رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة
ما يكره للصائم :
(1/567)
- 1 - فاحش القول فينبغي للصائم أن يصون لسانه عن الكذب والغيبة والنميمة ونحو ذلك لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه " ( 1 ) ولما روى أبو هريرة رضي الله عنه أيضا قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : " . . . وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب فإن سابه أحد أو قاتله فليقل : إني امرؤ صائم " ( 2 )
- 2 - النظر إلى ما يحل التمتع به كالأزهار من ورد ونرجس وريحان ونحو ذلك وكذا الشم لأنواع الطيب لتنكسر في نفسه شرة الهوى ويقوى على التقوى ولأن في ذلك من الترفه ما لا يناسب حكمة الصوم
- 3 - الحجامة لأنها تضعفه وربما أحوجته إلى الإفطار ( 3 )
- 4 - ذوق الطعام إلا لحاجة ( 4 ) وذلك خشية وصوله إلى حلقه
- 5 - مضغ العلك الذي ليس له طعم ( 5 ) لأنه يجمع الريق ويورث العطش . أما إذا كان مما يتفتت ويبتلع شيء من أجزائه فهذا يحرم ويفطر فاعله
- 6 - ترك القبلة أولى إن لم تحرك شهوة وإلا حرمت وضابط تحريك الشهوة إنزال المني والأصل فيه ما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يقبل ويباشر وهو صائم وكان أملككم لإربه " ( 6 ) . وعن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه و سلم عن المباشرة للصائم فرخص له وأتاه آخر فنهاه فإذا الذي رخص له شيخ والذي نهاه شاب " ( 7 )
- 7 - السواك بعد الزوال لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " والذي نفسي بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله تعالى من ريح المسك " ( 8 ) . وكذلك المضمضة في غير وضوء بعد الزوال لشبهها بالسواك
- 8 - تأخير الفطر لمن قصده لما روي عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " لا يزال الناس بخير ما عجلوا الفطر " ( 9 )
- 9 - الاستحمام لغير حاجة ( 10 ) إن قدر أنه يحصل منه تأذ وإلا فلا كراهة
- 10 - يحرم الوصال في الصوم ( 11 ) وهو من خواص النبي صلى الله عليه و سلم لما روى أبو هريرة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : " إياكم والوصال " مرتين . قيل : إنك تواصل . قال : " إني أبيت يطعمني ربي ويسقيني " " ( 12 ) . فإن صام فصومه صحيح وهو آثم
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 8 / 1804
( 2 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 9 / 1805 . والرفث : الفحش من القول . والصخب : الخصام والصياح . والمراد بالنهي عن ذلك تأكيد حال الصوم وإلا فغير الصائم منهي عن ذلك أيضا
( 3 ) ويقاس عليها أخذ حقنة دم من الجسم للفحص الطبي إن لم تكن الحاجة ماسة
( 4 ) كالزوجة تخاف زوجها إن هي أساءت الطبخ
( 5 ) أما ذو الطعم فمبطل للصوم
( 6 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 23 / 1826 ، والإرب العضو والحاجة
( 7 ) أبو داود ج 2 / كتاب الصوم باب 35 / 2337
( 8 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 2 / 1795
( 9 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 44 / 1856
( 10 ) يراد بالحاجة غسل فرض أو سنة
( 11 ) وهو أن يستديم المرء جميع أوصاف الصائمين يومين أو أكثر
( 12 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 48 / 1865
(1/568)
الاعتكاف
(1/569)
- التعريف به :
هو لغة : اللبث والحبس والملازمة والإقامة على الشيء برا كان أو إثما قال تعالى : { ما هذه التماثيل التي أنتم لها عاكفون } ( 1 )
وشرعا : إقامة شخص مخصوص في مسجد على صفة مخصوصة
دليله :
قوله تعالى : { ولا تباشروهن وأنتم عاكفون في المساجد } ( 2 )
وما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعتكف العشر الأواخر من رمضان " ( 3 )
وإجماع المسلمين
_________
( 1 ) الأنبياء : 52
( 2 ) البقرة : 187
( 3 ) مسلم ج 2 / كتاب الاعتكاف باب 1 / 3
(1/570)
- حكمه :
- 1 - سنة مؤكدة لكل أحد ذكرا كان أو أنثى في أي وقت من ليل أو نهار في رمضان أو في غيره وهو في العشر الأواخر من رمضان أفضل منه في غيره لأجل طلب ليلة القدر على ما تقدم
- 2 - واجب في النذر
- 3 - مكروه لذوات الهيئة من النساء إن أردن الاعتكاف في المساجد ولو أذن الزوج خشية الفتنة
- 4 - حرام على امرأة لم يأذن لها زوجها
(1/571)
- أركانه :
- 1 - النية : لقوله صلى الله عليه و سلم : " إنما الأعمال بالنية ) . ولأنه عبادة محضة فلم يصح من غير نية كالصوم والصلاة
ومحلها القلب ولا يشترط لفظها باللسان . وتجب نية الفرضية في الاعتكاف المنذور بأن يقول المعتكف : نويت الاعتكاف المفروض أو فرض الاعتكاف ويجزئ عن ذلك قوله : نويت الاعتكاف المنذور . أما في الاعتكاف المندوب فيكفي أن يقول : نويت الاعتكاف أو سنة الاعتكاف
- 2 - اللبث في المسجد حقيقة أو حكما ( 1 ) بمقدار فوق طمأنينة الصلاة فيصح الاعتكاف دقائق معدودات
- 3 - أن يكون في المسجد ذكرا كان المعتكف أو أنثى فلا يصح الاعتكاف في غيره . لكن اجتهد بعض الفقهاء وقالوا بصحة اعتكاف المرأة في بيتها إذا أعدت فيه مكانا لصلاتها وقالت هذا مسجدي ونويت الاعتكاف فيه
والاعتكاف في الجامع ( 2 ) أفضل منه في المسجد . إلا أنه يوجب فيه على من نذر الاعتكاف مدة متتابعة فيها يوم الجمعة وهو ممن تلزمه الجمعة ولم يشترط حين نذر أن يخرج من الاعتكاف لها فعندئذ يجب عليه الاعتكاف في الجامع دون المسجد لكي يتمكن من أداء فريضة الجمعة ولو خرج لأجلها بطل التتابع وعليه إعادة الاعتكاف
ومن عين في نذره مسجدا فإنه لا يتعين ويكفيه أن يعتكف في أي مسجد غيره إلا المساجد الثلاثة : المسجد الحرام ومسجد المدينة والمسجد الأقصى إذا عين أحدها تعين ويقوم بعضها مقام بعض على حسب الترتيب في الفضل فلو نذر الاعتكاف في المسجد الأقصى فإنه يصح اعتكافه فيه أو في المسجد النبوي الشريف أو في المسجد الحرام لمزيد فضلهما عليه . كما لو نذر في المسجد النبوي الشريف فإنه يصح فيه وفي المسجد الحرام
أما لو عكسنا الترتيب فإنه لا يصح ويتعين عليه ما عينه فلو نذر في المسجد الحرام تعين ولا يصح في المسجد النبوي الشريف ولا الأقصى وكذلك لو عين في المسجد النبوي الشريف فلا يصح في المسجد الأقصى لحديث جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " صلاة في مسجدي أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام وصلاة في المسجد الحرام أفضل من مائة ألف صلاة فيما سواه " ( 3 )
_________
( 1 ) ويشمل ذلك التردد في جهات المسجد أما المرور فيه بأن يدخل من باب ويخرج من باب فلا يحصل به اعتكاف
( 2 ) الجامع : هو المسجد الذي تقام فيه صلاة الجمعة
( 3 ) ابن ماجه ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 195 / 1406
(1/572)
- أما شروط المعتكف فثلاثة :
- 1 - الإسلام : ابتداء ودواما فلا يصح اعتكاف من كافر لأنه من فروع الإيمان ومن ارتد وهو معتكف بطل اعتكافه
- 2 - العقل - التمييز - ولا يشترط البلوغ فيصح اعتكاف الصبي دون المجنون لأنه ليس من أهل العبادة كالكافر
- 3 - الطهارة من الحدث الأكبر حيضا أو نفاسا أو جنابة لأن مكث الحائض والنفساء والجنب في المسجد معصية ولو طرأ الحيض أو الجنابة أثناء الاعتكاف وجب على المعتكف الخروج من المسجد فورا
(1/573)
- متى يجب تحديد نية الاعتكاف ومتى لا تجب :
- 1 - إذا كان الاعتكاف غير محدد بمدة وخرج من المسجد دون العزم على العودة انقطع الاعتكاف وعليه تجديد النية إن أراد اعتكافا ثانيا . أما إن وجد العزم على العودة وخرج لعذر فلا حاجة إلى تجديد للنية
- 2 - أما إذا كان محددا بمدة مطلقة دون نية التتابع فإن خرج لقضاء الحاجة فلا يلزمه تجديد النية عند العودة أما إن خرج لغير ذلك ثم عاد فعليه تجديد النية
- 3 - إن حدد الاعتكاف بمدة شرط فيها التتابع فإن كان الخروج لعذر لم يجدد النية عند العودة
(1/574)
- والأعذار التي لا تقطع التتابع هي :
- 1 - الخروج من المسجد لأكل أو شرب إن لم يتوفر في المسجد أو لبول أو غائط أو لغسل جنابة لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " وإن كان رسول الله صلى الله عليه و سلم ليدخل علي رأسه وهو في المسجد فأرجله وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا " ( 1 ) . لكن لا تجوز له الإقامة بعد فراغه من قضاء حاجته لعدم الحاجة إلى ذلك
- 2 - الخروج من المسجد إلى المنارة المنفصلة عنه للأذان إن كان المعتكف مؤذنا راتبا ألف الناس صوته وألف هو صعود المنارة وإلا بطل اعتكافه
- 3 - خروج المعتكف لإقامة حد ثبت عليه بغير إقراره
- 4 - خروج المرأة لأجل عدة ليست بسببها
- 5 - الخروج لأداء شهادة تعين عليه تحملها وأداؤها
( 6 ) الخروج من المسجد لمرض شق عليه معه لبث فيه كأن يحتاج إلى من يخدمه أو طبيب يعالجه أو خشي تلويث المسجد إن كان مصابا بإسهال أو إقياء . أما المرض الخفيف كصداع أو حمى خفيفة فلا يعتبر عذرا للخروج من المسجد
( 7 ) الخروج من المسجد لحيض إذا كانت مدة الاعتكاف لا تخلو غالبا بأن كانت تزيد على خمسة عشر يوما
( 8 ) الخروج من المسجد لإغماء وإذا لبث المغمى عليه في المسجد حسبت له مدة إغمائه من الاعتكاف بخلاف الجنون فلا تحسب مدته من الاعتكاف لفقدان أهلية العبادة
( 9 ) خروجه مكرها بغير حق أو ناسيا لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " إن الله وضع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه " ( 2 )
وكل عذر ليس قاطعا للتتابع يجب العود عند الفراغ منه بلا تجديد للنية ولو أخر انقطع التتابع وتعذر البناء ووجب عليه الاستئناف بنية جديدة
ويجب قضاء الأوقات المصروفة إلى غير قضاء الحاجة دون المصروفة له وللذهاب إليه والمجيء منه
_________
( 1 ) البخاري ج 2 / كتاب الاعتكاف باب 3 / 1925
( 2 ) ابن ماجه ج 1 / كتاب الطلاق باب 16 / 2045
(1/575)
- ما يبطل الاعتكاف :
- 1 - الجماع مختارا ذاكرا للاعتكاف عاملا بالتحريم ويبطل الجماع سواء كان في المسجد أو غيره لقوله تعالى : { ولا تباشرونهن وأنتم عاكفون في المساجد } ( 1 )
- 2 - مباشرة المعتكف بشهوة . أما غير المصحوبة بها فلا تبطل
- 3 - الردة والسكر إن وجد التعدي به وكذلك الجنون والإغماء إن وجد التعدي بهما والجنابة إن لم يبادر إلى التطهر أما إن بادر فلا يبطل اعتكافه
- 4 - الحيض والنفاس إذا كانت مدة الاعتكاف تخلو عنهما غالبا
- 5 - تعمد الخروج من المسجد لغير عذر لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم وفيه : " وكان لا يدخل البيت إلا لحاجة إذا كان معتكفا " ولأن الاعتكاف هو اللبث في المسجد فإذا خرج فقد فعل ما ينافيه بلا عذر فبطل كالأكل في الصوم
- 6 - عدم العودة إلى المسجد مع التمكن منها إذا خرج لعذر ثم زال ذلك العذر
ومعنى البطلان أن زمن ذلك لا يحسب من الاعتكاف فإذا زال جدد النية وبنى على ما مضى إن كان مقيدا بمدة من غير تتابع أما إن كان مقيدا بمدة وتتابع أبطله وخرج منه ووجب الاستئناف . وإن كان مطلقا فمعنى البطلان أنه انقطع استمراره ودوامه ولا بناء ولا تجديد نية وما مضى داخل في الحساب وحصل به الاعتكاف
ولا يضر بالاعتكاف التطيب ولا الاغتسال ولا قص الشارب ولا الترجل ولا لبس ما يلبسه في غير الاعتكاف ولا الزواج والتزويج . وللمعتكف أن يأكل ويشرب ويكتب ولا يكره الإكثار من كتابة العلم وتعليمه وقراءة القرآن لأن كل ذلك طاعة وله كذلك البيع والشراء والحديث المباح فإن أكثر كره لأن المسجد منزه عن أن يتخذ موضعا للبيع والشراء
_________
( 1 ) البقرة : 187
(1/576)
كتاب الزكاة
(1/577)
الباب الأول [ معنى الزكاة حكمها ودليلها محل الزكاة شرط وجوب الزكاة ]
(1/578)
معنى الزكاة حكمها ودليلها
(1/579)
- لغة : النماء والبركة والزيادة وكثرة الخير والصلاح . يقال . زكا الزرع إذا نما وزكت النفقة إذا بوركت فيها وفلان زاك وزكي إذا كان كثير الخير
وتطلق على الطهارة لقوله تعالى : { قد أفلح من زكاها } ( 1 ) بمعنى طهرها من الأدناس
وتطلق على المدح لقوله تعالى : { فلا تزكوا أنفسكم } ( 2 ) بمعنى تمدحوها
وشرعا : اسم لمال مخصوص ( 3 ) يؤخذ من مال مخصوص ( 4 ) على وجه مخصوص ( 5 ) يصرف لطائفة مخصوصة
وسميت بذلك لأن المال ينمو ببركة إخراجها ولأنها تطهر مخرجها من الإثم وتبين زيادته في الخير
_________
( 1 ) الشمس : 9
( 2 ) النجم : 32
( 3 ) نسبة ومقدار معين
( 4 ) النصاب
( 5 ) ضمن شروط
(1/580)
- حكمها ودليلها :
الزكاة من أركان الإسلام وفرض من فروضه
ودليلها من الكتاب قوله تعالى : { خذ من أموالهم صدقة تطهرهم وتزكيهم بها } ( 1 ) وقوله عز من قائل : { وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة } ( 2 )
ومن السنة حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " بني الإسلام على خمس . . . وإيتاء الزكاة . . . " ( 3 )
وقد أجمعت الأمة على أنها ركن من أركان الإسلام . فالإيمان بها واجب والجاحد بها كافر والممتنع عن أدائها يقاتل كما فعل الصديق رضي الله عنه قال فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه : " والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة فإن الزكاة حق المال " ( 4 )
_________
( 1 ) التوبة : 103
( 2 ) البقرة : 110
( 3 ) البخاري ج / 1 كتاب الإيمان باب 1 / 8
( 4 ) البخاري ج / 2 كتاب الزكاة باب 1 / 1335
(1/581)
محل الزكاة :
(1/582)
- تجب الزكاة في أربعة أشياء :
- 1 - النعم : من إبل وبقر وغنم
- 2 - الزروع والثمار : وتختص بالأقوات فقط وهي من الزروع القمح والشعير والأرز . . . ومن الثمار الزبيب والتمر فقط بخلاف الدراق والمشمش لأنها ليست غذاء كاملا ولا تصلح للادخار
- 3 - النقد من ذهب وفضة
- 4 - عروض التجارة
(1/583)
شروط وجوب الزكاة :
(1/584)
- 1 - الإسلام : لقول الصديق رضي الله عنه في كتاب له إلى أنس رضي الله عنه لما وجهه إلى البحرين : " هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله صلى الله عليه و سلم على المسلمين والتي أمر الله بها رسوله " ( 1 )
ولا تجب على كافر أصلي : أما المرتد فماله موقوف ( 2 ) فإذا عاد إلى الإسلام وجبت عليه عن فترة الدرة وإلا فلا وإن كان أخرجها في حال الردة أجزأته
- 2 - الحرية : فلا زكاة على رقيق ولا مكاتب ( 3 ) أما المبعض ( 4 ) فتجب عليه الزكاة فيما ملكه ببعضه الحر إن بلغ نصابا
- 3 - النصاب : وهو اسم لقدر معلوم مما تجب فيه الزكاة فلا زكاة دونه ويختلف باختلاف الأموال التي تجب فيها الزكاة
- 4 - تعيين المالك : فلا تجب الزكاة في مال وقف لجنين سواء انفصل حيا أو ميتا ولا على الورثة عن المدة السابقة لولادته وإنما يبدأ الحول ( 5 ) منذ الولادة لعدم تيقن ملكية المال قبلها
ومثله غلة القرية وثمار البساتين الموقوفة على المساجد والمدارس أو على الفقراء والمساكين وصناديق الجمعيات إذ ليس لها مالك معين
- 5 - الملك التام : فتجب الزكاة في مال المحجوز عليه كالصبي والمجنون واليتيم والمخاطب بالإخراج منه وليه لما روي عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه أنه قال : " كانت عائشة تليني وأخا لي يتيمين في حجرها فكانت تخرج من أموالنا الزكاة ( 6 ) فإن لم يفعل وجب عليهم بعد البلوغ أو الإفاقة إخراج زكاة ما مضى لأن الحق متوجه إلى أموالهم . وللولي احتياطا أن يحسب الزكاة حتى يكمل المحجور عليه فيخبره بذلك ولا يخرجها بنفسه
ولا يمنع دين وجوب الزكاة ولو كان المكلف محجورا بالدين . وإذا اجتمعت الزكاة والدين على حي وكانت الزكاة بالعين ( 7 ) قدمت على الدين مطلقا سواء كان محجورا عليه بالدين أم لا ( 8 ) أما إذا لم تكن متعلقة بالعين ( 9 ) وكان محجورا عليه بالدين فيقدم الدين عليها وأما إن كان محجورا عليه بسبب غير الدين كسفه أو جنون فالزكاة مقدمة
وإذا اجتمعت الزكاة أو الحج أو الكفارة مع دين آدمي في تركة قدم كل منها على الدين تقديما لدين الله تعالى فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " . . . فدين الله أحق أن يقضى " ( 10 )
وتجب الزكاة في المال المغصوب والمحجور والضال والغائب والمملوك بعقد قبل قبضه ( 11 ) وفي الدين اللازم ( 12 ) لأن كل ذلك مملوك ملكا تاما ولكن لا يجب الإخراج من ذلك بالفعل إلا عند التمكن من أخذه فيخرج الزكاة عن الأحوال الماضية بعد أخذه ولو تلف المال قبل التمكن منه سقطت الزكاة ( 13 )
_________
( 1 ) البخاري ج / 2 كتاب الزكاة باب 37 / 1386
( 2 ) لأن المرتد تستولي الدولة على أمواله كاملة
( 3 ) المكاتب : عبد اشترى نفسه من سيده بأقساط
( 4 ) تقدم تعريف المبعض
( 5 ) الحول المعتبر في الزكاة عامة هو الحول القمري لا الشمسي والسنة القمرية ثلاثمائة وخمسون يوما
( 6 ) الموطأ ج / 1 كتاب الزكاة باب 6 / 13
( 7 ) كزكاة النعم
( 8 ) فإذا كان محجورا عليه بالدين تحسب الزكاة أولا ثم يحجر على المال لحساب الدائنين
( 9 ) كزكاة النقد
( 10 ) البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 41 / 1852
( 11 ) كأن اشترى عروض تجارة بنية التجارة إلا أنه لم يستلمها وحال عليها الحول وهي في يد البائع فعلى المشتري زكاتها
( 12 ) أما إذا كان الدين غير لازم كمال المكاتب فلا زكاة على السيد فيه لأنه ضعيف وقد يسقطه العبد متى شاء وكذلك إن كان الدين ماشية فلا زكاة فيه لا على المدين ولا على الدائن كما لو أقرض الشخص أربعين شاة مثلا وحال عليها الحول وهي في ذمة المقترض فليس على صاحبها زكاة لأن إسامة المالك شرط في وجوب زكاة النعم
( 13 ) وعند الإمام مالك رضي الله عنه لا زكاة في الدين وإن أقام سنين حتى يقبضه فيزكيه عندئذ لسنة واحدة إن كان من عرض أو ثمن مبيع . وذهب أبو يوسف والشافعي قديما رضي الله عنهما إلى أنه لا زكاة في الدين حتى يقبضه ويستأنف به الحول هذا ولا يعمل بقول الشافعي القديم هنا
(1/585)
الباب الثاني : زكاة النعم
(1/586)
- النعم هي : الإبل والبقر ويشمل الجاموس والغنم بنوعيه المعز والضأن
(1/587)
أولا - الإبل :
(1/588)
- نصاب الإبل : أول نصاب الإبل ذكورها وإناثها خمس فليس فيما دونها زكاة
زكاة الإبل : إذا كان ما يملكه من الإبل خمسا إلى العشرين فزكاته عن كل خمس شاة ( 1 ) جذعة ( 2 ) إما جذعة ضأن لها سنة ودخلت في الثانية أو أجذعت وإن لم تبلغ سنة أو جذع ضأن كذلك وإما ثنية معز لها سنتان ودخلت في الثالثة أو ثني كذلك . فإذا بلغ الملك خمسا وعشرين من الإبل فزكاته ناقة بنت مخاض ( 3 ) لها سنة فإن لم يجد بنت مخاض فابن لبون ( 4 ) له سنتان أو حق ( 5 ) . وإذا بلغ الملك ستا وثلاثين من الإبل فزكاته بنت لبون لها سنتان . وإذا بلغ ستا وأربعين فزكاته حقة ( 6 ) ويجزئ عنها بنتا لبون . فإذا بلغ الملك إحدى وستين من الإبل فزكاته جذعة لها أربع سنوات وطعنت في الخامسة ويجزئ عنها بنتا لبون أو حقتان لأنهما تجزئان عما زاد فإجزاؤهما عما دونه أولى . فإذا بلغ ستا وسبعين فزكاته بنتا لبون وإذا بلغ إحدى وتسعين ففيه حقتان فإذا بلغت مائة وإحدى وعشرين تغير الواجب فيكون في كل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة ففي مائة وإحدى وعشرين ثلاث بنات لبون وفي مائة وثلاثين بنتا لبون وحقة وفي مائة وأربعين حقتان وبنت لبون وهكذا . . . والأصل في ذلك كله كتاب سيدنا أبي بكر إلى أنس رضي الله عنهما لما أرسله إلى البحرين لأخذ الزكاة ونصه : " بسم الله الرحمن الرحيم . هذه فريضة الصدقة التي فرض رسول الله ( صلى الله عليه و سلم ) على المسلمين . . . في أربع وعشرين من الإبل فما دونها من الغنم من كل خمس شاة . فإذا بلغت خمسا وعشرين إلى خمس وثلاثين ففيها بنت مخاض أنثى فإذا بلغت ستا وثلاثين إلى خمس وأربعين ففيها بنت لبون أنثى فإذا بلغت ستا وأربعين إلى ستين ففيها حقة طروقة الجمل فإذا بلغت واحدة وستين إلى خمس وسبعين ففيها جذعة فإذا بلغت ستا وسبعين إلى تسعين ففيها بنتا لبون فإذا بلغت إحدى وتسعين إلى عشرين ومائة ففي مل أربعين بنت لبون وفي كل خمسين حقة . . . " ( 7 )
وإذا فقد المالك ما يجب عليه صعد درجة أو درجتين وأخذ الفرق من آخذ الزكاة شاتين أو عشرين درهما فضة ( 8 ) عن كل درجة أو نزل درجة أو درجتين وأعطى الفرق عن كل درجة شاتين أو عشرين درهما فضة ويشترط في ذلك موافقة الدافع ولا يصح الصعود ولا النزول درجتين ما أمكن الصعود أو النزول درجة واحدة
_________
( 1 ) الحكمة من وجوب الشاة على كل خمس من الإبل مع الظاهر إيجاب بعير كون البعير زكاة خمس وعشرين من الإبل فإذا كان لدى المالك خمس فقط من الإبل فعليه خمس بعير وهذا يضر بالمالك وبآخذ الزكاة لاضطرارهما إلى المشاركة فجعلت الزكاة بالشاة تخفيفا على الفريقين
( 2 ) سميت جذعة لأنها أجذعت مقدم أسنانها أي أسقطتها
( 3 ) سميت بنت مخاض لأن لها من العمر سنة فآن لأمها أن تكون مخاضا أي حاملا
( 4 ) سمي ابن لبون لأنه أصبحت أمه تحمل اللبن بعد ولادته ثانية
( 5 ، 6 ) الحق من الإبل : الطاعن في الرابعة للذكر وللأنثى سمي بذلك لاستحقاقه أن يحمل عليه وينتفع به ولأنه استحق أن يطرق الأنثى وكذلك الأنثى استحقت أن يطرقها الجمل
( 7 ) البخاري ج 2 / كتاب الزكاة باب 37 / 1386
( 8 ) الدرهم يساوي 2
(1/589)
97 - غرام من الفضة
(1/590)
ثانيا - البقر :
(1/591)
- نصاب البقر : أول نصاب البقر ثلاثون ذكوره وإناثه سواء فلا يجب فيما دونها شيء
زكاة البقر : إذا بلغ الملك ثلاثين من البقر فزكاته تبيع ( 1 ) له سنة ودخل في الثانية وتجزئ الأنثى وهي أولى . فإذا بلغ الأربعين فزكاته مسنة ( 2 ) لها سنتان ودخلت في الثالثة ويجزئ عنها تبيعان . ودليل ذلك ما روي عن معاذ رضي الله عنه قال : " بعثني النبي ( صلى الله عليه و سلم ) إلى اليمن فأمرني أن آخذ من كل ثلاثين بقرة تبيعا أو تبيعة ومن كل أربعين مسنة " ( 3 )
ويستمر النصاب حتى تبلغ ستين فما فوق ففي كل ثلاثين عندئذ تبيع وفي كل أربعين مسنة
_________
( 1 ) صغير الذكر من البقر أي العجل وسمي تبيع لأنه في السنة الأولى يتبع أمه في المرعى
( 2 ) الأنثى من البقر وسميت بذلك لتكامل أسنانها
( 3 ) الترمذي ج 3 / كتاب الزكاة باب 5 / 623
(1/592)
ثالثا - الغنم :
(1/593)
- نصاب الغنم : أول نصاب الغنم أربعون الضأن والمعز في ذلك سواء
زكاة الغنم : إذا بلغ الملك أربعين من الغنم فزكاته شاة جذعة لها سنة من الضأن أو ثنية ( 1 ) من المعز . وإذا كانت الغنم ضأنا ومعزا أجزأت واحدة من أحد النوعين تقدر قيمتها بنسبة ما عنده من النوعين فإذا كانت غنمه عشرين من الضأن وعشرين من المعز دفع من أي النوعين واحدة تساوي قيمتها نصفا من هذا ونصفا من هذا . فإذا بلغ الملك مائة وإحدى وعشرين ففيه شاتان ويستمر النصاب حنى تبلغ الغنم مائتين وواحدة ففيها ثلاث شياه فإذا بلغ الملك أربعمائة من الغنم فما فوق أخذ عن كل مائة شاة ودليل ذلك ما ورد في كتاب سيدنا أبي بكر إلى أنس بن مالك رضي الله عنهما لما وجهه إلى البحرين : " . . . وفي صدقة الغنم في سائمتها إذا كانت أربعين إلى عشرين ومائة شاة فإذا زادت على عشرين ومائة إلى مائتين شاتان فإذا زادت على مائتين إلى ثلاثمائة ففيها ثلاث شياه فإذا زادت على ثلاثمائة ففي كل مائة شاة فإذا كانت سائمة الرجل ناقصة من أربعين شاة واحدة فليس فيها صدقة إلا أن يشاء ربها " ( 2 )
_________
( 1 ) عمرها سنتان
( 2 ) البخاري ج 2 / كتاب الزكاة باب 37 / 1386
(1/594)
زكاة الشريكين :
(1/595)
- زكاتهما كزكاة الشخص الواحد سواء أكان الخليط غنما أو بقرا أم إبلا فمثلا لو كانا يملكان ثمانين شاة فعليهما معا شاة واحدة كالمنفرد بينما يكون على كل منهما شاة لو انتفت الشركة وكان لكل منهما أربعون شاة ولو كانا يملكان مثلا ستين شاة الثلث لأحدهما والثلثان للآخر فعليهما شاة على الأول ثمن ثلثها وعلى الآخر ثمن الثلثين بينما تنتفي الزكاة عن الأول بانتفاء الشركة لأنه لا يملك النصاب
هذا ولا يزكيان زكاة الواحد إلا بشروط :
- 1 - أن يكون الخليط نصابا فإذا كان أقل فلا زكاة عليهما
- 2 - أن يكون المراح ( 1 ) واحدا
- 3 - أن يكون المسرح ( 2 ) واحدا
- 4 - أن يكون المرعى واحدا وألا تختص ماشية كل شريك براع
- 5 - أن يكون المشرب واحدا كعين أو نهر أو غيرهما
- 6 - مرور حول ابتداء من الشركة . فلو ملك كل منهما أربعين شاة في شهر المحرم مثلا ثم اشتركا في أول شهر بيع فلا شركة في الحول الأول فإذا جاء المحرم وجب على كل منهما شاة ثم يزكيان زكاة الشركة في الأحوال المقبلة
- 7 - أن يكون كل منهما أهلا للزكاة ( 3 )
_________
( 1 ) مأوى الإبل والبقر والغنم ليلا
( 2 ) هو الموضع الذي تجتمع فيه الماشية ثم تساق إلى المرعى
( 3 ) وهو الذي توفرت فيه الشروط العامة لوجوب الزكاة
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات