاري بتل حلف التنقيب في الحريري – مدينة ماري – على الفرات بمنطقة ابو كمال بمحافظة دير الزور 0 عاصرت حضارة ماري التي ازدهرت في مطلع الالف الثالث قبل الميلاد حضارة تل حلف وكان بين المدينتين صلات ودية وثيقة اقتضتها وحدة المنطقة والمصالح الاقتصادية والدفاعية 0 كان الخابور منذ القديم بغزارة مياهه وخصوبة سهوله واعتدال هوائه اساس قيام حضارات قديمة اقدم ما نعرفه هي الحضارة السوبارية التي اوجدها الشعب السوباري في اعالي الخابور وسميت البلاد التي عاش عليها سوبارتو لم تكن تقل حضارة عن حضارة بابل ومصر وقد خلفتها الحضارة الميتانية وجاء الاراميون بعد عشرة قرون من خراب تل حلف وبعثوا العمران في المنطقة وشادوا المساكن والقصور فوق تل حلف واحاطوه باسوار حصينة واقتبسوا فنون السكان الاصليين وظهر نشاطهم في مجالات البناء والتجارة وتاسيس الامارات والمماليك في بلاد ما بين النهرين وفي سورية والعراق وبلاد ما بين النهرين وفلسطين ولما جاء الاشوريون اخضعوا الممالك الارامية ودمروا قواعدها والتفتوا الى اهمية الخابور وانشاوا على ضفافه القلاع والمراكز وكان بعض ملوكهم ياتي من نينوى حاضرة الاشوريين على دجلة في الشمال لصيد الفيلة في غابات الخابور الممتدة 0 ولما استولى الفرس على الجزيرة الفراتية عنوا بشؤون الري فحفروا الترع واقاموا السدود على نهر الخابور فكانت الحقول المسقية تمتد مسافات بعيدة على جانبي النهر وفي سهول الجزيرة الفراتية وكانت اقنية الخابور ونهر دورين احدى الترع القديمة وهي خربة اليوم كانت تخرج من الخابور وتجري مسافة ثمانين كيلومترا في السهل على ضفة الخابور الشرقية تسقي هذا السهل ويرجع تاريخها الى عهد دار الثالث العاهل الفارسي وتحمل اسمه وما تزال اثارها بادية للعيان 0 وعندما استولى الاغريق على هذه البلاد بقيادة الاسكندر الكبير افادوا من مراكز حضارات الخابور فبنوا مراكز جديدة على بعضها فقد اظهرت الطبقة العائدة للعصر الاغريقي في تل حلف مساكن يونانية 0 وفي اثناء الحكم الروماني لهذه البلاد اهتموا بها واتخذوا من ضفاف النهر خط دفاع ضد الفرس المجاورين لهم والطامعين بمد حدودهم الى الغرب وازداد عمران حوض الخابور برغم الحروب بين الدولتين الفارسية والرومانية ووقع بلدان الخابور تارة بيد الفرس واخرى بيد الرومان مما عرضها للنكبات 0 في العهد العربي ازدهر حوض الخابور حيث تمتع بالامن افاد السكان من اتساع رقعة المملكة العربية في العصرين الاموي والعباسي وافاد وادي الخابور من الطريقين الكبيرين في المملكة العباسية طريق الموصل حلب وطريق الفرات بين الانبار وحلب فضلا عن الطريق المائية نهر الفرات فازدادت اهمية مدينة راس العين عند منابع الخابور لوقوعها على الطريق الاول واصبحت مركزا تجاريا كبيرا تفيد منها مدن الخابور وازدهرت عليه مدينة الحربة 0 وكان الخابور طريقا مائية نقل عليها سكانه القدماء الغلال الزراعية من فواكه وقطن في مراكب نهرية خشبية منذ العصور القديمة ونشطت الملاحة في الخابور في العهد العربي وخاصة في العصر العباسي كانت السفن تحمل القطن الفواكه الى العراق منحدرة في الفرات وكانت قرقيسيا بلدة البصيرة حاليا مرفا تجاريا في اسفل الخابور ومرفا تجاريا على الفرات بنفس الوقت على ضفته الشرقية ترسو فيها السفن من اعالي الفرات وتغادرها بطريق الفرات الى العراق 0 كان حوض الخابور عامرا بالمدن والقرى والمزارع والحصون التي بقيت الى تاريخ اجتياح التتار للجزيرة الفراتية وقتلهم السكان وتخريبهم العمران في القرن الثالث عشر للميلاد واعقب ذلك الاجتياح تيمورلنك وتتابع مجيء العشائر العربية البدوية من الجزيرة الفراتية ذات المراعي الخصبة لاغنامها واستوطنت براري الخابور وكانت حربا على ما تبقي من عمران وادي الخابور الذي ظل قفرا حتى الفترة الاخيرة من العهد العثماني حيث ساد الامن نسبيا فافاد اشخاص من بلدتي ماردين ودير الزور من وجود السدود القديمة ومن ركائز دواليب الماء القديمة وصنعوا دواليب خشب جديدة لسقاية مساحات قليلة قريبة من ضفاف الخابور الى جانب السقاية بالدلو على البكرة واجتذبت الزراعة الصغرية المستجدة قسما من ابناء عشائر براري الخابور الرحل 0 وبذلك بعثت الحياة على ضفاف الخابور بعد بوار دام قرونا اعقب ازدهارا 0 كانت العشائر العربية التي تعيش في براري الخابور على ماشيتها في صراع دائم مع بعضها البعض سواء منها السورية او العراقية ولم يتوقف الغزو لبعضها البعض الا في السنة 1946 وكانت كلمن السلطة الفرنسية في سورية والانكليزية في العراق تشجع الغزو بين العشائر لاغراض استعمارية 0 ذكرت المصادر السريانية وذدر الرحالون المسلمون والاجانب في العصر العباسي وما تلاه مدن الخابور ووصفوا عمرانها باعجاب وهذه اهمها : 1. راس العين : من امهات مدن الجزيرة الفراتية عريقة في القدم يرجع تاريخها الى العهدين البابلي والاشوري شاد الرحالون بعيون الماء الكثيرة فيها وبعمرانها وسعتها واتصال الضياع الكصثيرة بها وكان يغلب على زراعتها القطن اصابها خراب بسبب الحروب وخرج فيها كثير من العلماء والادباء نسب بعضهم اليها 0 2. المجدل : كانت مدينة حسنة في اسفل راس العين تتصل بها قرى عديدة 0 3. ماكسين كانت مدينة صغيرة كثيرة الخيرات وكان عندها جسر على الخابور وكان يرتفع منها ومن المجدل قطن الى خلاط والموصل وكان فيها معاصر للزيت ومركز للمكس ومنه اشتق اسمها ونسب الى بعضها الادباء والعلماء 0 4. عربان : وهي موقع عجاجة اليوم كانت مزدهرة بالعهدين البابلي والاشوري وكان لها اهمية استراتيجية كبيرة في عهد الرومان حيث كانت المركز الرئيسي في خط الحدود بين المملكة الرومانية والمملكة الفارسية وكانت في العهد العربي قاعدة الخابور يصدر منها القطن الى العراق وارمينية وتحمل منها ثياب القطن الى الشام وغيرها وتخرج منها طرق عديدة وفي نواحيها مدن كثيرة غلبت عليها البادية وبين عربان وقرقيسيا التي عند مصب نهر الخابور وفي الفرات كانت توجد مدن صغيرة هي : الشماخية الحصين والدارة والشمسانية والفدين والصور وتننير وسكير العباس والعبدية والجحشية ومرقدة وتل شدادي والفدغمي وتل الشيخ حمد وتل طابان ودلت المراقبة الجوية لطريق راس العين الحسكة على وجود اثار مدن حصينة مكانها اليوم تلول كانت منشات دفاعية وكذلك التلول الموجودة حول الحسكة مركز محافظة الحسكة على الخابور الاوسط 0 5. قرقيسيا : عند مصب الخابور في الفرات وهي اقدم مدن الخابور ومن اهمها بالنظر لتميز موقعها ولكونها ميناء على نهري الفرات والخابور وكانت محطة للقوافل بين العراق والرقة وراس العين وبادية الشام سياتي الكلام عنها بشيء من تفصيل بحكم انها عنوان هذه الدراسة وهدفها 0 كانت مدن الخابور مراكز ادب وعلم في القديم اسهمت بالحركة العلمية في العصور الارامية والعصور العربية وبخاصة في العصر العباسي بما اخرجت من علماء وفقهاء وادباء وكتاب سريان وعرب نسب بعضهم الى مدائنهم فقيل الرسعني نسبة الى راس العين والمجدلي نسبة الى المجدل والماكسيني نسبة الى ماكسين والقرقساني نسبة الى قرقيسيا 0 ونسب بعض ادباء الخابور الى قبيلته كالعتابي نسبة الى بني عتاب من قبيلة تغلب وهو من راس العين والنمري وهو منصور التمري نسبة الى عشيرته نمير من قيس موطنه راس العين ونسب ادباء اخرون الى المنطقة فقيل الخابوري وثمة ادباء وشعراء فحول موطنهم بين الخابور والفرات هم من ابناء الجزيرة الفراتية امثال عمرو بن كلثوم والاخطل القطامي والاسمان الاخيران القاب 0 ولشعرائه القدامى واخرين شعر في احداثه التاريخية وفي اسماء اماكنه روته كتب تاريخ الادب وكتب التاريخ بصورة عامة 0 وكان النتاج الادبي الخابوري رافدا غزيرا نميرا رفد نهر الادب العربي حقبة طويلة سنتعرف على بعض شعر القطامي التغلبي والذي قاله في مدح امير قرقيسيا الشاعر الفارس الجواد زفر بن الحارث الكلابي المتوفي عام 75 هـ وعلى قصيدة رثائية قالتها احدى نساء الخوارج في الجزيرة الفراتية الفارعة ليلى بنت طريف الشاري ترثي بها اخاها الوليد بن طريف الشاري الشيباني القائد الخارجي الكبير والذي نازل جيش الرشيد بالقرب من الخابور وقتل في المعركة في سنة 178 هـ جاء في هذه المرثية بيت مشهور يذكر كلما ذدر نهر الخابور وواديه يستشهدون به على كثرة الاشجار بوادي الخابور في العصور القديمة في حين انه يكاد يخلو اليوم من الاشجار برغم العمران الذي اخذ يدب فيه مؤخرا ثم لا يعلم معظم رواة بيت الفارعة من امر قائلته ولا من ارم ظروف قوله وتاريخها شيئا واكثر ما يستشهد المستشهدون على شجر الخابور بالشطر الاول من بيت الفارعة ويظلمون هذا البيت بعدم روايته بشطريه وهما : فيا شجر الخابور مالك مـورقا كانك لم تجزع على ابن طريف فتى لايحب الزاد الا من التقى ولا المال الا من قنا وســــيوف جاء اسم الخابور في مصادر عبرية ويونانية وفارسية ورومانية وارامية وعربية وافرنجية بصيغ مختلفة 0 وسميت منطقة الخابور في بعض المصادر العربية بـ ( خابوراء ) نسبة الى الخابور قال ياقوت في معجم البلدان : فهو اسم لنهر كبير بين راس العين والفرات من ارض الجزيرة ولاية واسعة وبلدان جمة غلب عليها اسمه فنسبت اليه من البلاد قرقيسيا وماكسين والمجدل وعربان واصل هذا النهر من العيون التي براس العين وينضاف اليه فاصل الهرماس ومد وهو من نهر نصيبين فيصير نهرا كبيرا ويمتد فيسقي هذه البلاد ثم ينتهي الى قرقيسيا فيصب عندها في الفرات 0 ذكر الخابور في سفر الملوك وسفر حزقيال من اسفار العهد القديم ( التوراة ) وسفر حزقيال كتب على الخابور في اثناء السبي اليهودي فهو من الادب الخاوبري القديم ان الجزيرة الفراتية على شهرتها واتساعها تكاد ان تكون وادي الخابور 0 ذكر الاخطل الخابور بقوله : اراعتك بالخابور نوق او جمال ورسم عفته الريح بعدي باذيال وقال الربيع بن ابي الحقيق اليهودي من بني قريظة : دور عفت بقرى الخابور غيرها بعد الانيس سوافي الريح والمطر ان تمـس دارك ممن كان يسكنها وحشا فذاك صروف الدهر والغير وتعصب بعضهم لماء الخابور وفضله على ماء الفرات العذب انشد ابن الاعرابي : رات ناقتي ماء الفرات وطيــبه امر من الدفلى الذعاف وامقرا وحنت الى الخابور لما رات به صياح النبيط والسفــين المقيرا فقلت لها : بعض الحنين فان بي كوجدك الا انني كنــت اصـبرا ولما كان الادب من ابرز سمات الاقوام واكثرها دلالة عليها ولما كان لوادي الخابور ادبه عبر القرون وخاصة ادبه العربي اقتضى ان اذكر نموذجا في قصيدة الفارعة ليلى بنت طريف الشيباني رثت بها اخاها الوليد بن طريف الشيباني الذي خرج في سنة 178 هـ بالجزيرة الفراتية وارمينية واتسع امره وجبى الاموال فسير الرشيد اليه يزيد بن مزيد الشيباني فقاتله فقتله بالقرب من موقع الصور على الخابور الاوسط حيث لا يزال قبره ومرثية الفارعة هذه تعد من الطف الرثاء وفاخر الشعر العربي : بتل نهاكا رسم قبر كانه على جبل فوق الجبال منيف تضمن مجدا عد مليا وسؤددا وهمة مقدام وراس حصيف فيا شجر الخابور مالك مورقا كانك لم تجزع على ابن طريف فتى لا يحب الزاد الا من التقى ولا المال الا من قنا وسيوف ولا الذخر الا كل جرداء صلدم معاودة للكر بين صفوف كانك لم تشهد هناك ولم تقم مقاما على الاعداء غير خفيف حليف الندى ما عاش يرضى به الندى فان مات لا يرضى الندى بحليف فقدناك فقدان الربيع وليتنـــــــــــا فديناك من فتياتنا بالــــــــــوف وما زال حتى ازهق الموت نفسه شجا لعدو ونجا لضعيــــــــــف الا يا لقومي للنوائب والـــــــردى ودهر ملح بالكرام عنيــــــــــف وللبدر من بين الكواكب اذ هــوى وللشمس لما ازمعت لكســـــوف ولليث كل الليث اذ يحملونـــــــــه الى حفرة ملحودة وســـــــــقيف الا قاتل الله الحشى حيث اضمرت فتى كان للمعروف غير عيوف فان يك اوداه يـــــزيد بن مـــــزيد فرب زحوف لفـــــــها بزحوف عليه ســـــــــــــلام الله وقفا فانني ارى الموت وقاعا بكل شريـف
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-30-2011
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: من تاريخ حلبية وزلبية وقرقيسيا

موقع قرقيسيا ( البصيرة ) : ان مكانا يقع في راس المثلث الذي يؤلفه الفرات والخابور عند التقائهما خصب التربة وملتقى طرق برية ومائة كموقع قرقيسيا من المؤكد انه كان ماهولا بالناس منذ عصور قديمة ومن المؤكد انه كان من الناحية الاستراتيجية هاما فاولاه العســكريون اهتمامهم وعنايتهم لاهميته الجغرافية والاقتصادية0 ان موقع قرقيسيا هو القسم الاسفل من نهر الخابور ومنطقة قرقيسيا هي في القسم الجنوبي من الجزيرة الفراتية او بلاد ما بين النهرين مهد الحضارات الزاهية في التاريخ والتي عرفها الاغريق باسم ( ميزوبوتامبا ) أي بلاد الانهر وغلب عليها اسم الجزيرة وخصوها باضافة الفرات قالوا الجزيرة الفراتية نسبت الى اخص نهريها الفرات وسماها بعض السوريين الجزيرة السورية 0 تقع قرقيسيا على خط طول 25 ,40 درجة شرق غرينويتش وعلى درجة عرض 10 ,35 شمال خط الاستواء وترتفع عن سطح البحر 231 م وهي واقعة على الضفة اليمنى لنهر الخابور على تل اصطناعي مرتفع عن ارض الدلتا وهي بالنسبة الى الفرات تقع على ضفته الشرقية وهي نقطة اتصال بين حوض الخابور الاعلى وحوضه الاسفل وصلة الوصل بين القسم الجنوبي من الجزيرة الفراتية والقسم الشمالي والغربي من العراق لا تبعد عن الحدود العراقية سوى 110 كيلومترات وتقع شرقي مدينة دير الزور على بعد 43 كيلومترا وعن بلدة الحسكة الواقعة على الخابور الاوسط 175 كيلومترا وعن بلدة الميادين التي تقع شرقيها 6 كيلومترات وتبعد عن نهر الفرات 200 م ويجري الخابور في شماليها اختار السكان موقع التل في القديم والحديث تحسبا لفيضان كل من نهر الفرات ونهر الخابور وطغيان مياه الفيض على الضفاف في فترة الفيضان فيبدو التل كانه قلعة حصينة وفعلا كان التل حصنا عسكريا في العهود القديمة ثم صار يجمع بين الحصن والمدينة فكان لها اسوار منيعة من الاجر ما زالت اثارها اسم المدينة : كان في موقع البصيرة الحالية مدينة منذ اقدم العصور بالنظر لاهميته الجغرافية والاقتصادية والاستراتيجية ضاع اسمها القديم بسبب القدم الموغل في التاريخ كما يحدث في اسماء مدن الشرق الادنى القديمة بسبب الحروب وتغير الاقوام التي تحتل المكان وكل قوم يطلق على المكان اسما مل يلبث ان يتناسه السكان او يذهب مع الذاهبين من سكان المكان 0 قيل ان اقدم ما عرف من اسم المدينة هو ناباكاث ثم شوبورا أي المدينة الواقعة على الخابور وسميت ميلدا او ميلد وفي عهد الملك سرغون الاول ملك اشور في القرن التاسع قبل الميلاد صار اسم المدينة سركي وكانت من مملكة اشور وفي السنة 878 قبل الميلاد امتنعت سركي وغيرها من مدن الخابور عن ادية الخراج الى ملك اشور ناصر بال فاجتاحها وضرب كل البلاد الواقعة على طول مجرى الخابور والفرات الاوسط احرق المدن وذبح السكان 0 وبعد ثلاثمائة سنة ادخل دارا الاول العاهل الفارسي المنطقة في ولاياته الـ 23 وعنى بريها واصبحت منطقة غنية بخيراتها الزراعية انشا ترعا تصل ما بين الفرات والخابور وصارت منطقة الخابور اهراء لدولة الفرس وكانت حاصلاتهم الزراعية الفائضة تنقل بالسفن على الفرات الى فارس وكانت قرقيسيا ميناء نهريا على الفرات والخابور معا والى ذلك ترجع اهميتها فضلا عن خصب دلتا النهر حيث موقعها الممتاز 0 وكانت منطقة الخابور نقطة حدود بارزة بين الحدود الفارسية والحدود الرومانية ثم البيزنطية ولذا قامت الحصون على ضفاف الخابور مراكز دفاعية وقرقيسيا نفسها كانت حصنا عسكريا لحماية الطريق التجارية والعسكرية النهرية ولحماية الحدود والسكان 0 وفي العهد اليوناني سميت المدينة كيركسيون او كيركيسون كاسترون وكاسترون تعني في اليونانية قلعة وكاركا في الارامية تعني مدينة جاء في كتاب مختصر الدول لابي الفرج الملطي ص 100 وفي زمان بطليموس اورغاطيس الملك اليوناني من خلفاء اسكندر الكبير بنيت قرقيسيا وقالوا نيقوس ( الرقة ) وهذا يدل على قدم قرقيسيا مع ان تاريخها يرجع الى زمن اقدم بكثير مما ذكر ابن الملطي 0 وفي الاحتلال الروماني لمنطقة الخابور بعد احتلال سورية اطلقوا على سركي القديمة اسم سيرسيوم ومعناها القصر المحتوي على حلبة للخيل واسم سيرسيوم مشتق من الاسم الاشوري سركي 0 ان هذه الاسماء تدل على ان الموقع كان منذ القديم قلعة او حصنا او مخفرا للجند ويضم حلبة وكيركيس في اليونانية معناها حلبة وكل حصن عسكري قديم او محطة عسكرية قديمة لابد من ان تضم خيولا لجنودها 0 اولى الامبراطور الروماني دقلسيان مدينة قرقيسيا اهتماما خاصا لاهميتها وحسن موقعها فجعل منها حصنا قويا على الحدود الاكثر تقدما للامبراطورية الرومانية في بلاد ما بين النهرين الجنوبية 0 اجتازت بمنطقة قرقيسيا جيوش كثيرة رومانية وفارسية وعربية وتترية وفرنسية لتلتقي في معارك كبيرة ولتؤول المدينة الى المنتصر وهي في كل ذلك بين المطرقة والسندان0 كان سيرسيوم في العهد البيزنطي مركز اسقفية وكان عدد سكانها ستين الفا وبنتيجة المعاهدة الخجلة التي وقعها الامبراطور الروماني جوفيان في سنة 363 بعد الميلاد وقعت المدينة بيد الفرس في اثناء استيلائهم على الجزيرة الفراتية 0 وفي اواخر القرن التاسع عشر قامت بعثة ( البارون فون ابنهايم ) الالمانية والبعثة الانكليزية فوكس تالبت ببعض الحفريات التي اسفرت عن ان وادي الخابور ووادي الفرات كانا ايام ابراهيم الخليل السنة 1050 قبل الميلاد مقسمين الى امارات صغيرة عديدة لكل امارة ملك لا تتعدى مملكته بعض الضياع وكانوا في نزاع شديد وقتال مستمر فيما بينهم لعل موقع قرقيسيا كان مركز احدى تلك الامارات 0 وفي مطلع السنة الثالثة عشرة للهجرة الموافق شهر اذار السنة 634 م في اواخر عهد الخليفة ابي بكر الصديق توجه القائد العربي خالد بن الوليد الذي كان يحارب في العراق بناء على كتاب ابي بكر يامره فيه بالتوجه الى الشام مددا للقائد ابي عبيدة بن الجراح الذي كان على اطراف الشام من الجهة الجنوبية قال الواقدي : خرج خالد من سوى الى الكواثل ثم اتى قرقيسيا فخرج اليه صاحبها في خلق فتركه وانحاز الى البر ومضى لوجهه واتى اراك 0 وفي كتاب الخراج لابي يوسف ان خالدا توجه من الحيرة واتى عانات ثم مضى الى بلاد قرقيسيا فاغار على ما حولها واخذ الاموال وحاصر اهلها اياما حتى اجابوه الى الصلح ومن منطقة دير الزور توجه الى اليرموك مارا بتدمر ولم يكن ذلك فتحا لقرقيسيا 0 ان تاريخ قرقيسيا قبل الاسلام غامض وليس تاريخها في العهد الاسلامي باكثر وضوحا قل ان ذكرتها المصادر العربية باكثر من كلمة او عبارة 0 عرب العرب الذين كانوا يقيمون في الجزيرة الفراتية وفي بادية الشام قبل الاسلام اسمها القديم اليوناني كركيسوم الذي كان يغلب على المدينة اكثر من اسمها الروماني سيرسيوم ذي الاصل الاشوري فصار قرقيسيا معرب كركيسيا وهو اسم لحلبة الخيل يجيء بالالف الممدودة والهمزة وكثيرا ما يجيء في الشعر مقصورا والنسبة العربية اليها قرقساني وجاء بياء واحدة لضرورة شعرية قرقيساء 0 فتح العرب لقرقيسيا : فتحت قرقيسيا اول فتح سنة 16 هـ وكانت اسقفية بيد الروم في عهد فتوحات الخليفة عمرو بن الخطاب وكان سبب فتحها ان اهل الجزيرة الفراتية من تغلب وغيرهم امدوا جيش هرقل في حمص التي كان يحاصرها القائد العربي ابو عبيدة الجراح وبعث الروم جندا الى اهل هيت لصد الجيش العربي عنها فكتب الخليفة عمر بن الخطاب الى قائده في العراق سعد بن ابي وقاص ان يهاجم الجزيرة الفراتية لاشغال اهلها عن امداد هرقل في حمص وليلحق المقاتلة العرب في جيش هرقل ببلادهم في الجزيرة الفراتية فارسل سعد بن ابي وقاص الى الجزيرة عمرو بن مالك الزهري في جند وجعل على مقدمته الحارث بن يزيد العامري فخرج عمرو بن مالك واتى هيت فنازلها وخلف عليها الحارث بن يزيد يحاصرها وخرج في نصف الناس فجاء قرقيسيا على غرة فاخذها عنوة سنة 16 للهجرة ونزل اهلها على حكمه فقال عند ذلك : ونحن جمعنا جمعهم في حفيرهم بهيت ولم نحفل لاهل الحفائـــر وســــــرنا على عمد نريد مدينة بقرقيسيا سير الكماة المســــاعر فجئناهم في دارهم بغتة ضحــى فطاروا وخلوا اهل تلك المحاجر فنادوا الينا من بعيد باننـــــــــــا ندين بدين الجزية المتواتــــــــــر قبلنا ولم نردد عليهم جزاءهـــم وحطناهم بعد الجزا بالبواتـــــــر لم يطل الاستيلاء على قرقيسيا وتركها العرب موقتا ليتفرغوا لمعاركهم مع الفرس والروم على ان حملة الجزيرة هذه قد حققت غرضها الذي قصده الخليفة عمر بن الخطاب وفتح ابو عبيدة الجراح حمص 0 وبعد فتح العرب لحلب سير ابو عبيدة قائده عياض بن غنم الى فتح بلدان الفرات والجزيرة الفراتية ففتح بالس مسكنة وسار الى الرقة وعسكر فيها لينطلق منها الى راس عين والرها وقرقيسيا وسار جيش المسلمين الى قرقيسيا بقيادة عبد الله بن غسان وسهل بن عدي ولما نزل المسلمون على قرقيسيا وقتل عدد من متقدميها وضايقها المسلمون وفتحوا ثغرة في سورها دخلوا منها الى المدينة ووضعوا السيف في اهلها واحتووا على ما كان فيها من الاموال والذخائر فامنهم القائدان عبد الله بن غسان وسهل بن عدي وعرضا عليهم الاسلام فمنهم من اسلم فوهبوا له اهله وماله ومن ابى وضعت عليه الجزية وكان فتحها في اول ليلة من شهر رمضان سنة اثنتين وعشرين للهجرة وبنوا الكنيسة العظمى وهي بيعة جرجيس جامعا ولم يبرحوا حتى صلوا فيه واطلقوا الرهائن وتسلم ولايتها جبيل بن كعب في مائة وخمسين رجلا واتخذت قاعدة لفتح بلدان الخابور فارتحل عبد الله بن غسان عن قرقيسيا ونزل على ماكسين صلحا على اربعة الاف درهم من نقد بلادهم والف حمل طعام حنطة وشعير فقلقوا من ذلك فترك لهم النصف وكذلك اهل الشمسانية ثم نزل على عربان فصالحوه بما صالح به اهل مكسين ثم ارتحل الى المجدل 0 ولما فتح عبد الله بن غسان ارض الخابور صلحا واقام بالمجدل انشد قيس بن ابي تحازم البجلي هذه الابيات : اقمنا منار الدين في كل جانـب وصلنا على اعدائنا بالقواضب ودان لنا الخابور مع كل اهلـه بفتيان صدق من كرام العرائب هزمناهم لما التقينا بماســــــح وثار عجاج النقع مثل السحائب وجندل وفدالروم في كل جانب تركناهمو فـي القاع نهبا لناهب فلله حمد في المســــاء وبكرة وما لاح نجم في سدول الغياهب قال الزهري : لم يبق بالجزيرة موضع قدم الا فتح على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه على يد عياض بن غنم فتح حران والرها والرقة وقرقيسيا ونصيبين وسنجار 0 وحدث ابو عبد الله القرقساني عن اشياخه ان عمير بن سعد لما فتح راس العين سلك الخابور وما يليه حتى قرقيسيا وقد نقض اهلها فصالحهم على مثل صلحهم الاول ثم اتى حصون الفرات حصنا حصنا ففتحها على ما فتحت عليه قرقيسيا ولم يلق في شيء منها كثير قتال 0 واصبحت قرقيسيا قاعدة عربية اسلامية لادارة بلاد الخابور ولما عبر الخليفة الرابع علي بن ابي طالب الفرات من الكوفة الى الجزيرة متوجها نحو الرقة لمحاربة معاوية في سهل صفين ارسل قسما من جيشه ليسير على ضفة الفرات الغربية ولكن هذا القسم من الجيش خاف جيش معاوية الذي كان اكثر عددا وعدة فاراد ان يعبر الفرات من عانات ليلحق بالجيش العام فمنعهم اهلها وحبسوا عنهم السفن فرجعوا وعبروا من هيت ثم لحقوا عليا بقرية دون قرقيسيا 0 قرقيسيا في العهد الاموي : مركز للقيسيين ولزعيمهم زفر بن الحارث الكلابي كان على قرقيسيا عياض الحرسي ولاه اياها يزيد بن معاوية ان اهم حادث اقترن بتاريخ قرقيسيا في العصر الاموي هو التجاء زفر بن الحارث الكلابي ابو الهذيل زعيم قيس مع رهط من قومه اليها واستيلائهم عليها واعتصامهم بها بعد وقعة مرج راهط شمالي دمشق سنة 65 هـ و 684 م وانتصار مروان بن الحكم على انصار عبد الله بن الزبير الذي بويع له بالخلافة في مكة بالحجاز وفي امصار اخرى كان زفر واليا على قنسرين من انصار عبد الله بن الزبير ولما بلغته هزيمة قيس الموالية لابن الزبير ومقتل زعيمها الضحاك بن قيس الفهري الذي كان عاملا للامويين في دمشق غير ان هواه كان في ابن الزبير وما لبث ان بايعه واخذت قيس كلها في الشام تدعو الى نصرة ابن الزبير وكلب تدعو الى بني امية 0 وسار الضحاك ومن معه من قيس والناس حتى نزل مرج راهط واظهر البيعة لابن الزبير وبايعه على ذلك جل اهل دمشق واجتمع بنو امية وكلب بالجابية بحوران واستخلفوا مروان بن الحكم وبايعوه في 3 ذي القعدة سنة 64 هـ فسار مروان الى مرج راهط ومعه كلب وغسان والسكاسك والسكون في سبعة الاف رجل وكان الضحاك في نحو عشرين الفا فاقتتل الفريقان قتالا شديدا استمر عشرين يوما واسفرت اليمانية في قتل قيس قتل منها عدة الاف فهزم دعاة بان الزبير وانتصر مروان بن الحكم 0 وكان زفر يوم وقعة مرج راهط في قنسرين واليا لعبد الله بن الزبير وكان يبعث بالمدد الى الضحاك بن قيس 0 ولما بلغت الهزيمة زفر بن الحارث الكلابي بقنسرين سار الى قرقيسيا واجتمعت عليه قيس وصحبه في هزيمته الى قرقيسيا شابان من بني سليم فجاءت خيل مروان تطلبهم فقال الشابان لزفر : انج بنفسك فانا نحن نقتل فمضى زفر وتركهما فقتلا وقال زفر في ذلك : اريني سلاحي لا ابا لك انني ارى الحرب لا تزداد الا تماديا اتاني عن مروان بالغيـــــــــــب انه مقيد دمي او قاطع من لسانيا ففي العيس منجاة وفي الارض مهرب اذا نحن رفعنا لهن المثانيـــا فلا تحــــــــــسبوني ان تغيبت غافلا ولا تفرحوا ان جئتكم بلقائيـا فقد ينبت المرعى على دمن الثـرى وتبقا حزازات النفوس كما هيا لعمري لقد ابقيت وقيعة راهــــــط لحسان صدعا بيننا متنائيــــا اتذهب يوم واحد ان اساتــــــــــــه بصالح ايامي وحسن بلائيــا فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنــا وتثار من نسوان كلب نسائيا الا ليت شعري هل تصيبن غارتي تنوخا وحيي طيء من شقائيا فاجابه حواس بن القعطلي بمقطوعة منها : لعمري لقد ابقت رقيعة راهط على زفر مرا من الداء باقيــــــا مقيما ثوى بين الضلوع محله وبين الحشا اعيا الطبيب المداويا وتبكي على قتلى سليم وعامر وذبيان معذورا وتبكي البواكيـــا دعا بالسـرح ثم احجم اذ راى سيوف جناب والطوال المذاكيـا وقال عمرو بن الجلي الكلبي يجيب زفرا من قصيدة : بكى زفر القيسي من هلك قومـه بعبرة عين ما يجف سجومها ويبكي على قتلى اصيبت براهط تجاوبها هام القفار وبومهـــا فمت كمدا او عش ذليلا مهضما بحسرة نفس لا تنام همومها لحق زفر بن الحارث بقرقيسيا وكان عليها عياض الحرسي عاملا ليزيد بن معاوية فدخلها زفر وتغلب عليها واخرج عاملها وتحصن بها وجعلها قاعدة لقيس الذين خرجوا من ارض الشام بعد وقعة مرج راهط الى الجزيرة الفراتية ونفوسهم تغلي بالحقد وتحصنوا بديار مضر وامروا عليهم زفرا وعقدوا العزم على الانتقام لانفسهم من كلب 0 كانت قيس تشن من قرقيسيا غاراتها على كلب وانضم اليها عمير بن الحباب السلمي وقد استطاع زفر ان يضم اليه ايضا تغلب التي تسكن ديار ربيعة بالجزيرة الفراتية وهي اعظم قبائل ربيعة وهي قيس من عدنان والعداء قديم بين عدنان وقحطان اليمن فشاركت تغلب في الاغارات التي كانت قيس تشنها على كلب في مواطنها 0 وكان شعراء كلب ينددون بتغلب فكان الاخطل شاعر تغلب يهجو كلب ويتغنى بامجاد نزار بن معد بن عدنان 0 كان من الممكن ان يطول الاتحاد بين قيس وتغلب لو لم تقم قيس بعد اخذها بثارها لقتلى راهط بالتغلغل في الجزيرة الفراتية والدعوى لابن الزبير ونزول عمير بن الحباب السلمي بالخابور وهو منازل تغلب واخذت فروع قيس تعتدي على تغلب وتستلب اموالها فضاق بنو تغلب بذلك وطلبوا من زفر ان يجلي سليما قوم عمير بن الحباب عن اراضيهم فرفض ودعت قيس تغلب الى الدخول في طاعة ابن الزبير وطالبتها بالصدقات التي كانت تدفعها الى عمال بني امية فرفضت تغلب وتمسكت بولائها للامويين لارتباط حياتها الاقتصادية بالشام وصممت على طرد القيسية من ديارها فوقعت بين القبيلتين عدة وقعات منها وقعة ماكسين على الخابور انهزمت فيها تغلب وقتل كثير من رجالها وبقرت بطون نساء منهم 0 فحشدت تغلب انصارها والتقت بقيس على الثرثار واقتتلوا قتالا شديدا فانهزمت قيس وقتلت تغلب ومن معها مقتلة عظيمة وبقروا بطون ثلاثين امراة من بني سليم وتعددت الوقعات بين قيس وتغلب فكان يوم الثرثار الثاني ويم الفدين ويوم السكير ويوم الشرعبية ويوم البليخ ويوم الكحيل ويوم البشر وغيرها وقد ارخ لها ابن الاثير في الكامل وكلها في السنة 70 هـ وكانت الحرب بينهما سجالا وقد اشترك زفر بن الحارث في اكثر هذه الحروب وشارك فيها كل من الشاعرين التغلبيين الاخطل والقطامي ووصفاها في شعرهما0 واستمرت الحرب بين قيس وتغلب حتى تدخل الخليفة عبد الملك بن مروان فاوقفها لانه يريد ان يتفرغ الى حرب مصعب بن الزبير في العراق وفي يوم من الايام بين تغلب وقيس هزمت تغلب واسرت قيس القطامي الشاعر التغلبي واخذ ماله فقام زفر بن الحارث الكلابي بامره حتى رد عليه ماله ووصله فمدحه القطامي بشهره 0 ولاتصال حياة هذا الشاعر الفراتي بحياة زفر بن الحارث الكلابي وبتاريخ قرقيسيا اقف عنده وقفة قصيرة نتعرف على ملامحه وشعره ومنزلته : قال عبد الملك بن مروان للاخطل ذات يوم : الهملا إلا شاعر مغدف القناع خامل الذكر حديث السن إن يكن في أحد خير فسيكون فيه ولوددت اني سبقته إلى قوله : يقتلننا بحديث ليس يعلمنـــــه من يتقين ولا مكنونه بــــــــــادي فهن ينبذن من قول يصبن به مواقع الماء من ذي الغلة الصادي وكان ذلك الشاعر الخامل الذكر عمير بن شيبم بن حبيب ولقبه القطامي من الاراقام والاراقم أحياء من تغلب والقطامي من أسماء الشاهين ومن ألقاب السادة الأشراف وله لقب ثان : صريع الغواني لقوله : صريع غوان راقهن ورقنه لدن شب حتى شاب سود الذوائب ولقد لقب مسلم بن الوليد الشاعر العباسي بصريع الغواني بعد ذلك لقبه الخليفة هارون الرشيد لقوله : هل العيش ألا أن تروح مع الصبا وتغدو صريع الراح والأعين النجل لم تذكر المصادر تاريخ ميلاد القطامي ومكان ولادته ومكان ترعرعه بل اكتفت بذكر نتف قليلة من أخباره والروايات مختلفة في تاريخ وفاته وأصحها انه توفي سنة 101 هـ الموافقة 719 م 0 كان قد مدح عبد الواحد بن سليمان وزفر بن الحارث الكلابي واسماء بن خارجة الغزاري 0 روى المؤرخون انه شاعر فحل رقيق الحواشي حلو الشعر حسن التشبيب وقد عده ابن سلام من شعراء الطبقة الثانية الإسلاميين غلب على شعره الوصف والمدح والغزل 0 وقد عده رواة كثيرون احسن الإسلاميين ابتداء قصيد حيث يقول : انا محيوك فاسلم أيها الطلل وان بليت وان طالت بك الطيل القطامي شاعر مقل استحسنوا شعره لرقة حواشيه وكثرة الأمثال فيه ولحسن تشبيهه وحلاوة تعبيره 0 ذكر ديوانه الحاج خليفة في كتابه كشف الظنون وكان شرح ديوانه أبو سعيد الحسن السكري وطبعه المستشرق برت أول مرة سنة 1902 وهو في 92 ص من الحجم الكبير في ليدن ونقل إلى الألمانية وعلق عليه عدة ملحوظات مع روايات شتى وكتب له مقدمة باللغة الألمانية في 17 ص وقد اخرج الدكتور إبراهيم السامرائي واحمد مطلوب طبعة جديدة للديوان محققة لان طبعة أوربا غير متيسرة طبعت في بيروت في دار الثقافة سنة 1960 – 196 ص من الحجم الكبير جيد الطبع مشكول0 قال القطامي يمدح زفر بن الحارث الكلابي من قصيدة في اثنين وسبعين بيتا يخاطب في مطلعها ضباعة ابنة زفر : قفي قبل التفرق ياضباعــــا ولايك موقف منك الوداعـــا قفي داوي أسيرك إن قومي وقومك لا أرى لهم اجتماعــا وكيف تجامع مع ما استحلا من الحرم العظام وما أضاعا ألم يحزنك أن حبال قيــــس وتغلب قد تباينت انقطاعــــــا يطيعون الغواة وكان شــرا لمؤتمر الغواية أن يطاعــــــا ألم يحزنك أن ابني نــــزار أسالا من دمائهما التلاعـــــــا فلا تبعد دماء ابني نــــــار ولا تقر عيونك يا قضاعــــــا أمور لو تدبرها حليــــــــم إذن لنهى وهيب ما استطاعــا ومنها في شكر زفر على إطلاقه وانعامه عليه بمائة ناقة : اكفرا بعد رد الموت عنـــي وبعد عطائك المائة الرتــــــاعا فلو بيدي سواك غداة زلــت بي القدمان لم ارج اطـــــــلاعا إذن لهلكت لو كانت صغارا من الأخلاق تبتدع ابتـــــــــداعا فلم أر منعمين اقل منــــــا واكرم عندما اصطنعوا اصطناعا من البيض الوجوه بني نفيل أبت أخلاقهم اتســــــــــــــــــاعا بني القرم الذي علمت معـد تفضل فوقها سعة وابــــــــــــاعا وقال بمدحه من قصيدة في ستة وستين بيتا : من بلغ زفر القيسي مدحــــــته عن القطامي قولا غير افنـــــــاد اني وان كان قومي ليس بينهـم وبين قومك إلا ضربة الهــــادي مثن عليك بما استبقيت معرفتي وقد تعرض مني مقتل بـــــــــاد فلن أثيبك بالنعماء مشــــــــتمة ولن أكافئ إصلاحا بإفســـــــــاد وان هجوتك ما تمت مكارمتي وان مدحت فقد أحسنت أصفادي وقال بمدحه من مقطوعة : يا زفر بن الحارث بن الأكرم قد كنت في الحرب كريم المقدم إذ أحجم القوم ولما تحجم انك وابنيك حفظتم محــــرمي أنقذتني من خطر معمــم والخيل تحت العارض المسوم وله قصائد ومقطوعات أخرى في مدح زفر بن الحارث الكلابي وفي السنة سبعين سار الخليفة عبد الملك بن مروان من دمشق إلى الفرات وعبره بالقرب من دير الزور متوجها إلى قرقيسيا قاصدا زفر فحاصره حصارا طويلا ونصب المجانيق على أسوار قرقيسيا فقال زفر لعبد الملك : انا لا نقاتلكم من وراء الحيطان ولكننا نخرج إليكم ودعا بابنه الهذيل وبه يكنى وأمره أن يخرج بخيله على القوم فحمل عليهم وانكشفوا ووطأ الهذيل ورهطه فسطاط عبد الملك وقطعوا بعضها ثم رجعوا فقال زفر : ألا لا انالي من أتاه حمامـه إذا ما المنايا عن هذيل تجـــــلت تراه أمام الخيل أول فارس ويضرب في أعجازها إن تولت وكان عبد الملك يقاتل بقضاعة ومعه روح بن زنباع وسعت الرسل بين عبد الملك وزفر بالصلح فتم على الآمان لزفر ومن معه واموالهم وان يعطى زفر ما احب واشترط زفر ألا يقاتل مع عبد الملك وابن الزبير حي لبيعة له في عنقه ولم يدخل الهذيل في شرط أبيه ولما دخل زفر على عبد الملك بعد أن أتم الصلح أجلسه معه على سريره ولما رأى قلة من مع زفر من الرجال قال : لو علمت انه في هذه القلة لحاصرته حتى ينزل على حكمي فقال زفر إن شئت رجعنا ورجعت فقال عبد الملك : بل نفى لك يا أبا الهذيل 0 ولما سار عبد الملك بعد ذلك إلى مصعب بطريق الجزيرة الفراتية سار الهذيل معه حتى إذا قرب من مصعب تحول إليه وقاتل مع إبراهيم بن الاشتر قائد مصعب فلما قتل مصعب اختفى الهذيل حتى ستؤمن له من عبد الملك فأمنه ثم عفى عنه لشجاعته 0 وكان الاخطل ما يزال يحقد على زفر واشتد عليه أن يعفو عبد الملك عنه بعد انتصاره على مصعب فكان زفر أول هدف للاخطل من زعماء قيس يحرض عليه عبد الملك عندما يكون زفر في مجلس عبد الملك فمن قوله في ذلك : بني أمية اني ناصح لكـــــــم فلا يتبين فيكم أمنا زفـــر إن الضغينة تلقاها وان قدمت كالعريكمن حينا ثم ينتشر ولكن عبد الملك وفى بعهده لزفر وتزوج مسلمة بن عبد الملك الرباب بنت زفر فكان يؤذن لاخويها الهذيل والكوثر في أول الناس إلى مجالس الخليفة 0 زفر هذا الذي يفي الخليفة الأموي عبد الملك له بعهده ويقره على قرقيسيا ويحترم شروطه هو من التابعين وكبير قيس في زمانه قال ابن سلام في طبقات الشعراء : ( زفر من بني نفيل بن عمرو بن كلاب من ولد يزيد بن الصعق وهو سيد شريف ) شهد وقعة صفين مع معاوية أميرا على أهل قنسرين سمع الحديث من السيدة عائشة أم المؤمنين ومن معاوية وروى عنه ثابت بن الحجاج سكن البصرة وانتقل إلى الشام وكان في جيش البصرة الذي خرج لإغاثة الخليفة المحصور عثمان بن عفان في المدينة وكان في وقعة صفين رسول معاوية إلى عائشة وكانت تسأله عمن قتل في صفين 0 ظل زفرا أميرا على قرقيسيا حتى مات في خلافة عبد الملك بن مروان سنة 75 هـ - 695 م وكان شاعرا جزل الألفاظ متين النسج مقل بحكم انشغاله بولايته في ظروف سياسية صعبة يتمثل في حياته الصراع بين القبائل العربية في وادي الفرات وفي الجزيرة الفراتية ينتهي نسبه إلى قبيلة قيس عيلان بن مضر بن نزار من عدنان وهي قبائل كثيرة وإذا قيل قيس دخلت العدنانية كلها في قيس نسب وعصبية ذكرت قيس عند النبي ( ص ) فترحم عليها وقال : إن قيسا فرسان الله في الارض ياقيس حي يمنا يايمن حي قيسا ( الحديث ) وقحطان جد القبائل اليمنية 0 اتصلت أحداث إسلامية بارزة محدث التوابين بقرقيسيا وباميرها زفر بن الحارث الكلابي لما قتل الحسين بن علي رأت الشيعة أنها قد أخطأت خطا كبيرا بتركها نصرته واجابته حتى قتل إلى جانبهم ورأوا انه لا يغسل عارهم والاثم عليهم إلا قتل من قتله فاجتمع رؤسائهم في منزل سليمان بن صرد الخزاعي وهو المقدم عليهم باشروا حركتهم بعد هلك يزيد بن معاوية سنة أربع وستين وبايع أهل الكوفة لابن الزبير وخرج سليمان بن صرد الخزاعي سنة خمس وستين في أربعة آلاف بطريق الجزيرة الفراتية قاصدين عين الوردة راس العين عند منابع نهر الخابور ساروا حتى انتهوا إلى قرقيسيا على تعبية وبها زفر بن الحارث الكلابي قد تحصن بها منهم ولم يخرج إليهم فارسل إليه المسيب بن نجبة من رؤسائهم يطلب إليه أن يخرج إليه سوقا فامر زفر ابنه فاخرج إليهم سوقا وامر لمسيب بألف درهم وفرس فاخذ الفرس ورد المال وبعث زفر إليهم بخبز كثير وعلف ودقيق حتى استغنى الناس عن السوق إلا إن كان الرجل يشتري سوطا أو ثوبا ثم ارتحلوا من الغد وخرج إليهم زفر يشيعهم وزودهم بنصائحه ومعلوماته الإعلامية ولما وصلوا إلى عين الوردة اقتتلوا مع جيش عبد الله بن زياد – جيش الشام الذي يفوقهم عددا قتل من التوابين معظمهم وقتل سليمان بن صرد الخزاعي في شهر ربيع الآخر وسارت بقيتهم حتى أتوا قرقيسيا فعرض عليهم زفر الإقامة ثلاثا فاضافهم ثم زودهم وساروا إلى الكوفة ولما سمع عبد الملك بن مروان بقتل سليمان وانهزام أصحابه صعد المنبر فحمد الله واثنى عليه واعلن مقتل سليمان بن صرد والمسيب بن نجبة 0 حظيت قرقيسيا في العهد الأموي بحظوة كبيرة بنزول الخليفة عبد الملك فيها ومصالحته أميرها زفر وقبول شروطه ووفائه بها وبزواج أخي عبد الملك بابنة زفر الرباب وبتردد أخويها الهذيل والكوثر على مجلس الخليفة عبد الملك 0 قرقيسيا في العهد العباسي وما تلاه من العهود : إن أخبارها في هذه الحقبة غامضة وان كانت حتى أوائل القرن الثالث الهجري تدخل في حكم الوالي الذي تعينه بغداد لطريق الفرات والجزيرة الفراتية وكان الذي يستولي على الرحبة من العسكريين المغامرين أو الأمراء يستولي على قرقيسيا من الأمراء الحمدانيين والطولونيين والسلجوقيين والاتابكية والأيوبيين والمرادسيين والعقيليين والمماليك 0 وقد امتد نفوذ حكام مصر الطولونيين إلى قرقيسيا غير أن الموفق أخا الخليفة المعتمد ببغداد اخذ المدينة منهم سنة 268 هـ اتصل تاريخها في العصر العباسي بتاريخ أختها وجارتها رحبة مالك بن طوق الواقعة على ضفة الفرات الغربية والتي جدد بنائها في النصف الأول من القرن الثالث هجري وجعلها قاعدة طريق الفرات فازدهرت في عهده لحسن موقعها على طريق الفرات البرية والمائية وبفضل وفرة مياهها وخصب سهولها فانتقلت إليها مكانة قرقيسيا وكانتا تشكلان ناحية واحدة وظلت كذلك مدى قرون وكان يفصل بينهما الفرات وتحملتا نفس المصير وهو الخراب الذي ألتا إليه 0 مر بقرقيسيا الشاعر العباسي ربيعة الرقي المتوفي سنة 198هـ - 812 م في عودته من العراق إلى بلدة الرقة وكان قد مدح الخليفة المهدي وبعض الأمراء العباسيين وكان ربيعة يلقب بالغاوي وكان له مع شعر المديح شعر في الغزل حسن سلس حلو وشعره كله مليح عذب مطبوع جيد 0 وفي نزوله بقرقيسيا تشبب بجارية يقال لها عشمة كانت لرجل من أهل قرقيسيا يقال له ابن مرار قال : اعتاد قلبك من حبيبك عيــده شوق عراك فأنت عنه تــذوده والشوق قد غلب الفواد فقاده والشوق يغلب ذا الهوى فيقوده في دار مرار غزال كنيســة عطر عليه خزوزه وبــــروده ريم أغر كأنه من حســــــنه ضم يحج ببيعة معــــــــــبوده ماضر عشمة أن تلم بعاشق دنف الفؤاد متيم فتعــــــــــوده وتلده من ريقها فلربـــــــمـا نفع السقيم من الســــقام لدوده وجاءته امرأة من منزل هذه الجارية فقالت تقول لك فلانة إن بنت مولاتي محمومة فان كنت تعرف لها عوذة فافعل فامر من كتب هذه العوذة : ثقوا ثقوا باسم الإله الذي لايعرض السقم لمن قد شفى أعيذ مولاتي ومولاتـــها وابنتها بعوذة المصــــــطفى من شر ما يعرض من علة في الصبح والليل إذا اسدفا فقال له الكاتب : أبا ثابت لست احسن أن اكتب ثقوا ثقوا فكيف اكتبها ؟ قال انضح المداد من راس القلم في موضعين حتى يكون الكنفث وادفع العوذة إليها فأنا نافعة ففعل فلم تلبث أن جاءت الجارية وهي لا تتمالك ضحكا فقالت له : يا مجنون ما فعلت بنا كدنا نفتضح بما صنعت قال فما اصنع اشاعر أنا أم صاحب تعاويذ ؟ ومن تشبيهه بعشمة المذكورة قوله من قصيدة تستملح له وهو اطبع ما يكون من الشعر واسهل ما يكون الكلام : اعشمة أطلقي العلق الرهينا بعيشك وارحمي الصب الحزينا ربيعة مغرم بك مستـــــهام يحن إليك من شوق حنيــــــــــنا ترعض زائرا لك فارحمـيه فلقد أورثت زائرك الجنونـــــــا رآك وأنت مقبلة فلــــــــــما رأتك العين هجت لنا فتونــــــا وقمت تأودين وعهد عينـي بحسنك في الحزن تأوديــــــــنا فلما إن رآك الناس قالــــــوا تعالى الله رب العالميــــــــــــنا وقد أعطاك ربك فاشكريـــه جمالا فوق وصف العالميــــــنا إذا أقبلت زعت الناس حسنا وان أدبرت قيدت العـــــــــيونا كان أمر تعيين الولاة على الرحبة وقرقيسيا يصد تارة من بغداد وتارة من دمشق وأخرى من حلب ومرة من الموصل واحيانا يغتصب بعض القواد والأمراء هذه الناحية اغتصابا من يد عاملها باغتياله وبذلك لقيت كل من الرحبة وقرقيسيا كثيرا من المصائب والكوارث مدى قرون متتابعة وتميزت الرحبة بأنها كانت وما زالت اكثر وابعد شهرة من قرقيسيا جاء إليها القرامطة من الرحبة سنة 315 هـ بقيادة أبي طاهر سليمان بن سعيد ومنها بعث السوادي إلى النواحي في الجزيرة الفراتية 0 كانت الرحبة إقطاعا إلى أبي محمد بن رائق الذي ولاه الراضي ولاية بغداد مع طريق الفرات ومضر وحران وكان في الرحبة من جهة ابن رائق في السنة 330 هـ رجل يدعى مسافر بن الحسن فلما قتل ناصر الدولة الحمداني ابن رائق استولى مسافر على الناحية وجبى خراجها فارسل ناصر الدولة جيشا لاخراج مسافر من الرحبة ففارقها مسافر من غير قتال وسار إلى قرقيسيا وملكها وبقي في الخابور ستة اشهر فجبى الأموال العظيمة وقوى وعاد إلى الرحبة ما لبث الحمدانيون أن قتلوه 0 هذه عينة من تاريخ قرقيسيا في ذلك العهد 0 في عمران قرقيسيا يقول أبو القاسم محمد بن حوقل البغدادي الذي تجول في البلاد سنة 331 هـ ووضع كتاب ( المسالك والممالك ) ص 155 ( قرقيسيا مدينة على الخابور ويجلب من فواكهها وفواكه الخابور إلى العراق في الشتاء الكثير وان كان الاختلال قد شابهما وبينها وبين الخانوقة يومان ) والخانوقة هي حلبية الحالية على ضفة الفرات الغربية تبعد 54 كم شمالي غربي دير الزور – قريبة التبني 0 وروى بنجامان ثوديل الرحالة انه وجد في النصف الثاني من القرن الثالث عشر الميلادي خمسين عائلة يهودية بين سكان قرقيسيا 0 كانت قرقيسيا إلى نور الدين محمود بن زنكي بن مودود المتوفى سنة 624 هـ 1227 م ودفن فيها ابنه عثمان المتوفى سنة 635 هـ وكانت مع الخابور في حكم شرف الدولة مسلم العقيلي ولما قتل في سنة 478 هـ و 1085 م رتب السلطان ملكــشاه السلجوقي في محله أبا عبد الله محمود بن شرف الدولة0 وكانت تحت إمرة جاولي سقاو من أمراء السلجوقيين وتولى عليها سيف الدولة اقسنقر البرسقي أحد الأمراء السلجوقيين سنة 509 هـ 1115 م ولاه إياها السلطان محمد بن ملكشاه 0 احسبها قد خربت بكاملها في أواخر القرن السادس الهجري بدليل شاهد البيت التالي الذي رواه الحموي في كتابه معجم البلدان والمتوفى سنة 626 هـ : لعن سخطة من خالفي أو لشقوة تبدلت قرقيساء من دارة الروم وكان ابن حوقل الذي تجول في البلاد سنة 331 هـ قد أشار إلى الاختلال الذي شابها 0 كان هولاكو في زحفه على الشام سنة 658 هـ تقدم في الجزيرة الفراتية فنصب جسرا على الفرات قريبا من ملطة واخر عند قلعة الروم وثالثا عند قرقيسيا عبرت عليها عساكره إلى الضفة الغربية وقتلوا عند منبج مقتلة عظيمة ( تاريخ مختصر الدول لابن العبري ) 0 واستولى عليها المغول واسترجعها سلطان مصر والشام الظاهر بيبرس في سنة 636 هـ 1264 م وكان وسع حدود مملكته إلى الخابور وكانت إقطاعا إلى الخوارزمية وبعد التتار آلت إلى تيمورلنك الذي قتل السكان ودمر البلاد 0 وملك التركمان البلاد بعد انقراض التتار سنة 914 هـ 1508 م على يد الشاه إسماعيل الصفوي ولما استولى العثمانيون على العراق سنة 914 هـ 1534 م كانت قرقيسيا خرابا 0 وفي العهد العثماني ( القرن العاشر الهجري ) كانت قرقيسيا المخربة والرحبة المدمرة ودير الزور الصغيرة من التشكيلات الإدارية لولاية الرقة وكان مركزها مدينة اورفا ( الرها ) لخراب الرقة 0 تنوسي اسم قرقيسيا بانقراض السكان القدماء ومجيء سكان طارئين من جهات متعددة إلى المكان القديم وهو التل الأثري الذي يخفي قرقيسيا القديمة في داخله وحلت محلها منذ نيف ومائة عام قرية فقيرة حملت اسم البصيرة تشكل سكانها من قلعيين أتوا إليها من قلعة الرحبة ومن ديريين أتوا إليها من دير الزور ومن راويين أتوا إليها من راوة في العراق ومن عكيدات جاؤوا من عشائر العكيدات والمجاورين والقاطنين على ضفة الفرات الشرقية 0 ولازم المكان سوء الحظ فنهبت حملة ديبوفر الفرنسية عام 1922 القرية على فقرها 0 لا يعلم مصدر تسميتها باسم البصيرة ولا تاريخ إطلاق هذا الاسم على مكان قرقيسيا الذي تنوسي في العصور الأخيرة ويجهل السكان اسم قرقيسيا وتاريخها جهلا تاما بسبب طروئهم على المكان وعشائريتهم وغلبة الأمية عليهم وقد لفتت التسمية الأخيرة نظر العالم الألماني ( هرتزفلد ) الذي زار المنطقة في أوائل القرن العشرين وقال إن هذه التسمية أتت من اسم دير قديم كان بقربها يسمى بدير البصير كانت له شهرة في الناحية فسميت البلدة المخربة باسمه 0 لا صحة لهذا الزعم فلم يكن في الناحية دير بهذا الاسم وليس له ذكر بين السكان فضلا عن أن تكون له شهرة والناحية منذ عدة قرون مجال عشائر عربية لا ذكر بينها لهذا الدير ولم تذكره المصادر العربية ولا السريانية 0 بناحية قرقيسيا تمر قوافل بين العراق وسورية على ضفة الفرات الشرقية ولعل أحد المسافرين في هذه القوافل لاحظ الشبه بين موقع البصيرة على شط العرب المؤلف من الفرات ودجلة وموقع مكان قرقيسيا حيث يلتقي الخابور بالفرات ويؤلفان نهرا واحدا فسمي المكان البصيرة تصغيرا لاسم ثغرهم البصرة وبقي الاسم غير متداول لغلبة الاسم القديم أو إن بعض أبناء البصرة من جيش علي بن أبى طالب سكن في قرقيسيا عقب وقعة صفين ولعل هؤلاء هم الذين أطلقوا على المكان اسم البصيرة تصغيرا لاسم ثغرهم البصرة وبقي الاسم غير متداول لغلبة الاسم القديم ثم شاع الاسم الجديد بعد خراب قرقيسيا واندثار عمرانها 0 ولقد سالت بعض أبناء البصيرة إن كانوا يعرفون سبب تسمية المكان بهذا الاسم فردوا ذلك إلى أن بدويا كان يعتلي قمة التل وينظر إلى الجهة الشمالية ويخبر جماعته بأنه يبصر جبال ماردين وبيوت قراها فسمى السكان المكان باسم البصيرة أي المكان الذي يبصر منه رواية لا أثبتها ولا انفيها 0 عاشت البصيرة منذ مائة سنة إلى اليوم قريبة فقيرة لم تحقق خلال هذه المدة الطويلة إلا تقدما ضئيلا وازداد عدد سكانها أضعافا 0 وكانت مركز قضاء في أواخر العهد العثماني يمتد حتى تل حميضة في الجزيرة مقابل القصبي على الفرات في الغرب ويمتد في الشمال حتى موقع الشدادي على الخابور الأوسط وكان فيها قاض وكان نجم الطلحة الراوي يصنع قواقه لدواليب الخابور وصحونا ومزامل وجرارا وقدور فخار من طين البصيرة وكان حمدان اللولح واخرون يصنعون البارود من تراب نقرة احمد الحماد بالقرب من جامع البصيرة وكان السكان يستخرجون طباق الآجر من البيوت القديمة يصدرونه إلى دير الزور 0 وقبل الحرب العالمية الأولى كان لبعض سكان البصيرة دواوين يسمرون فيها على غرار الدواوين بدير الزور أصحابها عبد الله الاحمد الخالد – العبيد الذيب – وعبود الشاهر الكسار – وفرحان الخلف الهوش – وخلف النايف – ومحمد النايف – وغدو اللجي 0 وكان بعض أبناء البصيرة يشتركون مع العكيدات بغزو عنزة وشمر والدليم ويغنمون إبلا كانوا يفتخرون بها 0 البصيرة ( قرقيسيا ) في العهد السوري : في التشكيلات الإدارية السورية أي منذ عام 1920 جعلت ناحية ألحقت بقضاء الميادين أحد اقضية متصرفية دير الزور وفكتها الحكومة من منطقة الميادين في 9 / 11 / 1963 وألحقتها بمركز دير الزور بسبب تعبيد الطريق بين البصيرة ودير الزور والتي كانت ترابية في كل العهود الماضية على أهميتها حتى سنة 1963 وكانت نفقات تعبيدها من أموال العمل الشعبي 0 فئات سكان قرية البصيرة : 1. قلعيون من البو مصطفى مصدرهم قلعة رحبة مالك بن طوق على ضفة الفرات الغربية في اسفل البصيرة وجارتها يفصل بينهما نهر الفرات هذه بيوتهم خلف النايف وأولاده – محمد النايف وأولاده – جار الله النايف – فرج الزيد – كريد الزيد – سليمان الزيد وأولاده – علي الزيد وأولاده 0 2. الراويون مصدرهم بلدة راوة في العراق على ضفة الفرات الشرقية هذه بيوتهم إسماعيل السطم الراوي وأولاده جاء جده عبد الحسين إلى البصيرة – حمادة السطم وأولاده – فرج المحمد العبد وأولاده – عكوش المحمد العبد وأولاده – احمد السلامة وأولاده – حاج محمد السلامة وأولاده – حسان السلامة وأولاده – حمادي الحاج محمد السلامة رحيم المحمد العبد 0 3. ديريون بو شلهوم مصدرهم دير الزور هذه بيوتهم ملحم اللجي وأولاده وأحفاده – غدو اللجي وأولاده – حمادي اللجي وأولاده – علي اللجي وأولاده – حناش اللجي وأولاده – بنية اللجي وأولاده – هويدي اللجي وأولاده – شيخ الحسن وأولاده – دللي صالح الحسن العلي وأولاده حنيف الحسن وأولاده – عواجي مظهور الحسن وأولاده – ظاهر الحسن وأولاده – سليمان الحسن وأولاده – خالد العي وأولاده – حسن العلي وأولاده – عبد الله العلي – فرحان الخلف الهوش الشبلي واخوته حساني ووحيد 0 4. ديريون جواشنة مصدرهم دير الزور هذه بيوتهم عبد الملحم العزاوي كانوا اكثر لكنهم نزحوا عن البصيرة – الياسات – محمد – حسين – علي – حمزة وأولادهم واحفادهم 0 5. عكيدات مصدرهم عشيرة العكيدات المحيطة بالبصيرة بيوتهم رافع المطر ومنصور المطر 0 6. ديريون بوفيريو مصدرهم دير الزور هذه بيوتهم عبد الرحمن النجم وأولاده – احمد النجم وأولاده – محمد النجم وأولاده – حناش النجم 0 7. سخاني مصدرهم قرية السخنة إما مباشرة منها واما من سخاني دير الزور بيوتهم محمد التدمري – عوض التدمري 0 8. مشاهدة مصدرهم قرية مشهد في العراق بيوتهم عبود الحميد وابنه عبيد – صالح الدخيل وأولاده 0 9. الربيعيون هنادة أصلهم من بقايا جيوش إبراهيم باشا المصري التي جاءت الى وادي الفرات في حملة إبراهيم باشا على سورية بقي بعضهم بعد وقعة نزب 1839 هذه بيوتهم حسين الجاسم عبد الله المحمد الربيع – ملا حمادي الجاسم – ملا بنية الجاسم – صالح الدودة – إبراهيم الخليف الربيع – محمد الخليف الربيع – احمد الدودة – رجب العبد الربيع – حسن العبيد الربيع – حمادي العبيد – ملحم العبيد الربيع 0 10. قلعيون من البوخليل مصدرهم قلعة رحبة مالك بن طوق بيوتهم علاوي الخلف المنصور وأولاده – محمد خلف المنصور – زهدي الخلف المنصور ( خلف المنصور الملقب الاشكر ) 0
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
صور من تاريخ سوريا admin ركن التاريخ 4 11-29-2009 06:37 PM
اوائل حلبية عبدالقادر حمود ركن بلاد الشام 14 11-13-2009 03:27 PM
حلبية وزلبية عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 2 05-05-2009 02:36 PM
مصطلحات حلبية مشروحة صبا الجمال ركن بلاد الشام 4 02-08-2009 12:45 AM
قصيدة حلبية ابوعبدالله ركن بلاد الشام 7 12-26-2008 06:09 AM


الساعة الآن 09:59 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir