من هم العقيدات
من هم العقيدات
العقيدات من قبائل زبيد الحاضرة على الفرات, تجمعهم النسبة الزبيدية مع كثير من القبائل مثل: (الدليم, والعبيد, والجبور, والجحيش, والعزى) وغيرها من القبائل الزبيدية, ديارهم على ضفاف نهر الفرات من شمال غرب ديرالزور حتى جبل العرسي قبالة البوكمال, وعلى بعض من ضفاف نهر الخابور, ويجمع أغلب المؤرخين أن سكان وادي الفرات من جرابلس في شمال سورية حتى الرمادي على الفرات في العراق هم من القبائل الزبيدية القحطانية, وقد ورثوا ديار الفرات من قبيلة قيس العدنانية التي نكبها التتار في نهاية العهد العباسي, وخربوا ديارها في هجومهم على العراق وبلاد الشام. ويبدو أن هذا الايضاح لا يكفي بنظر بعض المؤلفين الجدد, وكتاب المواقع الإلكترونية الذين يطالبون بتوثيق نسب العقيدات لقبائل زبيد, ومن حق أي باحث أن يطالبنا بذلك, وإثبات زبيدية العقيدات, وهو بتقديري الخطوة الأولى نحو التعريف بقبيلة العقيدات! وحتى لا أطيل على القراء الذين لا يحبون المطولات من الكلام نورد من الكثير الذي نملكه:
أولاً: زبيدية قبيلة العقيدات في الأرشيف والوثائق العثمانية:
جاء في كتاب (حديقة الزوراء في سيرة الوزراء) لعبد الرحمن السويدي التعريف بوثيقة لها رقم وتاريخ ودفتر محتويات في الأرشيف العثماني تذكر العقيدات صراحة من القبائل الزبيدية التي كانت تسكن ما بين ديرالزور وعانه في مطلع العهد العثماني, وهذا الكتاب من تحقيق عماد عبدالسلام, وهو من منشورات المجمع العلمي العراقي, وتعرف المصادر بالسويدي بأنه من أشهر مؤرخي العراق في العهد العثماني, وقد طلب والدي الباحث أسعد الفارس هذه الوثيقة من الدكتور مصطفى الهلالي في إدارة الأرشيف العثماني مع مجموعة من الوثائق الهامة عن قبيلة العقيدات وسنجق ديرالزور, وهي في طريقها إليه لترجمتها ونشرها بإذن الله.
ثانياً: العقيدات في بعض الكتب المعاصرة والمحايدة:
بعيداً عن كتابات أحمد وصفي زكريا وكتابات أبناء العقيدات هذا كتاب: (جامع انساب العرب) لسلطان المذهن السرحاني, والناشر دار الثقافة في دولة قطر, وقد جاء فيه: "العقيدات من العشائر القديمة في بادية الشام, وتعود في الأصل إلى قبيلة زبيد القحطانية, وهي ذات سلطة ونفوذ في أنحاء ديرالزور إحدى محافظات الجمهورية العربية السورية, ولها أيام مع القبائل.. حيث ساعدت على طرد الفرنسيين من بلاد سورية".
ثالثاً: نسب قبيلة زبيد:
يعود نسب الزبيد إلى كهلان بن عبد شمس من قحطان, وعرب قحطان هم: (حمير, كهلان) وقبائل كهلان هم: الأزد, وطيء, ومذحج, وهمدان, وكندة, ومراد, وأنمار, ومن مذحج جاءت: خولان, وجنب, وأد, وبنو سعد العشيرة, والنخنع. وعنس.. ومن سعد العشيرة تحدرت قبيلة زبيد القحطانية.
ومن الجدير بالذكر أن القبائل القحطانية كانت تسكن في جنوب الجزيرة, وقد بدأ التصحر في الجنوب بينما الشمال كان خصباً, ولهذا أخذت قبائل البدو والعرب تهاجر نحو بلاد الشمال. وقد سمعوا عنها بأنها "بلاد الخمر والخمير, والأمر والتأمير, والديباج والحرير" وقد بدأت الهجرات منذ القرن الأول الميلادي مروراً بنجد نحو الشمال وخصوصاً بمنطقة حائل, فكان أول الوافدين إلى بلاد الشام قضاعة الذين تنوخوا في بادية الشام (تنوخ) ثم سليح من قضاعة ثم الغساسنة في أواخر القرن السابع الميلادي. ولن نوغل في تاريخ القبائل القحطانية التي هاجرت إلى الشمال فما يعنينا قبيلة طي ومذحج من كهلان أو بالأحرى زبيد وبنو عمهم طيء من كهلان وفي تاريخ هجرتهم نحو الشمال نمر بالمحطات التالية:
جبال شمال نجد (منطقة حائل):
كانت لجماعة من العاديين لرجل اسمه أجا, وامرأة اسمها سلمى, وقد وفد إليهم طيء واسمه جلهمة في أثر بعير له شارد, فساكنهم في قصة طويلة ذكرها ياقوت الحموي في كتاب (معجم البلدان) نقلاً عن رواية ابن الكلبي, وسميت الجبال بجبال طيْ, ثم تتابعت هجرة الطائيين من الجنوب حتى ملأوا منطقة حائل, وتساكنهم فيها قبيلة زبيد وبقايا قبيلة بني أسد العدنانية.
** أخذت بعض من قبائل طيء تهاجر من حائل نحو الشمال إلى بادية الشام وهناك, برزت قبيلة ربيعة الطائية وشيوخهم من (آل الفضل) الذين حاربوا التتار مع المماليك كما هاجرت معهم بعض قبائل زبيد إلى بلاد الشام في القرن التاسع الهجري.
** بقيت في حائل بعض من بطون طيء فظهرت بينهم قبيلة شمر. فشمر بطن من العرب مسكنهم جبل طيء, بأجا وسلمى بجواره ذكرهم الحمداني ولم ينسبهم لقبيلة والمعلومة هذه نقلا عن كتاب (نهاية الأرب للقلقشندي).
اذاً نستطيع القول بأن هجرة القسم الأعظم من طيء وزبيد نحو الشمال تمت في القرن التاسع الهجري فورثت قبيلة شمر قبيلة طيء على منطقة حائل وأصبحت المنطقة تسمى منطقة جبال شمر, وبدأ الصراع بينهم ومن بقايا زبيد جماعة بهيج بن ذبيان الموصوفة في التراث الشعبي لزبيد وشمر.
وفي آخر التعريفات لقبيلة شمر: "شمر بطن من طيء ولكنها في العصور المتأخرة أصبحت مجمع البطون الطائية مع أخلاط أخرى دخلت فيها بالحلف.
(مصدر المعلومة: كتاب الجربا في الأدب والتاريخ لابن عقيل)
هجرة زبيد نحو الشمال (الهجرة الاولى):
تعرفت زبيد إلى الشمال عندما كانت ضمن جيوش الفتوحات الإسلامية "فقد اقبلت زبيد في طوائف كثيرة إلى المدينة فأنفذهم أبو بكر مدداً لخالد بن الوليد في الشام في موقعة اليرموك وكانت زبيد في ميمنة الجيش, وأبلى عمر (الزبيدي) بلاءً حسنا وذهبت عينه يومئذ. ولما نزل سعد بن أبي وقاص بجيشه في الكوفة التي اختطها بأمر من الخليفة (عمر بن الخطاب) أقام فيها عمرو (الزبيدي) مع قومه من بني زبيد حيث كانت لهم محلة خاصة.
(مصدر المعلومة عن كتاب تاريخ دمشق لابن عساكر)
والذي نريد أن نقوله بأن تجمع زبيد هذا في وسط وجنوب العراق هو الهجرة الأولى لزبيد نحو الشمال, وقد ظهر في هذا التجمع في العهد العثماني أمير من أمراء زبيد حوالي عام 1834 ميلادية هو وادي ابن شفلح الشلال الذي وحد كل قبائل زبيد وقاتل بهم العثمانيين وقبائل العرب الأخرى, ويوصف وادي الشفلح بالكرم وأن كرمه كان ككرم حاتم الطائي, وحتى الأمد القريب كان (شيبان) الفرات يذكرونه بالقول: "وحياة زبيد الذي منهم وادي".
ومصدر هذه المعلومة: الرحالة البريطاني باكنغهام أثناء رحلته إلى العراق), والحيدري صاحب عنوان (المجد) الذي قال عن وادي الزبيدي: كان أميراً كريماً جواداً له من مكارم الأخلاق والأفعال والأقوال ما لا يسعه المقام وكانت عطاياه كعطايا البرامكة وهو من حسنات الزمان.
هجرة زبيد نحو الشمال (الهجرة الثانية):
وهي هجرة زبيد بلاد الشام الذين هاجروا مع طيء إلى بلاد الشام في القرن التاسع الهجري ثم انتقلوا من بادية الشام إلى وسط وشمال الفرات, ومنهم تحدرت معظم القبائل الزبيدية (البو شعبان, والجبور, والدليم, والعقيدات, والجحيش) فقد جاء في كتاب (صبح الأعشى لأحمد القلقشندي في القرن التاسع الهجري قوله: "من الخارج عن حاضرة دمشق من العربان:
البطن الأول: آل ربيعة من طيء من كهلان من القحطانية, وهم ثلاثة افخاذ, الاول: آل الفضل, وهم على رأس الكل وأعلاهم درجة وأرفعهم مكانة, وديارهم من حمص إلى قلعة جعبر إلى الرحبة آخذين على شقي الفرات وأطراف العراق حتى ينتهي حدهم قبله بشرق إلى الوشم اخذين يساراً إلى البصرة, والفخذ الثاني: آل مرا, وهو اخو فضل ومنازلهم حوران, والفخذ الثالث: آل علي, وهم فرقة من آل الفضل وديارهم غوطة دمشق والمرج.
البطن الثانية: جرم, وهم ببلاد غزة والدارم ومما يلي الساحل إلى الجبل وبلد الخليل عليه السلام.
البطن الثالثة: ثعلبة من طيء, وديارهم مما يلي مصر إلى الخروبة.
البطن الرابعة: بنو مهدي, ومنازلهم في البلقاء.
البطن الخامسة: زبيد ومنازلهم غوطة دمشق ومرجها وصرخد والرحبة, وفي ذلك اشارة واضحة لوجود الزبيد على الفرات, وهكذا تتضح الصورة بكامل أبعادها لهجرة الزبيد من اليمن إلى الحجاز إلى نجد ومنها إلى العراق والشام والفرات.
مصدر المعلومة: (صبح الاعشى).
وينسب زبيد الفرات وزبيد بلاد الشام, إلى آل جحش وآل جحش بطن من الزبيد القحطانية, ومنازلهم صرخد من بلاد الشام وفقاً لما يرويه (القلقشندي في القرن التاسع الهجري في كتابه نهاية الأرب), وكذلك لقد لخص المستشرق الفرنسي هنري شارل تشعبات زبيد الفرات وبادية الشام في خارطة مطولة (ص 168) في كتابه عشائر الغنامة في الفرات الأوسط وبدورنا نختصرها بالمخطط التالي:
ويتضح من هذه الخارطة التي وضعها المستشرق الفرنسي ما بين عام (1932 – 1936) أن العقيدات هم أبناء علي السالم الصهيبي بن مهيب بن عبدالله بن جحش من زبيد بلاد الشام, كما يتضح بأن بهيج بن ذبيان كان مقطوع النسب, على الرغم من نسبة بعض القبائل اليه كما جاء في بعض المصادر.
ملاحظات هامة:
الملاحظة الأولى: أن العقيدات وبقية زبيد الفرات جاؤوا إلى المنطقة في القرن التاسع الهجري باسم الزبيد وأن تسمياتهم بعد الزبيد أخذوها بعد وصولهم إلى بادية الشام والى الفرات.
الملاحظة الثانية: لا صحة لما يقال بأن العقيدات جاؤوا إلى الفرات في القرن الثاني عشر الهجري, وأن الذي جاء بهم هو الشيخ عبدالله الهفل رحمه الله, فهذا يعني أن عمرهم على الفرات لا يتجاوز المئتي سنة, وقد نقل هذه المعلومة عن الهفل المهندس أحمد وصفي زكريا عندما وصل إلى الفرات ليكافح الجراد عام 1916 وعام 1940 وأقول هنا وبصراحة بأن هذه المعلومة قد أوقعت مثقفي وكتاب العقيدات في حرج أمام القبائل الأخرى, ومن حق الناس التساؤل كيف جاؤوا مع الزبيد في القرن التاسع الهجري وهناك من يقول انهم جاؤوا منذ مئتي سنة؟
https://www.facebook.com/haitham62/p...27883277279559
__________________
اللهم يا من جعلت الصلاة على النبي قربة من القربات نتقرب اليك
بكل صلاة صليت عليه من اول النشأة الى ما لا نهاية الكمالات