سيدي محمد بن قدّور الوكيلي
سيدي محمد بن قدّور الوكيلي الكركري
هو العارف بالله, الحامل لكتاب الله, المنقطع إلى الله, شريف النسب من بني "أوكيل" بضواحي الناضور, سيدي محمد بن أحمد بن العربي بن المختار بن محمد, أما "بن قدّور" فكان لقبه.
تعلم القراءة و الكتابة أيام شبابه ثم حفظ القرآن على يد فقيه من أهل البركة و الصلاح بقبائل القليعة, فكان هذا الأخير يكتب لسيدي محمد بن قدّور القرآن في اللوح و يرسم له في الأخير إسم الجلالة "الله" و يقول له: "إذا حفظت ما في اللوح فغمّض عينيك و قل "الله" بالتكرار", فكان يفعل ما أمره شيخه حتى نزل به حال مرة و غشي عليه, فأتاه الفقيه فوجده ملقى على الأرض غائباً فحركه فلم يتحرك فظن أنه ميت فخاف على نفسه و هرب من ذلك المسجد, فلما أفاق سيدي محمد بن قدّور, خرج هائماً على وجهه إلى أن دخل الجزائر فالتقى برجل من أهل الله فقال لسيدي محمد بن قدّور: " لولا جدّك المصطفى لما قلت لك شيئاً و أنا رجل عقيم, و لكن حاجتك عند القطب سيدي محمد بن عبد القادر الباشا في الغرب ببلاد "الخرّوب", فرجع قافلا إلى المغرب و اتصل بالشيخ المذكور و تجرّد لخدمته فحسده بعض أقارب الشيخ, فأمره شيخه بالذهاب خوفا عليه, فغادر زاويته و قصد محلة تحت الجبل غير بعيدة عن الزاوية ليبقى قريبا من شيخه فقد كان يعّز عليه مفارقته, فكان يختفي عن الأنظار بالنهار و يأتي بالليل الكلأ لمواشي دواب الشيخ و كان إذا غلبه الجوع يأكل الحلزون و بقي على ذلك مدّة من الزمن.
ثم ذات ليله رآه بعض أقارب الشيخ يتحرك بين المواشي و الدواب, فظن أنه سارق, فأخبر الشيخ, فترقب الشيخ محمد الباشا مجيئه في الليلة الموالية فرآه و ناداه و قال: "من هذا؟" فرّد عليه: " أنا ابن قدّور" فاستدعاه و جلس بجانبه و تحادثا, ثم دخلت عليهم خادمة و قالت للشيخ الباشا:" يا سيدي, لم أجد الآنية التي نخبز عليها عادة الخبز", فلما سمع سيدي ابن قدّور كلامها ذهب إلى أحد أسواق القليعة و اشترى آنية و هي عادة مصنوعة من اللوح و ثقيلة شيئا ما, فحملها على ظهره ماشيا إلى بلد الخروب قاطعاً بها مسافة طويلة و وضعها أمام شيخه فسأله: " من أين جئت بها؟", فرّد عليه: "من أسواق القليعة", فتعجب الشيخ من هذا الشاب الصابر الذي يطلب بذلك رضا شيخه, فأمره بالرجوع إلى بلدته لنشر الطريق و قال له: "إذهب إلى بلدك و لك الإذن و لكن كن كريما, و احذر إخوانك الشرفاء الحسدة".
فقصد راجعا إلى بلده بني "أوكيل", فتزوج و استقّل بالدعوة إلى الله و الدلالة و تلقين الأوراد فكثر أتباعه و مريدوه, فحسده إخوانه الشرفاء و دسّوا عليه من يقتله, و ذات يوم, بينما هو بعيد عن العمران في الجبل, إذ برجل قادم عليه و بيده سكين ينوي قتله, فجعل سيدي ابن قدّور يعظه و يخّوفه من عقاب الله, فلم يرجع الرجل, و قصده شاهر عليه السكين فبادره سيدي ابن قدّور فرماه برصاصة من بندقيته فقتله, ثم نزل إلى داره و هاجر بأهله و أولاده من حينه و نزل جبل "عين زورا" و حفر فيه كهفين, اتخذ أحدهما مسكنا و الثاني لتعليم الأطفال القرآن و الاجتماع على ذكر الله, فاجتمع عليه الفقراء, فاشتهر بعد ذلك أمره و داع بين القبائل ذكره, فجاءته جماعة من قبيلة بني "أويحيى" الذين كانوا قد سبق لهم الإنتساب إليه و ذهبوا به إلى بلدهم ليلاً, و لما وصلوا إلى جبل "كركر" قال لهم:" هذا هو المستقر إن شاء الله", فنزل هناك و بنى زاوية حوالي 1844 م / 1260 هـ و صار يدعو إلى الله و يلقن الإسم الأعظم لمن يريده, فانتفع به خلائق لا يحصون كثرة و تخرج على يده رجال و مشايخ كثرة و بقي على حاله إلى أن توفي رضي الله تعالى عنه حوالي 1884 م / 1301 هـ و دفن بزاويته التي لا تزال قائمة بجبل "كركر" الذي اشتق الناس منه لقب الكركري للشيخ محمد بن قدّور.
المصدر
كتاب ذوي النهي و البصائر بتراجم الشيخ العلاوي و شيوخه و بعض خلفائه الأكابر, لعبد ربه البوزيدي الناضوري
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
التعديل الأخير تم بواسطة عبدالقادر حمود ; 05-01-2011 الساعة 10:00 PM