أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعملت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت           
العودة   منتدى الإحسان > الشريعة الغراء > الفقه والعبادات

الفقه والعبادات كل ما يختص بفروع الفقه الإسلامي والمذاهب الفقهية الأربعة والفتاوي الفقهية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 02-25-2013
  #21
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الباب الثاني : الأذان والإقامة
معنى الأذان معنى الإقامة

- تعريف الأذان
لغة : الإعلام . بدليل قوله تعالى : { وأذان من الله ورسوله } ( التوبة : 3 ) أي إعلام من الله ورسوله . وقوله تعالى : { وأذن في الناس بالحج } ( الحج : 27 ) أي أعلمهم
شرعا : ذكر مخصوص يعلم به دخول وقت الصلاة المفروضة
وكلمات الأذان جامعة لعقيدة الإيمان فأولها إثبات لذات الله تعالى وما تستحقه من الكمال ثم الشهادة بالوحدانية له تعالى وبالرسالة لسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ثم الدعاء إلى الصلاة ثم الدعاء إلى الفلاح ( الفلاح : الفوز والظفر ) بمعنى أن الإقبال على الصلاة سبب الفلاح

- تعريف الإقامة :
لغة : مصدر أقام
شرعا : ذكر مخصوص لاستنهاض الحاضرين للصلاة

دليلهما :

- قوله تعالى : { وإذا ناديتم إلى الصلاة . . . } ( المائدة : 58 ) وحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم وفيه : ( إذا حضت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 17 / 602 )

سبب مشروعيتهما وصيغة كل منهما :

- أما سبب المشروعية وما يقال في كل منهما فمنفصل فيما رواه عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه قال : " لما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت : يا عبد الله أتبيع الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ فقلت : ندعو به إلى الصلاة . قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت له : بلى . قال : فقال تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله . قال : ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال : وتقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله . فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما رأيت فقال الرسول صلى الله عليه و سلم : ( إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك ) فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به فسمع ذلك عمر - رضي الله عنه - وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول : والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى فقال الرسول صلى الله عليه و سلم ( فلله الحمد ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 28 / 499 )


حكم الأذان والإقامة :

- هما سنتان مؤكدتان على الكفاية لأداء الفرائض عند جمهور العلماء بحيث يظهر الشعار ولا تحصل السنة بالأذان ما لم ينتشر في جميع البلد حتى إذا كانت كبيرة أذن في كل جانب . وتسن لجماعة النساء والمنفردة منهن والخنثى والإقامة دون الأذان لأن الأذان يرفع فيه الصوت وقد يؤدي رفع صوت الأنثى إلى فتنة . أما الإقامة فلا تستلزم رفع الصوت إلا بقدر ما تسمع المرأة نفسها أو جماعة المصليات المقتديات بها فإذا رفعت صوتها أكثر من ذل كره وإن خشيت الفتنة بسماع صوتها حرم
والأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس المكتوبة دون ما سواهن . أما الصلوات النافلة التي تطلب فيها الجماعة مثل صلاة العيدين والتراويح والوتر في رمضان والاستسقاء فينادي فيها : الصلاة جامعة . وفي صلاة الجنازة إذا احتيج للمناداة يقال : الصلاة على من حضر من أموات المسلمين ويسن الأذان والإقامة للرجل ولو منفردا ولو سمع الأذان وللحاضرة والفائتة فإذا جمعت الفوائت أو جمعت الحاضرة جمع تقديم أو تأخير كفى أذان واحد للأولى أما الإقامة فتسن لكل فرض صلاة ولو كانت الفرائض من نوع واحد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه و سلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء " ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 132 / 179 )


شروط الأذان والإقامة :


1 - دخول الوقت : فلا يصح الأذان قبل دخوله لأنه يراد للإعلام بالوقت فلا يجوز قبله باستثناء أذان الصبح فيجوز من نصف الليل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان 11 / 592 ) . ولأن الصبح يدخل وقتها والناس نيام وفيهم الجنب والمحدث فاحتيج إلى تقديم الأذان ليتأهب للصلاة
أما الإقامة فلا بد فيها من إرادة الدخول في الصلاة إضافة لدخول الوقت


2 - أن يكونا بالعربية إن كان هناك من يحسنها واستثني أذان الأعجمي لنفسه بالعجمية إن جهل العربية حتى يتعلمها
3 - الموالاة والترتيب : فلا يعتد بالأذن غير المتوالي إلا إن قصر الفصل ولا بغير المرتب لأنه إذا نكسه لا يعلم السامع أن ذلك أذان
4 - يجب أن يسمع نفسه إن كان منفردا أو يسمع بعض الجماعة إن كان في جماعة فإن أسر بالأذان لم يعتد به

شروط المؤذن :

1 - الإسلام والعقل : فلا يصح أذان الكافر أو المرتد أو المجنون لأنهم ليسوا من أهل العبادات

2 - التمييز
3 - الذكورة إلا في جماعة نسوة فإذا أذنت امرأة للرجال لم يعتد بأذانها لأنه لا تصح إمامتها للرجال فلا يصح تأذينها لهم
4 - أن يكون عارفا بالمواقيت إن كان مولى ( موكلا به بشكل دائم ) ومرتبا للأذان


ما يسن في الأذان والإقامة :

1 - أن يكون المؤذن حرا بالغا لحدث ابن عباس رضي الله عنهما المرفوع ( ليؤذن لكم خياركم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 726 )
- 2 - أن يكون المؤذن صيتا ( الصيت : شديد الصوت ورفيعه ) لأن النبي صلى الله عليه و سلم اختار أب محذورة لصوته ( البيهقي ج 1 ص 393 عن عبد الله بن محيريز رضي الله عنه ) ولأنه أبلغ في الإعلام وأن يكون حسن الصوت لأنه أبعث على الإجابة بدليل الحديث المتقدم ( فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك ) ويستحب في الأذان إن كان يؤذن للجماعة أن يرفع صوته ما أمكنه بحيث لا يلحقه ضرر لما روى عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه أن أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له : " إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة . قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 584 )
- 3 - أن يكون عالما بأوقات الصلاة عدلا صالحا لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 726 ) ولأنه أمين على المواقيت ولأنه يؤذن على موضع عال فإن لم يكن أمينا لم يؤمن أن ينظر إلى العورات
- 4 - أن يكون المؤذن متطوعا لحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه : " قلت يا رسول الله اجعلني إمام قومي . فقال : ( أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ) " ( النسائي ج 2 / ص 32 ، والأمر هنا محمول على الندب )
- 5 - أن يكون على طهارة لأن الأذن ذكر وهو متصل بالصلاة فيستحب أن يكون على طهارة ولحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : ( لا يؤذن إلا متوضئ ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 147 / 200 )
- 6 - أن يكون قرب المسجد على موضع عال لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال :
كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم مؤذنان : بلال وابن أم مكتوم الأعمى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) قال : ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا
( مسلم ج 1 / كتاب الصوم باب 8 / 38 ) ولأنه أبلغ في الإعلام
- 7 - أن يؤذن قائما لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( يا بلال قم فناد بالصلاة ) ( مسلم
ج 1 كتاب الصلاة باب 1 / 1 )
- 8 - أن يكون متوجها إلى القبلة فإذا بلغ الحيعلتين التفت عن يمينه فقال : " حي على الصلاة حي على الصلاة " ثم عن يساره فقال : " حي على الفلاح حي على الفلاح " من غير أن يحول صدره عن القبلة ولا قدميه عن مكانهما لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه : " رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه هنا وهنا وإصبعاه في أذنيه " ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 144 / 197 )
أما إن كان في منارة فله أن يستدير فيها إن لم يتم الإعلام بتحويل الوجه مع ثبات قدميه
- 9 - أن يجعل إصبعيه في أذنيه في الأذان دون الإقامة لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه المتقدم ولأنه أرفع لصوته
- 10 - أن يجمع كل تكبيرتين بنفس لأنه خفيف وأن يفتح الراء في الأولى ويسكنها في الثانية - الله أكبر الله أكبر - أما باقي الأذان فيفرد كل جملة بصوت وفي الإقامة يجمع كل جملتين بصوت
- 11 - أن يترسل ( والترسل هو الترتيل والتمهل في القراءة بسكتة لطيفة بين كل جملتين منه إلا في التكبير الأول فإن السكتة تكون بعد التكبيرتين ) في الأذان ويدرج ( إدراج الإقامة معناه أن يصل بعضها ببعض بلا ترسل ) والإقامة لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لبلال رضي الله عنه : ( يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك وإذا أقمت فاحدر ( حدر : أسرع ) واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر ( كناية عن قاضي الحاجة ) إذا دخل لقضاء حاجته ولا تقوموا حتى تروني ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 143 / 195 ، وقد ضعفه هذا وقد قال صاحب سبل السلام بعد أن أورد روايات عدة لهذا الحديث قال : . . . وكلها واهية إلا أن يقويها المعنى الذي شرع له الأذان فإنه نداء لغير الحاضرين ليحضروا للصلاة فلا بد من تقدير وقت يتسع للذاهب للصلاة وحضورها وإلا ضاعت فائدة النداء السبل ج 1 / ص 197 )
- 12 - الترجيع في الأذان : وهو إسرار كلمتي الشهادة قبل الجهر بهما بحيث يسمع من في المسجد أو من في قربه عرفا ثم يجهر
- 13 - التثويب في أذاني الصبح أداء صلاها أم قضاء أي يقول بعد الحيعلتين : " الصلاة خير من النوم " روى النسائي عن أبي محذورة رضي الله عنه قال : " كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم وكنت أقول في أذان الفجر الأول : حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله " ( النسائي ج 2 / ص 14 )
- 14 - أن يقول المؤذن في الليلة المطيرة أو ذات الريح أو الظلمة بعد الأذان أو الحيعلتين : ألا صلوا في الرحال ( الرحال : جمع رحل وهو مركب للبعير أو المسكن ) لما روى نافع قال : " أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان ثم قال : صلوا في رحالكم . فأخرنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول إثره : ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان 18 / 606 . وضجنان : جبل بناحية تهامة على بريد من مكة )
- 15 - ترك المشي أثناء الأذان وترك الكلام - حتى رد السلام وتشميت العاطس - إلى أن يفرغ . فلو عطس حمد الله بقلبه ثم بنى
- 16 - أن يقعد بين الأذن والإقامة ينتظر الجماعة لأنه إذا وصلهما فات الناس الجماعة فلم يحصل المقصود بالأذان
- 17 - ألا يكتفي أهل المساجد المتقاربة بعضهم بأذان بعض بل يؤذن في كل مسجد واحد
- 18 - أن تكون الإقامة في غير موضع الأذان لما في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه المتقدم بعد أن ذكر الأذان : " ثم استأخر غير بعيد ثم قال : وتقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر . . . "
وأن تكون بصوت أخفض مما في الأذان ويسن الالتفات في الحيعلتين

ما يسن قوله لسامع الأذان ولمستمعه وللمؤذن والمقيم :
- ما يسن قوله لسامع ( السامع : من سمع عرضا من غير قصد ) الأذان ولمستمعه ( المستمع : من تقصد السماع ) وللمؤذن والمقيم :
- 1 - يسن للسامع أو المستمع أن يقول مثل ما يقول المؤذن أو المقيم إلا في الحيعلتين فيقول : عقب كل منهما : " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " لما روي عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال : أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله قال : أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال : حي على الصلاة قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 7 / 12 )
وعقب التثويب يقول : صدقت وبررت وعقب كلمة الإقامة : أقامها الله وأدامها لما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : " أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال : قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أقامها الله وأدامها ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 37 / 528 ) ويستحب أن يقطع السامع قراءة القرآن لإجابة المؤذن وكذلك كل قراءة أخرى أو علم أو ذكر لأن الذكر وغيره لا يفوت والأذان يفوت إلا المصلي فلا يجيب حتى يفرغ من صلاته . وكذلك يستحب للسامع المجامع أو الذي يقضي حاجة الإجابة بعد الفراغ ما لم يطل الفصل
ومن سمع مؤذنا بعد مؤذن استحب له أن يتبع الأول ولا يستحب تكرار المتابعة
- 2 - ويسن للسامع والمستمع وللمؤذن والمقيم أن يصلوا ويسلموا على النبي صلى الله عليه و سلم بعد الفراغ من الأذان والإقامة . وأن يسألوا الله تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم الوسيلة بعد الصلاة عليه ويكون هذا بعد الأذان دون الإقامة لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا . ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 7 / 11 ) وروى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من قال حين يسمع النداء : الله رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 8 / 589 )
- 3 - ويسن أيضا لهم جميعا الدعاء بين الأذان والإقامة لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 158 / 212 ) ويسن لهم الدعاء عند أذان المغرب لما روي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أقول عند أذان المغرب : ( اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهار وأصوات دعاتك فاغفر لي ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 39 / 530 )

ما يكره في الأذان :

- 1 - التمطيط والبغي ( البغي : رفع الصوت ومجاوزة الحد محاكاة لكلام الجبابرة والمتكبرين والمتفيقهين وقيل : هو التطريب )
- 2 - الكلام اليسير
- 3 - أو يؤذن قاعدا أو راكبا إلا المسافر الراكب
- 4 - أن يكون المؤذن فاسقا
- 5 - أن يكون المؤذن صبيا ( والصبي من كان بين التمييز والبلوغ ) لأن فيه تغريرا فإنه يخاف غلطه
- 6 - أن يكون المؤذن جنبا أو محدثا أما إن كان أحدث أثناء الأذان فيتمه ولو قطعه وتطهر ثم عاد بنى على أذانه إن قصر الفصل والأحب الاستئناف
- 7 - أن يكون المؤذن أعمى لأنه ربما غلط في الوقت فإن كان معه بصير لم يكره لأن ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان يؤذن مع بلال رضي الله عنه
ويكره لمن سمع الأذان لخروجه من المسجد بعد الأذان قبل أن يصلي إلا لعذر

الباب الثالث : صفة الصلاة

الفصل الأول : أركان الصلاة

- فرائض الصلاة ثلاث عشرة خمس منها قولية وثمان فعلية
فالخمس القولية هي : تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والتشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعده والتسليمة الأولى
وأما الثماني الفعلية فهي : النية والقيام في الفرض للقادر عليه والركوع والاعتدال من الركوع والسجود الأول والثاني والجلوس بين السجدتين والجلوس الأخير والترتيب
الأول - النية :
- تعريفها :
- هي قصد الشيء مقترنا بفعله فإن تراخى سمي عزما . ومحلها القلب ويسن لفظها باللسان
دليل فرضيتها :
ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى ) ( مسلم ج 3 / كتاب الإمارة باب 45 / 155 ) ولأن الصلاة قربة محضة طريقها الأفعال فلم تصح بغير نية . وأجمع العلماء على أن الصلاة لا تصح إلا بالنية فمن تركها عمدا أو سهوا لم يكن داخلا في الصلاة
شروطها :
آ - في الصلاة المفروضة ( سواء كانت إحدى الخمس المكتوبة أو كانت فرض كفاية كصلاة الجنازة أو الصلاة الفائتة أو المعادة أو المنذورة . )
- 1 - قصد فعل الصلاة
- 2 - تعيينها لتتميز عن غيرها
- 3 - نية الفرضية فإذا أطلق دون أن ينوي الفرضية وقعت الصلاة نفلا . ولا تجب نية الفرضية في صلاة الصبي لأن صلاة الصبي نافلة كلها
ومن المستحبات زيادة قولنا لله تعالى ونية استقبلا القبلة وذكر عدد الركعات فإذا أخطأ بذكر عدد الركعات كأن قال في الظهر ثلاثا أو خمسا لم تنعقد الصلاة لتقصيره أما إن جهل الوقت فقال أداء أو قضاء صلاته . وفي القضاء يكفي التعيين - ظهر عصر . . . - دون ذكر السنة والشهر واليوم الذي فاتته فيه الصلاة
ب - في الصلاة النافلة ( بكل أنواعها سواء كانت ذات سبب أو ذات وقت كالعيدين أو الضحى أو الأوابين أو راتبة أي تابعة للفرائض ويستثنى من ذلك النفل المطلق ) 1 - قصد فعل الصلاة
- 2 - تعيينها : راتبة أو ذات وقت أو ذات سبب وفي الراتبة يجب تعيين القبلية والبعدية وفي الصلاة ذات السبب التي تتداخل مع الصلوات الأخرى وهي سنة تحية المسجد وسنة الوضوء لا يشترط التعيين وإنما يسن ( فيقول مثلا : نويت أن أصلي ركعتين سنة العصر مع سنة تحية المسجد ) إذا تداخلت أما إذا صليت مستقلة فلا بد من التعيين
ج - في النفل المطلق : تكفي نية فعل الصلاة

الثاني - تكبيرة الإحرام :

- وسميت بتكبيرة الإحرام لأنها تحرم ما كان محللا قبلها كالأكل والشرب
دليل فرضيتها :
قول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس . إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7 / 33 ) ففي الحديث قرن صلى الله عليه و سلم التكبير بالقراءة فدل على أنه مثلها في الركنية ومن تركها عامدا أو ناسيا لم يكن داخلا في الصلاة
لفظها :
- 2 - وتكون بلفظ الله أكبر على التعيين لحديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الطهارة باب 31 / 61 ) ولما ورد في حديث المسيء صلاته ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 39 / 760 . وحديث المسيء صلاته هذا حديث هام لما اشتمل عليه من أحكام كثيرة في شأن الصلاة نسجله هنا بتمامه لأنه سيتكرر الاستشهاد به في كثير من أركان الصلاة . رواه الشيخان وهو بلفظ البخاري كما يلي : عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فرد النبي عليه السلام فقال : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) فصلى ثم جاء فسلم على النبي فقال : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) ثلاثا فقال : والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره فعلمني . قال : ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) "
شروط صحتها :
- 1 - أن تكون بالعربية للقادر عليها وإلا قالها بأية لغة شاء فإذا اتسع الوقت لزمه أن يتعلم فإن لم يتعلم وكبر بلسانه بطلت صلاته لأنه ترك اللفظ مع القدرة عليه
- 2 - أن تكون بلفظ ( الله أكبر ) لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدخل به في الصلاة وهو القائل في الحديث الذي رواه مالك بن الحويرث رضي الله عنه : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 18 / 605 ) فلا تصح بغير لفظ الجلالة كأن يقول : ( الرحمن أكبر )
- 3 - تقديم الجلالة على أكبر فلا يصح أن يقول ( أكبر الله )
- 4 - عدم مد همزة الجلالة
- 5 - عدم مد باء الأكبر
- 6 - عدم تشديد الباء
- 7 - عدم زيادة واو بين الجلالة وأكبر
- 8 - عدم الفصل بين الكلمتين بوقفة طويلة . أما التخلل اليسير فلا يضر ولا يضر الفصل بينهما بأل التعريف أو بوصف الله تعالى بشرط ألا نزيد على وصفين والأفضل عدم وجود الفاصل أصلا
- 9 - أن يسمع نفسه جميع حروفها سواء كان إماما أو منفردا
- 10 - إيقاعها حال استقبال القبلة وتأخيرها عن تكبيرة الإمام إذا كان المصلي في جماعة
- 11 - أن يكبر للإحرام قائما في الفرض فإن وقع منه حرف في غير القيام لمن ينعقد فرضا وإنما انعقد نفلا وكذا المسبوق الذي يدرك الإمام راكعا يجب أن تكون تكبيرة الإحرام بجميع حروفها في حال قيامه . أما إذا كان لا يستطيع القيام وصلى الفرض قاعدا فيكبر قاعدا أيضا
- 12 - أن تقترن النية بابتداء التكبير وتستحضر إلى انقضائه

الثالث - القيام :

- وهو متعين في المفروضة مكتوبة كانت أو منذورة وسواء كانت المكتوبة أداء أو قضاء أو معادة أو جنازة ويشترط فيه الانتصاب والمعتبر في هذا الانتصاب نصب فقار الظهر فليس للقادر أن يقف مائلا إلى أحد جانبيه زائلا عن سنن القيام ولا أن يقف منحنيا في حد الراكعين حتى لو لم يبلغ انحناؤه حد أقل الركوع بل كان إليه أقرب فصلاته باطلة . أما الرقبة فحنيها قليلا بمقدار ما ينظر إلى مكان سجوده مستحب ولعله يكره أن يزيد على ذلك أو هو خلاف الأولى والواجب من القيام قدر قراءة الفاتحة . والدليل على ركنية القيام قوله تعالى : { وقوموا لله قانتين } ( البقرة : 238 ) وما روى عمران بن الحصين رضي الله عنه قال : " كانت بي بواسير فسأتل النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة فقال : ( صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ) " ( البخاري ج 1 / كتاب تقصير الصلاة باب 19 / 1066 ) الحديث يدل على أن القيام واجب حين القدرة عليه فإن عجز عن القيام لمرض مثلا أو خوف الغرق أو السقوط من الدوار في السفينة أو غيرها صلى قاعدا ولا إعادة عليه وكذا لو اضطر إلى القعود لحالة مرضية كالمصاب بسلس البول بحيث لو قام سال بوله وإذا قعد لم يسل صلى من قعود ولا إعادة عليه وكذا في حال الخوف على المسلمين فلو جلس الغزاة في مكمن وصلوا قعودا خوفا من قصد العدو لهم لم تجب عليهم الإعادة . ويكون القعود كيف شاء لأن حديث عمران رضي الله عنه المتقدم أطلق القعود عن كل صفة ولكن يكره أن يقعد مادا رجليه إلا لمرض فإن عجز عن القعود اضطجع على جنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة وإلا فعلى شقه الأيسر فإن عجز عن الاضطجاع صلى مستلقيا رافعا رأسه بوسادة أو نحوها ليستقبل القبلة بوجهه وبمقدم بدنه ويومئ برأسه لركوعه وسجوده ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وجوبا . فإن عجز عن ذلك أتى بما عليه ولو بإيماء الحاجبين فإن عجز أجرى أفعال الصلاة والقرآن على قلبه وجوبا في الواجب ( من أفعال الصلاة والقرآن ) وندبا في المندوب
ولا تسقط الصلاة عنه ما دام يعقل لأنه مخاطب بالصلاة لوجود العقل والإدراك فيؤدي ما في وسعه أداؤه لقوله صلى الله عليه و سلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه : ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) ( البخاري ج 6 / كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب 2 / 6858 )
ولا يشترط الاستقلال في القيام فلو قام مستندا إلى جدار أو إنسان أو اعتمد على عصا بلا حاجة بحيث لو رفع السناد سقط صحت صلاته مع الكراهة لأنه يسمى قائما
ولو توقف القيام على معين ثم إذا وقف لا يتأذى بالقيام فإنه يجب عليه الاستعانة بالمعين ولو بأجرة فاضلة عن مؤنته ومؤنة من تلزمه نفقته يومه وليلته هذا إن احتاج إلى المعين في ابتداء كل ركعة فقط أما لو احتاجه في الدوام فلا يجب ويصلي من قعود بخلاف العكازة فإنها تجب وإن احتاجها في الدوام أيضا وذلك للمشقة في المعين وعدم المشقة في العكازة ولو تمكن المريض من القيام في جميع الصلاة منفردا بلا مشقة ولم يمكنه ذلك مع الجماعة إلا بالقعود في بعضها ففي هذه الحال يفضل الانفراد لكن تصح مع الجماعة وإن قعد في بعضها
فأما العاجز كمن تقوس ظهره لزمانة ( الزمانة : العاهة ) أو كبر حتى صار في حد الراكعين فيلزمه القيام فإذا أراد الركوع زاد في الانحناء ما قدر عليه
ولو عجز عن الركوع والسجود دون القيام لعلة بظهره مثلا لزمه القيام ويأتي بالركوع والسجود بحسب الطاقة فيحني صلبه قدر الإمكان فإن لم يطق حنى رقبته ورأسه فإذا احتاج فيه إلى شيء يعتمد عليه أو ليميل إلى جنبه لزمه ذلك . فإن لم يطق الانحناء أصلا أومأ إليهما ولو أمكنه القيام والاضطجاع دون القعود يأتي ببدل القعود قائما
أما النافلة فيصح فعلها قاعدا أو مضطجعا مع القدرة على القيام لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة " ( البخاري ج 1 / كتاب القبلة باب 4 / 391 ) ولأن مبنى النوافل على التيسير لكن القاعد له نصف أجر القائم المضطجع له نصف أجر القاعد لما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال : ( من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد ) " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 274 / 371 ) قال سفيان الثوري : هذا للصحيح ولمن ليس له عذر - يعني في النوافل - فأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسا فله مثل أجر القائم ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 274 )
أما الاستلقاء في الصلاة النافلة مع القدرة على غيره فمبطل لها

الرابع - قراءة الفاتحة

- قراءة الفاتحة : حفظا أو تلقينا أو نظرا في المصحف لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 13 / 723 ) وتجب في كل ركعة سواء كان المصلي إماما أو مأموما أو منفردا وسواء كانت الصلاة سرية أو جهرية فريضة أو نافلة لما روى أبو قتادة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ويسمعنا الآية أحيانا ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 34 / 155 ) وفي قراءة المأموم لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال : ( إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم ) قال : قلنا يا رسول الله إي والله قال : ( فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ) " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 232 / 311 ) أما المسبوق بجميعها أو ببعضها فيتحملها عنه إمامه كلا أو بعضا
شروطها :
- 1 - أن يسمع نفسه إن كان صحيح السمع ولا شاغل للسمع . ولا يشترط في هذه الحال حقيقة الإسماع
- 2 - أن يرتب القراءة بأن يقرأ آياتها على نظمها المعروف
- 3 - الموالاة بأن يصل كلماتها بعضها ببعض من غير فاصل إلا بقدر نفس فإن تخللها الذكر قطعها إذا ذكر يتعلق بمصلحة الصلاة كتأمين المأمون أثناء قراءته للفاتحة على تأمين إمامه أو ذكر قاله سهوا أو سجدة التلاوة م الإمام فذلك كله لا يقطع الموالاة . أما السكوت فإن قصد به القطع فيقطع الموالاة ويبطل الصلاة طال أم قصر وأما إن كان سهوا أو لعذر فلا يقطعها
- 4 - أن يراعي حروفها وتضعيفاتها الأربعة عشر
- 5 - ألا يلحن لحنا بغير المعنى ( أما اللحن الذي لا يخل بالمعنى كفتح دال نعبد وصاد صراط مثلا فلا يبطل الصلاة عامدا فعله أم غير عامد لكنه مكروه إن لم يتعمده حرام إن تعمده ) كأن يضم تاء أنعمت أو يكسر كاف إياك
- 6 - ألا يبدل لفظا بلفظ أو حرفا بحرف كأن يدل الضاد بالظاء في ( الضالين ) أو الدال بالتاء في ( الدين )
- 7 - أن يقرأ كل آياتها ومنها البسملة لما روت أم سلمة رضي الله عنها : " أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية " ( البيهقي ج 2 / ص 44 ) ولأن الصحابة أثبتوها فيما جمعوا من القرآن فدل على أنها آية منها
- 8 - أن يقرأها بالعربية ولا يترجم عنها بخلاف الذكر فتجوز الترجمة عنه
- 9 - إيقاع الفاتحة كلها في القيام أو بدله
ومن لم يحفظ الفاتحة يقرأ بدلها سبع آيات متواليات أو متفرقات من القرآن فرضا كانت الصلاة أو نفلا فإن عجز عن القرآن أتى بذكر بدلا عنها على ألا ينقص البدل عن عدد حروفها ذكرا كان أو قرآنا . فإن لم يقدر على شيء من ذلك وقف صامتا قدر الفاتحة
وعلى الأخرس أن يحرك لسانه بقصد القراءة بقدر ما يحركه الناطق لأن القراءة تتضمن النطق وتحريك اللسان فسقط ما عجز عنه ووجب ما قدر عليه لقوله صلى الله عليه و سلم : ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )

الخامس - الركوع :

- تعريفه : هو لغة : الانحناء وقيل : معناه الخضوع
وشرعا : أن ينحني بغير انخناس ( الانخناس هنا هو : أن يخفض عجزه ويرفع رأسه ويقدم صدره ) قدر بلوغ راحتيه ركبتيه
دليل فرضيته : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } ( الحج 77 ) وحديث المسيء صلاته وقوله صلى الله عليه و سلم ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 18 / 605 ) وإجماع الأمة
أقله : يكون الركوع ( وأكمله وأكمل سائر أركان الصلاة ما اشتمل على السنن الآتي بيانها في بحث سنن الصلاة ) للقائم القادر على الركوع معتدل الخلقة سليم اليدين والركبتين بأن ينحني بغير انخناس قدر وصور راحتيه إلى ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما لأنه لا يسمى بما دونه راكعا . روى زيد بن وهب قال : " رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع والسجود قال : ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا صلى الله عليه و سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 37 / 758 ) فإن لم يقدر على هذا الركوع انحنى مقدوره وأومأ بطرفه
ولو ركع ولم يضع يديه على ركبتيه ورفع ثم شك هل انحنى قدرا تصل به راحتاه إلى ركبتيه أم لا ؟ لزمه إعادة الركوع لأن الأصل عدمه
وأما ركوع من صلى قاعدا فانحناء تحاذي فيه جبهته ما أمام ركبتيه وأكمله أن تحاذي فيه جبهته موضع سجوده من غير مماسته وإلا كان سجودا لا ركوعا
شروطه :
- 1 - الطمأنينة بحيث تستقر أعضاؤه لقوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اركع حتى تطمئن راكعا )
- 2 - ألا يقصد به غيره فلو هوى بقصد سجود التلاوة فلما وصل إلى حد الراكعين عن له الركوع لم يكف بل يجب عليه القيام ليركع أما إن كان تابعا لإمامه فيجزئه فلو قرا الإمام آية سجدة مثلا فهوى فظن المأموم أن إمامه هوى لسجود التلاوة فهوى معه وإذا بإمامه لم يسجد بل هوى للركوع تبعه وأجزأه هذا عن الركوع
- 3 - أن يكون من قيام فلو سقط من قيامه بعد فراغ القراءة فارتفع من الأرض إلى حد الراكعين لم يجزئه بل عليه أن ينتصب قائما ثم يركع

السادس - الاعتدال بعد الركوع :

- تعريفه : هو لغة المساواة والاستقامة
وشرعا : أن يعود المصلي إلى ما كان عليه قبل ركوعه من قيام أو قعود وخرج بذلك الاضطجاع لأن مصلي النفل المضطجع مع القدرة يجلس للركوع ثم يعتدل بعوده إلى الجلوس الذي ركع منه أما لو صلى مضطجعا مع العجز وركع بانحناء في حال الاضطجاع فيعتدل بعوده له لأنه لا يقدر على القعود
دليل فرضيته : قوله صلى الله عليه و سلم للمسيئ صلاته : ( ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما )
شروطه :
- 1 - ألا يقصد به غيره فلو اعتدل خوفا من شيء لم يجزئه ذلك
- 2 - الاطمئنان فيه بأن تستقر أعضاؤه على ما كانت عليه قبل ركوعه بحيث ينفصل ارتفاعه للاعتدال عن هويه للسجود ولو سجد ثم شك هل تم اعتداله أم لا اعتدل واطمأن وجوبا ثم سجد
- 3 - ألا يطيل الاعتدال فلو أطاله زيادة على الدعاء الوارد فيه بقدر الفاتحة بطلت صلاته لأن الاعتدال ركن قصير فلا يطول إلا في محل طلب فيه التطويل كما في الاعتدال الأخير من الصلوات التي شرع فيه القنوت

السابع - السجود مرتين :

- تعريفه : السجود لغة : الخضوع والتذلل
وشرعا : مباشرة بعض جبهة المصلي لما يصلي عليه
دليل فرضيته : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } ( الحج 77 ) وحديث المسيء صلاته
أقله : مباشرة بعض جبهة المصلي موضع سجوده من الأرض
شروطه :
- 1 - الطمأنينة فيه لقوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا )
- 2 - أن ينال موضع سجوده ثقل رأسه ولا يكفي في وضع الجبهة الإمساس بل ينبغي أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته وحتى لو كان تحتها قطن لانكبس بعضه في بعض لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم " . . . ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته . . . " ( أبو داود / كتاب الصلاة باب 117 / 734 )
- 3 - ألا يقصد به غيره فلو سقط على وجهه من الاعتدال وجبت العودة إليه ثم السجود لانتفاء الهوي في السقوط بخلاف ما لو هوى للسجود وفي هويه له سقط على جنبه فعليه أن ينقلب إلى السجود بنيته وليس له في هذه الحال أن يعود إلى الاعتدال فإن فعل عامدا عالما بطلت صلاته لأنه زاد فعلا في الصلاة عمدا
- 4 - أن يرفع أسافله على أعاليه فإن صلى في سفينة مثلا ولم يتمكن من ذلك لميلانها صلى حسب حاله ولزمته الإعادة لأنه عذر نادر بخلاف ما لو كانت به علة لا يمكن معها السجود على الصورة التي ذكرنا فلا يعيد
- 5 - كشف الجبهة وعدم السجود على شيء يتحرك بحركته فلو سجد وعلى جبهته حائل يعمها لم يصح سجوده أما إن سجد على متصل به كذيل ثوبه وكمه وطرف عمامته فإن كان يتحرك بحركته في قيام أو قعود لم يصح وإن كان طويلا جدا بحيثلا يتحرك بحركته جاز وإن سجد على عصابة جرح أو نحوه وشقت عليه إزالتها ولم يكن تحتها نجاسة غير معفو عنها وكان متطهرا بالماء لم تلزمه الإعادة ولا يضر سجوده على شعر نبت على جبهته لأنه مثل بشرتها
- 6 - وضع جزء من ركبتيه وباطن كفيه وباطن أصابع قدميه مع الجبهة على الأرض . ودليله ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت ( لانكفت : لا نضم ولا نجمع والمعنى نهينا عن جمع الثوب باليدين عند الركوع والسجود وعن جمع الشعر منعا من الاسترسال وتفصيل ذلك في بحث مكروهات الصلاة ) الثياب والشعر ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 50 / 779 )
- 7 - ألا يرفع رأسه بعد السجود فلو سجد على شيء خشن يؤذي جبهته فإن زحزحها من غير رفع لم يضر وكذا إن رفعها ثم أعادها دون اطمئنان فإن اطمأن ضر ذلك لزيادة سجود ولو رفع جبهته من غير عذر وأعادها ضر ذلك مطلقا


الثامن - الجلوس بين السجدتين :

- وهو فرض في كل صلاة وكل ركعة سواء صلى قائما أو مضطجعا لأنه إذا صلى مضطجعا في النفل وهو قادر على القيام فعليه أن يجلس ليسجد ثم يجلس بين السجدتين ثم يسجد
دليل فرضيته : - قوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ) وما رواه حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال : " إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بنا " قال :
فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه . . . وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي
( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 38 / 195 )
أقله : سكون أعضائه المتحركة في حال الجلوس
شروطه :
- 1 - الاطمئنان فيه لحديث المسيء صلاته وحديث أنشر رضي الله عنه
- 2 - ألا يقصد به غيره فلو رفع رأسه فزعا من شيء لم يكف ويجب عليه أن يعود إلى السجود ثم يجلس
- 3 - ألا يطيله طولا فاحشا فإن فعل بطلت صلاته لأنه ركن قصير

التاسع - القعود بعد السجدتين الأخيرتين من كل صلاة

العاشر - التشهد في القعود الأخير :

- دليل فرضيته : حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : " كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه و سلم قلنا : السلام على جبريل وميكائيل السلام على فلان وفلان فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( إن الله هو السلام فإذا صلى أحدكم فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب / 64 / 797 . والتحيات : جمع تحية وهي ما يحيا به من قول أو فعل والقصد الثناء على الله لأنه مستحق لجميع التحيات . والصلوات : قبل الخمس وقيل مطلق الصلاة والطيبات : الأعمال الصالحة . السلام عليك : أي السلامة من النقائص والآفات . وبركاته : أي خيراته والبركة هي الخير الإلهي . والسلام علينا : هي للحاضرين من إمام ومأمومين وملائكة وإنس وجن أو لجميع الأمة . وعبا الله الصالحين : القائمين بحقوق الله وحقوق عباده . وأشهد أن لا إله إلا الله : أقر بأنه لا معبود بحق ممكن إلا الله . )
أقله : التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
شروطه
- 1 - أن يسمع نفسه
- 2 - الموالاة فإن تخلله غيره لم يعتد به ولا تضر زيادة ياء النداء قبل أيها النبي
- 3 - قراءته قاعدا إلا لعذر
- 4 - أن يكون بالعربية عند القدرة عليها
- 5 - مراعاة الحروف والكلمات والتضعيفات


الحادي عشر - الصلاة على النبي بعد التشهد الأخير قاعدا :

- دليل فرضيتها : قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } ( الأحزاب : 56 ) وحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : " أتانا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن في مجلس سعد ابن عبادة فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنكم حميد مجيد . والسلام كما قد علمتم ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 17 / 65 ومعناه يا الله أنزل الرحمة المقرونة بالتعظيم على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وعلى آله . والحميد : المحمود . والمجيد : الماجد من كمل شرفا وكرما )
وأقلها ( وأكملها ما ورد في دليل الفرضية وسيرد في سنن الصلاة ) اللهم صلى على محمد أو على النبي أو على الرسول

الثاني عشر - السلام :

- ويجب إيقاعه في حال القعود الأخير
دليل فرضيته : خبر مسلم المتقدم : ( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) فقرن التسليم بفرضية التكبير
أقله : السلام عليكم مرة واحدة دون أن يلتفت يمنة أو يسرة بل يجعلها تلقاء وجهه محافظة على العدل بين الملكين
شروطه :
- 1 - أن يقول مستقبلا القبلة بصدره فلو تحول به عن القبلة ضر بخلاف الالتفات بالوجه فإنه مسنون
- 2 - أن يسمع نفسه
- 3 - أن يكون بالعربية إن قدر عليها وإلا ترجم عنها
- 4 - التعريف بالألف واللام في السلام ( بخلاف التشهد فيجزئ فيه إسقاطهما ) ولا بد من كاف الخطاب وميم الجمع في عليكم
- 5 - موالاة الكلمتين فلو فصل بينهما بكلام أو سكت سكوتا طويلا أو قصيرا بنية القطع ضر ويجزئ قولنا : عليكم السلام لأنه لا يشترط ترتيب الكلمتين ولأن هذا سلام أيضا وإذا بدأ بكلمة السلام فلا بد من تحقيق الهمزة وإظهارها هكذا : ألسلام عليكم ولا يجزئ نطقها بإهمال الهمزة

الثالث عشر - الترتيب :

- ويقصد به تقديم القيام على الركوع والركوع والرفع منه على السجود والسجود على القعود الأخير وتقديم التشهد على الصلاة على النبي وتقديمها على السلام
آ - فلو قدم ركنا فعليا على مثله أو على قولي عامدا عالما كأن سجد قبل الركوع أو ركع قبل قراءة الفاتحة بطلت صلاته
ب - وإن قدم ركنا فعليا على مثله أو على قولي سهوا لم تبطل صلاته لكن عليه أن يأتي به فورا إن تذكره قبل أن يبلغ مثله . أما إن بلغ مثله فهذا المثل يقوم مقام المنسي ثم يتدارك الباقي من صلاته ( يأتي تفصيل هذه الحالات في فصل سجود السهو أسبابه ) ج - أما لو قدم ركنا - عدا السلام - على مثله أو على فعلي عامدا عالما كان قدم الصلاة على النبي على التشهد أو قدم التشهد على السجود فلا تبطل صلاته ولكن لا يعتد بالمقدم بل يعيده في محله
د - وإن قدم ركنا قوليا هو السلام على محله عامدا بطلت صلاته
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-25-2013
  #22
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الباب الثاني : الأذان والإقامة
معنى الأذان معنى الإقامة

- تعريف الأذان
لغة : الإعلام . بدليل قوله تعالى : { وأذان من الله ورسوله } ( التوبة : 3 ) أي إعلام من الله ورسوله . وقوله تعالى : { وأذن في الناس بالحج } ( الحج : 27 ) أي أعلمهم
شرعا : ذكر مخصوص يعلم به دخول وقت الصلاة المفروضة
وكلمات الأذان جامعة لعقيدة الإيمان فأولها إثبات لذات الله تعالى وما تستحقه من الكمال ثم الشهادة بالوحدانية له تعالى وبالرسالة لسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ثم الدعاء إلى الصلاة ثم الدعاء إلى الفلاح ( الفلاح : الفوز والظفر ) بمعنى أن الإقبال على الصلاة سبب الفلاح

- تعريف الإقامة :
لغة : مصدر أقام
شرعا : ذكر مخصوص لاستنهاض الحاضرين للصلاة

دليلهما :

- قوله تعالى : { وإذا ناديتم إلى الصلاة . . . } ( المائدة : 58 ) وحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم وفيه : ( إذا حضت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 17 / 602 )

سبب مشروعيتهما وصيغة كل منهما :

- أما سبب المشروعية وما يقال في كل منهما فمنفصل فيما رواه عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه قال : " لما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت : يا عبد الله أتبيع الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ فقلت : ندعو به إلى الصلاة . قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت له : بلى . قال : فقال تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله . قال : ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال : وتقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله . فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما رأيت فقال الرسول صلى الله عليه و سلم : ( إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك ) فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به فسمع ذلك عمر - رضي الله عنه - وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول : والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى فقال الرسول صلى الله عليه و سلم ( فلله الحمد ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 28 / 499 )


حكم الأذان والإقامة :

- هما سنتان مؤكدتان على الكفاية لأداء الفرائض عند جمهور العلماء بحيث يظهر الشعار ولا تحصل السنة بالأذان ما لم ينتشر في جميع البلد حتى إذا كانت كبيرة أذن في كل جانب . وتسن لجماعة النساء والمنفردة منهن والخنثى والإقامة دون الأذان لأن الأذان يرفع فيه الصوت وقد يؤدي رفع صوت الأنثى إلى فتنة . أما الإقامة فلا تستلزم رفع الصوت إلا بقدر ما تسمع المرأة نفسها أو جماعة المصليات المقتديات بها فإذا رفعت صوتها أكثر من ذل كره وإن خشيت الفتنة بسماع صوتها حرم
والأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس المكتوبة دون ما سواهن . أما الصلوات النافلة التي تطلب فيها الجماعة مثل صلاة العيدين والتراويح والوتر في رمضان والاستسقاء فينادي فيها : الصلاة جامعة . وفي صلاة الجنازة إذا احتيج للمناداة يقال : الصلاة على من حضر من أموات المسلمين ويسن الأذان والإقامة للرجل ولو منفردا ولو سمع الأذان وللحاضرة والفائتة فإذا جمعت الفوائت أو جمعت الحاضرة جمع تقديم أو تأخير كفى أذان واحد للأولى أما الإقامة فتسن لكل فرض صلاة ولو كانت الفرائض من نوع واحد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه و سلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء " ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 132 / 179 )


شروط الأذان والإقامة :


1 - دخول الوقت : فلا يصح الأذان قبل دخوله لأنه يراد للإعلام بالوقت فلا يجوز قبله باستثناء أذان الصبح فيجوز من نصف الليل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان 11 / 592 ) . ولأن الصبح يدخل وقتها والناس نيام وفيهم الجنب والمحدث فاحتيج إلى تقديم الأذان ليتأهب للصلاة
أما الإقامة فلا بد فيها من إرادة الدخول في الصلاة إضافة لدخول الوقت


2 - أن يكونا بالعربية إن كان هناك من يحسنها واستثني أذان الأعجمي لنفسه بالعجمية إن جهل العربية حتى يتعلمها
3 - الموالاة والترتيب : فلا يعتد بالأذن غير المتوالي إلا إن قصر الفصل ولا بغير المرتب لأنه إذا نكسه لا يعلم السامع أن ذلك أذان
4 - يجب أن يسمع نفسه إن كان منفردا أو يسمع بعض الجماعة إن كان في جماعة فإن أسر بالأذان لم يعتد به

شروط المؤذن :

1 - الإسلام والعقل : فلا يصح أذان الكافر أو المرتد أو المجنون لأنهم ليسوا من أهل العبادات

2 - التمييز
3 - الذكورة إلا في جماعة نسوة فإذا أذنت امرأة للرجال لم يعتد بأذانها لأنه لا تصح إمامتها للرجال فلا يصح تأذينها لهم
4 - أن يكون عارفا بالمواقيت إن كان مولى ( موكلا به بشكل دائم ) ومرتبا للأذان


ما يسن في الأذان والإقامة :

1 - أن يكون المؤذن حرا بالغا لحدث ابن عباس رضي الله عنهما المرفوع ( ليؤذن لكم خياركم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 726 )
- 2 - أن يكون المؤذن صيتا ( الصيت : شديد الصوت ورفيعه ) لأن النبي صلى الله عليه و سلم اختار أب محذورة لصوته ( البيهقي ج 1 ص 393 عن عبد الله بن محيريز رضي الله عنه ) ولأنه أبلغ في الإعلام وأن يكون حسن الصوت لأنه أبعث على الإجابة بدليل الحديث المتقدم ( فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك ) ويستحب في الأذان إن كان يؤذن للجماعة أن يرفع صوته ما أمكنه بحيث لا يلحقه ضرر لما روى عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه أن أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له : " إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة . قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 584 )
- 3 - أن يكون عالما بأوقات الصلاة عدلا صالحا لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 726 ) ولأنه أمين على المواقيت ولأنه يؤذن على موضع عال فإن لم يكن أمينا لم يؤمن أن ينظر إلى العورات
- 4 - أن يكون المؤذن متطوعا لحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه : " قلت يا رسول الله اجعلني إمام قومي . فقال : ( أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ) " ( النسائي ج 2 / ص 32 ، والأمر هنا محمول على الندب )
- 5 - أن يكون على طهارة لأن الأذن ذكر وهو متصل بالصلاة فيستحب أن يكون على طهارة ولحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : ( لا يؤذن إلا متوضئ ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 147 / 200 )
- 6 - أن يكون قرب المسجد على موضع عال لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال :
كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم مؤذنان : بلال وابن أم مكتوم الأعمى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) قال : ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا
( مسلم ج 1 / كتاب الصوم باب 8 / 38 ) ولأنه أبلغ في الإعلام
- 7 - أن يؤذن قائما لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( يا بلال قم فناد بالصلاة ) ( مسلم
ج 1 كتاب الصلاة باب 1 / 1 )
- 8 - أن يكون متوجها إلى القبلة فإذا بلغ الحيعلتين التفت عن يمينه فقال : " حي على الصلاة حي على الصلاة " ثم عن يساره فقال : " حي على الفلاح حي على الفلاح " من غير أن يحول صدره عن القبلة ولا قدميه عن مكانهما لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه : " رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه هنا وهنا وإصبعاه في أذنيه " ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 144 / 197 )
أما إن كان في منارة فله أن يستدير فيها إن لم يتم الإعلام بتحويل الوجه مع ثبات قدميه
- 9 - أن يجعل إصبعيه في أذنيه في الأذان دون الإقامة لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه المتقدم ولأنه أرفع لصوته
- 10 - أن يجمع كل تكبيرتين بنفس لأنه خفيف وأن يفتح الراء في الأولى ويسكنها في الثانية - الله أكبر الله أكبر - أما باقي الأذان فيفرد كل جملة بصوت وفي الإقامة يجمع كل جملتين بصوت
- 11 - أن يترسل ( والترسل هو الترتيل والتمهل في القراءة بسكتة لطيفة بين كل جملتين منه إلا في التكبير الأول فإن السكتة تكون بعد التكبيرتين ) في الأذان ويدرج ( إدراج الإقامة معناه أن يصل بعضها ببعض بلا ترسل ) والإقامة لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لبلال رضي الله عنه : ( يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك وإذا أقمت فاحدر ( حدر : أسرع ) واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر ( كناية عن قاضي الحاجة ) إذا دخل لقضاء حاجته ولا تقوموا حتى تروني ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 143 / 195 ، وقد ضعفه هذا وقد قال صاحب سبل السلام بعد أن أورد روايات عدة لهذا الحديث قال : . . . وكلها واهية إلا أن يقويها المعنى الذي شرع له الأذان فإنه نداء لغير الحاضرين ليحضروا للصلاة فلا بد من تقدير وقت يتسع للذاهب للصلاة وحضورها وإلا ضاعت فائدة النداء السبل ج 1 / ص 197 )
- 12 - الترجيع في الأذان : وهو إسرار كلمتي الشهادة قبل الجهر بهما بحيث يسمع من في المسجد أو من في قربه عرفا ثم يجهر
- 13 - التثويب في أذاني الصبح أداء صلاها أم قضاء أي يقول بعد الحيعلتين : " الصلاة خير من النوم " روى النسائي عن أبي محذورة رضي الله عنه قال : " كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم وكنت أقول في أذان الفجر الأول : حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله " ( النسائي ج 2 / ص 14 )
- 14 - أن يقول المؤذن في الليلة المطيرة أو ذات الريح أو الظلمة بعد الأذان أو الحيعلتين : ألا صلوا في الرحال ( الرحال : جمع رحل وهو مركب للبعير أو المسكن ) لما روى نافع قال : " أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان ثم قال : صلوا في رحالكم . فأخرنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول إثره : ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان 18 / 606 . وضجنان : جبل بناحية تهامة على بريد من مكة )
- 15 - ترك المشي أثناء الأذان وترك الكلام - حتى رد السلام وتشميت العاطس - إلى أن يفرغ . فلو عطس حمد الله بقلبه ثم بنى
- 16 - أن يقعد بين الأذن والإقامة ينتظر الجماعة لأنه إذا وصلهما فات الناس الجماعة فلم يحصل المقصود بالأذان
- 17 - ألا يكتفي أهل المساجد المتقاربة بعضهم بأذان بعض بل يؤذن في كل مسجد واحد
- 18 - أن تكون الإقامة في غير موضع الأذان لما في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه المتقدم بعد أن ذكر الأذان : " ثم استأخر غير بعيد ثم قال : وتقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر . . . "
وأن تكون بصوت أخفض مما في الأذان ويسن الالتفات في الحيعلتين

ما يسن قوله لسامع الأذان ولمستمعه وللمؤذن والمقيم :
- ما يسن قوله لسامع ( السامع : من سمع عرضا من غير قصد ) الأذان ولمستمعه ( المستمع : من تقصد السماع ) وللمؤذن والمقيم :
- 1 - يسن للسامع أو المستمع أن يقول مثل ما يقول المؤذن أو المقيم إلا في الحيعلتين فيقول : عقب كل منهما : " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " لما روي عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال : أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله قال : أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال : حي على الصلاة قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 7 / 12 )
وعقب التثويب يقول : صدقت وبررت وعقب كلمة الإقامة : أقامها الله وأدامها لما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : " أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال : قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أقامها الله وأدامها ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 37 / 528 ) ويستحب أن يقطع السامع قراءة القرآن لإجابة المؤذن وكذلك كل قراءة أخرى أو علم أو ذكر لأن الذكر وغيره لا يفوت والأذان يفوت إلا المصلي فلا يجيب حتى يفرغ من صلاته . وكذلك يستحب للسامع المجامع أو الذي يقضي حاجة الإجابة بعد الفراغ ما لم يطل الفصل
ومن سمع مؤذنا بعد مؤذن استحب له أن يتبع الأول ولا يستحب تكرار المتابعة
- 2 - ويسن للسامع والمستمع وللمؤذن والمقيم أن يصلوا ويسلموا على النبي صلى الله عليه و سلم بعد الفراغ من الأذان والإقامة . وأن يسألوا الله تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم الوسيلة بعد الصلاة عليه ويكون هذا بعد الأذان دون الإقامة لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا . ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 7 / 11 ) وروى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من قال حين يسمع النداء : الله رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 8 / 589 )
- 3 - ويسن أيضا لهم جميعا الدعاء بين الأذان والإقامة لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 158 / 212 ) ويسن لهم الدعاء عند أذان المغرب لما روي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أقول عند أذان المغرب : ( اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهار وأصوات دعاتك فاغفر لي ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 39 / 530 )

ما يكره في الأذان :

- 1 - التمطيط والبغي ( البغي : رفع الصوت ومجاوزة الحد محاكاة لكلام الجبابرة والمتكبرين والمتفيقهين وقيل : هو التطريب )
- 2 - الكلام اليسير
- 3 - أو يؤذن قاعدا أو راكبا إلا المسافر الراكب
- 4 - أن يكون المؤذن فاسقا
- 5 - أن يكون المؤذن صبيا ( والصبي من كان بين التمييز والبلوغ ) لأن فيه تغريرا فإنه يخاف غلطه
- 6 - أن يكون المؤذن جنبا أو محدثا أما إن كان أحدث أثناء الأذان فيتمه ولو قطعه وتطهر ثم عاد بنى على أذانه إن قصر الفصل والأحب الاستئناف
- 7 - أن يكون المؤذن أعمى لأنه ربما غلط في الوقت فإن كان معه بصير لم يكره لأن ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان يؤذن مع بلال رضي الله عنه
ويكره لمن سمع الأذان لخروجه من المسجد بعد الأذان قبل أن يصلي إلا لعذر

الباب الثالث : صفة الصلاة

الفصل الأول : أركان الصلاة

- فرائض الصلاة ثلاث عشرة خمس منها قولية وثمان فعلية
فالخمس القولية هي : تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والتشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعده والتسليمة الأولى
وأما الثماني الفعلية فهي : النية والقيام في الفرض للقادر عليه والركوع والاعتدال من الركوع والسجود الأول والثاني والجلوس بين السجدتين والجلوس الأخير والترتيب
الأول - النية :
- تعريفها :
- هي قصد الشيء مقترنا بفعله فإن تراخى سمي عزما . ومحلها القلب ويسن لفظها باللسان
دليل فرضيتها :
ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى ) ( مسلم ج 3 / كتاب الإمارة باب 45 / 155 ) ولأن الصلاة قربة محضة طريقها الأفعال فلم تصح بغير نية . وأجمع العلماء على أن الصلاة لا تصح إلا بالنية فمن تركها عمدا أو سهوا لم يكن داخلا في الصلاة
شروطها :
آ - في الصلاة المفروضة ( سواء كانت إحدى الخمس المكتوبة أو كانت فرض كفاية كصلاة الجنازة أو الصلاة الفائتة أو المعادة أو المنذورة . )
- 1 - قصد فعل الصلاة
- 2 - تعيينها لتتميز عن غيرها
- 3 - نية الفرضية فإذا أطلق دون أن ينوي الفرضية وقعت الصلاة نفلا . ولا تجب نية الفرضية في صلاة الصبي لأن صلاة الصبي نافلة كلها
ومن المستحبات زيادة قولنا لله تعالى ونية استقبلا القبلة وذكر عدد الركعات فإذا أخطأ بذكر عدد الركعات كأن قال في الظهر ثلاثا أو خمسا لم تنعقد الصلاة لتقصيره أما إن جهل الوقت فقال أداء أو قضاء صلاته . وفي القضاء يكفي التعيين - ظهر عصر . . . - دون ذكر السنة والشهر واليوم الذي فاتته فيه الصلاة
ب - في الصلاة النافلة ( بكل أنواعها سواء كانت ذات سبب أو ذات وقت كالعيدين أو الضحى أو الأوابين أو راتبة أي تابعة للفرائض ويستثنى من ذلك النفل المطلق ) 1 - قصد فعل الصلاة
- 2 - تعيينها : راتبة أو ذات وقت أو ذات سبب وفي الراتبة يجب تعيين القبلية والبعدية وفي الصلاة ذات السبب التي تتداخل مع الصلوات الأخرى وهي سنة تحية المسجد وسنة الوضوء لا يشترط التعيين وإنما يسن ( فيقول مثلا : نويت أن أصلي ركعتين سنة العصر مع سنة تحية المسجد ) إذا تداخلت أما إذا صليت مستقلة فلا بد من التعيين
ج - في النفل المطلق : تكفي نية فعل الصلاة

الثاني - تكبيرة الإحرام :

- وسميت بتكبيرة الإحرام لأنها تحرم ما كان محللا قبلها كالأكل والشرب
دليل فرضيتها :
قول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس . إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7 / 33 ) ففي الحديث قرن صلى الله عليه و سلم التكبير بالقراءة فدل على أنه مثلها في الركنية ومن تركها عامدا أو ناسيا لم يكن داخلا في الصلاة
لفظها :
- 2 - وتكون بلفظ الله أكبر على التعيين لحديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الطهارة باب 31 / 61 ) ولما ورد في حديث المسيء صلاته ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 39 / 760 . وحديث المسيء صلاته هذا حديث هام لما اشتمل عليه من أحكام كثيرة في شأن الصلاة نسجله هنا بتمامه لأنه سيتكرر الاستشهاد به في كثير من أركان الصلاة . رواه الشيخان وهو بلفظ البخاري كما يلي : عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فرد النبي عليه السلام فقال : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) فصلى ثم جاء فسلم على النبي فقال : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) ثلاثا فقال : والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره فعلمني . قال : ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) "
شروط صحتها :
- 1 - أن تكون بالعربية للقادر عليها وإلا قالها بأية لغة شاء فإذا اتسع الوقت لزمه أن يتعلم فإن لم يتعلم وكبر بلسانه بطلت صلاته لأنه ترك اللفظ مع القدرة عليه
- 2 - أن تكون بلفظ ( الله أكبر ) لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدخل به في الصلاة وهو القائل في الحديث الذي رواه مالك بن الحويرث رضي الله عنه : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 18 / 605 ) فلا تصح بغير لفظ الجلالة كأن يقول : ( الرحمن أكبر )
- 3 - تقديم الجلالة على أكبر فلا يصح أن يقول ( أكبر الله )
- 4 - عدم مد همزة الجلالة
- 5 - عدم مد باء الأكبر
- 6 - عدم تشديد الباء
- 7 - عدم زيادة واو بين الجلالة وأكبر
- 8 - عدم الفصل بين الكلمتين بوقفة طويلة . أما التخلل اليسير فلا يضر ولا يضر الفصل بينهما بأل التعريف أو بوصف الله تعالى بشرط ألا نزيد على وصفين والأفضل عدم وجود الفاصل أصلا
- 9 - أن يسمع نفسه جميع حروفها سواء كان إماما أو منفردا
- 10 - إيقاعها حال استقبال القبلة وتأخيرها عن تكبيرة الإمام إذا كان المصلي في جماعة
- 11 - أن يكبر للإحرام قائما في الفرض فإن وقع منه حرف في غير القيام لمن ينعقد فرضا وإنما انعقد نفلا وكذا المسبوق الذي يدرك الإمام راكعا يجب أن تكون تكبيرة الإحرام بجميع حروفها في حال قيامه . أما إذا كان لا يستطيع القيام وصلى الفرض قاعدا فيكبر قاعدا أيضا
- 12 - أن تقترن النية بابتداء التكبير وتستحضر إلى انقضائه

الثالث - القيام :

- وهو متعين في المفروضة مكتوبة كانت أو منذورة وسواء كانت المكتوبة أداء أو قضاء أو معادة أو جنازة ويشترط فيه الانتصاب والمعتبر في هذا الانتصاب نصب فقار الظهر فليس للقادر أن يقف مائلا إلى أحد جانبيه زائلا عن سنن القيام ولا أن يقف منحنيا في حد الراكعين حتى لو لم يبلغ انحناؤه حد أقل الركوع بل كان إليه أقرب فصلاته باطلة . أما الرقبة فحنيها قليلا بمقدار ما ينظر إلى مكان سجوده مستحب ولعله يكره أن يزيد على ذلك أو هو خلاف الأولى والواجب من القيام قدر قراءة الفاتحة . والدليل على ركنية القيام قوله تعالى : { وقوموا لله قانتين } ( البقرة : 238 ) وما روى عمران بن الحصين رضي الله عنه قال : " كانت بي بواسير فسأتل النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة فقال : ( صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ) " ( البخاري ج 1 / كتاب تقصير الصلاة باب 19 / 1066 ) الحديث يدل على أن القيام واجب حين القدرة عليه فإن عجز عن القيام لمرض مثلا أو خوف الغرق أو السقوط من الدوار في السفينة أو غيرها صلى قاعدا ولا إعادة عليه وكذا لو اضطر إلى القعود لحالة مرضية كالمصاب بسلس البول بحيث لو قام سال بوله وإذا قعد لم يسل صلى من قعود ولا إعادة عليه وكذا في حال الخوف على المسلمين فلو جلس الغزاة في مكمن وصلوا قعودا خوفا من قصد العدو لهم لم تجب عليهم الإعادة . ويكون القعود كيف شاء لأن حديث عمران رضي الله عنه المتقدم أطلق القعود عن كل صفة ولكن يكره أن يقعد مادا رجليه إلا لمرض فإن عجز عن القعود اضطجع على جنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة وإلا فعلى شقه الأيسر فإن عجز عن الاضطجاع صلى مستلقيا رافعا رأسه بوسادة أو نحوها ليستقبل القبلة بوجهه وبمقدم بدنه ويومئ برأسه لركوعه وسجوده ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وجوبا . فإن عجز عن ذلك أتى بما عليه ولو بإيماء الحاجبين فإن عجز أجرى أفعال الصلاة والقرآن على قلبه وجوبا في الواجب ( من أفعال الصلاة والقرآن ) وندبا في المندوب
ولا تسقط الصلاة عنه ما دام يعقل لأنه مخاطب بالصلاة لوجود العقل والإدراك فيؤدي ما في وسعه أداؤه لقوله صلى الله عليه و سلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه : ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) ( البخاري ج 6 / كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب 2 / 6858 )
ولا يشترط الاستقلال في القيام فلو قام مستندا إلى جدار أو إنسان أو اعتمد على عصا بلا حاجة بحيث لو رفع السناد سقط صحت صلاته مع الكراهة لأنه يسمى قائما
ولو توقف القيام على معين ثم إذا وقف لا يتأذى بالقيام فإنه يجب عليه الاستعانة بالمعين ولو بأجرة فاضلة عن مؤنته ومؤنة من تلزمه نفقته يومه وليلته هذا إن احتاج إلى المعين في ابتداء كل ركعة فقط أما لو احتاجه في الدوام فلا يجب ويصلي من قعود بخلاف العكازة فإنها تجب وإن احتاجها في الدوام أيضا وذلك للمشقة في المعين وعدم المشقة في العكازة ولو تمكن المريض من القيام في جميع الصلاة منفردا بلا مشقة ولم يمكنه ذلك مع الجماعة إلا بالقعود في بعضها ففي هذه الحال يفضل الانفراد لكن تصح مع الجماعة وإن قعد في بعضها
فأما العاجز كمن تقوس ظهره لزمانة ( الزمانة : العاهة ) أو كبر حتى صار في حد الراكعين فيلزمه القيام فإذا أراد الركوع زاد في الانحناء ما قدر عليه
ولو عجز عن الركوع والسجود دون القيام لعلة بظهره مثلا لزمه القيام ويأتي بالركوع والسجود بحسب الطاقة فيحني صلبه قدر الإمكان فإن لم يطق حنى رقبته ورأسه فإذا احتاج فيه إلى شيء يعتمد عليه أو ليميل إلى جنبه لزمه ذلك . فإن لم يطق الانحناء أصلا أومأ إليهما ولو أمكنه القيام والاضطجاع دون القعود يأتي ببدل القعود قائما
أما النافلة فيصح فعلها قاعدا أو مضطجعا مع القدرة على القيام لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة " ( البخاري ج 1 / كتاب القبلة باب 4 / 391 ) ولأن مبنى النوافل على التيسير لكن القاعد له نصف أجر القائم المضطجع له نصف أجر القاعد لما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال : ( من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد ) " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 274 / 371 ) قال سفيان الثوري : هذا للصحيح ولمن ليس له عذر - يعني في النوافل - فأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسا فله مثل أجر القائم ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 274 )
أما الاستلقاء في الصلاة النافلة مع القدرة على غيره فمبطل لها

الرابع - قراءة الفاتحة

- قراءة الفاتحة : حفظا أو تلقينا أو نظرا في المصحف لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 13 / 723 ) وتجب في كل ركعة سواء كان المصلي إماما أو مأموما أو منفردا وسواء كانت الصلاة سرية أو جهرية فريضة أو نافلة لما روى أبو قتادة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ويسمعنا الآية أحيانا ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 34 / 155 ) وفي قراءة المأموم لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال : ( إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم ) قال : قلنا يا رسول الله إي والله قال : ( فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ) " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 232 / 311 ) أما المسبوق بجميعها أو ببعضها فيتحملها عنه إمامه كلا أو بعضا
شروطها :
- 1 - أن يسمع نفسه إن كان صحيح السمع ولا شاغل للسمع . ولا يشترط في هذه الحال حقيقة الإسماع
- 2 - أن يرتب القراءة بأن يقرأ آياتها على نظمها المعروف
- 3 - الموالاة بأن يصل كلماتها بعضها ببعض من غير فاصل إلا بقدر نفس فإن تخللها الذكر قطعها إذا ذكر يتعلق بمصلحة الصلاة كتأمين المأمون أثناء قراءته للفاتحة على تأمين إمامه أو ذكر قاله سهوا أو سجدة التلاوة م الإمام فذلك كله لا يقطع الموالاة . أما السكوت فإن قصد به القطع فيقطع الموالاة ويبطل الصلاة طال أم قصر وأما إن كان سهوا أو لعذر فلا يقطعها
- 4 - أن يراعي حروفها وتضعيفاتها الأربعة عشر
- 5 - ألا يلحن لحنا بغير المعنى ( أما اللحن الذي لا يخل بالمعنى كفتح دال نعبد وصاد صراط مثلا فلا يبطل الصلاة عامدا فعله أم غير عامد لكنه مكروه إن لم يتعمده حرام إن تعمده ) كأن يضم تاء أنعمت أو يكسر كاف إياك
- 6 - ألا يبدل لفظا بلفظ أو حرفا بحرف كأن يدل الضاد بالظاء في ( الضالين ) أو الدال بالتاء في ( الدين )
- 7 - أن يقرأ كل آياتها ومنها البسملة لما روت أم سلمة رضي الله عنها : " أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية " ( البيهقي ج 2 / ص 44 ) ولأن الصحابة أثبتوها فيما جمعوا من القرآن فدل على أنها آية منها
- 8 - أن يقرأها بالعربية ولا يترجم عنها بخلاف الذكر فتجوز الترجمة عنه
- 9 - إيقاع الفاتحة كلها في القيام أو بدله
ومن لم يحفظ الفاتحة يقرأ بدلها سبع آيات متواليات أو متفرقات من القرآن فرضا كانت الصلاة أو نفلا فإن عجز عن القرآن أتى بذكر بدلا عنها على ألا ينقص البدل عن عدد حروفها ذكرا كان أو قرآنا . فإن لم يقدر على شيء من ذلك وقف صامتا قدر الفاتحة
وعلى الأخرس أن يحرك لسانه بقصد القراءة بقدر ما يحركه الناطق لأن القراءة تتضمن النطق وتحريك اللسان فسقط ما عجز عنه ووجب ما قدر عليه لقوله صلى الله عليه و سلم : ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )

الخامس - الركوع :

- تعريفه : هو لغة : الانحناء وقيل : معناه الخضوع
وشرعا : أن ينحني بغير انخناس ( الانخناس هنا هو : أن يخفض عجزه ويرفع رأسه ويقدم صدره ) قدر بلوغ راحتيه ركبتيه
دليل فرضيته : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } ( الحج 77 ) وحديث المسيء صلاته وقوله صلى الله عليه و سلم ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 18 / 605 ) وإجماع الأمة
أقله : يكون الركوع ( وأكمله وأكمل سائر أركان الصلاة ما اشتمل على السنن الآتي بيانها في بحث سنن الصلاة ) للقائم القادر على الركوع معتدل الخلقة سليم اليدين والركبتين بأن ينحني بغير انخناس قدر وصور راحتيه إلى ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما لأنه لا يسمى بما دونه راكعا . روى زيد بن وهب قال : " رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع والسجود قال : ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا صلى الله عليه و سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 37 / 758 ) فإن لم يقدر على هذا الركوع انحنى مقدوره وأومأ بطرفه
ولو ركع ولم يضع يديه على ركبتيه ورفع ثم شك هل انحنى قدرا تصل به راحتاه إلى ركبتيه أم لا ؟ لزمه إعادة الركوع لأن الأصل عدمه
وأما ركوع من صلى قاعدا فانحناء تحاذي فيه جبهته ما أمام ركبتيه وأكمله أن تحاذي فيه جبهته موضع سجوده من غير مماسته وإلا كان سجودا لا ركوعا
شروطه :
- 1 - الطمأنينة بحيث تستقر أعضاؤه لقوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اركع حتى تطمئن راكعا )
- 2 - ألا يقصد به غيره فلو هوى بقصد سجود التلاوة فلما وصل إلى حد الراكعين عن له الركوع لم يكف بل يجب عليه القيام ليركع أما إن كان تابعا لإمامه فيجزئه فلو قرا الإمام آية سجدة مثلا فهوى فظن المأموم أن إمامه هوى لسجود التلاوة فهوى معه وإذا بإمامه لم يسجد بل هوى للركوع تبعه وأجزأه هذا عن الركوع
- 3 - أن يكون من قيام فلو سقط من قيامه بعد فراغ القراءة فارتفع من الأرض إلى حد الراكعين لم يجزئه بل عليه أن ينتصب قائما ثم يركع

السادس - الاعتدال بعد الركوع :

- تعريفه : هو لغة المساواة والاستقامة
وشرعا : أن يعود المصلي إلى ما كان عليه قبل ركوعه من قيام أو قعود وخرج بذلك الاضطجاع لأن مصلي النفل المضطجع مع القدرة يجلس للركوع ثم يعتدل بعوده إلى الجلوس الذي ركع منه أما لو صلى مضطجعا مع العجز وركع بانحناء في حال الاضطجاع فيعتدل بعوده له لأنه لا يقدر على القعود
دليل فرضيته : قوله صلى الله عليه و سلم للمسيئ صلاته : ( ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما )
شروطه :
- 1 - ألا يقصد به غيره فلو اعتدل خوفا من شيء لم يجزئه ذلك
- 2 - الاطمئنان فيه بأن تستقر أعضاؤه على ما كانت عليه قبل ركوعه بحيث ينفصل ارتفاعه للاعتدال عن هويه للسجود ولو سجد ثم شك هل تم اعتداله أم لا اعتدل واطمأن وجوبا ثم سجد
- 3 - ألا يطيل الاعتدال فلو أطاله زيادة على الدعاء الوارد فيه بقدر الفاتحة بطلت صلاته لأن الاعتدال ركن قصير فلا يطول إلا في محل طلب فيه التطويل كما في الاعتدال الأخير من الصلوات التي شرع فيه القنوت

السابع - السجود مرتين :

- تعريفه : السجود لغة : الخضوع والتذلل
وشرعا : مباشرة بعض جبهة المصلي لما يصلي عليه
دليل فرضيته : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } ( الحج 77 ) وحديث المسيء صلاته
أقله : مباشرة بعض جبهة المصلي موضع سجوده من الأرض
شروطه :
- 1 - الطمأنينة فيه لقوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا )
- 2 - أن ينال موضع سجوده ثقل رأسه ولا يكفي في وضع الجبهة الإمساس بل ينبغي أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته وحتى لو كان تحتها قطن لانكبس بعضه في بعض لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم " . . . ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته . . . " ( أبو داود / كتاب الصلاة باب 117 / 734 )
- 3 - ألا يقصد به غيره فلو سقط على وجهه من الاعتدال وجبت العودة إليه ثم السجود لانتفاء الهوي في السقوط بخلاف ما لو هوى للسجود وفي هويه له سقط على جنبه فعليه أن ينقلب إلى السجود بنيته وليس له في هذه الحال أن يعود إلى الاعتدال فإن فعل عامدا عالما بطلت صلاته لأنه زاد فعلا في الصلاة عمدا
- 4 - أن يرفع أسافله على أعاليه فإن صلى في سفينة مثلا ولم يتمكن من ذلك لميلانها صلى حسب حاله ولزمته الإعادة لأنه عذر نادر بخلاف ما لو كانت به علة لا يمكن معها السجود على الصورة التي ذكرنا فلا يعيد
- 5 - كشف الجبهة وعدم السجود على شيء يتحرك بحركته فلو سجد وعلى جبهته حائل يعمها لم يصح سجوده أما إن سجد على متصل به كذيل ثوبه وكمه وطرف عمامته فإن كان يتحرك بحركته في قيام أو قعود لم يصح وإن كان طويلا جدا بحيثلا يتحرك بحركته جاز وإن سجد على عصابة جرح أو نحوه وشقت عليه إزالتها ولم يكن تحتها نجاسة غير معفو عنها وكان متطهرا بالماء لم تلزمه الإعادة ولا يضر سجوده على شعر نبت على جبهته لأنه مثل بشرتها
- 6 - وضع جزء من ركبتيه وباطن كفيه وباطن أصابع قدميه مع الجبهة على الأرض . ودليله ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت ( لانكفت : لا نضم ولا نجمع والمعنى نهينا عن جمع الثوب باليدين عند الركوع والسجود وعن جمع الشعر منعا من الاسترسال وتفصيل ذلك في بحث مكروهات الصلاة ) الثياب والشعر ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 50 / 779 )
- 7 - ألا يرفع رأسه بعد السجود فلو سجد على شيء خشن يؤذي جبهته فإن زحزحها من غير رفع لم يضر وكذا إن رفعها ثم أعادها دون اطمئنان فإن اطمأن ضر ذلك لزيادة سجود ولو رفع جبهته من غير عذر وأعادها ضر ذلك مطلقا


الثامن - الجلوس بين السجدتين :

- وهو فرض في كل صلاة وكل ركعة سواء صلى قائما أو مضطجعا لأنه إذا صلى مضطجعا في النفل وهو قادر على القيام فعليه أن يجلس ليسجد ثم يجلس بين السجدتين ثم يسجد
دليل فرضيته : - قوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ) وما رواه حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال : " إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بنا " قال :
فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه . . . وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي
( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 38 / 195 )
أقله : سكون أعضائه المتحركة في حال الجلوس
شروطه :
- 1 - الاطمئنان فيه لحديث المسيء صلاته وحديث أنشر رضي الله عنه
- 2 - ألا يقصد به غيره فلو رفع رأسه فزعا من شيء لم يكف ويجب عليه أن يعود إلى السجود ثم يجلس
- 3 - ألا يطيله طولا فاحشا فإن فعل بطلت صلاته لأنه ركن قصير

التاسع - القعود بعد السجدتين الأخيرتين من كل صلاة

العاشر - التشهد في القعود الأخير :

- دليل فرضيته : حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : " كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه و سلم قلنا : السلام على جبريل وميكائيل السلام على فلان وفلان فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( إن الله هو السلام فإذا صلى أحدكم فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب / 64 / 797 . والتحيات : جمع تحية وهي ما يحيا به من قول أو فعل والقصد الثناء على الله لأنه مستحق لجميع التحيات . والصلوات : قبل الخمس وقيل مطلق الصلاة والطيبات : الأعمال الصالحة . السلام عليك : أي السلامة من النقائص والآفات . وبركاته : أي خيراته والبركة هي الخير الإلهي . والسلام علينا : هي للحاضرين من إمام ومأمومين وملائكة وإنس وجن أو لجميع الأمة . وعبا الله الصالحين : القائمين بحقوق الله وحقوق عباده . وأشهد أن لا إله إلا الله : أقر بأنه لا معبود بحق ممكن إلا الله . )
أقله : التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
شروطه
- 1 - أن يسمع نفسه
- 2 - الموالاة فإن تخلله غيره لم يعتد به ولا تضر زيادة ياء النداء قبل أيها النبي
- 3 - قراءته قاعدا إلا لعذر
- 4 - أن يكون بالعربية عند القدرة عليها
- 5 - مراعاة الحروف والكلمات والتضعيفات


الحادي عشر - الصلاة على النبي بعد التشهد الأخير قاعدا :

- دليل فرضيتها : قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } ( الأحزاب : 56 ) وحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : " أتانا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن في مجلس سعد ابن عبادة فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنكم حميد مجيد . والسلام كما قد علمتم ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 17 / 65 ومعناه يا الله أنزل الرحمة المقرونة بالتعظيم على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وعلى آله . والحميد : المحمود . والمجيد : الماجد من كمل شرفا وكرما )
وأقلها ( وأكملها ما ورد في دليل الفرضية وسيرد في سنن الصلاة ) اللهم صلى على محمد أو على النبي أو على الرسول

الثاني عشر - السلام :

- ويجب إيقاعه في حال القعود الأخير
دليل فرضيته : خبر مسلم المتقدم : ( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) فقرن التسليم بفرضية التكبير
أقله : السلام عليكم مرة واحدة دون أن يلتفت يمنة أو يسرة بل يجعلها تلقاء وجهه محافظة على العدل بين الملكين
شروطه :
- 1 - أن يقول مستقبلا القبلة بصدره فلو تحول به عن القبلة ضر بخلاف الالتفات بالوجه فإنه مسنون
- 2 - أن يسمع نفسه
- 3 - أن يكون بالعربية إن قدر عليها وإلا ترجم عنها
- 4 - التعريف بالألف واللام في السلام ( بخلاف التشهد فيجزئ فيه إسقاطهما ) ولا بد من كاف الخطاب وميم الجمع في عليكم
- 5 - موالاة الكلمتين فلو فصل بينهما بكلام أو سكت سكوتا طويلا أو قصيرا بنية القطع ضر ويجزئ قولنا : عليكم السلام لأنه لا يشترط ترتيب الكلمتين ولأن هذا سلام أيضا وإذا بدأ بكلمة السلام فلا بد من تحقيق الهمزة وإظهارها هكذا : ألسلام عليكم ولا يجزئ نطقها بإهمال الهمزة

الثالث عشر - الترتيب :

- ويقصد به تقديم القيام على الركوع والركوع والرفع منه على السجود والسجود على القعود الأخير وتقديم التشهد على الصلاة على النبي وتقديمها على السلام
آ - فلو قدم ركنا فعليا على مثله أو على قولي عامدا عالما كأن سجد قبل الركوع أو ركع قبل قراءة الفاتحة بطلت صلاته
ب - وإن قدم ركنا فعليا على مثله أو على قولي سهوا لم تبطل صلاته لكن عليه أن يأتي به فورا إن تذكره قبل أن يبلغ مثله . أما إن بلغ مثله فهذا المثل يقوم مقام المنسي ثم يتدارك الباقي من صلاته ( يأتي تفصيل هذه الحالات في فصل سجود السهو أسبابه ) ج - أما لو قدم ركنا - عدا السلام - على مثله أو على فعلي عامدا عالما كان قدم الصلاة على النبي على التشهد أو قدم التشهد على السجود فلا تبطل صلاته ولكن لا يعتد بالمقدم بل يعيده في محله
د - وإن قدم ركنا قوليا هو السلام على محله عامدا بطلت صلاته
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-25-2013
  #23
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الفصل الثاني : سنن الصلاة
- تقسم السنن إلى قسمين :
آ - أبعاض : تجبر بسجود السهو إن تركت وسميت كذلك لقربها من الفرض
ب - هيئات : لا تحتاج إلى سجود السهو إن تركت

آ - الأبعاض :

- وهي أربعة :
- 1 - التشهد الأول والجلوس له
- 2 - الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في التشهد الأول والقعود لها ولا تندب الصلاة على الآل بعدها بل تكره فيه
- 3 - الصلاة على الآل في التشهد الأخير
- 4 - القنوت والقيام له بعد الاعتدال من الركوع الثاني من فرض الصبح لما روى أنس رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم قنت شهرا يدعو عليهم ثم تركه ( عليهم أي على الكفار الذين قتلوا أصحابه القراء ببئر معونة وقوله ثم تركه أي : ثم ترك الدعاء على أولئك الكفار ولعنتهم فقط لا أنه تكر جميع القنوت أو ترك القنوت في غير الصبح . المجموع ج 3 / ص 485 ) فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا " ( البيهقي ج 2 / ص 201 ) وفي الوتر في النصف الثاني من شهر رمضان لما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : " علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم كلمات أقولهن في الوتر : اللهم هدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 341 / 464 ) وزاد البيهقي بعد قوله " ولا يذل من واليت " : ولا يعز من عاديت " ( البيهقي ج 2 / ص 209 ) وزاد النسائي : " وصلى الله على النبي محمد " ( النسائي ج 3 ص 248 ) قال النووي : " ولو زاد عليهن : فلك الحمد على ما قضيت أستغفرك وأتوب إليك بعد قوله : تباركت ربنا وتعاليت فلا بأس به " ( المجموع ج 3 / ص 477 )
وإن كان القانت إماما أتى بلفظ الجمع ولم يخص نفسه بالدعاء
وما ذكر هو قنوت النبي صلى الله عليه و سلم ويسن جمعه إلى قنوت عمر رضي الله عنه ولكن يبدأ بقنوت النبي صلى الله عليه و سلم وقنوت عمر رضي الله عنه هو : " اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوب إليك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم " ( انظر البيهقي ج 2 / ص 211 ، ونحفد نسرع )
ولا تتعين هذه الكلمات للقنوت وإنما يحصل بكل دعاء وثناء وآية فيها دعاء كآخر سورة البقرة ثم يصلي على النبي . لكن الكلمات السابقة أفضل
ما يندب في القنوت :
( 1 ) رفع اليدين لما روى البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه بسند صحيح في قصة قتل القراء : " ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم يعني على الذين قتلوهم " ( البيهقي ج 2 / ص 211 ) ولا يسن مسح الوجه أو الصدر عقب القنوت . قال البيهقي : " أما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة ( البيهقي ج 2 / ص 212 )
( 2 ) أن يجهر به إن كان إماما لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : " وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم حين يرفع رأسه يقول : ( سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ) يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول : ( اللهم أنج الوليد بن الوليد ) " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 44 / 771 ) فلولا جهر لما سمعه الراوي ولما قدر المؤتمون على التأمين - على ما سيأتي بيانه في حديث أبي داود التالي في قنوته صلى الله عليه و سلم
ويؤمن المأموم على دعاء الإمام لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ط قنت رسول الله صلى الله عليه و سلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلات إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 345 / 1443 ) ويشاركه في الثناء سرا مثلما يقول إمامه في قوله : إنك تقضي ولا يقضى عليك . . . لأنه ثناء وذكر لا يليق فيه التأمين . أما إن لم يسمعه لبعد عنه أو لصمم في أذنيه فيقنت لنفسه
أما المنفرد فيسر به في الصلاة السرية ويجهر به في الجهرية
( 3 ) الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في آخره

ب - الهيئات وهن :

1 - التلفظ بالنية قبل التكبير

2 - رفع اليدين - وكفاه مكشوفتان متوجهتان إلى القبلة مفرجتا الأصابع - حذو المنكبين ( قبالتهما ) بأن تحاذي أطراف الأصابع أعلى الأذنين وإبهاماه شحمتيهما وكفاه منكبيه ( اختلف العلماء في الحكمة من رفع اليدين : فالشافعي رضي الله عنه يراه إعظاما لجلال الله تعالى واتباعا لسنة رسوله ورجاء لثواب الله . وقال التميمي الشافعي : من الناس من قال : رفع اليدين تعبد لا يعقل معناه . ومنهم من قال : هو إشارة إلى طرح ما سواه تعالى والإقبال بكليته على صلاته . ومنهم من قال : هو استسلام وانقياد كالأسير إذا استسلم . ومنهم من قال : يرفع ليراه من لا يسمع التكبير فيعلم أنه دخل في الصلاة فيقتدي به )
ويكون الرفع في أربعة مواضع :
( 1 ) مع تكبيرة الإحرام فيبتدئ بابتداء التكبير وينتهي بانتهائه فإن سبقت اليد أثبتها مرفوعة حتى يفرغ من التكبير لأن الرفع للتكبير فكان معه
( 2 ) عند الهوي للركوع ويبتدئ بابتداء التكبير إلا أنه يمد التكبير بعد الرفع إلى أن يصل إلى الركوع فالرفع والتكبير يبدأان معا دون الانتهاء
( 3 ) الرفع عند الانتهاء من الركوع مع قولنا : سمع الله لمن حمده
( 4 ) الرفع عند القيام من التشهد الأول . وكذا لو كان يصلي قاعدا فيرفع يديه عند ابتداء الركعة الثالثة
ودليله : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع ويقول : سمع الله لمن حمده ولا يفعل ذلك في السجود " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 3 / 703 )
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم " أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 118 / 744 ) وقوله إذا قام من السجدتين يعني به الركعتين والمراد إذا قام من التشهد الأول كذا فسره الترمذي وغيره )

3 - التفريق بين القدمين في القيام وتوجيه أصابعهما إلى القبلة
4 - وضع اليمنى على اليسرى وذلك بأن يقبض بيمينه كوع يساره وبعض ساعده ورسغه وأن تكون أصابع اليمنى حول المفصل ويكونا تحت صدره فوق سرته لحديث وائل ابن حجر رضي الله عنه " أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 15 / 54 ) وفي رواية أبي داود بإسناد صحيح عن عاصم ابن كليب قال فيه : " ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 116 / 727 ) ولأن وضع اليد على اليد أسلم له من العبث وأحسن في التواضع والتضرع والتذلل فإن أرسلهما ولم يعبث لم يضر
5 - أن ينظر إلى موضع سجوده في قيامه وقعوده طلبا للخشوع وغضا للبصر عما يلهي ولو كان عند الكعبة أما في التشهد فينظر إلى مسبحته عند قوله إلا الله . وفي صلاة الخوف يندب أن ينظر إلى جهة عدوه لئلا يبغته

6 - قراءة دعاء التوجه : وهو مستحب في الفرض والنفل - كما يدل عليه حديث علي رضي الله عنه اللاحق - للمنفرد وللإمام وللمأموم وإن شرع إمامه في الفاتحة أو أمن لتأمين إمامه قبل شروعه فيه شروطه :
( 1 ) أن يكون عقب تكبيرة الإحرام قبل أن يشرع في التعوذ أو القراءة قبله فإذا شرع بهما أو بأحدهما قبله ولو سهوا لم يعد إليه لفوات محله
( 2 ) أن يكون في غير صلاة الجنازة
( 3 ) ألا يخاف فوات وقت الأداء فلو كان ما بقي لا يسع ركعة لم يسن الإتيان به وأما لو بقي من الوقت ما يسعه ويسع ركعة فتسن قراءته
( 4 ) ألا يخاف المأموم فوت بعض الفاتحة فإن خاف ذلك لم يسن له
( 5 ) أن يكون إدراكه للإمام في القيام لا في غيره فلو أدركه في الاعتدال لم يقرأه أما إن أدركه في التشهد وسلم الإمام أو قام قبل أن يجلس معه فتسن له قراءته
صيغته : وردت في دعاء الافتتاح صيغ عدة أفضلها ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال : ( وجهت وجهي ( أقبلت بذاتي وقصدت بعبادتي ) للذي فطر ( ابتدأ خلقها على غير مثال سابق ) السموات والأرض حنيفا ( مائلا عن الأديان الباطلة إلى الحق ) وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ( عبادتي ) ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك ( هو مثنى ومعناه أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة ) وسعديك ( مثنى كذلك ومعناه : مساعدة بعد مساعدة ومتابعة لدينك الذي ارتضيته بعد متابعة ) والخير كله في يديك والشر ليس إليك ( لا يتقرب به إليك أو لا يصعد إليك وإنما يصعد إليك العمل الصالح ) أنا بك وإليك ( توفيقي بك والتجائي إليك أو أعتصم بك وألجأ إليك ) تباركت ( استحققت الثناء ) وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 201 )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ . فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ قال : ( أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد ) " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 27 / 147 )
وقد يرد غير ما ذكر من دعاء الافتتاح مثل : " الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 27 / 150 في حديث ابن عمر رضي اله عنهما ) أو " الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 27 / 149 ، وهذا الدعاء وسابقه ولاحقه من كلام الصحابة لا من كلام النبي صلى الله عليه و سلم ) أو " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر "
ويستحب الجمع بين كل ما ذكر للمنفرد ولإمام قوم محصورين راضين بالتطويل

7 - التعوذ ( التعوذ والاستعاذة بمعنى الاستجارة ) ويسن سرا في كل ركعة قراءة . ودليله : قوله تعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } ( النحل : 98 ) ويسر به ولو كانت الصلاة جهرية ويفوت التعوذ بالقراءة ولو سهوا
شروط التعوذ : هي شروط دعاء التوجه نفسها لكن تخالفها في اثنين :
( 1 ) يسن التعوذ في كل صلاة حتى الجنازة
( 2 ) يسن التعوذ للمأموم المسبوق بعد جلوسه مع إمامه فلو قعد معه ثم قام بعد سلامه أو قيامه تعوذ للقراءة
ومحله : بعد الفراغ من دعاء التوجه في الأولى وقبل القراءة في كل ركعة
ويحصل بكل لفظ يشتمل على التعوذ والأفضل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

8 - السكوت : تسن سكتة لطيفة بين التحريم والتوجه وبين التوجه والتعوذ وبين التعوذ والبسملة وبين الفاتحة وآمين وبين آمين والسورة وبين السورة وتكبيرة الركوع فهذه ست سكتات كلها تكون بقدر سبحان الله باستثناء السكتة التي بين آمين والسورة بالنسبة للإمام في الصلاة الجهرية فإنه يطيلها بقدر قراءة المأموم للفاتحة ويشتغل بالدعاء أو الذكر سرا أو بالقراءة وهي أفضل يبدؤها سرا ريثما ينتهي المأموم من فاتحته ثم يجهر بها روى الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه كان يسكت سكتتين : إذا استفتح وإذا فرغ من القراءة كلها " وفي رواية : " وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة عند الركوع " وهاتان روايتا أبي داود ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 123 / 778 و 777 ) وفي رواية له وللترمذي " سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 123 / 779 )


9 - الجهر ( وحد الجهر أن يسمع من يليه ) في الصلاة الجهرية للمنفرد والإمام أما المأموم فيستحب له الإسرار ويكره له الجهر سواء سمع قراءة الإمام أم لا لئلا يشوش على الإمام وينازعه القراءة ولأنه مأمور بالإنصات إلى الإمام ودليل كراهة الجهر للمأموم حديث عمران بن حصين رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الظهر فجعل رجل يقرا خلفه بسبح اسم ربك الأعلى فلما انصرف قال : ( أيكم قرأ أو أيكم القارئ ؟ ) فقال رجل : أنا فقال : ( قد ظننت أن بعضكم خالجنيها ( خالجنيها : جاذبنيها ونازعنيها ) ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 12 / 48 ) والمرأة والخنثى تجهران حيث لا يسمعهما أجنبي وإلا أسرتا
ويحرم الجهر في حضرة من يتأذى به وقيل يكره
ويندب في نوافل الليل المطلقة التوسط بين الجهر والإسرار بشرط ألا يشوش على نائم أو مصل آخر أو مطالع في كتب العلم
موضع الجهر :
في الفرائض : صلاة الصبح ودليله ما رواه البخاري تحت باب الجهر بقراءة الفجر أن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " " طفت وراء الناس والنبي صلى الله عليه و سلم يصلي ويقرأ بالطور " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 23 ) وأوليا المغرب والعشاء عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ في المغرب بالطور " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 17 / 731 ) وعن البراء رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 18 / 733 ) وركعتي الجمعة
أما الفريضة المقضية فالجهر والإسرار فيها منوطان بوقت القضاء لا بوقت لزوم الأداء . فلو قضى السرية بالليل جهر أو قضى الجهرية بالنهار أسر
ولو أدرك ركعة من الصبح في وقتها والأخرى خارجة جهر في الأولى وأسر في الثانية إلا الإمام فيجهر فيها بالقنوت
وفي النوافل : يجهر في صلاة العيدين وفي صلاة الاستسقاء ولو نهارا وصلاة خسوف القمر والتراويح ووتر رمضان وركعتي الطواف إن أتى بهما ليلا أو وقت الصبح
موضع الإسرار :
في سوى ما ذكر من الصلوات كصلاة الظهر والعصر وأخيرة المغرب وأخيرتي العشاء عن أبي معمر قال : قلت لخباب بن الأرت رضي الله عنه : " أكان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في الظهر والعصر ؟ قال : نعم . قال : قلت : بأي شيء كنتم تعلمون قراءته ؟ قال : باضطراب لحيته " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 15 / 727 ) ويسر في السنن الراتبة مطلقا حتى الليلة منها وفي صلاة كسوف الشمس ونوافل النهار مطلقا
ولو جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر لم تبطل صلاته ولا سجود سهو فيهلكنه مكروه إلا لعذر


10 - التأمين ( وهو قول آمين وآمين فعل أم بمعنى استحب وقيل إنه اسم من أسمائه تعالى ) بعد الفراغ من الفاتحة ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 29 / 747 ) وموضع التأمين : بعد الفراغ من الفاتحة أو أية آية فيها دعاء سواء في الصلاة أية صلاة أو خارجها لكنه في الصلاة أشد استحبابا
من يسن له التأمين : يسن التأمين بصورة عامة للقارئ أو السامع وفي الصلاة للمنفرد وللإمام والمأموم يقولها مع إمامه لا يتقدم عليه فيها ولا يتأخر لقوله صلى الله عليه و سلم في حديث أبو هريرة رضي الله عنه : ( فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) فينبغي أن يقع تأمين الإمام والمأموم والملائكة دفعة واحدة ( التأمين وحده الذي يستحب فيه مقارنة الإمام والسبب في ذلك أن التأمين لا لتأمين الإمام بل لقراءته وقد فرغت قراءته . ) فإذا أخر الإمام التأمين عن وقته المندوب فيه أو تركه أمن المأموم جهرا ليسمعه الإمام فيأتي به
وإذا انتهى الإمام والمأموم من الفاتحة معا كفى المأموم تأمين واحد مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده لما تقدم . ولو انتهى المأموم قبل الإمام أمن على قراءته ثم يؤمن مع إمامه أو وقع العكس قطع فاتحته وأمن لقراءة إمامه ثم يؤمن لقراءة نفسه إذا فرغ
ويكون التأمين سرا في الصلاة السرية وجهرا في الصلاة الجهرية
وإذا ترك المصلي التأمين حتى اشتغل بغيره فات ولم يعد إليه


11 - قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في الصبح والأوليين من سائر الصلوات لحديث أبي قتادة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الآية ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية وهكذا في العصر وهكذا في الصبح " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 25 / 743 )
أما صلاة التطوع فيقرأ فيها السورة في جميع الركعات إن صلاها بتشهد واحد وإلا لم يقرأها بعد التشهد الأول قياسا على ما بعد الأوليين من الفرائض
أما المأموم فلا يقرأ بعد الفاتحة شيئا إن كانت الصلاة جهرية أما إن كانت سرية أو كان لا يسمع الإمام في صلاة جهرية أو كان يسمعه ولا يفهم فالقراءة له سنة في هذه الحال
ومن فاتته السورة في الأوليين تداركها في باقي صلاته فالمسبوق بالأوليين في صلاة رباعية يقرأ في الثالثة والرابعة من صلاة الإمام لأنهما أول صلاته فإن لم يتمكن قرأ في أخيرتين سرا لئلا تخلوا صلاته من السورة بلا عذر
ولو قرأ المصلي السورة ثم قرأ الفاتحة أجزأته الفاتحة ولا تحسب له السورة لأنه أتى بها في غير موضعها
ولو قرأ الفاتحة مرتين لم تبطل صلاته لكن لا تحسب له المرة الثانية عن السورة لأن الفاتحة مشروعة في الصلاة فرضا والشيء الواحد لا يؤدي به فرض ونفل في محل واحد
ومن المستحبات في القراءة ما يلي :
( 1 ) الترتيل ( الترتيل : وصل الحروف والكلمات على ضرب من التأني ) والتدبر ( التدبر : التبصر والتفكر ) لقوله تعالى : { ورتل القرآن ترتيلا } ( المزمل : 4 ) وقوله تعالى أيضا : { كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا آياته } ( ص : 29 )
( 2 ) قراءة السورة كاملة وهو أفضل من بعض السورة الطويلة ولو كان بقدر القصيرة الكاملة لأنه قد يقف في غير موضع الوقف المستحب أو الواجب
( 3 ) تطويل قراءة الركعة الأولى عن الثانية لحديث أبي قتادة رضي الله عنه المتقدم إلا حيث ورد النص على العكس كما لو وجد زحمة في المسجد فيسن للإمام تطويل الثانية عن الأولى ليلحقه منتظر السجود ( وهو المأموم الذي لم يجد موضعا للسجود بسبب الزحام فينتظر حتى يرفع الإمام رأسه من السجود ويتسع المكان لسجوده وعندها يسجد ثم يلحق بالإمام )
( 4 ) عدم تكرار السورة في الركعتين إلا إذا كان لا يحفظ غيرها
( 5 ) يسن أن تكون القراءة على ترتيب المصحف وتواليه فمثلا لو قرأ في الركعة الأولى سورة الناس فالأولى أن يقرأ في الثانية أول البقرة
( 6 ) تسن قراءة سورة من قصار المفصل ( سمي المفصل لكثرة الفصول فيه بين سوره وقصار المفصل من سورة الضحى إلى آخر القرآن ) في المغرب وطوال المفصل ( طوال المفصل من سورة الحجرات إلى سورة النبأ ) في الصبح وبقريب منه في الظهر وذلك للمنفرد ولإمام محصورين في مسجد غير مطروق رضوا بالتطويل وليس فيهم ذوات أزواج ولا أجراء عين ( أجير عين : هو أجير بنفسه خلال زمن محدد ) إلا أن يأذن الزوج والمستأجر فإن تخلف شرط من ذلك ندب الاقتصار في كل الصلوات على فصار المفصل ويكره خلافه وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل ( وأوساط المفصل من سورة النبأ إلى سورة الضحى ) وذلك لحديث سليمان بن يسار عن أبو هريرة رضي الله عنه قال : " ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله من فلان . قال سليمان : كان يطيل الركعتين الأوليين من الظهر ويخفف الأخريين ويخفف العصر ويقرأ في المغرب بقصار المفصل ويقرأ في العشاء بوسط المفصل ويقرأ في الصبح بطول المفصل " ( النسائي ج 2 / ص 167 )
وفي فج الجمعة يسن أن يقرأ { ألم تنزيل } السجدة و { هل أتى على الإنسان } لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر ألم تنزيل السجدة وهل أتى على الإنسان " ( البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 9 / 851 ) والحكمة من هذه السنة :
آ - أن وقت الصبح طويل وصلاته قصيرة فكان التطويل مناسبا
ب - ووقت الظهر طويل وصلاته كذلك وهو وقت نشاط فناسب فيه قراءة القريب من طول المفصل
ج - ووقت العصر والعشاء طويل وفروضهما كذلك وأوقاتهما ليست بأوقات نشاط فلما تعارضا ناسبهما التوسط
د - ووقت المغرب قصير فناسبه القصر
هذا للمقيم أما المسافر فيقرأ في صلواته جميعها بسورة الكافرون وسورة الإخلاص تخفيفا عليه
أما ترك السورة أصلا فمكروه
( 7 ) سؤال الرحمة عند قراءة آية فيها ذكر الرحمة والاستعاذة عند آية فيها ذكر العذاب والتسبيح عن آية فيها تسبيح والاستغفار عند آية فيها استغفار والإجابة عن الأسئلة في الآيات الاستفهامية ( كما لو قرأ : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } فيجيب بلى قادر وأنا على ذلك من الشاهدين ) ويفعل ذلك الإمام والمأموم ويجهران بها في الصلاة الجهرية

12 - التكبير للانتقال ومده إلى الركن الذي بعده لئلا يخلو جزء من صلاته من ذكر الله ويكون المد بلام الجلالة بخلاف تكبيرة الإحرام فندب الإسراع بها لئلا تزول النية
ويجهر بالتكبيرات إن كان إماما أو مبلغا ليسمعه المأمومون لما روي عن أبو هريرة رضي الله عنه : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم : ربنا لك الحمد ثم يكبر حين يهوي ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 35 / 756 ) ولا بد أن يستحضر ( ومعنى يستحضر : أن يقصد ذكر الله أو أن يشرك بين قصد الذكر والتبليغ ) بقلبه ذكر الله ولو مع التبليغ أما لو قصد التبليغ أو الإسماع فقط فإن الصلاة تبطل أما المنفرد والمأمومون - غير المبلغ - فيسرون بالتكبيرات ويكره لهم الجهر بها . وأما المرأة فإن أمت النساء جهرت أيضا إن لم يسمعها أجنبي

13 - ويسن في الركوع مد الظهر والعنق من غير أن يصوب رأسه أو يقنعه ( لم يصوب رأسه : لم يبالغ في خفضه وتنكيسه ولم يقنعه : لم يرفعه ) لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 148 / 855 ) وحديث عائشة رضي الله عنها في صفة صلاته صلى الله عليه و سلم قالت : " . . . وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 46 / 240 ، ويشخص رأسه : يرفعه . ) كما يسن نصب الساقين والفخذين وأخذ الركبتين باليدين وتفريق أصابعهما وتوجيهها إلى القبلة لما روي عن سالم البراد قال : " أتينا عقبة بن عمر وأبا مسعود فقلنا : حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام بين أيدينا في المسجد فكبر فلما ركع كبر ووضع راحتيه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك ثم جافى مرفقيه ثم قال : هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل " ( المستدرك ج 1 / ص 224 ) أما أقطع اليد فيفعل بالسليمة ما ذكر ويرسل الثانية أما أقطع اليدين فيرسلهما ومثله قصيرهما ويجافي الرجل مرفقيه للحديث المتقدم أما المرأة فتضمهما إلى جنبيها لأنه أستر لها وكذلك تفعل الخنثى كما يجافي الرجل قدميه إحداهما عن الأخرى وركبتيه كذلك بقدر شبر
ويقول في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده . وتتحقق السنة بواحدة لكن الأفضل قولها ثلاثا وذلك أدنى الكمال لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 194 / 261 )
والزيادة على الثلاث أفضل للمنفرد ولإمام محصورين رضوا بالتطويل على أن يختم عددها بوتر ولا تزيد على إحدى عشرة مرة ويستحب أن يضيف على السبحة " وبحمده " فيقول : سبحان ربي العظيم وبحمده
والأفضل أن يقول بعد هذا التسبيح - قل أو كثر اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 201 . من رواية علي رضي الله عنه في حديث التوجه وقد تقدم بعضه ) وهذا أتم الكمال . وإن أراد الاقتصار على التسبيح أو الدعاء فالتسبيح أفضل
وتكره القراءة في الركوع - وغيره من بقية الأركان غير القيام - لحديث علي رضي الله عنه قال : " نهاني رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قراءة القرآن وأنا راكع أو ساجد " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 41 / 210 )

14 - يسن إذا رفع رأسه للاعتدال أن يرفع يديه حال ارتفاعه قائلا : سمع الله لمن حمده لحديث أبو هريرة رضي الله عنه المتقدم يقولها الإمام والمأموم والمنفرد يجهر بها الإمام والمبلغ ويسران بربنا لك الحمد أما المأموم والمنفرد فيسران بهما
فإذا استوى قائما قال ما رواه ابن عباس رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال : ( اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 40 / 206 ) ويزيد المنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذات الجد منك الجد " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 40 / 205 والجد بالفتح : الحظ والغنى والمعنى : لا ينفع ذا المال والحظ والغنى غناه من عقابك وإنما ينفعه ويمنعه من عقابك العمل الصالح )


15 - ويسن في السجود وضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه مكشوفة على الأرض لما روى وائل بن حجر رضي الله عنه قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 199 / 268 ) قال الخطابي : " وهو - يعني وضع الركبتين قبل اليدين - أرفق بالمصلي وأحسن في الشكل ورأي العين " ( المجموع ج 3 / ص 394 ) ويسن للرجل في السجود مجافاة مرفقيه عن جنبيه ورفعهما عن الأرض والاعتماد على الكفين لحديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 46 / 774 ) ولحديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 57 / 788 ) والاعتماد على الكفين ومجافاة بطنه عن فخذيه لحديث أبي حميد رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم وفيه " إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 117 / 735 ) ويجافي بين قدميه وبين ركبتيه بقدر شبر . أما المرأة فتضم بعضها إلى بعض لأن ذلك أستر لها وترفع مفرقيها وتعتمد على راحتيها كالرجل . ويسن ضم أصابع اليدين ونشرها واستقبال القبلة بها . لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه في صفة صلاته صلى الله عليه و سلم وفيه : " وإذا سجد ضم أصابعه " ( البيهقي ج 2 / ص 112 ) ولحديث البيهقي بإسناده عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا سجد فوضع يديه بالأرض استقبل بكفيه وأصابعه القبلة " ( البيهقي ج 2 / ص 113 ) ويجعل كفيه حذو منكبيه ورأسه بينهما لحديث أبي حميد رضي الله عنه في رواية البيهقي في صفة صلاته صلى الله عليه و سلم وفيه " سجد . . . ووضع كفيه حذو منكبيه " ( البيهقي ج 2 / ص 112 ) وينصب القدمين - ويسن للجل كشفهما وإبرازهما من ثوبه - ويوجه أصابعهما للقبلة ويعتمد على بطونهما لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه - من رواية البخاري - وفيه : " فإذا سجد . . . واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 61 / 794 )
ويسن أن يقول في سجوده : سبحان ربي الأعلى ويفضل أن يقول ذلك ثلاثا . ويزيد المنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل ( اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ) ( هو تتمة حديث علي رضي الله عنه المتقدم أخرجه مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين باب 26 / 201 ) وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول في ركوعه وسجوده : ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 42 ، 223 ، و سبوح قدوس : صفتان لله تعالى أي مسبح ومقدس ومعناه مبرأ من كل نقص ومن الشريك ومن كل ما لا يليق بالإلهية . الروح جبريل عليه السلام . ) ويسن اجتهاد المنفرد بالدعاء في سجوده رجاء الإجابة لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 42 / 215 )

16 - يسن في الجلوس بين السجدتين :
( 1 ) الافتراش : وهو أن يجلس المصلي على عقب رجله اليسرى بحيث يلي ظهرها الأرض وينصب رجله اليمنى ويضع أطراف أصابعه منها على الأرض ويوجه أصابعها نحو القبلة وكذا في سائر الجلوس ( عدا الجلوس للتشهد الأخير فإنه يطلب فيه التورك ) كجلوس المصلي قاعدا للقراءة وجلوسه للاستراحة والجلوس للتشهد الأول وجلوس المسبوق في حال تورك إمامه وجلوس الساهي ( الساهي : من طلب منه سجود السهو وأراد فعله فإنه يفترش في التشهد الأخير ثم يسجد للسهو ثم يتورك ليسلم )
والدليل على الافتراش حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في وصف صلاته صلى الله عليه و سلم : " فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 61 / 794 )
( 2 ) أن يضع المصلي يديه على فخذيه قريبا من ركبتيه وينشر أصابعهما مضمومة موجهة إلى القبلة ويقول ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول بين السجدتين : ( اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 211 / 284 )


17 - تسن جلسة خفيفة للاستراحة عقب السجدتين في كل ركعة يعقبها قيام ( وهي السجدة الثانية في الركعة التي لا يعقبها تشهد ) ولو لم يجلسها الإمام فيجلسها المأموم لأنها بسيطة ولا تعتبر مخالفة للإمام ويستثنى من ذلك سجدة التلاوة في الصلاة فلا يستحب لها جلسة استراحة والدليل عليها حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في حديث المسيئ صلاته : ( اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ) ( البخاري ج 5 / كتاب الاستئذان باب 18 / 5897 ) ولا يكبر لها بل يرفع رأسه من السجود الثاني مكبرا ويمده إلى أن يستوي قائما ويخفف الجلسة وذلك حتى لا يخلو جزء من الصلاة عن ذكر

18 - الاعتماد بيديه على الأرض عند القيام وبجعل راحتيه وبطون أصابعها على الأرض لحديث أيوب السختياني عن أبي قلابة قال : " جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا فقال : إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة لكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يصلي قال أيوب : فقلت لأبي قلابة : وكيف كانت صلاته ؟ قال : مثل صلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة - قال أيوب : وكان ذلك الشيخ يتم التكبير وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 59 / 790 ) ولأن ذلك أبلغ في الخشوع والتواضع وأعون للمصلي وأحرى ألا ينقلب


19 - ويسن في التشهد الأخير :
( 1 ) التورك وهو أن يخرج رجله اليسرى على حالتها في الافتراش من جهة يمينه ويلصق وركه الأيسر بالأرض ويبقي القدم اليمنى على بطون الأصابع وذلك للإتباع إلا من كان عليه سجود سهو فيفترش
والحكمة من التورك التمييز بين التشهدين ليعلم المسبوق حال الإمام في الجلسة الأخيرة ودليله ما ورد في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه من رواية البخاري : " . . . وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته "
( 2 ) أن يضع يديه على فخذيه - في الجلوس للتشهدين - منعا للعبث يبسط أصابع اليسرى منهما جهة القبلة مضمومة محاذيا برؤوسها طرف ركبتيه ويضع اليمنى على طرف الركبة اليمنى مقبوضة الأصابع إلا المسبحة فيرسلها جهة القبلة ويضع الإبهام تحتها ويرفعها إذا بلغ الهمزة الثانية من قوله : لا إله إلا الله بلا تحريك
وأكمل التشهد ما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول : ( التحيات المباركات والصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 16 / 60 ، المباركات : الناميات وقد تقدم شرح باقي الألفاظ في فصل أركان الصلاة )
وأكمل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أن يجمع ما في الأحاديث الصحيحة فيقول : " اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " ( قد تقدم الشرح في أركان الصلاة )
ولا بأس بزيادة كلمة سيدنا قبل ذكر اسمه صلى الله عليه و سلم والدعاء بما شاء . ومن الأدعية الواردة بين التشهد والتسليم :
ما روت أم سلمة رضي الله عنها : " أنه كان أكثر دعائه صلى الله عليه و سلم : ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) ( الترمذي ج 5 / كتاب الدعوات باب 90 / 3522 ) وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : " علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال : قال : ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أن الغفور الرحيم ) " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 65 / 799 )
وأفضل الأدعية ما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يدعو في الصلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 65 / 798 ، والمغرم : الدين ) ومنه : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 201 ، من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه )
ويكره الجهر بالتشهد وبالصلاة على النبي والدعاء والتسبيح

20 - ويسن في السلام أن يقول : ورحمة الله بعد السلام عليكم وأن يأتي بتسليمة ثانية وفي كل منهما يبتدئ من جهة القبلة وينتهي مع انتهاء الالتفات إلى اليمين في الأولى وإلى اليسار في الثانية بحيث ترى صفحة خده في كل مرة ويفصل بينهما بسكتة لطيفة . وينوي السلام على من التفت هو إليه من ملائكة ومؤمني الإنس والجن وينوي أيضا الرد على من سلم عليه من إمام ومأموم
كما يستحب أن يدرج لفظة السلام ولا يمدها لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : " حذف ( قال ابن المبارك عناه : لا يمده مدا المجموع ج 3 ص 463 ) السلام سنة " ( أبو داود ج 1 كتاب الصلاة باب 192 / 1004 )


21 - ومن سنن الصلاة الخشوع وهو حضور القلب وسكون الجوارح وأن يتدبر القراءة والأذكار . لقوله تعالى : { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } ( المؤمنون : 2 ) ولحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة ) ( مسلم ج 1 / كتاب الطهارة باب 6 / 17 ) ويندب الاستغفار والذكر عقب الصلاة ودليله ما ورد عن ثوبان رضي الله عنه موله رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام ) " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 26 / 135 ) ويسر به أما الإمام الذي يريد تعليم الحاضرين فيجهر به ويقبل على المأمومين عاجلا يساره إلى المحراب
ويندب رفع اليدين بالدعاء ثم مسح الوجه بهما
ومن الأدعية المأثورة ما رواه البخاري من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 71 / 808 ) ومنها : اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر وسلامة من كل إثم ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 348 / 479 ) ومنها ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 361 / 1522 ) وعن سعد رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يتعوذ منهن - أي من الأشياء المذكورة في هذه الكلمات - دبر الصلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر ) " ( البخاري ج 3 / كتاب الجهاد باب 25 / 2667 )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قلنا لأبي سعيد هل حفظت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا كان يقوله بعدما سلم ؟ قال : نعم كان يقول : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ) " ( رواه الطبراني مجمع الزوائد ج 2 / ص 147 )
ويندب حمد الله في أول الدعاء والصلاة على النبي في أوله وآخره لما روى الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفا قال : " إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه و سلم " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 352 / 486 ) ويستحب للمصلي منفردا أو مأموما أن يطيل الذكر بعد الصلاة ويكثر الدعاء بعد المكتوبة رجاء الإجابة
أما الإمام فيندب له الانصراف عقب سلامه إذا لم يكن ثمة نساء لحديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت " كان يسلم فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 73 / 812 ) وذلك باستثناء ما بعد الصبح وبعد العصر فإن الجلوس أفضل في هذين الوقتين إلى طلوع الشمس وغروبها لما روي عن أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( تامة تامة تامة ) " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 412 / 586 )
ويمكث المأموم حتى يقوم الإمام وينصرف جهة حاجته وإلا ففي جهة يمينه
ويندب الفصل بين السنة والفرض بذكر أو انتقال وهو أفضل
كما يسن للمرء أن يصلي إلى سترة يدنو منها من جدار أو سارية أو شاخص ينصبه لحديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) ( النسائي ج 2 / ص 62 )
ويستحب ألا يقل طول السترة عن ثلثي ذراع ( الذراع المقصود هو الذراع الهاشمي وهو من المرفق إلى رؤوس الأصابع مبسوطة ) أما عرضها فلا ضابط فيه بل يكفي الغليظ والدقيق لحديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( يجزئ من السترة مثل مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة ) ( المستدرك ج 1 / ص 252 ، ومؤخرة الرحل هي الخشبة التي يستند إليها الراكب من رحل البعير والرحل للبعير كالسرج للفرس ) ومؤخرة الرحل هي قدر عظم الذراع وهو نحو ثلثي ذراع كما يستحب ألا تزيد المسافة بين المصلي والجدار أو الشاخص على ثلاثة أذرع لأن النبي صلى الله عليه و سلم دخل الكعبة فصلى وبينه وبين الجدار نحو من ثلاثة أذرع ( انظر البخاري ج 2 كتاب الحج باب 51 / 1522 )
فإن لم يجد بسط طاهرا يصلي عليه أو خط خطا وفقا للمسافة المذكورة روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ثم لا يضره ما مر أمامه ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 103 / 689 )
ويجوز له الاستتار بالدابة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعرض راحلته وهو يصلي إليها " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 47 / 247 ، ويعرض راحلته أي يجعلها معترضة بينه وبين القبلة )
ويحرم المرور بين المصلي السترة حتى يحرم المرور بين المصلي والخط ويستحب للمصلي دفع من أراد الاجتياز بين يديه والسترة لحديث أبي سعيد رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ) ( البخاري ج 1 / كتاب سترة المصلي باب 10 / 487 ) وعن أبي جهيم الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ( أي ماذا عليه من الإثم ) لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه ) قال أبو النضر : " لا أدري قال أربعين يوما أو شهرا أو سنة " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 48 / 261 ) لكن لا تبطل صلاته بمرور من مر وما مر على الإطلاق ( والأحاديث الواردة في قطع المرأة والدابة والكلب للصلاة بعضها ضعيف وصحيحها محمول على قطع الخشوع لا الصلاة نفسها لصحة الأحاديث المعارضة . )
أما المرور بين يدي المصلي لسد فرجة في الصف المتقدم ( صفوف المصلين كل صف ستر لما بعده فلا يجوز أن يمر بين الصفين إلا في الحالة التي ذكرنا ) فلا شيء فيه ومثله المرور من بعد الشاخص لما في حديث أبو هريرة رضي الله عنه المتقدم ( ثم لا يضره ما مر أمامه ) وكذلك المرور بين يدي المصلي إذا صلى في قارعة الطريق غير متخذ سترة
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-25-2013
  #24
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الفصل الثاني : سنن الصلاة
- تقسم السنن إلى قسمين :
آ - أبعاض : تجبر بسجود السهو إن تركت وسميت كذلك لقربها من الفرض
ب - هيئات : لا تحتاج إلى سجود السهو إن تركت

آ - الأبعاض :

- وهي أربعة :
- 1 - التشهد الأول والجلوس له
- 2 - الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في التشهد الأول والقعود لها ولا تندب الصلاة على الآل بعدها بل تكره فيه
- 3 - الصلاة على الآل في التشهد الأخير
- 4 - القنوت والقيام له بعد الاعتدال من الركوع الثاني من فرض الصبح لما روى أنس رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم قنت شهرا يدعو عليهم ثم تركه ( عليهم أي على الكفار الذين قتلوا أصحابه القراء ببئر معونة وقوله ثم تركه أي : ثم ترك الدعاء على أولئك الكفار ولعنتهم فقط لا أنه تكر جميع القنوت أو ترك القنوت في غير الصبح . المجموع ج 3 / ص 485 ) فأما في الصبح فلم يزل يقنت حتى فارق الدنيا " ( البيهقي ج 2 / ص 201 ) وفي الوتر في النصف الثاني من شهر رمضان لما رواه الحسن بن علي رضي الله عنهما قال : " علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم كلمات أقولهن في الوتر : اللهم هدني فيمن هديت وعافني فيمن عافيت وتولني فيمن توليت وبارك لي فيما أعطيت وقني شر ما قضيت فإنك تقضي ولا يقضى عليك وإنه لا يذل من واليت تباركت ربنا وتعاليت " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 341 / 464 ) وزاد البيهقي بعد قوله " ولا يذل من واليت " : ولا يعز من عاديت " ( البيهقي ج 2 / ص 209 ) وزاد النسائي : " وصلى الله على النبي محمد " ( النسائي ج 3 ص 248 ) قال النووي : " ولو زاد عليهن : فلك الحمد على ما قضيت أستغفرك وأتوب إليك بعد قوله : تباركت ربنا وتعاليت فلا بأس به " ( المجموع ج 3 / ص 477 )
وإن كان القانت إماما أتى بلفظ الجمع ولم يخص نفسه بالدعاء
وما ذكر هو قنوت النبي صلى الله عليه و سلم ويسن جمعه إلى قنوت عمر رضي الله عنه ولكن يبدأ بقنوت النبي صلى الله عليه و سلم وقنوت عمر رضي الله عنه هو : " اللهم إنا نستعينك ونستهديك ونستغفرك ونؤمن بك ونتوب إليك ونتوكل عليك ونثني عليك الخير كله نشكرك ولا نكفرك ونخلع ونترك من يفجرك اللهم إياك نعبد ولك نصلي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى عذابك إن عذابك الجد بالكفار ملحق وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم " ( انظر البيهقي ج 2 / ص 211 ، ونحفد نسرع )
ولا تتعين هذه الكلمات للقنوت وإنما يحصل بكل دعاء وثناء وآية فيها دعاء كآخر سورة البقرة ثم يصلي على النبي . لكن الكلمات السابقة أفضل
ما يندب في القنوت :
( 1 ) رفع اليدين لما روى البيهقي عن أنس بن مالك رضي الله عنه بسند صحيح في قصة قتل القراء : " ولقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم كلما صلى الغداة رفع يديه يدعو عليهم يعني على الذين قتلوهم " ( البيهقي ج 2 / ص 211 ) ولا يسن مسح الوجه أو الصدر عقب القنوت . قال البيهقي : " أما مسح اليدين بالوجه عند الفراغ من الدعاء فلست أحفظه عن أحد من السلف في دعاء القنوت وإن كان يروى عن بعضهم في الدعاء خارج الصلاة ( البيهقي ج 2 / ص 212 )
( 2 ) أن يجهر به إن كان إماما لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : " وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم حين يرفع رأسه يقول : ( سمع الله لمن حمده ربنا ولك الحمد ) يدعو لرجال فيسميهم بأسمائهم فيقول : ( اللهم أنج الوليد بن الوليد ) " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 44 / 771 ) فلولا جهر لما سمعه الراوي ولما قدر المؤتمون على التأمين - على ما سيأتي بيانه في حديث أبي داود التالي في قنوته صلى الله عليه و سلم
ويؤمن المأموم على دعاء الإمام لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : ط قنت رسول الله صلى الله عليه و سلم شهرا متتابعا في الظهر والعصر والمغرب والعشاء وصلاة الصبح في دبر كل صلات إذا قال سمع الله لمن حمده من الركعة الآخرة يدعو على أحياء من بني سليم على رعل وذكوان وعصية ويؤمن من خلفه " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 345 / 1443 ) ويشاركه في الثناء سرا مثلما يقول إمامه في قوله : إنك تقضي ولا يقضى عليك . . . لأنه ثناء وذكر لا يليق فيه التأمين . أما إن لم يسمعه لبعد عنه أو لصمم في أذنيه فيقنت لنفسه
أما المنفرد فيسر به في الصلاة السرية ويجهر به في الجهرية
( 3 ) الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم في آخره

ب - الهيئات وهن :

1 - التلفظ بالنية قبل التكبير

2 - رفع اليدين - وكفاه مكشوفتان متوجهتان إلى القبلة مفرجتا الأصابع - حذو المنكبين ( قبالتهما ) بأن تحاذي أطراف الأصابع أعلى الأذنين وإبهاماه شحمتيهما وكفاه منكبيه ( اختلف العلماء في الحكمة من رفع اليدين : فالشافعي رضي الله عنه يراه إعظاما لجلال الله تعالى واتباعا لسنة رسوله ورجاء لثواب الله . وقال التميمي الشافعي : من الناس من قال : رفع اليدين تعبد لا يعقل معناه . ومنهم من قال : هو إشارة إلى طرح ما سواه تعالى والإقبال بكليته على صلاته . ومنهم من قال : هو استسلام وانقياد كالأسير إذا استسلم . ومنهم من قال : يرفع ليراه من لا يسمع التكبير فيعلم أنه دخل في الصلاة فيقتدي به )
ويكون الرفع في أربعة مواضع :
( 1 ) مع تكبيرة الإحرام فيبتدئ بابتداء التكبير وينتهي بانتهائه فإن سبقت اليد أثبتها مرفوعة حتى يفرغ من التكبير لأن الرفع للتكبير فكان معه
( 2 ) عند الهوي للركوع ويبتدئ بابتداء التكبير إلا أنه يمد التكبير بعد الرفع إلى أن يصل إلى الركوع فالرفع والتكبير يبدأان معا دون الانتهاء
( 3 ) الرفع عند الانتهاء من الركوع مع قولنا : سمع الله لمن حمده
( 4 ) الرفع عند القيام من التشهد الأول . وكذا لو كان يصلي قاعدا فيرفع يديه عند ابتداء الركعة الثالثة
ودليله : حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام في الصلاة رفع يديه حتى يكونا حذو منكبيه وكان يفعل ذلك حين يكبر للركوع ويفعل ذلك إذا رفع رأسه من الركوع ويقول : سمع الله لمن حمده ولا يفعل ذلك في السجود " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 3 / 703 )
وعن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم " أنه كان إذا قام إلى الصلاة المكتوبة كبر ورفع يديه حذو منكبيه ويصنع مثل ذلك إذا قضى قراءته وأراد أن يركع ويصنعه إذا رفع من الركوع ولا يرفع يديه في شيء من صلاته وهو قاعد وإذا قام من السجدتين رفع يديه كذلك وكبر " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 118 / 744 ) وقوله إذا قام من السجدتين يعني به الركعتين والمراد إذا قام من التشهد الأول كذا فسره الترمذي وغيره )

3 - التفريق بين القدمين في القيام وتوجيه أصابعهما إلى القبلة
4 - وضع اليمنى على اليسرى وذلك بأن يقبض بيمينه كوع يساره وبعض ساعده ورسغه وأن تكون أصابع اليمنى حول المفصل ويكونا تحت صدره فوق سرته لحديث وائل ابن حجر رضي الله عنه " أنه رأى النبي صلى الله عليه و سلم رفع يديه حين دخل في الصلاة وكبر ثم التحف بثوبه ثم وضع يده اليمنى على اليسرى " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 15 / 54 ) وفي رواية أبي داود بإسناد صحيح عن عاصم ابن كليب قال فيه : " ثم وضع يده اليمنى على ظهر كفه اليسرى والرسغ والساعد " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 116 / 727 ) ولأن وضع اليد على اليد أسلم له من العبث وأحسن في التواضع والتضرع والتذلل فإن أرسلهما ولم يعبث لم يضر
5 - أن ينظر إلى موضع سجوده في قيامه وقعوده طلبا للخشوع وغضا للبصر عما يلهي ولو كان عند الكعبة أما في التشهد فينظر إلى مسبحته عند قوله إلا الله . وفي صلاة الخوف يندب أن ينظر إلى جهة عدوه لئلا يبغته

6 - قراءة دعاء التوجه : وهو مستحب في الفرض والنفل - كما يدل عليه حديث علي رضي الله عنه اللاحق - للمنفرد وللإمام وللمأموم وإن شرع إمامه في الفاتحة أو أمن لتأمين إمامه قبل شروعه فيه شروطه :
( 1 ) أن يكون عقب تكبيرة الإحرام قبل أن يشرع في التعوذ أو القراءة قبله فإذا شرع بهما أو بأحدهما قبله ولو سهوا لم يعد إليه لفوات محله
( 2 ) أن يكون في غير صلاة الجنازة
( 3 ) ألا يخاف فوات وقت الأداء فلو كان ما بقي لا يسع ركعة لم يسن الإتيان به وأما لو بقي من الوقت ما يسعه ويسع ركعة فتسن قراءته
( 4 ) ألا يخاف المأموم فوت بعض الفاتحة فإن خاف ذلك لم يسن له
( 5 ) أن يكون إدراكه للإمام في القيام لا في غيره فلو أدركه في الاعتدال لم يقرأه أما إن أدركه في التشهد وسلم الإمام أو قام قبل أن يجلس معه فتسن له قراءته
صيغته : وردت في دعاء الافتتاح صيغ عدة أفضلها ما روي عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه كان إذا قام إلى الصلاة قال : ( وجهت وجهي ( أقبلت بذاتي وقصدت بعبادتي ) للذي فطر ( ابتدأ خلقها على غير مثال سابق ) السموات والأرض حنيفا ( مائلا عن الأديان الباطلة إلى الحق ) وما أنا من المشركين إن صلاتي ونسكي ( عبادتي ) ومحياي ومماتي لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمرت وأنا من المسلمين اللهم أنت الملك لا إله إلا أنت أنت ربي وأنا عبدك ظلمت نفسي واعترفت بذنبي فاغفر لي ذنوبي جميعا إنه لا يغفر الذنوب إلا أنت واهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت لبيك ( هو مثنى ومعناه أنا مقيم على طاعتك إقامة بعد إقامة ) وسعديك ( مثنى كذلك ومعناه : مساعدة بعد مساعدة ومتابعة لدينك الذي ارتضيته بعد متابعة ) والخير كله في يديك والشر ليس إليك ( لا يتقرب به إليك أو لا يصعد إليك وإنما يصعد إليك العمل الصالح ) أنا بك وإليك ( توفيقي بك والتجائي إليك أو أعتصم بك وألجأ إليك ) تباركت ( استحققت الثناء ) وتعاليت أستغفرك وأتوب إليك ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 201 )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا كبر في الصلاة سكت هنية قبل أن يقرأ . فقلت : يا رسول الله بأبي أنت وأمي أرأيت سكوتك بين التكبير والقراءة ما تقول ؟ قال : ( أقول اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد ) " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 27 / 147 )
وقد يرد غير ما ذكر من دعاء الافتتاح مثل : " الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله وبحمده بكرة وأصيلا " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 27 / 150 في حديث ابن عمر رضي اله عنهما ) أو " الحمد لله حمدا كثيرا طيبا مباركا " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 27 / 149 ، وهذا الدعاء وسابقه ولاحقه من كلام الصحابة لا من كلام النبي صلى الله عليه و سلم ) أو " سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر "
ويستحب الجمع بين كل ما ذكر للمنفرد ولإمام قوم محصورين راضين بالتطويل

7 - التعوذ ( التعوذ والاستعاذة بمعنى الاستجارة ) ويسن سرا في كل ركعة قراءة . ودليله : قوله تعالى : { فإذا قرأت القرآن فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم } ( النحل : 98 ) ويسر به ولو كانت الصلاة جهرية ويفوت التعوذ بالقراءة ولو سهوا
شروط التعوذ : هي شروط دعاء التوجه نفسها لكن تخالفها في اثنين :
( 1 ) يسن التعوذ في كل صلاة حتى الجنازة
( 2 ) يسن التعوذ للمأموم المسبوق بعد جلوسه مع إمامه فلو قعد معه ثم قام بعد سلامه أو قيامه تعوذ للقراءة
ومحله : بعد الفراغ من دعاء التوجه في الأولى وقبل القراءة في كل ركعة
ويحصل بكل لفظ يشتمل على التعوذ والأفضل : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

8 - السكوت : تسن سكتة لطيفة بين التحريم والتوجه وبين التوجه والتعوذ وبين التعوذ والبسملة وبين الفاتحة وآمين وبين آمين والسورة وبين السورة وتكبيرة الركوع فهذه ست سكتات كلها تكون بقدر سبحان الله باستثناء السكتة التي بين آمين والسورة بالنسبة للإمام في الصلاة الجهرية فإنه يطيلها بقدر قراءة المأموم للفاتحة ويشتغل بالدعاء أو الذكر سرا أو بالقراءة وهي أفضل يبدؤها سرا ريثما ينتهي المأموم من فاتحته ثم يجهر بها روى الحسن عن سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم " أنه كان يسكت سكتتين : إذا استفتح وإذا فرغ من القراءة كلها " وفي رواية : " وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة عند الركوع " وهاتان روايتا أبي داود ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 123 / 778 و 777 ) وفي رواية له وللترمذي " سكتة إذا كبر وسكتة إذا فرغ من قراءة غير المغضوب عليهم ولا الضالين " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 123 / 779 )


9 - الجهر ( وحد الجهر أن يسمع من يليه ) في الصلاة الجهرية للمنفرد والإمام أما المأموم فيستحب له الإسرار ويكره له الجهر سواء سمع قراءة الإمام أم لا لئلا يشوش على الإمام وينازعه القراءة ولأنه مأمور بالإنصات إلى الإمام ودليل كراهة الجهر للمأموم حديث عمران بن حصين رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الظهر فجعل رجل يقرا خلفه بسبح اسم ربك الأعلى فلما انصرف قال : ( أيكم قرأ أو أيكم القارئ ؟ ) فقال رجل : أنا فقال : ( قد ظننت أن بعضكم خالجنيها ( خالجنيها : جاذبنيها ونازعنيها ) ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 12 / 48 ) والمرأة والخنثى تجهران حيث لا يسمعهما أجنبي وإلا أسرتا
ويحرم الجهر في حضرة من يتأذى به وقيل يكره
ويندب في نوافل الليل المطلقة التوسط بين الجهر والإسرار بشرط ألا يشوش على نائم أو مصل آخر أو مطالع في كتب العلم
موضع الجهر :
في الفرائض : صلاة الصبح ودليله ما رواه البخاري تحت باب الجهر بقراءة الفجر أن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " " طفت وراء الناس والنبي صلى الله عليه و سلم يصلي ويقرأ بالطور " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 23 ) وأوليا المغرب والعشاء عن جبير بن مطعم رضي الله عنه قال : " سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قرأ في المغرب بالطور " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 17 / 731 ) وعن البراء رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان في سفر فقرأ في العشاء في إحدى الركعتين بالتين والزيتون " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 18 / 733 ) وركعتي الجمعة
أما الفريضة المقضية فالجهر والإسرار فيها منوطان بوقت القضاء لا بوقت لزوم الأداء . فلو قضى السرية بالليل جهر أو قضى الجهرية بالنهار أسر
ولو أدرك ركعة من الصبح في وقتها والأخرى خارجة جهر في الأولى وأسر في الثانية إلا الإمام فيجهر فيها بالقنوت
وفي النوافل : يجهر في صلاة العيدين وفي صلاة الاستسقاء ولو نهارا وصلاة خسوف القمر والتراويح ووتر رمضان وركعتي الطواف إن أتى بهما ليلا أو وقت الصبح
موضع الإسرار :
في سوى ما ذكر من الصلوات كصلاة الظهر والعصر وأخيرة المغرب وأخيرتي العشاء عن أبي معمر قال : قلت لخباب بن الأرت رضي الله عنه : " أكان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في الظهر والعصر ؟ قال : نعم . قال : قلت : بأي شيء كنتم تعلمون قراءته ؟ قال : باضطراب لحيته " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 15 / 727 ) ويسر في السنن الراتبة مطلقا حتى الليلة منها وفي صلاة كسوف الشمس ونوافل النهار مطلقا
ولو جهر في موضع الإسرار أو أسر في موضع الجهر لم تبطل صلاته ولا سجود سهو فيهلكنه مكروه إلا لعذر


10 - التأمين ( وهو قول آمين وآمين فعل أم بمعنى استحب وقيل إنه اسم من أسمائه تعالى ) بعد الفراغ من الفاتحة ودليله حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا أمن الإمام فأمنوا فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 29 / 747 ) وموضع التأمين : بعد الفراغ من الفاتحة أو أية آية فيها دعاء سواء في الصلاة أية صلاة أو خارجها لكنه في الصلاة أشد استحبابا
من يسن له التأمين : يسن التأمين بصورة عامة للقارئ أو السامع وفي الصلاة للمنفرد وللإمام والمأموم يقولها مع إمامه لا يتقدم عليه فيها ولا يتأخر لقوله صلى الله عليه و سلم في حديث أبو هريرة رضي الله عنه : ( فإنه من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه ) فينبغي أن يقع تأمين الإمام والمأموم والملائكة دفعة واحدة ( التأمين وحده الذي يستحب فيه مقارنة الإمام والسبب في ذلك أن التأمين لا لتأمين الإمام بل لقراءته وقد فرغت قراءته . ) فإذا أخر الإمام التأمين عن وقته المندوب فيه أو تركه أمن المأموم جهرا ليسمعه الإمام فيأتي به
وإذا انتهى الإمام والمأموم من الفاتحة معا كفى المأموم تأمين واحد مع تأمين الإمام لا قبله ولا بعده لما تقدم . ولو انتهى المأموم قبل الإمام أمن على قراءته ثم يؤمن مع إمامه أو وقع العكس قطع فاتحته وأمن لقراءة إمامه ثم يؤمن لقراءة نفسه إذا فرغ
ويكون التأمين سرا في الصلاة السرية وجهرا في الصلاة الجهرية
وإذا ترك المصلي التأمين حتى اشتغل بغيره فات ولم يعد إليه


11 - قراءة شيء من القرآن بعد الفاتحة في الصبح والأوليين من سائر الصلوات لحديث أبي قتادة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الظهر في الأوليين بأم الكتاب وسورتين وفي الركعتين الأخريين بأم الكتاب ويسمعنا الآية ويطول في الركعة الأولى ما لا يطول في الركعة الثانية وهكذا في العصر وهكذا في الصبح " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 25 / 743 )
أما صلاة التطوع فيقرأ فيها السورة في جميع الركعات إن صلاها بتشهد واحد وإلا لم يقرأها بعد التشهد الأول قياسا على ما بعد الأوليين من الفرائض
أما المأموم فلا يقرأ بعد الفاتحة شيئا إن كانت الصلاة جهرية أما إن كانت سرية أو كان لا يسمع الإمام في صلاة جهرية أو كان يسمعه ولا يفهم فالقراءة له سنة في هذه الحال
ومن فاتته السورة في الأوليين تداركها في باقي صلاته فالمسبوق بالأوليين في صلاة رباعية يقرأ في الثالثة والرابعة من صلاة الإمام لأنهما أول صلاته فإن لم يتمكن قرأ في أخيرتين سرا لئلا تخلوا صلاته من السورة بلا عذر
ولو قرأ المصلي السورة ثم قرأ الفاتحة أجزأته الفاتحة ولا تحسب له السورة لأنه أتى بها في غير موضعها
ولو قرأ الفاتحة مرتين لم تبطل صلاته لكن لا تحسب له المرة الثانية عن السورة لأن الفاتحة مشروعة في الصلاة فرضا والشيء الواحد لا يؤدي به فرض ونفل في محل واحد
ومن المستحبات في القراءة ما يلي :
( 1 ) الترتيل ( الترتيل : وصل الحروف والكلمات على ضرب من التأني ) والتدبر ( التدبر : التبصر والتفكر ) لقوله تعالى : { ورتل القرآن ترتيلا } ( المزمل : 4 ) وقوله تعالى أيضا : { كتاب أنزلناه مبارك ليدبروا آياته } ( ص : 29 )
( 2 ) قراءة السورة كاملة وهو أفضل من بعض السورة الطويلة ولو كان بقدر القصيرة الكاملة لأنه قد يقف في غير موضع الوقف المستحب أو الواجب
( 3 ) تطويل قراءة الركعة الأولى عن الثانية لحديث أبي قتادة رضي الله عنه المتقدم إلا حيث ورد النص على العكس كما لو وجد زحمة في المسجد فيسن للإمام تطويل الثانية عن الأولى ليلحقه منتظر السجود ( وهو المأموم الذي لم يجد موضعا للسجود بسبب الزحام فينتظر حتى يرفع الإمام رأسه من السجود ويتسع المكان لسجوده وعندها يسجد ثم يلحق بالإمام )
( 4 ) عدم تكرار السورة في الركعتين إلا إذا كان لا يحفظ غيرها
( 5 ) يسن أن تكون القراءة على ترتيب المصحف وتواليه فمثلا لو قرأ في الركعة الأولى سورة الناس فالأولى أن يقرأ في الثانية أول البقرة
( 6 ) تسن قراءة سورة من قصار المفصل ( سمي المفصل لكثرة الفصول فيه بين سوره وقصار المفصل من سورة الضحى إلى آخر القرآن ) في المغرب وطوال المفصل ( طوال المفصل من سورة الحجرات إلى سورة النبأ ) في الصبح وبقريب منه في الظهر وذلك للمنفرد ولإمام محصورين في مسجد غير مطروق رضوا بالتطويل وليس فيهم ذوات أزواج ولا أجراء عين ( أجير عين : هو أجير بنفسه خلال زمن محدد ) إلا أن يأذن الزوج والمستأجر فإن تخلف شرط من ذلك ندب الاقتصار في كل الصلوات على فصار المفصل ويكره خلافه وفي العصر والعشاء بأوساط المفصل ( وأوساط المفصل من سورة النبأ إلى سورة الضحى ) وذلك لحديث سليمان بن يسار عن أبو هريرة رضي الله عنه قال : " ما صليت وراء أحد أشبه صلاة برسول الله من فلان . قال سليمان : كان يطيل الركعتين الأوليين من الظهر ويخفف الأخريين ويخفف العصر ويقرأ في المغرب بقصار المفصل ويقرأ في العشاء بوسط المفصل ويقرأ في الصبح بطول المفصل " ( النسائي ج 2 / ص 167 )
وفي فج الجمعة يسن أن يقرأ { ألم تنزيل } السجدة و { هل أتى على الإنسان } لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يقرأ في الجمعة في صلاة الفجر ألم تنزيل السجدة وهل أتى على الإنسان " ( البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 9 / 851 ) والحكمة من هذه السنة :
آ - أن وقت الصبح طويل وصلاته قصيرة فكان التطويل مناسبا
ب - ووقت الظهر طويل وصلاته كذلك وهو وقت نشاط فناسب فيه قراءة القريب من طول المفصل
ج - ووقت العصر والعشاء طويل وفروضهما كذلك وأوقاتهما ليست بأوقات نشاط فلما تعارضا ناسبهما التوسط
د - ووقت المغرب قصير فناسبه القصر
هذا للمقيم أما المسافر فيقرأ في صلواته جميعها بسورة الكافرون وسورة الإخلاص تخفيفا عليه
أما ترك السورة أصلا فمكروه
( 7 ) سؤال الرحمة عند قراءة آية فيها ذكر الرحمة والاستعاذة عند آية فيها ذكر العذاب والتسبيح عن آية فيها تسبيح والاستغفار عند آية فيها استغفار والإجابة عن الأسئلة في الآيات الاستفهامية ( كما لو قرأ : { أليس ذلك بقادر على أن يحيي الموتى } فيجيب بلى قادر وأنا على ذلك من الشاهدين ) ويفعل ذلك الإمام والمأموم ويجهران بها في الصلاة الجهرية

12 - التكبير للانتقال ومده إلى الركن الذي بعده لئلا يخلو جزء من صلاته من ذكر الله ويكون المد بلام الجلالة بخلاف تكبيرة الإحرام فندب الإسراع بها لئلا تزول النية
ويجهر بالتكبيرات إن كان إماما أو مبلغا ليسمعه المأمومون لما روي عن أبو هريرة رضي الله عنه : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا قام إلى الصلاة يكبر حين يقوم ثم يكبر حين يركع ثم يقول : سمع الله لمن حمده حين يرفع صلبه من الركعة ثم يقول وهو قائم : ربنا لك الحمد ثم يكبر حين يهوي ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يكبر حين يسجد ثم يكبر حين يرفع رأسه ثم يفعل ذلك في الصلاة كلها حتى يقضيها ويكبر حين يقوم من الثنتين بعد الجلوس " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 35 / 756 ) ولا بد أن يستحضر ( ومعنى يستحضر : أن يقصد ذكر الله أو أن يشرك بين قصد الذكر والتبليغ ) بقلبه ذكر الله ولو مع التبليغ أما لو قصد التبليغ أو الإسماع فقط فإن الصلاة تبطل أما المنفرد والمأمومون - غير المبلغ - فيسرون بالتكبيرات ويكره لهم الجهر بها . وأما المرأة فإن أمت النساء جهرت أيضا إن لم يسمعها أجنبي

13 - ويسن في الركوع مد الظهر والعنق من غير أن يصوب رأسه أو يقنعه ( لم يصوب رأسه : لم يبالغ في خفضه وتنكيسه ولم يقنعه : لم يرفعه ) لحديث أبي مسعود البدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( لا تجزئ صلاة الرجل حتى يقيم ظهره في الركوع والسجود ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 148 / 855 ) وحديث عائشة رضي الله عنها في صفة صلاته صلى الله عليه و سلم قالت : " . . . وكان إذا ركع لم يشخص رأسه ولم يصوبه ولكن بين ذلك " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 46 / 240 ، ويشخص رأسه : يرفعه . ) كما يسن نصب الساقين والفخذين وأخذ الركبتين باليدين وتفريق أصابعهما وتوجيهها إلى القبلة لما روي عن سالم البراد قال : " أتينا عقبة بن عمر وأبا مسعود فقلنا : حدثنا عن صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام بين أيدينا في المسجد فكبر فلما ركع كبر ووضع راحتيه على ركبتيه وجعل أصابعه أسفل من ذلك ثم جافى مرفقيه ثم قال : هكذا رأينا رسول الله صلى الله عليه و سلم يفعل " ( المستدرك ج 1 / ص 224 ) أما أقطع اليد فيفعل بالسليمة ما ذكر ويرسل الثانية أما أقطع اليدين فيرسلهما ومثله قصيرهما ويجافي الرجل مرفقيه للحديث المتقدم أما المرأة فتضمهما إلى جنبيها لأنه أستر لها وكذلك تفعل الخنثى كما يجافي الرجل قدميه إحداهما عن الأخرى وركبتيه كذلك بقدر شبر
ويقول في الركوع سبحان ربي العظيم وبحمده . وتتحقق السنة بواحدة لكن الأفضل قولها ثلاثا وذلك أدنى الكمال لحديث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا ركع أحدكم فقال في ركوعه سبحان ربي العظيم ثلاث مرات فقد تم ركوعه وذلك أدناه وإذا سجد فقال في سجوده سبحان ربي الأعلى ثلاث مرات فقد تم سجوده وذلك أدناه ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 194 / 261 )
والزيادة على الثلاث أفضل للمنفرد ولإمام محصورين رضوا بالتطويل على أن يختم عددها بوتر ولا تزيد على إحدى عشرة مرة ويستحب أن يضيف على السبحة " وبحمده " فيقول : سبحان ربي العظيم وبحمده
والأفضل أن يقول بعد هذا التسبيح - قل أو كثر اللهم لك ركعت وبك آمنت ولك أسلمت خشع لك سمعي وبصري ومخي وعظمي وعصبي " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 201 . من رواية علي رضي الله عنه في حديث التوجه وقد تقدم بعضه ) وهذا أتم الكمال . وإن أراد الاقتصار على التسبيح أو الدعاء فالتسبيح أفضل
وتكره القراءة في الركوع - وغيره من بقية الأركان غير القيام - لحديث علي رضي الله عنه قال : " نهاني رسول الله صلى الله عليه و سلم عن قراءة القرآن وأنا راكع أو ساجد " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 41 / 210 )

14 - يسن إذا رفع رأسه للاعتدال أن يرفع يديه حال ارتفاعه قائلا : سمع الله لمن حمده لحديث أبو هريرة رضي الله عنه المتقدم يقولها الإمام والمأموم والمنفرد يجهر بها الإمام والمبلغ ويسران بربنا لك الحمد أما المأموم والمنفرد فيسران بهما
فإذا استوى قائما قال ما رواه ابن عباس رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا رفع رأسه من الركوع قال : ( اللهم ربنا لك الحمد ملء السموات وملء الأرض وما بينهما وملء ما شئت من شيء بعد ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 40 / 206 ) ويزيد المنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل ما ورد في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " أهل الثناء والمجد أحق ما قال العبد وكلنا لك عبد اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذات الجد منك الجد " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 40 / 205 والجد بالفتح : الحظ والغنى والمعنى : لا ينفع ذا المال والحظ والغنى غناه من عقابك وإنما ينفعه ويمنعه من عقابك العمل الصالح )


15 - ويسن في السجود وضع ركبتيه ثم يديه ثم جبهته وأنفه مكشوفة على الأرض لما روى وائل بن حجر رضي الله عنه قال : " رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا سجد يضع ركبتيه قبل يديه وإذا نهض رفع يديه قبل ركبتيه " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 199 / 268 ) قال الخطابي : " وهو - يعني وضع الركبتين قبل اليدين - أرفق بالمصلي وأحسن في الشكل ورأي العين " ( المجموع ج 3 / ص 394 ) ويسن للرجل في السجود مجافاة مرفقيه عن جنبيه ورفعهما عن الأرض والاعتماد على الكفين لحديث عبد الله بن مالك بن بحينة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا صلى فرج بين يديه حتى يبدو بياض إبطيه " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 46 / 774 ) ولحديث أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( اعتدلوا في السجود ولا يبسط أحدكم ذراعيه انبساط الكلب ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 57 / 788 ) والاعتماد على الكفين ومجافاة بطنه عن فخذيه لحديث أبي حميد رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم وفيه " إذا سجد فرج بين فخذيه غير حامل بطنه على شيء من فخذيه " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 117 / 735 ) ويجافي بين قدميه وبين ركبتيه بقدر شبر . أما المرأة فتضم بعضها إلى بعض لأن ذلك أستر لها وترفع مفرقيها وتعتمد على راحتيها كالرجل . ويسن ضم أصابع اليدين ونشرها واستقبال القبلة بها . لحديث وائل بن حجر رضي الله عنه في صفة صلاته صلى الله عليه و سلم وفيه : " وإذا سجد ضم أصابعه " ( البيهقي ج 2 / ص 112 ) ولحديث البيهقي بإسناده عن البراء بن عازب رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا سجد فوضع يديه بالأرض استقبل بكفيه وأصابعه القبلة " ( البيهقي ج 2 / ص 113 ) ويجعل كفيه حذو منكبيه ورأسه بينهما لحديث أبي حميد رضي الله عنه في رواية البيهقي في صفة صلاته صلى الله عليه و سلم وفيه " سجد . . . ووضع كفيه حذو منكبيه " ( البيهقي ج 2 / ص 112 ) وينصب القدمين - ويسن للجل كشفهما وإبرازهما من ثوبه - ويوجه أصابعهما للقبلة ويعتمد على بطونهما لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه - من رواية البخاري - وفيه : " فإذا سجد . . . واستقبل بأطراف أصابع رجليه القبلة " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 61 / 794 )
ويسن أن يقول في سجوده : سبحان ربي الأعلى ويفضل أن يقول ذلك ثلاثا . ويزيد المنفرد وإمام محصورين رضوا بالتطويل ( اللهم لك سجدت وبك آمنت ولك أسلمت سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره تبارك الله أحسن الخالقين ) ( هو تتمة حديث علي رضي الله عنه المتقدم أخرجه مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين باب 26 / 201 ) وعن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يقول في ركوعه وسجوده : ( سبوح قدوس رب الملائكة والروح ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 42 ، 223 ، و سبوح قدوس : صفتان لله تعالى أي مسبح ومقدس ومعناه مبرأ من كل نقص ومن الشريك ومن كل ما لا يليق بالإلهية . الروح جبريل عليه السلام . ) ويسن اجتهاد المنفرد بالدعاء في سجوده رجاء الإجابة لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فأكثروا الدعاء ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 42 / 215 )

16 - يسن في الجلوس بين السجدتين :
( 1 ) الافتراش : وهو أن يجلس المصلي على عقب رجله اليسرى بحيث يلي ظهرها الأرض وينصب رجله اليمنى ويضع أطراف أصابعه منها على الأرض ويوجه أصابعها نحو القبلة وكذا في سائر الجلوس ( عدا الجلوس للتشهد الأخير فإنه يطلب فيه التورك ) كجلوس المصلي قاعدا للقراءة وجلوسه للاستراحة والجلوس للتشهد الأول وجلوس المسبوق في حال تورك إمامه وجلوس الساهي ( الساهي : من طلب منه سجود السهو وأراد فعله فإنه يفترش في التشهد الأخير ثم يسجد للسهو ثم يتورك ليسلم )
والدليل على الافتراش حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في وصف صلاته صلى الله عليه و سلم : " فإذا جلس في الركعتين جلس على رجله اليسرى ونصب اليمنى " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 61 / 794 )
( 2 ) أن يضع المصلي يديه على فخذيه قريبا من ركبتيه وينشر أصابعهما مضمومة موجهة إلى القبلة ويقول ما روى ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقول بين السجدتين : ( اللهم اغفر لي وارحمني واجبرني واهدني وارزقني ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 211 / 284 )


17 - تسن جلسة خفيفة للاستراحة عقب السجدتين في كل ركعة يعقبها قيام ( وهي السجدة الثانية في الركعة التي لا يعقبها تشهد ) ولو لم يجلسها الإمام فيجلسها المأموم لأنها بسيطة ولا تعتبر مخالفة للإمام ويستثنى من ذلك سجدة التلاوة في الصلاة فلا يستحب لها جلسة استراحة والدليل عليها حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في حديث المسيئ صلاته : ( اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ) ( البخاري ج 5 / كتاب الاستئذان باب 18 / 5897 ) ولا يكبر لها بل يرفع رأسه من السجود الثاني مكبرا ويمده إلى أن يستوي قائما ويخفف الجلسة وذلك حتى لا يخلو جزء من الصلاة عن ذكر

18 - الاعتماد بيديه على الأرض عند القيام وبجعل راحتيه وبطون أصابعها على الأرض لحديث أيوب السختياني عن أبي قلابة قال : " جاءنا مالك بن الحويرث فصلى بنا في مسجدنا هذا فقال : إني لأصلي بكم وما أريد الصلاة لكن أريد أن أريكم كيف رأيت النبي صلى الله عليه و سلم يصلي قال أيوب : فقلت لأبي قلابة : وكيف كانت صلاته ؟ قال : مثل صلاة شيخنا هذا - يعني عمرو بن سلمة - قال أيوب : وكان ذلك الشيخ يتم التكبير وإذا رفع رأسه عن السجدة الثانية جلس واعتمد على الأرض ثم قام " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 59 / 790 ) ولأن ذلك أبلغ في الخشوع والتواضع وأعون للمصلي وأحرى ألا ينقلب


19 - ويسن في التشهد الأخير :
( 1 ) التورك وهو أن يخرج رجله اليسرى على حالتها في الافتراش من جهة يمينه ويلصق وركه الأيسر بالأرض ويبقي القدم اليمنى على بطون الأصابع وذلك للإتباع إلا من كان عليه سجود سهو فيفترش
والحكمة من التورك التمييز بين التشهدين ليعلم المسبوق حال الإمام في الجلسة الأخيرة ودليله ما ورد في حديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه من رواية البخاري : " . . . وإذا جلس في الركعة الآخرة قدم رجله اليسرى ونصب الأخرى وقعد على مقعدته "
( 2 ) أن يضع يديه على فخذيه - في الجلوس للتشهدين - منعا للعبث يبسط أصابع اليسرى منهما جهة القبلة مضمومة محاذيا برؤوسها طرف ركبتيه ويضع اليمنى على طرف الركبة اليمنى مقبوضة الأصابع إلا المسبحة فيرسلها جهة القبلة ويضع الإبهام تحتها ويرفعها إذا بلغ الهمزة الثانية من قوله : لا إله إلا الله بلا تحريك
وأكمل التشهد ما ورد في حديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا التشهد كما يعلمنا السورة من القرآن فكان يقول : ( التحيات المباركات والصلوات الطيبات لله السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 16 / 60 ، المباركات : الناميات وقد تقدم شرح باقي الألفاظ في فصل أركان الصلاة )
وأكمل الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم أن يجمع ما في الأحاديث الصحيحة فيقول : " اللهم صل على محمد عبدك ورسولك النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم وبارك على محمد النبي الأمي وعلى آل محمد وأزواجه وذريته كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد " ( قد تقدم الشرح في أركان الصلاة )
ولا بأس بزيادة كلمة سيدنا قبل ذكر اسمه صلى الله عليه و سلم والدعاء بما شاء . ومن الأدعية الواردة بين التشهد والتسليم :
ما روت أم سلمة رضي الله عنها : " أنه كان أكثر دعائه صلى الله عليه و سلم : ( يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك ) ( الترمذي ج 5 / كتاب الدعوات باب 90 / 3522 ) وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : " علمني دعاء أدعو به في صلاتي قال : قال : ( اللهم إني ظلمت نفسي ظلما كثيرا ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك وارحمني إنك أن الغفور الرحيم ) " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 65 / 799 )
وأفضل الأدعية ما روته عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يدعو في الصلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من عذاب القبر وأعوذ بك من فتنة المسيح الدجال وأعوذ بك من فتنة المحيا وفتنة الممات اللهم إني أعوذ بك من المأثم والمغرم ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 65 / 798 ، والمغرم : الدين ) ومنه : ( اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت وما أسررت وما أعلنت وما أسرفت وما أنت أعلم به مني أنت المقدم وأنت المؤخر لا إله إلا أنت ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 201 ، من رواية علي بن أبي طالب رضي الله عنه )
ويكره الجهر بالتشهد وبالصلاة على النبي والدعاء والتسبيح

20 - ويسن في السلام أن يقول : ورحمة الله بعد السلام عليكم وأن يأتي بتسليمة ثانية وفي كل منهما يبتدئ من جهة القبلة وينتهي مع انتهاء الالتفات إلى اليمين في الأولى وإلى اليسار في الثانية بحيث ترى صفحة خده في كل مرة ويفصل بينهما بسكتة لطيفة . وينوي السلام على من التفت هو إليه من ملائكة ومؤمني الإنس والجن وينوي أيضا الرد على من سلم عليه من إمام ومأموم
كما يستحب أن يدرج لفظة السلام ولا يمدها لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : " حذف ( قال ابن المبارك عناه : لا يمده مدا المجموع ج 3 ص 463 ) السلام سنة " ( أبو داود ج 1 كتاب الصلاة باب 192 / 1004 )


21 - ومن سنن الصلاة الخشوع وهو حضور القلب وسكون الجوارح وأن يتدبر القراءة والأذكار . لقوله تعالى : { قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون } ( المؤمنون : 2 ) ولحديث عقبة بن عامر رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( ما من مسلم يتوضأ فيحسن وضوءه ثم يقوم فيصلي ركعتين مقبل عليهما بقلبه ووجهه إلا وجبت له الجنة ) ( مسلم ج 1 / كتاب الطهارة باب 6 / 17 ) ويندب الاستغفار والذكر عقب الصلاة ودليله ما ورد عن ثوبان رضي الله عنه موله رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا انصرف من صلاته استغفر ثلاثا وقال : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ذا الجلال والإكرام ) " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 26 / 135 ) ويسر به أما الإمام الذي يريد تعليم الحاضرين فيجهر به ويقبل على المأمومين عاجلا يساره إلى المحراب
ويندب رفع اليدين بالدعاء ثم مسح الوجه بهما
ومن الأدعية المأثورة ما رواه البخاري من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه كان يقول في دبر كل صلاة مكتوبة : ( لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 71 / 808 ) ومنها : اللهم إني أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر وسلامة من كل إثم ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 348 / 479 ) ومنها ( اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 361 / 1522 ) وعن سعد رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يتعوذ منهن - أي من الأشياء المذكورة في هذه الكلمات - دبر الصلاة : ( اللهم إني أعوذ بك من الجبن وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر وأعوذ بك من فتنة الدنيا وأعوذ بك من عذاب القبر ) " ( البخاري ج 3 / كتاب الجهاد باب 25 / 2667 )
وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " قلنا لأبي سعيد هل حفظت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم شيئا كان يقوله بعدما سلم ؟ قال : نعم كان يقول : ( سبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين ) " ( رواه الطبراني مجمع الزوائد ج 2 / ص 147 )
ويندب حمد الله في أول الدعاء والصلاة على النبي في أوله وآخره لما روى الترمذي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه موقوفا قال : " إن الدعاء موقوف بين السماء والأرض لا يصعد منه شيء حتى تصلي على نبيك صلى الله عليه و سلم " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 352 / 486 ) ويستحب للمصلي منفردا أو مأموما أن يطيل الذكر بعد الصلاة ويكثر الدعاء بعد المكتوبة رجاء الإجابة
أما الإمام فيندب له الانصراف عقب سلامه إذا لم يكن ثمة نساء لحديث أم سلمة زوج النبي صلى الله عليه و سلم قالت " كان يسلم فينصرف النساء فيدخلن بيوتهن من قبل أن ينصرف رسول الله صلى الله عليه و سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 73 / 812 ) وذلك باستثناء ما بعد الصبح وبعد العصر فإن الجلوس أفضل في هذين الوقتين إلى طلوع الشمس وغروبها لما روي عن أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( من صلى الغداة في جماعة ثم قعد يذكر الله حتى تطلع الشمس ثم صلى ركعتين كانت له كأجر حجة وعمرة ) قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( تامة تامة تامة ) " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 412 / 586 )
ويمكث المأموم حتى يقوم الإمام وينصرف جهة حاجته وإلا ففي جهة يمينه
ويندب الفصل بين السنة والفرض بذكر أو انتقال وهو أفضل
كما يسن للمرء أن يصلي إلى سترة يدنو منها من جدار أو سارية أو شاخص ينصبه لحديث سهل بن أبي حثمة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا صلى أحدكم إلى سترة فليدن منها لا يقطع الشيطان عليه صلاته ) ( النسائي ج 2 / ص 62 )
ويستحب ألا يقل طول السترة عن ثلثي ذراع ( الذراع المقصود هو الذراع الهاشمي وهو من المرفق إلى رؤوس الأصابع مبسوطة ) أما عرضها فلا ضابط فيه بل يكفي الغليظ والدقيق لحديث أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( يجزئ من السترة مثل مؤخرة الرحل ولو بدقة شعرة ) ( المستدرك ج 1 / ص 252 ، ومؤخرة الرحل هي الخشبة التي يستند إليها الراكب من رحل البعير والرحل للبعير كالسرج للفرس ) ومؤخرة الرحل هي قدر عظم الذراع وهو نحو ثلثي ذراع كما يستحب ألا تزيد المسافة بين المصلي والجدار أو الشاخص على ثلاثة أذرع لأن النبي صلى الله عليه و سلم دخل الكعبة فصلى وبينه وبين الجدار نحو من ثلاثة أذرع ( انظر البخاري ج 2 كتاب الحج باب 51 / 1522 )
فإن لم يجد بسط طاهرا يصلي عليه أو خط خطا وفقا للمسافة المذكورة روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إذا صلى أحدكم فليجعل تلقاء وجهه شيئا فإن لم يجد فلينصب عصا فإن لم يكن معه عصا فليخط خطا ثم لا يضره ما مر أمامه ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 103 / 689 )
ويجوز له الاستتار بالدابة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يعرض راحلته وهو يصلي إليها " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 47 / 247 ، ويعرض راحلته أي يجعلها معترضة بينه وبين القبلة )
ويحرم المرور بين المصلي السترة حتى يحرم المرور بين المصلي والخط ويستحب للمصلي دفع من أراد الاجتياز بين يديه والسترة لحديث أبي سعيد رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا صلى أحدكم إلى شيء يستره من الناس فأراد أحد أن يجتاز بين يديه فليدفعه فإن أبى فليقاتله فإنما هو شيطان ) ( البخاري ج 1 / كتاب سترة المصلي باب 10 / 487 ) وعن أبي جهيم الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لو يعلم المار بين يدي المصلي ماذا عليه ( أي ماذا عليه من الإثم ) لكان أن يقف أربعين خيرا له من أن يمر بين يديه ) قال أبو النضر : " لا أدري قال أربعين يوما أو شهرا أو سنة " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 48 / 261 ) لكن لا تبطل صلاته بمرور من مر وما مر على الإطلاق ( والأحاديث الواردة في قطع المرأة والدابة والكلب للصلاة بعضها ضعيف وصحيحها محمول على قطع الخشوع لا الصلاة نفسها لصحة الأحاديث المعارضة . )
أما المرور بين يدي المصلي لسد فرجة في الصف المتقدم ( صفوف المصلين كل صف ستر لما بعده فلا يجوز أن يمر بين الصفين إلا في الحالة التي ذكرنا ) فلا شيء فيه ومثله المرور من بعد الشاخص لما في حديث أبو هريرة رضي الله عنه المتقدم ( ثم لا يضره ما مر أمامه ) وكذلك المرور بين يدي المصلي إذا صلى في قارعة الطريق غير متخذ سترة
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-25-2013
  #25
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الفصل الثالث : مكروهات الصلاة
- 1 - ترك شيء من سنن الصلاة
- 2 - الالتفات بالوجه من غير حاجة ولا بأس بلمح العين دون الالتفات . عن عائشة رضي الله عنها : " سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن الالتفات في الصلاة فقال : ( هو اختلاس يختلسه الشيطان من صلاة العبد ) " . ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 11 / 718 ، والاختلاس الأخذ بسرعة على غفلة . )
فإن كان لحاجة لم يكره لحديث سهل بن الحنظلية رضي الله عنه قال : " ثوب بالصلاة - يعني صلاة الصبح - فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي وهو يلتفت إلى الشعب " قال أبو داود : " وكان أرسلا فارسا إلى الشعب من الليل يحرس " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 168 / 916 )
- 3 - رفع البصر إلى السماء ولو في دعاء القنوت لحديث أنس قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ما بال أقوام يرفعون أبصارهم إلى السماء في صلاتهم ) فاشتد قوله في ذلك حتى قال : ( لينتهن عن ذلك أو لتخطفن أبصارهم ) " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 10 / 717 )
- 4 - أن يصلي الرجل شادا شعره إلى مؤخرة الرأس لحديث أبي رافع قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يصلي الرجل وهو عاقص شعره " ( ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 67 / 1042 ) أو أن يصلي رافعا ثوبه من قبل أو دبر لحديث ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم ولا أكف ثوبا ولا شعرا ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 44 / 228 )
وهذا خاص بالرجل دون المرأة والحكمة في ذلك أن الشعر يسجد معه إذا سجد وفيه امتهانله في العبادة أما المرأة فشعرها عورة فإذا نقضته ربما استرسل وتعذر ستره فتبطل صلاتها فضلا عما في نقضه للصلاة من مشقة عليها
- 5 - التثاؤب وهو مكروه في الصلاة وفي غيها فليرده ما استطاع ويستحب وضع يده فيه سواء كان في الصلاة أم لا لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( التثاؤب من الشيطان فإذا تثائب أحدكم فليكظم ما استطاع ) ( مسلم ج 4 / كتاب الزهد والرقائق باب 9 / 56 )
- 6 - تسوية الحصى والتراب حيث يسجد إلا لعذر عن معيقيب رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال في الرجل يسوي التراب حيث يسجد قال : ( إن كنت فاعلا فواحدة ) " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 12 / 49 ) ولأنه ينافي التواضع والخشوع
كما يكره مسح الجبهة في الصلاة وقبل الانصراف مما يعلف بها من غبار ونحوه لمنافاته التواضع والخشوع كذلك
- 7 - يكره القيام على إحدى رجليه بلا عذر أو تقديمها على الأخرى أو لصقها بها
- 8 - تكره الصلاة حاقنا ( الحاقن محتبس البول ) أو حاقبا ( الحاقب محتبس الغائط ) أو حازقا ( الحازق محتبس الريح ) بل يحرم إن ضرته المدافعة لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : " إني سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( لا صلاة بحضرة الطعام ولا وهو يدافعه الأخبثان ) " ( مسم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 16 / 67 )
وينبغي أن يزيل هذا العارض ثم يشرع في الصلاة ولو فاتته الجماعة إلا إذا خاف فوت الوقت فيصلي مع العارض محافظة على حرمة الوقت
- 9 - تكره الصلاة وهو تائق إلى الطعام إن وسع الوقت وكان الطعام حاضرا أو قريب الحضور حفاظا على الخشوع في الصلاة ودليله حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم . وقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بتقديم العشاء على العشاء وأقيمت الصلاة فابدؤوا بالعشاء ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 16 / 64 )
- 10 يكره أن يضع يده - اليمنى أو اليسرى - على خاصرته لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : " نهي عن الخصر في الصلاة " ( البخاري ج 1 / كتاب العمل في الصلاة باب 17 / 1161 ) ولأن فيه كبرا أو سوء أدب أو تشبها بفعل اليهود
- 11 - أن يخفض رأسه في ركوعه
- 12 - الاستناد إلى ما يسقط بسقوطه إلا لعذر
- 13 - الزيادة في جلسة الاستراحة على الجلوس بين السجدتين
- 14 - إطالة التشهد الأول والدعاء فيه
- 15 - مقارنة الإمام في أفعال الصلاة لحديث البراء رضي الله عنه قال : " كنا مع النبي صلى الله عليه و سلم لا يحنو أحد منا ظهره حتى نراه قد سجد " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 39 / 200 )
- 16 - تكره الصلاة محاذيا للنجاسة ولو لم يتصل بها كالصلاة في المزبلة والمجزرة والمقبرة ولو غير منبوشة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى أن يصلي في سبعة مواطن : في المزبلة والمجزرة والمقبرة وقارعة الطريق وفي الحمام وفي معاطن الإبل وفوق ظهر بيت الله " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 258 / 346 ) أما المقبرة المنبوشة فلا تصح الصلاة فيها لأن ترابها نجس إلا أن يفرش ثوبا طاهرا يصلي عليه فتصح مع الكراهة
- 17 - تكره الصلاة في الكنيسة وفي البيعة وفي الحمام وعلى سطح الكعبة لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم
- 18 - تكره الصلاة في كل حال يشوش على المصلي كالصلاة في طريق يمر الناس فيه وفي مأوى الإبل وفي بطن الوادي مع توقع السيل وإلى جدار عليه نقوش أو بثوب فيه صور أو أعلام تلهيه لما روت عائشة رضي الله عنها : ( أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى في خميصة لها أعلام فقال : ( شغلتني أعلام هذه اذهبوا بها إلى أبي جهم وأتوني بأنبجانية ) " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 11 / 719 ، الخميصة : كساء ذو أعلام والأنبجانية : كساء غليظ لا علم له )
- 19 - يكره التلثم ( التلثم : تغطية الفم والأنف ) للرجل لما ورد عن أبو هريرة رضي الله عنه قال : " نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يغطي الرجل فاه في الصلاة ( ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 42 / 966 ) والتنقب ( التنقب : تغطية الفم والأنف بما زاد عن خمار المرأة وهو غطاء رأسها ) للمرأة إلا إذا خشيت رؤية الأجنبي لها والفتنة فترخي الخمار على وجهها أثناء القيام والركوع وترفعه عند السجود لتلامس جبهتها الأرض
- 20 - تكره الصلاة عند غلبة النوم لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال ( إذا نعس أحدكم في الصلاة فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لعله يذهب يستغفر فيسب نفسه ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 31 / 222 )
- 21 - يكره أن يبصق المصلي أمامه أو عن يمينه إذا كان في غير المسجد ومطلقا إذا كان في المسجد إلا على شيء كمنديل للنهي عنه في الصحيح . وهذه الكراهة ثابتة لغير المصلي أيضا . عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( البزاق في المسجد خطيئة وكفارتها دفنها ) ( البخاري ج 1 / كتاب المساجد باب 5 / 405 ) وروى جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " أتانا رسول الله صلى الله عليه و سلم في مسجدنا هذا وفي يده عرجون ابن طاب ( العرجون : أصل العذق الذي يعوج ويقطع منه الشماريخ فيبقى على النخل يابسا . وابن طاب : ضرب من الرطب ) فنظر فرأى نخامة فأقبل عليها فحتها بالعرجون ثم قال ( أيكم يحب أن يعرض الله عنه بوجهه ؟ ) ثم قال : ( إن أحدكم إذا قام يصلي فإن الله قبل وجهه فلا يبصقن قبل وجهه ولا عن يمينه وليبزق عن يساره تحت رجله اليسرى . فإن عجلت به بادرة فليقل بثوبه هكذا ووضعه على فيه ثم دلكه ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 22 / 485 )
- 22 - تفقيع الأصابع وتشبيكها في الصلاة لأنه ينافي الخشوع

الفصل الرابع : مبطلات الصلاة

- 1 - فقد شرط من شروط صحتها مع القدرة عليه سواء دخل فيها بخلافه أو دخل فيها وهو موجود ثم أخل به . وينضوي تحت هذا :
( 1 ) ملاقاة النجاسة التي لا يعفى عنها
( 2 ) الحدث قبل التسليمة الأولى
( 3 ) انكشاف العورة أو شيء منها
( 4 ) الانحراف عن القبلة ( مر تفصيل هذه المبطلات الأربعة عند بحث شروط صحة الصلاة )
( 5 ) الردة والعياذ بالله
- 2 - قطع ركن عمدا : كأن يعتدل قبل تمام الركوع أو يسجد عامدا قبل تمام الاعتدال أو يجلس للتشهد عامدا قبل تمام السجدة الثانية
- 3 - ترك ركن من الأركان لقوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ارجع فصل فإنك لم تصل )
- 4 - تقديم ركن فعلي على محله عمدا بخلاف الركن القولي فتقديمه على محله لا يبطل ولكن لا يعتد بالمقدم بل يعيده في محله ويستثنى من الركن القولي السلام فتقديمه عمدا يبطل الصلاة
- 5 - تطويل الركن القصير ( تقديم تحديد الطويل والقصير من الأركان ) عمدا وضابط التطويل أن يطول الاعتدال بقدر قراءة الفاتحة زيادة على الدعاء الوارد فيه وأن يطول الجلوس بين السجدتين بقدر أقل التشهد زيادة على الذكر الوارد فيه فإن كان دون ذلك فلا يبطل ( أما الاعتدال فعلى أنه ركن قصير إلا أن النووي يرى أن الأقوى جواز تطويله لورود النص فقد روى مسلم عن حذيفة رضي الله عنه أنه قال : " صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم ذات ليلة فافتتح البقرة فقلت يركع عند المائة ثم مضى فقلت يصلي بها في ركعة فمضى فقلت يركع بها ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلا إذا مر بآية فيها تسبيح سبح وإذا مر بسؤال سال وإذا مر بتعوذ تعوذ ثم ركع فجعل يقول : ( سبحان ري العظيم ) فكان ركوعه نحوا من قيامه ثم قال : ( سمع الله لمن حمده ) ثم قام طويلا قريبا مما ركع ثم سجد فقال : ( سبحان ربي الأعلى ) فكان سجوده قريبا من قيامه " مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 27 / 203 . قال النووي : " وفي التصريح بجواز إطالة الاعتدال بالذكر والجواب عنه صعب على من منع الإطالة فالأقوى جوازها بالذكر والله أعلم " . )
- 6 - أن يطول زمن الشك ( ويختلف الشك عن الوسواس الذي يصاب به بعض الناس ) في النية وتكبيرة الإحرام حتى يمضي ركن قولي أو فعلي : فمن شك هل كبر للإحرام أم لا أو هل نوى أم لا ؟ أو هل أتى ببعض شروط النية أم لا ؟ وهو في الصلاة فينبغي له ألا يفعل شيئا في حال الشك فإن تذكر أنه أتى بكمال ذلك قبل أن يفعل شيئا على الشك وقصر الزمان لم تبطل صلاته بلا خلاف وإن طال بطلت لانقطاع نظمها وإن تذكر بعد أن أتى مع الشك بركن فعلي أو قولي بطلت صلاته
- 7 - العزم على قطع الصلاة كأن يعزم في الركعة الأولى على قطعها في الثانية فتبطل في الحال وكذا إذا شط في قطعها كأن يتردد هل يخرج منها أو يستمر بطلت ومثله أن يعلق قطعها بشيء لأن النية شرط في جميع الصلاة وقد قطع ذلك بما فعل فبطلت صلاته كالطهارة إذا قطعها بالحدث
ولو دخل في الظهر مثلا ثم نوى صرف النية إلى العصر بطل الظهر لأنه قطع نيته ولم تصح العصر لأنه لم ينوه عند الإحرام
ويحرم على المصلي إذا دخل في الصلاة المكتوبة قطعها إلا لضرورة كإنقاذ حياة طفل أو تجنب حصول ضرر شديد كنشوب حريق . ويجوز قطع النافلة إجابة لأحد الوالدين إن لم يعلم أنه في صلاة وكان يشق عليه عدم الإجابة
- 8 - تخلف المأموم عن إمامه أو تقدمه عليه بركنين فعليين عمدا لغير عذر
- 9 - الكلام الكثير ولو مكرها . ودليله : قول الرسول صلى الله عليه و سلم في حديث يسار بن معاوية ابن الحكم السلمي ض : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7 / 33 )
وحد الكلام الذي يبطل الصلاة موضح فيما يلي :
( 1 ) أن يتكلم عمدا بحرفين من حروف الهجاء فأكثر ولو لمصلحة الصلاة ولو لم يفهما أو حرف واحد مفهم لمعنى كما إذا قال : ع أو ق ( أمران من وعى ووقى )
أما إن تكلم عمدا بحرف غير مفهم فلا تبطل صلاته إلا إن قصد بنطقه إبطال صلاته فتبطل عندئذ لأن فعله شروع في الإبطال
( 2 ) وتبطل الصلاة إذا بان منه حرف مفهم أو حرفان غير مفهومين أثناء تنحنحه ( التنحنح : تردد الصوت في الصدر ) أو ضحكه أو أنينه أو بكائه - ولو خشية من الله تعالى - 0 أو بنفخ من أنفه أو فمه أو بسعاله أو عطاسه أو تأوهه إن كان قادرا على كتمه أما إن لم يخرج شيئا من الأحرف بكل ذلك فلا تبطل الصلاة
وإن خرج منه صوت كالنهيق أو الصهيل أو صوت الطائر دون أن يظهر ذلك حرفا لم تبطل الصلاة ما لم يقصد بذلك اللعب
( 3 ) إذا نطق بنظم القرآن بقصد التفهيم والإعلام لا بقصد التلاوة كأن يأذن لرجل بالدخول فيقول له : { ادخلوها بسلام آمنين } بطلت صلاته / وكذلك لو أطلق دون قصد تبطل صلاته لأنه أشبه كلام الآدميين . أما إن قصد التفهيم مع التلاوة فلا تبطل
ويعذر بالكلام في الصلاة في حالات :
( 1 ) أن يسبق لسانه إلى الكلام بغير قصد أو يغلبه الضحك أو العطاس أو السعال ويظهر منه حرفان
( 2 ) أن يتكلم ناسيا أو جاهلا للتحريم بسبب قرب عهده بالإسلام أو نشوئه في بادية بعيدة عن العلماء على أن يكون الكلام يسيرا وضابط اليسير ست كلمات عرفية فأقل أما إذا تجاوز الست كلمات فإنه يقطع الصلاة
( 3 ) يعذر في التنحنح ولو كثر إن تعذر عليه النطق بركن قولي من أركان الصلاة كقراءة الفاتحة
كما لا تبطل الصلاة بما يلي من الكلام :
( 1 ) الذكر والدعاء إلا أن يكون خطابا لمخلوق كرد السلام وتشميت العاطس وقوله : غفر الله لك أو عافاك الله أما إن قال ذلك جميعه بغير لفظ الخطاب كما لو قال : وعليه السلام أو يC أو عافاه الله فلا تبطل لأنه دعاء محض
( 2 ) التلفظ بقربة كالعتق ونذر التبرر ( إن لفظه دون أن يعلق أو يعقب على النذر ودون مخاطبة أحد . ويقسم النذر إلى قسمين :
أولا - نذر التبرر وهو نوعان آ - نذر تبرر منجز : وهو ما أوجب على نفسه فعله تقربا إلى الله تعالى ولا يكون إلا بطاعة غير واجبة كأن يقول : لله علي صوم كذا أو علي صوم كذا دون ذكر لفظ الجلالة وهذا لازم الأداء ولا يبطل الصلاة إن لفظه أثناءها ب - التبرر المعلق : هو كنذر التبرر المنجز إلا أنه متعلق بمرغوب فيه كأن يقول : لله علي صوم كذا شفي فلان فإن تحقق النذر لزمه أداء ما التزم وهذا لا يصح لفظه بالصلاة
ثانيا - نذر اللجاج أو الخصومة أو الغضب : وهو ما تعرق بمرغوب عنه كحث على فعل شيء أو منعه منه أو تحقيق خبر فإذا تحقق النذر فهو بالخيار إما أداء ما التزمه أو التكفير بكفارة يمين ونذر اللجاج مكروه ) مثل ذبح لله تعالى أو صوم أو صلاة لأنه مناجاة لله تعالى ولا تبطل الصلاة لأنه لو انتظر حتى ينتهي منها قد تحدثه نفسه بالرجوع عن النذر
كما لا تبطل الصلاة بالسكوت الطويل بلا عذر ( في الأركان الطويلة بلا شك / لأنه مر أن تطويل الركن القصير عمدا مبطل للصلاة )
ويسن لمن نابه شيء في الصلاة ( كأن كلمه إنسان وهو في الصلاة فأراد إعلامه أن يصلي أو سها الإمام فأراد أن يعلمه السهو ) أن يسبح الله تعالى ( بقصد الذكر مع الإعلام أما إن قصد الإعلام وحده فتبطل صلاته ) إن كان رجلا أما إن كانت امرأة فتصفق ببطن الكف على ظهر الكف الأيسر أو العكس ( أما إن ضربت بطنا ببطن على وجه اللعب ولو قليلا فتبطل صلاتها لمنافاته الخشوع إلا إن جهلت التحريم ) ولو صفق وسبحت فقد خالفا السنة ولا تبطل صلاتهما . عن سهل بن سعد رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال في حديث نيابة أبي بكر عن النبي صلى الله عليه و سلم في إمامة الناس : ( من نابه شيء في صلاة فليسبح فإنه إذا سبح التفت إليه وإنما التصفيح للنساء ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 22 / 102 وفي نسخة أخرى التصفيق بدل التصفيح وهما بمعنى واحد . )
- 10 - الزيادة على أفعال الصلاة :
( 1 ) إن كان الفعل من جنس أفعال الصلاة بأن زاد ركوعا أو غيره من الأركان الفعلية ( ولا تقاس زيادة الركن القولي على زيادة الركن الفعلي فتكرار قراءة الفاتحة لا يبطل الصلاة لأنه لا يغير نظمها لأنه تكرار ذكر فهو كما لو قرأ السورة بعد الفاتحة مرتين . ويستثنى من ذلك السلام فزيادته عمدا تبطل )
آ - فإن كان عامدا بطلت صلاته قل العمل أو كثر لأنه متلاعب بالصلاة
ب - وإن كان ناسيا لم تبطل قل العمل أو كثر لحديث عبد الله رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى الظهر خمسا فقيل له : أزيد في الصلاة ؟ فقال : ( وما ذاك ؟ ) قال : صليت خمسا فسجد سجدتين بعدما سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب أبواب السهو باب 2 / 1168 ) ولأنه لا يمكن الاحتراز منه
( 2 ) أما إن لم يكن العمل من جنس الصلاة كالمشي والضرب وإصلاح الرداء والإشارة :
آ - فإن كان قليلا لم تبطل صلاته عمدا فعله أو سهوا إلا إذا قصد به اللعب لأن النبي صلى الله عليه و سلم أمر المصلي بدفع المارين بين يديه على ما قدمنا وأمر بقتل الأسودين الحية والعقرب في الصلاة ( انظر أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 169 / 921 ) وحمل أمامة بن أبي العاض فكان إذا سجد وضعها فإذا قام رفعها ( انظر مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 9 / 41 ) وقد جاوب بعضهم على حمله صلى الله عليه و سلم أمامة باحتمال طهارة ثيابها أو أن ذلك من خصوصياته ث أما لو ركب طفل على ظهر مصل مع تحقق نجاسة ثيابه فإن صلاته تبطل بخلافه مع يقين الطهارة فإن ذلك لا يضر ) وسلم عليه الأنصار فرد عليهم في الصلاة باسطا كفه جاعلا بطنه أسفل وظهره إلى فوق ( انظر أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 170 / 927 )
ولأن المصلي لا يخلو من عمل قليل فلم تبطل صلاته بذلك
ب - وإن كان كثيرا - بأن مشى خطوات متتابعات أو ضرب ضربات متواليات - بطلت صلاته عمدا فعله أو سهوا لأنه لا تدعو إليه الحاجة في الغالب
وضابط الكثير يرجع فيه إلى العادة فلا يضر ما يعده الناس قليلا كالإشارة برد السلام وخلع النعل ورفع العمامة ووضعها ولبس ثوب خفيف ومزعه وحمل صغير ووضعه . قالوا : وعليه فالفعلات الثلاث كثير بلا خلاف ولا يشترط أن تكون الأفعال الثلاثة من نوع واحد فمثلا إذا حرك رأسه ويده ومشى اعتبر ذلك عملا كثيرا يبطل الصلاة
ومن العمل الكثير الوثبة الفاحشة المفردة وكذا تحريك البدن كله أو معظمه ولو من غير نقل قدميه والضربة المفرطة
وشروط إبطال الصلاة في العمل الكثير :
( 1 ) التتابع عرفا كأن لا يطمئن بين الفعلين
( 2 ) أن يكون الفعل بعضو ثقيل فإن كان بعضو خفيف فلا يبطل الصلاة كتحرك أصابعه كل أصبح بمفردها من غير تحريك الكف ( أما تحريك الأصابع جميعها بحيث يتحرك معها الكف كما هو الغالب فإنه يضر مع التوالي ) في سبحة أو حكة أو حل أو عقد أو تحريك لسانه أو شفتيه من غير تحريك الحنك أو تحريك حاجبيه أو أجفانه فكل هذه الحركات لا تبطل ولو كثرت متوالية لكن يكره إن تعمده
- 11 - الأكل والشرب :
( 1 ) الأكل والشرب الكثيران يبطلان الصلاة ولو كان الفاعل ناسيا أو جاهلا بإبطاله الصلاة بخلاف الصوم فلا يبطل صومه بالأكل والشرك إن كان جاهلا بشروط الصوم ( لقرب عهده بالإسلام أو نشوئه بعيدا عن العلم والعلماء ) أو كان ناسيا للصوم ولو كثر ولهذا التفريق بين الصوم والصلاة أسباب منها
آ - أن للصلاة هيئة مذكرة بخلاف الصوم
ب - أن الصلاة ذات أفعال منظومة فكثير الأكل والشرب يقطع نظمها بخلاف الصوم فإنه كف وإمساك
( 2 ) الأكل والشرب القليلان لا يبطلان الصلاة إن فعلهما ناسيا أو جاهلا معذورا أما العامد فتبطل صلاته قل الطعام أو كثر حتى لو نزلت من رأسه نخامة فابتلعها عمدا بطلت صلاته بخلاف ما لو لم يتمكن من إمساكها . ولا بأس بجري الريق بين الأسنان إلا إذا انفصل شيء من الطعام مع الريق فابتلعه المصلي فإنه يبطل الصلاة
وأما المكره ولو على قليل الأكل والشرب في الصلاة فتبطل صلاته لأن هذه الحالة نادرة الوقوع
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-25-2013
  #26
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الباب الرابع [ سجود السهو والتلاوة والشكر ]
الفصل الأول : سجود السهو

- شرع سجود السهو جبرا للخلل الواقع في الصلاة فرضا أو نفلا وإرغاما للشيطان
دليل المشروعية
- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين فإذا استيقن التمام سجد سجدتين فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان . وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 197 / 1024 )

- حكمه :
- 1 - هو سنة :
آ - للمنفرد
ب - للإمام
ج - للمأموم لسهو إمامه إن لم يسجد إمامه
د - للمأموم المسبوق لسهو نفسه الواقع بعد انتهاء صلاة الإمام
ه - للمأموم لسهوه الواقع قبل الاقتداء بالإمام ( وصورة ذلك أن يبدأ الصلاة منفردا ويسهو في صلاته ثم يدخل في جماعة )
و - للمأموم إن كان الإمام حنفيا وسجد للسهو بعد السلام فلا يجب على المأموم أن يسجد مع الإمام للسهو لانقطاع القدوة بالسلام
ز - يسن للمأموم المسبوق أن يعيده في آخر صلاة نفسه لأن الأول فعله متابعة للإمام ولم يكن موضع سجوده
والدليل على أنه سنة قوله صلى الله عليه و سلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم : ( فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان )
- 2 - وهو واجب على المأموم إذا فعله إمامه قبل السلام حتى ولو سلم بعد سلام إمامه ساهيا عن سجود السهو لزمه أن يعود إليه إن قرب الفصل وإلا أعاد صلاته كما لو ترك منها ركنا لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 19 / 77 ، وسيرد الحديث تاما في بحث صلاة الجماعة )


- كيفيته :
- هو سجدتان وواجباته كواجبات سجود الصلاة ومندوباته كمندوباته وذكره كذكره واللائق بالحال أن يقول فيه : سبحان من لا ينام ولا يسهو أما إذا كان متعمدا سبب السهو فيسن له في سجود السهو الاستغفار
ولا بد له من نية لا يتلفظ بها فإذا سجد بدون نية و تلفظ بها بطلت صلاته أما المأموم فلا يحتاج إلى نية لتبعيته للإمام
وإن اجتمع سهوان أو أكثر من نوع واحد أو أنواع كفاه للجميع سجدتان ولا يجوز أكثر من سجدتين لأن النبي صلى الله عليه و سلم قام من اثنتين وكلم ذا اليدين واقتصر على سجدتين ( سيرد الحديث تاما بعد صفحات . ) ولأنه لو لم يتداخل لسجد عقب السهو فلما أخر إلى آخر صلاته دل على أنه إنما أخر ليجمع كل سهو في الصلاة فإن سها في سجود السهو فسجد ثلاثا لم يسجد لهذا السهو أما لو شك هل سجد للسهو سجدة أو سجدتين فيسجد أخرى ولا يعيد السجود وإن تبين له أنهن صرن ثلاثا لأن سجود السهو لو لم يجبر كل سهو لم يؤخر


- محله : - قبل السلام للأحاديث الصحيحة الكثيرة فيه ومنها حديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال : " صلى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته نظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 85 ، وسترد في البحث أحاديث أخرى تدل عليه )
ولأن فعله قبل السلام كان آخر الأمرين من فعله صلى الله عليه و سلم والمتأخر ينسخ المتقدم ولأنه يفعل لإصلاح الصلاة فكان قبل السلام كما لو نسي سجدة من الصلاة
ولا بد من كونه بعد التشهد وإتمام الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم فإن سجد قبل إتمامها بطلت صلاته حتى لو كان مأموما ولم يكمل تشهده وصلاته على النبي صلى الله عليه و سلم فإنه يجب عليه التخلف لهما ثم يسجد وجوبا لتوجيه عليه بفعل الإمام

- فواته :
يفوت بمجرد سلام المصلي عامدا عالما بالسهو وإن قصر الفصل أما إن سلم المصلي ناسيا للسهو فيعود إليه إن لم يطل الفصل عرفا وإلا فات وقته لأنه يؤتى به لتكميل الصلاة فلم يفعل بعد تطاول الفصل فإذا عاد إليه - في حال السهو وقصر الفصل - اعتبر عائدا إلى حكم الصلاة فلو تكلم عامدا أو أحدث في السجود مثلا بطلت صلاته


- أسبابه :
- تنحصر أسبابه في ثلاثة أقسام ( والتقسيم لتسهيل الدراسة فقط إذ تتداخل الأقسام أحيانا )
القسم الأول : ترك مأمور به . والمأمور به أن يكون ركنا أو بعضا أو هيئة :
- 1 - فالركن : إن ترك عمدا بطلت الصلاة وقد تقدم . وإن ترك سهوا أتي به وسجد للسهو لاحتمال الزيادة
- 2 - أما البعض : فيجبر بسجود السهو سواء تيقن الترك أو شك فيه
- 3 - أما الهيئة : فلا تحتاج إلى سجود السهو لجبرها سواء تركها عمدا أو سهوا وسواء تيقن الترك أو شك فيه بل لو سجد لتركها بطلت صلاته
القسم الثاني : فعل منهي عنه وذلك بأن يفعل سهوا شيئا يبطل الصلاة عمده
القسم الثالث : فعل شيء في الصلاة مع احتمال زيادته أو مع التردد فيه وتفصيل ذلك كما يلي :
القسم الأول : ترك مأمور به :
- 1 - ترك ركن سهوا :
آ - إن تذكر المنفرد أو الإمام ( سيأتي تفصيل حالة سهو المأموم بعد صفحات ) ترك ركن من الأركان ( عدا النية وتكبيرة الإحرام ) قبل أن يأتي بمثله : أتى به وجوبا فورا ويسن له سجود السهو في آخر الصلاة من أجل الزيادة ولم يعتد بما فعله بعد المتروك حتى يأتي بما تركه ثم يأتي بما بعده لأن الترتيب واجب في أفعال الصلاة فلو تذكر وهو في الركعة الأخيرة وقبل السلام أنه ترك سهوا سجدة من هذه الركعة فإنه يأتي بها ويعيد تشهده لوقوعه قبل محله ويسن أن يسجد للسهو ولو ترك سجدة من الركعة الأولى وذكرها وهو قائم في الثانية نظر فإن لم يكن قد جلس عقيبها حتى قام جلس ثم سجد وفي آخر صلاته يسن أن يسجد للسهو لأنه زاد قياما وإن كان قد جلس عقيب السجدة الأولى ولو بنية الاستراحة فإنه يخر ساجدا وتجزئه الجلسة لأنها وقعت في موضعها . وقيام جلسة الاستراحة مقام الجلسة الواجبة بين السجدتين لا يقاس عليه سجدة التلاوة فمن سجد للتلاوة في الصلاة وعليه سجدة من نفس الصلاة لم يجزئه عن المتروك لأن سجود التلاوة عارض وليس من الصلاة أما جلسة الاستراحة فمنها
ب - إن تذكر ترك الركن بعد أن أتى بمثله فأكثر : يقيمه مقامه ويتمم الركعة ويلغي ما بينهما ويتدارك الباقي من صلاته ويسن أن يسجد للسهو لجبر الزيادة
أما إن كان المتروك ركعة ثم تذكرها وهو في الصلاة فيلزمه أن يأتي بها
وإن علم ترك سجدتين فإن كانتا من الأخيرة سجدهما ثم تشهد وإن كانتا من غيرها فإن علمهما من ركعة واحدة لزمته ركعة وإن علمهما من ركعتين متواليتين كفاه ركعة وإن علمهما من ركعتين غير متواليتين أو أشكل الحال لزمه ركعتان
ج - إن تذكر ترك ركن بعد السلام ( عدا النية وتكبيرة الإحرام ) إن كان تذكره بعد سلامه بزمن قريب وكان المتروك من غير الركعة الأخيرة أتى بركعة تامة وإن كان المتورك من الأخيرة أتى به ثم يتمم ما بعده وفي كلتا الحالتين يسن أن يسجد للسهو لأنه سها بما يبطل عمده وهو السلام قبل تمام الصلاة
وإن كان المتروك ركعة أو ركعتين من صلاة ثلاثية أو رباعية دخل فورا في الصلاة بتكبيرة الإحرام فقط دون نية ودون دعاء توجه ويقرأ الفاتحة ويأتي بما تذكر تركه لأنه لم يزل بعد في الصلاة من وقت سلامه الأول ويسن أن يسجد للسهو
وإن تذكره بعد السلام بزمن بعيد أو بعد ملاقاة النجس الرطب لزمه أن يستأنف الصلاة وضابط طول الفصل يرجع فيه إلى العرف وقيل يقدر القصير بالقدر الذي نقل عنه صلى الله عليه و سلم في قصة ذي اليدين في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وهو : " صلى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( كل ذلك لم يكن ) فقال : قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم على الناس فقال : ( أصدق ذو اليدين ) فقالوا : نعم يا رسول الله فأتم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين . وهو جالس بعد التسلم " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 99 ) وحيث جاز البناء لقصر الفصل لا فرق بين أن يكون تكلم بعد السلام وخرج من المسجد واستدبر القبلة ونحو ذلك وبين أن لا يكون لحديث ذي اليدين
د - أما النية وتكبيرة الإحرام فإن علم تركهما أو إحداهما فعليه استئناف الصلاة سواء كان تذكره أثناء الصلاة أو بعدها طال الزمن أو قصر
ه - إن كان المتروك هو السلام فإذا ذكره قبل طول الفصل سلم ولا يسجد للسهو وإلا استأنف الصلاة
- 2 - الشك في ترك ركن ( سواء كان الشك مستوي الطرفين أو ظن أنه فعل الأكثر ففي الحالين يلزمه الأخذ بالأقل ويجب الباقي ولا مدخل للاجتهاد فيه )
آ - إن شك قبل السلام بترك ركن من الأركان - عدا النية وتكبيرة الإحرام - بنى على اليقين فيصبح حكمه كمن تذكر ترك ركن وقد مر بيانه . وعليه إذا شك بترك الركن قبل أن يأتي بمثله أتى به وجوبا فورا ويسجد للسهو لاحتمال الزيادة أما إن زال الشك قبل أن يحتمل الزيادة فلا يسجد للسهو
كذلك لو كان المشكوك بتركه ركعة بأن شك وهو في الصلاة هل صلى ركعة أو ركعتين أو ثلاثا أو أربعا لزمه أن يأخذ بالأقل ويأتي بما بقي لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 88 ) وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو ثنتين فليبن على واحدة فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 291 / 398 )
ب - أما إن شك بعد السلام بترك ركن من الأركان - غير النية وتكبيرة الإحرام - فليس عليه شيء وإن قصر الفصل لقوله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } ( محمد : 33 ) ولأن الظاهر أنه أداها على التمام فلا يضره الشك الطارئ بعده ولأنا لو اعتبرنا حكم الشك بعدها شق ذلك وضاق فلم يعتبر
ج - أما إن كان الشك في النية أو تكبيرة الإحرام فتبطل صلاته وعليه استئنافها سواء كان شكه أثناء الصلاة أو بعد السلام بزمن قصير أو طويل إلا أن يشك الإتيان بهما أو بأحدهما ويتذكر سريعا قبل أن يأتي أو يشرع بركن فعلي أو قولي وهو شاك
- 3 - تيقن ترك بعض من الأبعاض أو جزء من البعض سهوا أو عمدا :
يسن لمن ترك البعض عمدا أو سهوا أن يسجد للسهو في آخر صلاته والعامد أولى بالسجود لأنه مقصر
وفي جواز العودة إلى البعض المتروك تفصيل :
آ - إن ترك البعض سهوا :
- 1 - إن تلبس بالفرض الذي يلي البعض المتروك حرم عليه العودة إلى البعض وينبغي أن يتم صلاته ويسن له سجود السهو فإن عاد عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته
ومثال التلبس بالفرض أن يترك التشهد الأول حتى ينتصب قائما أو يترك القنوت حتى يسجد . وضابط التلبس بفرض القيام - في حال ترك التشهد - أن يصل إلى محل تجزئ فيه القراءة ويقصد بذلك أن يتجاوز أقل الركوع بالصعود وضابط التلبس بالسجود - في حال ترك القنوت - أن يضع أعضاء السجود كلها على الأرض مع التنكيس والتحامل وإن لم يطمئن
- 2 - إن لم يصل إلى حد التلبس بالفرض جاز له العود إلى السنة المتروكة سهوا ولا يسجد للسهو عندئذ مع الإتيان بها إلا إذا وصل في حالة ترك التشهد الأول إلى وضع هو فيه إلى القيام أقرب منه إلى السجود وفي حالة ترك القنوت بلغ أقل الركوع في هويه فعندئذ يجوز له العود إلى السنة ويسن له سجود السهو في آخر الصلاة
ب - إن ترك البعض عمدا
لا تجوز العودة إليه إلا إذا كان في حالة ترك التشهد الأول أقرب إلى السجود منه إلى القيام وفي حالة ترك القنوت لم يبلغ أقل الركوع في هويه ولا يسجد للسهو في هذه الحال أي إن عاد للبعض فإن لم يعد سن له سجود السهو
- 4 - الشك في ترك بعض من الأبعاض :
يسن له سجود السهو في هذه الحال لأن الأصل عدم الفعل
القسم الثاني : ارتكاب منهي عنه :
إن تيقن أنه فعل سهوا شيئا يبطل الصلاة عمده كأن زاد ركوعا أو سجودا أو تكلم قليلا ناسيا أو سلم في غير موضع السلام ناسيا سن له سجود السهو في آخر صلاته لأن النبي صلى الله عليه و سلم سلم من اثنتين وكلم ذا اليدين وأتم صلاته وسجد سجدتين . أما ما لا تبطل الصلاة بعمده كالالتفات والخطوة والاثنتين والضربة والاثنتين والإقعاء في الجلوس ( وهو أن يجلس المصلي على وركيه وهما أصل فخذيه ناصبا ركبتيه بأن يلصق ألييه بموضع صلاته وينصب فخذيه وساقيه كهيئة المستوفز ) ووضع اليد على الفم والخاصرة والنظر إلى ما يلهي والفكر في الصلاة والعبث باللحية وغيره فهذا وأمثاله لا يسجد لعمده ولا لسهوه لأن النبي صلى الله عليه و سلم نظر إلى أعلام الخميصة وقال : ( ألهتني آنفا عن صلاتي ) ( أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها البخاري ج 1 / كتاب الصلاة في الثياب باب 13 / 366 ) وتذكر في الصلاة تبرا كان عنده ( أخرجه البخاري عن عقبة رضي الله عنه البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 74 / 813 ) وحمل أمامة ووضعها ( أخرجه مسلم عن أبي قتادة ض مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 9 / 41 وقد تقدم ) ولم يسجد لشيء من ذلك ويستثنى مما لا يبطل عمده ولا سهوه القراءة في غير محل القراءة أو التشهد في غير محله أو الصلاة على النبي في غير محلها فيسن له سجود سهو إن كان هذا النقل القولي إلى غير محله بنيته سواء فعله عمدا أو سهوا
ولا يسجد لارتكابه ما تبطل الصلاة بعمده وسهوه كالعمل والكلام الكثير بل ولا يجوز السجود لأنه ليس في صلاة
القسم الثالث : زيادة ركن فعلي متحققا أو متوهما :
- 1 - فالمتحقق : أن يسهو فيزيد في صلاته ركعة أو ركوعا أو سجودا أو قياما أو غير ذلك فيسجد للسهو
- 2 - والمتوهم : أن يشك هل صلى ثلاثا أو أربعا مثلا فيلزمه أن يأتي بركعة أخرى ثم يسجد للسهو لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم وللتردد بالركعة التي أتى بها هل هي رابعة أم زائدة تقتضي السجود ولو زال تردده قبل السلام وقبل السجود وعرف أن التي أتى بها رابعة سن له السجود للتردد ( ولا يعمل المصلي بقول غيره له صليت ثلاثا أو صليت أربعا أو غيره مهما بلغ عددهم بل يجب عليه العمل بيقين نفسه في الزيادة والنقص ) وضابط الشك وزواله أنه إذا كان ما فعله من وقت عروض الشك إلى زواله لا بد منه على كل احتمال لم يسجد للسهو وإن كان زائدا على بعض الاحتمالات سجد . ومثاله ما لو شك في قيامه من الظهر في كون تلك الركعة ثالثة أو رابعة فركع وسجد على هذا الشط وهو عازم على القيام إلى ركعة أخرى أخذا باليقين ثم تذكر قبل القيام إلى الأخرى أنها ثالثة أو رابعة فلا يسجد لأن ما فعله على الشك لا بد منه على التقديرين فإن لم يتذكر حتى قام سجد للسهو وإن تيقن أن التي قام إليها رابعة لأن احتمال الزيادة وكونها خامسة كان موجودا حين قام

- متى يسجد المأموم لسهو إمامه وسهو نفسه :
- يسجد المأموم لسهو إمامه وإمام إمامه ( يقع هذا فيما لو أحدث الإمام وناب عنه أحد المأمومين ثم جاء جل واقتدى به وكان الإمام الأول ساهيا ) أيضا وإن كان سهوهما قبل القدوة لتطرق الخلل إلى صلاته من صلاة إمامه
فإن ترك المأموم موافقة إمامه في السجود عمدا بطلت صلاته ويستثنى من ذلك ما لو علم المأموم سبب سهو الإمام وتيقن غلطه في ظنه بأن ظن الإمام ترك أحد الأبعاض وعلم المأموم أنه لم يتركه فسجد فلا يوافقه المأموم
ولو ترك الإمام السجود لسهو نفسه عامدا أو ساهيا أو كان يعتقد تأخيره إلى ما بعد السلام سن للمأموم أن يسجد في آخر صلاته بعد سلام الإمام ولو لم يسجد الإمام لسهوه إلى سجدة سجد المأموم أخرى حملا له على أنه نسيها
ولا يسجد المأموم لسهو نفسه خلف إمامه فالإمام يتحمل سهو المأموم ما كانت القدوة لأن معاوية بن الحكم رضي الله عنه شمت العاطس في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7 / 33 ) ولم يأمره بالسجود فمثلا ولو ظن المأموم سلام إمامه فسلم ثم بان خلافه أعاد السلام معه ولا سجود عليه لأنه سها في حال القدوة أو ظن المسبوق سلام إمامه فقام لتدارك ما عليه وكان ما عليه ركعة مثلا فأتى بها وجلس ثم علم أن الإمام لم يسلم بعد وتبين أن ظنه كان خطأ فهذه الركعة غير محسوبة له لأنه وقعت في غير موضعها فيتداركها بعد سلام الإمام ولا يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة . أما لو حصل الأم نفسه لكن سلم الإمام وهو قائم فيلزمه العود إلى القعود ثم يقوم منه ويسجد للسهو لأنه أتى بزيادة بعد سلام الإمام
وإن تذكر المأموم ترك ركن غير النية أو تكبيرة الإحرام فيصلي ركعة بعد سلام إمامه ولا يسجد للسهو بخلاف ما لو شك بترك ركن فإنه يأتي بركعة بعد سلام إمامه ويسجد للسهو لاحتمال الزيادة وكذلك لو أدرك مسبوق الإمام راكعا وشك هل أدرك الركوع المجزئ وهو أن يطمئن مع الإمام في الركوع - لم تحسب له هذه الركعة ويسجد للسهو ولا يتحمل عنه الإمام لأنه بعد سلام الإمام شاك في عدد ركعاته
أما إن كان سهو المأموم واقعا قبل الاقتداء بالإمام أو بعد سلام الإمام إن كان مسبوقا فهنا يسن له أن يسجد لسهو نفسه بعد سلام الإمام ولا يتحمل الإمام عنه سهوه لانقطاع القدوة


الفصل الثاني : سجود التلاوة

- دليله
- ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 20 / 103 )

- حكمه
- 1 - هو سنة للقارئ سواء كان في صلاة أم له وللمستمع ولو تركه القارئ وللسامع وهو للأولين آكد منه للثالث
- 2 - وهو واجب على المأموم إن سجد إمامه ويجب عليه الترك إن ترك الإمام وإلا بطلت صلاته في الحالتين لأن سجود التلاوة سنة ومتابعة الإمام فرض كما سيأتي في بحث صلاة الجماعة
وإذا قرأ المصلي آية سجدة في الصلاة بقصد السجود فقط بطلت صلاته
ولا يسجد لتلاوة آية السجدة إن كان التالي نائما أو سكرانا أو ساهيا لأن هؤلاء جميعا ليس لهم إرادة القراءة أو كان جنبا لأن قراءته غير مشروعة أو سمعها السامع من مسجلة أو مذياع فإن ذلك صدى الصوت وليس حقيقة القراءة

- شروطه :
- هي شروط صحة الصلاة التي تقدم بيانها

- وقته
- فور إنهاء آية السجدة فإذا أخر بقدر ركعتين فات وقته ولا يقضى . ولو قرأها في الصلاة ولم يسجد سجد بعد سلامه إن قصر الفصل . ولو كان القارئ أو المستمع محدثا حال القراءة أو السماع فإن تطهر على قرب سجد وإلا فات ولا قضاء

- تكراره :
يتكرر السجود بتكرر القراءة ولو في مجلس واحد أو ركعة واحدة أما إذا تكررت آية السجدة نفسها واتحد المجلس فيكفي السجود مرة


- كيفيته :
- سجود التلاوة إما أن يكون خارج الصلاة وإما أن يكون أثناءها وكيفيته تختلف بحسب ذلك :
- 1 - إن كان خارج الصلاة فأركانه أربعة هي :
( 1 ) النية : لأنه عبادة
( 2 ) تكبيرة إحرام قائما أو قاعدا : لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 333 / 1413 )
( 3 ) سجدة : يشترط فيها ما اشترط لسجود الصلاة
( 4 ) التسليمة الأولى دون التشهد


- وسننه :
( 1 ) التلفظ بالنية
( 2 ) رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام
( 3 ) تكبيرة للهوي للسجود ولا يسن رفع يديه فيها
( 4 ) أن يقول في سجوده : " اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وضع عني بها وزرا واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام " لما روى ابن عباس رضي الله عنهما : " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني رأتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها وهي تقول : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وضع بها عني وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود . قال ابن عباس فقرأ النبي صلى الله عليه و سلم سجدة ثم سجد فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 407 / 579 )
وإن قال فيه ما يقول في سجود الصلاة أجزأه
( 5 ) تكبيرة للرفع من السجود
( 6 ) التسليمة الثانية
- 2 - إما إن كان أثناء الصلاة فينوي المنفرد والإمام وجوبا - في القلب دون اللسان - وينوي المأموم ندبا وتجب عليه المتابعة ولا يكبر الساجد سجود التلاوة للافتتاح لأنه محرم بالصلاة لكن يستحب التكبير عند الهوي إلى السجود وعند الرفع منه دون رفع اليدين وإذا رفع رأسه من السجود قام ولا يجلس للاستراحة ولا يسلم ويتوجب انتصابه قائما لأن الهوي إلى الركوع من القيام واجب ويستحب له بعد انتصابه أن يقرأ شيئا ثم يركع


- ما يقوم مقام السجدة :
- يقوم مقامها أن يقول إذا سمعها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يكرر ذلك أربع مرات قدر على السجود أم لم يقدر كأن لم يكن طاهرا من الحدثين مثلا

الفصل الثالث : سجود الشكر

- دليله :
- ما روى أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : " أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله " ( أبو داود ج 3 / كتاب الجهاد باب 174 / 2774 )
وما روى كعب بن مالك رضي الله عنه في حديث توبته قال : " فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج " ( البخاري ج 4 / كتاب المغازي باب 75 / 4156 )

- حكمه :
يسن سجود الشكر عند هجوم نعمة أو اندفاع نقمة سواء خصته النعمة والنقمة أو عمت المسلمين . ولرؤية فاسق مجاهر بفسقه فيسجد شاكرا لله على معافاته ويظهر ذلك أمام الفاسق لعله يتوب إلا أن يخاف من إظهاره مفسدة أو فتنة ولرؤية المبتلى فيسجد لله على معافاته سرا كيلا يتأذى المبتلى
وإن أخر السجود فات ولا قضاء
ويستحب سجود الشكر عند تلاوة سورة ( ص ) في غير الصلاة لأنها سورة شكر أما في الصلاة فلا يفعل وإن سجدها في الصلاة عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته

- كيفيته :
- هو كسجود التلاوة خارج الصلاة من حيث الشروط والأركان والسنن


الباب الخامس : الصلوات المسنونة

الفصل الأول : السنن الراتبة التابعة للفرائض : هي قسمان [ مؤكدة وغير مؤكدة ] :

أولا - المؤكد :

- 1 - صلاة الوتر : عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 338 / 1422 ) وأقله واحدة للحديث وأكثره إحدى عشرة ركعة ولا تصح الزيادة عليها لما روت عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان قالت : " ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 17 / 125 )
فإن أوتر بواحدة جاز لكن الاقتصار على ركعة واحدة خلاف الأولى والمداومة عليها مكروهة
وأدنى الكمال ثلاث ركعات يقرأ في الأولى بعد الفاتحة { سبح اسم ربك الأعلى } وفي الثانية { قل يا أيها الكافرون } وفي الثالثة { قل هو الله أحد } والمعوذتين
النية فيها : ينوي سنة الوتر إذا صلاها متصلة أما إذا صلى كل ركعتين على حدة ثم ركعة مفردة فينوي قبل كل ركعتين أن يصلي من وتر الليلة وعندما يصل إلى الأخيرة يقول : نويت الوتر
وقتها : يدخل وقتها بفراغه من فريضة العشاء ولو جمعت جمع تقديم مع المغرب ( لكن إن أقام بأن وصلت به السفينة أو أي مركوب إلى وطنه بعد فعل العشاء وقبل فعل الوتر امتنع عليه فعل الوتر حتى يدخل وقت العشاء ) ولو قدمها على فريضة العشاء لم يجز . وينتهي بطلوع الفجر الصادق ودليل ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كل الليل أوتر رص وانتهى وتره إلى السحر " ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 2 / 951 )
وأفضل الوقت آخر الليل لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 4 / 953 ) فإن كان له تهجد أوتر بعده أما إن أوتر قبل التهجد فلا يعيده بعده وإن أعاده بعده فلا يصح لما رواه طلق بن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( لا وتران في ليلة ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 344 / 470 )
وإن كان لا يتهجد استحب له أن يوتر بعد فريضة العشاء وسنتها في أول الليل لما روي عن جابر رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : ( من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 21 / 162 )
كيفيتها : يجوز لمن أوتر بما زاد على ركعة أن يؤدي الصلاة على إحدى صور ثلاث أفضلها الفصل بأن يفرد الركعة الأخيرة بعد ركعتين أو أكثر لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفصل بين الوتر والشفع بتسليمة ويسمعناها " ( مسند الإمام أحمد ج 2 / ص 76 ) وللنهي عن تشبيه الوتر بالمغرب . ويليها في الفضل الوصل بتشهد واحد في الأخيرة وأدناها في الفضيلة الوصل بتشهدين فتكون كالمغرب
- 2 - ركعتا سنة الفجر : روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 96 )
ما يندب قراءته فيهما : يندب أن يقرا من سورة البقرة : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم . . . } ( البقرة : 136 ) إلى آخر الآية ومن آل عمران : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء . . . مسلمون } ( آل عمران : 64 ) لما روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما من فعله صلى الله عليه و سلم ( انظر مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 100 ) أو يقرأ الانشراح والفيل أو الكافرون والإخلاص لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه من فعله صلى الله عليه و سلم ( انظر مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 98 )
ويندب بصورة عامة أن تكونا خفيفتين لما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب " ( البخاري ج 1 / كتاب التطوع باب 4 / 1118 )
كما يندب أن يفصل بينهما وبين الفرض باضطجاع على الشق الأيمن يتذكر فيه ضجعة القبر أو بذكر الله أو بدعاء غير دنيوي أو بانتقال من المكان لما روي عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا صلى فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة " ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 23 / 1108 )
- 3 - ركعتان قبل الظهر أو الجمعة : لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين " ( البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 37 / 895 )
والحديث هنا في صلاة ركعتين قبل الظهر ولم يذكر فيه صلاة ركعتين قبل الجمعة مع أن البخاري ترجم له بباب الصلاة بعد الجمعة وقبلها فكأنه أراد إثباتها قياسا على الظهر لأن الجمعة بدل الظهر . قال ابن المنير : " وكأنه - أراد البخاري - يقول : الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه " ( فتح الباري ج 2 / كتاب الجمعة باب 39 / ص 426 )
- 4 - ركعتان بعد الظهر أو الجمعة : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم
- 5 - ركعتان بعد المغرب : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم ويسن فيهما قراءة الكافرون والإخلاص
- 6 - ركعتان بعد العشاء : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم

ثانيا - غير المؤكدة :

- 1 - ركعتان قبل الظهر وركعتان بعده زيادة على المؤكد : روي عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر " ( البخاري ج 1 / كتاب التطوع باب 10 / 1127 ) وروي عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : قال صلى الله عليه و سلم : ( من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 317 / 428 ) ويمكن قياس سنة الجمعة على سنة الظهر فتصلي أربعا قبلية وأربعا بعدية وروي عن أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا ) ( مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 18 / 67 )
وله أن يجمع الأربع القبلية بإحرام واحد وسلام واحد لكن الفصل أفضل وله ذلك في البعدية والفصل أولى كذلك وله أن يجمع القبلية والبعدية بإحرام واحد بعد الفرض ويقول : نويت أن أصلي ثماني ركعات سنة الظهر القبلية والبعدية
أما إذا صلى الظهر بعد الجمعة ( يفعل ذلك احتياطا في الأمصار التي تعددت فيها الجمعة لغير حاجة ويسرد التفصيل في بحث صلاة الجمعة ) فتقوم سنة الظهر القبلية مقام سنة الجمعة البعدية . ويندب قضاء القبلية والبعدية إذا خرج وقتهما الذي هو وقت الفرض ( وبصورة عامة إذا فات نفل مؤقت ندب قضاؤه وألحق بذلك التهجد . أما التي لها سبب فلا تقضي إن فاتت )
- 2 - أربع ركعات قبل العصر لحديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 318 / 430 )
وله جمعها بإحرام وسلام أو فصلها بإحرامين وسلامين
- 3 - ركعتان قبل المغرب
- 4 - ركعتان قبل العشاء


الفصل الثاني : الصلوات المسنونة غير التابعة للفرائض هي قسمان [ ما تسن فيه الجماعة وما لا تسن ] :
أولا - ما تسن فيه الجماعة :
1 - صلاة العيدين :
تعريف : العيد مشتق من العود وهو الرجوع والمعاودة . وسمي بذلك لتكرره في كل عام
حكمها : هي سنة مؤكدة لمواظبة الرسول صلى الله عليه و سلم عليها ويكره تركها
ويسن حضور جماعتها للمقيم والمسافر والحر والعبد والخنثى والمرأة سوى الجميلة أو ذات الهيئة أما العجائز والنساء اللائي لا يشتهين فيحضرن بشروط ثلاثة هي : إذن الزوج وترك الطيب وعدم لبس ثياب الزينة والشهرة لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات ) ( أبو داود ج 1 / كتاب صلاة باب 53 / 565 ، وتفلات : غير عطرات )
وقتها : ما بين طلوع الشمس وزوالها ويكفي طلوع جزء من الشمس لكن يندب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح فهي بذلك مستثناة من أفضلية فعل العبادة في أول وقتها . وفعلها قبل ارتفاع الشمس خلاف الأولى
كيفيتها : شرعت جماعة . وتصح فرادي والجماعة مطلوبة فيها للحاج فينس له صلاتها منفردا لاشتغاله بأعمال الحج . ويكره تعدد جماعتها بلا حاجة
ولا يسن لها أذان ولا إقامة لحديث جابر رضي الله عنه " صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة " ( مسلم ج 2 / كتاب صلاة العيدين / 7 ) بل ينادي لها : الصلاة جامعة قياسا على صلاة الكسوف
وهي ركعتان لقول عمر رضي الله عنه : " صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان " ( النسائي ج 3 / ص 183 )
وصفتها المجزئة كصفة سائر الصلوات وسننها كغيرها من الصلوات وينوي بها صلاة العيد وهذا أقلها
وأكملها أن يحرم بالركعتين مع النية - ولا بد فيها من التعيين - أم يأتي بدعاء الافتتاح ثم يكبر قبل التعوذ ( ولا يفوت التكبير بالتعوذ لكن بالبدء بالقراءة ) سبع تكبيرات سوى تكبيرتي الإحرام والركوع ويجهر بالتكبير ولو كان مأموما أو قاضيا لها ويرفع يديه حذو منكبيه في الجميع ويضع يمناه على يسراه تحت صدره بعد كل تكبيرة ويسن جعل كل تكبيرة في نفس ويفصل بين كل تكبيرتين بمقدار آية معتدلة بأن يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ( وهي الباقيات الصالحات وعل صيغتها اتفق أكثر أصحاب الشافعي ) ويقولها سرا ويكره تركها ثم يتعوذ بعد التكبيرات ثم يقرأ الفاتحة ثم يقرأ الفاتحة ثم يقرأ سورة ق أو الأعلى أو الكافرون جهرا وفي الثانية يكبر خمسا عدا تكبيرتي القيام والهوي إلى الركوع ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة القمر إن قرأ في الأولى سورة ق ( لحديث رواه أبو واقد الليثي مسلم ج 2 / كتاب صلاة العيدين باب 3 / 14 ) أو الغاشية إن قرأ في الأولى الأعلى ( لحديث رواه النعمان بن بشير مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 16 / 62 ) أو الإخلاص إن قرأ في الأولى الكافرون . لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال نبي الله صلى الله عليه و سلم : ( التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 251 / 1151 )
ولو شك المصلي في عدد التكبيرات بنى على الأقل أما المأموم فيتبع إمامه زاد أو نقص ولا يكبر المسبوق إلا ما أدرك
على أن التكبيرات كلها ليست فرضا ولا بعضا ولو نسيها وشرع في القراءة فاتت حتى لو ذكرها وهو راكع فعاد إلى القيام ليكبرها عالما بالتحريم بطلت صلاته
ثم يخطب الإمام بعدهما خطبتين لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 8 / 920 ) ولما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظم ويوصيهم " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 6 / 913 )
ولا بد أن تكون الخطبتان بعد الصلاة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم فإن خطب قبل الصلاة بطلت الخطبة
وهما كخطبتي الجمعة في الأركان لا في الشروط ( انظر بحث صلاة الجمعة الباب السابع من كتاب الصلاة ) ويفتتح الأولى منها بتسع تكبيرات يسن جعلها متوالية ويكبر قبل الثانية سبعا ويندب للخطيب أن يجلس قبل الخطبة للاستراحة جلسة قصيرة قدر أذان ويستحب أن يعلمهم أحكام الفطرة في عيد الفطر وأحكام الأضحية في عيد الأضحى
ومن دخل والإمام يخطب فإن كان في الصحراء جلس ليستمع ما لم يخش فوات وقت العيد وإلا صلى ركعتي العيد . وإن كانوا في المسجد صلاهما مع التحية
ويستحب للناس استماع الخطبة وليست الخطبة ولا استماعها شرطا لصحة صلاة العيد وإن كان تركها أو التكلم فيها أو الانصراف منها مكروها
ولا خطبة لجماعة النساء إلا أن يخطب لهن ذكر أما لو قامت واحة منهن ووعظتهن فلا بأس
ولا تجزئ صلاة العيد عن صلا الضحى بل تسن صلاة الضحى سواء قبل صلاة العيد أو بعدها لكن الأفضل أن تصلي قبل صلاة العيد تجنبا لخلاف العلماء
سنن ليلتي العيدين ويوميهما :
( 1 ) إحياء ليلتي العيدين بالعبادة لما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من قام ليلتي العيدين محتسبا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 68 / 1782 ، وهو ضعيف لكن يعمل به في فضائل الأعمال )
( 2 ) الغسل ويمتد وقته من منتصف ليلة العيد إلى آخر نهار يوم العيد وأفضل وقت لفعله بعد طلوع الفجر . لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى " ( ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 169 / 1315 ) وإسناده ضعيف لكن يعضده ما روي عن نافع " أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى " ( الموطأ ج 1 / كتاب العيدين باب 1 / 2 ) كما يعضده القياس على الجمعة
( 3 ) التنظيف والتطيب والتزين ولبس أحسن الثياب منها بخاصة يستوي في ذلك القاعد على والخارج والكبير والصغير والمصلي وغيره
( 4 ) الإفطار قبل الذهاب إلى صلاة عيد الفطر لتمييز عيد الفطر عما قبله ويسن أن يكون الفطور تمرات وأن يكون عددها وترا . روي عن أنس : " كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 4 / 910 )
ويسن الإمساك عن الفطور قبل صلاة عيد الأضحى إلى أن يرجع ليأكل من أضحيته إذا ضحى وهو الغالب لذلك سن تأخير الفطور مطلقا في الأضحى
( 5 ) البكور بالخروج إلى صلاة العيد لغير الإمام . أما الإمام فيحضر مع دخول الوقت لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 6 / 913 )
( 6 ) الذهاب إلى الصلاة مشيا من طريق والعودة منها من آخر لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون ) ( البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 16 / 866 ) وهذا عام في كل صلاة تشرع فيها الجماعة ولحديث جابر رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 24 / 943 ) ( 7 ) إقامة الصلاة في المسجد لأنه أشرف وأنظف إلا إذا ضاق فتكره فيه وتصلى في الصحراء عندئذ
( 8 ) تعجيل صلاة عيد النحر وتأخير صلاة عيد الفطر لحديث أبي الحويرث " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران ( عجل الأضحى وأخر الفطر ) ( البيهقي ج 3 / ص 282 ) ولأنه يسن أن يخرج صدقة الفطر قبل الصلاة على حين أن السنة أن يضحي بعد صلاة الإمام على أنه يسن بصورة عامة تأخير الصلاة إلى ما بعد ارتفاع الشمس
التكبير في العيدين :
- هو سنة ودليل مشروعيته في عيد الفطر قوله تعالى : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم } ( البقرة : 185 ) ودليل مشروعيته في عيد الأضحى قوله تعالى : { واذكروا الله في أيام معدودات } ( البقرة : 203 ) قال البخاري : قال ابن عباس : الأيام المعدودات أيام التشريق ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 11 )
والتكبير نوعان : مرسل ومقيد
( 1 ) التكيير المرسل : هو التكبير غير المقيد بالصلاة . ووقته من غروب شمس ليلتي العيدين إلى دخول الإمام المسجد لصلاة العيد فإن لم يصل مع الجماعة استمر تكبيره إلى إحرامه بصلاة العيد فإن لم يصل استمر التكبير في حقه حتى الزوال
ويندب هذا التكبير للذكر والأنثى والحاضر والمسافر والحر والعبد إلا الحاج فإنه يلبي إلى أن يتحلل لأن التلبية شعاره ما دام محرما ثم يكبر بعد تحلله لما أخرجه البخاري في باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة قال : " وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا . وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ( الفسطاط : بيت من شعر ) ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا وكانت ميمونة تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 12 )
ويتأكد التكبير عند تغير الأحوال كالاجتماع والذهاب والإياب والركوب
يصح التكبير في كل الأحوال والأمكنة في المنازل والأسواق والشوارع كما دل عليه حديث البخاري المتقدم
ويندب رفع الصوت بالتكبير إلا المرأة فتخفض صوتها في حال وجود أجانب بحيث تسمع نفسها فقط
والتكبير أفضل ما يشتغل به العبد في هذه الأوقات حتى إنه أولى من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ومن قراءة سورة الكهف إذا وافقت ليلة العيد ليلة الجمعة
( 2 ) التكبير المقيد : هو التكبير خلف الصلوات في عيد الأضحى فقط فرضا كانت الصلاة أو نفلا أداء أو قضاء ولا يشترط أن يكون التكبير عقب الصلاة مباشرة ولا يفوت بطول الفصل عن الصلاة
وهذا التكبير المقيد أفضل من التكبير المرسل لأنه تابع للصلاة
وقته : ويبدأ وقته من صبح يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق وهذا لغير الحاج . أما الحاج فيكبر من ظهر يوم النحر بعد أن يتحلل إلى صبح آخر أيام التشريق
والتكبير الواقع بين غروب شمس ليلة عيد الأضحى إلى صلاة العيد هو تكبير مرسل مقيد معا
صيغة التكبير : الله أكبر الله أكر الله أكبر ثلاثا نسقا ( نسقا : على نظام واحد ) وما زاد من ذكر الله فحسن من ذلك لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد " قال الشافعي في الأم : " أحب أن تكون زيادته : الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله " واحتجوا له بأن النبي صلى الله عليه و سلم قاله على الصفا وقد رواه مسلم في صحيحه من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخصر [ بأخصر ؟ ؟ ] من هذا اللفظ ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147 )
ويندب التكبير في غير العيدين في الأيام المعلومات ( الأيام المعلومات : أيام العشر - عشر ذي الحجة - ذكره البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما ج 1 / كتاب العيدين باب 11 ) ذكر البخاري عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 11 )


2 - صلاة الكسوف وصلاة الخسوف :
المعنى اللغوي لكل منهما : الكسوف هو الاستتار أو التغير إلى سواد وتوصف به الشمس حين يستتر نورها وتسود بحيلولة جرم القمر بينها والأرض ولذلك يحصل الكسوف غالبا عند تمام الشهور
والخسوف : هو المحو أو النقصان أو الذل ويوصف به القمر حين يظلم وهذا الوصف أليق بالقمر لأنه جرم عاتم يضيء بمقابلته للشمس فإذا حال جرم الأرض بين القمر والشمس منع وصول نور الشمس إلى القمر فيظلم ولذلك يحصل الخسوف غالبا في أنصاف الشهور
حكم الصلاتين ودليلهما : هما سنة مؤكدة لقوله صلى الله عليه و سلم في حديث روته عنه عائشة رضي الله عنها : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ( بعد أن قال الناس إن الشمس كسفت لموت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم ) ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا . . . ) ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 2 / 997 ) ولقوله تعالى : { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون } ( فصلت : 37 ) وتصح فرادى لكن يسن أن تصلى جماعة وأن ينادى لها : الصلاة جامعة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم نودي : إن الصلاة جامعة " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 3 / 998 ) ويجوز لمن صلاها وحده ثم أدركها مع الإمام أن يصليها معه ثانية كما يفعل في المكتوبة
ويسن الاغتسال لها لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة فسن لها الاغتسال كصلاة الجمعة
كيفيتها : صلاتا الخسوف والكسوف سواء في الكيفية
وأقل إحداهما ركعتان عاديتان كسنة الظهر لما ورد في حديث قبيصة الهلالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( فإذا رأيتم من ذلك شيئا فصلوا كأحدث صلاة مكتوبة صليتموها ) ( النسائي ج 3 / ص 144 )
ويجهر بهما في الخسوف ويسر في الكسوف لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " . . . فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام قياما طويلا نحوا من قراءة سورة البقرة " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 9 / 1004 ) وهو يدل على أنه لم يجهر لأنه لو جهر لسمعه ولما قدره بغيره " عن سمرة رضي الله عنه قال : " صلى بنا النبي صلى الله عليه و سلم في كسوف لا نسمع له صوتا " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 397 / 562 ) ووردت أحاديث في الجهر منها حديث عائشة رضي الله عنها : " جهر النبي صلى الله عليه و سلم في صلاة الخسوف بقراءته " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 19 / 1016 ) فيجمع بين الأدلة بأن الإسرار في كسوف الشمس لأنها صلاة نهار والجهر في خسوف القمر لأنها صلاة ليل
وأقل الكمال : ركعتان في كل ركوعان وقيامان وسجدتان ويطيل القراءة والركوع والسجود . ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالناس فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ) ثم قال : ( يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ) " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 2 / 997 )
أما صورتها المثلى فتفصيلها كالتالي :
( 1 ) النية مع التعيين
( 2 ) دعاء الافتتاح
( 3 ) التعوذ وقراءة الفاتحة
( 4 ) التعوذ وقراءة الفاتحة
( 4 ) قراءة سورة طويلة كالبقرة مثلا في القيام الأول لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم
( 5 ) يركع ويسبح في ركوعه طويلا قدر مائة آية من سورة البقرة
( 6 ) يعتدل ويقرأ بعد الفاتحة طويلا نحو آل عمران كما ورد في سنن أبي داود ( انظر أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 263 / 1187 )
( 7 ) يركع ثانية ويسبح وأعلى الكمال أن يسبح بمقدار ثمانين آية من البقرة
( 8 ) يعتدل ثم يسجد سجدتين ويجعل تسبيح كل سجدة طويلا بقدر كل من الركوعين المذكورين
( 9 ) في الركعة الثانية يقرأ بعد الفاتحة نحو النساء ثم يركع فيسبح بقدر سبعين آية من سورة البقرة ثم يعتدل ويقرأ بعد المائدة ثم يركع ويسبح بقدر خمسين آية من سورة البقرة . ويسبح في السجودين مثل ذلك ( وذكر النووي في المنهاج قريبا مما ذكرنا فقال : الأكمل أن يقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة البقرة وفي الثاني كمائتي آية منها وفي الثالث مائة وخمسين والرابع مائة تقريبا ويسبح في الركوع الأول قدر مائة من البقر وفي الثاني ثمانين وفي الثالث سبعين والرابع خمسين تقريبا وذكر غير ذلك رحمه الله )
ويسن أن يخطب الإمام بعد صلاة الخسوف أو الكسوف لما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم . ويستحب أن يخطب خطبتين هما كخطبتي الجمعة في الأركان ( انظر بحث صلاة الجمعة الباب السابع من كتاب الصلاة ) لكن لا يشترط فيهما من شروط خطبتي الجمعة إلا أن يسمع الناس وكونهما بالعربية وكون الخطيب ذكرا
وفي الخطبتين يحث الناس على التوبة وفعل الخير من صوم وصلاة وصدقة وعتق لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم . ولا ما روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : " لقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالعتاقة ( العتاقة والإعتاق بمعنى واحد ) في كسوف الشمس " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 11 / 1006 )
فواتها : تفوت صلاة الكسوف بأحد أمرين :
( 1 ) بانجلاء قرض الشمس جميعه يقينا لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي ) ( مسلم ج 2 / كتاب الكسوف باب 3 / 10 ) فلو انجلى بعضه وبقي لم تفت وكذا لو شك بالانجلاء ( كما في حال وجود سحاب كثيف ) فتصلى . ولو حصل الانجلاء أثناء الصلاة أتمها
( 2 ) بغروب الشمس كاسفة فليس له أن يشرع في الصلاة إذا حان الغروب أما إذا كان في الصلاة وغربت الشمس وهي كاسفة فيتمها
وتفوت صلاة خسوف القمر بانجلائه جميعه يقينا أو بطلوع الشمس أما طلوع الفجر أو غروب القمر مخسوفا فلا يفوتها
وتسن صلاة ركعتين عند الفزع من الزلازل والصواعق ونحو ذلك من الآيات لكن لا تسن بها الجماعة لأن هذه الآيات كانت أيام النبي صلى الله عليه و سلم ولم ينقل عنه أنه صلى منها جماعة غير الكسوف


3 - صلاة الاستسقاء :
الاستسقاء لغة : طلب السقيا
وشرعا : سؤال الله تعالى أن يسقي عباده عند حاجتهم
والأصل في مشروعيته ما روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم قائما فقال : يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه فقال : ( اللهم اسقنا ) - ثلاثا - قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال : والله ما رأينا الشمس ستا ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال : يا رسول الله الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه ثم قال : ( اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر ) قال : فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس . قال شريك : فسألت أنسا : أهو الرجل الأول ؟ قال : لا أدري "
( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 5 / 967 . والقزعة : قطعة من السحاب رقيقة والجمع قزع . وسلع معروف بالمدينة . ومثل الترس : أي مستديرة ولم ير أنها مثله في القدر . والآكام : الهضاب . والآجام : الأجمة : الشجر الكثير الملتف والأجم : الحصن . والظراب : جمع ظرب وهو ما نتأ من الحجارة وحد طرفه أو الجبل المنبسط أو الصغير . )
أنواع الاستسقاء : والاستسقاء أنواع :
أدناها : الدعاء بلا صلاة ولا خلف صلاة فرادى ومجتمعين في مسجد وغيره وأحسنه ما كان من أهل الخير
وأوسطها : الدعاء خلف صلاة الجمعة أو غيرها من الصلوات وفي خطبة الجمعة ونحو ذلك
وأفضلها : الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين وتأهب لها قبل ذلك
وحكم صلاة الاستسقاء هذه أنها سنة مؤكدة لتكرر الأحاديث الصحيحة فيها من ذلك ما روى عباد بن تميم عن عمه قال : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج بالناس ليستسقي فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما وحول رداءه ورفع يديه فدعا واستسقى واستقبل القبلة " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 258 / 1161 ) وتجوز إعادتها أكثر من مرة حتى يسقوا
ويكون التأهب لها بأن يخطب الإمام الناس قبل عدة أيام من الخروج للصلاة فيعظهم ويذكرهم ويأمرهم بالخروج من المظالم والتوبة من المعاصي لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " ما طفف قوم الميزان إلا أخذهم الله بالسنين " ( البيهقي ج 3 / ص 347 ، والتطفيف : البخس في الميزان والمكيال . والسنين : مفردها سنة وهي القحط والجدب ) وبمصالحة المتشاحنين والصدقة والإقبال على الطاعات لأنه أرجى للإجابة وبصيام ثلاثة أيام ( وهذا الصيام يكون واجبا إذا أمر به الإمام ) قبل موعد الخروج ثم يخرج بهم في اليوم الرابع صائمين لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 48 / 1752 )
ويستحب لمن يخرج للاستسقاء التنظف بغسل وسواك لأنها صلاة يسن لها الاجتماع والخطبة فشرع لها الغسل والتنظف لكن يستحب ألا يتطيب وألا يخرج في زينة بل يخرج في ثياب بذلة وهي ثياب المهنة وأن يخرج متواضعا خاشعا متذللا متضرعا ما شيا ولا يركب في شيء من طريق ذهابه إلا لعذر كمرض ونحوه . روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم متبذلا متواضعا متضرعا " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 395 / 558 )
ويستحب إخراج البهائم وإيقافها بمعزل عن الناس لعل الله تعالى يرحمها لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قول : ( خرج نبي من الأنبياء يستسقي فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال : ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شان النملة ) ( المستدرك ج 1 / ص 325 )
ويكره إخراج الكفار وكراهة خروج الصبيان منهم أخف لأن كفرهم ليس عنادا بخلاف الكبار . فإن خرجوا ( أي الكفار عامة ) لا يمنعون إلا أنه يكره اختلاطهم بالمسلمين
والسنة أن تصلى في الصحراء بلا خلاف لأن النبي صلى الله عليه و سلم صلاها في الصحراء ولأنه يحضرها غالب الناس والصبيان والحيض والبهائم وغيرهم فالصحراء أوسع لهم وأرفق بهم
ولا يؤذن للصلاة ولا يقام بل يستحب أن يقال : الصلاة جامعة كصلاة الكسوف لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : " خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما يستسقي فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا فدعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه " ( البيهقي ج 3 / ص 347 )
كيفية الصلاة : هي ركعتان كصلاة العيد من حيث الافتتاح والتعوذ والتكبير سبعا زائدة في الأولى وخمسا زائدة في الثانية لما ورد عن طلحة قال : أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء فقال : " سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه وصلى ركعتين وكبر في الأولى سبع تكبيرات وقرأ سبح اسم ربك الأعلى وقرأ في الثانية هل أتاك حديث الغاشية وكبر فيها خمس تكبيرات " ( الدار قطني ج 2 / ص 66 ) ويرفع يديه في كل مرة ويجهر بالقراءة والأفضل أن يقرأ في الركعتين ما يقرأ في العيد
والسنة أن يخطب الإمام بعد الصلاة خطبتين لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : " خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما يستسقي فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا . . . " ( البيهقي ج 3 / ص 347 ) وخطبتا الاستسقاء كالخطبتين في العيدين في الأركان والسنن لكن يستغفر الله في الخطبتين بدلا عن التكبير فيفتتح الأولى بالاستغفار تسع مرات والثانية بالاستغفار سبعا يقول : " أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه " ويختم كلامه بالاستغفار ويكثر منه في الخطبة حتى يكون أكثر كلامه كما يكثر من قوله تعالى : { استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } ( نوح : 10 - 12 )
والمستحب أن يدعو في الخطبة الأولى بما شاء من الأدعية والأفضل أن يقول : " اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا ( مريئا : حميد العاقبة ) مريعا ( مريعا ذا ريع وخصب ) مجللا طبقا ( طبقا : شاملا عاما ) سحا ( سحا : صبا ) دائما . اللهم اسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانتين . اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء ( اللأواء : الشدة ) والجهد والضنك ( الضنك : الضيق ) ما لا نشكو إلا إليك . اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري واكشف عنا ما يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا "
ويستحب في الخطبة الثانية أن يستقبل القبلة ويحول رداءه فيجعل يمينه يساره وينكسه فيجعل أسفله أعلاه ويفعل الناس فعله لما روى عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج إلى المصلى يصلي وأنه لما دعا أو أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه " ( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 19 / 982 ) ويفعل ذلك - تحويل الرداء - تفاؤلا بتغير الحال إلى الخصب والسعة ) وفي رواية عند أبي داود : " وحول رداءه فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 258 / 1163 )
كما يستحب فيها أن يدعو سرا ليجمع في الدعاء بين الجهر والإسرار ليكون أبلغ . وإذا أسر دعا الناس سرا وإذا جهر أمنوا
ويستحب أن يبالغوا جميعا في الدعاء ويرفعوا أيديهم فيه قال الشافعي : وليكن من دعائهم في هذه الحال : " اللهم أنت أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم امنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتك في سقيانا وسعة رزقنا "
ويسن لكل من حضر أن يستشفع سرا بخالص عمله وبأهل الصلاح ولا سيما أقاربه عليه الصلاة و السلام
ويسن أن يدعو عند نزول المطر بقوله : " اللهم اجعله صيبا هنيئا ( ابن ماجة ج 2 / كتاب الدعاء باب 21 / 3890 ، والصيب هو ما سال من المطر ) وسيبا نافعا ( ابن ماجة ج 2 / كتاب الدعاء باب 21 / 3889 ، وسيبا أي مطرا جاريا على وجه الأرض من كثرته ) مطرنا بفضل الله ( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 27 / 991 ) وله أن يدعو بما شاء
ويقول عند التضرر بكثرة المطر : " اللهم حوالينا ولا علينا " لما ورد في حديث أنس رضي الله عنه المتقدم



4 - صلاة التراويح :
وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات في كل ليلة من رمضان وينوي بكل ركعتين التراويح أو قيام رمضان . كما يدعو بدعاء التوجه في ركعتين . وإذا صلى أربعا بتسليمة واحدة لم تصح
ووقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق مثل الوتر . ويندب تقديمها على الوتر وتسن قراءة جزء من القرآن فيها كل يوم كما تسن الجماعة فيها وفي الوتر بعدها
والدليل عليها وعلى سنية صلاتها جماعة ما روي عن عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج ليلة من جوف اللي - في رمضان - فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج صلى الله عليه و سلم لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال : ( أما بعد لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزا عنها ) فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم والأمر على ذلك " ( البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 1 / 1908 ) وبقي الأمر على ما هو عليه في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافه عمر رضي الله عنهما ثم جمع عمر رضي الله عنه الرجال لصلاتها وجعل أبي بن كعب رضي الله عنه إماما عليهم ( انظر البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 1 / 1906 ) وجمع النساء كذلك وجعل سليمان بن أبي حثمة إماما لهن . وقال عثمان رضي الله عنه في خلافته : " نور الله قبر عمر كما نور مساجدنا " مشيرا إلى فعله هذا
والدليل على أنها عشرون ما روي عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال : " كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة قال : وكانوا يقرؤون بالمئين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من شدة القيام " ( البيهقي ج 2 / ص 496 . والمئون : سور القرآن التي تزيد آياتها على مائة أو تقاربها )


ثانيا : ما لا تسن فيه الجماعة :

وهو كثير منه :

1 - صلاة الضحى : حكمها سنة مؤكدة ودليها ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : " أوصاني حبيبي صلى الله عليه و سلم بثلاث لن أدعهن ما عشت : بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى وبأن لا أنام حتى أوتر " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 86 )
ووقتها : من ارتفاع الشمس في السماء قد رمح إلى الزوال ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 19 / 143 ، والرمضاء : الرمل الذي اشتدت حرارته من الشم أي حين تبرك الفصلان من شدة الحر في أخفافها . والفصال : هي الصغار من أولاد الإبل . )
وأقلها ركعتان وأدنى الكمال أربع وأفضلها ثمان . لثلاث روايات وردت في صحيح مسلم إحداها عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة . . . ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 84 . والسلامى : أصله عظام الأصابع وسائر الكف ثم استعمل في جميع عظام البدن ) والثانية عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 79 ) والثالثة عن أم هانئ رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثماني ركعات " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 80 )
ويسلم من كل ركعتين لما روت أم هانئ رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثماني ركعات يسلم من كل ركعتين " 0 أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب / 301 / 1290 )
ويستبح فيها قراءة سورتي الكافرون والإخلاص ثم سورتي الشمس والضحى

2 - صلاة الأوابين : والأوابون هم الراجعون إلى الله تعالى . عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 113 / 1167 )
وتسمى كذلك صلاة الغفلة وذلك لغفلة الناس عنها بعشاء أو نحوه وأقلا ركعتان وغالبها ست ركعات وأكثرها عشرون

3 - ركعتا تحية المسجد : ودليلهما ما روي عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 11 / 70 ) ويجوز أن يصليها أكثر من ركعتين لكن بتسليمة واحدة ويكره أن يجلس من غير تحية المسجد الحرام فهي الطواف . وشرط التحية ألا تشغله عن الجماعة بل ويكره له فعلها إذا وجد المكتوبة تقام لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 9 / 63 ) ويحصله ثواب التحية في هذه الحال لأنها تحصل بجمعها مع غيرها نافلة كانت أو فريضة ( لكنها لا تحصل بصلاة الجنازة ولا بسجدتي التلاوة والشكر ) ولو لم ينو التحية
ولا تسن التحية للخطيب إذا دخل للخطبة في غير المسجد الحرام أما في المسجد الحرام فعليه التحية بالطواف
ويكره دخول المسجد في وقت الحرمة بنية تحية المسجد
فواتها : تفوت بالجلوس عامدا أو ناسيا إن طال الفصل ولا تقضى . أما إن جلس ناسيا أو جاهلا وقصر الفصل فلا تفوت لما روي عن جابر رضي الله عنه قال : " جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه و سلم قاعد على المنبر فقعد سليك قبل أن يصلي . فقال له النبي صلى الله عليه و سلم ( أركعت ركعتين ؟ ) قال : لا قال : ( قم فاركعهما ) " مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 14 / 58 )

4 - ركعتا سنة الوضوء ولو مجددا وتسن ركعتان أيضا بعد الغسل وبعد التيمم حتى في أوقات النهي لأن هذه الصلاة ذات سبب متقدم وهو الوضوء . عن أبو هريرة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لبلال رضي الله عنه عند صلاة الفجر : ( يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي الجنة ) قال : ما عملت عملا أرجى عندي : أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي " ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 17 / 1098 . والدف : الحركة الخفيفة والسير اللين )


5 - صلاة التسابيح : وهي أربع ركعات يسبح فيها ثلاثمائة مرة . ومن أجل هذا سميت كذلك
أما كيفيتها فمبسوطة فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال للعباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه : ( يا عباس يا عماه ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته عشر خصال : أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشر مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات . إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة فإن لم تفعل ففي عمرك مرة ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 303 / 1297 )
قال التاج السبكي : " لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون في الدين "


6 - ركعتا الإحرام : بحج أو عمرة ويفعلهما قبله ودليهما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يركع بذي الحليفة ركعتين " ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 3 / 12 )

7 - ركعتا الطواف : ووقتهما بعد الطواف ودليلهما ما روي عن جابر رضي الله عنه قوله في حديث طويل في صفة حجه صلى الله عليه و سلم " . . . ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى . . . } ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147 ) فهذا إشارة إلى أن صلاته بعد الطواف امتثال لهذا الأمر . وقد كان صلى الله عليه و سلم يواظب عليهما


8 - صلاة الاستخارة : وهي سنة لمن أراد أمرا من الأمور فيصلي ركعتين بنية الاستخارة ثم يدعو بما ورد في حديث جابر رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول : ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به . قال : ويسمي حاجته ) " ( البخاري ج 1 / أبواب التطوع باب 1 / 1109 )
ويستحب له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الكافرون وفي الثانية بسورة الإخلاص ثم ينهض بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره فإن لم ينشرح صدره لشيء أعادها حتى ينشرح وقيل يعيدها إلى سبع مرات فإن لم يتبين له شيء سلك سبيل ذلك الأمر فتيسيره علامة للخير فيه


9 - صلاة الحاجة :
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بين آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي ث ثم ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 348 / 849 )


10 - ركعتان عند السفر في بيته لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني أريد أن أخرج إلى البحرين في تجارة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( صل ركعتين ) " ( مجمع الزوائد ج 2 / ص 283 رواه الطبراني في الكبير )


11 - ركعتان عند القدوم من السفر لما روي عن كعب بن مالك رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 12 / 74 )


12 - صلاة التطوع : وهو النفل المطلق غير المقيد بوقت ولا سبب . ولا حصر له ولا لعدد ركعات الواحدة منه وله أن ينوي عددا وله ألا ينويه بل يقتصر على نية الصلاة . فإذا شرع في تطوع ولم ينو عددا فله أن يسلم من ركعة وله أن يزيد فيجعلها ركعتين أو ثلاثا أو عشرا أو ألفا أو غير ذلك وله أن ينقص عما أحرم به بشرط تغير النية قبل الزيادة والنقص . ولو صلى عددا لا يعلمه ثم سلم صح
ثم إن تطوع بركعة فلا بد من التشهد عقبها وإن زاد عليها ولو ألفا بإحرام واحد وسلام فله أن يقتصر على تشهد واحد في آخر الصلاة وهذا لا بد منه على كل حال أو أن يتشهد في الأخيرة وما قبلها فقط أو يتشهد في كل ركعتين أو في كل أربع أو ثلاث أو ست أو غير ذلك . عن عائشة رضي الله عنها " ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 17 / 123 ) وفي رواية عنها " ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم . . . " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 18 / 139 )
والأفضل أن يسلم في كل ركعتين في نوفل الليل والنهار لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 302 / 1295 )
والتطوع بالليل أفضل منه بالنهار وأفضله التهجد ( وأصل التهجد الصلاة في الليل بعد النوم ) لقوله تعالى في وصف المؤمنين : { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون } ( الذاريات : 17 ) ولأنها تفعل في وقت غفلة الناس وتركهم الطاعات ولأن الصلاة بعد النوم أشق
وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث عليها منها حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 324 / 438 )
ومنها ما روى جابر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسال الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 23 / 166 ) وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين وهو قربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة للإثم ) ( الترمذي ج 5 / كتاب الدعوات باب 102 / 3549 )
وصلاة الليل سنة مؤكدة وأفضلها ما كان وسط الليل لمن قسم الليل أثلاثا ( وكل ما كان بعد العشاء فهو من الليل ولو كان العشاء مجموعا جمع تقديم ) لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويصلي ثلثه وينام سدسه ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 31 / 1712 وإسناده ضعيف لكن يعمل به لأن في فضائل الأعمال ) وتكون صلاة الليل إما نفلا مطلقا أو وترا أو قضاء أو نذرا
ما يسن للمتهجد :
- 1 - القيلولة : وهي النوم أو الراحة قبل الزوال لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( استعينوا بطعام السحر على صيام النهار وبالقيلولة على قيام الليل ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 22 / 1693 )
- 2 - ينبغي له أن ينوي عند نومه قيام الليل نية جازمة ليحوز ما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كتب له م نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عز و جل ) ( النسائي ج 3 / ص 258 )
- 3 - أن يمسح النوم عن وجهه عند اليقظة وأن يتسوك وينظر في السماء وأن يقرا الآيات التي في آخر آل عمران : { إن في خلق السموات والأرض . . . } ( آل عمران : 190 ) لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه بات - وهو صغير - عند ميمونة خالته وفيه : " فنام - يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم - حتى انتصف الليل أو قريبا منه فاستيقظ يمسح النوم عن وجهه ثم قرأ عشر آيات من آل عمران " ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 1 / 947 )
- 4 - يستحب أن يوقظ أهله وامرأته إذا استيقظ لقيام الليل والمرأة كذلك لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم ( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء . رحم الله امرأة قامت من الليل فصلة وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت فيوجهه الماء ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 307 / 1308 ) كما يستحب ذلك لغيرهما أيضا
- 5 - أن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : " كان صلى الله عليه و سلم إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 197 )
- 6 - أما القراءة فله أن يجهر بها وله أن يخفض وله أن يتوسط للأحاديث الواردة في ذلك كله ومنها : حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : " كانت قراءة النبي صلى الله عليه و سلم بالليل يرفع طورا ويخفض طورا " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 315 / 1328 ) وحديث أبي قتادة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : ( يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك ) قال : قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله قال : وقال لعمر رضي الله عنه : ( مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك ) قال فقال : يا رسول الله أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا ) وقال لعمر : ( اخفض من صوتك شيئا ) " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 315 / 1329 )
- 7 - أن يكثر من الدعاء والاستغفار لقوله تعالى { وبالأسحار هم يستغفرون } ( الذاريات : 18 )
- 8 - أن يترك الصلاة إذا نعس فيها ويرقد حتى يذهب عنه النوم لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه ) ( البخاري ج 1 / كتاب الوضوء باب 52 / 209 )
ما يكره للمتهجد :
- 1 - ترك تهجد اعتاده أو نقصه لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 19 / 1101 )
لذا يستحب ألا يعتاد من قيام الليل إلا قدرا يغلب على ظنه بقرائن حاله أنه يمكن الدوام عليه مدة حياته لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قالت : " كان عمله ديمة " ( البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 63 / 1886 . ديمة : أي دائما )
- 2 - أن يقوم كل الليل دائما لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ( في حديث رواه البخاري ج 5 / كتاب النكاح باب 1 / 4776 عن أنس رضي الله عنه ) ولأنه يضر بالعين وسائر البدن ولو استوفى في النهار ما فاته في الليل لضيع كثيرا من مصالح دينه ودنياه
أما بعض الليالي فلا يكره إحياؤها كلها لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله " ( البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 6 / 1920 ، وشد مئزره : قد يراد بهذا الجد في العبادة كما يقال : شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له وقد يراد به اعتزال النساء )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-25-2013
  #27
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الباب الرابع [ سجود السهو والتلاوة والشكر ]
الفصل الأول : سجود السهو

- شرع سجود السهو جبرا للخلل الواقع في الصلاة فرضا أو نفلا وإرغاما للشيطان
دليل المشروعية
- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا شك أحدكم في صلاته فليلق الشك وليبن على اليقين فإذا استيقن التمام سجد سجدتين فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان . وإن كانت ناقصة كانت الركعة تماما لصلاته وكانت السجدتان مرغمتي الشيطان ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 197 / 1024 )

- حكمه :
- 1 - هو سنة :
آ - للمنفرد
ب - للإمام
ج - للمأموم لسهو إمامه إن لم يسجد إمامه
د - للمأموم المسبوق لسهو نفسه الواقع بعد انتهاء صلاة الإمام
ه - للمأموم لسهوه الواقع قبل الاقتداء بالإمام ( وصورة ذلك أن يبدأ الصلاة منفردا ويسهو في صلاته ثم يدخل في جماعة )
و - للمأموم إن كان الإمام حنفيا وسجد للسهو بعد السلام فلا يجب على المأموم أن يسجد مع الإمام للسهو لانقطاع القدوة بالسلام
ز - يسن للمأموم المسبوق أن يعيده في آخر صلاة نفسه لأن الأول فعله متابعة للإمام ولم يكن موضع سجوده
والدليل على أنه سنة قوله صلى الله عليه و سلم في حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم : ( فإن كانت صلاته تامة كانت الركعة نافلة والسجدتان )
- 2 - وهو واجب على المأموم إذا فعله إمامه قبل السلام حتى ولو سلم بعد سلام إمامه ساهيا عن سجود السهو لزمه أن يعود إليه إن قرب الفصل وإلا أعاد صلاته كما لو ترك منها ركنا لما روى أنس بن مالك رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 19 / 77 ، وسيرد الحديث تاما في بحث صلاة الجماعة )


- كيفيته :
- هو سجدتان وواجباته كواجبات سجود الصلاة ومندوباته كمندوباته وذكره كذكره واللائق بالحال أن يقول فيه : سبحان من لا ينام ولا يسهو أما إذا كان متعمدا سبب السهو فيسن له في سجود السهو الاستغفار
ولا بد له من نية لا يتلفظ بها فإذا سجد بدون نية و تلفظ بها بطلت صلاته أما المأموم فلا يحتاج إلى نية لتبعيته للإمام
وإن اجتمع سهوان أو أكثر من نوع واحد أو أنواع كفاه للجميع سجدتان ولا يجوز أكثر من سجدتين لأن النبي صلى الله عليه و سلم قام من اثنتين وكلم ذا اليدين واقتصر على سجدتين ( سيرد الحديث تاما بعد صفحات . ) ولأنه لو لم يتداخل لسجد عقب السهو فلما أخر إلى آخر صلاته دل على أنه إنما أخر ليجمع كل سهو في الصلاة فإن سها في سجود السهو فسجد ثلاثا لم يسجد لهذا السهو أما لو شك هل سجد للسهو سجدة أو سجدتين فيسجد أخرى ولا يعيد السجود وإن تبين له أنهن صرن ثلاثا لأن سجود السهو لو لم يجبر كل سهو لم يؤخر


- محله : - قبل السلام للأحاديث الصحيحة الكثيرة فيه ومنها حديث عبد الله بن بحينة رضي الله عنه قال : " صلى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم ركعتين من بعض الصلوات ثم قام فلم يجلس فقام الناس معه فلما قضى صلاته نظرنا تسليمه كبر فسجد سجدتين وهو جالس قبل التسليم ثم سلم " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 85 ، وسترد في البحث أحاديث أخرى تدل عليه )
ولأن فعله قبل السلام كان آخر الأمرين من فعله صلى الله عليه و سلم والمتأخر ينسخ المتقدم ولأنه يفعل لإصلاح الصلاة فكان قبل السلام كما لو نسي سجدة من الصلاة
ولا بد من كونه بعد التشهد وإتمام الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم فإن سجد قبل إتمامها بطلت صلاته حتى لو كان مأموما ولم يكمل تشهده وصلاته على النبي صلى الله عليه و سلم فإنه يجب عليه التخلف لهما ثم يسجد وجوبا لتوجيه عليه بفعل الإمام

- فواته :
يفوت بمجرد سلام المصلي عامدا عالما بالسهو وإن قصر الفصل أما إن سلم المصلي ناسيا للسهو فيعود إليه إن لم يطل الفصل عرفا وإلا فات وقته لأنه يؤتى به لتكميل الصلاة فلم يفعل بعد تطاول الفصل فإذا عاد إليه - في حال السهو وقصر الفصل - اعتبر عائدا إلى حكم الصلاة فلو تكلم عامدا أو أحدث في السجود مثلا بطلت صلاته


- أسبابه :
- تنحصر أسبابه في ثلاثة أقسام ( والتقسيم لتسهيل الدراسة فقط إذ تتداخل الأقسام أحيانا )
القسم الأول : ترك مأمور به . والمأمور به أن يكون ركنا أو بعضا أو هيئة :
- 1 - فالركن : إن ترك عمدا بطلت الصلاة وقد تقدم . وإن ترك سهوا أتي به وسجد للسهو لاحتمال الزيادة
- 2 - أما البعض : فيجبر بسجود السهو سواء تيقن الترك أو شك فيه
- 3 - أما الهيئة : فلا تحتاج إلى سجود السهو لجبرها سواء تركها عمدا أو سهوا وسواء تيقن الترك أو شك فيه بل لو سجد لتركها بطلت صلاته
القسم الثاني : فعل منهي عنه وذلك بأن يفعل سهوا شيئا يبطل الصلاة عمده
القسم الثالث : فعل شيء في الصلاة مع احتمال زيادته أو مع التردد فيه وتفصيل ذلك كما يلي :
القسم الأول : ترك مأمور به :
- 1 - ترك ركن سهوا :
آ - إن تذكر المنفرد أو الإمام ( سيأتي تفصيل حالة سهو المأموم بعد صفحات ) ترك ركن من الأركان ( عدا النية وتكبيرة الإحرام ) قبل أن يأتي بمثله : أتى به وجوبا فورا ويسن له سجود السهو في آخر الصلاة من أجل الزيادة ولم يعتد بما فعله بعد المتروك حتى يأتي بما تركه ثم يأتي بما بعده لأن الترتيب واجب في أفعال الصلاة فلو تذكر وهو في الركعة الأخيرة وقبل السلام أنه ترك سهوا سجدة من هذه الركعة فإنه يأتي بها ويعيد تشهده لوقوعه قبل محله ويسن أن يسجد للسهو ولو ترك سجدة من الركعة الأولى وذكرها وهو قائم في الثانية نظر فإن لم يكن قد جلس عقيبها حتى قام جلس ثم سجد وفي آخر صلاته يسن أن يسجد للسهو لأنه زاد قياما وإن كان قد جلس عقيب السجدة الأولى ولو بنية الاستراحة فإنه يخر ساجدا وتجزئه الجلسة لأنها وقعت في موضعها . وقيام جلسة الاستراحة مقام الجلسة الواجبة بين السجدتين لا يقاس عليه سجدة التلاوة فمن سجد للتلاوة في الصلاة وعليه سجدة من نفس الصلاة لم يجزئه عن المتروك لأن سجود التلاوة عارض وليس من الصلاة أما جلسة الاستراحة فمنها
ب - إن تذكر ترك الركن بعد أن أتى بمثله فأكثر : يقيمه مقامه ويتمم الركعة ويلغي ما بينهما ويتدارك الباقي من صلاته ويسن أن يسجد للسهو لجبر الزيادة
أما إن كان المتروك ركعة ثم تذكرها وهو في الصلاة فيلزمه أن يأتي بها
وإن علم ترك سجدتين فإن كانتا من الأخيرة سجدهما ثم تشهد وإن كانتا من غيرها فإن علمهما من ركعة واحدة لزمته ركعة وإن علمهما من ركعتين متواليتين كفاه ركعة وإن علمهما من ركعتين غير متواليتين أو أشكل الحال لزمه ركعتان
ج - إن تذكر ترك ركن بعد السلام ( عدا النية وتكبيرة الإحرام ) إن كان تذكره بعد سلامه بزمن قريب وكان المتروك من غير الركعة الأخيرة أتى بركعة تامة وإن كان المتورك من الأخيرة أتى به ثم يتمم ما بعده وفي كلتا الحالتين يسن أن يسجد للسهو لأنه سها بما يبطل عمده وهو السلام قبل تمام الصلاة
وإن كان المتروك ركعة أو ركعتين من صلاة ثلاثية أو رباعية دخل فورا في الصلاة بتكبيرة الإحرام فقط دون نية ودون دعاء توجه ويقرأ الفاتحة ويأتي بما تذكر تركه لأنه لم يزل بعد في الصلاة من وقت سلامه الأول ويسن أن يسجد للسهو
وإن تذكره بعد السلام بزمن بعيد أو بعد ملاقاة النجس الرطب لزمه أن يستأنف الصلاة وضابط طول الفصل يرجع فيه إلى العرف وقيل يقدر القصير بالقدر الذي نقل عنه صلى الله عليه و سلم في قصة ذي اليدين في الحديث الذي رواه أبو هريرة رضي الله عنه وهو : " صلى لنا رسول الله صلى الله عليه و سلم صلاة العصر فسلم في ركعتين فقام ذو اليدين فقال أقصرت الصلاة يا رسول الله أم نسيت ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( كل ذلك لم يكن ) فقال : قد كان بعض ذلك يا رسول الله فأقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم على الناس فقال : ( أصدق ذو اليدين ) فقالوا : نعم يا رسول الله فأتم رسول الله صلى الله عليه و سلم ما بقي من الصلاة ثم سجد سجدتين . وهو جالس بعد التسلم " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 99 ) وحيث جاز البناء لقصر الفصل لا فرق بين أن يكون تكلم بعد السلام وخرج من المسجد واستدبر القبلة ونحو ذلك وبين أن لا يكون لحديث ذي اليدين
د - أما النية وتكبيرة الإحرام فإن علم تركهما أو إحداهما فعليه استئناف الصلاة سواء كان تذكره أثناء الصلاة أو بعدها طال الزمن أو قصر
ه - إن كان المتروك هو السلام فإذا ذكره قبل طول الفصل سلم ولا يسجد للسهو وإلا استأنف الصلاة
- 2 - الشك في ترك ركن ( سواء كان الشك مستوي الطرفين أو ظن أنه فعل الأكثر ففي الحالين يلزمه الأخذ بالأقل ويجب الباقي ولا مدخل للاجتهاد فيه )
آ - إن شك قبل السلام بترك ركن من الأركان - عدا النية وتكبيرة الإحرام - بنى على اليقين فيصبح حكمه كمن تذكر ترك ركن وقد مر بيانه . وعليه إذا شك بترك الركن قبل أن يأتي بمثله أتى به وجوبا فورا ويسجد للسهو لاحتمال الزيادة أما إن زال الشك قبل أن يحتمل الزيادة فلا يسجد للسهو
كذلك لو كان المشكوك بتركه ركعة بأن شك وهو في الصلاة هل صلى ركعة أو ركعتين أو ثلاثا أو أربعا لزمه أن يأخذ بالأقل ويأتي بما بقي لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا شك أحدكم في صلاته فلم يدر كم صلى ثلاثا أم أربعا فليطرح الشك وليبن على ما استيقن ثم يسجد سجدتين قبل أن يسلم فإن كان صلى خمسا شفعن له صلاته وإن كان صلى إتماما لأربع كانتا ترغيما للشيطان ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 19 / 88 ) وعن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا سها أحدكم في صلاته فلم يدر واحدة صلى أو ثنتين فليبن على واحدة فإن لم يدر ثنتين صلى أو ثلاثا فليبن على ثنتين فإن لم يدر ثلاثا صلى أو أربعا فليبن على ثلاث وليسجد سجدتين قبل أن يسلم ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 291 / 398 )
ب - أما إن شك بعد السلام بترك ركن من الأركان - غير النية وتكبيرة الإحرام - فليس عليه شيء وإن قصر الفصل لقوله تعالى : { ولا تبطلوا أعمالكم } ( محمد : 33 ) ولأن الظاهر أنه أداها على التمام فلا يضره الشك الطارئ بعده ولأنا لو اعتبرنا حكم الشك بعدها شق ذلك وضاق فلم يعتبر
ج - أما إن كان الشك في النية أو تكبيرة الإحرام فتبطل صلاته وعليه استئنافها سواء كان شكه أثناء الصلاة أو بعد السلام بزمن قصير أو طويل إلا أن يشك الإتيان بهما أو بأحدهما ويتذكر سريعا قبل أن يأتي أو يشرع بركن فعلي أو قولي وهو شاك
- 3 - تيقن ترك بعض من الأبعاض أو جزء من البعض سهوا أو عمدا :
يسن لمن ترك البعض عمدا أو سهوا أن يسجد للسهو في آخر صلاته والعامد أولى بالسجود لأنه مقصر
وفي جواز العودة إلى البعض المتروك تفصيل :
آ - إن ترك البعض سهوا :
- 1 - إن تلبس بالفرض الذي يلي البعض المتروك حرم عليه العودة إلى البعض وينبغي أن يتم صلاته ويسن له سجود السهو فإن عاد عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته
ومثال التلبس بالفرض أن يترك التشهد الأول حتى ينتصب قائما أو يترك القنوت حتى يسجد . وضابط التلبس بفرض القيام - في حال ترك التشهد - أن يصل إلى محل تجزئ فيه القراءة ويقصد بذلك أن يتجاوز أقل الركوع بالصعود وضابط التلبس بالسجود - في حال ترك القنوت - أن يضع أعضاء السجود كلها على الأرض مع التنكيس والتحامل وإن لم يطمئن
- 2 - إن لم يصل إلى حد التلبس بالفرض جاز له العود إلى السنة المتروكة سهوا ولا يسجد للسهو عندئذ مع الإتيان بها إلا إذا وصل في حالة ترك التشهد الأول إلى وضع هو فيه إلى القيام أقرب منه إلى السجود وفي حالة ترك القنوت بلغ أقل الركوع في هويه فعندئذ يجوز له العود إلى السنة ويسن له سجود السهو في آخر الصلاة
ب - إن ترك البعض عمدا
لا تجوز العودة إليه إلا إذا كان في حالة ترك التشهد الأول أقرب إلى السجود منه إلى القيام وفي حالة ترك القنوت لم يبلغ أقل الركوع في هويه ولا يسجد للسهو في هذه الحال أي إن عاد للبعض فإن لم يعد سن له سجود السهو
- 4 - الشك في ترك بعض من الأبعاض :
يسن له سجود السهو في هذه الحال لأن الأصل عدم الفعل
القسم الثاني : ارتكاب منهي عنه :
إن تيقن أنه فعل سهوا شيئا يبطل الصلاة عمده كأن زاد ركوعا أو سجودا أو تكلم قليلا ناسيا أو سلم في غير موضع السلام ناسيا سن له سجود السهو في آخر صلاته لأن النبي صلى الله عليه و سلم سلم من اثنتين وكلم ذا اليدين وأتم صلاته وسجد سجدتين . أما ما لا تبطل الصلاة بعمده كالالتفات والخطوة والاثنتين والضربة والاثنتين والإقعاء في الجلوس ( وهو أن يجلس المصلي على وركيه وهما أصل فخذيه ناصبا ركبتيه بأن يلصق ألييه بموضع صلاته وينصب فخذيه وساقيه كهيئة المستوفز ) ووضع اليد على الفم والخاصرة والنظر إلى ما يلهي والفكر في الصلاة والعبث باللحية وغيره فهذا وأمثاله لا يسجد لعمده ولا لسهوه لأن النبي صلى الله عليه و سلم نظر إلى أعلام الخميصة وقال : ( ألهتني آنفا عن صلاتي ) ( أخرجه البخاري عن عائشة رضي الله عنها البخاري ج 1 / كتاب الصلاة في الثياب باب 13 / 366 ) وتذكر في الصلاة تبرا كان عنده ( أخرجه البخاري عن عقبة رضي الله عنه البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 74 / 813 ) وحمل أمامة ووضعها ( أخرجه مسلم عن أبي قتادة ض مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 9 / 41 وقد تقدم ) ولم يسجد لشيء من ذلك ويستثنى مما لا يبطل عمده ولا سهوه القراءة في غير محل القراءة أو التشهد في غير محله أو الصلاة على النبي في غير محلها فيسن له سجود سهو إن كان هذا النقل القولي إلى غير محله بنيته سواء فعله عمدا أو سهوا
ولا يسجد لارتكابه ما تبطل الصلاة بعمده وسهوه كالعمل والكلام الكثير بل ولا يجوز السجود لأنه ليس في صلاة
القسم الثالث : زيادة ركن فعلي متحققا أو متوهما :
- 1 - فالمتحقق : أن يسهو فيزيد في صلاته ركعة أو ركوعا أو سجودا أو قياما أو غير ذلك فيسجد للسهو
- 2 - والمتوهم : أن يشك هل صلى ثلاثا أو أربعا مثلا فيلزمه أن يأتي بركعة أخرى ثم يسجد للسهو لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم وللتردد بالركعة التي أتى بها هل هي رابعة أم زائدة تقتضي السجود ولو زال تردده قبل السلام وقبل السجود وعرف أن التي أتى بها رابعة سن له السجود للتردد ( ولا يعمل المصلي بقول غيره له صليت ثلاثا أو صليت أربعا أو غيره مهما بلغ عددهم بل يجب عليه العمل بيقين نفسه في الزيادة والنقص ) وضابط الشك وزواله أنه إذا كان ما فعله من وقت عروض الشك إلى زواله لا بد منه على كل احتمال لم يسجد للسهو وإن كان زائدا على بعض الاحتمالات سجد . ومثاله ما لو شك في قيامه من الظهر في كون تلك الركعة ثالثة أو رابعة فركع وسجد على هذا الشط وهو عازم على القيام إلى ركعة أخرى أخذا باليقين ثم تذكر قبل القيام إلى الأخرى أنها ثالثة أو رابعة فلا يسجد لأن ما فعله على الشك لا بد منه على التقديرين فإن لم يتذكر حتى قام سجد للسهو وإن تيقن أن التي قام إليها رابعة لأن احتمال الزيادة وكونها خامسة كان موجودا حين قام

- متى يسجد المأموم لسهو إمامه وسهو نفسه :
- يسجد المأموم لسهو إمامه وإمام إمامه ( يقع هذا فيما لو أحدث الإمام وناب عنه أحد المأمومين ثم جاء جل واقتدى به وكان الإمام الأول ساهيا ) أيضا وإن كان سهوهما قبل القدوة لتطرق الخلل إلى صلاته من صلاة إمامه
فإن ترك المأموم موافقة إمامه في السجود عمدا بطلت صلاته ويستثنى من ذلك ما لو علم المأموم سبب سهو الإمام وتيقن غلطه في ظنه بأن ظن الإمام ترك أحد الأبعاض وعلم المأموم أنه لم يتركه فسجد فلا يوافقه المأموم
ولو ترك الإمام السجود لسهو نفسه عامدا أو ساهيا أو كان يعتقد تأخيره إلى ما بعد السلام سن للمأموم أن يسجد في آخر صلاته بعد سلام الإمام ولو لم يسجد الإمام لسهوه إلى سجدة سجد المأموم أخرى حملا له على أنه نسيها
ولا يسجد المأموم لسهو نفسه خلف إمامه فالإمام يتحمل سهو المأموم ما كانت القدوة لأن معاوية بن الحكم رضي الله عنه شمت العاطس في الصلاة خلف النبي صلى الله عليه و سلم فقال له النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7 / 33 ) ولم يأمره بالسجود فمثلا ولو ظن المأموم سلام إمامه فسلم ثم بان خلافه أعاد السلام معه ولا سجود عليه لأنه سها في حال القدوة أو ظن المسبوق سلام إمامه فقام لتدارك ما عليه وكان ما عليه ركعة مثلا فأتى بها وجلس ثم علم أن الإمام لم يسلم بعد وتبين أن ظنه كان خطأ فهذه الركعة غير محسوبة له لأنه وقعت في غير موضعها فيتداركها بعد سلام الإمام ولا يسجد للسهو لبقاء حكم القدوة . أما لو حصل الأم نفسه لكن سلم الإمام وهو قائم فيلزمه العود إلى القعود ثم يقوم منه ويسجد للسهو لأنه أتى بزيادة بعد سلام الإمام
وإن تذكر المأموم ترك ركن غير النية أو تكبيرة الإحرام فيصلي ركعة بعد سلام إمامه ولا يسجد للسهو بخلاف ما لو شك بترك ركن فإنه يأتي بركعة بعد سلام إمامه ويسجد للسهو لاحتمال الزيادة وكذلك لو أدرك مسبوق الإمام راكعا وشك هل أدرك الركوع المجزئ وهو أن يطمئن مع الإمام في الركوع - لم تحسب له هذه الركعة ويسجد للسهو ولا يتحمل عنه الإمام لأنه بعد سلام الإمام شاك في عدد ركعاته
أما إن كان سهو المأموم واقعا قبل الاقتداء بالإمام أو بعد سلام الإمام إن كان مسبوقا فهنا يسن له أن يسجد لسهو نفسه بعد سلام الإمام ولا يتحمل الإمام عنه سهوه لانقطاع القدوة


الفصل الثاني : سجود التلاوة

- دليله
- ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ القرآن فيقرأ سورة فيها سجدة فيسجد ونسجد معه حتى ما يجد بعضنا موضعا لمكان جبهته " ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 20 / 103 )

- حكمه
- 1 - هو سنة للقارئ سواء كان في صلاة أم له وللمستمع ولو تركه القارئ وللسامع وهو للأولين آكد منه للثالث
- 2 - وهو واجب على المأموم إن سجد إمامه ويجب عليه الترك إن ترك الإمام وإلا بطلت صلاته في الحالتين لأن سجود التلاوة سنة ومتابعة الإمام فرض كما سيأتي في بحث صلاة الجماعة
وإذا قرأ المصلي آية سجدة في الصلاة بقصد السجود فقط بطلت صلاته
ولا يسجد لتلاوة آية السجدة إن كان التالي نائما أو سكرانا أو ساهيا لأن هؤلاء جميعا ليس لهم إرادة القراءة أو كان جنبا لأن قراءته غير مشروعة أو سمعها السامع من مسجلة أو مذياع فإن ذلك صدى الصوت وليس حقيقة القراءة

- شروطه :
- هي شروط صحة الصلاة التي تقدم بيانها

- وقته
- فور إنهاء آية السجدة فإذا أخر بقدر ركعتين فات وقته ولا يقضى . ولو قرأها في الصلاة ولم يسجد سجد بعد سلامه إن قصر الفصل . ولو كان القارئ أو المستمع محدثا حال القراءة أو السماع فإن تطهر على قرب سجد وإلا فات ولا قضاء

- تكراره :
يتكرر السجود بتكرر القراءة ولو في مجلس واحد أو ركعة واحدة أما إذا تكررت آية السجدة نفسها واتحد المجلس فيكفي السجود مرة


- كيفيته :
- سجود التلاوة إما أن يكون خارج الصلاة وإما أن يكون أثناءها وكيفيته تختلف بحسب ذلك :
- 1 - إن كان خارج الصلاة فأركانه أربعة هي :
( 1 ) النية : لأنه عبادة
( 2 ) تكبيرة إحرام قائما أو قاعدا : لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ علينا القرآن فإذا مر بالسجدة كبر وسجد وسجدنا معه " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 333 / 1413 )
( 3 ) سجدة : يشترط فيها ما اشترط لسجود الصلاة
( 4 ) التسليمة الأولى دون التشهد


- وسننه :
( 1 ) التلفظ بالنية
( 2 ) رفع اليدين مع تكبيرة الإحرام
( 3 ) تكبيرة للهوي للسجود ولا يسن رفع يديه فيها
( 4 ) أن يقول في سجوده : " اللهم اكتب لي بها عندك أجرا واجعلها لي عندك ذخرا وضع عني بها وزرا واقبلها مني كما قبلتها من عبدك داود عليه السلام " لما روى ابن عباس رضي الله عنهما : " أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني رأتني الليلة وأنا نائم كأني أصلي خلف شجرة فسجدت فسجدت الشجرة لسجودي فسمعتها وهي تقول : اللهم اكتب لي بها عندك أجرا وضع بها عني وزرا واجعلها لي عندك ذخرا وتقبلها مني كما تقبلتها من عبدك داود . قال ابن عباس فقرأ النبي صلى الله عليه و سلم سجدة ثم سجد فسمعته وهو يقول مثل ما أخبره الرجل عن قول الشجرة " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 407 / 579 )
وإن قال فيه ما يقول في سجود الصلاة أجزأه
( 5 ) تكبيرة للرفع من السجود
( 6 ) التسليمة الثانية
- 2 - إما إن كان أثناء الصلاة فينوي المنفرد والإمام وجوبا - في القلب دون اللسان - وينوي المأموم ندبا وتجب عليه المتابعة ولا يكبر الساجد سجود التلاوة للافتتاح لأنه محرم بالصلاة لكن يستحب التكبير عند الهوي إلى السجود وعند الرفع منه دون رفع اليدين وإذا رفع رأسه من السجود قام ولا يجلس للاستراحة ولا يسلم ويتوجب انتصابه قائما لأن الهوي إلى الركوع من القيام واجب ويستحب له بعد انتصابه أن يقرأ شيئا ثم يركع


- ما يقوم مقام السجدة :
- يقوم مقامها أن يقول إذا سمعها سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر يكرر ذلك أربع مرات قدر على السجود أم لم يقدر كأن لم يكن طاهرا من الحدثين مثلا

الفصل الثالث : سجود الشكر

- دليله :
- ما روى أبو بكرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : " أنه كان إذا جاءه أمر سرور أو بشر به خر ساجدا شاكرا لله " ( أبو داود ج 3 / كتاب الجهاد باب 174 / 2774 )
وما روى كعب بن مالك رضي الله عنه في حديث توبته قال : " فخررت ساجدا وعرفت أن قد جاء فرج " ( البخاري ج 4 / كتاب المغازي باب 75 / 4156 )

- حكمه :
يسن سجود الشكر عند هجوم نعمة أو اندفاع نقمة سواء خصته النعمة والنقمة أو عمت المسلمين . ولرؤية فاسق مجاهر بفسقه فيسجد شاكرا لله على معافاته ويظهر ذلك أمام الفاسق لعله يتوب إلا أن يخاف من إظهاره مفسدة أو فتنة ولرؤية المبتلى فيسجد لله على معافاته سرا كيلا يتأذى المبتلى
وإن أخر السجود فات ولا قضاء
ويستحب سجود الشكر عند تلاوة سورة ( ص ) في غير الصلاة لأنها سورة شكر أما في الصلاة فلا يفعل وإن سجدها في الصلاة عامدا عالما بالتحريم بطلت صلاته

- كيفيته :
- هو كسجود التلاوة خارج الصلاة من حيث الشروط والأركان والسنن


الباب الخامس : الصلوات المسنونة

الفصل الأول : السنن الراتبة التابعة للفرائض : هي قسمان [ مؤكدة وغير مؤكدة ] :

أولا - المؤكد :

- 1 - صلاة الوتر : عن أبي أيوب الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الوتر حق على كل مسلم فمن أحب أن يوتر بخمس فليفعل ومن أحب أن يوتر بثلاث فليفعل ومن أحب أن يوتر بواحدة فليفعل ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 338 / 1422 ) وأقله واحدة للحديث وأكثره إحدى عشرة ركعة ولا تصح الزيادة عليها لما روت عائشة رضي الله عنها لما سئلت عن رسول الله صلى الله عليه و سلم في رمضان قالت : " ما كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزيد في رمضان ولا في غيره على إحدى عشرة ركعة " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 17 / 125 )
فإن أوتر بواحدة جاز لكن الاقتصار على ركعة واحدة خلاف الأولى والمداومة عليها مكروهة
وأدنى الكمال ثلاث ركعات يقرأ في الأولى بعد الفاتحة { سبح اسم ربك الأعلى } وفي الثانية { قل يا أيها الكافرون } وفي الثالثة { قل هو الله أحد } والمعوذتين
النية فيها : ينوي سنة الوتر إذا صلاها متصلة أما إذا صلى كل ركعتين على حدة ثم ركعة مفردة فينوي قبل كل ركعتين أن يصلي من وتر الليلة وعندما يصل إلى الأخيرة يقول : نويت الوتر
وقتها : يدخل وقتها بفراغه من فريضة العشاء ولو جمعت جمع تقديم مع المغرب ( لكن إن أقام بأن وصلت به السفينة أو أي مركوب إلى وطنه بعد فعل العشاء وقبل فعل الوتر امتنع عليه فعل الوتر حتى يدخل وقت العشاء ) ولو قدمها على فريضة العشاء لم يجز . وينتهي بطلوع الفجر الصادق ودليل ذلك ما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كل الليل أوتر رص وانتهى وتره إلى السحر " ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 2 / 951 )
وأفضل الوقت آخر الليل لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( اجعلوا آخر صلاتكم بالليل وترا ) ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 4 / 953 ) فإن كان له تهجد أوتر بعده أما إن أوتر قبل التهجد فلا يعيده بعده وإن أعاده بعده فلا يصح لما رواه طلق بن علي رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( لا وتران في ليلة ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 344 / 470 )
وإن كان لا يتهجد استحب له أن يوتر بعد فريضة العشاء وسنتها في أول الليل لما روي عن جابر رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : ( من خاف ألا يقوم من آخر الليل فليوتر أوله ومن طمع أن يقوم آخره فليوتر آخر الليل فإن صلاة آخر الليل مشهودة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 21 / 162 )
كيفيتها : يجوز لمن أوتر بما زاد على ركعة أن يؤدي الصلاة على إحدى صور ثلاث أفضلها الفصل بأن يفرد الركعة الأخيرة بعد ركعتين أو أكثر لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يفصل بين الوتر والشفع بتسليمة ويسمعناها " ( مسند الإمام أحمد ج 2 / ص 76 ) وللنهي عن تشبيه الوتر بالمغرب . ويليها في الفضل الوصل بتشهد واحد في الأخيرة وأدناها في الفضيلة الوصل بتشهدين فتكون كالمغرب
- 2 - ركعتا سنة الفجر : روي عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ركعتا الفجر خير من الدنيا وما فيها ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 96 )
ما يندب قراءته فيهما : يندب أن يقرا من سورة البقرة : { قولوا آمنا بالله وما أنزل إلينا وما أنزل إلى إبراهيم . . . } ( البقرة : 136 ) إلى آخر الآية ومن آل عمران : { قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء . . . مسلمون } ( آل عمران : 64 ) لما روى مسلم عن ابن عباس رضي الله عنهما من فعله صلى الله عليه و سلم ( انظر مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 100 ) أو يقرأ الانشراح والفيل أو الكافرون والإخلاص لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه من فعله صلى الله عليه و سلم ( انظر مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 14 / 98 )
ويندب بصورة عامة أن تكونا خفيفتين لما روى البخاري عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يخفف الركعتين اللتين قبل صلاة الصبح حتى إني لأقول هل قرأ بأم الكتاب " ( البخاري ج 1 / كتاب التطوع باب 4 / 1118 )
كما يندب أن يفصل بينهما وبين الفرض باضطجاع على الشق الأيمن يتذكر فيه ضجعة القبر أو بذكر الله أو بدعاء غير دنيوي أو بانتقال من المكان لما روي عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا صلى فإن كنت مستيقظة حدثني وإلا اضطجع حتى يؤذن بالصلاة " ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 23 / 1108 )
- 3 - ركعتان قبل الظهر أو الجمعة : لما روي عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يصلي قبل الظهر ركعتين وبعدها ركعتين وبعد المغرب ركعتين في بيته وبعد العشاء ركعتين وكان لا يصلي بعد الجمعة حتى ينصرف فيصلي ركعتين " ( البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 37 / 895 )
والحديث هنا في صلاة ركعتين قبل الظهر ولم يذكر فيه صلاة ركعتين قبل الجمعة مع أن البخاري ترجم له بباب الصلاة بعد الجمعة وقبلها فكأنه أراد إثباتها قياسا على الظهر لأن الجمعة بدل الظهر . قال ابن المنير : " وكأنه - أراد البخاري - يقول : الأصل استواء الظهر والجمعة حتى يدل دليل على خلافه " ( فتح الباري ج 2 / كتاب الجمعة باب 39 / ص 426 )
- 4 - ركعتان بعد الظهر أو الجمعة : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم
- 5 - ركعتان بعد المغرب : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم ويسن فيهما قراءة الكافرون والإخلاص
- 6 - ركعتان بعد العشاء : لحديث ابن عمر رضي الله عنهما المتقدم

ثانيا - غير المؤكدة :

- 1 - ركعتان قبل الظهر وركعتان بعده زيادة على المؤكد : روي عن عائشة رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان لا يدع أربعا قبل الظهر " ( البخاري ج 1 / كتاب التطوع باب 10 / 1127 ) وروي عن أم حبيبة رضي الله عنها قالت : قال صلى الله عليه و سلم : ( من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 317 / 428 ) ويمكن قياس سنة الجمعة على سنة الظهر فتصلي أربعا قبلية وأربعا بعدية وروي عن أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا ) ( مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 18 / 67 )
وله أن يجمع الأربع القبلية بإحرام واحد وسلام واحد لكن الفصل أفضل وله ذلك في البعدية والفصل أولى كذلك وله أن يجمع القبلية والبعدية بإحرام واحد بعد الفرض ويقول : نويت أن أصلي ثماني ركعات سنة الظهر القبلية والبعدية
أما إذا صلى الظهر بعد الجمعة ( يفعل ذلك احتياطا في الأمصار التي تعددت فيها الجمعة لغير حاجة ويسرد التفصيل في بحث صلاة الجمعة ) فتقوم سنة الظهر القبلية مقام سنة الجمعة البعدية . ويندب قضاء القبلية والبعدية إذا خرج وقتهما الذي هو وقت الفرض ( وبصورة عامة إذا فات نفل مؤقت ندب قضاؤه وألحق بذلك التهجد . أما التي لها سبب فلا تقضي إن فاتت )
- 2 - أربع ركعات قبل العصر لحديث ابن عمر رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم : ( رحم الله امرأ صلى قبل العصر أربعا ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 318 / 430 )
وله جمعها بإحرام وسلام أو فصلها بإحرامين وسلامين
- 3 - ركعتان قبل المغرب
- 4 - ركعتان قبل العشاء


الفصل الثاني : الصلوات المسنونة غير التابعة للفرائض هي قسمان [ ما تسن فيه الجماعة وما لا تسن ] :
أولا - ما تسن فيه الجماعة :
1 - صلاة العيدين :
تعريف : العيد مشتق من العود وهو الرجوع والمعاودة . وسمي بذلك لتكرره في كل عام
حكمها : هي سنة مؤكدة لمواظبة الرسول صلى الله عليه و سلم عليها ويكره تركها
ويسن حضور جماعتها للمقيم والمسافر والحر والعبد والخنثى والمرأة سوى الجميلة أو ذات الهيئة أما العجائز والنساء اللائي لا يشتهين فيحضرن بشروط ثلاثة هي : إذن الزوج وترك الطيب وعدم لبس ثياب الزينة والشهرة لما رواه أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات ) ( أبو داود ج 1 / كتاب صلاة باب 53 / 565 ، وتفلات : غير عطرات )
وقتها : ما بين طلوع الشمس وزوالها ويكفي طلوع جزء من الشمس لكن يندب تأخيرها إلى أن ترتفع الشمس قدر رمح فهي بذلك مستثناة من أفضلية فعل العبادة في أول وقتها . وفعلها قبل ارتفاع الشمس خلاف الأولى
كيفيتها : شرعت جماعة . وتصح فرادي والجماعة مطلوبة فيها للحاج فينس له صلاتها منفردا لاشتغاله بأعمال الحج . ويكره تعدد جماعتها بلا حاجة
ولا يسن لها أذان ولا إقامة لحديث جابر رضي الله عنه " صليت مع النبي صلى الله عليه و سلم العيدين غير مرة ولا مرتين بغير أذان ولا إقامة " ( مسلم ج 2 / كتاب صلاة العيدين / 7 ) بل ينادي لها : الصلاة جامعة قياسا على صلاة الكسوف
وهي ركعتان لقول عمر رضي الله عنه : " صلاة الأضحى ركعتان وصلاة الفطر ركعتان " ( النسائي ج 3 / ص 183 )
وصفتها المجزئة كصفة سائر الصلوات وسننها كغيرها من الصلوات وينوي بها صلاة العيد وهذا أقلها
وأكملها أن يحرم بالركعتين مع النية - ولا بد فيها من التعيين - أم يأتي بدعاء الافتتاح ثم يكبر قبل التعوذ ( ولا يفوت التكبير بالتعوذ لكن بالبدء بالقراءة ) سبع تكبيرات سوى تكبيرتي الإحرام والركوع ويجهر بالتكبير ولو كان مأموما أو قاضيا لها ويرفع يديه حذو منكبيه في الجميع ويضع يمناه على يسراه تحت صدره بعد كل تكبيرة ويسن جعل كل تكبيرة في نفس ويفصل بين كل تكبيرتين بمقدار آية معتدلة بأن يقول : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ( وهي الباقيات الصالحات وعل صيغتها اتفق أكثر أصحاب الشافعي ) ويقولها سرا ويكره تركها ثم يتعوذ بعد التكبيرات ثم يقرأ الفاتحة ثم يقرأ الفاتحة ثم يقرأ سورة ق أو الأعلى أو الكافرون جهرا وفي الثانية يكبر خمسا عدا تكبيرتي القيام والهوي إلى الركوع ثم يقرأ بعد الفاتحة سورة القمر إن قرأ في الأولى سورة ق ( لحديث رواه أبو واقد الليثي مسلم ج 2 / كتاب صلاة العيدين باب 3 / 14 ) أو الغاشية إن قرأ في الأولى الأعلى ( لحديث رواه النعمان بن بشير مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 16 / 62 ) أو الإخلاص إن قرأ في الأولى الكافرون . لما روي عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال نبي الله صلى الله عليه و سلم : ( التكبير في الفطر سبع في الأولى وخمس في الآخرة والقراءة بعدهما كلتيهما ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 251 / 1151 )
ولو شك المصلي في عدد التكبيرات بنى على الأقل أما المأموم فيتبع إمامه زاد أو نقص ولا يكبر المسبوق إلا ما أدرك
على أن التكبيرات كلها ليست فرضا ولا بعضا ولو نسيها وشرع في القراءة فاتت حتى لو ذكرها وهو راكع فعاد إلى القيام ليكبرها عالما بالتحريم بطلت صلاته
ثم يخطب الإمام بعدهما خطبتين لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم وأبو بكر وعمر رضي الله عنهما يصلون العيدين قبل الخطبة " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 8 / 920 ) ولما روى أبو سعيد الخدري رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ثم ينصرف فيقوم مقابل الناس والناس جلوس على صفوفهم فيعظم ويوصيهم " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 6 / 913 )
ولا بد أن تكون الخطبتان بعد الصلاة لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه المتقدم فإن خطب قبل الصلاة بطلت الخطبة
وهما كخطبتي الجمعة في الأركان لا في الشروط ( انظر بحث صلاة الجمعة الباب السابع من كتاب الصلاة ) ويفتتح الأولى منها بتسع تكبيرات يسن جعلها متوالية ويكبر قبل الثانية سبعا ويندب للخطيب أن يجلس قبل الخطبة للاستراحة جلسة قصيرة قدر أذان ويستحب أن يعلمهم أحكام الفطرة في عيد الفطر وأحكام الأضحية في عيد الأضحى
ومن دخل والإمام يخطب فإن كان في الصحراء جلس ليستمع ما لم يخش فوات وقت العيد وإلا صلى ركعتي العيد . وإن كانوا في المسجد صلاهما مع التحية
ويستحب للناس استماع الخطبة وليست الخطبة ولا استماعها شرطا لصحة صلاة العيد وإن كان تركها أو التكلم فيها أو الانصراف منها مكروها
ولا خطبة لجماعة النساء إلا أن يخطب لهن ذكر أما لو قامت واحة منهن ووعظتهن فلا بأس
ولا تجزئ صلاة العيد عن صلا الضحى بل تسن صلاة الضحى سواء قبل صلاة العيد أو بعدها لكن الأفضل أن تصلي قبل صلاة العيد تجنبا لخلاف العلماء
سنن ليلتي العيدين ويوميهما :
( 1 ) إحياء ليلتي العيدين بالعبادة لما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من قام ليلتي العيدين محتسبا لله لم يمت قلبه يوم تموت القلوب ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 68 / 1782 ، وهو ضعيف لكن يعمل به في فضائل الأعمال )
( 2 ) الغسل ويمتد وقته من منتصف ليلة العيد إلى آخر نهار يوم العيد وأفضل وقت لفعله بعد طلوع الفجر . لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يغتسل يوم الفطر ويوم الأضحى " ( ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 169 / 1315 ) وإسناده ضعيف لكن يعضده ما روي عن نافع " أن عبد الله بن عمر كان يغتسل يوم الفطر قبل أن يغدو إلى المصلى " ( الموطأ ج 1 / كتاب العيدين باب 1 / 2 ) كما يعضده القياس على الجمعة
( 3 ) التنظيف والتطيب والتزين ولبس أحسن الثياب منها بخاصة يستوي في ذلك القاعد على والخارج والكبير والصغير والمصلي وغيره
( 4 ) الإفطار قبل الذهاب إلى صلاة عيد الفطر لتمييز عيد الفطر عما قبله ويسن أن يكون الفطور تمرات وأن يكون عددها وترا . روي عن أنس : " كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يغدو يوم الفطر حتى يأكل تمرات ويأكلهن وترا " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 4 / 910 )
ويسن الإمساك عن الفطور قبل صلاة عيد الأضحى إلى أن يرجع ليأكل من أضحيته إذا ضحى وهو الغالب لذلك سن تأخير الفطور مطلقا في الأضحى
( 5 ) البكور بالخروج إلى صلاة العيد لغير الإمام . أما الإمام فيحضر مع دخول الوقت لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يخرج يوم الفطر والأضحى إلى المصلى فأول شيء يبدأ به الصلاة ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 6 / 913 )
( 6 ) الذهاب إلى الصلاة مشيا من طريق والعودة منها من آخر لحديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون ) ( البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 16 / 866 ) وهذا عام في كل صلاة تشرع فيها الجماعة ولحديث جابر رضي الله عنه قال : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا كان يوم عيد خالف الطريق " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 24 / 943 ) ( 7 ) إقامة الصلاة في المسجد لأنه أشرف وأنظف إلا إذا ضاق فتكره فيه وتصلى في الصحراء عندئذ
( 8 ) تعجيل صلاة عيد النحر وتأخير صلاة عيد الفطر لحديث أبي الحويرث " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كتب إلى عمرو بن حزم وهو بنجران ( عجل الأضحى وأخر الفطر ) ( البيهقي ج 3 / ص 282 ) ولأنه يسن أن يخرج صدقة الفطر قبل الصلاة على حين أن السنة أن يضحي بعد صلاة الإمام على أنه يسن بصورة عامة تأخير الصلاة إلى ما بعد ارتفاع الشمس
التكبير في العيدين :
- هو سنة ودليل مشروعيته في عيد الفطر قوله تعالى : { ولتكملوا العدة ولتكبروا الله على ما هداكم } ( البقرة : 185 ) ودليل مشروعيته في عيد الأضحى قوله تعالى : { واذكروا الله في أيام معدودات } ( البقرة : 203 ) قال البخاري : قال ابن عباس : الأيام المعدودات أيام التشريق ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 11 )
والتكبير نوعان : مرسل ومقيد
( 1 ) التكيير المرسل : هو التكبير غير المقيد بالصلاة . ووقته من غروب شمس ليلتي العيدين إلى دخول الإمام المسجد لصلاة العيد فإن لم يصل مع الجماعة استمر تكبيره إلى إحرامه بصلاة العيد فإن لم يصل استمر التكبير في حقه حتى الزوال
ويندب هذا التكبير للذكر والأنثى والحاضر والمسافر والحر والعبد إلا الحاج فإنه يلبي إلى أن يتحلل لأن التلبية شعاره ما دام محرما ثم يكبر بعد تحلله لما أخرجه البخاري في باب التكبير أيام منى وإذا غدا إلى عرفة قال : " وكان عمر رضي الله عنه يكبر في قبته بمنى فيسمعه أهل المسجد فيكبرون ويكبر أهل الأسواق حتى ترتج منى تكبيرا . وكان ابن عمر يكبر بمنى تلك الأيام وخلف الصلوات وعلى فراشه وفي فسطاطه ( الفسطاط : بيت من شعر ) ومجلسه وممشاه تلك الأيام جميعا وكانت ميمونة تكبر يوم النحر وكان النساء يكبرن خلف أبان بن عثمان وعمر بن عبد العزيز ليالي التشريق مع الرجال في المسجد " ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 12 )
ويتأكد التكبير عند تغير الأحوال كالاجتماع والذهاب والإياب والركوب
يصح التكبير في كل الأحوال والأمكنة في المنازل والأسواق والشوارع كما دل عليه حديث البخاري المتقدم
ويندب رفع الصوت بالتكبير إلا المرأة فتخفض صوتها في حال وجود أجانب بحيث تسمع نفسها فقط
والتكبير أفضل ما يشتغل به العبد في هذه الأوقات حتى إنه أولى من الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم ومن قراءة سورة الكهف إذا وافقت ليلة العيد ليلة الجمعة
( 2 ) التكبير المقيد : هو التكبير خلف الصلوات في عيد الأضحى فقط فرضا كانت الصلاة أو نفلا أداء أو قضاء ولا يشترط أن يكون التكبير عقب الصلاة مباشرة ولا يفوت بطول الفصل عن الصلاة
وهذا التكبير المقيد أفضل من التكبير المرسل لأنه تابع للصلاة
وقته : ويبدأ وقته من صبح يوم عرفة إلى غروب شمس آخر أيام التشريق وهذا لغير الحاج . أما الحاج فيكبر من ظهر يوم النحر بعد أن يتحلل إلى صبح آخر أيام التشريق
والتكبير الواقع بين غروب شمس ليلة عيد الأضحى إلى صلاة العيد هو تكبير مرسل مقيد معا
صيغة التكبير : الله أكبر الله أكر الله أكبر ثلاثا نسقا ( نسقا : على نظام واحد ) وما زاد من ذكر الله فحسن من ذلك لا إله إلا الله الله أكبر الله أكبر ولله الحمد " قال الشافعي في الأم : " أحب أن تكون زيادته : الله أكبر كبيرا والحمد لله كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه مخلصين له الدين ولو كره الكافرون لا إله إلا الله وحده صدق وعده ونصر عبده وهزم الأحزاب وحده لا إله إلا الله " واحتجوا له بأن النبي صلى الله عليه و سلم قاله على الصفا وقد رواه مسلم في صحيحه من رواية جابر بن عبد الله رضي الله عنهما أخصر [ بأخصر ؟ ؟ ] من هذا اللفظ ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147 )
ويندب التكبير في غير العيدين في الأيام المعلومات ( الأيام المعلومات : أيام العشر - عشر ذي الحجة - ذكره البخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما ج 1 / كتاب العيدين باب 11 ) ذكر البخاري عن أبي هريرة وابن عمر رضي الله عنهم أنهما كانا يخرجان إلى السوق أيام العشر يكبران ويكبر الناس بتكبيرهما ( البخاري ج 1 / كتاب العيدين باب 11 )


2 - صلاة الكسوف وصلاة الخسوف :
المعنى اللغوي لكل منهما : الكسوف هو الاستتار أو التغير إلى سواد وتوصف به الشمس حين يستتر نورها وتسود بحيلولة جرم القمر بينها والأرض ولذلك يحصل الكسوف غالبا عند تمام الشهور
والخسوف : هو المحو أو النقصان أو الذل ويوصف به القمر حين يظلم وهذا الوصف أليق بالقمر لأنه جرم عاتم يضيء بمقابلته للشمس فإذا حال جرم الأرض بين القمر والشمس منع وصول نور الشمس إلى القمر فيظلم ولذلك يحصل الخسوف غالبا في أنصاف الشهور
حكم الصلاتين ودليلهما : هما سنة مؤكدة لقوله صلى الله عليه و سلم في حديث روته عنه عائشة رضي الله عنها : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ( بعد أن قال الناس إن الشمس كسفت لموت إبراهيم ابن رسول الله صلى الله عليه و سلم ) ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا . . . ) ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 2 / 997 ) ولقوله تعالى : { لا تسجدوا للشمس ولا للقمر واسجدوا لله الذي خلقهن إن كنتم إياه تعبدون } ( فصلت : 37 ) وتصح فرادى لكن يسن أن تصلى جماعة وأن ينادى لها : الصلاة جامعة عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " لما كسفت الشمس على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم نودي : إن الصلاة جامعة " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 3 / 998 ) ويجوز لمن صلاها وحده ثم أدركها مع الإمام أن يصليها معه ثانية كما يفعل في المكتوبة
ويسن الاغتسال لها لأنها صلاة شرع لها الاجتماع والخطبة فسن لها الاغتسال كصلاة الجمعة
كيفيتها : صلاتا الخسوف والكسوف سواء في الكيفية
وأقل إحداهما ركعتان عاديتان كسنة الظهر لما ورد في حديث قبيصة الهلالي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( فإذا رأيتم من ذلك شيئا فصلوا كأحدث صلاة مكتوبة صليتموها ) ( النسائي ج 3 / ص 144 )
ويجهر بهما في الخسوف ويسر في الكسوف لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما " . . . فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فقام قياما طويلا نحوا من قراءة سورة البقرة " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 9 / 1004 ) وهو يدل على أنه لم يجهر لأنه لو جهر لسمعه ولما قدره بغيره " عن سمرة رضي الله عنه قال : " صلى بنا النبي صلى الله عليه و سلم في كسوف لا نسمع له صوتا " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 397 / 562 ) ووردت أحاديث في الجهر منها حديث عائشة رضي الله عنها : " جهر النبي صلى الله عليه و سلم في صلاة الخسوف بقراءته " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 19 / 1016 ) فيجمع بين الأدلة بأن الإسرار في كسوف الشمس لأنها صلاة نهار والجهر في خسوف القمر لأنها صلاة ليل
وأقل الكمال : ركعتان في كل ركوعان وقيامان وسجدتان ويطيل القراءة والركوع والسجود . ودليل ذلك حديث عائشة رضي الله عنها قالت : " خسفت الشمس في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالناس فقام فأطال القيام ثم ركع فأطال الركوع ثم قام فأطال القيام وهو دون القيام الأول ثم ركع فأطال الركوع وهو دون الركوع الأول ثم سجد فأطال السجود ثم فعل في الركعة الثانية مثل ما فعل في الأولى ثم انصرف وقد انجلت الشمس فخطب الناس فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : ( إن الشمس والقمر آيتان من آيات الله لا ينخسفان لموت أحد ولا لحياته فإذا رأيتم ذلك فادعوا الله وكبروا وصلوا وتصدقوا ) ثم قال : ( يا أمة محمد والله ما من أحد أغير من الله أن يزني عبده أو تزني أمته يا أمة محمد والله لو تعلمون ما أعلم لضحكتم قليلا ولبكيتم كثيرا ) " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 2 / 997 )
أما صورتها المثلى فتفصيلها كالتالي :
( 1 ) النية مع التعيين
( 2 ) دعاء الافتتاح
( 3 ) التعوذ وقراءة الفاتحة
( 4 ) التعوذ وقراءة الفاتحة
( 4 ) قراءة سورة طويلة كالبقرة مثلا في القيام الأول لحديث ابن عباس رضي الله عنهما المتقدم
( 5 ) يركع ويسبح في ركوعه طويلا قدر مائة آية من سورة البقرة
( 6 ) يعتدل ويقرأ بعد الفاتحة طويلا نحو آل عمران كما ورد في سنن أبي داود ( انظر أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 263 / 1187 )
( 7 ) يركع ثانية ويسبح وأعلى الكمال أن يسبح بمقدار ثمانين آية من البقرة
( 8 ) يعتدل ثم يسجد سجدتين ويجعل تسبيح كل سجدة طويلا بقدر كل من الركوعين المذكورين
( 9 ) في الركعة الثانية يقرأ بعد الفاتحة نحو النساء ثم يركع فيسبح بقدر سبعين آية من سورة البقرة ثم يعتدل ويقرأ بعد المائدة ثم يركع ويسبح بقدر خمسين آية من سورة البقرة . ويسبح في السجودين مثل ذلك ( وذكر النووي في المنهاج قريبا مما ذكرنا فقال : الأكمل أن يقرأ في القيام الأول بعد الفاتحة البقرة وفي الثاني كمائتي آية منها وفي الثالث مائة وخمسين والرابع مائة تقريبا ويسبح في الركوع الأول قدر مائة من البقر وفي الثاني ثمانين وفي الثالث سبعين والرابع خمسين تقريبا وذكر غير ذلك رحمه الله )
ويسن أن يخطب الإمام بعد صلاة الخسوف أو الكسوف لما ورد في حديث عائشة رضي الله عنها المتقدم . ويستحب أن يخطب خطبتين هما كخطبتي الجمعة في الأركان ( انظر بحث صلاة الجمعة الباب السابع من كتاب الصلاة ) لكن لا يشترط فيهما من شروط خطبتي الجمعة إلا أن يسمع الناس وكونهما بالعربية وكون الخطيب ذكرا
وفي الخطبتين يحث الناس على التوبة وفعل الخير من صوم وصلاة وصدقة وعتق لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم . ولا ما روي عن أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : " لقد أمر النبي صلى الله عليه و سلم بالعتاقة ( العتاقة والإعتاق بمعنى واحد ) في كسوف الشمس " ( البخاري ج 1 / كتاب الكسوف باب 11 / 1006 )
فواتها : تفوت صلاة الكسوف بأحد أمرين :
( 1 ) بانجلاء قرض الشمس جميعه يقينا لحديث جابر رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( فإذا رأيتم شيئا من ذلك فصلوا حتى تنجلي ) ( مسلم ج 2 / كتاب الكسوف باب 3 / 10 ) فلو انجلى بعضه وبقي لم تفت وكذا لو شك بالانجلاء ( كما في حال وجود سحاب كثيف ) فتصلى . ولو حصل الانجلاء أثناء الصلاة أتمها
( 2 ) بغروب الشمس كاسفة فليس له أن يشرع في الصلاة إذا حان الغروب أما إذا كان في الصلاة وغربت الشمس وهي كاسفة فيتمها
وتفوت صلاة خسوف القمر بانجلائه جميعه يقينا أو بطلوع الشمس أما طلوع الفجر أو غروب القمر مخسوفا فلا يفوتها
وتسن صلاة ركعتين عند الفزع من الزلازل والصواعق ونحو ذلك من الآيات لكن لا تسن بها الجماعة لأن هذه الآيات كانت أيام النبي صلى الله عليه و سلم ولم ينقل عنه أنه صلى منها جماعة غير الكسوف


3 - صلاة الاستسقاء :
الاستسقاء لغة : طلب السقيا
وشرعا : سؤال الله تعالى أن يسقي عباده عند حاجتهم
والأصل في مشروعيته ما روى البخاري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن رجلا دخل يوم الجمعة من باب كان وجاه المنبر ورسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يخطب فاستقبل رسول الله صلى الله عليه و سلم قائما فقال : يا رسول الله هلكت المواشي وانقطعت السبل فادع الله يغيثنا . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه فقال : ( اللهم اسقنا ) - ثلاثا - قال أنس : ولا والله ما نرى في السماء من سحاب ولا قزعة ولا شيئا وما بيننا وبين سلع من بيت ولا دار قال : فطلعت من ورائه سحابة مثل الترس فلما توسطت السماء انتشرت ثم أمطرت قال : والله ما رأينا الشمس ستا ثم دخل رجل من ذلك الباب في الجمعة المقبلة ورسول الله صلى الله عليه و سلم قائم يخطب فاستقبله قائما فقال : يا رسول الله الله هلكت الأموال وانقطعت السبل فادع الله يمسكها . قال : فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه ثم قال : ( اللهم حوالينا ولا علينا اللهم على الآكام والجبال والآجام والظراب والأودية ومنابت الشجر ) قال : فانقطعت وخرجنا نمشي في الشمس . قال شريك : فسألت أنسا : أهو الرجل الأول ؟ قال : لا أدري "
( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 5 / 967 . والقزعة : قطعة من السحاب رقيقة والجمع قزع . وسلع معروف بالمدينة . ومثل الترس : أي مستديرة ولم ير أنها مثله في القدر . والآكام : الهضاب . والآجام : الأجمة : الشجر الكثير الملتف والأجم : الحصن . والظراب : جمع ظرب وهو ما نتأ من الحجارة وحد طرفه أو الجبل المنبسط أو الصغير . )
أنواع الاستسقاء : والاستسقاء أنواع :
أدناها : الدعاء بلا صلاة ولا خلف صلاة فرادى ومجتمعين في مسجد وغيره وأحسنه ما كان من أهل الخير
وأوسطها : الدعاء خلف صلاة الجمعة أو غيرها من الصلوات وفي خطبة الجمعة ونحو ذلك
وأفضلها : الاستسقاء بصلاة ركعتين وخطبتين وتأهب لها قبل ذلك
وحكم صلاة الاستسقاء هذه أنها سنة مؤكدة لتكرر الأحاديث الصحيحة فيها من ذلك ما روى عباد بن تميم عن عمه قال : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج بالناس ليستسقي فصلى بهم ركعتين جهر بالقراءة فيهما وحول رداءه ورفع يديه فدعا واستسقى واستقبل القبلة " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 258 / 1161 ) وتجوز إعادتها أكثر من مرة حتى يسقوا
ويكون التأهب لها بأن يخطب الإمام الناس قبل عدة أيام من الخروج للصلاة فيعظهم ويذكرهم ويأمرهم بالخروج من المظالم والتوبة من المعاصي لما روي عن ابن عباس رضي الله عنهما قال : " ما طفف قوم الميزان إلا أخذهم الله بالسنين " ( البيهقي ج 3 / ص 347 ، والتطفيف : البخس في الميزان والمكيال . والسنين : مفردها سنة وهي القحط والجدب ) وبمصالحة المتشاحنين والصدقة والإقبال على الطاعات لأنه أرجى للإجابة وبصيام ثلاثة أيام ( وهذا الصيام يكون واجبا إذا أمر به الإمام ) قبل موعد الخروج ثم يخرج بهم في اليوم الرابع صائمين لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : " ثلاثة لا ترد دعوتهم : الإمام العادل والصائم حتى يفطر ودعوة المظلوم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 48 / 1752 )
ويستحب لمن يخرج للاستسقاء التنظف بغسل وسواك لأنها صلاة يسن لها الاجتماع والخطبة فشرع لها الغسل والتنظف لكن يستحب ألا يتطيب وألا يخرج في زينة بل يخرج في ثياب بذلة وهي ثياب المهنة وأن يخرج متواضعا خاشعا متذللا متضرعا ما شيا ولا يركب في شيء من طريق ذهابه إلا لعذر كمرض ونحوه . روى ابن عباس رضي الله عنهما قال : " خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم متبذلا متواضعا متضرعا " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 395 / 558 )
ويستحب إخراج البهائم وإيقافها بمعزل عن الناس لعل الله تعالى يرحمها لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم قول : ( خرج نبي من الأنبياء يستسقي فإذا هو بنملة رافعة بعض قوائمها إلى السماء فقال : ارجعوا فقد استجيب لكم من أجل شان النملة ) ( المستدرك ج 1 / ص 325 )
ويكره إخراج الكفار وكراهة خروج الصبيان منهم أخف لأن كفرهم ليس عنادا بخلاف الكبار . فإن خرجوا ( أي الكفار عامة ) لا يمنعون إلا أنه يكره اختلاطهم بالمسلمين
والسنة أن تصلى في الصحراء بلا خلاف لأن النبي صلى الله عليه و سلم صلاها في الصحراء ولأنه يحضرها غالب الناس والصبيان والحيض والبهائم وغيرهم فالصحراء أوسع لهم وأرفق بهم
ولا يؤذن للصلاة ولا يقام بل يستحب أن يقال : الصلاة جامعة كصلاة الكسوف لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : " خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما يستسقي فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا فدعا الله وحول وجهه نحو القبلة رافعا يديه " ( البيهقي ج 3 / ص 347 )
كيفية الصلاة : هي ركعتان كصلاة العيد من حيث الافتتاح والتعوذ والتكبير سبعا زائدة في الأولى وخمسا زائدة في الثانية لما ورد عن طلحة قال : أرسلني مروان إلى ابن عباس أسأله عن سنة الاستسقاء فقال : " سنة الاستسقاء سنة الصلاة في العيدين إلا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قلب رداءه فجعل يمينه على يساره ويساره على يمينه وصلى ركعتين وكبر في الأولى سبع تكبيرات وقرأ سبح اسم ربك الأعلى وقرأ في الثانية هل أتاك حديث الغاشية وكبر فيها خمس تكبيرات " ( الدار قطني ج 2 / ص 66 ) ويرفع يديه في كل مرة ويجهر بالقراءة والأفضل أن يقرأ في الركعتين ما يقرأ في العيد
والسنة أن يخطب الإمام بعد الصلاة خطبتين لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : " خرج النبي صلى الله عليه و سلم يوما يستسقي فصلى ركعتين بلا أذان ولا إقامة ثم خطبنا . . . " ( البيهقي ج 3 / ص 347 ) وخطبتا الاستسقاء كالخطبتين في العيدين في الأركان والسنن لكن يستغفر الله في الخطبتين بدلا عن التكبير فيفتتح الأولى بالاستغفار تسع مرات والثانية بالاستغفار سبعا يقول : " أستغفر الله العظيم الذي لا إله إلا هو الحي القيوم وأتوب إليه " ويختم كلامه بالاستغفار ويكثر منه في الخطبة حتى يكون أكثر كلامه كما يكثر من قوله تعالى : { استغفروا ربكم إنه كان غفارا يرسل السماء عليكم مدرارا ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا } ( نوح : 10 - 12 )
والمستحب أن يدعو في الخطبة الأولى بما شاء من الأدعية والأفضل أن يقول : " اللهم اسقنا غيثا مغيثا مريئا ( مريئا : حميد العاقبة ) مريعا ( مريعا ذا ريع وخصب ) مجللا طبقا ( طبقا : شاملا عاما ) سحا ( سحا : صبا ) دائما . اللهم اسقينا الغيث ولا تجعلنا من القانتين . اللهم إن بالعباد والبلاد من اللأواء ( اللأواء : الشدة ) والجهد والضنك ( الضنك : الضيق ) ما لا نشكو إلا إليك . اللهم أنبت لنا الزرع وأدر لنا الضرع واسقنا من بركات السماء اللهم ارفع عنا الجهد والجوع والعري واكشف عنا ما يكشفه غيرك اللهم إنا نستغفرك إنك كنت غفارا فأرسل السماء علينا مدرارا "
ويستحب في الخطبة الثانية أن يستقبل القبلة ويحول رداءه فيجعل يمينه يساره وينكسه فيجعل أسفله أعلاه ويفعل الناس فعله لما روى عبد الله بن زيد الأنصاري رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم خرج إلى المصلى يصلي وأنه لما دعا أو أراد أن يدعو استقبل القبلة وحول رداءه " ( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 19 / 982 ) ويفعل ذلك - تحويل الرداء - تفاؤلا بتغير الحال إلى الخصب والسعة ) وفي رواية عند أبي داود : " وحول رداءه فجعل عطافه الأيمن على عاتقه الأيسر وجعل عطافه الأيسر على عاتقه الأيمن " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 258 / 1163 )
كما يستحب فيها أن يدعو سرا ليجمع في الدعاء بين الجهر والإسرار ليكون أبلغ . وإذا أسر دعا الناس سرا وإذا جهر أمنوا
ويستحب أن يبالغوا جميعا في الدعاء ويرفعوا أيديهم فيه قال الشافعي : وليكن من دعائهم في هذه الحال : " اللهم أنت أمرتنا بدعائك ووعدتنا إجابتك وقد دعوناك كما أمرتنا فأجبنا كما وعدتنا اللهم امنن علينا بمغفرة ما قارفنا وإجابتك في سقيانا وسعة رزقنا "
ويسن لكل من حضر أن يستشفع سرا بخالص عمله وبأهل الصلاح ولا سيما أقاربه عليه الصلاة و السلام
ويسن أن يدعو عند نزول المطر بقوله : " اللهم اجعله صيبا هنيئا ( ابن ماجة ج 2 / كتاب الدعاء باب 21 / 3890 ، والصيب هو ما سال من المطر ) وسيبا نافعا ( ابن ماجة ج 2 / كتاب الدعاء باب 21 / 3889 ، وسيبا أي مطرا جاريا على وجه الأرض من كثرته ) مطرنا بفضل الله ( البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 27 / 991 ) وله أن يدعو بما شاء
ويقول عند التضرر بكثرة المطر : " اللهم حوالينا ولا علينا " لما ورد في حديث أنس رضي الله عنه المتقدم



4 - صلاة التراويح :
وهي عشرون ركعة بعشر تسليمات في كل ليلة من رمضان وينوي بكل ركعتين التراويح أو قيام رمضان . كما يدعو بدعاء التوجه في ركعتين . وإذا صلى أربعا بتسليمة واحدة لم تصح
ووقتها من صلاة العشاء إلى طلوع الفجر الصادق مثل الوتر . ويندب تقديمها على الوتر وتسن قراءة جزء من القرآن فيها كل يوم كما تسن الجماعة فيها وفي الوتر بعدها
والدليل عليها وعلى سنية صلاتها جماعة ما روي عن عائشة رضي الله عنها : " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم خرج ليلة من جوف اللي - في رمضان - فصلى في المسجد وصلى رجال بصلاته فأصبح الناس فتحدثوا فاجتمع أكثر منهم فصلوا معه فأصبح الناس فتحدثوا فكثر أهل المسجد من الليلة الثالثة فخرج رسول الله صلى الله عليه و سلم فصلى فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الرابعة عجز المسجد عن أهله حتى خرج صلى الله عليه و سلم لصلاة الصبح فلما قضى الفجر أقبل على الناس فتشهد ثم قال : ( أما بعد لم يخف علي مكانكم ولكني خشيت أن تفرض عليكم فتعجزا عنها ) فتوفي رسول الله صلى الله عليه و سلم والأمر على ذلك " ( البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 1 / 1908 ) وبقي الأمر على ما هو عليه في خلافة أبي بكر وصدرا من خلافه عمر رضي الله عنهما ثم جمع عمر رضي الله عنه الرجال لصلاتها وجعل أبي بن كعب رضي الله عنه إماما عليهم ( انظر البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 1 / 1906 ) وجمع النساء كذلك وجعل سليمان بن أبي حثمة إماما لهن . وقال عثمان رضي الله عنه في خلافته : " نور الله قبر عمر كما نور مساجدنا " مشيرا إلى فعله هذا
والدليل على أنها عشرون ما روي عن السائب بن يزيد الصحابي رضي الله عنه قال : " كانوا يقومون على عهد عمر بن الخطاب رضي الله عنه في شهر رمضان بعشرين ركعة قال : وكانوا يقرؤون بالمئين وكانوا يتوكؤون على عصيهم في عهد عثمان بن عفان رضي الله عنه من شدة القيام " ( البيهقي ج 2 / ص 496 . والمئون : سور القرآن التي تزيد آياتها على مائة أو تقاربها )


ثانيا : ما لا تسن فيه الجماعة :

وهو كثير منه :

1 - صلاة الضحى : حكمها سنة مؤكدة ودليها ما روي عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : " أوصاني حبيبي صلى الله عليه و سلم بثلاث لن أدعهن ما عشت : بصيام ثلاثة أيام من كل شهر وصلاة الضحى وبأن لا أنام حتى أوتر " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 86 )
ووقتها : من ارتفاع الشمس في السماء قد رمح إلى الزوال ووقتها المختار إذا مضى ربع النهار لحديث زيد بن أرقم رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( صلاة الأوابين حين ترمض الفصال ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 19 / 143 ، والرمضاء : الرمل الذي اشتدت حرارته من الشم أي حين تبرك الفصلان من شدة الحر في أخفافها . والفصال : هي الصغار من أولاد الإبل . )
وأقلها ركعتان وأدنى الكمال أربع وأفضلها ثمان . لثلاث روايات وردت في صحيح مسلم إحداها عن أبي ذر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( يصبح على كل سلامى من أحدكم صدقة . . . ويجزئ من ذلك ركعتان يركعهما من الضحى ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 84 . والسلامى : أصله عظام الأصابع وسائر الكف ثم استعمل في جميع عظام البدن ) والثانية عن عائشة رضي الله عنها قالت : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي الضحى أربعا ويزيد ما شاء الله ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 79 ) والثالثة عن أم هانئ رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل بيتها يوم فتح مكة فصلى ثماني ركعات " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 13 / 80 )
ويسلم من كل ركعتين لما روت أم هانئ رضي الله عنها " أن النبي صلى الله عليه و سلم يوم الفتح صلى سبحة الضحى ثماني ركعات يسلم من كل ركعتين " 0 أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب / 301 / 1290 )
ويستبح فيها قراءة سورتي الكافرون والإخلاص ثم سورتي الشمس والضحى

2 - صلاة الأوابين : والأوابون هم الراجعون إلى الله تعالى . عن أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من صلى بعد المغرب ست ركعات لم يتكلم بينهن بسوء عدلن له بعبادة ثنتي عشرة سنة ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 113 / 1167 )
وتسمى كذلك صلاة الغفلة وذلك لغفلة الناس عنها بعشاء أو نحوه وأقلا ركعتان وغالبها ست ركعات وأكثرها عشرون

3 - ركعتا تحية المسجد : ودليلهما ما روي عن أبي قتادة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا دخل أحدكم المسجد فلا يجلس حتى يركع ركعتين ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 11 / 70 ) ويجوز أن يصليها أكثر من ركعتين لكن بتسليمة واحدة ويكره أن يجلس من غير تحية المسجد الحرام فهي الطواف . وشرط التحية ألا تشغله عن الجماعة بل ويكره له فعلها إذا وجد المكتوبة تقام لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( إذا أقيمت الصلاة فلا صلاة إلا المكتوبة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 9 / 63 ) ويحصله ثواب التحية في هذه الحال لأنها تحصل بجمعها مع غيرها نافلة كانت أو فريضة ( لكنها لا تحصل بصلاة الجنازة ولا بسجدتي التلاوة والشكر ) ولو لم ينو التحية
ولا تسن التحية للخطيب إذا دخل للخطبة في غير المسجد الحرام أما في المسجد الحرام فعليه التحية بالطواف
ويكره دخول المسجد في وقت الحرمة بنية تحية المسجد
فواتها : تفوت بالجلوس عامدا أو ناسيا إن طال الفصل ولا تقضى . أما إن جلس ناسيا أو جاهلا وقصر الفصل فلا تفوت لما روي عن جابر رضي الله عنه قال : " جاء سليك الغطفاني يوم الجمعة ورسول الله صلى الله عليه و سلم قاعد على المنبر فقعد سليك قبل أن يصلي . فقال له النبي صلى الله عليه و سلم ( أركعت ركعتين ؟ ) قال : لا قال : ( قم فاركعهما ) " مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 14 / 58 )

4 - ركعتا سنة الوضوء ولو مجددا وتسن ركعتان أيضا بعد الغسل وبعد التيمم حتى في أوقات النهي لأن هذه الصلاة ذات سبب متقدم وهو الوضوء . عن أبو هريرة رضي الله عنه : ( أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لبلال رضي الله عنه عند صلاة الفجر : ( يا بلال حدثني بأرجى عمل عملته في الإسلام فإني سمعت دف نعليك بين يدي الجنة ) قال : ما عملت عملا أرجى عندي : أني لم أتطهر طهورا في ساعة ليل أو نهار إلا صليت بذلك الطهور ما كتب لي أن أصلي " ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 17 / 1098 . والدف : الحركة الخفيفة والسير اللين )


5 - صلاة التسابيح : وهي أربع ركعات يسبح فيها ثلاثمائة مرة . ومن أجل هذا سميت كذلك
أما كيفيتها فمبسوطة فيما رواه ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال للعباس ابن عبد المطلب رضي الله عنه : ( يا عباس يا عماه ألا أعطيك ألا أمنحك ألا أحبوك ألا أفعل بك عشر خصال إذا أنت فعلت ذلك غفر الله لك ذنبك أوله وآخره قديمه وحديثه خطأه وعمده صغيره وكبيره سره وعلانيته عشر خصال : أن تصلي أربع ركعات تقرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وسورة فإذا فرغت من القراءة في أول ركعة وأنت قائم قلت : سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر خمس عشر مرة ثم تركع فتقولها وأنت راكع عشرا ثم ترفع رأسك من الركوع فتقولها عشرا ثم تهوي ساجدا فتقولها وأنت ساجد عشرا ثم ترفع رأسك من السجود فتقولها عشرا ثم تسجد فتقولها عشرا ثم ترفع رأسك فتقولها عشرا فذلك خمس وسبعون في كل ركعة تفعل ذلك في أربع ركعات . إن استطعت أن تصليها في كل يوم مرة فافعل فإن لم تفعل ففي كل جمعة مرة فإن لم تفعل ففي كل شهر مرة فإن لم تفعل ففي كل سنة مرة فإن لم تفعل ففي عمرك مرة ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 303 / 1297 )
قال التاج السبكي : " لا يسمع بعظيم فضلها ويتركها إلا متهاون في الدين "


6 - ركعتا الإحرام : بحج أو عمرة ويفعلهما قبله ودليهما ما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يركع بذي الحليفة ركعتين " ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 3 / 12 )

7 - ركعتا الطواف : ووقتهما بعد الطواف ودليلهما ما روي عن جابر رضي الله عنه قوله في حديث طويل في صفة حجه صلى الله عليه و سلم " . . . ثم نفذ إلى مقام إبراهيم عليه السلام فقرأ : { واتخذوا من مقام إبراهيم مصلى . . . } ( مسلم ج 2 / كتاب الحج باب 19 / 147 ) فهذا إشارة إلى أن صلاته بعد الطواف امتثال لهذا الأمر . وقد كان صلى الله عليه و سلم يواظب عليهما


8 - صلاة الاستخارة : وهي سنة لمن أراد أمرا من الأمور فيصلي ركعتين بنية الاستخارة ثم يدعو بما ورد في حديث جابر رضي الله عنه قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يعلمنا الاستخارة في الأمور كما يعلمنا السورة من القرآن يقول : ( إذا هم أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل : اللهم إني أستخيرك بعلمك وأستقدرك بقدرتك وأسألك من فضلك العظيم فإنك تقدر ولا أقدر وتعلم ولا أعلم وأنت علام الغيوب اللهم إن كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال عاجل أمري وآجله فاقدره لي ويسره لي ثم بارك لي فيه وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة أمري أو قال في عاجل أمري وآجله فاصرفه عني واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان ثم أرضني به . قال : ويسمي حاجته ) " ( البخاري ج 1 / أبواب التطوع باب 1 / 1109 )
ويستحب له أن يقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة بسورة الكافرون وفي الثانية بسورة الإخلاص ثم ينهض بعد الاستخارة لما ينشرح له صدره فإن لم ينشرح صدره لشيء أعادها حتى ينشرح وقيل يعيدها إلى سبع مرات فإن لم يتبين له شيء سلك سبيل ذلك الأمر فتيسيره علامة للخير فيه


9 - صلاة الحاجة :
عن عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من كانت له إلى الله حاجة أو إلى أحد من بين آدم فليتوضأ فليحسن الوضوء ثم ليصل ركعتين ثم ليثن على الله وليصل على النبي ث ثم ليقل : لا إله إلا الله الحليم الكريم سبحان الله رب العرش العظيم الحمد لله رب العالمين أسألك موجبات رحمتك وعزائم مغفرتك والغنيمة من كل بر والسلامة من كل إثم لا تدع لي ذنبا إلا غفرته ولا هما إلا فرجته ولا حاجة هي لك رضا إلا قضيتها يا أرحم الراحمين ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 348 / 849 )


10 - ركعتان عند السفر في بيته لما روي عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال : " جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله إني أريد أن أخرج إلى البحرين في تجارة فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( صل ركعتين ) " ( مجمع الزوائد ج 2 / ص 283 رواه الطبراني في الكبير )


11 - ركعتان عند القدوم من السفر لما روي عن كعب بن مالك رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان لا يقدم من سفر إلا نهارا في الضحى فإذا قدم بدأ بالمسجد فصلى فيه ركعتين ثم جلس فيه " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 12 / 74 )


12 - صلاة التطوع : وهو النفل المطلق غير المقيد بوقت ولا سبب . ولا حصر له ولا لعدد ركعات الواحدة منه وله أن ينوي عددا وله ألا ينويه بل يقتصر على نية الصلاة . فإذا شرع في تطوع ولم ينو عددا فله أن يسلم من ركعة وله أن يزيد فيجعلها ركعتين أو ثلاثا أو عشرا أو ألفا أو غير ذلك وله أن ينقص عما أحرم به بشرط تغير النية قبل الزيادة والنقص . ولو صلى عددا لا يعلمه ثم سلم صح
ثم إن تطوع بركعة فلا بد من التشهد عقبها وإن زاد عليها ولو ألفا بإحرام واحد وسلام فله أن يقتصر على تشهد واحد في آخر الصلاة وهذا لا بد منه على كل حال أو أن يتشهد في الأخيرة وما قبلها فقط أو يتشهد في كل ركعتين أو في كل أربع أو ثلاث أو ست أو غير ذلك . عن عائشة رضي الله عنها " ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي من الليل ثلاث عشرة ركعة يوتر من ذلك بخمس لا يجلس في شيء إلا في آخرها " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 17 / 123 ) وفي رواية عنها " ويصلي تسع ركعات لا يجلس فيها إلا في الثامنة فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم ينهض ولا يسلم ثم يقوم فيصلي التاسعة ثم يقعد فيذكر الله ويحمده ويدعوه ثم يسلم تسليما يسمعنا ثم يصلي ركعتين بعدما يسلم . . . " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 18 / 139 )
والأفضل أن يسلم في كل ركعتين في نوفل الليل والنهار لما روى ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( صلاة الليل والنهار مثنى مثنى ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 302 / 1295 )
والتطوع بالليل أفضل منه بالنهار وأفضله التهجد ( وأصل التهجد الصلاة في الليل بعد النوم ) لقوله تعالى في وصف المؤمنين : { كانوا قليلا من الليل ما يهجعون } ( الذاريات : 17 ) ولأنها تفعل في وقت غفلة الناس وتركهم الطاعات ولأن الصلاة بعد النوم أشق
وقد وردت أحاديث كثيرة في الحث عليها منها حديث أبو هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( أفضل الصلاة بعد الفريضة صلاة الليل ) ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 324 / 438 )
ومنها ما روى جابر رضي الله عنه قال : سمعت النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( إن في الليل لساعة لا يوافقها رجل مسلم يسال الله خيرا من أمر الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه وذلك كل ليلة ) ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 23 / 166 ) وعن أبي أمامة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين وهو قربة إلى ربكم ومكفرة للسيئات ومنهاة للإثم ) ( الترمذي ج 5 / كتاب الدعوات باب 102 / 3549 )
وصلاة الليل سنة مؤكدة وأفضلها ما كان وسط الليل لمن قسم الليل أثلاثا ( وكل ما كان بعد العشاء فهو من الليل ولو كان العشاء مجموعا جمع تقديم ) لما روى عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( وأحب الصلاة إلى الله صلاة داود كان ينام نصف الليل ويصلي ثلثه وينام سدسه ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 31 / 1712 وإسناده ضعيف لكن يعمل به لأن في فضائل الأعمال ) وتكون صلاة الليل إما نفلا مطلقا أو وترا أو قضاء أو نذرا
ما يسن للمتهجد :
- 1 - القيلولة : وهي النوم أو الراحة قبل الزوال لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( استعينوا بطعام السحر على صيام النهار وبالقيلولة على قيام الليل ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الصيام باب 22 / 1693 )
- 2 - ينبغي له أن ينوي عند نومه قيام الليل نية جازمة ليحوز ما في حديث أبي الدرداء رضي الله عنه يبلغ به النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( من أتى فراشه وهو ينوي أن يقوم يصلي من الليل فغلبته عيناه حتى أصبح كتب له م نوى وكان نومه صدقة عليه من ربه عز و جل ) ( النسائي ج 3 / ص 258 )
- 3 - أن يمسح النوم عن وجهه عند اليقظة وأن يتسوك وينظر في السماء وأن يقرا الآيات التي في آخر آل عمران : { إن في خلق السموات والأرض . . . } ( آل عمران : 190 ) لما روى ابن عباس رضي الله عنهما أنه بات - وهو صغير - عند ميمونة خالته وفيه : " فنام - يعني رسول الله صلى الله عليه و سلم - حتى انتصف الليل أو قريبا منه فاستيقظ يمسح النوم عن وجهه ثم قرأ عشر آيات من آل عمران " ( البخاري ج 1 / كتاب الوتر باب 1 / 947 )
- 4 - يستحب أن يوقظ أهله وامرأته إذا استيقظ لقيام الليل والمرأة كذلك لحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم ( رحم الله رجلا قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فإن أبت نضح في وجهها الماء . رحم الله امرأة قامت من الليل فصلة وأيقظت زوجها فإن أبى نضحت فيوجهه الماء ) ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 307 / 1308 ) كما يستحب ذلك لغيرهما أيضا
- 5 - أن يفتتح تهجده بركعتين خفيفتين لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : " كان صلى الله عليه و سلم إذا قام من الليل ليصلي افتتح صلاته بركعتين خفيفتين " ( مسلم ج 1 / كتاب صلاة المسافرين وقصرها باب 26 / 197 )
- 6 - أما القراءة فله أن يجهر بها وله أن يخفض وله أن يتوسط للأحاديث الواردة في ذلك كله ومنها : حديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : " كانت قراءة النبي صلى الله عليه و سلم بالليل يرفع طورا ويخفض طورا " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 315 / 1328 ) وحديث أبي قتادة رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم قال لأبي بكر رضي الله عنه : ( يا أبا بكر مررت بك وأنت تصلي تخفض صوتك ) قال : قد أسمعت من ناجيت يا رسول الله قال : وقال لعمر رضي الله عنه : ( مررت بك وأنت تصلي رافعا صوتك ) قال فقال : يا رسول الله أوقظ الوسنان وأطرد الشيطان . فقال النبي صلى الله عليه و سلم ( يا أبا بكر ارفع من صوتك شيئا ) وقال لعمر : ( اخفض من صوتك شيئا ) " ( أبو داود ج 2 / كتاب الصلاة باب 315 / 1329 )
- 7 - أن يكثر من الدعاء والاستغفار لقوله تعالى { وبالأسحار هم يستغفرون } ( الذاريات : 18 )
- 8 - أن يترك الصلاة إذا نعس فيها ويرقد حتى يذهب عنه النوم لحديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا نعس أحدكم وهو يصلي فليرقد حتى يذهب عنه النوم فإن أحدكم إذا صلى وهو ناعس لا يدري لعله يستغفر فيسب نفسه ) ( البخاري ج 1 / كتاب الوضوء باب 52 / 209 )
ما يكره للمتهجد :
- 1 - ترك تهجد اعتاده أو نقصه لحديث عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : يا عبد الله لا تكن مثل فلان كان يقوم الليل فترك قيام الليل ) ( البخاري ج 1 / كتاب التهجد باب 19 / 1101 )
لذا يستحب ألا يعتاد من قيام الليل إلا قدرا يغلب على ظنه بقرائن حاله أنه يمكن الدوام عليه مدة حياته لحديث عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه و سلم قالت : " كان عمله ديمة " ( البخاري ج 2 / كتاب الصوم باب 63 / 1886 . ديمة : أي دائما )
- 2 - أن يقوم كل الليل دائما لقول الرسول صلى الله عليه و سلم : ( أما والله إني لأخشاكم لله وأتقاكم له لكني أصوم وأفطر وأصلي وأرقد وأتزوج النساء فمن رغب عن سنتي فليس مني ) ( في حديث رواه البخاري ج 5 / كتاب النكاح باب 1 / 4776 عن أنس رضي الله عنه ) ولأنه يضر بالعين وسائر البدن ولو استوفى في النهار ما فاته في الليل لضيع كثيرا من مصالح دينه ودنياه
أما بعض الليالي فلا يكره إحياؤها كلها لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كان النبي صلى الله عليه و سلم إذا دخل العشر شد مئزره وأحيا ليله وأيقظ أهله " ( البخاري ج 2 / كتاب صلاة التراويح باب 6 / 1920 ، وشد مئزره : قد يراد بهذا الجد في العبادة كما يقال : شددت لهذا الأمر مئزري أي تشمرت له وقد يراد به اعتزال النساء )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 02-25-2013
  #28
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الباب السادس : صلاة الجماعة
معنى الجماعة فضل صلاة الجماعة حكمها :
معنى الجماعة
- لغة : الطائفة
شرعا : ربط صلاة المأموم بصلاة الإمام
فضل صلاة الجماعة :
- عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( صلاة الجماعة تفضل صلاة الفذ ( 1 ) بسبع وعشرين درجة ) وفي رواية : ( بخمس وعشرين درجة ) ( 2 )
_________
( 1 ) المنفرد
( 2 ) البخاري ج ا / كتاب الجماعة والإمامة باب 2 / 619




حكمها :
- 1 - هي فرض كفاية على الرجال الأحرار المقيمين ساتري العورة غير المعذورين في أداء المكتوبة . عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال : سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( ما من ثلاثة في قرية ولا بدو لا تقام فيهم الصلاة إلا قد استحوذ عليهم الشيطان فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية ( 1 ) ) . وقوله : ( لا تقام فيهم الصلاة ) دليل على أنها فرض كفاية ولو كانت فرض عين لقال : لا يقيمون
ويشترط ظهور شعار الإسلام في إقامتها بمحل في القرية الصغيرة أو بمحال في القرية الكبيرة والمدينة فلو أقاموها في البيوت ولم يظهر الشعار لم يسقط فرض الكفاية عنهم ولو امتنعوا عن إظهارها في الناس قوتلوا عليها
- 2 - وهى سنة مؤكدة في التراويح وفي وتر رمضان والعيدين والكسوفين والاستسقاء
- 3 - وهي سنة كذلك في المقضية التي يتفق الإمام والمأموم فيها بأن يفوتهما فرض من جنس واحد لما روى أبو هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم حين قفل من غزوة خيبر سار ليلة حتى إذا أدركه الكرى عرس ( 2 ) . . . وفيه : فلم يستيقظ رسول الله صلى الله عليه و سلم ولا بلال ولا أحد من أصحابه حتى ضربتهم الشمس فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم أولهم استيقاظا ففزع رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( أي بلال ) . فقال بلال : أخذ بنفسي الذي أخذ - بأبي أنت وأمي يا رسول الله - بنفسك قال : ( اقتادوا ) . فاقتادوا رواحلهم شيئا ثم توضأ رسول الله صلى الله عليه و سلم وأمر بلالا فأقام الصلاة فصلى بهم الصبح فلما قضى الصلاة قال : ( من نسي الصلاة فليصلها إذا ذكرها فإن الله قال : { أقم الصلاة لذكري } " ( 3 ) )
- 4 - كما تسن للنساء غير المشتهيات إن أذن الزوج - وهو مستحب له إن أمن المفسدة عليهن وعلى غيرهن - على ألا يلبسن فاخر الثياب ولا يطيبن إذا حضرنها في المسجد مع الرجال لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا تمنعوا إماء الله مساجد الله ولكن ليخرجن وهن تفلات ( 4 ) ) . وهى غير متأكدة في حقهن كتأكدها في حق الرجال وجماعتهن في البيوت أفضل لما روى ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لا تمنعوا نساءكم المساجد وبيوتهن خير لهن ( 5 ) )
والدليل على استحباب الجماعة لهن حديث أم ورقة رضي الله عنها " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يزورها في بيتها . . . . . وأمرها أن تؤم أهل دارها " ( 6 ) . وما روت ريطة الحنفية قالت : " أمتنا عائشة فقامت بيننا في الصلاة المكتوبة " ( 7 ) . وما روت حجيرة قالت : " أمتنا أم سلمة في صلاة العصر فقامت بيننا " ( 8 )
- 5 - وهي مكروهة للنساء ذوات الهيئات في المسجد خوف الفتنة ويقاس جمالهن على الطيب بجامع تحريكهما لداع الشهوة عند الرجل . عن عائشة رضي الله عنها قالت : " لو أدرك رسول الله صلى الله عليه و سلم ما أحدث النساء لمنعهن كما منعت نساء بنى إسرائيل " ( 9 )
- 6 - أما الجماعة في الرواتب والضحى ووتر غير رمضان فغير مسنونة وكل نفل لا تسن فيه الجماعة فأداؤه في البيت أفضل لما روي عن زيد بن ثابت رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( صلوا أيها الناس في بيوتكم فإن أفضل الصلاة صلاة المرء في بيته إلا المكتوبة ) ( 10 )
_________
( 1 ) النسائي ج 2 / ص 106 ، والقاصية : الشاة البعيدة عن الغنم المنفردة عنها
( 2 ) نزل آخر الليل للنوم والاستراحة
( 3 ) مسلم ج ا / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 55 / 309
( 4 ) أبو داود ج ا / كتاب الصلاة باب 53 / 565 ، وتفلات : تاركات الطيب
( 5 ) أبو داود ج ا / كتاب الصلاة باب 53 / 567
( 6 ) أبو داود ج ا / كتاب الصلاة باب 62 / 592
( 7 ) و ( 8 ) الدارقطني ج ا / ص 404 - 405
( 9 ) البخاري ج ا / كتاب صفة الصلاة باب 79 / 831
( 10 ) البخاري ج ا / كتاب الجماعة والإمامة باب 52 / 698










تحققها :
- تتحقق باثنين فأكثر لما روي عن مالك بن الحويرث رضي الله عنه قال : " أتيت النبي صلى الله عليه و سلم أنا وصاحب لي فلما أردنا الإقفال من عنده قال لنا : ( إذا حضرت الصلاة فأذنا ثم أقيما وليؤمكما أكبركما ) ( 1 ) "
وتحصل الفضيلة بصلاة الرجل في بيته مع زوجته ونحوها وسواء قل الجمع أو كثر لكن يفضل الجمع الكثير إلا في حالات سنذكرها لما روى أبى بن كعب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( صلاة الرجل مع الرجل أزكى من صلاته وحده وصلاته مع الرجلين أزكى من صلاته مع الرجل وما كثر فهو أحب إلى الله تعالى ) ( 2 )
وتفضل الصلاة المكتوبة في المسجد عليها في البيت أو في غير المسجد لما روى أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من تطهر في بيته ثم مشى إلى بيت من بيوت الله ليقضى فريضة من فرائض الله كانت خطوتاه إحداهما تحط خطيئة والأخرى ترفع درجة ( 3 ) ) . ولأن المسجد أكثر جمعا . والصلاة في المساجد التي يكثر فيها الناس أفضل لحديث أبي بن كعب رضي الله عنه المتقدم
أما الحالات التي يفضل فيها الجمع القليل على الكثير فهي :
- 1 - إذا كان إمام الكثرة مبتدعا كمعتزلي أو فاسقا لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : خطبنا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( ألا لا تؤمن امرأة رجلا ولا يؤم أعرابي مهاجرا ولا يؤم فاجر مؤمن ( 4 ) ) . أو كان الإمام معتقدا ندب بعض الواجبات كحنفي إماما لشافعي
- 2 - إذا كان إمام الجمع القليل يبادر إلى الصلاة في وقت الفضيلة وغيره بخلافه
- 3 - إذا كان إمام الجمع القليل ليس في أرضه شبهة كثير الجمع بخلافه
- 4 - إذا كان الذهاب إلى الجمع الكثير يعطل الجماعة في المسجد القريب
أما إذا لم يجد إلا جماعة واحدة إمامها مبتدع أو نحوه فليصل خلفه لأن هذا أفضل من الانفراد لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : ( الصلاة المكتوبة واجبة خلف كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر ( 5 ) )
_________
( 1 ) مسلم ج ا / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 53 / 293
( 2 ) أبو داود ج ا / كتاب الصلاة باب 48 / 554
( 3 ) مسلم ج ا / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 51 / 282
( 4 ) أبن ماجه ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 78 / 1081
( 5 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 64 / 594





إدراك فضيلة الجماعة :
- يدرك المأموم الجماعة ما لم يسلم الإمام التسليمة الأولى ( 1 ) أما إن أدركه وقد شرع فيها فتنعقد صلاة المأموم منفردا . ومعنى الإدراك أن يحصل له فضلها
وتدرك فضيلة التحريم بالاشتغال به عقب تحرم الإمام مع حضور تكبيرة الإمام لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إنما الإمام ليؤتم به فلا تختلفوا عليه فإذا كبر فكبروا . . . ) ( 2 ) فالفاء تدل على وجوب التعقيب فإذا أبطأ ولو لمصلحة الصلاة كالتطهر ولم يحضر تكبيرة إحرام الإمام فاتته فضيلتها
_________
( 1 ) هذا في غير الجمعة أما الجمعة فلا تدرك جماعتها ولا تثبت جمعة إلا بركعة كاملة لأن الجماعة شرط لصحة صلاتها
( 2 ) مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 19 / 86



شروط صحة الجماعة :
أولا - شروط يجب توفرها في الإمام لتصح القدوة به :
- 1 - أن تكون صلاة الإمام صحيحة في اعتقاد المأموم فإن علم بطلان صلاة الإمام ( 1 ) قبل الصلاة امتنع عليه الاقتداء أو أثناءها وجبت عليه نية المفارقة فإن لم يفعل بطلت صلاته لأنه ربطها بصلاة باطلة أما إذا لم يظهر له حال إمامه إلا بعد انتهاء الصلاة فصلاته صحيحة ولا تلزمه الإعادة وهو مدرك فضل الجماعة لأن عمر رضى الله عنه صلى بالناس وهو جنب فأعاد ولم يأمرهم أن يعيدوا ( 2 ) . أما من علم بحال إمامه ثم نسي واقتدى وتذكر بعد الفراغ فتجب عليه الإعادة إذ لا عذر بالنسيان . وكذلك إذا ظن كل من اثنين بطلان صلاة الآخر كأن اختلف اجتهادهما في القبلة أو طهارة الماء أو الثوب أو المكان فعندئذ كل منهما كما يعتقد بطلان صلاة الآخر فلا يصح اقتداء أحدهما بالآخر
- 2 - أن تكون صلاة الإمام صحيحة في مذهب المأموم فإذا كان الإمام حنفيا وعلم المأموم أن إمامه ترك فرضا في الوضوء وهو النية أو الترتيب مثلا فصلاة الإمام غير صحيحة في نظره فلا يصح الاقتداء به ( 3 )
- 3 - ألا تكون صلاة الإمام واجبة الإعادة كمتيمم في محل يغلب فيه وجود الماء أو متيمم لبرد إذا كان المأموم متوضئا
- 4 - ألا يكون الإمام مقتديا بإمام آخر ولا مشكوكا في اقتدائه بغيره لأنه في هذه الحال تابع فلا يصح أن يكون متبوعا في الوقت نفسه مثاله ما لو نوى الاقتداء بمأموم أو اقتدى به وظنه إماما بأن رأى رجلين يصليان وقد خالفا الوقوف المسنون فوقف المأموم عن يسار الإمام فاقتدى به وقد ظنه منفردا فصلاته باطلة . أما إذا دخل فوجد مصليا فاقتدى به وكان هذا المصلى مأموما مسبوقا انتهى إمامه قبله فتصح صلاته ويدرك فضل الجماعة علم ذلك أثناء الصلاة أم بعدها أم لم يعلم
- 5 - ألا يكون الإمام أميا إلا إذا كان المقتدي مثله والأمي هو الذي لا يحسن الفاتحة بكمالها سواء كان لا يحفظها أو يحفظها كلها إلا حرفا أو يخفف مشددا لرخاوة في لسانه أو غير ذلك وسواء كان ذلك لخرس أو غيره وكذلك لا تصح الصلاة خلف الأرت ( 4 ) ولا خلف الألثغ ( 5 ) وتصح إمامتهما لأمثالهما إن اتفق الحرف المعجوز عنه ( 6 ) . أما إذا كان الإخلال في غير الفاتحة فتصح القدوة
- 6 - ألا يكون الإمام أدنى من المأموم بالأنوثة والذكورة فلا يصح اقتداء الرجل بامرأة أو بخنثى ولا اقتداء الخنثى بامرأة ولا اقتداء الخنثى بالخنثى ( 7 ) وتصح قدوة رجل برجل وامرأة بخنثى وامرأة بامرأة
_________
( 1 ) كأن كان محدثأ حدثا أصغر أو أكبر أو كانت عليه نجاسة خفية أو تعمد اللحن لحنا يغير المعنى في الفاتحة أو غيرها أو سبق لسانه ولم يعد القراءة على الصواب في الفاتحة أو أمكنه التعلم ولم يتعلم وعلم التحريم
( 2 ) البيهقي ج 2 / ص 400
( 3 ) نية الوضوء والترتيب فيه سنة عند الحنفية وفرض عند الشافعية لذا يكون على الإمام أن يراعى ذلك ولا يهملهما في وضوئه
( 4 ) وهو من يدغم حرفا في حرف في غير موضع الإدغام
( 5 ) وهو من يبدل حرفا بحرف كالراء بالغين والشين والسين بالثاء وغير ذلك
( 6 ) كأن عجز الألثغ والمؤتم به مثلا عن راء الصراط فأبدلها أحدهما غينا والآخر لاما فتصح قدوة أحدهما بالآخر أما لو عجز أحدهما عن الراء والآخر عن السين فلا تصح إمامة أحدهما للآخر
( 7 ) لأنه لا يدرى أيهما الرجل وأيهما المرأة




ثانيا - شروط تطلب من المأموم لتصح قدوته :

- 1 - ألا يتقدم على إمامه بعقبه في حال القيام أو ألييه إن صلى قاعدا أو بجنبه إن صلى مضطجعا أو برأسه إن صلى مستلقيا وإن تقدم بطلت صلاته إلا في صلاة شدة الخوف فإن الجماعة فيها صحيحة وإن تقدم المأموم على الإمام بل هي أفضل من الانفراد وكذا عند الكعبة فلو استداروا حولها لم يضر كون أحدهم أقرب إلى الكعبة من الإمام إذا كان في غير جهته
أما إن ساوى المأموم إمامه فالصلاة صحيحة إلا أن ذلك مكروه ومفوت لفضيلة الجماعة ( 1 ) كما لو قارنه في شيء من أقوال الصلاة وأفعالها التي يطلب فيها عدم المقارنة لحديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم ( . . . فإذا كبر فكبروا وإذا ركع فاركعوا وإذا قال سمع الله لمن حمده فقولوا اللهم ربنا لك الحمد . . . ) ( 2 ) فالفاء فيه دالة على التعقيب لا على المقارنة
ويندب تأخر المأموم عن إمامه في الموقف بقدر ثلاثة أذرع فأقل فإن زاد على ثلاثة أذرع فاتته فضيلة الجماعة عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم رأى في أصحابه تأخرا فقال لهم : ( تقدموا فائتموا بي وليأتم بكم من بعدكم لا يزال قوم يتأخرون حتى يؤخرهم الله ) ( 3 )
والسنة أن يقف المأموم الواحد عن يمين الإمام رجلا كان أو صبيا ويستحب أن يتأخر قليلا عن مساواة الإمام فإن خالف ووقف يساره أو خلفه استحب له أن يتحول إلى يمينه محترزا من أفعال تبطل الصلاة فإن لم يتحول استحب للإمام أن يحوله لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " نمت عند ميمونة - خالته - والنبي صلى الله عليه و سلم عندها تلك الليلة فتوضأ ثم قام يصلى فقمت عن يساره فأخذني فجعلني عن يمينه " ( 4 ) . فإذا استقر على اليسار أو خلفه كره وصحت صلاته
فإذا حضر مأمومان تقدم الإمام واصطفا خلفه سواء كانا رجلين أو صبيين أو رجلا وصبيا أو تأخرا هما عن الإمام وهو أفضل لأن النبي صلى الله عليه و سلم لما صلى في بيت مليكة جدة أنس رضي الله عنه صف أنس رضي الله عنه واليتيم وراءه والعجوز من ورائهما ( 5 )
وإن حضر ذكران منذ البداية صفا خلفه لما روى الترمذي عن سمرة بن جندب رضي الله عنه قال : " أمرنا رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا كنا ثلاثة أن يتقدمنا أحدنا " ( 6 ) . وكذا المرأة أو النسوة تقف خلفه وخلف الرجال جميعا عن أنس رضي الله عنه " أن النبي صلى الله عليه و سلم صلى به وبأمه أو خالته قال : فأقامني عن يمينه وأقام المرأة خلفنا " ( 7 )
والأفضل في حال اجتماع رجال وصبيان ونساء أن يقف الرجال خلفه ثم الصبيان إن لم يسبقوا إلى الصف الأول ثم النساء . ويسن عدم وقوف الصبي خلف الإمام مباشرة وإن سبق إلى الصف بل تجب إزاحته لحديث أبي مسعود رضي الله عنه " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : ( استووا ولا تختلفوا فتختلف قلوبكم ليلنى منكم أولو الأحلام والنهي ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم ) " ( 8 ) . ولأن الإمام قد يضطر إلى ترك الصلاة فيقدم من خلفه . إلا أن يكون الصبي أعلم القوم أو أقرأهم فليس لأحد تنحينه عن محله الذي سبق إليه بل هو أولى من الجاهل وإن كان أسن
أما إمامة النساء الخلص فتقف وسطهن لما تقدم من أن عائشة وأم سلمة رضى الله عنهما أمتا نساء فقامتا وسطهن
وإذا وجد الداخل في الصف فرجة أو سعة دخلها وله أن يخرق الصف المتأخر إذا لم يكن فيه فرجة وكانت في صف أمامه لتقصيرهم بتركها فإن لم يجد فرجة أو سعة كره له الوقوف منفردا عن الصف واستحب له أن يجذب بنفسه واحدا من الصف لكن بعد أن يحرم حتى لا يخرجه عن الصف لا إلى صف ويسن للمجذوب الموافقة ليحصل لهذا فضيلة صف وليخرج من خلاف من قال لا تصح صلاة منفرد خلف الصف . ويستأنس فيه أيضا بحديث مقاتل بن حيان مرفوعا قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( إن جاء رجل فلم يجد أحدا فليختلج إليه رجلا من الصف فليقم معه فما أعظم أجر المختلج ) ( 9 )
- 2 - أن يعلم انتقالات إمامه ليتمكن من متابعته وذلك إما بمشاهدة الإمام أو بمشاهدة بعض صف أو بسماع صوت الإمام أو المبلغ لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " كانت لنا حصيرة نبسطها بالنهار ونحتجرها بالليل فصلى فيها رسول الله صلى الله عليه و سلم ذات ليلة فسمع المسلمون قراءته فصلوا بصلاته فلما كانت الليلة الثانية كثروا فاطلع إليهم فقال : ( اكلفوا من الأعمال ما تطيقون فإن الله لا يمل حتى تملوا ) " ( 10 )
- 3 - اجتماع المقتدي مع الإمام في مكان واحد . وفي ذلك تفصيل :
( 1 ) إذا كانا معا في المسجد فتصح الجماعة وإن بعدت المسافة وحالت بينهما أبنية نافذة إلى حيث الإمام وإن ردت أبوابها أو أغلقت ما لم تسمر في الابتداء لأن كل موضع . من المسجد موضع جماعة . أما إن كانت الأبنية غير نافذة بينهما فلا تصح القدوة وإن أمكنت رؤية الإمام والمساجد المتلاصقة المتنافذة التي يؤدي بعضها إلى بعض ( 11 ) تعتبر كالمسجد الواحد
ولا يضر كون أحدهما أعلى من الآخر كأن كان أحدهما في سطح المسجد أو منارته والآخر في سردابه ما علم صلاة الإمام ولم يتقدم عليه لأنه كله مبني للصلاة لكن يكره ارتفاع أحدهما عن الآخر إن أمكن وقوفهما على مستوى واحد لما روى أبو داود عن همام " أن حذيفة أم الناس بالمدائن على دكان فأخذ أبو مسعود بقميصه فجبذه ( 12 ) فلما فرغ من صلاته قال : ألم تعلم أنهم كانوا ينهون عن ذلك ؟ قال ؟ بلى قد ذكرت حين مددتني " ( 13 ) . إلا إن كان ارتفاع أحدهما لحاجة كاستتار النسوة أو التبليغ أو التعليم فلا يكره لما ورد عن النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه سهل بن سعد رضي الله عنه " . . . ثم رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم صلى عليها - أي على أعواد المنبر - وكبر وهو عليها ثم ركع وهو عليها ثم نزل القهقرى فسجد في أصل المنبر ثم عاد فلما فرغ أقبل على الناس فقال : ( أيها الناس إنما صنعت هذا لتأتموا ولتعلموا صلاتي ) " ( 14 )
وفي جميع الحالات يشترط لصحة الجماعة أن يكون بالإمكان المرور من عند المؤتم إلى عند الإمام ولو بازورار وانعطاف وأن يكون المأموم عالما بصلاة إمامه ليتمكن من متابعته وألا يتقدم عليه . هذا من حيث الصحة أما من حيث فضيلة الجماعة فإنها تفوت إن تأخر عن الإمام أو عن الصف اكثر من ثلاثة أذرع وإن ساوى الإمام في المكان
( 2 ) إذا كانا معا خارج المسجد في فناء أو بناء فيشترط لصحة الجماعة ألا يكون بين الإمام والمؤتم أو بين كل صفين ممن ائتم بالإمام خلفه أو جانبه أكثر من ثلاثمائة ذراع تقريبا ولا بأس بزيادة ثلاثة أذرع فأقل . وألا يكون بينهما حائل كالباب المردود ابتداء أما الباب المفتوح فيصح اقتداء الواقف بحذائه أو خلفه
( 3 ) إن كان الإمام في المسجد والمقتدي خارجه تصح الجماعة بشرط ألا تزيد مسافة البعد ما بين آخر المسجد وأول مقتد يقف خارجه أو بين كل صفين أو شخصين خارج المسجد على ثلاثمائة ذراع تقريبا ولا بأس بزيادة ثلاثة أذرع فأقل بذراع الآدمي ويعتبر صحن المسجد من المسجد . وألا يوجد حائل بينهما بحيث يمكن الوصول إلى الإمام من غير ازورار ولا انعطاف . إلا أن فضيلة الجماعة تفوت إذا زادت المسافة بين كل صفين أو شخصين أو بين الإمام والمؤتم على ثلاثة أذرع
- 4 - نية الاقتداء : وهي واجبة قبل الدخول في الصلاة مقرونة بتكبيرة الإحرام وسبب ذلك أن التبعية عمل يفترق عن الصلاة فهو بحاجة إلى نية فإن لم ينو انعقدت صلاته فردية ولا تبطل لكن لا تجوز له المتابعة بخلاف ما لو كانت المتابعة شرطا من شروط صحة الصلاة مثل صلاة الجمعة فإن لم ينو المأموم الائتمام أو القدوة في هذه الحال بطلت صلاته ولم تنعقد أصلا . وإذا ترك نية الاقتداء والانفراد وأحرم مطلقا انعقدت صلاته منفردا فإن تابع الإمام في أفعاله من غير تجديد نية بطلت صلاته لأنه ارتبط بمن ليس بإمام له . وكذلك لو شك أثناء صلاته هل كان نوى الاقتداء لم تجز له المتابعة إلا أن ينوي الآن المتابعة فإن تابع بلا نية جديدة بطلت صلاته لأنه ربطها بصلاة غيره دون رابط متيقن . أما إن وقع الشك بعد التسليم فلا شيء عليه وصلاته ماضية على الصحة
وتكره نية الاقتداء أثناء الصلاة لمن أحرم منفردا وتصح الجماعة إلا أنه لا يحصل على فضلها لأنه صير نفسه تابعا بعد أن كان مستقلا وتجب عليه في هذه الحال متابعة الإمام فيما هو فيه فلو كان في سجوده الأخير أو تشهده الأخير ونوى القدوة بإمام واقف بقى جالسا إلى أن يجلس الإمام
ولو قطع الإمام الصلاة لسبب ما جاز له أن يستخلف مأموما . ولا يلزم المأمومين تجديد نية القدوة في هذه الحال
أما نية الإمامة في حق الإمام فهي مستحبة قبل الدخول في الصلاة وأثناءها فإن نواها قبل الدخول في الصلاة حصل على فضيلة الجماعة أما إن نواها أثناء الصلاة فيحصل على فضل الجماعة من حين أن نوى ولا يكره له ذلك لأنه لا يصير نفسه تابعا في هذه الحال لكن لا تنعطف نيته على ما قبلها . وإن لم ينوها صحت صلاة الجماعة إلا أنه لم يحصل هو على فضلها وإن حصل ذلك لمن خلفه إذ ليس للمرء إلا ما نوى . ذلك ما لم تحن الصلاة صلاة الجمعة فإن كانت وجبت عليه نية الإمامة حين التحرم بها فإن تركها ولو سهوا لم تصح جمعته أما المؤتمون فإذا لم يعلموا بسهو إمامهم عن النية إلا بعد انتهاء الصلاة صحت جمعتهم أما إن علموا ذلك قبل الصلاة أو أثناءها فصلاتهم باطلة
- 5 - توافق نظم صلاتيهما في الأفعال الظاهرة فلا يصح الاقتداء مع اختلافه كمكتوبة خلف كسوف أو العكس أو مكتوبة خلف جنازة أو العكس أو جنازة خلف كسوف أو العكس وذلك لتعذر المتابعة
ولا يضر اختلاف نية المأموم عن نية الإمام فيصح اقتداء المفترض بالمتنفل والعكس لما روي عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما : " كان معاذ يصلي مع النبي صلى الله عليه و سلم ثم يأتي قومه فيصلى بهم " ( 15 ) . ولما روي عن يزيد بن عامر رضي الله عنه قال : قال لي رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا جئت إلى الصلاة فوجدت الناس يصلون فصل معهم وإن كنت قد صليت تكون لك نافلة وهذه مكتوبة ) ( 16 )
كما يصح اقتداء المؤدي بالقاضي ومصلى الرباعية بمصلى الثنائية أو الثلاثية والعكس ولا تضر صلاة السرية خلف الجهرية أو العكس . والصلاة صحيحة في هذه الحالات كلها كما علم لكن تفوت بها فضيلة الجماعة
- 6 - الموافقة في سنن تفحش المخالفة فيها : كسجدة التلاوة فتجب فيها الموافقة فعلا وتركا وإلا بطلت الصلاة وكسجود السهو فتجب فيه الموافقة فعلا لا تركا فإن فعله الإمام وجبت متابعته به وإن تركه فلا تجب ويسن للمأموم الإتيان به . والتشهد تجب فيه الموافقة تركا لا فعلا فإن تركه الإمام وجب على المأموم تركه ( 17 ) وإن فعله الإمام جاز للمأموم تركه والانتظار في القيام حتى يلحقه إمامه فيمضي معه مع جواز العودة للمتابعة ( 18 ) بل يندب له العود للمتابعة ما لم يقم الإمام وما لم يطل وقوفه قبل أن يهوي لمتابعة الإمام
وأما القنوت فلا تجب فيه الموافقة لا تركا ولا فعلا فإن فعله الإمام جاز للمأموم أن يتركه ويسجد عامدا وإذا تركه الإمام سن للمأموم فعله إن لحقه في السجدة الأولى وجاز له إن لحقه بالجلوس بين السجدتين وامتنع عليه إن لم يلحقه إلا في السجدة الثانية ما لم ينو المفارقة ( 19 )
أما السنن التي لا تفحش المخالفة فيها كجلسة الاستراحة مثلا فليست الموافقة فيها شرطا لصحة الجماعة
- 7 - المتابعة : وهي أن يجري على أثر إمامه بحيث يكون ابتداؤه لكل فعل متأخرا عن ابتداء الإمام ومقدما على فراغه منه وكذلك في الأقوال إلا التأمين فإنه يستحب فيه مقارنته . ودليلها حديث أبي هريرة رضي الله عنه المتقدم ( . . . فإذا كبر فكبروا )
_________
( 1 ) وكل مكروه في صلاة الجماعة مفوت لفضيلتها
( 2 ) مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 19 / 86
( 3 ) مسلم ج ا / كتاب الصلاة باب 28 / 130
( 4 ) البخاري ج ا / كتاب الجماعة والإمامة باب 30 / 666
( 5 ) انظر أبو داود ج ا / كتاب الصلاة باب 71 / 612
( 6 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 172 / 233
( 7 ) مسلم ج ا / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 48 / 269
( 8 ) مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 28 / 122
( 9 ) البيهقي ج 3 / ص 105 ، والمختلج : المجتذب يقال : خلج يخلج : جذب
( 10 ) مسند الإمام أحمد ج 6 / ص 241 ، ونحتجرها : نتخذها مثل الحجرة . والكلف بالشيء : الولع به فاستعير للعمل للالتزام والملابسة
( 11 ) كما في الأزهر والجرهرية
( 12 ) جبذه وجذبه بمعنى واحد
( 13 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 67 / 597 ، ومددتنى : مددت قميصي وجذبته إليك
( 14 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 24 / 875 ، وقوله لتعلموا : أي لتتعلموا
( 15 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 37 / 679
( 16 ) الدارقطني ج 1 / ص 276
( 17 ) وإن ترك الإمام والمأموم التشهد معا وانتصبا فلا يعود المأموم له ولو عاد الإمام لأنه قد يكون فعله مخطئا فلا يوافقه في الخطأ أو عامدا فتبطل صلاته والأولى للمأموم في هذه الحال مفارقة إمامه إلا أنه يجوز له انتظاره لاحتمال كون عود الإمام سهوا لا عمدا
( 18 ) هذا إذا كان المأموم عامدا بترك التشهد الأول مع الإمام أما إن انتصب ساهيا فيجب عليه العود لمتابعة إمامه فان لم يعد بطلت صلاته . وسبب هذا التفريق في الحكم بين العامد والساهي أن العامد يعتد بفعله وقد انتقل إلى واجب القيام مع وحوب المتابعة عليه أيضا فخير بين العود والاستمرار أما الناسي فلا يعتد بفعله ويكون قيامه كعدمه لذا تجب عليه العودة للمتابعة
( 19 ) والسبب في التفرقة بين حكم التخلف للقنوت وحكم التخلف للتشهد هو أنه في تخلفه للقنوت لا يحدث وقوفا لم يفعله إمامه أما في تخلفه للتشهد فيحدث جلوسا لم يحدثه إمامه








حكم صلاة الجماعة في حال عدم المتابعة :
- ( 1 ) في الأفعال :
أ - المقارنة : إن قارن إمامه في فعل من أفعال الصلاة لم تبطل صلاته لكن يكره وتفوت فيه فضيلة الجماعة
ب - السبق : إن سبقه بركن فعلي كامل عمدا حرم ذلك وصحت الجماعة كأن يركع ويرفع رأسه والإمام لم يزل قائما
وكذلك إن سبقه ولكن ليس بكامل الركن بأن ركع قبل الإمام فلم يرفع حتى ركع الإمام لم تبطل صلاته عمدا فعله أو سهوا لأنه مخالفة يسيرة لكن ذلك مكروه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( أما يخشى أحدكم إذا رفع رأسه قبل الإمام أن يجعل الله رأسه رأس حمار ) ( 1 ) . ويسن له العود إلى القيام والركوع معه إن فعله عامدا ولا يلزمه ذلك . وأما إن سها بالركوع قبله فيتخير بين العود والاستمرار فيما هو فيه ولا تفوته فضيلة الجماعة في الحالين
وإن سبقه بركنين فعليين ولو غير طويلين ( 2 ) بلا عذر بطلت صلاته لمنافاته للمتابعة المأمور بها . كأن هوى للسجود والإمام لم يزل قائما يقرأ
أما إن سبقه بركنين لعذر فلا تبطل الصلاة ولا تفوته فضيلة الجماعة
والعذر في السبق : النسيان أو الجهل بفقه المسائل الدقيقة
ب - التخلف : إن تخلف بركن فعلي بلا عذر لم تبطل صلاته لكن يكره . وإن تخلف بركنين فعليين بلا عذر بطلت صلاته لمنافاته المتابعة
وأما إن كان التخلف لعذر فلا تبطل الصلاة ولا تفوته فضيلة الجماعة ويباح له أن يتخلف ليتم القراءة الواجبة عليه وهى الفاتحة فقط ثم يسعى خلف إمامه على نظم صلاة نفسه ما لم يسبقه الإمام بأكثر من ثلاثة أركان طويلة فإن سبقه بأكثر من ذلك تبعه فيما هو فيه ثم يتدارك بعد سلام إمامه ما فاته كالمسبوق أو ينوي المفارقة . أما إن شرع الإمام بالخامس وهو لم يزل يقرأ دون أن ينوي المفارقة فصلاته باطلة
والأعذار في التخلف هي :
- بطء قراءة المأموم لضعف لسانه ونحوه أو لوسوسة والإمام معتدلها
- إسراع الإمام في القراءة
- اشتغال الموافق ( 3 ) بسنة كدعاء الافتتاح فيتخلف لإتمام قراءة الفاتحة إن لم يتمها
- النسيان فلو شك أو تذكر قبل ركوعه وبعد ركوع إمامه أنه لم يقرأ الفاتحة أو شك في قراءتها فيتخلف لقراءتها . أما لو تذكر ترك الفاتحة أو شك فيه بعد ركوعه فلا يعود لقراءتها بل يتبع إمامه ويأتي بركعة بعد تسليم الإمام
_________
( 1 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 25 / 659
( 2 ) الركن القصير هو الاعتدال من الركوع والجلوس بين السجدتين والطويل ما عداهما
( 3 ) الموافق : هو من أدرك مع الإمام قدر الفاتحة فأكثر



- ( 2 ) في الأقوال :
- إن قارن إحرام المأموم إحرام إمامه أو سبقه لم تنعقد صلاته لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إنما جعل الإمام ليؤتم به فإذا كبر فكبروا ولا تكبروا حتى يكبر ) ( 1 ) ولأنه علق صلاته بصلاة إمامه قبل أن تنعقد
ومثل ذلك ما لو شك في مقارنته أو ظن أنه تأخر فبانت مقارنته فيشترط تأخر جميع تكبيرة المأموم على جميع تكبيرة الإمام
- أما السلام فإن قارنه فيه كره له ذلك ولا تبطل صلاته
- أما الفاتحة - في الصلاة السرية - أو التشهد فإن فرغ منهما قبل شروع الإمام فلا يضر بل يجزيان لأنه لا يظهر في ذلك مخالفة
- أما المقارنة في الفاتحة في الصلاة الجهرية فتكره وتفوت فضيلة الجماعة في هذا الركن
ويسن للمسبوق ( 2 ) ألا يشتغل بسنة مثل دعاء الافتتاح أو التعوذ بل يبادر إلى قراءة الفاتحة مباشرة لأنها فرض فلا يشتغل عنها بنفل إلا إن ظن أنه يدركها مع اشتغاله بالسنة فإن اشتغل . بسنة تخلف وقرأ من الفاتحة بقدر السنة وجوبا لتقصيره بالتشاغل عن الواجب بسنة فإذا فرغ مما عليه وأدرك الإمام في الركوع فقد أدرك الركعة أما إن أدركه بالاعتدال فيوافقه ولا يركع وتفوته الركعة فيأتي بركعة بعد انتهاء إمامه وإن لم يفرغ مما عليه وأراد الإمام الهوي للسجود تعينت نية المفارقة أما إن هوى للسجود ولم ينو المأموم المفارقة فتبطل صلاته وكذا لو هوى معه
وإن لم يشتغل بسنة فيتبع إمامه وجوبا في الركوع ويسقط عنه ما بقي عليه من الفاتحة وتحسب له الركعة لأن متابعة الإمام آكد فإن تخلف لإتمام قراءته حتى رفع الإمام من الركوع فاتته الركعة لأنه متخلف بلا عذر ولا تبطل صلاته فيتابع الإمام في الهوي إلى السجود ويصير كأنه أدركه الآن والركعة غير محسوبة له
_________
( 1 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 69 / 603
( 2 ) المسبوق : هو من لم يدرك مع الإمام زمنا يسع قدر الفاتحة






متى يدرك المأموم المسبوق الركعة مع الإمام :
- من أدرك الإمام راكعا واطمأن معه ( 1 ) قبل ارتفاعه أدرك الركعة لما روى أبو هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من أدرك ركعة من الصلاة فقد أدركها قبل أن يقيم الإمام صلبه ) ( 2 )
أما إن أدركه في ركوع زائد في سهو أو غيره كأن كان في ركعة خامسة في الرباعية أو في ركعة رابعة في الصلاة الثلاثية أو في الركوع الثاني من صلاة الخسوف فلا يعتبر مدركا للركعة
وما يدركه المسبوق هو أول صلاته لما روى أبو هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( . . . فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) ( 3 ) وما يتداركه بعد سلام الإمام آخر صلاته فإذا كان في صلاة فيها قنوت فقنت مع الإمام أعاد القنوت في آخر صلاته لأن ما فعله مع الإمام فعله للمتابعة فإذا بلغ موضعه أعاده ولو أدرك ركعة من المغرب قام بعد سلام الإمام ليصلي ركعة ثم يتشهد تم ثالثة ويتشهد ولو سبق بركعتين من الرباعية أو الثلاثية لم يجهر فيما أتم بعد فراغ الإمام بخلاف السورة بعد الفاتحة فإنه يقرؤها فيما أتم وإن كان ذلك آخر صلاته لئلا تخلو صلاته منها
_________
( 1 ) الاطمئنان : سكون الأعضاء بقدر قوله سبحان الله
( 2 ) الدارقطني ج ا / ص 347
( 3 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 16 / 866




مسألة الاستخلاف :
- إذا خرج الإمام على الصلاة لسبب أو بلا سبب حاز له أن يستخلف لما روت عائشة رضي الله عنها قالت : " لما تقل رسول الله صلى الله عليه و سلم جاء بلال يؤذنه بالصلاة فقال : ( مروا أبا بكر أن يصلى بالناس ) . . . فقلت لحفصة قولي له : إن أبا بكر رجل أسيف ( 1 ) وإنه متى يقم مقامك لا يسمع الناس فلو أمرت عمر . قال : ( إنكن لأنتن صواحب يوسف مروا أبا بكر أن يصلي بالناس ) . فلما دخل في الصلاة وجد رسول الله صلى الله عليه و سلم في نفسه خفة فقام يهادى بين رجلين ورجلاه تخطان في الأرض حتى دخل المسجد فلما سمع أبو بكر حسه ذهب أبو بكر يتأخر فأومأ إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى جلس عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلى قائما وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلى قاعدا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه " ( 2 )
ويشترط أن يكون الاستخلاف على قرب فلو فعلوا في الانفراد ركنا امتنع الاستخلاف بعده . كما يشترط أن يكون الخليفة صالحا لإمامة هؤلاء المصلين . ثم إن كان المستخلف مأموما يصلى تلك الصلاة أو مثلها في عدد الركعات صح سواء كان مسبوقا أم غيره وسواء استخلف في الركعة الأولى أو غيرها لأنه ملتزم لترتيب الإمام باقتدائه فلا يؤدي إلى المخالفة . فإن كان الخليفة مأموما مسبوقا لزمه مراعاة ترتيب الإمام فيقعد موضع قعوده ويقوم موضع قيامه كما كان يفعل لو لم يخرج الإمام من الصلاة فلو اقتدى المسبوق في ثانية الصبح ثم أحدث الإمام فيها فاستخلفه فيها قنت وقعد عقبها وتشهد ثم يقنت في الثانية لنفسه ولو كان الإمام قد سها قبل اقتدائه أو بعده سجد في آخر صلاة الإمام وأعاد في آخر صلاة نفسه وإذا تمت صلاة الإمام قام لتدارك ما عليه والمأمومون بالخيار إن شاؤوا فارقوا وسلموا وتصح صلاتهم للضرورة وإن شاؤوا صبروا جلوسا ليسلموا معه . هذا إذا عرف الخليفة المسبوق نظم صلاة الإمام وما بقي منها فإن لم يعرف راقب المأمومين إذا أتم ركعة فإن هموا بالقيام قام وإلا قعد . وسهو الخليفة قبل الاستخلاف يحمله الإمام فلا يسجد له أحد أما سهوه بعد الاستخلاف فيقتضي سجوده وسجودهم . وسهو القوم قبل حدث الإمام وبعد الاستخلاف محمول وبينهما غير محمول فيسجد الساهي بعد سلام الخليفة
ولو أحدث الإمام وانصرف ولم يستخلف قدم القوم واحدا بالإشارة ولو تقدم واحد بنفسه جاز
وإن استخلف الإمام أجنبيا فإن كان ذلك في الركعة الأولى أو الثالثة من رباعية جاز لأنه لا يخالفهم في الترتيب . وإن استخلفه في الثانية أو الأخيرة لم يجز لأنه مأمور بالقيام غير ملتزم لترتيب الإمام وهم مأمورون بالقعود على ترتيب الإمام فيقع الاختلاف
_________
( 1 ) أسيف : رقيق القلب من الأسف وهو شدة الحزن
( 2 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 39 / 681 ، ويهادى : أي يعتمد على الرجلين في مشيه من شدة الضعف




أحق الناس بالإمامة :
- الوالي بمحل ولايته مقدم على الجميع ثم الإمام الراتب فالساكن بملك أو إعارة أو إجارة أو وقف أو وصية أو هبة أو نحوها يتقدم ولو كان عنده عالم لحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( . . . ولا يؤمن الرجل الرجل في سلطانه ولا يقعد في بيته على تكرمته إلا بإذنه ) ( 1 )
وإذا اجتمع المعير والساكن فيقدم المعير على الساكن . ويجوز للأحق بالإمامة ممن سبق ذكرهم أن يتقدم أو يقدم غيره لها
أما أحق الناس بالإمامة من حيث الصفات : فالأفقه ثم الأقرأ ( 2 ) فالأزهد فالأورع ثم الأقدم هجرة ثم الأسبق إسلاما ثم الأسن ثم الأقرب نسبا إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فيقدم الهاشمي ثم المطلبي ثم بقية العرب ويقدم ابن الصالح أو العالم على غيره ثم الأحسن سيرة فالأنظف ثوبا فالأنظف بدنا فالأطيب صنعة فالأحسن صوتا فالأحسن صورة فالمتزوج فإن استووا تقارعوا لعموم حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( اجعلوا أئمتكم خياركم فإنهم وفدكم فيما بينكم وبين ربكم ) ( 3 )
والعدل أولى من الفاسق وإن كان الفاسق أفقه على أن الصلاة خلفه تصح
وإذا بلغ الصبي حدا يعقل وهو من أهل الصلاة صحت إمامته في الجمعة وغيرها لما روي عن عمرو بن سلمة رضي الله عنه أنه أم على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم وهو ابن ست أو سبع سنين ( 4 ) . على أن البالغ أولى من الصبي المميز وإن كان الصبي لأفقه وأقرأ
والمقيم أولى من المسافر لأنه إذا تقدم المقيم أتموا صلاتهم كلهم فلا يختلفون وإن تقدم المسافر اختلفوا . وولد الحلال أولى من ولد الزنى . والأعمى مثل البصير لأن الأول لا يري ما يلهيه والبصير يجتنب النجاسة
والمقدم لصفة من صفاته لا يجوز له تقديم غيره
_________
( 1 ) مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 53 / 290 ، والتكرمة : الفراش ونحوه مما يبسط لصاحب المنزل ويخص به
( 2 ) الأقرأ : الأحفظ لكتاب الله
( 3 ) البيهقي ج 3 / ص 90
( 4 ) انظر البخاري ج 4 / كتاب المغازي باب 50 / 4051




ما يندب في الجماعة :
- 1 - ألا يقوم المصلون إلا بعد فراغ الإقامة
- 2 - تسوية الصفوف والأمر بذلك ومن الإمام آكد يقبل عليهم بوجهه ويأمرهم بإقامة الصفوف لما روى أبو مسعود البدري رضي الله قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يمسح مناكبنا في الصلاة ويقول : ( استووا وتختلفوا فتختلف قلوبكم ) ( 1 )
وأفضل الصفوف الأول فالأول للرجال وكذلك للنساء إن لم يكن معهن رجال لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : ( لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه لاستهموا ) ( 2 )
أما إن كانت الجماعة رجالا ونساء فالأفضل أن تقف النساء خلف الرجال وإذا وقفت المرأة بحذاء الرجل أو أمامه صحت صلاتهما لكن الأفضل أن تتأخر عنه لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( خير صفوف الرجال أولها وشرها آخرها وخير صفوف النساء آخرها وشرها أولها ) ( 3 )
- 3 - التخفيف ( 4 ) إلا أن يرضى بتطويله جماعة محصورون لا يصلى وراءه غيرهم لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا صلى أحدكم للناس فليخفف فإن منهم الضعيف والسقيم والكبير وإذا صلى أحدكم لنفسه فليطول ما شاء ) ( 5 )
- 4 - أن يجهر الإمام بالتكبير ويقول : سمع الله لمن حمده وبالسلام ولو كانت الصلاة سرية . ويجب أن ينوي بجهره الذكر مع الإعلام أما إذا قصد الإعلام فقط أو أطلق فتبطل صلاته
- 5 - انتظار الداخل في الركوع والتشهد الأخير على ألا يطول الانتظار وألا يميز الإمام بين الداخلين . ولا شك في أن هذا الانتظار يقيد جوازه بعدم الضرر بالمؤتمين موافقة لأمره صلى الله عليه و سلم بالتخفيف في صلاة الجماعة
- 6 - تسن إعادة الفرض جماعة بنية الفرض سواء كان إماما أو مأموما أو منفردا في الأولى لحديث جابر رضي الله عنه قال : " كان معاذ بن جبل رضي الله عنه يصلي مع النبي صلى الله عليه و سلم ثم يأتي قومه فيصلى بهم " ( 6 ) . وتقع الأولى فرضا والثانية نافلة لحديث يزيد بن الأسود العامري عن أبيه قال : " شهدت مع النبي صلى الله عليه و سلم حجته فصليت معه صلاة الصبح في مسجد الخيف قال : فلما قضى صلاته وانحرف إذا هو برجلين في أخرى القوم لم يصليا معه فقال : ( علي بهما ) فجيء بهما ترعد فرائصهما فقال : ( ما منعكما أن تصليا معنا ؟ ) فقالا : يا رسول الله إنا كنا قد صلينا في رحالنا . قال : ( فلا تفعلا إذا صليتما في رحالكما ثم أتيتما مسجد جماعة فصليا معهم فإنها لكما نافلة ) " ( 7 )
وإذا نواها قضاء وقعت قضاء وإذا نواها إعادة ثم تذكر خللا في الأولى لم تصح الثانية وعليه أن ينويها كما لو لم يصل الأولى
_________
( 1 ) مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 28 / 122
( 2 ) البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 9 / 590
( 3 ) مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 28 / 132
( 4 ) بشرط فعل الهيئات والأبعاض
( 5 ) البخاري ج ا / كتاب الجماعة والإمامة باب 34 / 671
( 6 ) البخاري ج ا / كتاب الجماعة والإمامة باب 37 / 679
( 7 ) الترمذي ج ا / أبواب الصلاة باب 163 / 219




ما يكره في الجماعة :
- 1 - يكره انتظار الداخل في غير الركوع والتشهد الأخير
- 2 - يكره التطويل ليلحق به آخرون تكثر بهم الجماعة أو ليلحقه رجل مشهور عادته الحضور أو نحو ذلك . لعموم قوله صلى الله عليه و سلم : ( إذا صلى أحدكم بالناس فليخفف )
- 3 - تكره إمامة الأقلف ( 1 ) والفاسق والمبتدع الذي لا يكفر ببدعته والكراهة للإمام أما المؤتمون فتحصل لهم فضيلة الجماعة
تعقيبات :
- 1 - يكره أن يصلي الرجل بقوم أكثرهم له كارهون لما روى ابن عباس رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( ثلاثة لا ترتفع صلاتهم فوق رؤوسهم شبرا . . . ) فذكر فيه : ( رجل أم قوما وهم له كارهون ) ( 2 )
- 2 - يكره أن يصلى الرجل بامرأة أجنبية لحديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( لا يخلون رجل بامرأة إلا مع ذي محرم ) ( 3 ) . أما إن أم أجنبيات فيجوز
- 4 - تصح إمامة القاعد المعذور للقائم لحديث عائشة رضي الله عنها المتقدم : " . . . فجاء رسول الله صلى الله عليه و سلم حتى جلى عن يسار أبي بكر فكان أبو بكر يصلى قائما وكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلى قاعدا يقتدي أبو بكر بصلاة رسول الله والناس مقتدون بصلاة أبي بكر رضي الله عنه " ( 4 )
- 4 - تصح صلاة الطاهرة خلف المستحاضة غير المتحيرة وصلاة السليم خلف سلس البول أو المذي أو من به جرح سائل
- 5 - إذا أرتج ( 5 ) على الإمام ووقفت عليه القراءة استحب للمأموم تلقينه لحديث المسور رضي الله عنه قال : " شهدت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرأ في الصلاة فترك شيئا لم يقرأه فقال له رجل : يا رسول الله تركت آية كذا وكذا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( هلا أذكرتنيها ) " ( 6 ) . وكذا إذا قرأ في موضع فسها وانتقل إلى غيره استحب تلقينه أو سها عن ذكر فأهمله أو قال غيره استحب للمأموم أن يقوله جهرا ليسمعه فيقوله
- 6 - إذا ترك الإمام فرضا ولم يرجع إليه لم تجز للمأموم متابعته في تركه سواء تركه عمدا أو سهوا لأنه إن تركه عمدا فقد بطلت صلاته وإن تركه سهوا ففعله غير محسوب فيفارقه ويتم منفردا لكن يستحب للمأموم أن يسبح ليتذكر الإمام إن فعل ذلك ناسيا وعلى الإمام أن يعمل بيقين نفسه لا بقول المأمومين
ولو قام الإمام إلى ركعة خامسة في صلاة رباعية فلا يتابعه المأموم إن علم ذلك لأنه أتم صلاته يقينا . ولو كان المأموم مسبوقا بركعة أو شاكا في فعل ركن كالفاتحة فقام الإمام إلى الخامسة لم تجز للمأموم متابعته فيها إن علم أنها زائدة لأنها غير محسوبة للإمام وهو غالط فيها
_________
( 1 ) هو الذي لم يختن
( 2 ) ابن ماجة ج 1 / كتاب إقامة الصلاة والسنة فيها باب 43 / 971
( 3 ) البخاري ج 5 / كتاب النكاح باب 110 / 4935
( 4 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 39 / 681
( 5 ) أرتج على القارئ : إذا لم يقدر على القراءة كأنه أطبق عليه كما يرتج الباب
( 6 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 163 / 907
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-02-2013
  #29
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الباب السابع : صلاة الجمعة
- هي ركعتان وتقام في وقت الظهر بدلا عنه يوم الجمعة
حكمها :
- هي فرض عين لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } ( 1 ) . فالأمر بالسعي يعني الوجوب وما نهى عن البيع الذي هو مباح إلا لواجب . والمراد بذكر الله الصلاة وقيل الخطبة
وروت حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه و سلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( رواح الجمعة واجب على كل محتلم ) ( 2 )
وعن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول على أعواد منبره :
( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) ( 3 ) . وعن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع الله على قلبه ) ( 4 )
_________
( 1 ) الجمعة : 9
( 2 ) النسائي ج 3 / ص 89
( 3 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 12 / 40
( 4 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 359 / 500


شروط وجوب الجمعة :
- 1 - الإسلام والبلوغ والعقل ( 1 ) . أما الصبي غير البالغ فتستحب له
- 2 - الحرية الكاملة يخرج بذلك المبعض ( 2 ) فلا تجب عليه ولا على العبد وإن استحب لسيديهما أن يأذنا لهما فيها وحينئذ يستحب لهما حضورها ولا يجب
- 3 - الذكورة فلا تجب على المرأة لكن إن صلتها أجزأت عن الظهر كالرجال
- 4 - الصحة فلا تجب على المريض المرخص له بترك الجماعة سواء فاتت الجمعة على أهل القرية بتخلفه لنقصان العدد أم لا وذلك إن لم يحضر مكان إقامتها لحديث طارق ابن شهاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض ) ( 3 )
والمرض المسقط للجمعة هو الذي يلحق صاحبه بذهابه إليها مشقة ظاهرة غير محتملة . فإن كان في مكان إقامتها ودخل وقتها ولم يزد ضرره بانتظار فعلها أو أقيمت الصلاة وهو حاضر فعندئذ تجب عليه لأنه إنما لم تجب عليه للمشقة وتد زالت بالحضور . ولا ينصرف بعد تحرمه إلا لأمر شديد جدا . أما قبل دخول وقتها فله أن ينصرف ولو أمن الضرر بعد دخول الوقت على أنه إن تكلف المشقة وحضر كان أفضل
- 5 - الإقامة ويخرج بذلك المسافر سفرا مباحا ولو قصيرا لاشتغاله بأسباب السفر فإن نوى إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج لزمته بلا خلاف . ويحرم على من تلزمه الجمعة السفر بعد فجر يومها إلا إذا أمكنه فعلها في مقصده أو طريقه أو كان يلحقه ضرر بتخلفه عن رفقته
- 6 - تجب الجمعة على من بلغه نداء صيت ( 4 ) من طرف موضع الجمعة مع سكون الريح والصوت وهو مستمع لحديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الجمعة على كل من سمع النداء ) ( 5 )
_________
( 1 ) زوال العقل مسقط للجمعة إن كان بسب غير محرم أما إن كان سبب محرم كالسكر ونحوه فليس بمسقط لها
( 2 ) المبغض هو الذي بعضه رقيق وبعضه حر بأحد أسباب التبعيض
( 3 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 215 / 1067
( 4 ) مؤذن رفيع الصوت
( 5 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 212 / 1056


شروط صحة الجمعة :

- أولا - أن تقع الصلاة كلها مع الخطبة في وقت الظهر لحديث أنس رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلى الجمعة حين تميل الشمس " ( 1 ) . وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : " كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتبع الفيء " ( 2 ) . فلو خطب قبل دخول الوقت لم تصح لأن الجمعة ردت إلى ركعتين بالخطبة فإذا لم تجز الصلاة قبل الوقت لم تجز الخطبة
وإذا ضاق وقت الصلاة ورأى الإمام أنه إن خطب خطبتين خفيفتين وصلى ركعتين لم يذهب الوقت لزمتهم الجمعة وإن رأى أنه لا يمكنهم ذلك صلى الظهر
ولو شكوا في خروج وقتها فإن كانوا لم يدخلوا فيها لم يجز الدخول فيها لأن شرطها الوقت ولم يتحققه فلا يجوز الدخول مع الشك في الشرط
وإن دخلوا فيها في وقتها ثم شكوا قبل السلام في خروج الوقت أتموها جمعة لأن الأصل بقاء الوقت وصحة الفرض ولا تبطل بالشك وكذا إذا صلوا ثم شكوا بعد فراغها هل خرج وقتها فبل الفراغ منها فإنهم تجزئهم الجمعة لأن الأصل بقاء الوقت
أما إذا شرعوا فيها في وقتها ثم خرج الوقت قبل التسليمة الأولى فتفوت الجمعة وعليهم إتمامها ظهرا ويسرون فيها من حينئذ وتجزيهم ولا يحتاج إلى نية الشر لأنهما صلاتا وقت واحد فجاز بناء أطولهما على أقصرهما كالمسافر إذا نوى القصر ثم لزمه الإتمام بإقامة أو غيرها . ولو مد الإمام الركعة الأولى حتى تحقق أنه لم يبق ما يسع الثانية أتمها ظهرا بلا تجديد نية وانقلب ما صلى ظهرا من حين تحققه ولو لم يخرج الوقت بعد
ولا تقضى جمعة على صورتها بعد فوات وقت الظهر ولو في يوم جمعة أخرى ولكن من فاتته لزمته الظهر
ثانيا - أن تقام في أبنية مجتمعة يستوطنها من تنعقد بهم الجمعة من خطة بلد أو قرية مبنية ولو بالخشب أو القصب ولو لم تكن في المسجد كأن تكون في فناء معدود من خطة البلد . فإذا صليت خارج البلد لم تصح بلا خلاف لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ولم يصل هكذا . وإذا انهدمت البلد أو القرية وأقاموا لعمارتها ولو في غير مظال وسقائف صحت جمعتهم فيها لأنها وطنهم بخلاف ما لو نزلوا مكانا ليعمروه قرية فإن جمعتهم لا تصح فيه قبل البناء
ولا تصح الجمعة في خيام الأعراب وبيوتهم وتجب عليهم الجمعة إن سموا النداء من محلها وإلا فلا لأن الأعراب كانوا مقيمين حول المدينة المنورة ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم بها لكونهم لا يسمعون النداء
وشرط البلد أو القرية أن يسكنها الأربعون الذين تجب عليهم الجمعة بحيث لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاء إلا لحاجة
ثالثا - ألا يسبقها أو يقارنها في تحرمها جمعة أخرى في محلها أي في نفس البلد أو القرية لأن الرسول صلى الله عليه و سلم والخلفاء الراشدين لم يقيموا سوى جمعة واحدة والاقتصار على واحدة أظهر لشعار الاجتماع واتفاق الكلمة إلا إذا عسر اجتماعهم بأن كبرت البلدة التي تقام فيها الجمعة وليس فيها مكان واحد يستوعب جماعتها بلا مشقة مسجدا كان المكان أو غيره فحينئذ يجوز تعددها بحسب الحاجة أما إذا تعددت لغير حاجة وعلمت السابقة منها فهي الصحيحة وما بعدها باطل يجب على أهلها أداء فريضة الظهر في الوقت وأما إذا تقارنت في جميع الأمكنة فجميعها باطلة . والعبرة في السبق والمقارنة بالراء من تكبيرة إحرام الإمام . وإن علم السبق ولم يعرف السابق أو علم السابق ثم نسى فتجب صلاة الظهر على الجميع لالتباس الصحيحة بالفاسدة . وإن علمت المقارنة أو لم يعلم هل حصل سبق أو مقارنة أعيدت الجمعة مجتمعين إن اتسع الوقت لعدم وقوع جمعة مجزئة ويفضل احتياطا وخروجا من مخالفة من منع التعدد ولو لحاجة نقول يفضل لمن صلى ببلد تعددت الجمعة فيه لحاجة أن بعيدها ظهرا ( 3 ) . ويصلى الظهر بعد الجمعة غير المجزئة جماعة
رابعا - الجماعة : فلا تصح فرادى ويشترط أن يكون العدد في جماعة الجمعة أربعين عند الإحرام بما فيهم الإمام كلهم لا ممن تنعقد بهم الجمعة ( 4 )
ويشترط بقاء العدد كاملا من أول الخطبة إلى انقضاء الصلاة فإن انفضوا في أثناء الخطبة لم يعتد بالركن المفعول في غيبتهم بلا خلاف فإن عادوا قريبا عرفا وجبت إعادة الركن الذي لم يحضروه دون الاستئناف وإن عادوا بعد فصل طويل عرفا ( 5 ) وجب الاستئناف لانتفاء الموالاة . ولو نقصوا في الصلاة بطلت لاشتراط اكتمال العدد فيها أربعين . وإن زاد العدد على الأربعين صح أن يكون الإمام فيها عبدا أو مسافرا أو صبيا مميزا
خامسا - خطبتان قبل الصلاة يجلس بينهما لما روى جابر بن سمرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما ) ( 6 ) . ولأن الخطبة إنما قصرت لأجل الخطبة فإذا لم يخطب رجع إلى الأصل
- شروطهما :
- 1 - اكتمال العدد الذي تنعقد به الجمعة
- 2 - كونهما في وقت الظهر قبل الصلاة فلو خطب الخطبتين أو بعضهما قبل الزوال ثم صلى بعدهما لم يصح ولو صلى قبل الخطبتين لم يصح لأنهما شرط لصحة الصلاة ومن شأن الشرط أن يقدم
- 3 - طهارة الخطيب من الحدثين . فلو خطب جنبا لم يصح لأن القراءة في الخطبة واجبة ولا تحسب قراءة الجنب . ولو لم يعلم حاضرو الجمعة جنابته ثم علموا بعد فراغها أجزأتهم . وإن أحدث أثناء الخطبة وجب الاستئناف ولا يجوز البناء بنفسه ولو تطهر عن قرب لأنها عبادة واحدة فلا تصح أن تؤدى بطهارتين فإن أناب حين أحدث فللنائب أن يبنى على ما فعله الأول أما لو أحدث بين الخطبتين والصلاة وتطهر عن قرب صح ذلك ولا يضر
- 4 - الطهارة من الخبث في الثوب والبدن والمكان وكذا ما يحمله الإمام من سيف أو عكاز والمنبر كذلك . فإن كانت النجاسة تحت قدميه أو يديه ضر مطلقا ولو بان الإمام ذا نجاسة خفية بعد الخطبة لم يضر
- 5 - كون الخطيب مستور العورة لأن الخطبتين بمنزلة ركعتين
- 6 - القيام مع القدرة لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه المتقدم فإن عجز استحب له أن يستخلف فإن خطب قاعدا للعجز أو مضطجعا إن عجز عن الجلوس أو مستلقيا إن عجز عن الاضطجاع جاز بلا خلاف كالصلاة فإن بان أنه كان قادرا على القيام صحت صلاتهم إن تم العدد دونه وإن نقص لم تصح ولا تصح صلاته هو على التقديرين
- 7 - إسماع العدد الذي تنعقد به الجمعة ( 7 ) لقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في وصف خطبته صلى الله عليه و سلم : " وقد علا صوته . . . " ( 8 ) فلا يجزئ الإسرار ولا حضورهم بلا سماع لصمم أو بعد أو نوم
- 8 - كونهما بالعربية ومحل اشتراط العربية أن يكون في القوم عربي وإلا أجزأت بالعجمية إلا الآية فلا بد فيها من العربية . ويجب أن يتعلم واحد من القوم العربية فإن لم يتعلم واحد منهم أثموا جميعهم ولا تصح جمعتهم مع القدرة على التعلم
- 9 - الموالاة بين كلمات كل من الخطبتين وبين الخطبتين وبين الخطبة الثانية والصلاة . فلو فرق ولو لعذر كنوم أو إغماء بطلت
- 10 - الجلوس بينهما جلوسا خفيفا بقدر الطمأنينة لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه المتقدم ويستحب أن يجعل بقدر سورة الإخلاص وأن يقرأها فيه فإن خطب قاعدا للعجز وجب أن يفصل بينهما بسكتة ولا يجوز أن يضطجع
- فروضهما :
- 1 - حمد الله تعالى ولو ضمن آية كأن يقول : { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض } إذا قصد الذكر أما إن قصد قراءة الآية أو الآية والذكر أو أطلق أجزأت عن الآية ولم تجزئ عن حمد الله تعالى قال جابر بن عبد الله رضى الله عنهما : " كانت خطبة النبي صلى الله عليه و سلم يوم الجمعة يحمد الله ويثنى عليه ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول : ( بعثت أنا والساعة كهاتين ) ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول : ( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) ثم يقول : ( أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعأ فإلى وعلى ) " ( 9 )
- 2 - الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم وتندب الصلاة على الآل والصحب . ويجب الترتيب بأن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعد حمد الله
- 3 - الوصية بالتقوى لحديث جابر رضي الله عنه ولأنها المقصود الأعظم من الخطبة ولا يتعين لفظ الوصية بل يجزئ قول الإمام : أطيعوا الله أو اتقوا الله . ولا يكفي الاقتصار فيها على التحذير من غرور الدنيا وزخارفها لأن ذلك قد يتواصى به منكرو الشرائع بل لا بد من الحث على الطاعة والتحذير من المعصية
- 4 - قراءة آية مفهمة ( 10 ) في إحداهما والأفضل أن تكون في الأولى لتقابل الدعاء في الثانية فيكون في كل خطبة أربع فرائض ويسن أن يقرأ سورة ق لما روي عن أم هشام بنت حارثة ابن النعمان رضي الله عنها قالت : " . . . وما أخذت ق والقران المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس " ( 11 )
فإن لم يحسن شيئا من القران أتى ببدل الآية ذكرا أو دعاء فإن عجز وقف بقدرها
- 5 - الدعاء للمؤمنين والمؤمنات في الثانية فلو أتى به في الأولى لم يعتد به وإذا خص الحاضرين فقط صح ذلك لكن الأكمل أن يشمل في دعائه كل المؤمنين والمؤمنات . ولا يسن الدعاء للسلطان بعينه بل إن ذلك مكروه عند الشافعي ولا يجوز وصف السلطان بما ليس فيه ويسن الدعاء لأئمة المسلمين وولاة الأمور بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل
- سنن الخطبتين :
- أن تكونا على منبر للأحاديث الصحيحة الكثيرة فيه من ذلك ما قال أنس رضي الله عنه : " خطب النبي صلى الله عليه و سلم على المنبر " ( 12 ) . والسنة أن يكون المنبر ذا ثلاث درجات فإن لم يكن فعلى مرتفع . وأن يسلم عند دخوله المسجد وأن يقبل عليهم إذا صعد المنبر وانتهى إلى الدرجة التي تسمى بالمستراح ثم يسلم عليهم ثانية لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده من الجلوس فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه ثم سلم " ( 13 ) . ثم يجلس يستريح فيؤذن واحد منهم لحديث السائب بن يزيد رضي الله عنه قال : " كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما " ( 14 )
ويسن أن تكون الخطبة فصيحة جزلة قريبة من الفهم متوسطة لا طويلة مملة ولا قصيرة مخلة لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : " كنت أصلى مع النبي صلى الله عليه و سلم الصلوات فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا " ( 15 )
ويسن للخطيب أن يعتمد على نحو عصا بيسراه وعلى المنبر بيمناه ويكره التفاته في الخطبة وأن يرفع يديه يشير بهما إلا إذا كانت له عادة أو من أجل بث الحماسة في النفوس لحديث عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه قال : " رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه فقال : قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المسبحة " ( 16 ) . كما يسن له أن يبادر بالنزول عقب الانتهاء ويكره دق درج المنبر
ويسن أن يقرأ في الصلاة سورة الجمعة في الركعة الأولى وسورة المنافقون في الركعة الثانية أو سورة الأعلى في الأولى والغاشية في الثانية وتكون القراءة جهرا
_________
( 1 ) البخاري ج ا / كتاب الجمعة باب 14 / 862
( 2 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 9 / 31
( 3 ) في بلدنا تتعدد الجمعة أكثر من الحاجة لذا يجب على الجميع إعادة الظهر بعدها وتقدر الحاجة بامتلاء المساجد كلها مع صحنها غير المسقوف ولو شتاء
( 4 ) أي أن يكونوا كلهم رجالا بالغين عقلاء أحرار مستوطنين في بلد إقامة الجمعة
( 5 ) وضابطه مضي وقت يسع ركعتين خفيفتين
( 6 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 10 / 35
( 7 ) ولا عبرة لسماع من لا تنعقد بهم الجمعة
( 8 ) سيأتي الحديث كاملا في فروض الخطبتين
( 9 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 13 / 44
( 10 ) ذات معنى مقصود كالوعد والوعيد والوعظ ولا يكفي بعض آية وإن طال
( 11 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 13 / 52
( 12 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 24
( 13 ) البيهقي ج 3 / ص 205
( 14 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 19 / 870
( 15 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 13 / 42 ، والقصد من الأمر هو الوسط بين الطرفين
( 16 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 13 / 53




ما يسن عمله ليلة الجمعة ويومها :
- 1 - قراءة سورة الكهف لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ) ( 1 )
- 2 - الإكثار من الدعاء لأن في يومها ساعة إجابة عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها " ( 2 )
- 3 - الإكثار من الصدقة وفعل الخير ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم لما روى أوس بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة . . . فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة علي ) ( 3 )
- 4 - الغسل لمن أراد المجيء إلى الجمعة ذكرا كان أو أنثى حرا أو عبدا مقيما أو مسافرا بخلاف من لم يرد حضورها فلا يسن له الغسل لقول ابن عمر رض الله عنهما : " إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة " ( 4 ) . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لعثمان رضي الله عنه : " ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل ) " ( 5 ) . وبهذا يبدو الفرق بين غسل الجمعة وغسل العيدين فالقصد من غسل الجمعة التنظف ودفع الأذى عن الناس أما القصد من غسل العيد فالزينة وإظهار السرور لذا لم يختص بمن يريد حضور صلاة العيد
ووقت الغسل ما بين طلوع الفجر إلى أن يدخل في الصلاة فإن اغتسل قبل طلوعه لم يجزئه لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ) ( 6 ) فعلقه على اليوم
ويسن تأخيره إلى الرواح للمسجد لأنه إنما يراد لقطع الروائح فإذا فعله عند الرواح كان أبلغ في المقصود . ويفوت وقته إذا أخر إلى بعد الصلاة لما ذكرنا من مقصوده أما غسل العيد فتحصل به السنة ولو بعد الصلاة لأن القصد التزين ليوم العيد كما مر
وإذا تعارض الغسل مع التبكير قدم الغسل عليه لأنه قد قيل بوجوبه في بعض المذاهب
وإن عجز عن الغسل تيمم بنية الغسل فيقول : نويت التيمم بدلا عن غسل الجمعة لأن المقصود من الغسل النظافة والعبادة فإن فاتت النظافة بعدم الغسل بقيت العبادة بالتيمم ولأن الشرع أقام التيمم مقام الغسل عند العجز
- 5 - أخذ الظفر إن طال ونتف الإبط وقص الشارب وحلق العانة ودليلها الندب العام إليها ( 7 )
- 6 - الاستياك
- 7 - تنظيف الثياب ولبس أحسن ما عنده منها والأكمل البيض فإن لم تكن كلها فأعلاها لحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( البسوا من ثيابكم البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم ) ( 8 )
أما الإمام فيسن له أن يزيد في الزينة وتحسين الهيئة للاتباع ولأنه منظور إليه
- 8 - التطيب بأحسن ما وجد من الطيب ( 9 )
_________
( 1 ) البيهقي ج 3 / ص 429
( 2 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 35 / 893
( 3 ) النسائي ج 3 / ص 91
( 4 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 11
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة / 4
( 6 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 2 / 839
( 7 ) وقد تقدم التفصيل فيها قي أبحاث الطهارة تحت عنوان مستحبات أخرى
( 8 ) النسائي ج 4 / ص 34
( 9 ) قال النووي : واعلم أن هذا المذكور من استحباب الغسل والطيب والتنظف بإزالة الشعور المذكورة والظفر والروائح الكريهة ولبس أحسن ثيابه ليس مختصا بالجمعة بل هو مستحب لكل من أراد حضور مجمع من مجامع الناس : المجموع ج 4 / ص 413



ويسن لحاضر الجمعة :
- 1 - التبكير : لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من اغسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ( 1 ) ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة . فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ) ( 2 )
ويستحب أن يمشى إليها وعليه السكينة والوقار غير راكب إلا لعذر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) ( 3 )
إلا الإمام فيسن له التأخير لتهيئة الخطبة
- 2 - ويستحب إن حضر قبل الخطبة أن يشتغل بذكر الله تعالى والتنفل فإذا جلس الإمام حرم التنفل ولا تنعقد الصلاة المتنفل بها ولو لم يشرع في الخطبة ومثل ذلك في الحرمة وعدم الانعقاد الصلاة حال جلوس الخطيب بين الخطبتين لما روي عن ثعلبة بن أبي مالك رضي الله عنه " أن قعود الإمام يقطع السبحة وأن كلامه يقطع الكلام " ( 4 )
ويستثنى من ذلك تحية المسجد للداخل بعد جلوس الخطيب على المنبر فله فعلها بل يسن ويجب تخفيفها والاقتصار على ركعتين لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) ( 5 ) . هذا ما لم يكن الإمام في آخر الخطبة فلا يفعل لئلا يفوته أول الصلاة مع الإمام
- 3 - الدنو من الإمام لحديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من اغتسل يوم الجمعة وغسل وبكر وابتكر ودنا واستمع وأنصت كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها ) ( 6 )
- 4 - الإنصات في الخطبة بترك الكلام والذكر للسامع مع الإصغاء وبترك الكلام دون الذكر لغير السامع لقوله تعالى : { وإذا قرئ القران فاستمعوا له وأنصتوا ) ( 7 ) نزلت هذه الآية في الخطبة وإنما سميت الخطبة قرآنا لاشتمالها عليه . ومعنى الآية محمول على الندب لا على تحريم الكلام بدليل ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الجمعة فقال : يا رسول الله هلكت الماشية هلك العيال هلك الناس . فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون . . . " ( 8 ) . وعليه يجب رد السلام وإن كره ابتداؤه ويسن تشميت العاطس ورفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم عند قراءة الخطيب : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } ( 9 ) وكذا عند ذكر اسمه ولو من غير الخطيب . أما في سوى ذلك فالصمت مستحب لما ذكرنا من قوله تعالى ولحديث أيي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصا فقد لغا ) ( 10 )
_________
( 1 ) قرب بدنة : تصدق بها . والبدنة : الواحد من الإبل ذكرا كان أو أنثى
( 2 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 4 / 841
( 3 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 16 / 866
( 4 ) البيهقي ج 3 / ص 193 ، والسبحة : النافلة
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 14 / 59
( 6 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 356 / 496 ، وبكر : أتى الصلاة في أول وقتها . وابتكر : أدرك أول الخطبة . وقيل معنى اللفظين واحد وإنما كرر للمبالغة والتوكيد
( 7 ) الأعراف : 204
( 8 ) البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 20 / 983
( 9 ) الأحزاب : 56
( 10 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 8 / 27




ما يكره لحاضر الجمعة :
- 1 - تخطي الرقاب : لما روى عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : " كنت جالسا إلى جانبه يوم الجمعة . فقال : جاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أي اجلس فقد آذيت ) " ( 1 ) . إلا الإمام إذا لم يجد طريقا إلى المنبر أو المحراب إلا بالتخطي لم يكره لأنه ضرورة أو رجل صالح يتبرك به أو عظيم ولو في الدنيا يسر الناس بمروره لزوال علة الكراهة التي هي التأذي
ومن وجد فرجة لا يصلها إلا بالتخطي فله ذلك وكذا إذا سبق الصبيان والعبيد ثم حضر المكلفون بالجمعة ولم يسمعوا الخطبة من حيث انتهى بهم المجلس أول مرة فلهم التخطي للسماع
- 2 - تشبيك الأصابع أثناء الخطبة لقوله صلى الله عليه و سلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه : ( فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة ) ( 2 ) ولحديث عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة ) ( 3 )
- 3 - الاحتباء ( 4 ) أثناء الخطبة لما روى سهل بن معاذ عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب " ( 5 )
_________
( 1 ) النسائي ج 3 / ص 153
( 2 ) مسلم ج 1 / كتاب المساجد باب 28 / 152
( 3 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 284 / 386
( 4 ) احتبى بالثوب : اشتمل به جمع بين ظهره وساقيه بثوبه أو بيديه أو نحو ذلك
( 5 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 370 / 514



إدراك الجمعة :

- من دخل والإمام في الصلاة أحرم بها مهما أدرك منها فإن أدرك معه الركوع في الثانية بحيث اطمأن قبل رفع الإمام عن أقل الركوع فقد أدرك الجمعة
وإن لم يدرك معه ركعة كاملة لم يدرك الجمعة فيتمها ظهرا
ولو أدركه في الركوع ثم شك هل سجد مع الإمام سجدة أو سجدتين فإن كان ذلك قبل السلام سجد أخرى وأدرك الجمعة وإن كان بعده سجد أخرى وأتمها ظهرا ولا تحصل الجمعة
ولو أدرك ركعة مع الإمام ثم سلم الإمام وأتى بركعته الأخرى فلما جلس للتشهد شك هل سجد مع الإمام سجدة أم سجدتين لم يكن مدركا للجمعة وتحصل له ركعة من الظهر ويأتي بثلاث ركعات



أعذار الجمعة والجماعة :
- 1 - المطر إن بل ثوبه ولم يجد كنا وشدة الريح بالليل والبرد والوحل والحر في الظهر لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول : ألا صلوا في الرحال " ( 1 ) . وعن عبد الله بن حارث قال : " خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ ( 2 ) فأمر المؤذن لما بلغ حي على الصلاة قال : قل الصلاة في الرحال . فنظر بعضهم إلى بعض فكأنهم أنكروا فقال : كأنكم أنكرتم هذا إن هذا فعله من هو خير مني - يعني النبي صلى الله عليه و سلم - إنها عزمة ( 3 ) وإني كرهت أن أحرجكم " ( 4 )
- 2 - المرض الذي يشق معه الحضور . وتمريض من لا متعهد بتمريضه غيره وإشراف قريب له أو شخص يأنس به على الموت لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما " أن سعيد بن زيد وكان بدريا مرض في يوم جمعة فركب إليه بعد أن تعالى النهار واقتربت الجمعة وترك الجمعة " ( 5 )
- 3 - الخوف على نفسه من عدو وعلى عرضه أو ماله والخوف من انقطاع عن رفقة يريد السفر المشروع معهم . لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ) . قالوا : وما العذر ؟ قال : ( خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى ) " ( 6 )
- 4 - ملازمة غريمه إذا خرج إلى الجماعة وهو معسر
- 5 - رجاء رفع عقوبة عنه
- 6 - مدافعة الحدث
- 7 - فقد ما يليق به لبسه
- 8 - غلبة النوم
- 9 - شدة الجوع والعطش لحديث ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضى حاجته منه وإن أقيمت الصلاة ) ( 7 )
- 10 - أكل منتن نيء إن لم يمكنه إزالة ريحه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من كل هذه البقلة فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها ) ( 8 ) يعني الثوم
- 11 - تجهيز ميت
- 12 - أن يحلف عليه غيره ألا يخرج خوفا عليه
- 13 - فقد الأعمى لمن يقوده لحديث عتبان بن مالك رضي الله عنه " أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى فجاءه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( أين تحب أن أصلي ؟ ) فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم " ( 9 )
فإن وجد متبرعا لزمته وكذلك لو وجده بأجرة المثل وهو واجدها
وفائدة الأعذار سقوط الإثم في حال وجودها . فإن كانت أمنيته أن يحضرها لولا العذر كتب له فضلها لحديث أبي بردة قال : " سمعت أبا موسى مرارا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ) " ( 10 )
وللمعذور في ترك الجمعة المتوقع زوال عذره ووجوب الجمعة عليه أن يصلى الظهر قبل الجمعة لكن الأفضل تأخيرها إلى اليأس من الجمعة لاحتمال تمكنه منها ويحصل اليأس برفع الإمام رأسه من ركوع الثانية
أما من لا يرجو زوال عذره فيستحب له تعجيل الظهر في أول الوقت محافظة على فضيلته أول الوقت
وإذا صلى المعذور ثم زال عذره وتمكن من الجمعة أجزأه ظهره ولا تلزمه الجمعة لأن فرض المعذور الظهر ثم هو مخير بين الظهر والجمعة فإن صلى الظهر صحت وإن صلى الجمعة أجزأته عن الظهر
ولا تصح صلاة الظهر من الرجال غير المعذورين حتى يحصل لهم اليأس من إدراك الجمعة ويكون ذلك برفع الإمام رأسه من ركوع الثانية . أما النساء فصلاتهن صحيحة من أول الوقت لأنهن غير مكلفات بالجمعة أصلا
_________
( 1 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 12 / 635
( 2 ) الرذغ والردغة : الماء والطين والوحل الشديد
( 3 ) العزمة : الجمعة
( 4 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 13 / 637
( 5 ) البخاري ج 4 / كتاب المغازي باب 8 / 3769
( 6 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 47 / 551
( 7 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 14 / 642
( 8 ) مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 17 / 69
( 9 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 12 / 636
( 10 ) البخاري ج 3 / كتاب الجهاد باب 132 / 2834
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-02-2013
  #30
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة

الباب السابع : صلاة الجمعة
- هي ركعتان وتقام في وقت الظهر بدلا عنه يوم الجمعة
حكمها :
- هي فرض عين لقوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا إذا نودي للصلاة من يوم الجمعة فاسعوا إلى ذكر الله وذروا البيع } ( 1 ) . فالأمر بالسعي يعني الوجوب وما نهى عن البيع الذي هو مباح إلا لواجب . والمراد بذكر الله الصلاة وقيل الخطبة
وروت حفصة رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه و سلم أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( رواح الجمعة واجب على كل محتلم ) ( 2 )
وعن ابن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم أنهما سمعا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول على أعواد منبره :
( لينتهين أقوام عن ودعهم الجمعات أو ليختمن الله على قلوبهم ثم ليكونن من الغافلين ) ( 3 ) . وعن أبي الجعد الضمري رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من ترك الجمعة ثلاث مرات تهاونا بها طبع الله على قلبه ) ( 4 )
_________
( 1 ) الجمعة : 9
( 2 ) النسائي ج 3 / ص 89
( 3 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 12 / 40
( 4 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 359 / 500


شروط وجوب الجمعة :
- 1 - الإسلام والبلوغ والعقل ( 1 ) . أما الصبي غير البالغ فتستحب له
- 2 - الحرية الكاملة يخرج بذلك المبعض ( 2 ) فلا تجب عليه ولا على العبد وإن استحب لسيديهما أن يأذنا لهما فيها وحينئذ يستحب لهما حضورها ولا يجب
- 3 - الذكورة فلا تجب على المرأة لكن إن صلتها أجزأت عن الظهر كالرجال
- 4 - الصحة فلا تجب على المريض المرخص له بترك الجماعة سواء فاتت الجمعة على أهل القرية بتخلفه لنقصان العدد أم لا وذلك إن لم يحضر مكان إقامتها لحديث طارق ابن شهاب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الجمعة حق واجب على كل مسلم في جماعة إلا أربعة : عبد مملوك أو امرأة أو صبي أو مريض ) ( 3 )
والمرض المسقط للجمعة هو الذي يلحق صاحبه بذهابه إليها مشقة ظاهرة غير محتملة . فإن كان في مكان إقامتها ودخل وقتها ولم يزد ضرره بانتظار فعلها أو أقيمت الصلاة وهو حاضر فعندئذ تجب عليه لأنه إنما لم تجب عليه للمشقة وتد زالت بالحضور . ولا ينصرف بعد تحرمه إلا لأمر شديد جدا . أما قبل دخول وقتها فله أن ينصرف ولو أمن الضرر بعد دخول الوقت على أنه إن تكلف المشقة وحضر كان أفضل
- 5 - الإقامة ويخرج بذلك المسافر سفرا مباحا ولو قصيرا لاشتغاله بأسباب السفر فإن نوى إقامة أربعة أيام غير يومي الدخول والخروج لزمته بلا خلاف . ويحرم على من تلزمه الجمعة السفر بعد فجر يومها إلا إذا أمكنه فعلها في مقصده أو طريقه أو كان يلحقه ضرر بتخلفه عن رفقته
- 6 - تجب الجمعة على من بلغه نداء صيت ( 4 ) من طرف موضع الجمعة مع سكون الريح والصوت وهو مستمع لحديث عبد الله بن عمرو رضى الله عنهما عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( الجمعة على كل من سمع النداء ) ( 5 )
_________
( 1 ) زوال العقل مسقط للجمعة إن كان بسب غير محرم أما إن كان سبب محرم كالسكر ونحوه فليس بمسقط لها
( 2 ) المبغض هو الذي بعضه رقيق وبعضه حر بأحد أسباب التبعيض
( 3 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 215 / 1067
( 4 ) مؤذن رفيع الصوت
( 5 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 212 / 1056


شروط صحة الجمعة :

- أولا - أن تقع الصلاة كلها مع الخطبة في وقت الظهر لحديث أنس رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يصلى الجمعة حين تميل الشمس " ( 1 ) . وعن سلمة بن الأكوع رضي الله عنه قال : " كنا نجمع مع رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا زالت الشمس ثم نرجع نتبع الفيء " ( 2 ) . فلو خطب قبل دخول الوقت لم تصح لأن الجمعة ردت إلى ركعتين بالخطبة فإذا لم تجز الصلاة قبل الوقت لم تجز الخطبة
وإذا ضاق وقت الصلاة ورأى الإمام أنه إن خطب خطبتين خفيفتين وصلى ركعتين لم يذهب الوقت لزمتهم الجمعة وإن رأى أنه لا يمكنهم ذلك صلى الظهر
ولو شكوا في خروج وقتها فإن كانوا لم يدخلوا فيها لم يجز الدخول فيها لأن شرطها الوقت ولم يتحققه فلا يجوز الدخول مع الشك في الشرط
وإن دخلوا فيها في وقتها ثم شكوا قبل السلام في خروج الوقت أتموها جمعة لأن الأصل بقاء الوقت وصحة الفرض ولا تبطل بالشك وكذا إذا صلوا ثم شكوا بعد فراغها هل خرج وقتها فبل الفراغ منها فإنهم تجزئهم الجمعة لأن الأصل بقاء الوقت
أما إذا شرعوا فيها في وقتها ثم خرج الوقت قبل التسليمة الأولى فتفوت الجمعة وعليهم إتمامها ظهرا ويسرون فيها من حينئذ وتجزيهم ولا يحتاج إلى نية الشر لأنهما صلاتا وقت واحد فجاز بناء أطولهما على أقصرهما كالمسافر إذا نوى القصر ثم لزمه الإتمام بإقامة أو غيرها . ولو مد الإمام الركعة الأولى حتى تحقق أنه لم يبق ما يسع الثانية أتمها ظهرا بلا تجديد نية وانقلب ما صلى ظهرا من حين تحققه ولو لم يخرج الوقت بعد
ولا تقضى جمعة على صورتها بعد فوات وقت الظهر ولو في يوم جمعة أخرى ولكن من فاتته لزمته الظهر
ثانيا - أن تقام في أبنية مجتمعة يستوطنها من تنعقد بهم الجمعة من خطة بلد أو قرية مبنية ولو بالخشب أو القصب ولو لم تكن في المسجد كأن تكون في فناء معدود من خطة البلد . فإذا صليت خارج البلد لم تصح بلا خلاف لأن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ولم يصل هكذا . وإذا انهدمت البلد أو القرية وأقاموا لعمارتها ولو في غير مظال وسقائف صحت جمعتهم فيها لأنها وطنهم بخلاف ما لو نزلوا مكانا ليعمروه قرية فإن جمعتهم لا تصح فيه قبل البناء
ولا تصح الجمعة في خيام الأعراب وبيوتهم وتجب عليهم الجمعة إن سموا النداء من محلها وإلا فلا لأن الأعراب كانوا مقيمين حول المدينة المنورة ولم يأمرهم النبي صلى الله عليه و سلم بها لكونهم لا يسمعون النداء
وشرط البلد أو القرية أن يسكنها الأربعون الذين تجب عليهم الجمعة بحيث لا يظعنون عنها صيفا ولا شتاء إلا لحاجة
ثالثا - ألا يسبقها أو يقارنها في تحرمها جمعة أخرى في محلها أي في نفس البلد أو القرية لأن الرسول صلى الله عليه و سلم والخلفاء الراشدين لم يقيموا سوى جمعة واحدة والاقتصار على واحدة أظهر لشعار الاجتماع واتفاق الكلمة إلا إذا عسر اجتماعهم بأن كبرت البلدة التي تقام فيها الجمعة وليس فيها مكان واحد يستوعب جماعتها بلا مشقة مسجدا كان المكان أو غيره فحينئذ يجوز تعددها بحسب الحاجة أما إذا تعددت لغير حاجة وعلمت السابقة منها فهي الصحيحة وما بعدها باطل يجب على أهلها أداء فريضة الظهر في الوقت وأما إذا تقارنت في جميع الأمكنة فجميعها باطلة . والعبرة في السبق والمقارنة بالراء من تكبيرة إحرام الإمام . وإن علم السبق ولم يعرف السابق أو علم السابق ثم نسى فتجب صلاة الظهر على الجميع لالتباس الصحيحة بالفاسدة . وإن علمت المقارنة أو لم يعلم هل حصل سبق أو مقارنة أعيدت الجمعة مجتمعين إن اتسع الوقت لعدم وقوع جمعة مجزئة ويفضل احتياطا وخروجا من مخالفة من منع التعدد ولو لحاجة نقول يفضل لمن صلى ببلد تعددت الجمعة فيه لحاجة أن بعيدها ظهرا ( 3 ) . ويصلى الظهر بعد الجمعة غير المجزئة جماعة
رابعا - الجماعة : فلا تصح فرادى ويشترط أن يكون العدد في جماعة الجمعة أربعين عند الإحرام بما فيهم الإمام كلهم لا ممن تنعقد بهم الجمعة ( 4 )
ويشترط بقاء العدد كاملا من أول الخطبة إلى انقضاء الصلاة فإن انفضوا في أثناء الخطبة لم يعتد بالركن المفعول في غيبتهم بلا خلاف فإن عادوا قريبا عرفا وجبت إعادة الركن الذي لم يحضروه دون الاستئناف وإن عادوا بعد فصل طويل عرفا ( 5 ) وجب الاستئناف لانتفاء الموالاة . ولو نقصوا في الصلاة بطلت لاشتراط اكتمال العدد فيها أربعين . وإن زاد العدد على الأربعين صح أن يكون الإمام فيها عبدا أو مسافرا أو صبيا مميزا
خامسا - خطبتان قبل الصلاة يجلس بينهما لما روى جابر بن سمرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يخطب قائما ثم يجلس ثم يقوم فيخطب قائما ) ( 6 ) . ولأن الخطبة إنما قصرت لأجل الخطبة فإذا لم يخطب رجع إلى الأصل
- شروطهما :
- 1 - اكتمال العدد الذي تنعقد به الجمعة
- 2 - كونهما في وقت الظهر قبل الصلاة فلو خطب الخطبتين أو بعضهما قبل الزوال ثم صلى بعدهما لم يصح ولو صلى قبل الخطبتين لم يصح لأنهما شرط لصحة الصلاة ومن شأن الشرط أن يقدم
- 3 - طهارة الخطيب من الحدثين . فلو خطب جنبا لم يصح لأن القراءة في الخطبة واجبة ولا تحسب قراءة الجنب . ولو لم يعلم حاضرو الجمعة جنابته ثم علموا بعد فراغها أجزأتهم . وإن أحدث أثناء الخطبة وجب الاستئناف ولا يجوز البناء بنفسه ولو تطهر عن قرب لأنها عبادة واحدة فلا تصح أن تؤدى بطهارتين فإن أناب حين أحدث فللنائب أن يبنى على ما فعله الأول أما لو أحدث بين الخطبتين والصلاة وتطهر عن قرب صح ذلك ولا يضر
- 4 - الطهارة من الخبث في الثوب والبدن والمكان وكذا ما يحمله الإمام من سيف أو عكاز والمنبر كذلك . فإن كانت النجاسة تحت قدميه أو يديه ضر مطلقا ولو بان الإمام ذا نجاسة خفية بعد الخطبة لم يضر
- 5 - كون الخطيب مستور العورة لأن الخطبتين بمنزلة ركعتين
- 6 - القيام مع القدرة لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه المتقدم فإن عجز استحب له أن يستخلف فإن خطب قاعدا للعجز أو مضطجعا إن عجز عن الجلوس أو مستلقيا إن عجز عن الاضطجاع جاز بلا خلاف كالصلاة فإن بان أنه كان قادرا على القيام صحت صلاتهم إن تم العدد دونه وإن نقص لم تصح ولا تصح صلاته هو على التقديرين
- 7 - إسماع العدد الذي تنعقد به الجمعة ( 7 ) لقول جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في وصف خطبته صلى الله عليه و سلم : " وقد علا صوته . . . " ( 8 ) فلا يجزئ الإسرار ولا حضورهم بلا سماع لصمم أو بعد أو نوم
- 8 - كونهما بالعربية ومحل اشتراط العربية أن يكون في القوم عربي وإلا أجزأت بالعجمية إلا الآية فلا بد فيها من العربية . ويجب أن يتعلم واحد من القوم العربية فإن لم يتعلم واحد منهم أثموا جميعهم ولا تصح جمعتهم مع القدرة على التعلم
- 9 - الموالاة بين كلمات كل من الخطبتين وبين الخطبتين وبين الخطبة الثانية والصلاة . فلو فرق ولو لعذر كنوم أو إغماء بطلت
- 10 - الجلوس بينهما جلوسا خفيفا بقدر الطمأنينة لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه المتقدم ويستحب أن يجعل بقدر سورة الإخلاص وأن يقرأها فيه فإن خطب قاعدا للعجز وجب أن يفصل بينهما بسكتة ولا يجوز أن يضطجع
- فروضهما :
- 1 - حمد الله تعالى ولو ضمن آية كأن يقول : { الحمد لله الذي خلق السموات والأرض } إذا قصد الذكر أما إن قصد قراءة الآية أو الآية والذكر أو أطلق أجزأت عن الآية ولم تجزئ عن حمد الله تعالى قال جابر بن عبد الله رضى الله عنهما : " كانت خطبة النبي صلى الله عليه و سلم يوم الجمعة يحمد الله ويثنى عليه ثم يقول على إثر ذلك وقد علا صوته واشتد غضبه حتى كأنه منذر جيش يقول صبحكم ومساكم ويقول : ( بعثت أنا والساعة كهاتين ) ويقرن بين إصبعيه السبابة والوسطى ويقول : ( أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدى هدى محمد وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة ) ثم يقول : ( أنا أولى بكل مؤمن من نفسه من ترك مالا فلأهله ومن ترك دينا أو ضياعأ فإلى وعلى ) " ( 9 )
- 2 - الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم وتندب الصلاة على الآل والصحب . ويجب الترتيب بأن تكون الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعد حمد الله
- 3 - الوصية بالتقوى لحديث جابر رضي الله عنه ولأنها المقصود الأعظم من الخطبة ولا يتعين لفظ الوصية بل يجزئ قول الإمام : أطيعوا الله أو اتقوا الله . ولا يكفي الاقتصار فيها على التحذير من غرور الدنيا وزخارفها لأن ذلك قد يتواصى به منكرو الشرائع بل لا بد من الحث على الطاعة والتحذير من المعصية
- 4 - قراءة آية مفهمة ( 10 ) في إحداهما والأفضل أن تكون في الأولى لتقابل الدعاء في الثانية فيكون في كل خطبة أربع فرائض ويسن أن يقرأ سورة ق لما روي عن أم هشام بنت حارثة ابن النعمان رضي الله عنها قالت : " . . . وما أخذت ق والقران المجيد إلا عن لسان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقرؤها كل يوم جمعة على المنبر إذا خطب الناس " ( 11 )
فإن لم يحسن شيئا من القران أتى ببدل الآية ذكرا أو دعاء فإن عجز وقف بقدرها
- 5 - الدعاء للمؤمنين والمؤمنات في الثانية فلو أتى به في الأولى لم يعتد به وإذا خص الحاضرين فقط صح ذلك لكن الأكمل أن يشمل في دعائه كل المؤمنين والمؤمنات . ولا يسن الدعاء للسلطان بعينه بل إن ذلك مكروه عند الشافعي ولا يجوز وصف السلطان بما ليس فيه ويسن الدعاء لأئمة المسلمين وولاة الأمور بالصلاح والإعانة على الحق والقيام بالعدل
- سنن الخطبتين :
- أن تكونا على منبر للأحاديث الصحيحة الكثيرة فيه من ذلك ما قال أنس رضي الله عنه : " خطب النبي صلى الله عليه و سلم على المنبر " ( 12 ) . والسنة أن يكون المنبر ذا ثلاث درجات فإن لم يكن فعلى مرتفع . وأن يسلم عند دخوله المسجد وأن يقبل عليهم إذا صعد المنبر وانتهى إلى الدرجة التي تسمى بالمستراح ثم يسلم عليهم ثانية لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم إذا دنا من منبره يوم الجمعة سلم على من عنده من الجلوس فإذا صعد المنبر استقبل الناس بوجهه ثم سلم " ( 13 ) . ثم يجلس يستريح فيؤذن واحد منهم لحديث السائب بن يزيد رضي الله عنه قال : " كان النداء يوم الجمعة أوله إذا جلس الإمام على المنبر على عهد النبي صلى الله عليه و سلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما " ( 14 )
ويسن أن تكون الخطبة فصيحة جزلة قريبة من الفهم متوسطة لا طويلة مملة ولا قصيرة مخلة لحديث جابر بن سمرة رضي الله عنه قال : " كنت أصلى مع النبي صلى الله عليه و سلم الصلوات فكانت صلاته قصدا وخطبته قصدا " ( 15 )
ويسن للخطيب أن يعتمد على نحو عصا بيسراه وعلى المنبر بيمناه ويكره التفاته في الخطبة وأن يرفع يديه يشير بهما إلا إذا كانت له عادة أو من أجل بث الحماسة في النفوس لحديث عمارة بن رؤيبة رضي الله عنه قال : " رأى بشر بن مروان على المنبر رافعا يديه فقال : قبح الله هاتين اليدين لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يزيد على أن يقول بيده هكذا وأشار بإصبعه المسبحة " ( 16 ) . كما يسن له أن يبادر بالنزول عقب الانتهاء ويكره دق درج المنبر
ويسن أن يقرأ في الصلاة سورة الجمعة في الركعة الأولى وسورة المنافقون في الركعة الثانية أو سورة الأعلى في الأولى والغاشية في الثانية وتكون القراءة جهرا
_________
( 1 ) البخاري ج ا / كتاب الجمعة باب 14 / 862
( 2 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 9 / 31
( 3 ) في بلدنا تتعدد الجمعة أكثر من الحاجة لذا يجب على الجميع إعادة الظهر بعدها وتقدر الحاجة بامتلاء المساجد كلها مع صحنها غير المسقوف ولو شتاء
( 4 ) أي أن يكونوا كلهم رجالا بالغين عقلاء أحرار مستوطنين في بلد إقامة الجمعة
( 5 ) وضابطه مضي وقت يسع ركعتين خفيفتين
( 6 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 10 / 35
( 7 ) ولا عبرة لسماع من لا تنعقد بهم الجمعة
( 8 ) سيأتي الحديث كاملا في فروض الخطبتين
( 9 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 13 / 44
( 10 ) ذات معنى مقصود كالوعد والوعيد والوعظ ولا يكفي بعض آية وإن طال
( 11 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 13 / 52
( 12 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 24
( 13 ) البيهقي ج 3 / ص 205
( 14 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 19 / 870
( 15 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 13 / 42 ، والقصد من الأمر هو الوسط بين الطرفين
( 16 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 13 / 53




ما يسن عمله ليلة الجمعة ويومها :
- 1 - قراءة سورة الكهف لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم أنه قال : ( من قرأ سورة الكهف في يوم الجمعة أضاء له من النور ما بين الجمعتين ) ( 1 )
- 2 - الإكثار من الدعاء لأن في يومها ساعة إجابة عن أبي هريرة رضي الله عنه " أن رسول الله صلى الله عليه و سلم ذكر يوم الجمعة فقال : ( فيه ساعة لا يوافقها عبد مسلم وهو قائم يصلى يسأل الله تعالى شيئا إلا أعطاه إياه ) وأشار بيده يقللها " ( 2 )
- 3 - الإكثار من الصدقة وفعل الخير ومن الصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم لما روى أوس بن أوس رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة . . . فأكثروا علي من الصلاة فإن صلاتكم معروضة علي ) ( 3 )
- 4 - الغسل لمن أراد المجيء إلى الجمعة ذكرا كان أو أنثى حرا أو عبدا مقيما أو مسافرا بخلاف من لم يرد حضورها فلا يسن له الغسل لقول ابن عمر رض الله عنهما : " إنما الغسل على من تجب عليه الجمعة " ( 4 ) . وروي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لعثمان رضي الله عنه : " ألم تسمعوا رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا جاء أحدكم إلى الجمعة فليغتسل ) " ( 5 ) . وبهذا يبدو الفرق بين غسل الجمعة وغسل العيدين فالقصد من غسل الجمعة التنظف ودفع الأذى عن الناس أما القصد من غسل العيد فالزينة وإظهار السرور لذا لم يختص بمن يريد حضور صلاة العيد
ووقت الغسل ما بين طلوع الفجر إلى أن يدخل في الصلاة فإن اغتسل قبل طلوعه لم يجزئه لحديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( غسل يوم الجمعة واجب على كل محتلم ) ( 6 ) فعلقه على اليوم
ويسن تأخيره إلى الرواح للمسجد لأنه إنما يراد لقطع الروائح فإذا فعله عند الرواح كان أبلغ في المقصود . ويفوت وقته إذا أخر إلى بعد الصلاة لما ذكرنا من مقصوده أما غسل العيد فتحصل به السنة ولو بعد الصلاة لأن القصد التزين ليوم العيد كما مر
وإذا تعارض الغسل مع التبكير قدم الغسل عليه لأنه قد قيل بوجوبه في بعض المذاهب
وإن عجز عن الغسل تيمم بنية الغسل فيقول : نويت التيمم بدلا عن غسل الجمعة لأن المقصود من الغسل النظافة والعبادة فإن فاتت النظافة بعدم الغسل بقيت العبادة بالتيمم ولأن الشرع أقام التيمم مقام الغسل عند العجز
- 5 - أخذ الظفر إن طال ونتف الإبط وقص الشارب وحلق العانة ودليلها الندب العام إليها ( 7 )
- 6 - الاستياك
- 7 - تنظيف الثياب ولبس أحسن ما عنده منها والأكمل البيض فإن لم تكن كلها فأعلاها لحديث سمرة بن جندب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( البسوا من ثيابكم البياض فإنها أطهر وأطيب وكفنوا فيها موتاكم ) ( 8 )
أما الإمام فيسن له أن يزيد في الزينة وتحسين الهيئة للاتباع ولأنه منظور إليه
- 8 - التطيب بأحسن ما وجد من الطيب ( 9 )
_________
( 1 ) البيهقي ج 3 / ص 429
( 2 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 35 / 893
( 3 ) النسائي ج 3 / ص 91
( 4 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 11
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة / 4
( 6 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 2 / 839
( 7 ) وقد تقدم التفصيل فيها قي أبحاث الطهارة تحت عنوان مستحبات أخرى
( 8 ) النسائي ج 4 / ص 34
( 9 ) قال النووي : واعلم أن هذا المذكور من استحباب الغسل والطيب والتنظف بإزالة الشعور المذكورة والظفر والروائح الكريهة ولبس أحسن ثيابه ليس مختصا بالجمعة بل هو مستحب لكل من أراد حضور مجمع من مجامع الناس : المجموع ج 4 / ص 413



ويسن لحاضر الجمعة :
- 1 - التبكير : لحديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من اغسل يوم الجمعة غسل الجنابة ثم راح فكأنما قرب بدنة ( 1 ) ومن راح في الساعة الثانية فكأنما قرب بقرة ومن راح في الساعة الثالثة فكأنما قرب كبشا أقرن ومن راح في الساعة الرابعة فكأنما قرب دجاجة ومن راح في الساعة الخامسة فكأنما قرب بيضة . فإذا خرج الإمام حضرت الملائكة يستمعون الذكر ) ( 2 )
ويستحب أن يمشى إليها وعليه السكينة والوقار غير راكب إلا لعذر لحديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا أقيمت الصلاة فلا تأتوها تسعون وأتوها تمشون عليكم السكينة فما أدركتم فصلوا وما فاتكم فأتموا ) ( 3 )
إلا الإمام فيسن له التأخير لتهيئة الخطبة
- 2 - ويستحب إن حضر قبل الخطبة أن يشتغل بذكر الله تعالى والتنفل فإذا جلس الإمام حرم التنفل ولا تنعقد الصلاة المتنفل بها ولو لم يشرع في الخطبة ومثل ذلك في الحرمة وعدم الانعقاد الصلاة حال جلوس الخطيب بين الخطبتين لما روي عن ثعلبة بن أبي مالك رضي الله عنه " أن قعود الإمام يقطع السبحة وأن كلامه يقطع الكلام " ( 4 )
ويستثنى من ذلك تحية المسجد للداخل بعد جلوس الخطيب على المنبر فله فعلها بل يسن ويجب تخفيفها والاقتصار على ركعتين لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : إذا جاء أحدكم يوم الجمعة والإمام يخطب فليركع ركعتين وليتجوز فيهما ) ( 5 ) . هذا ما لم يكن الإمام في آخر الخطبة فلا يفعل لئلا يفوته أول الصلاة مع الإمام
- 3 - الدنو من الإمام لحديث أوس بن أوس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من اغتسل يوم الجمعة وغسل وبكر وابتكر ودنا واستمع وأنصت كان له بكل خطوة يخطوها أجر سنة صيامها وقيامها ) ( 6 )
- 4 - الإنصات في الخطبة بترك الكلام والذكر للسامع مع الإصغاء وبترك الكلام دون الذكر لغير السامع لقوله تعالى : { وإذا قرئ القران فاستمعوا له وأنصتوا ) ( 7 ) نزلت هذه الآية في الخطبة وإنما سميت الخطبة قرآنا لاشتمالها عليه . ومعنى الآية محمول على الندب لا على تحريم الكلام بدليل ما رواه أنس بن مالك رضي الله عنه قال : " أتى رجل أعرابي من أهل البدو إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم يوم الجمعة فقال : يا رسول الله هلكت الماشية هلك العيال هلك الناس . فرفع رسول الله صلى الله عليه و سلم يديه يدعو ورفع الناس أيديهم معه يدعون . . . " ( 8 ) . وعليه يجب رد السلام وإن كره ابتداؤه ويسن تشميت العاطس ورفع الصوت بالصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم عند قراءة الخطيب : { إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } ( 9 ) وكذا عند ذكر اسمه ولو من غير الخطيب . أما في سوى ذلك فالصمت مستحب لما ذكرنا من قوله تعالى ولحديث أيي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من توضأ فأحسن الوضوء ثم أتى الجمعة فاستمع وأنصت غفر له ما بينه وبين الجمعة وزيادة ثلاثة أيام ومن مس الحصا فقد لغا ) ( 10 )
_________
( 1 ) قرب بدنة : تصدق بها . والبدنة : الواحد من الإبل ذكرا كان أو أنثى
( 2 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 4 / 841
( 3 ) البخاري ج 1 / كتاب الجمعة باب 16 / 866
( 4 ) البيهقي ج 3 / ص 193 ، والسبحة : النافلة
( 5 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 14 / 59
( 6 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 356 / 496 ، وبكر : أتى الصلاة في أول وقتها . وابتكر : أدرك أول الخطبة . وقيل معنى اللفظين واحد وإنما كرر للمبالغة والتوكيد
( 7 ) الأعراف : 204
( 8 ) البخاري ج 1 / كتاب الاستسقاء باب 20 / 983
( 9 ) الأحزاب : 56
( 10 ) مسلم ج 2 / كتاب الجمعة باب 8 / 27




ما يكره لحاضر الجمعة :
- 1 - تخطي الرقاب : لما روى عبد الله بن بسر رضي الله عنه قال : " كنت جالسا إلى جانبه يوم الجمعة . فقال : جاء رجل يتخطى رقاب الناس فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( أي اجلس فقد آذيت ) " ( 1 ) . إلا الإمام إذا لم يجد طريقا إلى المنبر أو المحراب إلا بالتخطي لم يكره لأنه ضرورة أو رجل صالح يتبرك به أو عظيم ولو في الدنيا يسر الناس بمروره لزوال علة الكراهة التي هي التأذي
ومن وجد فرجة لا يصلها إلا بالتخطي فله ذلك وكذا إذا سبق الصبيان والعبيد ثم حضر المكلفون بالجمعة ولم يسمعوا الخطبة من حيث انتهى بهم المجلس أول مرة فلهم التخطي للسماع
- 2 - تشبيك الأصابع أثناء الخطبة لقوله صلى الله عليه و سلم من رواية أبي هريرة رضي الله عنه : ( فإن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة فهو في صلاة ) ( 2 ) ولحديث عن كعب بن عجرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إذا توضأ أحدكم فأحسن وضوءه ثم خرج عامدا إلى المسجد فلا يشبكن بين أصابعه فإنه في صلاة ) ( 3 )
- 3 - الاحتباء ( 4 ) أثناء الخطبة لما روى سهل بن معاذ عن أبيه " أن النبي صلى الله عليه و سلم نهى عن الحبوة يوم الجمعة والإمام يخطب " ( 5 )
_________
( 1 ) النسائي ج 3 / ص 153
( 2 ) مسلم ج 1 / كتاب المساجد باب 28 / 152
( 3 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 284 / 386
( 4 ) احتبى بالثوب : اشتمل به جمع بين ظهره وساقيه بثوبه أو بيديه أو نحو ذلك
( 5 ) الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 370 / 514



إدراك الجمعة :

- من دخل والإمام في الصلاة أحرم بها مهما أدرك منها فإن أدرك معه الركوع في الثانية بحيث اطمأن قبل رفع الإمام عن أقل الركوع فقد أدرك الجمعة
وإن لم يدرك معه ركعة كاملة لم يدرك الجمعة فيتمها ظهرا
ولو أدركه في الركوع ثم شك هل سجد مع الإمام سجدة أو سجدتين فإن كان ذلك قبل السلام سجد أخرى وأدرك الجمعة وإن كان بعده سجد أخرى وأتمها ظهرا ولا تحصل الجمعة
ولو أدرك ركعة مع الإمام ثم سلم الإمام وأتى بركعته الأخرى فلما جلس للتشهد شك هل سجد مع الإمام سجدة أم سجدتين لم يكن مدركا للجمعة وتحصل له ركعة من الظهر ويأتي بثلاث ركعات



أعذار الجمعة والجماعة :
- 1 - المطر إن بل ثوبه ولم يجد كنا وشدة الريح بالليل والبرد والوحل والحر في الظهر لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال : " إن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر المؤذن إذا كانت ليلة ذات برد ومطر يقول : ألا صلوا في الرحال " ( 1 ) . وعن عبد الله بن حارث قال : " خطبنا ابن عباس في يوم ذي ردغ ( 2 ) فأمر المؤذن لما بلغ حي على الصلاة قال : قل الصلاة في الرحال . فنظر بعضهم إلى بعض فكأنهم أنكروا فقال : كأنكم أنكرتم هذا إن هذا فعله من هو خير مني - يعني النبي صلى الله عليه و سلم - إنها عزمة ( 3 ) وإني كرهت أن أحرجكم " ( 4 )
- 2 - المرض الذي يشق معه الحضور . وتمريض من لا متعهد بتمريضه غيره وإشراف قريب له أو شخص يأنس به على الموت لما روي عن ابن عمر رضي الله عنهما " أن سعيد بن زيد وكان بدريا مرض في يوم جمعة فركب إليه بعد أن تعالى النهار واقتربت الجمعة وترك الجمعة " ( 5 )
- 3 - الخوف على نفسه من عدو وعلى عرضه أو ماله والخوف من انقطاع عن رفقة يريد السفر المشروع معهم . لحديث ابن عباس رضي الله عنهما قال : " قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( من سمع المنادي فلم يمنعه من اتباعه عذر ) . قالوا : وما العذر ؟ قال : ( خوف أو مرض لم تقبل منه الصلاة التي صلى ) " ( 6 )
- 4 - ملازمة غريمه إذا خرج إلى الجماعة وهو معسر
- 5 - رجاء رفع عقوبة عنه
- 6 - مدافعة الحدث
- 7 - فقد ما يليق به لبسه
- 8 - غلبة النوم
- 9 - شدة الجوع والعطش لحديث ابن عمر رضى الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا كان أحدكم على الطعام فلا يعجل حتى يقضى حاجته منه وإن أقيمت الصلاة ) ( 7 )
- 10 - أكل منتن نيء إن لم يمكنه إزالة ريحه لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من كل هذه البقلة فلا يقربن مساجدنا حتى يذهب ريحها ) ( 8 ) يعني الثوم
- 11 - تجهيز ميت
- 12 - أن يحلف عليه غيره ألا يخرج خوفا عليه
- 13 - فقد الأعمى لمن يقوده لحديث عتبان بن مالك رضي الله عنه " أنه قال لرسول الله صلى الله عليه و سلم : يا رسول الله إنها تكون الظلمة والسيل وأنا رجل ضرير البصر فصل يا رسول الله في بيتي مكانا أتخذه مصلى فجاءه رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( أين تحب أن أصلي ؟ ) فأشار إلى مكان من البيت فصلى فيه رسول الله صلى الله عليه و سلم " ( 9 )
فإن وجد متبرعا لزمته وكذلك لو وجده بأجرة المثل وهو واجدها
وفائدة الأعذار سقوط الإثم في حال وجودها . فإن كانت أمنيته أن يحضرها لولا العذر كتب له فضلها لحديث أبي بردة قال : " سمعت أبا موسى مرارا يقول : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا مرض العبد أو سافر كتب له مثل ما كان يعمل مقيما صحيحا ) " ( 10 )
وللمعذور في ترك الجمعة المتوقع زوال عذره ووجوب الجمعة عليه أن يصلى الظهر قبل الجمعة لكن الأفضل تأخيرها إلى اليأس من الجمعة لاحتمال تمكنه منها ويحصل اليأس برفع الإمام رأسه من ركوع الثانية
أما من لا يرجو زوال عذره فيستحب له تعجيل الظهر في أول الوقت محافظة على فضيلته أول الوقت
وإذا صلى المعذور ثم زال عذره وتمكن من الجمعة أجزأه ظهره ولا تلزمه الجمعة لأن فرض المعذور الظهر ثم هو مخير بين الظهر والجمعة فإن صلى الظهر صحت وإن صلى الجمعة أجزأته عن الظهر
ولا تصح صلاة الظهر من الرجال غير المعذورين حتى يحصل لهم اليأس من إدراك الجمعة ويكون ذلك برفع الإمام رأسه من ركوع الثانية . أما النساء فصلاتهن صحيحة من أول الوقت لأنهن غير مكلفات بالجمعة أصلا
_________
( 1 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 12 / 635
( 2 ) الرذغ والردغة : الماء والطين والوحل الشديد
( 3 ) العزمة : الجمعة
( 4 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 13 / 637
( 5 ) البخاري ج 4 / كتاب المغازي باب 8 / 3769
( 6 ) أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 47 / 551
( 7 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 14 / 642
( 8 ) مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 17 / 69
( 9 ) البخاري ج 1 / كتاب الجماعة والإمامة باب 12 / 636
( 10 ) البخاري ج 3 / كتاب الجهاد باب 132 / 2834
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
مذهب الإمام الشافعي في العبادات وأدلته admin المكتبة الرقمية 1 11-05-2013 02:58 AM
كتاب الحج والعمرة والزيارة احكام واسرار على المذهب الشافعي راجي الخير المكتبة الرقمية 2 09-27-2013 02:11 PM
القصد من تأليف كتاب تنزيه القلوب لنظر علاّم الغيوب عبدالقادر حمود كتب سيدي الشيخ احمد فتح الله جامي رحمه الله 5 03-25-2012 10:57 PM
صلاة الحاجة نوح الفقه والعبادات 4 10-02-2010 03:13 PM
وفاة الحاجة ام جمال زوجة الشيخ عبد الرزاق حج احمد ملتقى الأعضاء 12 12-26-2009 02:19 PM


الساعة الآن 09:53 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir