العقل زينة
يقال «إن العقل زينة» فهو الذي يميز الإنسان عن غيره، ومن تمتع بعقل راجح فإن حلة العقل من أبهى الحلل..
والعاقِل الذي يَحْبِس نفسه ويرُدّها عن هواها، وأُخِذَ من قولهم قد اعْتُقِل لسانُه إذا حُبِسَ ومُنِع الكلامَ، والمَعْقُول: ما تَعْقِله بقلبك، والمَعْقُول:العَقْلُ، يقال: ما لَهُ مَعْقُولٌ أي عَقْلٌ، والعَقْلُ التّثَبّت في الأمور. والعَقْلُ القَلْبُ، والقَلْبُ العَقْلُ، وسمي العَقْلُ عقْلاً لأنه يَعْقل صاحبَه عن التورّط في المَهالِك أي يَحْبِسه، ويقال: لِفُلان قَلْبٌ عَقُول، ولِسانٌ سَؤُول، وقَلْبٌ عَقُولٌ فَهِمٌ؛ وعَقَلَ الشيءَ يَعْقِلُه عَقْلاً: فَهِمه.
يُروى أن النعمان بن المنذر قصد إلى بلاط كسرى فوجد عنده وفوداً من الروم والهند والصين، وقد افتخر كل وفد بمآثر أمته، ولما افتخر النعمان بمفاخر العرب أنكر كسرى على العرب أن يكون لهم مجد، ووصفهم بأنهم وحوش تقيم في القفر، وحينئذ اقترح عليه النعمان أن يستدعي وفداً من العرب ويسمع منهم، فوافق كسرى على ذلك وقدم وفد العرب، وعلى رأسه أكثم بن صَيفي، الذي ألقى هذه الخطبة بين يدي كسرى «إنّ أفضل الأشياء أعاليها، وأعلى الرجال مُلُوكها، وأفضل الملوك أعمها نفعاً، وخير الأزمنةِ أخصبها، وأفضل الخطباءِ أصدقها، الصدق منجاة، والكذب مهواة، والشر لجاجة، والحزم مركبٌ صعب، والعجز مركبٌ وطيء، آفةُ الرأي الهوى، والعجز مفتاح الفقر، وخيرُ الأمورِ الصبر، حُسن الظنِ ورطة، وسوء الظن عِصمة، إصلاح فساد الرعيّة خير من إصلاح فساد الراعي، مَنْ فسدت بطانته كان كالغاصّ بالماء. شر البلاد بلادٌ لا أمير لها، شر الملوك من خافهُ البريء، المرء يعجز لا محالة، أفضل الأولادِ البررة ، خير الأعوانِ مَنْ لم يُراءِ بالنصيحة، أحق الجنودِ بالنصر مَنْ حسُنت سريرته، يكفيكَ من الزاد ما بلّغكَ المحل، حسبُكَ من شر سماعه، الصمت حُكمٌ وقليلٌ فاعلهُ، البلاغةُ الإيجاز، منْ شدّد نفّر، ومَنْ تراخى تألّف».
فأُعجب بها كسرى إعجاباً شديداً، وقال له: لو لم يكن لقومك غيرك لكفاهم ذلك فخراً.
ثم قال له: ويحك! يا أكثم، ما أحكمك، وأوثق كلامك، لولا وضعك كلامك في غير موضعه.
قال أكثم: الصدق ينبئ عنك لا الوعيد.
قال كسرى: لو لم يكن للعرب غيرك لكفى.
قال أكثم: رب قول أنفذ من صول.
أبو العلاء المعري:
يقـــولُ لك العقلُ، الـــــذي بَيّنَ الهُدى
إذا أنـــتَ لم تَــــدْرأ عـــدُوّاً فــدارِهِ
وقَبّلْ يـــدَ الجاني، الذي لستَ واصِــــلاً
إلى قَطعِهــــا، وانظرْ سقوطَ جِـــدارِه
وما الوقـــتُ إلاّ طائرٌ يأخُـــــــــذُ المدى
فبــــادِرْهُ، إذ كـــــلّ النُّهَى في بِداره
رأتْكَ البرايا ظالماً، يا ابنَ آدَمٍ.... وبئسَ الفتى مَن جارَ عندَ اقتدارِه
إسماعيل ديب
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات