رد: فقه العبادات على المذهب الشافعي تأليف الحاجة دريّة العيطة
الباب الثاني : الأذان والإقامة
معنى الأذان معنى الإقامة
- تعريف الأذان
لغة : الإعلام . بدليل قوله تعالى : { وأذان من الله ورسوله } ( التوبة : 3 ) أي إعلام من الله ورسوله . وقوله تعالى : { وأذن في الناس بالحج } ( الحج : 27 ) أي أعلمهم
شرعا : ذكر مخصوص يعلم به دخول وقت الصلاة المفروضة
وكلمات الأذان جامعة لعقيدة الإيمان فأولها إثبات لذات الله تعالى وما تستحقه من الكمال ثم الشهادة بالوحدانية له تعالى وبالرسالة لسيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ثم الدعاء إلى الصلاة ثم الدعاء إلى الفلاح ( الفلاح : الفوز والظفر ) بمعنى أن الإقبال على الصلاة سبب الفلاح
- تعريف الإقامة :
لغة : مصدر أقام
شرعا : ذكر مخصوص لاستنهاض الحاضرين للصلاة
دليلهما :
- قوله تعالى : { وإذا ناديتم إلى الصلاة . . . } ( المائدة : 58 ) وحديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم وفيه : ( إذا حضت الصلاة فليؤذن لكم أحدكم وليؤمكم أكبركم ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 17 / 602 )
سبب مشروعيتهما وصيغة كل منهما :
- أما سبب المشروعية وما يقال في كل منهما فمنفصل فيما رواه عبد الله بن زيد بن عبد ربه رضي الله عنه قال : " لما أمر رسول الله صلى الله عليه و سلم بالناقوس يعمل ليضرب به للناس لجمع الصلاة طاف بي وأنا نائم رجل يحمل ناقوسا في يده فقلت : يا عبد الله أتبيع الناقوس ؟ قال : وما تصنع به ؟ فقلت : ندعو به إلى الصلاة . قال : أفلا أدلك على ما هو خير من ذلك ؟ فقلت له : بلى . قال : فقال تقول : الله أكبر الله أكبر الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الصلاة حي على الفلاح حي على الفلاح الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله . قال : ثم استأخر عني غير بعيد ثم قال : وتقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر الله أكبر أشهد أن لا إله إلا الله أشهد أن محمدا رسول الله حي على الصلاة حي على الفلاح قد قامت الصلاة قد قامت الصلاة الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله . فلما أصبحت أتيت رسول الله صلى الله عليه و سلم فأخبرته بما رأيت فقال الرسول صلى الله عليه و سلم : ( إنها لرؤيا حق إن شاء الله فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك ) فقمت مع بلال فجعلت ألقيه عليه ويؤذن به فسمع ذلك عمر - رضي الله عنه - وهو في بيته فخرج يجر رداءه ويقول : والذي بعثك بالحق يا رسول الله لقد رأيت مثل ما رأى فقال الرسول صلى الله عليه و سلم ( فلله الحمد ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 28 / 499 )
حكم الأذان والإقامة :
- هما سنتان مؤكدتان على الكفاية لأداء الفرائض عند جمهور العلماء بحيث يظهر الشعار ولا تحصل السنة بالأذان ما لم ينتشر في جميع البلد حتى إذا كانت كبيرة أذن في كل جانب . وتسن لجماعة النساء والمنفردة منهن والخنثى والإقامة دون الأذان لأن الأذان يرفع فيه الصوت وقد يؤدي رفع صوت الأنثى إلى فتنة . أما الإقامة فلا تستلزم رفع الصوت إلا بقدر ما تسمع المرأة نفسها أو جماعة المصليات المقتديات بها فإذا رفعت صوتها أكثر من ذل كره وإن خشيت الفتنة بسماع صوتها حرم
والأذان والإقامة مشروعان للصلوات الخمس المكتوبة دون ما سواهن . أما الصلوات النافلة التي تطلب فيها الجماعة مثل صلاة العيدين والتراويح والوتر في رمضان والاستسقاء فينادي فيها : الصلاة جامعة . وفي صلاة الجنازة إذا احتيج للمناداة يقال : الصلاة على من حضر من أموات المسلمين ويسن الأذان والإقامة للرجل ولو منفردا ولو سمع الأذان وللحاضرة والفائتة فإذا جمعت الفوائت أو جمعت الحاضرة جمع تقديم أو تأخير كفى أذان واحد للأولى أما الإقامة فتسن لكل فرض صلاة ولو كانت الفرائض من نوع واحد قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه : " إن المشركين شغلوا النبي صلى الله عليه و سلم عن أربع صلوات يوم الخندق حتى ذهب من الليل ما شاء الله فأمر بلالا فأذن ثم أقام فصلى الظهر ثم أقام فصلى العصر ثم أقام فصلى المغرب ثم أقام فصلى العشاء " ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 132 / 179 )
شروط الأذان والإقامة :
1 - دخول الوقت : فلا يصح الأذان قبل دخوله لأنه يراد للإعلام بالوقت فلا يجوز قبله باستثناء أذان الصبح فيجوز من نصف الليل لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان 11 / 592 ) . ولأن الصبح يدخل وقتها والناس نيام وفيهم الجنب والمحدث فاحتيج إلى تقديم الأذان ليتأهب للصلاة
أما الإقامة فلا بد فيها من إرادة الدخول في الصلاة إضافة لدخول الوقت
2 - أن يكونا بالعربية إن كان هناك من يحسنها واستثني أذان الأعجمي لنفسه بالعجمية إن جهل العربية حتى يتعلمها
3 - الموالاة والترتيب : فلا يعتد بالأذن غير المتوالي إلا إن قصر الفصل ولا بغير المرتب لأنه إذا نكسه لا يعلم السامع أن ذلك أذان
4 - يجب أن يسمع نفسه إن كان منفردا أو يسمع بعض الجماعة إن كان في جماعة فإن أسر بالأذان لم يعتد به
شروط المؤذن :
1 - الإسلام والعقل : فلا يصح أذان الكافر أو المرتد أو المجنون لأنهم ليسوا من أهل العبادات
2 - التمييز
3 - الذكورة إلا في جماعة نسوة فإذا أذنت امرأة للرجال لم يعتد بأذانها لأنه لا تصح إمامتها للرجال فلا يصح تأذينها لهم
4 - أن يكون عارفا بالمواقيت إن كان مولى ( موكلا به بشكل دائم ) ومرتبا للأذان
ما يسن في الأذان والإقامة :
1 - أن يكون المؤذن حرا بالغا لحدث ابن عباس رضي الله عنهما المرفوع ( ليؤذن لكم خياركم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 726 )
- 2 - أن يكون المؤذن صيتا ( الصيت : شديد الصوت ورفيعه ) لأن النبي صلى الله عليه و سلم اختار أب محذورة لصوته ( البيهقي ج 1 ص 393 عن عبد الله بن محيريز رضي الله عنه ) ولأنه أبلغ في الإعلام وأن يكون حسن الصوت لأنه أبعث على الإجابة بدليل الحديث المتقدم ( فقم مع بلال فألق عليه ما رأيت فليؤذن به فإنه أندى صوتا منك ) ويستحب في الأذان إن كان يؤذن للجماعة أن يرفع صوته ما أمكنه بحيث لا يلحقه ضرر لما روى عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة الأنصاري ثم المازني عن أبيه أن أخبره أن أبا سعيد الخدري رضي الله عنه قال له : " إني أراك تحب الغنم والبادية فإذا كنت في غنمك أو باديتك فأذنت بالصلاة فارفع صوتك بالنداء فإنه لا يسمع مدى صوت المؤذن جن ولا إنس ولا شيء إلا شهد له يوم القيامة . قال أبو سعيد : سمعته من رسول الله صلى الله عليه و سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 584 )
- 3 - أن يكون عالما بأوقات الصلاة عدلا صالحا لما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( ليؤذن لكم خياركم وليؤمكم قراؤكم ) ( ابن ماجة ج 1 / كتاب الأذان باب 5 / 726 ) ولأنه أمين على المواقيت ولأنه يؤذن على موضع عال فإن لم يكن أمينا لم يؤمن أن ينظر إلى العورات
- 4 - أن يكون المؤذن متطوعا لحديث عثمان بن أبي العاص رضي الله عنه : " قلت يا رسول الله اجعلني إمام قومي . فقال : ( أنت إمامهم واقتد بأضعفهم واتخذ مؤذنا لا يأخذ على أذانه أجرا ) " ( النسائي ج 2 / ص 32 ، والأمر هنا محمول على الندب )
- 5 - أن يكون على طهارة لأن الأذن ذكر وهو متصل بالصلاة فيستحب أن يكون على طهارة ولحديث أبو هريرة رضي الله عنه قال : قال صلى الله عليه و سلم : ( لا يؤذن إلا متوضئ ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 147 / 200 )
- 6 - أن يكون قرب المسجد على موضع عال لحديث ابن عمر رضي الله عنهما قال :
كان لرسول الله صلى الله عليه و سلم مؤذنان : بلال وابن أم مكتوم الأعمى فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إن بلالا يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ) قال : ولم يكن بينهما إلا أن ينزل هذا ويرقى هذا
( مسلم ج 1 / كتاب الصوم باب 8 / 38 ) ولأنه أبلغ في الإعلام
- 7 - أن يؤذن قائما لحديث ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( يا بلال قم فناد بالصلاة ) ( مسلم
ج 1 كتاب الصلاة باب 1 / 1 )
- 8 - أن يكون متوجها إلى القبلة فإذا بلغ الحيعلتين التفت عن يمينه فقال : " حي على الصلاة حي على الصلاة " ثم عن يساره فقال : " حي على الفلاح حي على الفلاح " من غير أن يحول صدره عن القبلة ولا قدميه عن مكانهما لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه : " رأيت بلالا يؤذن ويدور ويتبع فاه هنا وهنا وإصبعاه في أذنيه " ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 144 / 197 )
أما إن كان في منارة فله أن يستدير فيها إن لم يتم الإعلام بتحويل الوجه مع ثبات قدميه
- 9 - أن يجعل إصبعيه في أذنيه في الأذان دون الإقامة لحديث أبي جحيفة رضي الله عنه المتقدم ولأنه أرفع لصوته
- 10 - أن يجمع كل تكبيرتين بنفس لأنه خفيف وأن يفتح الراء في الأولى ويسكنها في الثانية - الله أكبر الله أكبر - أما باقي الأذان فيفرد كل جملة بصوت وفي الإقامة يجمع كل جملتين بصوت
- 11 - أن يترسل ( والترسل هو الترتيل والتمهل في القراءة بسكتة لطيفة بين كل جملتين منه إلا في التكبير الأول فإن السكتة تكون بعد التكبيرتين ) في الأذان ويدرج ( إدراج الإقامة معناه أن يصل بعضها ببعض بلا ترسل ) والإقامة لما روى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال لبلال رضي الله عنه : ( يا بلال إذا أذنت فترسل في أذانك وإذا أقمت فاحدر ( حدر : أسرع ) واجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله والشارب من شربه والمعتصر ( كناية عن قاضي الحاجة ) إذا دخل لقضاء حاجته ولا تقوموا حتى تروني ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 143 / 195 ، وقد ضعفه هذا وقد قال صاحب سبل السلام بعد أن أورد روايات عدة لهذا الحديث قال : . . . وكلها واهية إلا أن يقويها المعنى الذي شرع له الأذان فإنه نداء لغير الحاضرين ليحضروا للصلاة فلا بد من تقدير وقت يتسع للذاهب للصلاة وحضورها وإلا ضاعت فائدة النداء السبل ج 1 / ص 197 )
- 12 - الترجيع في الأذان : وهو إسرار كلمتي الشهادة قبل الجهر بهما بحيث يسمع من في المسجد أو من في قربه عرفا ثم يجهر
- 13 - التثويب في أذاني الصبح أداء صلاها أم قضاء أي يقول بعد الحيعلتين : " الصلاة خير من النوم " روى النسائي عن أبي محذورة رضي الله عنه قال : " كنت أؤذن لرسول الله صلى الله عليه و سلم وكنت أقول في أذان الفجر الأول : حي على الفلاح الصلاة خير من النوم الصلاة خير من النوم الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله " ( النسائي ج 2 / ص 14 )
- 14 - أن يقول المؤذن في الليلة المطيرة أو ذات الريح أو الظلمة بعد الأذان أو الحيعلتين : ألا صلوا في الرحال ( الرحال : جمع رحل وهو مركب للبعير أو المسكن ) لما روى نافع قال : " أذن ابن عمر في ليلة باردة بضجنان ثم قال : صلوا في رحالكم . فأخرنا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم كان يأمر مؤذنا يؤذن ثم يقول إثره : ألا صلوا في الرحال في الليلة الباردة أو المطيرة في السفر " ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان 18 / 606 . وضجنان : جبل بناحية تهامة على بريد من مكة )
- 15 - ترك المشي أثناء الأذان وترك الكلام - حتى رد السلام وتشميت العاطس - إلى أن يفرغ . فلو عطس حمد الله بقلبه ثم بنى
- 16 - أن يقعد بين الأذن والإقامة ينتظر الجماعة لأنه إذا وصلهما فات الناس الجماعة فلم يحصل المقصود بالأذان
- 17 - ألا يكتفي أهل المساجد المتقاربة بعضهم بأذان بعض بل يؤذن في كل مسجد واحد
- 18 - أن تكون الإقامة في غير موضع الأذان لما في حديث عبد الله بن زيد رضي الله عنه المتقدم بعد أن ذكر الأذان : " ثم استأخر غير بعيد ثم قال : وتقول إذا أقمت الصلاة : الله أكبر . . . "
وأن تكون بصوت أخفض مما في الأذان ويسن الالتفات في الحيعلتين
ما يسن قوله لسامع الأذان ولمستمعه وللمؤذن والمقيم :
- ما يسن قوله لسامع ( السامع : من سمع عرضا من غير قصد ) الأذان ولمستمعه ( المستمع : من تقصد السماع ) وللمؤذن والمقيم :
- 1 - يسن للسامع أو المستمع أن يقول مثل ما يقول المؤذن أو المقيم إلا في الحيعلتين فيقول : عقب كل منهما : " لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم " لما روي عن عمر رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكر فقال أحدكم الله أكبر الله أكبر ثم قال أشهد أن لا إله إلا الله قال : أشهد أن لا إله إلا الله ثم قال : أشهد أن محمدا رسول الله قال : أشهد أن محمدا رسول الله ثم قال : حي على الصلاة قال : لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال حي على الفلاح قال لا حول ولا قوة إلا بالله ثم قال الله أكبر الله أكبر قال الله أكبر الله أكبر ثم قال لا إله إلا الله قال لا إله إلا الله من قلبه دخل الجنة ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 7 / 12 )
وعقب التثويب يقول : صدقت وبررت وعقب كلمة الإقامة : أقامها الله وأدامها لما روي عن أبي أمامة رضي الله عنه أو عن بعض أصحاب النبي صلى الله عليه و سلم : " أن بلالا أخذ في الإقامة فلما أن قال : قد قامت الصلاة قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أقامها الله وأدامها ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 37 / 528 ) ويستحب أن يقطع السامع قراءة القرآن لإجابة المؤذن وكذلك كل قراءة أخرى أو علم أو ذكر لأن الذكر وغيره لا يفوت والأذان يفوت إلا المصلي فلا يجيب حتى يفرغ من صلاته . وكذلك يستحب للسامع المجامع أو الذي يقضي حاجة الإجابة بعد الفراغ ما لم يطل الفصل
ومن سمع مؤذنا بعد مؤذن استحب له أن يتبع الأول ولا يستحب تكرار المتابعة
- 2 - ويسن للسامع والمستمع وللمؤذن والمقيم أن يصلوا ويسلموا على النبي صلى الله عليه و سلم بعد الفراغ من الأذان والإقامة . وأن يسألوا الله تعالى للنبي صلى الله عليه و سلم الوسيلة بعد الصلاة عليه ويكون هذا بعد الأذان دون الإقامة لما روى عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما أنه سمع النبي صلى الله عليه و سلم يقول : ( إذا سمعتم المؤذن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا علي فإنه من صلى علي صلاة صلى الله عليه بها عشرا . ثم سلوا الله لي الوسيلة فإنها منزلة في الجنة لا تنبغي إلا لعبد من عباد الله وأرجو أن أكون أنا هو فمن سأل لي الوسيلة حلت له الشفاعة ) ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 7 / 11 ) وروى جابر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( من قال حين يسمع النداء : الله رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمدا الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاما محمودا الذي وعدته حلت له شفاعتي يوم القيامة ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 8 / 589 )
- 3 - ويسن أيضا لهم جميعا الدعاء بين الأذان والإقامة لحديث أنس بن مالك رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( الدعاء لا يرد بين الأذان والإقامة ) ( الترمذي ج 1 / كتاب الصلاة باب 158 / 212 ) ويسن لهم الدعاء عند أذان المغرب لما روي عن أم سلمة رضي الله عنها قالت : " علمني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أقول عند أذان المغرب : ( اللهم هذا إقبال ليلك وإدبار نهار وأصوات دعاتك فاغفر لي ) " ( أبو داود ج 1 / كتاب الصلاة باب 39 / 530 )
ما يكره في الأذان :
- 1 - التمطيط والبغي ( البغي : رفع الصوت ومجاوزة الحد محاكاة لكلام الجبابرة والمتكبرين والمتفيقهين وقيل : هو التطريب )
- 2 - الكلام اليسير
- 3 - أو يؤذن قاعدا أو راكبا إلا المسافر الراكب
- 4 - أن يكون المؤذن فاسقا
- 5 - أن يكون المؤذن صبيا ( والصبي من كان بين التمييز والبلوغ ) لأن فيه تغريرا فإنه يخاف غلطه
- 6 - أن يكون المؤذن جنبا أو محدثا أما إن كان أحدث أثناء الأذان فيتمه ولو قطعه وتطهر ثم عاد بنى على أذانه إن قصر الفصل والأحب الاستئناف
- 7 - أن يكون المؤذن أعمى لأنه ربما غلط في الوقت فإن كان معه بصير لم يكره لأن ابن أم مكتوم رضي الله عنه كان يؤذن مع بلال رضي الله عنه
ويكره لمن سمع الأذان لخروجه من المسجد بعد الأذان قبل أن يصلي إلا لعذر
الباب الثالث : صفة الصلاة
الفصل الأول : أركان الصلاة
- فرائض الصلاة ثلاث عشرة خمس منها قولية وثمان فعلية
فالخمس القولية هي : تكبيرة الإحرام وقراءة الفاتحة والتشهد الأخير والصلاة على النبي صلى الله عليه و سلم بعده والتسليمة الأولى
وأما الثماني الفعلية فهي : النية والقيام في الفرض للقادر عليه والركوع والاعتدال من الركوع والسجود الأول والثاني والجلوس بين السجدتين والجلوس الأخير والترتيب
الأول - النية :
- تعريفها :
- هي قصد الشيء مقترنا بفعله فإن تراخى سمي عزما . ومحلها القلب ويسن لفظها باللسان
دليل فرضيتها :
ما روى عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ( إنما الأعمال بالنية وإنما لامرئ ما نوى ) ( مسلم ج 3 / كتاب الإمارة باب 45 / 155 ) ولأن الصلاة قربة محضة طريقها الأفعال فلم تصح بغير نية . وأجمع العلماء على أن الصلاة لا تصح إلا بالنية فمن تركها عمدا أو سهوا لم يكن داخلا في الصلاة
شروطها :
آ - في الصلاة المفروضة ( سواء كانت إحدى الخمس المكتوبة أو كانت فرض كفاية كصلاة الجنازة أو الصلاة الفائتة أو المعادة أو المنذورة . )
- 1 - قصد فعل الصلاة
- 2 - تعيينها لتتميز عن غيرها
- 3 - نية الفرضية فإذا أطلق دون أن ينوي الفرضية وقعت الصلاة نفلا . ولا تجب نية الفرضية في صلاة الصبي لأن صلاة الصبي نافلة كلها
ومن المستحبات زيادة قولنا لله تعالى ونية استقبلا القبلة وذكر عدد الركعات فإذا أخطأ بذكر عدد الركعات كأن قال في الظهر ثلاثا أو خمسا لم تنعقد الصلاة لتقصيره أما إن جهل الوقت فقال أداء أو قضاء صلاته . وفي القضاء يكفي التعيين - ظهر عصر . . . - دون ذكر السنة والشهر واليوم الذي فاتته فيه الصلاة
ب - في الصلاة النافلة ( بكل أنواعها سواء كانت ذات سبب أو ذات وقت كالعيدين أو الضحى أو الأوابين أو راتبة أي تابعة للفرائض ويستثنى من ذلك النفل المطلق ) 1 - قصد فعل الصلاة
- 2 - تعيينها : راتبة أو ذات وقت أو ذات سبب وفي الراتبة يجب تعيين القبلية والبعدية وفي الصلاة ذات السبب التي تتداخل مع الصلوات الأخرى وهي سنة تحية المسجد وسنة الوضوء لا يشترط التعيين وإنما يسن ( فيقول مثلا : نويت أن أصلي ركعتين سنة العصر مع سنة تحية المسجد ) إذا تداخلت أما إذا صليت مستقلة فلا بد من التعيين
ج - في النفل المطلق : تكفي نية فعل الصلاة
الثاني - تكبيرة الإحرام :
- وسميت بتكبيرة الإحرام لأنها تحرم ما كان محللا قبلها كالأكل والشرب
دليل فرضيتها :
قول النبي صلى الله عليه و سلم في الحديث الذي رواه معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه ( إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس . إنما هو التسبيح والتكبير وقراءة القرآن ) ( مسلم ج 1 / كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب 7 / 33 ) ففي الحديث قرن صلى الله عليه و سلم التكبير بالقراءة فدل على أنه مثلها في الركنية ومن تركها عامدا أو ناسيا لم يكن داخلا في الصلاة
لفظها :
- 2 - وتكون بلفظ الله أكبر على التعيين لحديث علي رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه و سلم قال : ( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) ( أبو داود ج 1 / كتاب الطهارة باب 31 / 61 ) ولما ورد في حديث المسيء صلاته ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 39 / 760 . وحديث المسيء صلاته هذا حديث هام لما اشتمل عليه من أحكام كثيرة في شأن الصلاة نسجله هنا بتمامه لأنه سيتكرر الاستشهاد به في كثير من أركان الصلاة . رواه الشيخان وهو بلفظ البخاري كما يلي : عن أبي هريرة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم دخل المسجد فدخل رجل فصلى ثم جاء فسلم على النبي صلى الله عليه و سلم فرد النبي عليه السلام فقال : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) فصلى ثم جاء فسلم على النبي فقال : ( ارجع فصل فإنك لم تصل ) ثلاثا فقال : والذي بعثك بالحق فما أحسن غيره فعلمني . قال : ( إذا قمت إلى الصلاة فكبر ثم اقرأ ما تيسر معك من القرآن ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم افعل ذلك في صلاتك كلها ) "
شروط صحتها :
- 1 - أن تكون بالعربية للقادر عليها وإلا قالها بأية لغة شاء فإذا اتسع الوقت لزمه أن يتعلم فإن لم يتعلم وكبر بلسانه بطلت صلاته لأنه ترك اللفظ مع القدرة عليه
- 2 - أن تكون بلفظ ( الله أكبر ) لأن النبي صلى الله عليه و سلم كان يدخل به في الصلاة وهو القائل في الحديث الذي رواه مالك بن الحويرث رضي الله عنه : ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 18 / 605 ) فلا تصح بغير لفظ الجلالة كأن يقول : ( الرحمن أكبر )
- 3 - تقديم الجلالة على أكبر فلا يصح أن يقول ( أكبر الله )
- 4 - عدم مد همزة الجلالة
- 5 - عدم مد باء الأكبر
- 6 - عدم تشديد الباء
- 7 - عدم زيادة واو بين الجلالة وأكبر
- 8 - عدم الفصل بين الكلمتين بوقفة طويلة . أما التخلل اليسير فلا يضر ولا يضر الفصل بينهما بأل التعريف أو بوصف الله تعالى بشرط ألا نزيد على وصفين والأفضل عدم وجود الفاصل أصلا
- 9 - أن يسمع نفسه جميع حروفها سواء كان إماما أو منفردا
- 10 - إيقاعها حال استقبال القبلة وتأخيرها عن تكبيرة الإمام إذا كان المصلي في جماعة
- 11 - أن يكبر للإحرام قائما في الفرض فإن وقع منه حرف في غير القيام لمن ينعقد فرضا وإنما انعقد نفلا وكذا المسبوق الذي يدرك الإمام راكعا يجب أن تكون تكبيرة الإحرام بجميع حروفها في حال قيامه . أما إذا كان لا يستطيع القيام وصلى الفرض قاعدا فيكبر قاعدا أيضا
- 12 - أن تقترن النية بابتداء التكبير وتستحضر إلى انقضائه
الثالث - القيام :
- وهو متعين في المفروضة مكتوبة كانت أو منذورة وسواء كانت المكتوبة أداء أو قضاء أو معادة أو جنازة ويشترط فيه الانتصاب والمعتبر في هذا الانتصاب نصب فقار الظهر فليس للقادر أن يقف مائلا إلى أحد جانبيه زائلا عن سنن القيام ولا أن يقف منحنيا في حد الراكعين حتى لو لم يبلغ انحناؤه حد أقل الركوع بل كان إليه أقرب فصلاته باطلة . أما الرقبة فحنيها قليلا بمقدار ما ينظر إلى مكان سجوده مستحب ولعله يكره أن يزيد على ذلك أو هو خلاف الأولى والواجب من القيام قدر قراءة الفاتحة . والدليل على ركنية القيام قوله تعالى : { وقوموا لله قانتين } ( البقرة : 238 ) وما روى عمران بن الحصين رضي الله عنه قال : " كانت بي بواسير فسأتل النبي صلى الله عليه و سلم عن الصلاة فقال : ( صل قائما فإن لم تستطع فقاعدا فإن لم تستطع فعلى جنب ) " ( البخاري ج 1 / كتاب تقصير الصلاة باب 19 / 1066 ) الحديث يدل على أن القيام واجب حين القدرة عليه فإن عجز عن القيام لمرض مثلا أو خوف الغرق أو السقوط من الدوار في السفينة أو غيرها صلى قاعدا ولا إعادة عليه وكذا لو اضطر إلى القعود لحالة مرضية كالمصاب بسلس البول بحيث لو قام سال بوله وإذا قعد لم يسل صلى من قعود ولا إعادة عليه وكذا في حال الخوف على المسلمين فلو جلس الغزاة في مكمن وصلوا قعودا خوفا من قصد العدو لهم لم تجب عليهم الإعادة . ويكون القعود كيف شاء لأن حديث عمران رضي الله عنه المتقدم أطلق القعود عن كل صفة ولكن يكره أن يقعد مادا رجليه إلا لمرض فإن عجز عن القعود اضطجع على جنبه الأيمن ووجهه إلى القبلة وإلا فعلى شقه الأيسر فإن عجز عن الاضطجاع صلى مستلقيا رافعا رأسه بوسادة أو نحوها ليستقبل القبلة بوجهه وبمقدم بدنه ويومئ برأسه لركوعه وسجوده ويجعل سجوده أخفض من ركوعه وجوبا . فإن عجز عن ذلك أتى بما عليه ولو بإيماء الحاجبين فإن عجز أجرى أفعال الصلاة والقرآن على قلبه وجوبا في الواجب ( من أفعال الصلاة والقرآن ) وندبا في المندوب
ولا تسقط الصلاة عنه ما دام يعقل لأنه مخاطب بالصلاة لوجود العقل والإدراك فيؤدي ما في وسعه أداؤه لقوله صلى الله عليه و سلم فيما رواه عنه أبو هريرة رضي الله عنه : ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم ) ( البخاري ج 6 / كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة باب 2 / 6858 )
ولا يشترط الاستقلال في القيام فلو قام مستندا إلى جدار أو إنسان أو اعتمد على عصا بلا حاجة بحيث لو رفع السناد سقط صحت صلاته مع الكراهة لأنه يسمى قائما
ولو توقف القيام على معين ثم إذا وقف لا يتأذى بالقيام فإنه يجب عليه الاستعانة بالمعين ولو بأجرة فاضلة عن مؤنته ومؤنة من تلزمه نفقته يومه وليلته هذا إن احتاج إلى المعين في ابتداء كل ركعة فقط أما لو احتاجه في الدوام فلا يجب ويصلي من قعود بخلاف العكازة فإنها تجب وإن احتاجها في الدوام أيضا وذلك للمشقة في المعين وعدم المشقة في العكازة ولو تمكن المريض من القيام في جميع الصلاة منفردا بلا مشقة ولم يمكنه ذلك مع الجماعة إلا بالقعود في بعضها ففي هذه الحال يفضل الانفراد لكن تصح مع الجماعة وإن قعد في بعضها
فأما العاجز كمن تقوس ظهره لزمانة ( الزمانة : العاهة ) أو كبر حتى صار في حد الراكعين فيلزمه القيام فإذا أراد الركوع زاد في الانحناء ما قدر عليه
ولو عجز عن الركوع والسجود دون القيام لعلة بظهره مثلا لزمه القيام ويأتي بالركوع والسجود بحسب الطاقة فيحني صلبه قدر الإمكان فإن لم يطق حنى رقبته ورأسه فإذا احتاج فيه إلى شيء يعتمد عليه أو ليميل إلى جنبه لزمه ذلك . فإن لم يطق الانحناء أصلا أومأ إليهما ولو أمكنه القيام والاضطجاع دون القعود يأتي ببدل القعود قائما
أما النافلة فيصح فعلها قاعدا أو مضطجعا مع القدرة على القيام لحديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال : " كان رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي على راحلته حيث توجهت فإذا أراد الفريضة نزل فاستقبل القبلة " ( البخاري ج 1 / كتاب القبلة باب 4 / 391 ) ولأن مبنى النوافل على التيسير لكن القاعد له نصف أجر القائم المضطجع له نصف أجر القاعد لما روي عن عمران بن حصين رضي الله عنه قال : " سألت رسول الله صلى الله عليه و سلم عن صلاة الرجل وهو قاعد فقال : ( من صلى قائما فهو أفضل ومن صلى قاعدا فله نصف أجر القائم ومن صلى نائما فله نصف أجر القاعد ) " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 274 / 371 ) قال سفيان الثوري : هذا للصحيح ولمن ليس له عذر - يعني في النوافل - فأما من كان له عذر من مرض أو غيره فصلى جالسا فله مثل أجر القائم ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 274 )
أما الاستلقاء في الصلاة النافلة مع القدرة على غيره فمبطل لها
الرابع - قراءة الفاتحة
- قراءة الفاتحة : حفظا أو تلقينا أو نظرا في المصحف لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : ( لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 13 / 723 ) وتجب في كل ركعة سواء كان المصلي إماما أو مأموما أو منفردا وسواء كانت الصلاة سرية أو جهرية فريضة أو نافلة لما روى أبو قتادة رضي الله عنه : " أن النبي صلى الله عليه و سلم كان يقرأ في الركعتين الأوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ويسمعنا الآية أحيانا ويقرأ في الركعتين الأخريين بفاتحة الكتاب " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 34 / 155 ) وفي قراءة المأموم لما روى عبادة بن الصامت رضي الله عنه قال : " صلى رسول الله صلى الله عليه و سلم الصبح فثقلت عليه القراءة فلما انصرف قال : ( إني أراكم تقرؤون وراء إمامكم ) قال : قلنا يا رسول الله إي والله قال : ( فلا تفعلوا إلا بأم القرآن فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها ) " ( الترمذي ج 2 / أبواب الصلاة باب 232 / 311 ) أما المسبوق بجميعها أو ببعضها فيتحملها عنه إمامه كلا أو بعضا
شروطها :
- 1 - أن يسمع نفسه إن كان صحيح السمع ولا شاغل للسمع . ولا يشترط في هذه الحال حقيقة الإسماع
- 2 - أن يرتب القراءة بأن يقرأ آياتها على نظمها المعروف
- 3 - الموالاة بأن يصل كلماتها بعضها ببعض من غير فاصل إلا بقدر نفس فإن تخللها الذكر قطعها إذا ذكر يتعلق بمصلحة الصلاة كتأمين المأمون أثناء قراءته للفاتحة على تأمين إمامه أو ذكر قاله سهوا أو سجدة التلاوة م الإمام فذلك كله لا يقطع الموالاة . أما السكوت فإن قصد به القطع فيقطع الموالاة ويبطل الصلاة طال أم قصر وأما إن كان سهوا أو لعذر فلا يقطعها
- 4 - أن يراعي حروفها وتضعيفاتها الأربعة عشر
- 5 - ألا يلحن لحنا بغير المعنى ( أما اللحن الذي لا يخل بالمعنى كفتح دال نعبد وصاد صراط مثلا فلا يبطل الصلاة عامدا فعله أم غير عامد لكنه مكروه إن لم يتعمده حرام إن تعمده ) كأن يضم تاء أنعمت أو يكسر كاف إياك
- 6 - ألا يبدل لفظا بلفظ أو حرفا بحرف كأن يدل الضاد بالظاء في ( الضالين ) أو الدال بالتاء في ( الدين )
- 7 - أن يقرأ كل آياتها ومنها البسملة لما روت أم سلمة رضي الله عنها : " أن النبي صلى الله عليه و سلم قرأ في الصلاة بسم الله الرحمن الرحيم فعدها آية " ( البيهقي ج 2 / ص 44 ) ولأن الصحابة أثبتوها فيما جمعوا من القرآن فدل على أنها آية منها
- 8 - أن يقرأها بالعربية ولا يترجم عنها بخلاف الذكر فتجوز الترجمة عنه
- 9 - إيقاع الفاتحة كلها في القيام أو بدله
ومن لم يحفظ الفاتحة يقرأ بدلها سبع آيات متواليات أو متفرقات من القرآن فرضا كانت الصلاة أو نفلا فإن عجز عن القرآن أتى بذكر بدلا عنها على ألا ينقص البدل عن عدد حروفها ذكرا كان أو قرآنا . فإن لم يقدر على شيء من ذلك وقف صامتا قدر الفاتحة
وعلى الأخرس أن يحرك لسانه بقصد القراءة بقدر ما يحركه الناطق لأن القراءة تتضمن النطق وتحريك اللسان فسقط ما عجز عنه ووجب ما قدر عليه لقوله صلى الله عليه و سلم : ( وإذا أمرتكم بأمر فأتوا منه ما استطعتم )
الخامس - الركوع :
- تعريفه : هو لغة : الانحناء وقيل : معناه الخضوع
وشرعا : أن ينحني بغير انخناس ( الانخناس هنا هو : أن يخفض عجزه ويرفع رأسه ويقدم صدره ) قدر بلوغ راحتيه ركبتيه
دليل فرضيته : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } ( الحج 77 ) وحديث المسيء صلاته وقوله صلى الله عليه و سلم ( صلوا كما رأيتموني أصلي ) ( البخاري ج 1 / كتاب الأذان باب 18 / 605 ) وإجماع الأمة
أقله : يكون الركوع ( وأكمله وأكمل سائر أركان الصلاة ما اشتمل على السنن الآتي بيانها في بحث سنن الصلاة ) للقائم القادر على الركوع معتدل الخلقة سليم اليدين والركبتين بأن ينحني بغير انخناس قدر وصور راحتيه إلى ركبتيه لو أراد وضعهما عليهما لأنه لا يسمى بما دونه راكعا . روى زيد بن وهب قال : " رأى حذيفة رجلا لا يتم الركوع والسجود قال : ما صليت ولو مت مت على غير الفطرة التي فطر الله محمدا صلى الله عليه و سلم " ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 37 / 758 ) فإن لم يقدر على هذا الركوع انحنى مقدوره وأومأ بطرفه
ولو ركع ولم يضع يديه على ركبتيه ورفع ثم شك هل انحنى قدرا تصل به راحتاه إلى ركبتيه أم لا ؟ لزمه إعادة الركوع لأن الأصل عدمه
وأما ركوع من صلى قاعدا فانحناء تحاذي فيه جبهته ما أمام ركبتيه وأكمله أن تحاذي فيه جبهته موضع سجوده من غير مماسته وإلا كان سجودا لا ركوعا
شروطه :
- 1 - الطمأنينة بحيث تستقر أعضاؤه لقوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اركع حتى تطمئن راكعا )
- 2 - ألا يقصد به غيره فلو هوى بقصد سجود التلاوة فلما وصل إلى حد الراكعين عن له الركوع لم يكف بل يجب عليه القيام ليركع أما إن كان تابعا لإمامه فيجزئه فلو قرا الإمام آية سجدة مثلا فهوى فظن المأموم أن إمامه هوى لسجود التلاوة فهوى معه وإذا بإمامه لم يسجد بل هوى للركوع تبعه وأجزأه هذا عن الركوع
- 3 - أن يكون من قيام فلو سقط من قيامه بعد فراغ القراءة فارتفع من الأرض إلى حد الراكعين لم يجزئه بل عليه أن ينتصب قائما ثم يركع
السادس - الاعتدال بعد الركوع :
- تعريفه : هو لغة المساواة والاستقامة
وشرعا : أن يعود المصلي إلى ما كان عليه قبل ركوعه من قيام أو قعود وخرج بذلك الاضطجاع لأن مصلي النفل المضطجع مع القدرة يجلس للركوع ثم يعتدل بعوده إلى الجلوس الذي ركع منه أما لو صلى مضطجعا مع العجز وركع بانحناء في حال الاضطجاع فيعتدل بعوده له لأنه لا يقدر على القعود
دليل فرضيته : قوله صلى الله عليه و سلم للمسيئ صلاته : ( ثم اركع حتى تطمئن راكعا ثم ارفع حتى تعتدل قائما )
شروطه :
- 1 - ألا يقصد به غيره فلو اعتدل خوفا من شيء لم يجزئه ذلك
- 2 - الاطمئنان فيه بأن تستقر أعضاؤه على ما كانت عليه قبل ركوعه بحيث ينفصل ارتفاعه للاعتدال عن هويه للسجود ولو سجد ثم شك هل تم اعتداله أم لا اعتدل واطمأن وجوبا ثم سجد
- 3 - ألا يطيل الاعتدال فلو أطاله زيادة على الدعاء الوارد فيه بقدر الفاتحة بطلت صلاته لأن الاعتدال ركن قصير فلا يطول إلا في محل طلب فيه التطويل كما في الاعتدال الأخير من الصلوات التي شرع فيه القنوت
السابع - السجود مرتين :
- تعريفه : السجود لغة : الخضوع والتذلل
وشرعا : مباشرة بعض جبهة المصلي لما يصلي عليه
دليل فرضيته : قوله تعالى : { يا أيها الذين آمنوا اركعوا واسجدوا } ( الحج 77 ) وحديث المسيء صلاته
أقله : مباشرة بعض جبهة المصلي موضع سجوده من الأرض
شروطه :
- 1 - الطمأنينة فيه لقوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا )
- 2 - أن ينال موضع سجوده ثقل رأسه ولا يكفي في وضع الجبهة الإمساس بل ينبغي أن يتحامل على موضع سجوده بثقل رأسه وعنقه حتى تستقر جبهته وحتى لو كان تحتها قطن لانكبس بعضه في بعض لحديث أبي حميد الساعدي رضي الله عنه في صفة صلاة رسول الله صلى الله عليه و سلم " . . . ثم سجد فأمكن أنفه وجبهته . . . " ( أبو داود / كتاب الصلاة باب 117 / 734 )
- 3 - ألا يقصد به غيره فلو سقط على وجهه من الاعتدال وجبت العودة إليه ثم السجود لانتفاء الهوي في السقوط بخلاف ما لو هوى للسجود وفي هويه له سقط على جنبه فعليه أن ينقلب إلى السجود بنيته وليس له في هذه الحال أن يعود إلى الاعتدال فإن فعل عامدا عالما بطلت صلاته لأنه زاد فعلا في الصلاة عمدا
- 4 - أن يرفع أسافله على أعاليه فإن صلى في سفينة مثلا ولم يتمكن من ذلك لميلانها صلى حسب حاله ولزمته الإعادة لأنه عذر نادر بخلاف ما لو كانت به علة لا يمكن معها السجود على الصورة التي ذكرنا فلا يعيد
- 5 - كشف الجبهة وعدم السجود على شيء يتحرك بحركته فلو سجد وعلى جبهته حائل يعمها لم يصح سجوده أما إن سجد على متصل به كذيل ثوبه وكمه وطرف عمامته فإن كان يتحرك بحركته في قيام أو قعود لم يصح وإن كان طويلا جدا بحيثلا يتحرك بحركته جاز وإن سجد على عصابة جرح أو نحوه وشقت عليه إزالتها ولم يكن تحتها نجاسة غير معفو عنها وكان متطهرا بالماء لم تلزمه الإعادة ولا يضر سجوده على شعر نبت على جبهته لأنه مثل بشرتها
- 6 - وضع جزء من ركبتيه وباطن كفيه وباطن أصابع قدميه مع الجبهة على الأرض . ودليله ما رواه ابن عباس رضي الله عنهما قال : قال النبي صلى الله عليه و سلم : ( أمرت أن أسجد على سبعة أعظم على الجبهة - وأشار بيده على أنفه - واليدين والركبتين وأطراف القدمين ولا نكفت ( لانكفت : لا نضم ولا نجمع والمعنى نهينا عن جمع الثوب باليدين عند الركوع والسجود وعن جمع الشعر منعا من الاسترسال وتفصيل ذلك في بحث مكروهات الصلاة ) الثياب والشعر ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب 50 / 779 )
- 7 - ألا يرفع رأسه بعد السجود فلو سجد على شيء خشن يؤذي جبهته فإن زحزحها من غير رفع لم يضر وكذا إن رفعها ثم أعادها دون اطمئنان فإن اطمأن ضر ذلك لزيادة سجود ولو رفع جبهته من غير عذر وأعادها ضر ذلك مطلقا
الثامن - الجلوس بين السجدتين :
- وهو فرض في كل صلاة وكل ركعة سواء صلى قائما أو مضطجعا لأنه إذا صلى مضطجعا في النفل وهو قادر على القيام فعليه أن يجلس ليسجد ثم يجلس بين السجدتين ثم يسجد
دليل فرضيته : - قوله صلى الله عليه و سلم للمسيء صلاته : ( ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ثم ارفع حتى تطمئن جالسا ثم اسجد حتى تطمئن ساجدا ) وما رواه حماد بن زيد عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال : " إني لا آلو أن أصلي بكم كما رأيت رسول الله صلى الله عليه و سلم يصلي بنا " قال :
فكان أنس يصنع شيئا لا أراكم تصنعونه . . . وإذا رفع رأسه من السجدة مكث حتى يقول القائل قد نسي
( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 38 / 195 )
أقله : سكون أعضائه المتحركة في حال الجلوس
شروطه :
- 1 - الاطمئنان فيه لحديث المسيء صلاته وحديث أنشر رضي الله عنه
- 2 - ألا يقصد به غيره فلو رفع رأسه فزعا من شيء لم يكف ويجب عليه أن يعود إلى السجود ثم يجلس
- 3 - ألا يطيله طولا فاحشا فإن فعل بطلت صلاته لأنه ركن قصير
التاسع - القعود بعد السجدتين الأخيرتين من كل صلاة
العاشر - التشهد في القعود الأخير :
- دليل فرضيته : حديث ابن مسعود رضي الله عنه قال : " كنا إذا صلينا خلف النبي صلى الله عليه و سلم قلنا : السلام على جبريل وميكائيل السلام على فلان وفلان فالتفت إلينا رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال : ( إن الله هو السلام فإذا صلى أحدكم فليقل : التحيات لله والصلوات والطيبات السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين فإنكم إذا قلتموها أصابت كل عبد لله صالح في السماء والأرض وأشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ) ( البخاري ج 1 / كتاب صفة الصلاة باب / 64 / 797 . والتحيات : جمع تحية وهي ما يحيا به من قول أو فعل والقصد الثناء على الله لأنه مستحق لجميع التحيات . والصلوات : قبل الخمس وقيل مطلق الصلاة والطيبات : الأعمال الصالحة . السلام عليك : أي السلامة من النقائص والآفات . وبركاته : أي خيراته والبركة هي الخير الإلهي . والسلام علينا : هي للحاضرين من إمام ومأمومين وملائكة وإنس وجن أو لجميع الأمة . وعبا الله الصالحين : القائمين بحقوق الله وحقوق عباده . وأشهد أن لا إله إلا الله : أقر بأنه لا معبود بحق ممكن إلا الله . )
أقله : التحيات لله سلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته سلام علينا وعلى عباد الله الصالحين أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدا رسول الله
شروطه
- 1 - أن يسمع نفسه
- 2 - الموالاة فإن تخلله غيره لم يعتد به ولا تضر زيادة ياء النداء قبل أيها النبي
- 3 - قراءته قاعدا إلا لعذر
- 4 - أن يكون بالعربية عند القدرة عليها
- 5 - مراعاة الحروف والكلمات والتضعيفات
الحادي عشر - الصلاة على النبي بعد التشهد الأخير قاعدا :
- دليل فرضيتها : قوله تعالى { يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما } ( الأحزاب : 56 ) وحديث أبي مسعود الأنصاري رضي الله عنه قال : " أتانا رسول الله صلى الله عليه و سلم ونحن في مجلس سعد ابن عبادة فقال له بشير بن سعد : أمرنا الله تعالى أن نصلي عليك يا رسول الله فكيف نصلي عليك ؟ قال : فسكت رسول الله حتى تمنينا أنه لم يسأله ثم قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( قولوا : اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على آل إبراهيم وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم في العالمين إنكم حميد مجيد . والسلام كما قد علمتم ) " ( مسلم ج 1 / كتاب الصلاة باب 17 / 65 ومعناه يا الله أنزل الرحمة المقرونة بالتعظيم على سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم وعلى آله . والحميد : المحمود . والمجيد : الماجد من كمل شرفا وكرما )
وأقلها ( وأكملها ما ورد في دليل الفرضية وسيرد في سنن الصلاة ) اللهم صلى على محمد أو على النبي أو على الرسول
الثاني عشر - السلام :
- ويجب إيقاعه في حال القعود الأخير
دليل فرضيته : خبر مسلم المتقدم : ( مفتاح الصلاة الطهور وتحريمها التكبير وتحليلها التسليم ) فقرن التسليم بفرضية التكبير
أقله : السلام عليكم مرة واحدة دون أن يلتفت يمنة أو يسرة بل يجعلها تلقاء وجهه محافظة على العدل بين الملكين
شروطه :
- 1 - أن يقول مستقبلا القبلة بصدره فلو تحول به عن القبلة ضر بخلاف الالتفات بالوجه فإنه مسنون
- 2 - أن يسمع نفسه
- 3 - أن يكون بالعربية إن قدر عليها وإلا ترجم عنها
- 4 - التعريف بالألف واللام في السلام ( بخلاف التشهد فيجزئ فيه إسقاطهما ) ولا بد من كاف الخطاب وميم الجمع في عليكم
- 5 - موالاة الكلمتين فلو فصل بينهما بكلام أو سكت سكوتا طويلا أو قصيرا بنية القطع ضر ويجزئ قولنا : عليكم السلام لأنه لا يشترط ترتيب الكلمتين ولأن هذا سلام أيضا وإذا بدأ بكلمة السلام فلا بد من تحقيق الهمزة وإظهارها هكذا : ألسلام عليكم ولا يجزئ نطقها بإهمال الهمزة
الثالث عشر - الترتيب :
- ويقصد به تقديم القيام على الركوع والركوع والرفع منه على السجود والسجود على القعود الأخير وتقديم التشهد على الصلاة على النبي وتقديمها على السلام
آ - فلو قدم ركنا فعليا على مثله أو على قولي عامدا عالما كأن سجد قبل الركوع أو ركع قبل قراءة الفاتحة بطلت صلاته
ب - وإن قدم ركنا فعليا على مثله أو على قولي سهوا لم تبطل صلاته لكن عليه أن يأتي به فورا إن تذكره قبل أن يبلغ مثله . أما إن بلغ مثله فهذا المثل يقوم مقام المنسي ثم يتدارك الباقي من صلاته ( يأتي تفصيل هذه الحالات في فصل سجود السهو أسبابه ) ج - أما لو قدم ركنا - عدا السلام - على مثله أو على فعلي عامدا عالما كان قدم الصلاة على النبي على التشهد أو قدم التشهد على السجود فلا تبطل صلاته ولكن لا يعتد بالمقدم بل يعيده في محله
د - وإن قدم ركنا قوليا هو السلام على محله عامدا بطلت صلاته
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات