"القطارة" واحة من أعماق التاريخ
العين - هديل عادل:
أثبتت أعمال التحري التي أجرتها بعثات التنقيب في واحة القطارة التي تقع شمال مدينة العين، أهمية هذه الواحة التي تضم أكبر عدد من المباني التاريخية المبنية من الطوب الطيني في المدينة، ويعود تاريخ معظمها إلى بداية القرن العشرين وما قبله، وتتنوع بين المساجد والقلاع والبيوت . وكشفت أعمال التنقيب أيضاً عن وجود قطع أثرية تعود إلى العصر الحديدي، وتحمل دلالات واضحة عن طبيعة الحياة في هذه المنطقة قبل آلاف السنين، وتوجد هذه القطع اليوم في متحف العين الوطني .
يقول محمد سعيد النيادي، مديرة إدارة البيئة التاريخية في هيئة أبوظبي للثقافة والتراث في العين: واحة القطارة هي إحدى واحات العين التي تروى بنظام الأفلاج، وتبعد سبعة كيلومترات عن وسط مدينة العين، وتضم أكبر عدد من المباني التاريخية المبنية من الطوب الطيني في المدينة، ويعود تاريخ معظمها إلى بداية القرن العشرين وما قبله، وتسعة من هذه المباني عبارة عن مساجد، الأمر الذي يعكس الدور المركزي الذي كان يلعبه الدين عند سكان المنطقة، وثلاثة منها هي قلاع كان يستخدمها السكان المحليون ملاجئ خلال النزاعات القبلية، كذلك كان يستخدم برج الدرامكة لحماية الواحة، وهو يشكل موقعاً دفاعياً ضد الأعداء، كما توجد آثار سوق تقليدي، وفي جنوب الواحة يوجد “سوق القطارة”، وفي شمالها مزرعة النخيل لصالح بن عبدالله بن صالح بن بدوة الدرمكي، ومن الشرق بيت “بن عاتي الدرمكي” ومقبرة قديمة .
العصور القديمة
يقول بتر شيهان، مدير المباني التاريخية في هيئة الثقافة والتراث في أبوظبي: اكتشفت الهيئة خلال العمل في مشروع مركز الفنون بالواحة، وجود تل بارتفاع 5 أمتار، يضم عشر طبقات أثرية، تتدرج من العصر الحديدي حتى العصر الإسلامي المتأخر، وتم العثور فيها على أوان منزلية مصنوعة من الحجارة تعود للعصر الحديدي، وقطع فخارية كان يستخدمها سكان المنطقة في العصر نفسه .
كذلك أجرينا عمليات تنقيب على عدد من المباني التاريخية في الواحة، ومما توصلنا إليه، أن بعض هذه المباني يعود إلى 300 سنة تقريباً، وتضم الواحة بيوتاً سكنية ومساجد وسوقاً قديمة، مبنية من الطين وسعف النخيل، وتم الكشف أيضاً عن وجود أسوار قديمة بين مزارع الواحة وآبار مياه وأبراج مراقبة، إضافة إلى وجود “فلج القطارة” الذي كان يمثل شريان الحياة لهذه الواحة فضلاً عن مياه الآبار .
ويضيف: أصبحت لدينا معلومات دقيقة حول طبيعة الحياة في واحة القطارة في العصور القديمة، ومن أهمها أن سكان هذه المنطقة كانوا يعيشون على حدودها المرتفعة عن وسطها الذي كان يستغل في الزراعة، وأنهم كانوا يقومون بتخزين التمور وصناعة الدبس في مساكنهم .
يقول سلطان بن أحمد الكويتي، مستشار قسم الأفلاج في بلدية العين: تأتي المياه إلى واحة القطارة عن طريق الأفلاج، انطلاقاً من جنوب مدينة صعراء في ولاية البريمي، ويعكس نظام الفلج هندسة متقدمة لدى سكان المنطقة في الماضي، حيث إنه يمنع ضياع الماء بالتبخر، ويعتمد على الجاذبية الأرضية للحفاظ على تواصل تدفق الماء .
ويضيف: ارتبطت نشأة الأفلاج واستخدامها في الري، بنشأة المباني التاريخية الضخمة التي تعج بها مدينة العين والمنطقة التي حولها .
عبدالله مطر الدرمكي، مسؤول مراقبي الأفلاج، يقول: أضحت واحة القطارة اليوم مقصداً للزوار، حيث يمكنهم العبور بين أطلال الماضي وعبقه الجميل سيراً على الأقدام، بين أشجار النخيل وينابيع الأفلاج ومجاريها التي تنساب بين المزارع، والتمتع بتأمل المباني القديمة التي كانت عامرة يوماً ما وباتت جزءاً من التاريخ
أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
09-10-2011
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
