بسم الله الرحمن الرحيم
الحمدلله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أجمعين
بسم الله الرحمن الرحيم
سؤال: هنالك من صام يوم السبت اعتماداً منه على رؤية هلال رمضان في بعض الأقطار الإسلامية، حيث ألزم ولي الأمر في سورية الأمة بصيام رمضان بدءاً من يوم الأحد، وكذلك ألزم ولي الأمر في سورية الأمة بصيام يوم الاثنين إتماماً لعدة رمضان ثلاثين يوماً، فما حكم الفطر يوم الاثنين في سورية لمن صام يوم السبت؟
الجواب: يجاب عن هذا الموضوع من خلال أمرين اثنين، الأمر الأول: هو إخبار المفتي بقول الأئمة في هذه المسألة. الأمر الثاني: هو من يملك حق إلزام الأمة بالصوم والفطر؟
أما الجواب عن الأمر الأول:
فهلال رمضان وهلال شوال إذا رؤي في قطر من الأقطار وجب الصوم على الأمة جميعاً، وكذلك وجب الفطر عليهم، وهذا عند الأئمة الثلاثة السادة الحنفية، والمالكية، والحنابلة، أما عند السادة الشافعية فلا يجب الصوم عندهم إلا إذا رؤي في نفس القطر.
فالمفتي يخبر الأمة بالأحكام الشرعية، وهذه هي وظيفته، وليس من حقه الإلزام.
وأما الجواب عن الأمر الثاني:
فالذي يلزم الأمة ببدء الصوم ونهايته هو ولي الأمر، وطاعته واجبة لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ} [النساء: 59] فالمفتي يخبر وولي الأمر يلزم.
وطالما أن المسألة خلافية منذ الصدر الأول للإسلام إلى يومنا هذا، فبوسع ولي الأمر أن يختار أي الأقوال من أقوال الأئمة الثقات ويلزم الأمة بذلك وينهي الخلاف.
وبناء على ذلك:
فمن صام يوم السبت أخذاً برأي جمهور الفقهاء لا حرج عليه، وليس له أن يلزم الآخرين بذلك، ولا ينكر على من أفطر، لأن من أفطر يوم السبت أفطر بناء على قول السادة الشافعية رضي الله عنهم.
وإذا قال بعضهم: أين طاعة ولي الأمر من هذا الذي صام يوم السبت؟ نقول له: إنها متحققة في حقه، فولي الأمر ألزم الأمة بالصوم يوم الأحد بداية رمضان، فالذي صام يوم السبت هو ملتزم للأمر حيث صام يوم الأحد، وتعجل في ذلك ولا حرج عليه، ولا يعتبر أنه شق عصا الطاعة.
أما بالنسبة لمن أفطر يوم الإثنين أخذاً كذلك بقول الجمهور فلا حرج عليه في الفطر إن شاء الله, ولكنه وقع في مخالفة ولي الأمر، فإن علم ولي الأمر بفطره فمن حقه أن يعاقبه، لأنَّ وليَّ الأمر ما ألزم الأمة بناء على هوى منه، بل بناء على قول معتمد من أقوال الأئمة.
وليس من حق من أفطر يوم الاثنين أن يلزم أحداً بالفطر، لأنَّ من له الولاية العامة ألزم الأمة بالصوم، وهذا من حقه.
أما من صام يوم الأحد ـ موافقاً لأمر ولي الأمر في سورية ـ فلا يجوز له الفطر يوم الاثنين أخذاً بقول الجمهور، فإذا أفطر وجب عليه القضاء مع الكفارة وهي صيام ستين يوماً.
ومن قدم من بلد كان بدء الصوم عندهم يوم السبت، ودخل سورية وهو لا يعلم بالأحكام الشرعية التي ذكرناها، وجب عليه صوم يوم الاثنين بناء على وجوب طاعة ولي الأمر، وينقلب الزائد من صومه إلى نافلة. هذا، والله تعالى أعلم.
سؤال: بعض الدول تثبت العيد أو رمضان اعتماداً على مراصد علمية, علماً بأنه في هذا اليوم قبل العيد بيوم أو يومين أعلنت دولة أن العيد هو يوم الجمعة, ودولة أخرى أنه يوم السبت. فما حكم الشرع في ذلك الذي يقول فيه الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين, وأفضل الصلاة وأتم التسليم, على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
فالمعلوم عندكم أن بداية الصوم ونهايته لا تكون إلا من خلال قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته) رواه البخاري ومسلم. فالرؤية رؤية بصرية, ولا يجوز الاعتماد فيها على المراصد, وهذا ما صدرت عنه المجامع الفقهية, ولكن لا مانع من الاستعانة بها ولكن بدون اعتماد عليها, وعلى كل حال نرجو الله أن يجمع شمل هذه الأمة على الحق.
وبناء على ذلك:
فالاحتياط في العبادة أفضل, فإذا لم تثبت الرؤية البصرية عليهم أن يتموا شهر رمضان ثلاثين يوماً, وألا يعتمدوا على الأرصاد الجوية. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: رجل أفطر أكثر من شهر من شهور رمضان, فماذا يترتب عليه؟ هل عليه القضاء مع الكفارة؟ أم القضاء فقط؟ وهل عليه فدية بتأخير القضاء أم لا؟
الجواب: حصر الفقهاء الآثار المترتبة على الإفطار في أمور, منها القضاء والكفارة والفدية, والإمساك بقية النهار.
أولاً: القضاء: من أفطر يوماً أو أياماً من رمضان, أو شهراً, أو عدة شهور, قضى بعدة ما فاته, لقوله تعالى: {ومن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 185]. فمن فاته صوم رمضان كله, قضاه بالعدد, إن كان ثلاثين, قضاه ثلاثين, وإن كان تسعة وعشرين, قضاه تسعة وعشرين, ويجوز أن يقضي يوم شتاء عن يوم صيف, ويجوز عكسه.
وقضاء رمضان على التراخي لا على الفور, بشرط أن لا يهل رمضان آخر, ولا يجوز عند الجمهور تأخير قضاء رمضان إلى رمضان آخر من غير عذر, فان أخر فعليه الفدية, وهي إطعام مسكين لكل يوم مع القضاء.
وعند الحنفية يجب القضاء على التراخي, بدون شرط, وبدون فدية بتأخير القضاء لما بعد رمضان الجديد.
أما بالنسبة للكفارة, فإنها تجب على من أفطر عامداً في نهار رمضان بعد شروعه في الصيام بغير عذر ولا مرض ولا سفر, والكفارة هي: العتق ثم الصيام ثم الإطعام, لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل, فقال: يارسول الله هلكت, قال: (ما لك؟). فقال: وقعت على امرأتي وأنا صائم, فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (هل تجد رقبة تعتقها؟). قال: لا, قال: (فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين؟). قال: لا, قال: (فهل تجد إطعام ستين مسكيناً؟). قال: لا. قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم, فبينا نحن على ذلك, أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بعَرَق ـ مكيال يسع ستين مداً ـ فيها تمر, قال: (أين السائل؟). فقال: أنا, قال: (خذ هذا فتصدق به). فقال الرجل: على أفقر مني يا رسول الله, فوالله ما بين لابتيها ـ يريد الجبال التي تحيط بالمدينة ـ أهل بيت أفقر من أهل بيتي, فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه, ثم قال: (أطعمه أهلك). أخرجه البخاري.
فخصال الكفارة هي العتق أو الصيام أو الإطعام, وذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة إلى أن الكفارة مرتبة على الشكل التالي, عتق رقبة أولاً, إذا استطاع إلى ذلك سبيلاً, فإن لم يجد, فعليه صيام شهرين متتابعين, فإن عجز فعليه إطعام ستين مسكيناً.
وذهب المالكية إلى أن كفارة إفساد الصوم على التخيير, أي المكفِّر يختار واحدة من ثلاثة, إما العتق وإما الصوم وإما الإطعام. والإطعام أفضل من العتق والصوم عند المالكية.
وخلاصة الجواب:
الواجب على هذا الأخ قضاء ما فاته مع الفدية عن كل يوم إطعام مسكين, ثم الكفارة, وهي صيام شهرين, وهذا عند جمهور الفقهاء. وإذا أراد أن يقلد السادة المالكية في الكفارة بإطعام ستين مسكيناً فلا حرج. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: رجل جامع امرأته في شهر رمضان بعد السحور, فسمع الأذان وهو يجامع فأنهى جماعه مباشرة, فما حكم صيامه وصيام زوجته؟ هل أفطرا أم لا؟
الجواب: الواجب على كل مسلم ومسلمة نويا الصوم أن يكفا عن كل مفطر, من أكل وشرب وجماع إذا دخل وقت الفجر, فإذا أذن المؤذن وكان لا يؤذن إلا عند طلوع الفجر وجب على المسلم أن يمسك عن كلِّ مفطر مباشرة, فإن استمر بطعامه وشرابه أو جماعه بعد قول المؤذن الله أكبر كان مفطراً, لأنه قد فعل المفطر في جزء من النهار, والله تعالى يقول: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187]. وهذا يُعلم بطلوع الفجر الصادق.
وبناء على هذا:
يترتب عليه وعلى زوجته إذا استمر في الجماع بعد قول المؤذن الله أكبر عند طلوع الفجر, إمساك بقية اليوم حُرمة لشهر رمضان, ووجب عليهما القضاء والكفارة, وهي صيام شهرين متتابعين.
وإذا نزع بمجرد قول المؤذن الله أكبر, وصار معه الإنزال لا شيء عليه, وصومه صحيح لأنه كالاحتلام, والأحوط لكل مسلم ومسلمة أن يمسكا عن جميع المفطرات قبل الفجر بعشر دقائق على الأقل, حتى يتحقق الإمساك عند طلوع الفجر الصادق. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: رجل صائم في شهر رمضان المبارك, فقبل زوجته في النهار, فما حكم هذا الصوم؟
الجواب: إذا كان التقبيل في نهار رمضان يحرك الشهوة يكره فعله, فإن فعل فأنزل فعليه القضاء دون الكفارة عند السادة الحنفية والشافعية, أما عند السادة المالكية عليه القضاء مع الكفارة, لأن فيه تعريضاً لإفساد العبادة, وورد في الحديث الصحيح: (من يرتع حول الحمى يوشك أن يواقعه). متفق عليه. أما إذا كانت القبلة لا تحرك الشهوة فإنه لا بأس فيها عند جمهور الفقهاء.
وإذا كان بالقبلة ينتقل ريق المرأة إلى الرجل, وريق الرجل إلى المرأة, أو يتذوق كل من الزوجين طعم جلد الآخر ملوحة أو غير ذلك, فإن هذا مفطر, ويترتب على من تذوق شيئاً مما ذكر القضاء دون الكفارة ولو لم يكن إنزال. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: امرأة حامل وجسدها ضعيف ولا تقوى على صيام شهر رمضان المبارك, فما العمل؟ هل تفطر أم تصوم ولو أدى الصوم إلى ضررها والضرر بالمحمول؟
الجواب: أباح الشارع الشريف لمثل هذه المرأة الفطر, إذا كانت ضعيفة وهي حامل وتخشى على نفسها وحملها, ولا فدية عليها ولا كفارة لوجود العذر, ولكن عليها القضاء فقط بعد شهر رمضان عند استطاعتها, لقوله تعالى: {فمن كان مريضاً أو على سفر فعدة من أيام أخر} [البقرة: 184]. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى وضع عن المسافر الصوم وشطر الصلاة, وعن الحامل أو المرضع الصوم). أخرجه أبو داود. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: هل الزينة للمرأة في نهار رمضان مفطرة أم لا؟
الجواب: الزينة لا تفطر الصائم إذا وُضعت على الجسم ولم تدخل إلى الجوف, أما إذا كان طعم الزينة تتذوقه المرأة مثل ـ أحمر شفاه ـ فهذا مفطر, ويجب على المرأة القضاء دون الكفارة.
والأولى في حق المرأة المسلمة أن لا تفعل ذلك, لأنه داعٍ إلى الإثارة, والصائم في عبادة, وينبغي لـه أن يجتنب كل ما يثير الشهوة, لذلك كره لها التطيب, وكذلك يكره الطيب للرجل أثناء صومه. فالأولى للمرأة المسلمة الابتعاد عن المساحيق أثناء صومها, وعندها الليل واسع للتجمل والتزين لزوجها. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: هل التحميلة الشرجية تفطر الصائم؟
الجواب: التحميلة الشرجية تفطر الصائم عند جمهور أهل العلم, لأنها عين تدخل إلى الجوف من منفذ مفتوح. وقد أخرج البيهقي من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال: (إنما الوضوء مما يخرج وليس مما يدخل, وإنما الفطر مما دخل وليس مما يخرج). هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: متى يجب على الصائم أن يمسك عن الطعام والشراب عند وقت الإمساك أم عند أذان الفجر؟
الجواب: إن الأكل والشرب في ليلة الصيام مباح إلى طلوع الفجر, لقوله تعالى: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: 187]. ولقوله صلى الله عليه وسلم: (كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم, فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر). رواه البخاري.
فأفاد ذلك أن غاية إباحة الأكل والشرب هي طلوع الفجر, وهو الفجر الصادق, فيحل لـه أن يأكل ويشرب إلى قبيل طلوعه بأيسر زمن, ويحرم عليه الأكل والشرب إذا طلع الفجر.
فإذا أكل وشرب على ظن عدم طلوعه, ثم ظهر أنه كان قد طلع فسد صومه, وعليه القضاء دون الكفارة, وأن يمسك بقية نهاره. أما إذا أكل وشرب مع يقينه بطلوع الفجر فعليه القضاء مع الكفارة ويمسك بقية يومه.
ويستحب تأخير السحور بحيث يكون بين الفراغ منه وبين طلوع الفجر مقدار قراءة خمسين آية من القرآن الكريم, كما ورد في حديث زيد بن ثابت رضي الله عنه قال: تسحرنا مع النبي صلى الله عليه وسلم ثم قام إلى الصلاة, وكان بين الأذان والسحور قدر خمسين آية. وهذا متفق عليه ينبغي العمل به, وعدم العدول عنه لكونه أفضل وأحوط.
ومنه يُعلم: أن الإمساك لا يجب إلا قبل طلوع الفجر, وأن المستحب أن يكون بينه وبين طلوع الفجر قدر قراءة خمسين آية, ويقدر ذلك زماناً بعشر دقائق. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: رجل صائم وفي لثته مرض, والدم يخرج منها فما حكم صيامه, إذا ابتلع شيئاً من دم لثته عن غير قصد؟
الجواب: عند السادة الحنفية رضي الله عنهم: إذا دميت لثته فدخل ريقُه حلقَه مخلوطاً بالدم ولم يصل إلى جوفه لا يفطر وإن كان الدم غالباً على الريق, لأنه لا يمكن الاحتراز منه, أما لو وصل إلى جوفه فإن كان الدم غالباً فسد صومه, وعليه القضاء دون الكفارة, وإن كان البصاق غالباً فلا شيء عليه, وإن تساويا فالأحوط قضاء اليوم.
ومذهب السادة الشافعية: الإفطار بابتلاع الريق المختلط بالدم, لتغير الريق, والدم نجس لا يجوز ابتلاعه, وإذا تحقق أنه لم يبتلع الدم لا يفطر, لأن الريق الذي لم تخالطه النجاسة لا يفطر الصائم. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: ما هو حكم الاستياك للصائم؟
الجواب: عند جمهور الفقهاء لا بأس بالاستياك بالسواك اليابس أوّلَ النهار, ويكره عند الحنفية والشافعية بعد الزوال, وعند غيرهم لا كراهة فيه بل هو سنة, لحديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من خير خصال الصائم السواك). أخرجه ابن ماجه. ولقول عامر بن ربيعة رضي الله عنه: (رأيت النبي صلى الله عليه وسلم مالا أحصي, يتسوك وهو صائم). رواه الترمذي.
فمن أراد استخدام السواك وهو صائم فلا حرج إن شاء الله تعالى بشرط أن يحترز عن ابتلاع شيء منه أو من رطوبته, وأن يترك الاستياك بعد الزوال خروجا ًمن الخلاف, ولقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: (خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك). أخرجه البخاري. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: ما هو حكم الاكتحال للمرأة وهي صائمة؟
الجواب: لا يكره الاكتحال للصائم, بل هو جائز, ولا يفطر به الصائم ولو وجد طعمه في حلقه, لأن العين ليست بجوف, ولا منفذَ منها إلى الحلق, بدليل حديث السيدة عائشة رضي الله عنها قالت: (اكتحل رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو صائم). أخرجه ابن ماجه.
وعن أنس رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقـال: اشتكيت عيني, أفأكتحل وأنا صائم؟ قال النبي صلى الله عليه وسلم: (نعم). أخرجه الترمذي. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: هل صحيح أنه من أصبح جنباً يجب عليه أن يفطر لأنه لا صوم لـه, لما أخرجه الشيخان عن أبي هريرة رضي الله عنه عنه, أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أصبح جنباً فلا صوم له)؟
الجواب: أولاً: الحديث رواه البخاري بهذا المعنى, وأخرجه النسائي بلفظ: (من أدركه الصبح وهو جنب فلا يصم).
ثانياً: هذا الحديث منسوخ, وإن لم يُقَل بنسخه فهو إرشاد إلى الأفضل والأكمل, لأنه يستحب أن يغتسل قبل الفجر, ليكون على طهارة من أول الصوم.
ثالثاً: استقر الإجماع على أن الصائم إذا نام فاحتلم لا يفسد صومه, بل يتمه إجماعاً, إذا لم يفعل شيئاً يحرم عليه, ويجب عليه الاغتسال. وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ثلاث لا يفطرن الصائم: الحجامة والقيء والاحتلام). أخرجه الترمذي.
رابعاً: من أجنب ليلاً ثم أصبح صائماً فصومه صحيح, ولا قضاء عليه عند جمهور الفقهاء, وإن بقي جنباً كل اليوم, ولكنه يكون آثماً لتركه الصلاة.
عن السيدة عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما قالتا: (نشهد على رسول الله صلى الله عليه وسلم إنْ كان ليصبح جنباً من غير احتلام, ثم يغتسل, ثم يصوم). متفق عليه. وفي صحيح البخاري (أن رسول صلى الله عليه وسلم كان يدركه الفجر, وهو جنب من أهله, ثم يغتسل ويصوم).
عُلم من ذلك: أن الإجماع على أن من أصبح جنباً باحتلام أو جماع وهو صائم فصومه صحيح ولا شيء عليه, والحديث إما منسوخ, وإما محمول على الإرشاد لما هو أفضل. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: متى يجوز للإنسان المسافر الفطر في شهر رمضان؟
الجواب: يشترط في السفر المرخص في الفطر ما يلي:
أولاً: أن يكون السفر طويلاً مما تقصر فيه الصلاة, أي ما يزيد على /81/ كم.
ثانياً: أن لا يعزم المسافر الإقامة في البلد التي يسافر إليها.
ثالثاً: أن لا يكون سفره في معصية بل في غرض صحيح.
أما وقت جواز الفطر للمسافر فله ثلاثة أحوال:
الأولى: أن يبدأ السفر قبل الفجر, أو يطلع عليه الفجر وهو مسافر وينوي الفطر, فهذا يجوز له الفطر إجماعاً.
الثانية: أن يبدأ السفر بعد الفجر, بأن يطلع الفجر وهو مقيم ببلده, ثم يسافر بعد طلوع الفجر, أو خلال النهار, فإنه لا يحل لـه الفطر بعدما أصبح صائماً, ويجب عليه إتمام ذلك اليوم.
ولا كفارة عليه إن أفطر في سفره عند الحنفية, ويحرم عليه الفطر عند الشافعية, وعليه القضاء دون الكفارة إن أفطر.
الثالثة: أن يفطر قبل مغادرة بلده, منع ذلك الجمهور, لأنه مقيم لم يشرع في السفر, وشاهد لرمضان, وقد قال تعالى: {فمن شهد منكم الشهر فليصمه} [البقرة: 185]. فلا يكون مسافراً إلا بخروجه من البلد, لذلك له أحكام المقيمين الحاضرين فلا يجوز له أن يفطر. فإن أفطر قبل الشروع في السفر, ثم سافر, اختلف الفقهاء في وجوب الكفارة, وعند الحنفية لا كفارة عليه. هذا, والله تعالى أعلم.
سؤال: أيهما أفضل للمؤمن الفطر في رمضان أم الصوم لمن كان مسافراً ولم ينو الإقامة؟
الجواب: ذهب الأئمة الأربعة, وجماهير الصحابة والتابعين إلى أن الصوم في السفر جائز صحيح منعقد, وإذا صام وقع صيامه وأجزأه.
ولكن اختلفوا في أيهما أفضل, الصوم أم الفطر؟ أم هما متساويان؟
فذهب الحنفية والشافعية: إلى أن الصوم أفضل, بل هو مندوب. وقال الإمام الغزالي رحمه الله تعالى: والصوم أحب من الفطر في السفر لتبرئة الذمة إلا إذا كان يتضرر به, لقولـه تعالى: {وأن تصوموا خير لكم إن كنتم تعلمون} [البقرة: 184]. فالصوم عزيمة والإفطار رخصة, ولا شك أن العزيمة أفضل.
ومذهب الحنابلة: أن الفطر في السفر أفضل, لحديث (ليس من البر الصوم في %