أنت غير مسجل في منتدى الإحسان . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله           
العودة   منتدى الإحسان > الشريعة الغراء > الآذكار والآدعية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-09-2009
  #11
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 20
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

فضائل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

قال الإمام محمد المهدي الفاسي رحمه الله في مطالع المسرات:
من المؤلفين في الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم من يقدم فضائل الصلاة للترغيب، ومنهم من يقدم الكيفية لكونها هي المقصودة بالذات، وهذا كاختلاف صنيع أهل التفسير الذين يذكرون فضائل السور في تقديمها أو تأخيرها هـ.

قلت: واخترت هنا البدء بالكيفية وتأخير الحديث عن الفضائل لما اعترى مجتمعنا من جهل مركب بسر الكيفية النبوية والصيغة النبوية التي سنها عليه الصلاة والسلام من أجل امتثال أمر الله بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم.

وقد وصل، للأسف الشديد، هذا الجهل المركب إلى حد المتعلمين منا والمنتسبين فينا إلى العلم الشرعي.
وهاهنا لطيفة من لطائف الإحسان لا يلتفت إليها صاحب فقه لغوي عام: فمسألة فضل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تختلف من مسلم إلى آخر حسب ما كان عليه وضعه من شروط استجابة الدعاء التي مررنا بها آنفا.

ومن ثم يمكننا التماس مستويات الفضل بالنسبة لهذه السنة المحمدية الجليلة في أكثر من ثلاثين مستوى حسبما تحقق للفرد من شروط استجابة الدعاء.

فمن دعا بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو محقق للشرط الأول فقط له من فضل هذه السنة أقل ممن حقق الشرطين الأولين أو الشروط الثلاثة الأولى.

وهو المعنى الذي عبرت عنه أحاديث الرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إذ تفاوتت درجات الفضل لمن دعا بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين من ينال عشر حسنات وبين من ينال صلاة الملائكة عليه عشر مرات، إلى ما هنالك من فضل صلاة الله على المرء لا يعرف كنهها وحقيقتها في حق كل مسلم على حدة إلا الله سبحانه.

وقد ورد في الصحيح عنه صلى الله عليه وآله وسلم أنه من دعا لأحد بظهر الغيب قال له الملك: ولك بمثله، وفي رواية: ولك بمثليه.

فشرع ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بعدما أمر بها الله في قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)، ليعود هذا الخير من الملك على المصلي عليه من أمّته صلى الله عليه وآله وسلم.

ويقول ابن شافع رحمه الله: انبسط جاهه صلى الله عليه وآله وسلم حتى بلغ المصلي عليه لهذا الأمر العظيم وإلا فمتى كان يحصل لك أن يصلي الله عليك؟!

فلو عملت في عمرك كل طاعة ثم صلى الله عليك صلاة واحدة رجحت تلك الصلاة الواحدة على ما عملت في عمرك كله من جميع الطاعات، لأنك تصلي على حسب وسعك، وهو يصلي على حسب ربوبيته.

هذا إذا كانت صلاة واحدة، فكيف إذا صلى عليك عشرا بكل صلاة؟! هـ.

فلن يصلي أحد من أمة الإسلام على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلا ردها الله عليه بعشر أمثالها فيصلي عليه سبحانه بكل صلاة عشر صلوات، ويكتب له عشر حسنات، ويمحو عنه عشر سيئات. فليكثر أحدنا عدد ذلك أو ليقل.

هكذا ورد عن نبينا صلى الله عليه وآله وسلم من فضل الدعاء للنبي صلى الله عليه وآله وسلم بالصلاة عليه.
فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
من صلى علي واحدة صلى الله عليه عشرا.

وعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
من صلى علي صلاة واحدة صلى الله عليه عشر صلوات، وحط عنه عشر خطيئات، ورفعت له عشر درجات.

وعن أبي طلحة رضي الله عنه قال: جاء النبي صلى الله عليه وآله وسلم يوما وهو يرى البشر في وجهه فقيل: يا رسول الله إنا نرى في وجهك بشرا لم نكن نراه، قال:
أجل، إن ملكا أتاني فقال لي:
يا محمد إن ربك يقول لك: أما يرضيك أن لا يصلي عليك أحد من أمتك إلا صليت عليه عشرا، ولا يسلم عليك إلا سلمت عليه عشرا، قال: قلت: بلى أي رب.

قال الإمام محمد المهدي الفاسي رحمه الله في مطالعه:
فالله يصلي على من صلى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم عشرا بواحدة، وهذا الإخبار من الله تعالى يشير لإظهار كمال محبوبية نبيه صلى الله عليه وآله وسلم وعظيم جاهه عنده حتى تعداه ذلك إلى أمته بسببه حيث كان من صلى عليه منهم واحدة كافأه عنه بأن يصلي عليه بنفسه عشرا.

فلو كانت صلاة واحدة لم يقم لها شيء، فكيف بأن يصلي عليه عشرا بكل واحدة ؟!

وبأي عمل يتوصل إلى هذا ؟! وبأي حيلة أو سبب ينال ؟!

ومن أين للعبد الذليل الحقير أن يصلي عليه الملك العزيز الجليل لولا عناية متبوعه النبي الكريم واتساع جاهه عنده ؟!

ولعل ما تجلى لباطنه صلى الله عليه وآله وسلم من سر الجمال بهذا الإخبار كان سبب ظهور ما ظهر من البشر على وجهه الشريف، إذ ما في السرائر يلوح على الأسرة، وكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا سر استنار وجهه وعرف ذلك منه، وهو صلى الله عليه وآله وسلم لا يسر حقيقة وتطيب نفسه ويظهر بشره إلا بما أتاه من ربه عز وجل، وحق له السرور والاستبشار ببشرى السيد الجليل الملك العظيم هـ.

قلت: ومن عظم هذا التشريف أن الله لم يجعل جزاء الصلاة على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم مجرد ذكر للمصلي في الملأ الأعلى، بل ذكره مع صلاة الله عليه عشرا، كما نبه إلى ذلك العلامة العرضي رحمه الله الذي قال: ولا يخفى أن صلاة الله على العبد معناها رحمة خاصة في مقابلة صلاته على نبيه، ولعمري إن هذا جزاء لا يعادله جزاء، وإذا تأملت علمت أنه أعظم جزاء من جزاء الذكر، لأنه مجرد ذكر الله له، أما جزاء الصلاة فهو ذكر مع ثناء ودعاء ورحمة من الله لا يعادلها رحمة هـ.

والصلاة، كما يقول الإمام ابن عربي الحاتمي رحمه الله في فتوحاته، إن نسبت إلى الله فلها نشأة تخالف نشأة نسبتها إلى غير الله من ملك وبشر وغيرهما من المخلوقين.

فصلاة الله تنشأ نشأة تامة مطلقة. وهي نوعان صلاة عامة لكل من أسلم لله عز وجل. وهي الصلاة الإلهية على من رضي به سبحانه ربا إذ بها يخرج الله العبد من ظلمات الكفر إلى نور الإسلام. قال تعالى: (هو الذي يصلي عليكم وملائكته).

والنوع الثاني صلاة إلهية خاصة بمن رضي الله عنه سبحانه فصار محبوبا لديه ومقربا. وهي درجات ومقامات كثيرة.

قال الإمام محمد المهدي الفاسي رحمه الله في مطالعه:
وبهذا فرق بين صلاته تعالى على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم في سورة الأحزاب وبين صلاته على سائر المؤمنين في السورة المذكورة، ومن المعلوم أن القدر الذي يليق بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من ذلك أرفع مما يليق بغيره هـ.

وكذا يقال فيما بين المؤمنين فالقدر الذي يليق بالصديقين من صلاة الله علينا أمة الإسلام أرفع مما يليق بالشهداء، وما يليق بالشهداء أرفع مما يليق بالصالحين، وهكذا.

وصلاة الملائكة والأنبياء تنشأ نشأة تامة أيضا ولكن تمامها نسبي يتعلق بمقام كل ملك أو نبي من الله عز وجل.
وكذلك كل صلاة منسوبة إلى جماد أو نبات أو حيوان.

أما الإنس والجن فصلاتهم غير تامة بحكم ارتباطهم بعامل الإرادة والاختيار الذي يتميزون به عن كل الموجودات الأخرى. فمتى ما كانت إراداتهم متعلقة بحبل الله عز وجل إلا واتصفت صلاتهم عموما بدرجة من درجات التمام والكمال كل حسب مستواه من هذا التعلق.

فصلاتنا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في صورتها التامة الكاملة لن تكون إلا إذا كان نطقنا بالله عز وجل.

وهذه الصلاة التامة الكاملة منا على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم قد كانت بين صلاتين من الله تعالى علينا، صلى سبحانه علينا ليخرجنا بهدي حبيبه ومصطفاه من الظلمات إلى النور وأمرنا أن نصلي على هذا الحبيب المقرب عليه الصلاة والسلام، فإن صلينا عليه صلى الله سبحانه ثانية علينا. ومن صلاته الثانية علينا كانت لنا السعادة الأبدية.

فالصلاة التامة الكاملة منا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على اختلاف درجات التمام والكمال التي يتسابق ويتسارع إلي أعلى رتبها الربانيون من المؤمنين المتبتلين، لا تأتي إلا بعد أن يصلي الله علينا.

فمنا من يصلي عليه ربنا صلاة يخرجه بها من ظلمات الجهل إلى نور العلم، ومنا من ظلمات المخالفة إلى نور الموافقة، ومنا من ظلمات الضلال إلى نور الهدى، ومنا من ظلمات الشرك إلى نور التوحيد، ومنا من ظلمات الحجاب إلى نور التجلي، ومنا من ظلمات الشقاء والتعب إلى نور السعادة والراحة، ومنا من ظلمات الفقر والفاقة إلى نور الغنى عن الناس والسؤدد.

ومن ثم، فمن سبقت له من الله العناية لا يضره عدم وفور شرط من شروط استجابة الله لدعائه بالصلاة على نبينا صلى الله عليه وآله وسلم.

ولهذا كان من سمع اسم النبي صلى الله عليه وآله ولم يصل عليه بخيلا، بل ولا أخبل منه، ذلك لأن معنى البخيل هنا بخله على نفسه.

فعن علي بن حسين عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
إن البخيل من ذكرت عنده فلم يصل علي.

وعن أبي ذر أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال:
إن أبخل الناس من ذكرت عنده فلم يصل علي.

وعن الحسن قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
بحسب امرئ في البخل أن أذكر عنده فلا يصلي علي.
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2009
  #12
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 20
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

وعن الحسن أيضا قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
كفى به شحا أن يذكرني في قوم فلا يصلون علي.

ويؤكد هذا المعنى ما روي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
ما جلس قوم مجلسا لم يذكروا الله ولم يصلوا على نبيهم صلى الله عليه وسلم إلا كان مجلسهم عليهم ترة يوم القيامة إن شاء عفا عنهم وإن شاء أخذهم.

ترة تعني حسرة. وأي حسرة أكبر من تفويت فرصة صلاة الله على المرء عشرات المرات؟!

فمن ترك الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فقد بخل على نفسه حيث حرمها صلاة الله عليه عشراً إذا صلى هو واحدة.

قال الإمام محمد المهدي الفاسي رحمه الله في مطالعه:
لأن البخل منع الفضل والإمساك عن بذل ما ينبغي بذله شرعا أو مروءة، والشرع يقتضي ذلك لأنه أمرنا به، وكذا المروءة لأنها تقتضي الثناء على من أنعم وأحسن.

والنبي صلى الله عليه وآله وسلم له علينا من الأيادي العظيمة والمنن الجسيمة دينا ودنيا وآخرة ما لا يحصى بحيث إنا نسبح فيها ونتقلب ظهرا لبطن، ولا منعم من الخلق مثله، فإنه الواسطة لنا في كل خير وفي جميع النعم التي وصلت إلينا، وهو أحرص شيء على هدانا ونجاتنا، ومهتم بنا في الدنيا والآخرة حتى إنا لو استغرقنا أعمارنا وآناء ليلنا ونهارنا في الصلاة عليه وشغل القلب بذكره بعد ذكر الله عز وجل لكان ذلك قليلا في تأدية واجب حقه وما تقتضيه محبته لحسنه وإحسانه، ونحن مطالبون بذلك واجب علينا بمقتضى الإيمان والإحسان أن لا ننساه ولا نغفل عنه.

ثم إن هذا لم يقتصر على أن بخل بالإكثار من الصلاة عليه ابتداء من قبل نفسه، بل بخل أن يحرك شفتيه اللتين لا مشقة تلحقه في تحريكهما بالصلاة عليه مرة واحدة بسبب سماع ذكره من مذكر له به صلى الله عليه وآله وسلم، فلا أعظم من هذا بخلا وجفاء، ألهمنا الله رشدنا بمنه ووقانا شح أنفسنا بفضله هـ.

هذا من جهة البخل، كما أن من أكثر من الدعاء بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فإنه يصير أولى الناس بسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وآله وسلم لتقربه إليه واتخاذه عنده يدا بذلك.

فمقصود الدعاء بالصلاة على رسول الله الاهتمام والانشغال بأمر رسول الله والفناء في خدمته ليدخل في ذلك كل أنواع التقرب من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كإهداء ثواب الأعمال الفاضلة إليه. وهذا علي بن الموفق رضي الله عنه لما حج عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حجا رآه في المنام يقول له:
"هذه يدك عندي أكافئك بها يوم القيامة، آخذ بيدك في الموقف فأدخلك الجنة والخلائق في كرب الحساب".

ومن هذا الباب شدة محبة النبي صلى الله عليه وآله وسلم عند أقوام جعلتهم يكثرون من ذكر الحبيب المصطفى والدعاء له بأفضل الأدعية وأرقاها وهو الدعاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، فكان هذا الدعاء منهم من شدة شوقهم إليه عليه الصلاة والسلام وليس مجرد عادة اعتادوا عليها، فاقتربت أرواحهم من روحه الطاهرة وحصل بينها التعارف والائتلاف والارتباط والمناسبة.

قال أبو عبد الله الساحلي رحمه الله في بغية السالك: إن من أعظم الثمرات وأجل الفوائد المكتسبات بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم انطباع صورته الكريمة في النفس انطباعا ثابتا متأصلا متصلا، وذلك بالمداومة على الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بإخلاص القصد وتحصيل الشروط والآداب وتدبر المعاني حتى يتمكن حبه من الباطن تمكنا صادقا خالصا يصل بين نفس الذاكر ونفس النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ويؤلف بينهما في محل القرب والصفا تأليفا بحسب تمكن حبه من النفس، فالمرء مع من أحب، والحب يوجب الاتباع للمحبوب، والاتباع يؤذن بالوصال هـ.

وعن محمد بن سعيد بن مطرف الخياط ـ الرجل الصالح ـ رحمه الله قال:
كنت جعلت على نفسي كل ليلة عند النوم إذا أويت إلى مضجعي عددا معلوما أصليه على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا أنا في بعض الليالي قد أكملت العدد فأخذتني عيناي، وكنت ساكنا في غرفة فإذا بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم قد دخل علي من باب الغرفة فأضاءت به نورا، ثم نهض نحوي وقال:
هات هذا الفم الذي يكثر الصلاة علي أقبله،
فكنت أستحي منه أن أقبله في فيه فاستدرت بوجهي، فقبلني في خدي، فانتبهت فزعا في الحين وأنبهت صاحبتي إلى جنبي، وإذا البيت يفوح مسكا من رائحته صلى الله عليه وآله وسلم، وبقيت رائحة المسك في خدي نحو ثمانية أيام تجدها زوجتي في كل يوم وليلة في خدي هـ.

قال ابن وداعة في التعليق على هذه الكرامة:

وإذا أردت أن تعلم حقيقة هذا القول فانظر إلى قوله صلى الله عليه وآله وسلم:
ما جلس قوم مجلسا ثم تفرقوا على غير الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا تفرقوا على أنتن من ريح الجيفة. يظهر لك أن المجالس التي يذكر فيها النبي صلى الله عليه وآله وسلم أو يصلى فيها عليه توجد فيها روائح عطرية وتنمو فيها نوافح مسكية.

ولما كان هو صلى الله عليه وآله وسلم أطيب الطيبين وأطهر الطاهرين وكان من خصائصه الشريفة التي عجلت له من صفات أهل الجنة أنه كان لا يمر بموضع ولا يجلس فيه ولا يمس بيده أو بجارحة من جوارحه الطاهرة شيئا إلا ويبقى فيه رائحة كرائحة المسك ـ حتى لقد كان أصحابه يعرفون الطريق التي يمر عليها صلى الله عليه وآله وسلم بذاك ـ، أبقى الله له هذه الكرامة، فكان صلى الله عليه وآله وسلم إذا ذكر في موضع وصلي عليه فيه طاب ذلك الموضع بذكره ونمت منه روائح طيبة، فصلى الله عليه وعلى آله صلاة تطيب مجالس الذكر ويغفر بها عظيم الوزر هـ.

وعموما، فإن عمل العبد بينه وبين ربه إذا كان المحرك له هو عظمة الله سبحانه فالأجر على قدر هذه العظمة في القلب. أما إذا كان المحرك له والحامل عليه مجرد غرض العبد وما يرجع لذاته، فالأجر على قدر ذلك. وهو ما أشار إليه سيدي عبد العزيز الدباغ رحمه الله في الإبريز حيث قال:
المشاهدة توجب محبة الله سبحانه، ومحبته سبحانه توجب الانقطاع إليه والانقطاع إليه يوجب أن يكون الأجر منه تعالى، على ما يليق بقدره سبحانه لا على ما يليق بقدرة العبد، وعدم المشاهدة يوجب الغفلة عنه سبحانه وهي توجب الانقطاع إلى الذات والانقطاع إلى الذات يوجب أن يكون الأجر على قدر العبد، لا على قدر الرب سبحانه، ولهذا ترى رجلين كل منهما يصلي على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فيخرج لهذا أجر ضعيف ويخرج لهذا أجر لا يكيف ولا يحصى، وسببه ما قلنا.

فالرجل الأول خرجت منه الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع الغفلة وعمارة القلب بالشواغل والقواطع، وكأنه ذكرها على سبيل الألفة والعادة، فأعطى أجرا ضعيفا.

والثاني خرجت منه الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم مع المحبة والتعظيم.

أما المحبة فسببها أن يستحضر في قلبه جلالة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعظمته وكونه سببا في كل موجود، ومن نوره كل نور، وأنه رحمة مهداة للخلق، وأنه رحمة الأولين والآخرين، وهداية الخلق أجمعين إنما هي منه ومن أجله فيصلي عليه لأجل هذه المكانة العظيمة لا لأجل علة أخرى ترجع إلى نفع ذاته.

وأما التعظيم فسببه أن ينظر إلى هذه المكانة العظيمة وبأي شيء كانت وكيف ينبغي أن تكون خصال صاحبها، وأن الخلائق أجمعين عاجزون عن تحمل شيء من خصالها لأنها ارتقت حقائقها فيه صلى الله عليه وآله وسلم إلى حد لا يكيف بالفكر فضلا عن أن يطاق تحمله بالفعل، فإذا خرجت الصلاة من العبد على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فإن أجرها يكون على قدر منزلة النبي صلى الله عليه وآله وسلم وعلى قدر كرم الرب سبحانه، لأن محرك هذه الصلاة والحامل عليها هو مجرد تلك المكانة العظيمة، فكان الأجر عليها على قدر تلك المكانة الحاملة عليها.
أما صلاة الأول فكان المحرك عليها حظ نفسه وغرض ذاته فكان الأجر عليها على قدر محركها، (ولا يظلم ربك أحدا) هـ.

ويمكننا تلخيص ما ذكره العلماء من فضائل الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيما يلي:
الأولى: امتثال أمر الله بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإن كان امتثالنا بالصلاة على رسول الله مجاز وليس على الحقيقة، لأن المصلي في الحقيقة هو الله سبحانه.

الثانية: موافقته سبحانه وتعالى في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإن اختلفت الصلاتان، فصلاتنا عليه دعاء وسؤال، وصلاة الله تعالى عليه ثناء وتشريف وتعظيم وإعلاء مقام.

الثالثة: موافقة الملائكة في الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم، وإن اختلفت الاستجابة في الدعاءين، فدعاءنا يحتاج إلى استجابة إلهية ونيابة، ودعاء الملائكة مستجاب قطعا لأن نطقهم بذلك يكون بالله عز وجل.

الرابعة: حصول عشر صلوات من الله تعالى على المصلي عليه صلى الله عليه وآله وسلم مرة، إلا أنها تختلف هذه الصلوات العشر من مسلم إلى آخر على قدر نية كل داع ومصل.

الخامسة: أن يرفع له عشر درجات، تتفاوت بدورها من مصل إلى آخر.

السادسة: يكتب له عشر حسنات.

السابعة: تمحى عنه عشر سيئات.

الثامنة: ترجى إجابة دعائه، إذا قدما أمامه وختم بها دعاءه، فهي تصاعد الدعاء إلى رب العالمين، بعدما كان موقوفا بين السماء والأرض قبلها.

التاسعة: أنها سبب لشفاعته صلى الله عليه وآله وسلم، إذا قرنها بسؤال الوسيلة له.

العاشرة: أنها سبب لغفران الذنوب وستر العيوب.

الحادية عشر: أنها سبب لكفاية العبد ما أهمه، خصوصا إن كانت هي كل دعاء العبد إلى ربه في يومه وليلته.

الثانية عشر: أنها سبب لقرب العبد منه صلى الله عليه وآله وسلم، بل ويصير عند الكثرة منها أولى برسول الله عليه الصلاة والسلام يوم القيامة.

الثالثة عشر: أنها تقوم مقام الصدقة، خصوصا لذي العسرة والفاقة ومن لا يجد ما ينفقه في سبيل الله.

الرابعة عشر: أنها سبب لقضاء الحوائج.

الخامسة عشر: أنها سبب لصلاة الله وملائكته على المصلي.

السادسة عشر: أنها زكاة للمصلي وطهارة له.

السابعة عشر: أنها سبب لتبشير العبد بالجنة قبل موته.

الثامنة عشر: أنها سبب للنجاة من أهوال يوم القيامة.

التاسعة عشر: أنها سبب لرده صلى الله عليه وآله وسلم على المصلي عليه.

الموفية عشرين: أنها سبب لتذكر العبد ما نسيه.

الحادية والعشرون: أنها سبب لطيب المجلس وأن لا يعود على أهله حسرة يوم القيامة.

الثانية والعشرون: أنها سبب لنفي الفقر عن المصلي عليه صلى الله عليه وآله وسلم.

الثالثة والعشرون: نجاته من دعائه عليه برغم أنفه إذا تركها عند ذكره صلى الله عليه وآله وسلم، ونفي اسم البخل عنه.

الرابعة والعشرون: أنها تأتي بصاحبها على طريق الجنة وتخطئ بتاركها عن طريقها.

الخامسة والعشرون: أنها تنجي من نتن المجلس الذي لا يذكر فيه اسم الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

السادسة والعشرون: أنها سبب لتمام الكلام الذي ابتدئ بحمد الله والصلاة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

السابعة والعشرون: أنها سبب لفوز العبد بالجواز على الصراط، مع تثبيت قدمه عليه.

الثامنة والعشرون: أنه يخرج العبد عن الجفاء بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم.

التاسعة والعشرون: أنها سبب لإلقاء الله تعالى الثناء الحسن على المصلي عليه صلى الله عليه وآله وسلم بين السماء والأرض، لأن المصلي طالب من الله أن يثني على رسوله ويكرمه ويشرفه، والجزاء من جنس العمل، فلا بد أن يحصل للمصلي نوع من ذلك.

الثلاثون: أنها سبب رحمة الله عز وجل للمصلي، لأن الرحمة إما معنى الصلاة كما قاله طائفة، وإما من لوازمها وموجباتها على القول الصحيح، فلا بد للمصلي عليه من رحمة تناله.

الحادية والثلاثون: أنها سبب للبركة في ذات المصلي وعمله وعمره وأسباب مصالحه، لأن المصلي داع ربه أن يبارك عليه وعلى آله، وهذا الدعاء إن استجيب كان الجزاء من جنسه.

الثانية والثلاثون: أنها سبب لدوام محبته صلى الله عليه وآله وسلم وزيادتها وتضاعفها، وذلك عقد من عقود الإيمان لا يتم إلا به.

الثالثة والثلاثون: أنها سبب لمحبة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم للمصلي عليه.

الخامسة والثلاثون: أنها سبب لهداية العبد وحياة قلبه، فإنه كلما أكثر الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم وذكره، استولت محبته على قلبه حتى لا يبقى في قلبه معارضة لشيء من أوامره، ولا شك في شيء مما جاء به، بل يصير ما جاء به مكتوبا مسطورا في قلبه، لا يزال يقرؤه على تعاقب أحواله ويقتبس الهدى والفلاح وأنواع العلوم منه، وكلما ازداد في ذلك بصره وقوة معرفته، ازدادت صلاته عليه صلى الله عليه وآله وسلم.

السادسة والثلاثون: أنها سبب لعرض المصلي عليه صلى الله عليه وآله وسلم وذكره عند، وكفى بالعبد نبلا أن يذكر اسمه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وقد قيل في هذا المعنى:
ومن خطرت منه ببالك خطرة حقيق بأن يسمو وأن يتقدما

السابعة والثلاثون: أنها سبب لتثبيت قلب المصلي على دينه.

الثامنة والثلاثون: تأدية الصلاة عليه لأقل القليل من حقه صلى الله عليه وآله وسلم وشكر نعمة الله التي أنعم بها علينا، مع أن الذي يستحقه من ذلك لا يحصى علما ولا قدرة ولا إرادة، ولكن الله سبحانه لكرمه رضي من عباده باليسير من شكره وأداء حقه.

التاسعة والثلاثون: أنها متضمنة لذكر الله وشكره ومعرفة إحسانه، فالمصلي عليه صلى الله عليه وآله وسلم قد تضمنت صلاته عليه ذكر الله وذكر رسوله وسؤاله أن يجزيه بصلاته عليه ما هو أهله.

الموفية أربعين: أن الصلاة عليه من العبد دعاء وسؤال من ربه عز وجل، فتارة يدعو لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم، وتارة لنفسه، ولا يخفى ما في هذا من المزية للعبد.

الإحدى والأربعون: من أعظم الثمرات وأجل الفوائد المكتسبات بالصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم انطباع صورته الكريمة في النفس.

الثانية والأربعون: أن الإكثار من الصلاة عليه صلى الله عليه وآله وسلم يقوم مقام الشيخ المربي.

الثالثة والأربعون: أن الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم تكسب الأزواج والقصور في الجنة.

الرابعة والأربعون، أنها تعدل عتق الرقاب.

يتبع..
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2009
  #13
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 20
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

أولى الناس برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:

عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة.

وكما يختص المحدثون بتعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتوقيره وإجلاله اختصوا أيضا بكثرة صلاتهم على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال عباس العنبري وعلي بن المديني: ما تركنا الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل حديث سمعناه، وربما عجلنا فنبيض الكتاب في حديث حتى نرجع إليه.

ومن ثمرات هذا الحرص على كتابة الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كلما كتب اسمه الشريف ما رواه عبيد الله بن عمر القواريري رحمه الله وهو من أئمة الحديث قال: كان لنا جار وراق فمات فرأيته في المنام فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال: كنت إذا كتبت اسم النبي كتبت: صلى الله عليه وآله وسلم هـ.

وقال الإمام محمد المهدي الفاسي رحمه الله في مطالعه:
ويشبهها ما حكي عن أبي عمر: قال: أخبرني رجل من الصوفية قال: رأيت صاحبا لي بعد موته في النوم فقلت له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال:
كنت أكتب الحديث فإذا جاء ذكر النبي صلى الله عليه وآله وسلم كتبت عند اسمه: صلى الله عليه وآله وسلم، أبتغي بذلك الثواب، فغفر الله لي بذلك.

وقريب من ذلك أيضا ما روى الحافظ أبو عبد الله النميري بسند يرفعه إلى سفيان بن عيينة، قال: حدثنا خلف صاحب الخلقان قال: كان لي صديق يطلب معي الحديث فمات، فرأيته في المنام وعليه ثياب خضر جدد يجول فيها، فقلت له: ألست صاحبي الذي كنت تطلب معي الحديث؟! فما هذا الذي أرى؟! قال:
كنت أكتب معكم الحديث فلم يمر بي حديث فيه ذكر سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم إلا كتبت بأثره: صلى الله عليه وآله وسلم، فكافأني ربي بهذا الذي تراه علي. نقله ابن وداعة.
وذكر الحكاية أيضا ابن سبع وابن بشكوال وجبر وابن وداعة وابن منديل عن محمد أبي سليمان، قال: رأيت أبي في النوم فقلت: يا أبت، ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قلت: بماذا؟ قال:
بكتابتي الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم في كل حديث.
ونسبه جبر لكتاب القربة ـ يعني لابن بشكوال ـ .

وقال أبو صالح عبد الله الصوفي: رئي بعض أصحاب الحديث في النوم، فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر لي، فقيل له: بأي شيء؟ فقال:
بصلاتي في كتابي على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هـ.

وقال أبو العباس بن منديل رحمه الله في تحفة المقاصد: رئي الإمام الشافعي رحمه الله في المنام فقيل له: ما فعل الله بك؟ فقال: غفر الله لي، فقيل له: بماذا؟ قال:
بخمس كلمات كنت أصلي بهن على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقيل له: وما هن؟ قال: كنت أقول:
اللهم صل على سيدنا محمد بعدد من صلى عليه، وصل على سيدنا محمد بعدد من لم يصل عليه، وصل على سيدنا محمد كما أمرت بالصلاة عليه، وصل على سيدنا محمد كما تحب أن يصلى عليه، وصل على سيدنا محمد كما تنبغي الصلاة عليه هـ.

وقال الحافظ السخاوي رحمه الله بخصوص تأليفه القول البديع في الصلاة على الحبيب الشفيع: وقد أخبرني بعض الثقات من أصحاب الشيخ أحمد رسلان وغيره من الأولياء المعتبرين ـ ختم الله لنا وله بالصالحات ـ أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في المنام، وأنه أحضر إليه هذا الكتاب، ووضعه بين يديه، وأقره صلى الله عليه وآله وسلم على ذلك في منام طويل هـ.

قلت: كيف لا وكتابه القول البديع من أنفس وأجمع ما ألف في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؟!
فإن كانت الصلاة على رسول الله شعار المحبين لسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم فإن إفراد كتاب فيها مع الاعتناء بتبويبه وتفصيله تعظيم واضح وتشريف صريح لمقام سيد ولد آدم صلى الله عليه وآله وسلم.

يتبع..
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2009
  #14
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 20
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

مسألة أفضل الصيغ وكيمياء السعادة:

لا شك أن مسألة أفضل الكيفيات في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم نسبية. وما ورد عن نبينا وسيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من اختلاف الصيغ التي علمها لصحابته الكرام يدل على أنها لا توجد صيغة واحدة في الصلاة على النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الإمام ابن مسدي رحمه الله: وقد روي في كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم أحاديث كثيرة، وصنف في ذلك جماعة جمعوا الأبواب وهذبوا التراجم، وذهب جماعة من الصحابة فمن بعدهم إلى أن هذا الباب لا يوقف فيه مع المنصوص، وأن من رزقه الله بيانا فأبان عن المعاني، بالألفاظ الفصيحة المباني، الصريحة المعاني، مما يعرب عن كمال شرفه صلى الله عليه وآله وسلم وعظيم حرمته، كان ذلك واسعا هـ.

ويشهد لهذا المعنى ما رواه زيد بن خارجة رضي الله عنه قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: كيف الصلاة عليك؟ فقال:
صلوا واجتهدوا، ثم قولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

فقوله صلى الله عليه وآله وسلم: صلوا واجتهدوا، نص في جواز الاجتهاد في صياغة أي دعاء بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

قال ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام:
الدعاء عبودية لله، وافتقار إليه، وتذلل بين يديه، فكلما كثره العبد وطوله وأعاده وأبداه ونوع جمله، كان ذلك أبلغ في عبوديته، وإظهار فقره، وتذللـه وحاجته، وكان ذلك أقرب له من ربه، وأعظم لثوابه هـ.

قلت: نعم، الصيغ النبوية في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم هي النموذج المحتذى به في صياغة أي كيفية جديدة انطلاقا وبمراعاة أسس وعوامل محددة.

أما الصيغة النبوية الجامعة لكل ما ورد من صحيح الأحاديث فهي كما سطرها شيخنا في كتابه: زاد المتقين في صحيح أذكار وأدعية سيد المرسلين:

اللهم صل على سيدنا محمد عبدك ورسولك النبي الأمي، وعلى آل سيدنا محمد وأزواجه أمهات المؤمنين وذريته وأهل بيته، كما صليت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم إنك حميد مجيد، اللهم بارك على سيدنا محمد النبي الأمي وعلى آل سيدنا محمد وأزواجه وذريته كما باركت على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.

قال شيخنا أبو الفتوح حفظه الله معلقا:
هذه الصيغة جامعة مركبة من عدة روايات صحيحة.. وقد جمعها العراقي تامة، وقبله النووي بأنقص منها هـ.

وأما العوامل التي ينبغي مراعاة بعضها أو جملة منها لتأصيل وتقعيد صيغة في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فهي:

أولا، عامل التضرع والتوسل إلى الله عز وجل.

وهو المشار إليه في ألفاظ البدء والختام للصيغ النبوية بـ: "اللهم"، و"إنك حميد مجيد".

فقائل: اللهم، كأنه يقول: يا من اجتمعت له الأسماء الحسنى، ولذلك شددت الميم لتكون عوضا عن علامة الجمع. فاللهم كما قال الحسن البصري رحمه الله مجتمع الدعاء.

قال ابن القيم رحمه الله في جلاء الأفهام:
والدعاء ثلاثة أقسام:

أحدها، أن تسأل الله تعالى بأسمائه وصفاته، وهذا أحد التأويلين في قوله تعالى: (ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها).

والثاني، أن تسأله بحاجتك وفقرك وذلك، فتقول: أنا العبد الفقير المسكين البائس الذليل المستجير ونحو ذلك.

والثالث، أن تسأل حاجتك ولا تذكر واحدا من الأمرين.

فالأول أكمل من الثاني، والثاني أكمل من الثالث، فإذا جمع الدعاء الأمور الثلاثة كان أكمل هـ.

قلت: وقائل: "إنك حميد مجيد"، في مقام التعليل للمطلوب من تكريم الله وإعلائه لمقام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فالله هو الفاعل لما يستوجب به الحمد من النعم المترادفة، مكرم بكثرة الإحسان إلى جميع عباده.

ومن الصيغ المأثورة التي يستشف منها حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم أن يحقق المسلم شرط التضرع والخشوع أثناء دعائه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ما ورد في مسند الفردوس عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:
اللهم إني أسألك يا الله، يا رحمن، يا رحيم، يا جار المستجيرين، يا مأمن الخائفين، يا عماد من لا عماد له، يا سند من لا سند له، يا ذخر من لا ذخر له، يا حرز الضعفاء، يا كنز الفقراء، يا عظيم الرجاء، يا منقذ الهلكى، يا منجي الغرقى، يا محسن، يا مجمل، يا منعم، يا مفضل، يا عزيز، يا جبار، يا منير، أنت الذي سجد لك سواد الليل، وضوء النهار وشعاع الشمس، وحفيف الشجر، ودوي الماء، ونور القمر، يا الله أنت الله الذي لا شريك له، أسألك أن تصلي على سيدنا محمد عبدك ورسولك وعلى آل سيدنا محمد.

وقد أخرج الدينوري في "المجالسة" عن الحسن البصري رحمه الله أنه قال: هذا الدعاء هو دعاء الفرج ودعاء الكرب:
يا حابس يد إبراهيم عن ذبح ابنه، وهما يتناجيان اللطف، يا أبت يا بني، يا مقيض الركب ليوسف في البلد القفر وغيابة الجب وجاعله بعد العبودية نبيا ملكا، يا من سمع الهمس من ذي النون في ظلمات ثلاث: ظلمة قعر البحر، وظلمة الليل، وظلمة بطن الحوت، ويا راد حزن يعقوب، ويا راحم عبرة داود، ويا كاشف ضر أيوب، يا مجيب دعوة المضطرين، يا كاشف غم المهمومين، صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، أسألك أن تفعل بي كذا وكذا هـ.

ثانيا، عامل استحضار عظمة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم وعلو مقامه.

ومن الصيغ المأثورة التي تؤكد في تحريرها على مقام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم ومنزلته عند الله سبحانه:
اللهم اجعل صلواتك ورحمتك وبركاتك على سيد المرسلين وإمام المتقين وخاتم النبيين عبدك ورسولك، إمام الخير وقائد الخير ورسول الرحمة، اللهم ابعثه المقام المحمود يغبطه به الأولون والآخرون.

ثالثا، عامل استحضار عجزنا عن مكافأة النبي الكريم صلى الله عليه وآله وسلم المكافأة التي يرضى بنا عنا رب العالمين.

رابعا، عامل استحضارنا لانفراد الرب جل جلاله بعلمه بمقام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم وما يليق به.

خامسا، عامل استحضارنا لضرورة نيابة الله عنا في الصلاة الكاملة التامة الواجبة على رسوله صلى الله عليه وآله وسلم.

سادسا، عامل استحضار دخول الآل بتحديداته المختلفة في صلاة الله على نبيه صلى الله عليه وآله وسلم.

ففي بعض الصيغ النبوية لكيفية الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تنصيص واضح على مثل هذه التحديدات كأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم وذريته وأهل بيته.

سابعا، عامل استحضار مجال إعلاء الله لمقام نبيه الكريم صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الحافظ السخاوي رحمه الله في القول البديع:
وأشار بقوله: "في العالمين"، إلى اشتهار الصلاة والبركة على سيدنا إبراهيم في العالمين، وانتشار شرفه وتعظيمه، وأن المطلوب لنبينا عليه الصلاة والسلام صلاة تشبه تلك الصلاة، وبركة تشبه تلك البركة في انتشارها في الخلق وشهرتها هـ.

ثامنا، عامل تأكيد الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بألفاظ تؤدي معنى من معان إعلاء المقام.

فالمراد بقولنا في إحدى الصيغ النبوية المشهورة:
وبارك على سيدنا محمد .. .
النمو والزيادة من الخير والكرامة.

وهي، أي البركة والتبريك، تشرح لنا معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم وتؤكد على معنى المطالبة بالرفع من مقام سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

قال الحافظ السخاوي رحمه في القول البديع:
فإذا قلنا: اللهم بارك على سيدنا محمد، فالمعنى: اللهم أدم ذكر سيدنا محمد ودعوته وشريعته وكثر أتباعه وأشياعه، وعرف أمته من يمنه وسعادته أن تشفعه فيهم وتدخلهم جناتك وتحلهم دار رضوانك، فيجمع التبريك عليه الدوام والزيادة والسعادة هـ.

تاسعا ، عامل الرغبة في الإكثار من الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

عاشرا، عامل تحديد ما يتوخاه المرء من دعائه بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من فضل وأجر ومثوبة وجزاء.

حادي عشر، عامل استحضار أولية وأولوية وولاية الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على جميع المؤمنين.
وهو المعنى الذي أشارت إليه صيغ نبوية كريمة بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم كما صلى ربنا على سيدنا إبراهيم عليه السلام.

فكما أنه قد تقدمت من الله الصلاة على سيدنا إبراهيم وعلى آل سيدنا إبراهيم، فإننا نسأل ربنا الصلاة على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد بطريق الأولى، لأن الذي يثبت للفاضل يثبت للأفضل بطريق الأولى.
فالتشبيه هنا لم يكن في القدر ولا في الرتبة وإنما كان لأصل الصلاة بأصل الصلاة.

فهذه إحدى عشر عامل حسب ما يحضرني الآن كلها تؤطر لعملية استخراج جديدة لأي صيغة نورانية في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.

وللعالم المتصدر في زمنه ودائرة دعوته لمجلس التربية الروحية الحق في موافقة أي صيغة من الصيغ المتوارثة في الصلاة على رسول الله على أن تكون هي الصيغة التي تميز تربيته إذا رأى بنور الله الذي متعه الله إياه أن في طياتها عناصر لكيمياء سعادة من يتتلمذ عليه في عصره من الطلبة والمريدين.

إذ كانت العوامل السالفة الذكر في حضورها أو غيابها عن الوعي الجماعي للمجتمع في زمان ما متفاوتة، وتأتي الصيغة المختارة من الشيخ المربي لتؤكد على ضرورة استحضار عامل من العوامل تم إغفاله في تربية الأفراد في عصره.

كما أن الصيغة المختارة تترجم طبيعة التنظيم الروحي الزاحف في المجتمع كما أراده الشيخ المربي.

فالذي يؤكد على علو المقام المحمدي مثلا يريد لتنظيمه الروحي أن يأخذ طابعا جماليا تتخلله كل معاني التسامح والانفتاح والبسط والمحبة في طريق استقطابي لا يعرف لغة المدافعة والمواجهة الحديدية.

أما الذي يؤكد على ضرورة استحضار تحديدات آل سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم من أزواج النبي وذريته فإن تنظيمه الروحي يراد له أن يكون جامعا لشتات الأمة بصالحيها دون غيرهم رابطا بذلك ماضي الأمة بحاضرها ومستقبلها في إطار الالتفاف حول المرجعية الأولى للمسلمين جميعا.

وهكذا يمكن استقصاء جل الصيغ المتوارثة في الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم التي اختيرت من شيوخ تربية روحية عنوانا وشعارا لحركتهم ومشروعهم في تعظيم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وإعلاء مقامه.

على أن بعض المشايخ، ومنهم شيخنا المبارك سيدي أبو الفتوح عبد الله بن القادر التليدي حفظه الله، لا يحاولون إطلاقا التحيز إلى صيغة معينة ويتركون لمريديهم حرية اختيار الصيغة التي تناسبهم وتلائم وضعهم وفكرهم ومقاصدهم في وردهم للصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. ذلك لأنهم ـ أي هؤلاء المشايخ ـ لا يفضلون أن يكون لهم تنظيم أصلا، وإن كانوا أهلا لجمع شتات الأمة جمعاء، ويقتصرون في تربيتهم لمريديهم على مجالس العلم والمذاكرة.

يتبع..
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2009
  #15
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 20
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

صيغ متوارثة مهمة:

وفي ختام هذه الرسالة المتواضعة نسوق بعض الصيغ التي نراها مناسبة لزرع هذه المعاني التي أشرنا إليها في الصفحات السابقة:

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آل سيدنا محمد، صلاة تكون لك رضاءا، ولحقه أداء، وأعطه الوسيلة والمقام الذي وعدته، واجزه عنا ما هو أهله، واجزه عنا من أفضل ما جزيت نبيا عن أمته، وصل على جميع إخوانه من النبيين والصالحين يا أرحم الراحمين.

اللهم صل على سيدنا محمد كما أمرتنا أن نصلي عليه، وصل عليه كما ينبغي أن يصلى عليه، وصل عليه كما يجب أن يصلى عليه وعلى آله وسلم.

اللهم لك الحمد كما أنت أهله، فصل على سيدنا محمد كما أنت أهله، وافعل لنا ما أنت أهله، فإنك أهل التقوى وأهل المغفرة.

اللهم صل سيدنا محمد حتى ترضى وصل على سيدنا محمد بعد الرضا وصل على سيدنا محمد أبدا أبدا، اللهم صل على سيدنا محمد كما أمرت بالصلاة عليه، وصل على سيدنا محمد كما تحب أن يصلى عليه، وصل على سيدنا محمد كما أردت أن يصلى عليه.

اللهم صل على سيدنا محمد بأفضل ما صليت على أحد من خلقك، وصل عليه صلاة تفوق وتفضل صلاة المصلين عليه من الخلق أجمعين كفضلك على جميع خلقك.

اللهم صل سيدنا محمد وعلى آله فإنك أعلم بما يليق بمقامه، كما علمت بما يليق بسيدنا إبراهيم فصليت عليه في النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وفي العالمين إنك حميد مجيد.

اللهم صل على سيدنا محمد كما تحب وترضاه له، وأبلغ روحه مني تحية وسلاما.

اللهم صل على سيدنا محمد صلاة دائمة مستمرة الدوام على مر الليالي والأيام متصلة الدوام لا انقضاء لها ولا انصرام على مر الليالي والأيام عدد كل وابل وطل.

اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله بحر أنوارك ومعدن أسرارك ولسان حجتك وعروس مملكتك وإمام حضرتك وخاتم أنبيائك صلاة تدوم بدوامك وتبقى ببقائك صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا أرحم الراحمين.
اللهم صل على سيدنا محمد وسلم عليه واجزه عنا ما هو أهله.

اللهم صل على سيدنا محمد عدد ما أحاط به علمك وأحصاه كتابك صلاة تكون لك رضاء ولحقه أداء وأعطه الوسيلة والفضيلة والدرجة الرفيعة وابعثه المقام المحمود الذي وعدته واجزه عنا ما هو أهله وعلى جميع إخوانه من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

اللهم صل على سيدنا محمد وأنزله المنزل المقرب يوم القيامة.

اللهم صل على سيدنا محمد بحر أنوارك ومعدن أسرارك ولسان حجتك وعروس مملكتك وإمام حضرتك وطراز ملكك وخزائن رحمتك وطريق شريعتك المتلذذ بتوحيدك، إنسان عين الوجود والسبب في كل موجود عين أعيان خلقك المتقدم من نور ضيائك صلاة تدوم بدوامك وتبقى ببقائك لا منتهى لها دون علمك صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا رب العالمين.

اللهم صل على سيدنا محمد على قدر حبك فيه، وصل عليه على قدر عنايتك به، وصل عليه حق قدره ومقداره.
اللهم صل على سيدنا محمد وعلى آله الرفيع مقامه الواجب تعظيمه واحترامه صلاة لا تنقطع أبدا ولا تفنى سرمدا ولا تنحصر عددا.

اللهم صل على سيدنا محمد صلاة تكرم بها مثواه وتشرف بها عقباه وتبلغ بها يوم القيامة مناه ورضاه، هذه الصلاة تعظيما لحقك يا سيدنا محمد.

اللهم صل على سيدنا محمد حاء الرحمة وميمي الملك ودال الدوام السيد الكامل الفاتح الخاتم عدد ما في علمك كائن أو قد كان كلما ذكرك وذكرك الذاكرون وكلما غفل عن ذكرك وذكره الغافلون صلاة دائمة بدوامك باقية ببقائك لا منتهى لها دون علمك إنك على كل شيء قدير.

اللهم إني أسألك بأفضل مسألتك وبأحب أسمائك إليك وأكرمها عليك، وبما مننت علينا بسيدنا محمد نبينا صلى الله عليه وآله وسلم، فاستنقذتنا به من الضلالة وأمرتنا بالصلاة عليه، وجعلت صلاتنا عليه درجة وكفارة ولطفا ومنا من إعطائك،
فأدعوك تعظيما لأمرك واتباعا لوصيتك ومنتجزا لموعودك، لما يجب لنبينا سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم في أداء حقه قبلنا، إذ آمنا به وصدقناه واتبعنا النور الذي أنزل معه، وقلت وقولك الحق:
(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما)،
وأمرت العباد بالصلاة على نبيهم فريضة افترضتها عليهم وأمرتهم بها،
وأنى لهم بأدائها وتحقيقها، فنسألك بجلال وجهك ونور عظمتك وبما أوجبت على نفسك للمحسنين
أن تصلي أنت وملائكتك نيابة عنا على سيدنا محمد عبدك ورسولك ونبيك وصفيك وخيرتك من خلقك أفضل ما صليت على أحد من خلقك، في نفسي وجسدي وروحي وكياني وبيتي وأسرتي وعائلتي وعشيرتي وقومي ووطني وسائر بلاد المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها،
وفي العالمين إنك حميد مجيد.



وانتهى من كتابته الفقير إلى رحمة الله
الحـسـيـن اشـبـوكي
يومه الجمعة 14 نونبر 2008
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-09-2009
  #16
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 19
نوح is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

ما ذكرته في مشاركتك الطيبه من ينكرة فهو ضال والعياذ بالله

ولذالك قال عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:
إن أولى الناس بي يوم القيامة أكثرهم علي صلاة.

بارك الله في عمرك اخي ابو انور على ما جلبت من الكلمات الطيبه الموضوع قرئت اكثر من نصفه ولي عوده ان شاء الله وجزاك الله الف خير
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-11-2009
  #17
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,217
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

لقد كانت الآية الكريمة الآمرة بالصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم لتؤكد عن طريق بيانات السنة المحمدية أن التعلق بالحبيب صلى الله عليه وآله وسلم لن يكون إلا على أساس التوحيد لله عز وجل الذي لا يتم إلا بنبذ كل ند يتأله ويتقدس دون الله سبحانه.

وهذا هو المراد من قول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وآله وسلم:
لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى ابن مريم.

ذلك لأن النصارى مآخذون على تأليههم لسيدنا عيسى عليه السلام وليس على تقديسهم إياه. فالمبالغة في الإطراء والمدح المذمومة شرعا في حق الأنبياء هي المبالغة التي تجعل الأنبياء أو تجعل غيرهم من البشر أندادا لله تعالى.

وهذا هو الدور الذي يقوم به شيخ التربية مع مريديه وتلامذته الذين سلموا أنفسهم له، فيوجههم نحو هذا المعنى بكل ما أوتيه من علم وحكمة وهمة، ليقدمهم إلى حبيبنا وسيدنا محمد وهم مستشعرون حضوره عليه الصلاة والسلام بينهم واستغفاره لهم وترحمه عليهم، عبدا لله ورسولا مبعوثا من عند الله إلى الأحمر والأسود.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــ
ومن ثم كان الدعاء بالصلاة على سيدنا محمد صلى الله عليه وآله وسلم يقوم مقام شيخ التربية عند الصوفية الكرام.

فأهمية الصلاة على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تتوجه أيضا عند الحديث عمن يبحث عن طرائق القرب من الله عز وجل لما فيها من التوسل إلى الله تعالى وبه عز وجل، وأيضا لما فيها من التوسل إلى الله بحبيبه ومصطفاه صلى الله عليه وآله وسلم، إذ لا وسيلة أقرب ولا أعظم من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم.


ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــ
أنى لنا الصلاة عليك يا رسول الله:

أما الصحابة رضوان الله عليهم وخاصة الأعراب منهم الذين كانوا يفهمون جيدا معاني الكلمات العربية فقد وقفوا وقفة دهشة واستفسار حول كيفية الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم فور نزول هذه الآية الكريمة، فدلهم الرسول الكريم عليه الصلاة والسلام دلالة تفيد كل الأجيال القادمة بعده إلى طريق العبودية السيار: الدعاء.
وقفوا وقفة دهشة واستفسار لأنهم يعرفون أن الصلاة على سيدنا محمد، حسبما يقتضيه فضاء اللغة العربية، تعني تعظيمه في الدنيا بإعلاء ذكره وإظهار دعوته وتقديم سنته حبا وكرامة وليس بالإكراه والجبر.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــ


فنحن في دعائنا بالصلاة على نبينا وحبيبنا وسيدنا محمد نناجي ربنا ونتوسل قائلين:
كن أنت يا ربنا المتولي للصلاة على سيدنا محمد بتلك الصلاة الكاملة التي أمرتنا بها ليكون نقصنا مغفورا بكمالك، ولأنك أولى بذلك منا لأنك البر المحسن، وما يظهر علينا فإنما هو من آثار أوصافك تباركت وتعاليت.
وكن أنت يا ربنا المتولي للصلاة عليه كما ينبغي في حكمة المنعم الحكيم الذي يراعي كل أحد وما يناسبه، فينعم على كل أحد على قدره ويصلِ عليه الصلاة التي تناسب قدره، فقد علمت بما يليق بسيدنا إبراهيم فصلِت عليه في العالمين، وأنت أعلم بما يليق بسيد الأولين والآخرين فصل عليه صلاة تناسب منزلته عندك وأهليته فيكون فضل صلاتك عليه على صلاة غيرك طبق فضله صلى الله عليه وآله وسلم على سائر الخلق.




....................................
4
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-11-2009
  #18
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

دلائل واضحاتٌ للنبوّة = فلا تخفى على عين البصيرِ
فألفُ دليلِ صدقٍ قد جمعتم = وهذا غاية الفضل الكبيرِ
جزاكم ربُّكم جنّات عدنٍ = وأنقذكم من الهول العسيرِ
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-11-2009
  #19
أبو أنور
يارب لطفك الخفي
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 3,299
معدل تقييم المستوى: 20
أبو أنور is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

ح أمسك صلاتي عليك مالى ورسمالي = واجعل سلامي عليك حالى ومحتالي
وافضل أقول يارب صل عليه = والكل يتعجبوا من طول موالي
حتى يجيني البشير من عند من أولاك = ويقول لى نلت الرضا وأقول هنيا لى
أبو أنور غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-13-2009
  #20
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 19
نوح is on a distinguished road
افتراضي رد: ألف دلالة ودلالة في الصلاة على نور الوحي والرسالة

اللهم صل على سيدنا محمد بحر أنوارك ومعدن أسرارك ولسان حجتك وعروس مملكتك وإمام حضرتك وطراز ملكك وخزائن رحمتك وطريق شريعتك المتلذذ بتوحيدك، إنسان عين الوجود والسبب في كل موجود عين أعيان خلقك المتقدم من نور ضيائك صلاة تدوم بدوامك وتبقى ببقائك لا منتهى لها دون علمك صلاة ترضيك وترضيه وترضى بها عنا يا رب العالمين.
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
11 ألف حمامة تعيش في كنف الجامع «الأموي» في دمشق عبدالقادر حمود ركن بلاد الشام 2 10-02-2013 05:17 AM
الحديث عن الوحي عمرياسين المواضيع الاسلامية 1 07-17-2013 06:40 AM
حمامة الغار عبدالقادر حمود الانشاد والشعر الاسلامي 0 12-10-2010 10:56 AM
نزول الوحي هاجر المواضيع الاسلامية 1 03-04-2010 02:02 PM
الحج الشامي دلالة على مكانة دمشق عبدالقادر حمود ركن بلاد الشام 2 08-07-2009 08:29 PM


الساعة الآن 11:20 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir