رد: كتاب حقائق عن التصوف
الإِجازة
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله المنعم المجيد، المنزه عن التقيد بالإِطلاق والتقييد، الذي نور بصائر العارفين بنور معرفته، وقذف في قلوبهم أنواراً وصلوا بها إِلى ميادين مكاشفته، وجعل الاقتداء بهم سبباً لنيل الآمال، والرضا منه عنهم سُلَّماً موصلاً إِلى الإِخلاص في الأعمال، والصلاة والسلام على سيدنا محمد رسول الله، المنزل عليه: {إنَّ الذينَ يُبايعُونَكَ إنَّما يبايعونَ اللهَ} [الفتح: 10]، وعلى آله وأصحابه الذين أَذن لهم بِبثِّ العلم ونشره في الأمة المحمدية، حتى صار الإِذن سنة نبوية، تداولها أهل الهمم العلية، وعلى التابعين لهم بإِحسان، الداعين إِلى الله بإِذنه، الذين لا تزال شمسهم على الآفاق طالعة، وأنوارهم في السرائر والقلوب لامعة، الذين يحافظون على أمانة الله حتى يُبلِّغونها إِلى نظرائهم في التقوى والعلم بالله.
أما بعد: فإِني لهذه المناسبة أذنْتُ وأجزتُ أفراداً من إِخواننا في طريقتنا الشاذلية الدرقاوية العلية لِمَا تفرسْتُه في أخلاقهم، واعتمدته من أحوالهم، إِذناً عاماً مطلقاً في سائر الأوراد والأحزاب الشاذلية، وفي الورد الخاص، الذي هو ذكر الاسم المفرد [الله] الذي هو الاسم الأعظم عند أهل الله، بشروطه المعروفة عندهم، فيتأكد على كل واحد منهم أن يُربّي كل من اتخذه شيخاً له في طريق الله، وأرجو الله أن ينفعهم وينفع بهم، ومن جملتهم: أخونافي الله الأبر الأود، الفقيه العارف بالله، التقي الأمجد ولي الله، الصادق في المحبة والعهد، سيدي الشيخ عبد القادر بن عبد الله عيسى عزيزي الحلبي، كما أذن لي أُستاذي سيدي أحمد بن مصطفى العلوي المستغانمي رضي الله عنه، وأرجو الله أن أكون مأذوناً من الله تعالى، ومن رسوله صلى الله عليه وسلم، وأرجو له مثل ذلك، ثم أقول:
فاعرفْ يا أخي فضل الإِذن وسره، ولا تجهله، إِذ المأذونُ مأمونٌ، إِذ هو في ضمان الله تعالى، ثم في ضمان رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم في ضمان شيوخ الطريقة رضي الله عنهم.
فاعرف هذا، واعتقده ولا تجهله، واعلم أن الإِذن الحقيقي والإِجازة الحقيقية هي ما حصل لكم من الإِذن الشفهي الباطني والإِجازة القلبية الحقيقية، فهي التي يُعمل بها، وهي التي تنْفعل لها القلوب، وتنقاد لها النفوس، ولولا الضرورة لما اعتاد عليه الناس من الإِجازة بالكتابة، لَمَا كتب أهل الله إِجازة لمأذون من الله ومن الرسول ثم منهم إِجازة شفوية قلبية حقيقية. وكن ذا حزمٍ وعزمٍ في تربية كل من اتخذك شيخاً له من عباد الله، ولا تستحِ من أحد في حق الله، وأوصيك بالنصيحة للإِخوان بقدر الإِمكان، وبالمحافظة على حدود الله في السر والإِعلان، وكن بالمؤمنين رؤوفاً رحيماً، محبةً في الله واقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأرجو الله للجميع التوفيق، وأن يقينا وإِياهم من سوء الطوارق، ويسلك بنا وبهم أحسن الطرائق، ويحمينا وإِياهم من كل عائق، ونسأل الله بكل مَنْ رَامَ الانتظام في سلك أهل الله نفحة خير من نفحات الله، نسلك بها سبيل النجاة، ونصل بها إِلى حقيقة تقوى الله بجاه صاحب الجاه، سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، يوم يتجلى الحق تعالى لعباده برضاه، والظن في الله جميل، وهو حسبنا ونعم الوكيل، والحمد لله رب العالمين.
قاله وكتبه العبد الفقير إِلى الله تعالى: محمد بن أحمد بن الهاشمي بن عبد الرحمن التلمساني أصلاً، الدمشقي سكناً، الشاذلي الدرقاوي طريقة. عامله الله والمسلمين باللطف والإِحسان. آمين.
حررت هذه الإِجازة المباركة في 16 ربيع الأول 1377.
خادم الطريقة القادرية الشاذلية الدرقاوية العلوية
عبد الله محمد بن الهاشمي التلمساني
دمشق
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات