عامر بن عبدقيس
عامر بن عبدقيس . . هاجر الدنيا
هو البصري الزاهد عامر بن عبدقيس التميمي العنبري، ويكني أبا عمرو وقيل: أبا عبدالله عابد زمانه . أدرك عامر الصدر الأول، وروى عن عمر بن الخطاب رضى الله عنه لكنه اشتغل بالعبادة عن الرواية . كما روى عن سلمان الفارسى وروى عنه: الحسن وابن سيرين وأبو عبدالرحمن الحبلي وغيرهم، قال أحمد العجلى: كان ثقة من كبار التابعين .
قال جعفر: سمعت مالك بن دينار يقول: بلغنا أن كعبا رأى عامر بن عبدقيس فقال: من هذا؟ فقالوا: هذا عامر، فقال: هذا راهب هذه الأمة .
كان عامر بن عبد قيس من أفضل العابدين، فعن عبدالله بن غالب عن عامر بن يساف . قال: سمعت المعلى ابن زياد يقول: كان عامر بن عبدالله قد فرض على نفسه في كل يوم ألف ركعة وكان إذا صلى العصر جلس وقد انتفخت ساقاه من طول القيام فيقول: يا نفس، بهذا أمرت ولهذا خلقت، يوشك أن يذهب العناء . وكان يقول لنفسه: قومي يا مأوى كل سوء فوعزة ربك لأزحفن بك زحوف البعير ولئن استطعت أن لا يمس الأرض من أهمك لأفعلن . ثم يتلوى كما تتلوى الحية على المقلى . ثم يقوم فينادي: اللهم إن النار قد منعتني من النوم فاغفر لي .
أربع آيات
عن المعلى قال: قال عامر بن عبدقيس: أربع آيات في كتاب الله تعالى إذا ذكرتهن لا أبالي على ما أصبحت أو أمسيت: “ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده”، و”إن يمسسك الله بضر فلا كاشف له إلا هو”، و”يجعل الله بعد عسر يسرا”،”وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها” .
عن مالك بن دينار: عن عامر بن عبد قيس أنه كان يقول: “إن أشد أهل الجنة فرحا في الجنة أطولهم حزناً في الدنيا” .
وقال أبو مسكين الغاني: قال عامر بن عبد قيس: “من خاف الله أخاف الله منه كل شيء ومن لم يخف الله أخافه الله من كل شيء” .
عن أبي المتوكل الناجى قال: قال عامر بن عبد قيس: يا أبا المتوكل قلت: لبيك . قال: عليك بما يرغبك في الآخرة ويزهدك في الدنيا ويقربك إلى الله عز وجل . قلت: ما هو؟ فقال: تقصر في الدنيا همك وتشحذ إلى الآخرة نيتك . وتصدق ذلك بفعلك فإذا كنت كذلك لم يكن شيء أحب إليك من الموت، ولا شيء أبغض إليك من الحياة . فقلت: يا أبا عبدالله كنت لا أحسبك تحسن مثل هذا فقال: كم من شيء كنت أحسنه وددت أني لا أحسنه وما يغني عني ما أحسن من الخير إذا لم أعمل به .
وقال يزيد بن نعامة: كان عامر بن قيس إذا أصبح قال: اللهم غدا الناس إلى أسواقهم وأصبح لكل امرئ منهم حاجة وحاجتي إليك يا رب أن تغفر لي .
قائم الليل
وقال العلاء بن سالم: “حدثني من صحب عامر بن عبدقيس أربعة أشهر قال: فما رأيته نام بليل ولا نهار حتى فارقته، وكان له رغيفان قد جعل عليهما ودكا فيتسحر بواحد ويفطر بآخر . وكان إذا أصبح علمنا القرآن حتى أمكنته الصلاة قام يصلي”، فلا يزال يصلي حتى يصلى العصر . قال: ثم يعلمنا القرآن حتى يمسي فإذا صلى المغرب فهي ليلته حتى يصبح .
كان عامر يتصدق بما معه فعن أبى العلاء بن عبدالله بن الشخير قال: “أخبرني ابن أخي عامر بن عبدقيس أن عامرا كان يأخذ عطاءه فيجعله في طرف ردائه فلا يلقى أحدا من المساكين يسأله إلا أعطاه . فإذا دخل إلى أهله رمى به إليهم فيعدونها فيجدونها كما أعطيها” .
وحدث أن وشى به أحد الوشاة على عهد أمير المؤمنين عثمان بن عفان فأمر عثمان درءاً للفتنة بتسييره إلى بلاد الشام وأوصى أمير المؤمنين وليه على الشام معاوية بن أبي سفيان بأن يحسن استقباله ويرعى حرمته وكان مما قال عند مغادرته البصرة لمن شيعوه، إني داع فأمنوا على دعائي: “اللهم من وشى بي وكذب على وكان سبباً في إخراجي من بلدي والتفريق بيني وبين صحبي اللهم إني صفحت عنه فاصفح عنه وهبه العافية في دينه ودنياه وتغمدني وإياه وسائر المسلمين برحمتك وعفوك وإحسانك” ثم وجه مطيته إلى الشام” .
لما احتضر بكى فقيل له: أتجزع من الموت وتبكي؟ فقال: مالي لا أبكي ومن أحق بذلك مني؟ والله ما أبكي جزعاً من الموت ولا حرصاً على دنياكم، ولكني أبكي على ظمأ الهواجر وقيام ليل الشتاء . وكان يقول: اللهم في الدنيا الهموم والأحزان، وفي الآخرة العذاب والحساب، فأين الروح والفرح .
روى ضمرة عن عثمان بن عطاء الخراساني عن أبيه أن قبر عامر بن عبدقيس ببيت المقدس . وقيل إنه توفي في زمان معاوية .
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات