"النبك" مدينة تعرفها بثلاث علامات وواحدة تكفي

الاثنين 23 أيار 2011

تتوسط مدينة "النبك" الطريق الواصل بين "دمشق وحمص" على مسافة واحدة منهما فهي على بعد 80 كم شمال "دمشق" ومثلها جنوب "حمص"، عرفت على نطاق واسع بين السوريين ولاسيما أن موقعها المتوسط حولها إلى استراحة للمسافرين، واستفاد أهل المدينة من هذه الميزة لإنشاء استراحات على أطرافها تقدم خدماتها للمسافرين والزوار.
ولهذه المدينة كما يقول أهلها علامات تعرف بها، وهو ما يوضحه لنا الباحث "أحمد حجازي" بقوله: «تمثل الاستراحات المنتشرة على محيط المدينة أول العلامات التي تعرّف الزائر والمسافر أنه وصل إلى "النبك"، فالشهرة التي اكتسبتها الهريسة النبكية تخطت حدود المحافظات السورية لتجد لها مكانا في الدول العربية المجاورة، والكثير من زوار هذه الدول يتزود من هذه الهريسة قبل مغادرته الأراضي السورية».

وتشكل العلامة الثانية معلماً سياحياً ودينياً جذب إليه السياح من سورية ودول العالم رغم وعورة الطريق المؤدية إليه، وعنها يقول "حجازي": «تكمن العلامة الثانية لمعرفة هذه المدينة في معلمها الأثري المعروف "دير مار موسى الحبشي" الذي يقصده الزائرون من مختلف دول العالم، ويقع في واد وعر من وديان سلسلة جبال "القلمون"، ويرتفع بمقدار /1320/م عن سطح البحر، وهو دير سرياني قديم يبعد عن مدينة "النبك" حوالي 15 كيلومتراً باتجاه الشرق».

أما العلامة الثالثة فلا بد من زيارة المدينة حتى تتمكن من التعرف إليها، لأنها ببساطة تتمثل في طيبة أهلها وكرمهم وشهامتهم، وهو ما عرف عنهم ولاسيما في بلاد الاغتراب حيث يشكل التعاون والتوحد بين أبناء المدينة مثالا للمحبة التي تجمع أبناء المدينة الواحدة.

وحول هذا الموضوع يعلق "حجازي": دير مار موسى «من دون شك فإن زائر المدينة سيلحظ لهجة أهلها الدمثة واللطيفة، وسيتلقى العديد من العروض لتناول "المتة"، وهي الضيافة المعتمدة لدى سكان المدينة التي تعتبر قبلة أهل "القلمون" وواحدة من أكبر المدن فيها».

وفي تفاصيل الحديث عن بعض من عادات أهل "النبك" خاصة و"القلمون" عامة «هناك تشابه في العادات والتقاليد لدى مختلف المدن والبلدات في منطقة "القلمون" مع اختلاف بسيط في التفاصيل، فمراسم الزواج وتوقيته متشابه في "يبرود والنبك ودير عطية.."، من حيث الخطبة وتلبيس الذهب وكتابة الكتاب وإحضار جهاز العروس، قبل إقامة حفل يجمع أهل العروسين ومعارفهما، يتخلله حلقات للدبكة والرقص الشعبي، وهذه العادات متشابهة في الأعياد والمناسبات وحالات الوفاة والولادة».

وفي الجانب الثقافي فان المدينة تشهد حراكا ثقافيا يعبر بصورة أو بأخرى عن عادات أهلها وتقاليدهم، وهو ما يوضحه لموقعنا "نادر بحبوح" مدير المركز الثقافي في "النبك" بقوله: «تتميز مدينة "النبك" بارتفاع نسبة المتعلمين فيها وحضورهم الدوري لفعاليات وأنشطة ثقافية يقيمها المركز أو فعاليات وجمعيات أخرى، وغالبا ما ترتبط هذه الفعاليات بعادات وتقاليد أهل المدينة من إلقاء شعر الزجل، والأمسيات الشعبية، وحفلات الدبكة».

وحتى وقتنا الحالي لا يزال التراث الشعبي في مدينة "النبك" يثير فضول الباحثين ويشكل نادر بحبوح مدير المركز الثقافي مادة غنية في البحث والدراسة، وللحفاظ على هذه القيمة قال "بحبوح": «تشكلت في المدينة فرقة للفنون الشعبية قوامها ستة عشر عضواً يجيدون الدبكة، كما نؤسس حاليا لفرقة جديدة من النساء، وبالاشتراك مع الدكتور "خالد الطبجي" تم إصدار عدد من الدراسات تتناول التراث النبكي».

وتتضح صورة أخرى لتعاون أهل المدينة في الجانب الرياضي، وهو ما أوضحه لنا "أحمد الزيبق" رئيس نادي النبك بقوله: «تمكن نادي النبك الرياضي وبمساهمات من المغتربين من تحقيق عدد من الانجازات على المستوى المحلي، وآخرها وصول فريق كرة القدم في فئة الرجال والشباب إلى مصاف أندية الدرجة الثانية، ومنافسة فريق السيدات بكرة اليد في أندية الدرجة الأولى، إضافة إلى وجود منشاة رياضية حضارية أقرب إلى المدينة الرياضية تضم مبنىً إدارياً، وصالات لمختلف الألعاب الفردية، وجرى العام الماضي افتتاح ملعب عشبي لكرة القدم».

ويضم النادي حسب رئيسه عدداً كبيراً من الألعاب منها كرة القدم واليد والطاولة والشطرنج والرماية والمصارعة، يمارسها بصورة مباشرة حوالي 500 لاعب ولاعبة.

وتبرز في مدينة "النبك" ظاهرة الاغتراب وبشكل خاص إلى دول الخليج، والمثير في الموضوع أن الشباب المغتربين لا يعانون من الفقر أو قلة فرص العمل، بل على العكس من فرقة الفنون الشعبية بالنبك ذلك فأهل المدينة بصفة عامة يتمتعون بحالة مادية جيدة وفيها صناعات متعددة كفيلة بتامين فرص العمل، وبهذا الخصوص يرى المغترب "علي مرعي" أن «الاغتراب لدى الشباب في "النبك" يعود بصورة رئيسية إلى أسباب أسرية، فالشاب يرغب في السفر لمساعدة والده في العمل هناك، ومن ثم يكمل المشوار للحفاظ على هذا العمل وتنميته، وهكذا يبقى في الاغتراب جيل بعد آخر رغم الإمكانات المادية الجيدة للكثير من العائلات».