نبذة عن حياة الحافظ بن حجر العسقلاني


هو الامام الحافظ العالم الحبر امام الحفاظ كلمة لا تجحد , و شهادة في أنفس ذوي الفضل, و على ألسن ذوي العلم تردد , رتبة لو نشر أكابر الأعداء في سبيلها لكانوا يودونها , شيخ الجرح و التعديل, امام الرجال في كل سبيل, صاحب الهمة العالية , والجد الحثيث , امير المؤمنين في الحديث, العالم الرباني, شهاب الدين الثاقب أبو الفضل بن حجر العسقلاني أحمد بن علي بن أحمد بن محمد بن علي بن محمود بن أحمد بن حجر الايماني العسقلاني أصلا المصري مولدا , و دارا و وفاة رحمه الله تعالى , ولد رحمه الله في يوم 22 من يوم شهر شعبان سنة 773 هجرية , وقد ماتت أمه و هو صغير السن , ثم مات والده قبل أن يتم 3 سنين, و كفله وليه الزكي الخروبي رحمه الله, وكان رجلا صالحا, فتعهد الخروبي الحافظ بن حجر منذ كفله صبيا , تعاهدا جيدا فدفع به الى الكتاب فحفظ القرآن الكريم وله 9 سنين, وبدء ينظر في العلم و يبحث في التجويد, و التفسير, وهو بن 12 سنة, و بدءت تظهر عليه علامات النجابة و النبوغ, وكان بحثه هذا في العلم مبكرا, قد أتاح له جملة من وافرة من الشيوخ الذين تتلمذ عليهم سائر العلوم فبلغت جملة هؤلاء الشيوخ الذين تربى على يديهم الحافظ رحمه الله, و أخذ عليهم العلم 450 شيخا, و جمع أسماء هم و ترجم لهم الحافظ بن حجر نفسه في كتاب حافل له أسماه - المجمع المؤسس و المعجم المفهرس-, أي لشيوخه, فهذا العدد من الشيوخ لم يبلغ عدد طبقته و طبقة شيوخه و طبقة من جاء بعده, ولا عجب في ذلك فاننا نعتقد أن 450 شيخا ليس عددا كبيرا بالنسبة لغيره من طبقته و طبقة شيوخه رحمهم الله جميعا, فلقد رأيت معجم اللشيوخ للحافظ شمس الدين الذهبي رحمه الله, فأحصيت عدد المشائخ الذين تتلمذ لهم الذهبي رحمه الله اما سماعا أو اجازة خاصة أو عامة , فوجدت شيوخه بلغوا 1040 شيخا, وبلغ عدد الشيخات من النساء في هذا المعجم -معجم الذهبي- أكثر من 100 شيخة, في حرف زينب فقط له 17 شيخة اسمها زينب, بل في المعجم المختص بالمحدثين للحافظ الذهبي رحمه الله بلغ عدد شيوخه في علم الحديث وحده 493 شيخا, ولو جبت العالم الاسلامي اليوم لعلك لا تصل الى هذا العدد و ليس في الحديث و حده, بل لا يوجد أكثر من من أصابع اليدين في العالم, بل هذه مبالغة مني و حسن ظن اذ رفعتهم الى عدد الأصابع, فهذا العدد الجم كان السمة العامة لأغلب من يطلبون العلم آنذاك, فشيوخ الامام أبي حنيفة رحمه الله مثلا كما يذكرون بلغ 1000 شيخ, ولا نذهب بعيدا فالطبراني رحمه الله صاحب المعجم الكبير و المعجم الأوسط و المعجم الصغير, شيوخه في المعجم الصغير 1891 شيخا, لذلك كان هؤلاء الناس علماء فعلا, فالواحد منا لو أخذ من كل شيخ من هذا الكم الهائل من الشيوخ جملة واحدة لصارعالما.

فالحافظ بن حجر رحمه الله قد جاب علماء مصر كلها, وأخذ عنهم العلم و ما خرج من مصر الا بعد أن استنفذ كل شيوخها, لذلك كان من سنة السلف رحمهم الله أنهم كانوا يأخذون العلم عن أشياخ بلدتهم حتى اذا رأوا أنهم حازوا ما عندهم من العلم, بدءوا الرحلة الى الأقطار الاسلامية الأخرى. وقد قال بعض السلف رحمه الله - من أراد أن يعرف خطاء شيخه فليتخذ له شيخا آخر, فان المقتصر على الشيخ الواحد كالمتزوج بامرأة واحدة, ان حاضت حاض معها, وان نفست نفس معها, وان مرضت مرض معها.- أي أن تعدد الشيوخ فيه قضاء لوطر الطالب, و اشباع لنهمه و الرغبة في التحصيل. فكان من البلاد التي دخلها الحافظ رحمه الله بعد أن استوعب شيوخ مصر, الشام ببلادها الواسعة, واليمن, والعراق, وبلدانا أخرى فأخذ عن شيوخها اما سماعا أو اجازة خاصة أو عامة.