أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت           
العودة   منتديات البوحسن > الصوتيات والكتب > المكتبة الاسلامية

المكتبة الاسلامية كل ما يختص بكتب التراث الإسلامي الصوفي أو روابط لمواقع المكتبات ذات العلاقة على الشبكة العالمية...

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-13-2008
  #11
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

نتابع كتاب الوصايا للشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربي رضي الله عنه



[وصية:

عليك بأداء الأوجب من حق الله وهو أن لا تشرك به شيءً من الشرك الخفي الذي هو الاعتماد على الأسباب الموضوعة ولا ركون إليها بالقلب والطمأنينة بها وهي سكون القلب إليها وعندها فإن ذلك من أعظم رزية دينية في المؤمن وهو قوله والله أعلم من باب الإشارة (( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون )) يعني والله أعلم به هذا الشرك الخفي الذي يكون معه الإيمان بوجود الله والنقص في الإيمان بتوحيد الله في الأفعال لافي الألوهة فإن ذلك هو الشرك الجلي الذي يناقض الإيمان بتوحيد الله في الألوهه بوجود الله ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال ( أتدرون ما حق الله على العباد أن يعبدوه لا يشركوا به شيئاً ) فأتى بلفظة شيء وشيء نكرة فدخل فيه الشرك الجلي والخفي ثم قال ( أتدرون ما حقهم على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم ) فاجعل بالك من قوله ( أن لا يعذبهم ) فإنهم لم يشركوا بالله شيئاً لم يتعلق لهم خاطر إلا بالله إذ لم يكن لهم توجه إلا إلى الله وإذا أشركوا بالله الشرك الناقض للإسلام أو الشكر الخفي الذي هو النظر إلى الأسباب المعتادة فإن الله قد عذبهم بالاعتماد عليها لأنها معرضة للفقد ففي حال وجودها يتعذبون بتوهم فقدها وبما ينقص منها وإذا فقدوها تعذبوا بقدها فهم معذبون على كل حال في وجود الأسباب وفقدها وإذا لم يشركوا بالله شيءً من الأسباب استراحوا ولم يبالوا بفقدها ولا بوجودها فإن الذي اعتمدوا عليه وهو الله قادر على إتيان الأمور من حيث لا يحتسبون كما قال تعالى (( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب )) وله قال في ذلك بعضهم نظماً وهو




1

2
ومن يتق الله يجعل لـه
كما قال من أمره مخرجا
يرزقه من غير حسبانه
وإن ضاق أمر به فرجا



فمن علامة التحقق بالتقوى أن يأتي رزقه من حيث لا يحتسب وإذا أتاه من حيث يحتسب فما تحقق بالتقوى ولا اعتمد على الله فإن معنى التقوى في بعض وجوهه أن نتخذ الله وقاية من تأثير الأسباب في قلبك باعتمادك عليها والإنسان أبصر بنفسه وهو يعلم من نفسه بمن هو أوثق وبما تسكن إليه نفسه ولا يقول إن الله أمرني بالسعي على العيال وأوجب علي النفقة عليهم فلا بد من الكد في الأسباب التي جرت العادة أن يرزقهم الله عندها فهذا لا يناقض ما قلناه فنحن إنما نهيناك عن الاعتماد عليه بقلبك والسكون عندها ما قلنا لك لا تعمل بها ولقد نمت عند تقييدي هذا الوجه ثم رجعت إلى نفسي وأنا أنشد بيتين لم أكن أعرفهما قبل ذلك وهما






1

2
لا تعتمد إلا على الله
فكل أمـر بيـد لله
وهذه الأسباب حجابه
فلا تكن إلا مـع الله



فانظر في نفسك فإن وجدت أن القلب سكن إليها فاتهم إيمانك وأعلم أنك لست ذلك الرجل وإن وجدت قلبك ساكناً مع الله واستوى عندك حالة فقد السبب وحالة وجوده ولكن مع الفقد يكون ذلك فاعلم أنك ذلك الرجل الذي آمن ولم يشرك بالله شيءً وأنك من القليل فإن رزقك من حيث لا تحتسب فذلك بشرى من الله إنك من المتقين ومن سر هذه الآية أن الله وأن رزقك من السبب المعتاد الذي في خزانتك وتحت حكمك تصريفك ولا بد مما بيدك ومن الحاصل عندك فما رزقك إلا من حيث لا تحتسب وإن أكلت وارتزقت من ذلك الذي بيدك فاعلم ذلك فإنه معنى دقيق ولا يشعر به إلا أهل المراقبة الإلهية الذين يراقبون بواطنهم وقلوبهم فإن الوقاية ليست إلا لله تمنع العبد من أن يصل إلى الأسباب بحكم الاعتماد على الله عز وجل وهذا هو معنى قوله (( يجعل له مخرجاً )) فهذا مخرج التقوى في هذه الآية وهي وصية: الله عبده وأعلامه بما هو الأمر عليه .]

[وصية:

عليك بأداء الأوجب من حق الله وهو أن لا تشرك به شيءً من الشرك الخفي الذي هو الاعتماد على الأسباب الموضوعة ولا ركون إليها بالقلب والطمأنينة بها وهي سكون القلب إليها وعندها فإن ذلك من أعظم رزية دينية في المؤمن وهو قوله والله أعلم من باب الإشارة (( وما يؤمن أكثرهم بالله إلا وهم مشركون )) يعني والله أعلم به هذا الشرك الخفي الذي يكون معه الإيمان بوجود الله والنقص في الإيمان بتوحيد الله في الأفعال لافي الألوهة فإن ذلك هو الشرك الجلي الذي يناقض الإيمان بتوحيد الله في الألوهه بوجود الله ورد في الحديث الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه قال ( أتدرون ما حق الله على العباد أن يعبدوه لا يشركوا به شيئاً ) فأتى بلفظة شيء وشيء نكرة فدخل فيه الشرك الجلي والخفي ثم قال ( أتدرون ما حقهم على الله إذا فعلوا ذلك أن لا يعذبهم ) فاجعل بالك من قوله ( أن لا يعذبهم ) فإنهم لم يشركوا بالله شيئاً لم يتعلق لهم خاطر إلا بالله إذ لم يكن لهم توجه إلا إلى الله وإذا أشركوا بالله الشرك الناقض للإسلام أو الشكر الخفي الذي هو النظر إلى الأسباب المعتادة فإن الله قد عذبهم بالاعتماد عليها لأنها معرضة للفقد ففي حال وجودها يتعذبون بتوهم فقدها وبما ينقص منها وإذا فقدوها تعذبوا بقدها فهم معذبون على كل حال في وجود الأسباب وفقدها وإذا لم يشركوا بالله شيءً من الأسباب استراحوا ولم يبالوا بفقدها ولا بوجودها فإن الذي اعتمدوا عليه وهو الله قادر على إتيان الأمور من حيث لا يحتسبون كما قال تعالى (( ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب )) وله قال في ذلك بعضهم نظماً وهو






1

2
ومن يتق الله يجعل لـه
كما قال من أمره مخرجا
يرزقه من غير حسبانه
وإن ضاق أمر به فرجا




فمن علامة التحقق بالتقوى أن يأتي رزقه من حيث لا يحتسب وإذا أتاه من حيث يحتسب فما تحقق بالتقوى ولا اعتمد على الله فإن معنى التقوى في بعض وجوهه أن نتخذ الله وقاية من تأثير الأسباب في قلبك باعتمادك عليها والإنسان أبصر بنفسه وهو يعلم من نفسه بمن هو أوثق وبما تسكن إليه نفسه ولا يقول إن الله أمرني بالسعي على العيال وأوجب علي النفقة عليهم فلا بد من الكد في الأسباب التي جرت العادة أن يرزقهم الله عندها فهذا لا يناقض ما قلناه فنحن إنما نهيناك عن الاعتماد عليه بقلبك والسكون عندها ما قلنا لك لا تعمل بها ولقد نمت عند تقييدي هذا الوجه ثم رجعت إلى نفسي وأنا أنشد بيتين لم أكن أعرفهما قبل ذلك وهما




1

2
لا تعتمد إلا على الله
فكل أمـر بيـد الله
وهذه الأسباب حجابه
فلا تكن إلا مـع الله



فانظر في نفسك فإن وجدت أن القلب سكن إليها فاتهم إيمانك وأعلم أنك لست ذلك الرجل وإن وجدت قلبك ساكناً مع الله واستوى عندك حالة فقد السبب وحالة وجوده ولكن مع الفقد يكون ذلك فاعلم أنك ذلك الرجل الذي آمن ولم يشرك بالله شيءً وأنك من القليل فإن رزقك من حيث لا تحتسب فذلك بشرى من الله إنك من المتقين ومن سر هذه الآية أن الله وأن رزقك من السبب المعتاد الذي في خزانتك وتحت حكمك تصريفك ولا بد مما بيدك ومن الحاصل عندك فما رزقك إلا من حيث لا تحتسب وإن أكلت وارتزقت من ذلك الذي بيدك فاعلم ذلك فإنه معنى دقيق ولا يشعر به إلا أهل المراقبة الإلهية الذين يراقبون بواطنهم وقلوبهم فإن الوقاية ليست إلا لله تمنع العبد من أن يصل إلى الأسباب بحكم الاعتماد على الله عز وجل وهذا هو معنى قوله (( يجعل له مخرجاً )) فهذا مخرج التقوى في هذه الآية وهي وصية: الله عبده وأعلامه بما هو الأمر عليه .]


يتبع بعون الله0000
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #12
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

[وصية:

احذر يا أخي أن تريد علواً في الأرض والزم الخمول وإن أعلى الله كلمتك فما أعلى إلا الحق وإن رزقك الرفعة في قلوب الخلق فذلك إليه عز وجل والذي يلزمك التواضع والذلة والانكسار فإنه إنما أنشأك من الأرض فلا تعلوا عليها فإنها أمك ومن تكبر على أمه فقد عقها وعقوق الوالدين حرام ثم إنه قد ورد في الحديث ( أن حقاً على أن حقا على الله أن لا يرفع شيئاً من الدنيا إلى وضعه ) فإن كنت أنت ذلك الشيء فانتظر وضع الله إياك وما أخاف على من هذه صفته إلا أن الله تعالى إذا وضعه في النار وذلك إذا رفع ذ لك الشيء نفسه لا إذا رفعه الله فذلك ليس إليه إلا أنه لا بد أن يراقب الله فيما أعطاه من الرفعة في الأرض بولاية وتقدم يخدم من أجله ويغشى بابه ويلزم ركابه فلا يبرح ناظراً في عبوديته وأصله فإنه خلق من ضعف ومن أصل موصوف بأنه ذلول ويعلم أن تلك الرفعة إنما هي للرتبة والمنصب ولا لذاته فإنه إذا عزل عنها لم يبق له ذلك الوزن الذي كان يتخيله وينتقل ذلك إلى من أقامه الله في تلك المنزلة فالعلو للمنزلة لا لذاته فمن أراد العلو في الأرض فقد أراد الولاية فيها وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في الولاية ( أنها يوم القيام حسرة وندامة ) فلا تكن من الجاهلين فالذي أوصيك به أنك لا تريد علواً في الأرض وأن أعطاك الله لا تطلب أنت من الله لا أن تكون في نفسك صاحب ذلة ومسكنة وخشوع فإنك لن تحصل ذلك إلا أن يكون الحق مشهداً لك وليس مدار الخلق وإلا كابر إلا على أن يحصل لهم مقام الشهود فإنه الوجود المطلوب .]


[وصية:

وعليك بالاغتسال في كل يوم جمعة واجعله قبل رواحك إلى صلاة الجمعة وإذا اغتسلت فانوي فيه أنك تؤدي واجباً فإنه قد ورد في الصحيح ( أن غسل الجمعة واجب على كل مسلم ) وقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ( حق على كل مسلم أن يغتسل في كل سبعة أيام ) فيجمع بني الحديثين يغسل الجمعة وذلك أن الله خلق سبعة أيام وهي أيام الجمعة فإذا انقضت جمعة دارت الأيام فيه الجديدة الدائرة فلا تنصرف عنك دورة إلا عن طهارة تحدثها فيها إكراماً لذاتها وتقديساً وتنظيفاً كما جاء في السواك ( أنه مطهرة للفم ومرضاة للرب ) وكذلك الغسل في الأسبوع مطهرة للبدن ومرضاة للرب أي العبد فعل فعلاً يرضي الله به من حيث أن الله أمره بذلك فامتثل أمره .]

[وصية:

إياك والمراء في شيء من الدين وهو الجدال فلا يخلوا من أحد أمرين إما أن تكون محقاً أو مبطلاً كما يفعل فقهاء زماننا اليوم في مجالس مناظراتهم ينوون في ذلك تلقيح خواطرهم فقد يلتزم المناظر في مذهباً لا يعتقده وقولاً لا يرتضيه وهو يجادل به صاحب الحق الذي يعتقد فيه أنه حق ثم تخدعه النفس في ذلك بأن تقول له إنما نفعل ذلك لتلقيح الخاطر لا لإقامة الباطل وما علم أن الله عند لسان كل قائل وأن العامي إذا سمع مقالته بالباطل وظهوره على صاحب الحق وهو عنده أنه فقيه عمل العامي المقلد على ذلك الباطل لما رأي من ظهوره على صفة الحق وعجز صاحب الحق عن مقاومته فلا يزال الإثم يتعلق به مادام هذا السامع يعمل بما سمع منه ولهذا ورد في الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الثابت أنه قال ( أنا زعيم ببيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وان كان محقاً وببيت في وسط الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحاً ومنه المراء في الباطل ) وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمزح ولكن لا يقول إلا حقاً0


يتبع بعون الله 0000
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #13
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية:

وعليك بحسن الخلق وإتيان مكارمها وتجنب سفاسفها فإن النبي صلى الله عليه وسلم يقول ( إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق ) وأنه صلى الله عليه وسلم قد ضمن بيتاً في أعلى الجنة لمن حسن خلقه ولما كانت الأخلاق الحسنة عبارة عن أن نفعل مع المتخلق معه الذي يصرف أخلاقه معه في معاملته إياه وعلمنا أن أغراض الخلق متقابلة وأنه إن أرضى زيداً اسخط عدوه عمراً ولا بد من ذلك فمن المحال أن يقوم في خلق كريم يرضى جميع الخلائق ولما رأينا أن الأمر على هذا الحد وأدخل الله نفسه مع عباده في الصحبة كما ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال لربه ( أنت الصاحب في السفر والخليفة في الأهل ) وقال تعالى (( وهو معكم أينما كنتم )) وقال تعالى (( إذ يقول لصاحبه لا تخزن إن الله معنا )) وقال تعالى (( إنني معكما أسمع وأرى )) قلنا فلا تصرف مكارم الأخلاق إلا في صحبة الله خاصة فكل ما يرضي الله نأتيه وكل ما لا يرضيه نجتنبه وسواء كانت المعاملة والخلق مما يخص جانب الحق أو تتعدى إلى الغير وأنها وإن تعدت إلى الغير فإنها مما يرضى الله وسواء عندك سخط ذلك الغير أو رضي فإنه إن كان مؤمناً رضي بما يرضي الله وإن كان عدواً لله فلا اعتبار له عندنا فإن الله يقول (( إنما المؤمنون أخوة )) وقال تعالى (( لا تتخذوا عدوي وعدوكم أولياء تلقون إليهم بالمودة )) فحسن الخلق إنما هو فيا يرضي الله فلا تصرفه إلا مع الله سواء كان ذلك في الخلق أو بما يختص بجناب الله فمن راعي جناب الله انتفع به جميع المؤمنين وأهل الذمة فإن لله حقا على كل مؤمن في معاملة كل أحد من خلق الله على الإطلاق من كل صنف من ملك وجان وإنسان وحيوان ونبات ومعدن وجماد ومؤمن وغير مؤمن وقد ذكرنا ذلك في رسالة الأخلاق لنا كتبنا بها إلى بعض إخواننا سنة إحدى وتسعين وخمسمائة وهي جزء لطيف غريب في معناه فيه معاملة جميع الخلق بالخلق الحسن الذي يليق به وحسن الخلق بحسب أحوال من تصرفها فيه ومعه هذا أمر عام والتفصيل فيه لك بالواقع فانظر فيه فإنه أكثر من أن تحصى آحاده لما في ذلك من التطويل والله الموفق لا رب غيره وكذلك تجنب سفساف الأخلاق ولا نعرف مكارم الأخلاق من سفسافها إلا حتى تعرف مصارفها فإذا علمت مصارفها علمت مكارمها وسفسافها وهو علم خفي شريف فلا يفوتنك علم مصارف الأخلاق فإن ذلك يختلف باختلاف الوجوه .]



وصية:وعليك بالهجرة ولا تقم بين أظهر الكفار فإن في ذلك إهانة دين الإسلام وإعلاء كلمة الكفر على كلمة الله فإن الله ما أمر بالقتال إلا لتكون كلمة الله هي العليا وكلمة الذين كفروا السفلى وإياك والإقامة أو الدخول تحت ذمة كافر ما استطعت واعلم أن المقيم بين أظهر الكفار مع تمكنه من الخروج من بين ظهرانيهم لا حظ له في الإسلام فإن النبي صلى الله عليه وسلم قد تبرأ منه ولا يتبرأ رسول الله عليه وسلم من مسلم وقد ثبت عنه أنه صلى الله عليه وسلم قال ( أنا بريء من مسلم يقيم بين أظهر المشركين ) فما اعتبر له كملة الإسلام وقال الله تعالى فيمن مات وهو بين أظهر المشركين (( إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيراً )) النساء آية 97 - فلهذا حجرنا عليهم في هذا الزمان على الناس زيارة بيت المقدس والإقامة فيه لكونه بيد الكفار فالولاية لهم والتحكم في المسلمين , والمسلمون معهم على أسوأ حال نعوذ بالله من تحكم الأهواء فالزائرون اليوم البيت المقدس والمقيمون فيه من المسلمين هم من الذين قال الله فيهم (( ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون )) الكهف آية 104- وكذلك فلتهاجر عن كل خلق مذموم شرعاً قد ذمه الحق في كتابه أو على لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم .]



وصية:وعليك باستعمال العلم في جميع حركاتك وسكناتك فإن السخي الكامل السخاء من سخي بنفسه على العلم فكان بحكم ما شرع الله له فعلم وعمل وعلم من لم يعلم وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على من قبل العلم وعمل به وعلمه وذم نقيض ذلك فثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال ( مثل ما بعثني الله به من الهدى والعلم كمثل غيث أصاب أرضاً فكانت منها طائفة قبلت الماء فأنبتت الكلأ والعشب الكثير وكان منها أجادب أمسكت الماء فنفع الله به الناس فشربوا منها وسقوا وزرعوا وأصاب منها طائفة إنما هي قيعان لا تمسك ماء ولا تنبت كلأ وكذلك من فقه في دين الله نفعه الله بما بعثني به فعلم وعمل وعلم ومثل من يرفع بذلك رأساً مثل القيعان التي لم تمسك ماء ولا أنبتت كلأ ) فكن يا أخي ممن علم وعمل ولا تكن ممن علم وترك العمل فتكون كالسراج أو كالشمعة تضيء للناس وتحرق نفسك فإنك إذا عملت بما علمت جعل الله لك فرقاناً ونوراً وورثك ذلك العلم علماً آخر لم تكن تعلمه من العلم بالله وبما لك فيه منفعة عند الله في آخرتك فاجهد أن تكون من العلماء العاملين المرشدين .]

يتبع بعون الله......
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #14
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

نتابع كتاب الوصايا للشيخ الأكبر محيي الدين بن العربي



[وصية:

وعليك بالتودد لعباد الله من المؤمنين بإفشاء السلام وإطعام الطعام والسعي في قضاء حوائجهم وأعلم أن المؤمنين أجمعهم جسد واحد كإنسان واحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى كذلك المؤمن إذا أصيب أخوه المؤمن بمصيبة فكأنه هو الذي أصيب بها فيتألم لتألمه ومتى لم يفعل ذلك المؤمن مع المؤمنين فما ثبتت أخوة الإيمان بينه وبينهم فإن الله قد آخى بين المؤمنين كما آخى بني أعضاء جسد الإنسان وبهذا وقع المثل من النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الثابت وهو قوله صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمنين في توادهم وتعاطفهم وتراحمهم مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالحمى والسهر) وأعلم أن المؤمن كثير بأخيه وأن المؤمن لما كان من أسماء الله ما ينضاف إلى ذلك من خلقه على الصورة ثبت النسب والمؤمن أخو المؤمن لا يسلمه ولا يخذله فمن كان مؤمناً بالله من حيث ما هو الله مؤمن فإنه يصدقه في فعله وقوله وحاله وهذه هي العصمة فإن الله من كونه مؤمناً يصدقه الله في ذلك ولا يصدق إلا الصادق فإن تصديق الكاذب على الله محال فإن الكذب عليه محال وتصديق الكاذب كذب بلا شك فمن ثبت إيمانه من كون الله مؤمناً فإن هذا العبد لا شك أنه من الصادقين في جميع أموره مع الله لأنه مؤمن بالله ومؤمن به أيضاً فتنبه لما دللتك عليه ووصيتك به في الإيمان بالله من كونه مؤمناً تنتفع فإني قد أريتك الطريق الموصل إلى نيل ذلك واعتصم بالله (( ومن يعتصم بالله فقد هدى إلى صراط مستقيم )) فإن الله على صراط مستقيم وليس إلا ما شرعه لعباده .]

وصية





:لا تكترث لما يصيبك الله به من الرزايا في مالك ومن يعز عليك من أهلك مما يسعى في العرف رزية ومصاباً وقل (( إنا لله وإنا إليه راجعون )) عند نزولها بك وقل فيها كما قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه ( ما أصابتني من مصيبة إلا رأيت أن الله على فيها ثلاث نعم النعمة الواحدة حيث لم تكن المصيبة في ديني والنعمة الثانية حيث لم يكن ما هو أكبر منها فدفع الله بها ما هو أعظم منها والنعمة الثالثة ما جعل الله فيها من الأمر بالكفارة لما كنا نتوفاه من سيئات أعمالنا وأعلم أن المؤمن في الدنيا كثير الرزايا لأن الله يحب أن يظهره حتى ينقلب إليه طاهراً مطهراً من دنس المخالفات التي كتب الله عليه في الدنيا أن يقام فيها فلا يزال المؤمن مرزأًً في عموم أحواله وقد ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك ( مثل المؤمن كمثل الخامة من الزرع تصرعها الريح مرة وتعدلها أخرى حتى تهيج .]


وصية:
عليك بتلاوة القرآن وتدبره وأنظر في تلاوتك إلى ما حمد فيه من النعوت والصفات التي وصف الله بها من أحبه من عباده فانصف بها وما ذم الله في القرآن من النعوت والصفات التي اتصف بها من مقته الله فاجتنبها فإن الله ما ذكرها لك وأنزلها في كتابه عليك وعرفك بها ألا لتعمل بذلك فإذا قرأت القرآن فكن أنت القرآن لما في القرآن واجتهد أن تحفظه بالعمل كما حفظته بالتلاوة فإنه لا أحد أشد عذاباً يوم القيامة من شخص حفظ أية ثم نسيها كذلك من حفظ آية ثم ترك العلم بها كانت عليه شاهدة يوم القيامة وحسرة وإنه قد ثبت عن رسوله الله صلى الله عليه وسلم في أحوال من يقرأ القرآن ومن لا يقرؤه من مؤمن ومنافق فقال صلى الله عليه وسلم ( مثل المؤمن الذي يقرأ القرآن مثل الأترجة ريحها طيب ) يعني بها التلاوة والقراءة فإنها أنفاس تخرج فشبهها بالروائح التي تعطيها الأنفاس (وطعمها طيب) يعنى به الإيمان ولذلك قال ( ذاق طعم الإيمان من رضي بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد صلى الله عليه وسلم نبياً فنسب الطعم للإيمان ثم قال ( ومثل المؤمن الذي لا يقرأ القرآن كمثل الثمرة طعمها طيب ) من حيث أنه مؤمن ذو إيمان ( ولا ريح لها ) من حيث أنه غير تال في الحال التي لا يكون فيها تاليا وإن كان من حفاظ القرآن ثم قال ( ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الريحانة ريحها طيب ) لأن القرآن طيب وليس سوى أنفاس التالي والقارئ في وقت تلاوته وحال قراءته ( وطعمها مر) لأن النفاق كفر الباطن لأن الحلاوة للإيمان لأنها مستلذة ثم قال ( ومثل المنافق الذي لا يقرأ القرآن كمثل الحنظلة طعمها مر ولا ريح لها ) لأنه غير قارئ في الحال وعلى هذا المساق كل كلام طيب فيه رضى الله صورته من المؤمن والمنافق صورة القرآن في التمثيل غير أن القرآن منزلته لا تخفى فإن كلام الله لا يضاهيه شيء من كل كلام مقرب إلى الله فينبغي للذاكر إذا ذكر الله متى ذكره أن يحضر في ذكره ذلك ذكراً من الأذكار الواردة في القرآن فيذكر الله به ليكون قارئاً في الذكر وإذا كان قارئاً فيكون حاكياً للذكر الذي ذكر الله به نفسه وإذا كان كذلك فقد أنزل نفسه فيه منزلة ربه منه وهو قوله (( فأجره حتى يسمع كلام الله )) وقوله (( إن الله قال على لسان : عبده سمع الله لمن حمده )) ويقال للقارئ يوم القيامة ( اقرأ وارق ) ورقيه في الدنيا في أيام التكليف في قراءته أن يرقى من تلاوته إلى تلاوته بأن يكون الحق هو الذي يتلو على لسان عبده كما يكون سمعه الذي به يسمع وبصره الذي به يبصر ويديه اللتين بهما يبطش ورجليه اللتين بهما يسعى كذلك في لسانه الذي به ينطق ويتكلم فلا يحمد الله ولا يسبحه ولا يهابه إلى بما ورد في القرآن عن استحضار منه لذلك فيرقى من قراءته بنفسه إلى قراءته بربه فيكون الحق هو الذي يتلو كتابه فيرتفع يوم القيامة في الآية التي ينتهي إليها في قراءته ويقف عندها إلى الدرجة التي تليق بتلك الآية التي يكون الحق هو التالي لها بلسان هذا العبد عن حضور من العبد التالي لذلك فإن أفضل الكلام كلام الله الخاص المعروف في العرف .]
يتبع بعون الله
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #15
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية:وعليك بمجالسة من تنتفع بمجالسته في دينك من علم نستفيده منه أوعمل يكون فيه أو خلق حسن يكون عليه فإن الإنسان إذا جالس من تذكره مجالسته الآخرة فلا بد أن يتحلى منها بقدر ما يوفقه الله لذلك وإذا كان الجليس له هذا التعدي فاتخذ الله جليساً بالذكر والذكر القرآن وهو أعظم الذكر قال تعالى (( إنا نحن نزلنا الذكر)) يعني القرآن وقال ( إنا جليس من ذكرني ) وقال صلى الله عليه وسلم ( أهل القرآن هم أهل الله وخاصته) وخاصة الملك جلساؤه في أغلب أحوالهم والله له الأخلاق وهي الأسماء الحسنى الإلهية فمن كان الحق جليسه فهو أنيسه فلا بد أن ينال من مكارم أخلاقه على قدر مدة مجالسته ومن جلس إلى قوم يذكرون الله فإن الله يدخله معهم في رحمته فهم القوم الذي لا يشقى جليسهم فكيف يشقى من كان الحق جليسه وقد ورد في الحديث الثابت ( أن الجليس الصالح كصاحب المسك إن لم يصبك منه أصابك من ريحه والجليس السوء كصاحب الكير إن لم يصبك من شرره أصابك من دخانه ) وهو إنه من خالطه أصحاب الريب ارتيب فيه وذلك لما غلب على الناس من سوء الظن بالناس بحيث مواطنهم وهنا فائدة أنبهك عليها أغفلها الناس وهي تدعو إلى حسن الظن بالناس ليكون محلك طاهراً من السوء وذلك أنك إذا رأيت من يعاشر الأشرار وهو خير عندك فلا تشاء الظن به لصحبه الأشرار بل حسن الظن بالأشرار لصحبتهم ذلك الخير واجعل المناسبة في الخير لا في الشر فإن الله ما سأل أحداً قط يوم القيامة عن حسن الظن بالخلق ويسأله عن سوء الظن بالخلق ويكفيك هذا نصحاً إن قبلت .]


[وصية:





1
[وصية:



إن عملت بها والذاكر ربه حياته متصلة دائماً لا تنقطع إلا بالموت فهو حي وإن مات بحياة هي خير وأنتم من حياة المقتول في سبيل الله إلا أن يكون المقتول في سبيل الله من الذاكرين فهي حياة الشهيد وحياة الذاكر فالذاكر حتى وإن مات والذي لا يذكر الله ميت وإن كان في الدنيا من الأحياء فإنه حي بالحياة والحيوانية وجميع العالم حي بحياة الذكر فمثل الذي يذكر ربه والذي لا يذكر ربه مثل الحي والميت كذا مثله رسول الله صلى الله عليه وسلم وأما ما ادعيته في وصيتي لك بالذكر أن الذاكر أفضل من الشهيد الذي لا يذكر الله فلما صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله ( ألا أنبئكم ) أو كما قال ( بخير لكم من أن تلقوا عدوكم فيضرب رقابكم وتضربون رقابهم ذكر الله ) فذكر ضرب الرقاب وهو الشهادة وذكر العبد ربه أفضل من قتل الشهيد وثبت عنه أن الذاكر حي فخرج من ذلك أن حياة الذاكر خير من حياة الشهيد إذا لم يكن ذاكراً ربه عز وجل -


وصية:

-وعليك إقامة حدود الله في نفسك وفيمن تملكه فإنك مسؤول من الله عن ذلك فإن كنت ذا سلطان تعين عليك إقامة حدود الله فيمن ولاك الله عليه فكلكم راع و مسؤول عن رعيته وليس سوى إقامة حدود الله فيهم وأقل الولايات ولايتك على نفسك وجوارحك فأقم فيها حدود الله إلى الخلافة الكبرى فإنك نائب الله على كل حال في نفسه فما فوقها وقد ورد الحديث الثابت في الذي يقيم حدود الله والواقع فيها فمثلهما رسول الله صلى الله عليه وسلم ( بقوم استهموا على سفينة فأصاب بعضها أعلاها وبعضهم أسفلها فكان الذين أسفلها إذا استقروا مروا على من فوقهم فقالوا إنا نخرق في نصيبنا لا نؤذي من فوقنا فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً ) فإذا خطر بأمرك بالخير فذلك لمة الملك ثم يأتي بعد ذلك خاطر ينهاك عن ذلك الخير إن تفعله فذلك لمة الشيطان ولا تعرف الخير والشر إلا بتعريف الشرع وإذا خطر لك خاطر يأمرك بفعل الشر فذلك لمة الشيطان فإذا أعقبه خاطر ينهاك عن فعل ذلك الشر فذلك لمة الملك وأنت السفينة إن انخرقت هلكت وهلك جميع من فيك فعليك بعلم الشريعة فإنك لن تعلم حدود الله حتى تقوم بها أو تعرف من يقع فيها ممن قام بها إلا أن تعلم علم الشريعة فيتعين عليك طلب علم الشريعة لإقامة حدود الله
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #16
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية:

-وعليك بالصدقة فإن الله قد ذكر المتصدقين والمتصدقات وهي فرض ونقل فالفرض منها يسمى زكاة والنفل منها يسمى تطوعاً والفرض منها يزول عنك اسم البخل وبصدقة التطوع منها تنال الدرجات العلى وتتصف بصفة الكرم والجود والإيثار والسخاء وإياك والبخل ثم إنه عليك في مالك حق زائدة على الزكاة المفروضة وهو إذا رأيت أخاك المؤمن على حالة الهلاك بحيث أنك إذا لم تعطه من فضل مالك شيءً هلك هو وعائلته إن كانت له عائلة فيتعين عليك أن تواسيه إما بالهبة أو بالقرض فلا بد من العطاء وذلك العطاء صدقة حتى إني سمعت بعض علمائنا باشبيلية يقول في حديث هل على غيرها يعني في الزكاة المفروضة قال لا إلا أن تطوع قال لي ذلك الفقيه فيجب عليك فاستحسنت ذلك منه رحمة الله وإنما سمى الله الإنسان متصدقاً وسمى ذلك العطاء صدقة فرضنا كان أو نقلا لأنه أعطى ذلك عن شدة لكونه مجبولا على البخل فإن الله يقول فيه(( وإذا مسه الخير منوعاً )) فقال صلى الله عليه وسلم في فضل الصدقة وزمانها ( أن تصدق وأنت صحيح شحيح تخاف الفقر وتأمل الحياة والغنى ) يقول الله تعالى (( ومن يوق شح نفسه فأولئك هم المفلحون )) أي الناجون لأن الإنسان إذا كان له مال ويأمل بالحياة فإنه يخاف أن يفتقر ويذهب ما بيده من المال بطول حياته لنوائب الزمان وأمله بطول حياته فيؤديه ذلك إلى البخل بما عنده من المال والإمساك عن الصدقة والتوسعة على المحتاجين مما أتاه الله من الخير فهو يكنزه ولا ينفقه ولا يؤدي زكاته حتى يكوى به جنبه وجبينه وظهره كما قال تعالى فيهم (( يوم يحمى عليها في نار جهنم فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهورهم هذا ما كنزتم لأنفسك فذوقوا ما كنتم تكنزون)) فلهذا العطاء عن شدة سميت صدقة يقول رمح صدق أي صلب وقد ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم مثلاً في البخيل والمتصدق فقال صلى الله عليه وسلم ( مثل البخيل والمتصدق كمثل رجلين عليهما جبتان من حديد قد اضطرت أيديهم إلى تراقيهما )) فجعل المتصدق كلما تصدق بصدقة انبسطت عليه حتى تجن بنابه وتعفوا أثره وجعل البخيل كلما هم بصدقة قلصت وأخذت كل حلقة مكانها فإياك والبخل فإنه يردبك ويوردك الموارد المهلكة في الدنيا والآخر ولا يجعلك تتكرم وتتصدق إلا استعمال العلم فإنك إذا علمت أن رزقك لا يأكله ولا يقتات به ولا يحيى به غيرك ولو اجتمع أهل السموات والأرض على أن يحولوا بينك وبين رزقك ما أطاقوا وإذا علمت أن رزق غيرك فيما أنت مالكه لا بد أن يصل إليه حتى يتغدى به ويحيا وإن أهل السموات والأرض لو اجتمعوا على أن يحولوا بينه وبين رزقه الذي هو في ملكك ما أطاقوا فادفع إليه ماله إذا خطر لك خاطر الصدقة تتصف بالكرم والثناء الجميل وأنت ما أعطيته إلا ما هو له بحق في نفس الأمر عند الله أنت محمود فإذا علمت هذا هان عليك إخراج ما بيدك ولحقت بأهل الكرم وكتبت في المتصدقين إن أخرجت ذلك عن تردد ومكابدة واقعية نفسك ورأيت بذلك أن لك فضلاً على من أوصلته تلك الراحة فإياك أن تجهل على أحد كما تحب أن لا تجهل عليك وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في تعوذاته ( وأعوذ بك أن أجهل أو يجعل عليّ ) فمن حكم فيك بالعلم فقد أنصفك .]



وصية:
وعليك بالجهاد الأكبر وهو جهادك هواك فإنه أكبر أعدائك وهو أقرب الأعداء إليك الذين يلونك فإنه بين جنبيك والله يقول سبحانه (( يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار )) ولا أكفر عندك من نفسك فإنها في كل نفس تكفر نعمة الله عليها من بعد ما جاءتها فإنك إذا جاهدت نفسك هذا الجهاد خلص لك الجهاد الآخر في الأعداء الذي إن قلت فيه كنت من الشهداء الأحياء الذين عند ربهم يرزقون فرحين بما أتاهم الله من فضله مستبشرين بالذين لم يلحقوا بهم من خلفهم وقد علمت فضل المجاهد في سبيل الله في حال جهاده حتى يرجع إلى أهله بما أكتسبه من أجر أوغنيمة أنه كالصائم القائم القانت بآيات الله لا يفتر من صلاة ولا من صيام حتى يرجع المجاهد وقد علمت بالحديث الصحيح أن الصوم لا مثل له وقد قام الجهاد مقامه ومقام الصلاة وثبت هذا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذا في الجهاد الفرض الذي تعين ويعصى الإنسان بتركه لا بد من ذلك ولا يزال العبد العالم الناصح نفسه المستبرئ لدينه في جهاد أبد إلا أنه مجبول على خلاف ما دعاه إليه الحق فإنه بالأصالة متبع هواه الذي هو بمنزلة الإدارة في حق الحق فيفعل الحق ما يريده فإننا كلنا عبيده ولا تحجير عليه ويريد الإنسان أن يفعل ما يهوى وعليه التحجير فما هو مطلق الإرادة فهذا هو السبب الموجب في كونه لا يزال مجاهداً أبداً ولذلك طلب أصحاب الهمم أن يلحقوا بدرجات العارفين بالله أراد إيجاده ويكرهون منه بكراهة الحق ما كرهه الحق ووصف نفسه بأنه لا يرضاه فهو يريده ولا يرضاه ويريده ويكرهه في عين إرادته أن أراد أن يكون مؤمناً وأن لم يكن كذلك وإلا فقد انسلخ من الإيمان نعوذ بالله من ذلك فإنه غاية الحرمان وهذا هو الحق الممقوت كما تقول في الغيبة أنها الحق المنهى عنه .]

يتبع بعون الله
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2008
  #17
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

وصية:
وعليك بإسباغ الوضوء على المكاره وذلك في زمان البرد واحذر من الإلتذاذ باستعمال الماء البارد في أيام الحر فتسبغ الوضوء لا لتذاذك به في زمان الحر فتتخيل إنك ممن أسبغ الوضوء عبادة وأنت ما أسبغته إلا لوجود الالتذاذ به لما أعطاه الحال والزمان من شدة الحر فإذا أسبغته في شدة البرد صار لك عادة وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( الخير عادة ) فاصحب تلك النية في زمان الحر فإن غلبتك النفس على الإسباغ بما تجده من اللذة المحسوسة في ذلك فاعلم أن الالتذاذ هنا إنما وقع بدفع ألم الحر وإزالته فانوِ في ذلك دفع الألم عن نفسك فإنك مأجور في دفع المضار عنك ألا ترى قاتل نفسه كيف حرم الله عليه الجنة فحق النفس على صاحبها أعظم من حق الغير عليه وكذلك يؤجر في دفع الألم عن نفسه وإن الله يرفع بإسباغ الوضوء على المكاره درجة العبد ويمحو الله به قال صلى الله عليه وسلم ( ألا أنبئكم بما يمحو الله به الخطايا ويرفع به الدرجات ؟ إسباغ الوضوء على المكاره ) فهذا محو الخطايا فإنه تنظيف وتطهير ثم قال (وكثرة الخطايا إلى المساجد ) فإنه سلوك في صعود ومشي ثم قال تمام الحديث وهو( وانتظار الصلاة بعد الصلاة فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط فذلكم الرباط ) والرباط اللازمة من ربطت الشيء وبالانتظار قد ألزم نفسه فربط الصلاة بالصلاة المنتظرة بمراقبة دخول وقتها ليؤدّيها في وقتها وأي لزوم أعظم من هذا ؟ فإنه يوم واحد مقسم على خمس صلوات ما منها صلاة يؤدّيها فيفرغ منها إلا وقد ألزم نفسه مراقبة دخول وقت الأخرى إلى أن يفرغ اليوم ويأتي يوم آخر فلا يزال كذلك فما ثم زمان لا يكون فيه مراقباً لوقت أداء الصلاة لذلك آكده صلى الله عليه وسله بقوله ثلاث مرات فانظر إلى علم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالأمور حتى أنزل كل من في الدنيا منزلته في الآخرة وعين حكمه وأعطاه حقه فذكر وضوء ومشياً وانتظاراً أو ذكر محواً ورفع درجة ورباطاً ثلاث لثلاث هذا يدلك على شهوده مواضع الحكم فمن هنا وأمثاله قال عن نفسه (( إنه أوتي جوامع الكلم )) - .]
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-26-2008
  #18
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي الاخ الحسيني

الاخ الحسيني:
شكرا على هذا الجهد الطيب
وأرجو الله أن يعينك على وضع كتب سيدنا الشيخ في هذا الموضع
وهي موجودة في موقع طريقتنا فقط تنسخها هنا إن امكن
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-26-2008
  #19
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي

العفو اخي ابو عبدالله


النية ان نضع كتب سيدنا الشيخ احمد فتح الله جامي حفظه الله هنا في نادي مخصص لها

وان شاء الله قريبا سيدي ابو عبدالله
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 01-26-2009
  #20
سامر
محب متألق
 
تاريخ التسجيل: Dec 2008
المشاركات: 160
معدل تقييم المستوى: 16
سامر is on a distinguished road
افتراضي رد: كتاب الوصايا للشيخ الأكبر محي الدين ابن عربي رضي الله عنه

محي الدين سلطان العارفين
سامر غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
حزب الوقاية لمن أراد الولاية لسيدي محي الدين بن عربي عبدالقادر حمود الآذكار والآدعية 8 08-05-2018 11:57 AM
جامع ومقام سيدي الشيخ محيي الدين بن عربي عبدالقادر حمود المقدسات الاسلامية 11 02-11-2018 02:22 PM
مختارات من كتاب إحياء علوم الدين لحجة الإسلام الإمام الغزالي رحمه الله تعالى عبدالقادر حمود كتب سيدي الشيخ احمد فتح الله جامي حفظه الله 2 09-09-2014 10:53 AM
كتاب شهادة لااله الا الله محمد رسول الله للشيخ عبد الله سراج الدين عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 5 03-01-2013 01:24 AM
كتاب اليقين والمعرفة لابن عربى النزلاوى المكتبة الاسلامية 1 01-07-2011 07:26 PM


الساعة الآن 03:51 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir