أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، والعجز والكسل ،والبخل والجبن وضلع الدين وغلبة الرجال           

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-23-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي الملاحق - ملحق بارلا

كليات رسائل النور
7
الملاحق
في فقه دعوة النور
أ - ملحق بارلا
تأليف
بديع الزمان سعيد النّورسي
ترجمة
إحسان قاسم الصالحي

الملاحق - ملحق بارلا، ص: 13

باسمه سبحانه
(وان من شيءٍ الاّ يسبح بحمده)

المقدمة
هناك خمسة اسباب لإدراج ما كتبه كل من "خلوصي" 1 "وصبري" 2 في رسائلهم، حول انطباعاتهم عن رسائل النور ضمن اجزائها، وهي الآتية:
الاول: اما خلوصي، فان غيرته وجديته هما اهم سببين لكتابة أواخر "الكلمات" واغلب "المكتوبات". وكذا الشوق الجاد المنبثق من صميم القلب لدى صبري هو السبب في كتابة "المكتوب التاسع عشر" الذي يكوّن ثلث "المكتوبات".
السبب الثاني: هذان الاخوان المحترمان لم يكونا على علم من ان هذه الفقرات ستنُشر. وان عدم معرفتهما هذا جعلهما بعيدين عن التكلف والتصنع، فجاءت كتاباتهم في غاية الاخلاص، تلك التي تعبّر عما تتحسسه مشاعرهم وارواحهم من مراتب الذوق تجاه الرسائل، وتبين في الوقت نفسه اشواقهم نحو الحقائق الايمانية، لذا ليس اعجابهم وتقديرهم من قبيل التقاريظ المعروفة، بل هو تعبير صادق لا مبالغة فيه عمّا لمسوه من حقيقة وذاقوه فعلاً.
السبب الثالث: انهما من طلابي الحقيقيين، ومن رفقائي الصادقين الجادين، يحملان ثلاث خصال من خصال طلاب النور العاملين في سبيل القرآن، وهي: خاصية كل من الطالب والاخ والصديق. بل هما قد فازا بقصب السبق في الاتصاف بتلك الصفات الثلاث والتي هي:
_____________________
1 وهو خلوصي يحيى كيل من السابقين الذين تتلمذوا على الاستاذ النورسي في »بارلا« وكان حينئذ ضابطاً برتبة نقيب، كان يبعث الى استاذه اسئلته وما يستفسر منه من امور ايمانية. جمعت هذه الاجوبة بتوجيه الاستاذ نفسه وسميّت بـ (مكتوبات). توفي سنة 1986 عن 91 سنة من العمر، رحمه الله رحمة واسعة - المترجم.
2 (1893 - 1954) عالم فاضل تولى الامامة في جامع قرية "بدرة" القريبة لمنفى الاستاذ النورسي "بارلا" كان يستنسخ مباشرة ما تصل اليه من رسائل ومكاتيب ويرسلها خفية بوساطة طلاب نور اكفاء الى الحافظ علي واخوته النوريين فيستنسخونها ويوزعونها سراً الى المشتاقين اليها. المترجم

الملاحق - ملحق بارلا، ص: 14
الخاصية الاولى: انهما يتبنيان ما ينسب اليّ - من رسائل النور - وكأنهما صاحباه بالذات. فاذا ما دُوّنت كلمةٌ من "الكلمات" فانهما يتذوقانها ذوقاً خالصاً كأنهما قد كتباها والّفاها بنفسيهما، فيشكران الله. فهما كروح حل في جسدين، وهما وارثيّ الحقيقيين المعنويين.
الخاصية الثانية: انهما يعتقدان ان اعظم غاية من غايات حياتهما واجلّها هي خدمة القرآن الكريم بوساطة تلك "الكلمات" النورية. ويدركان ان خدمة الايمان هي اهم نتيجة حقيقية لحياتيهما الدنيوية واعظم وظيفة فطرية لهما في الدنيا.
الخاصية الثالثة: انهما يشعران بجراحاتهما - بمثل ما اشعر بها - ويضمدانها بالادوية التي اخذتها من صيدلية القرآن الكريم المقدسة والتي جرّبتها في نفسي اولاً، وهما يحملان في الوقت نفسه غيرة عالية سامية للحفاظ على ايمان المؤمنين. لذا يشعران بشفقة عالية لضماد جراحات اهل الايمان الناشئة من ورود الشبهات والاوهام.
السبب الرابع: ان السيد خلوصي هو كأبني المعنوي الوحيد وابن اخي "عبد الرحمن" 1 الذي كان مدار سلواني ووارثي الحقيقي وكان من المتوقع ان يملك دهاءً نورانياً. وبعد وفاته حلّ "خلوصي" محلّه، حيث بدأ يوفي الخدمات التي كنت انتظرها من المرحوم حقها.
وعندما كنت اكتب "الكلمات" - قبل رؤيتي لخلوصي بمدة مديدة - شعرت وكأن شخصاً معنوياً موظفاً بوظيفته العسكرية يمثل مهمة المخاطب لي، لذا جاء معظم أمثلتي على وفق وظيفته وسارت مسرى مسلكه. بمعنى ان الله سبحانه قد جعل هذا الشخص طالباً ومعيناً لي في خدمة القرآن والايمان. وانا بدوري كنت قد اتخذته مخاطباً لي دون قصد او شعور وكلّمته في "الكلمات" قبل ان اراه والقي عليه الدرس.
اما صبري، فانه يحمل علامة فارقة فطرية خاصة بي 2، لم ارها في غير صبري في الاماكن التي تجولت فيها. ويشعر بصلة قربى معي تفوق صلة الرحم. وكنت آمل
_____________________
1 هو عبد الرحمن بن عبدالله، ابن شقيق الاستاذ النورسي ولد سنة 1903 في نورس وتوفي سنة 1928 ودفن في قرية (ذو الفضل) في انقرة. كتب تاريخ حياة الاستاذ حتى عام 1918 ونشره بكتاب طبع في استانبول. - المترجم.
2 وهى التحام ابهام الرجل مع التي تليها - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 15
منه خدمة يسيرة حيث قد انتبه مؤخراً، الاّ انه سبق الجميع. فهذه اشارة الى انه "خلوصي الثاني" وانه مرشح لهذه الخدمة. قد ولاّه العلي القدير لهذه المهمة طالباً وزميلاً في خدمة القرآن.
السبب الخامس: انني لا اقبل المدح والثناء وابداء الاعجاب فيما يخصنّي. لانني قد لمست ضرراً بالغاً منه، ولهذا انفر منه نفوراً شديداً بل اتجنبه خشية ان يكون التقدير والاعجاب مدار فخر وغرور.
ولكن من حيث اني داع الى القرآن الكريم وخادمه، فان الاعجاب والتقدير لا يعودان لي من هذا الجانب وانما يعودان الى "الكلمات" النورية، بل الى الحقائق الايمانية والاسرار القرآنية. ولهذا اقبل مثل هذا النوع من التقدير والاعجاب من باب الشكر لله تعالى لا افتخاراً.
وهكذا فلأن هذين الشخصين قد ادركا هذه الحقيقة اكثر من غيرهما، فان ما كتباه من تقدير واعجاب بغير شعور منهما وبدافع من وجدانهما اصبح سبباً لإدراجه ضمن رسائل النور.
نسأل الله ان يكثّر من امثالهما ويوفقهما الى الخير، ولا يزغ قلبيهما.. آمين
اللّهم وفّقنا وإياهما وامثالهما من اخواننا لخدمة القرآن والإيمان كما تحب وترضى بحق من أنزلت عليه القرآن، عليه افضل الصلاة واتم التسليمات ما اختلف الملوان وما دار القمران.
سعيد النورسي


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 17
المكتوب السابع والعشرونوذيوله

وهو فقرات التقدير والاعجاب المستلة من الرسائل الخاصة للسيد "خلوصي" المخاطب الاول "بمكتوبات" النور.
اما القسم الثاني من هذا المكتوب السابع والعشرين، اي الذيل، فهو فقرات السيد "صبري" الذي هو حقاً خلوصي الثاني. تلك التي يبين فيها اعجابه وتقديره لرسائل النور 1
_____________________
1 يضم ملحق بارلا وذيوله، قسماً من المكتوب السابع والعشرين. وقد كمل فيما بعد هذا المكتوب بضم الملاحق الثلاثة معاً وهي: ملحق بارلا، ملحق قسطموني، ملحق اميرداغ.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 18
[مهمة الداعية لا تنتهي] 1

"الفقرة الاولى للسيد خلوصى"

بسم الله الرحمن الرحيم
(وان من شىءٍ الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعدد ذرات الكائنات ابداً دائماً.
ايها الاستاذ المحترم!
لست من الكاملين الذين يجدون اللذة ويشعرون بالنشوة لدى رؤية انفسهم فقراء حقراء امام الله، ولكني ممن يريد ان يظهر كما هو، وقد حظي بلطفكم وخطابكم له بـ "طالبي، اخي، ابن أخي". وحقاً يا استاذي اني في وضع وضيع معنوياً وفي اشد الحاجة الى دعائكم.
فلقد تعلقت المشيئة الإلهية باظهار بعض لمعات القرآن المبين - الذي هو نور حقاً وحقيقة - الى ابناء هذا العصر ولاسيما الى الفرق الضالة، بياناً واضحاً وضوحاً جلياً بحيث يدخل الى عيونهم المطموسة. واصبح الاستاذ المحترم وسيلة للقيام بهذه المهمة الجليلة. وهكذا بلطف الله وفضله وعنايته سبحانه، دُفع طالبكم هذا - الذي هو لا شئ وعدم في عدم - الى القيام بخدمة جزئية لأستاذه الذي يوفي مهمة خدمة القرآن العظيم حق الايفاء. ولهذا فمهما بالغتُ في الشكر لله فهو قليل جداً إزاء نعمه العظيمة. فليس لي حق الفخر قطعاً ولو بمقدار ذرة، بل اطلب العفو والصفح عن الاخطاء والذنوب المحتملة في اثناء سيرى للقيام بهذه الخدمة...
لقد اصررتم يا استاذي المحترم في رسالتيكم الاخيرتين على الاجابة عن سؤال قد تفضلتم به سابقاً. فسمعاً وطاعةً. ولكن ازاء هذا السؤال العسير ليس لي الاّ الالتجاء الى العناية الالهية والتشبث بالكرم الالهي والاستمداد من روحانية الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، ذلك لاني في منتهى العجز والفقر. ولاجل ان يكون الجواب مطابقاً للحق منطبقاً على الحقيقة، أقول:
_____________________
1 هذه العناوين الصغيرة للمكاتيب، المحصورة بين قوسين مركنين[ ] ليست من النص - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 19
لا شك ان "الكلمات" المباركة هي لمعات من نور الكتاب المبين. وعلى الرغم من انها تحتاج الى ايضاح وشرح في بعض المواضع بسبب اسلوبها الرفيع، فلا نقص ولا قصور فيها بكليتها، ويمكن لكل طبقة من الناس ان تأخذ منها حظها. ويكفي لصحة قناعتنا؛ عدم قيام احد بانتقادها لحد الآن، بل إبداء كل مشرب ومسلك الرضى عنها وبقاء الملحدين ازاءها صماً بكماً..
وها انذا ادرج البراهين التي تمكنتُ من التفكر فيها، والتي تدل على عدم انتهاء مهمتكم:
اولاً: ان واجب العلماء هو الصدع بالحق وعدم السكوت عنه عند انتشار البدع، وقد ورد الزجر عن السكوت عن الحق في الحديث الشريف.
ثانياً: نحن مكلفون باتباع الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، فضرورة اداء هذه المهمة مستمرة مدى الحياة.
ثالثاً: ان هذه الخدمة ليست محصورة برأيكم، بل انتم تُستخدمون فيها. فانا على قناعة تامة من ان مهمة استاذي المحترم اذا ما كمُلت فانه تعالى يُلهم قلبه بختام مهمته. مثلما بُلّغ بختام الرسالة مبلّغ القرآن فخر العالمين، حبيب رب العالمين سيدنا محمدصلى الله عليه وسلم بالآية الكريمة (اليوم اكملت لكم دينكم) (المائدة:3).
رابعاً: ان عدم ورود اي نقد على "الكلمات" والسكوت عليها ليس دليلاً على ان هذا الوضع سيستمر على هذا المنوال الى النهاية. فانكم يا استاذي المحترم مكلفون اولاً بالاجابة عن الهجمات المحتملة التي ستأتي عليها وانتم ما زلتم على قيد الحياة.
خامساً: اظنكم لا تدعون الاجابات والاستيضاحات جانباً، تلك التي يرجوها من ارتبط بـ "الكلمات". فان لم يكن هناك الا هذا السبب، فلا يمكنكم نسيان الدنيا حتى لو اردتم ذلك.
سادساً: ان الذين احبوكم لله ويستوضحون منكم اموراً حول كتاباتكم القيمة وتقريراتكم في مجالسكم العلمية من مسائل متنوعة لم تُدرج كلها في "الكلمات". مما تبين بقطعية تامة ان الحاجة لم تنته بعد، والخدمة الايمانية لم تبلغ نهاية المطاف.
واعرض الآن لحضرتكم بضعة امور:


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 20
في الاوقات التي ييسّر الله لي قراءة "الكلمات" النورية على الجماعة تستجيش مشاعري، فارجو التفضل بالسماح لأعرضها لكم:
اولاً: عندما اتناول القلم لأكتب لكم ايها الاستاذ المحترم ما يعرض لي، اشعر انبساطاً لروحي، حتى انني اجد ان قلمي يكون ترجماناً لمشاعري في تلك اللحظة دون اختيار مني.
ثانياً: لقد فكرت بالآتي:
اذا ما فكر كلُ واحد بان ينزوي في زاوية مظلمة ليأمن خداع النفس الامارة بالسوء - تلك العدوة الكبرى - ويأمن مكر شياطين الجن والانس، وانسحب الى زاوية النسيان او اراد ان ينسحب إليها، واهمل ما حلّ بالعالم الاسلامي والانساني حتى لم يعد ينفع احدٌ احداً، فأنا اقوم بتبليغ اخواني في الدين هذه الحقائق، لعل الله يعاملني بفضله وكرمه بما يوافق جلال الوهيته سبحانه. وارى من المفيد جداً صرف النظر عن نفسي في تلك الازمنة. فما الحكمة من هذا الامر؟
ثالثاً: ان اسمَي "الرحمن الرحيم" قد دخلا في البسملة، فما السبب؟ هل هما في اعظم مرتبة من مراتب الاسماء الحسنى، أم أن هناك سبباً آخر وحكمة اُخرى؟ هذا السؤال ورد الى الذهن اثناء كتابتي الرسالة 1.
استاذي العزيز المحترم! لسنا وحدنا بحاجة الى وجودكم، بل العالم الاسلامي كله بحاجة إليكم، لانكم قد اصبحتم بفضل الله سبحانه وتعالى وسيلة لظهور "الكلمات" السامية التي نبعت وتلمعت من نور القرآن المبين والتي تقوي ايمان المؤمنين، وتوقظ الغافلين وتبين الصراط السوى لهداية الضالين، وتبهت الحكماء الفلاسفة وتدعهم في حيرة وذهول.
أسأل الله الرب الرحيم ان يديم صحة استاذنا العزيز وعافيته ويجعله ذخراً للامة المحمدية.
آمين بحرمة سيد المرسيلين
خلوصي
***
_____________________
1 المكتوب الثامن من مجموعة "المكتوبات" جواب لهذا الاستفسار- المترجم-



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 21
[ان الله بالغ أمره]لقد بدأت متوكلاً على الله بقراءة رسائل النور - بين المغرب والعشاء - للضيوف القادمين، في غرفة الاستقبال التي خصصها والدي لهم، وذلك في الليلة الاولى من وصولي.
استاذي الحبيب!
مثلما عرضت لكم سابقاً، انا لا اعتقد انني سأعيش لشئ الا لمعاونة جزئية جداً في إيفاء المهمة المعنوية لاستاذي المحترم وهي الاضطلاع بالدعوة الى القرآن الكريم، اي خدمة جزئية في سبيل القرآن الكريم ليس إلاّ. فاني ارجو رجاءً خاصاً ألاّ تدعوني محروماً من استفاضاتكم من القرآن الكريم واستخراجاتكم منه - في سبيل نشر حقائق الايمان والاسلام - مادمتم باقين هناك.
وسيبلغني الله سبحانه بدعواتكم المستجابة ان شاء الى ما كنت ارغبه وارجوه من نتائج في العمل لرسائل النور. فأكون كالمرحوم "عبدالرحمن" ممن ينال الايمان والتوفيق الى آخر رمق من حياته مقتدياً بفخر العالمين سيدنا محمد المصطفى صلى الله عليه وسلم وراجياً السعادة الخالدة، واكون خَلَف استاذي المحترم وفي جواره.
ان سيد الكائنات واشرف المخلوقات سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم قد اصبح وسيلة الى تبليغ القرآن العظيم الى الناس كافة، فانتم يا استاذي تخاطبون الانسان الغافل في هذا العصر باسم الله تعالى، وبفيوضات ذلك الكتاب المبين وذلك من خلال رسائل النور، رغم انها تبدو من تأليفكم.
لذا فانني اعتقد ان ذلك الحكيم الرحيم الذي يسخّركم في هذا المضمار لا يدع الانوار مهملة تداس تحت الاقدام. فلا شك انه سيبعث من الفانين بل ممن لا يحسب لهم حساب، بمراتب متفاوتة مَن يتبنّونها من الحُفاظ المبلّغين الناشرين.
خلوصي
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 22
[متطلبات انقاذ الايمان]
نعم، ان لي ولله الحمد طريقاً سوياً رفيعاً هو الاسلام، ولي منهل عظيم انهل منه هو مشرب العجز والفقر الى الله، واقتدي بقائد رائد جليل هو سيد المرسلين، الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم، واسترشد بمرشد عظيم هو القرآن المبين، واسلك مسلكاً قيّماً يبلغني مرتبة الولاية لله في دقيقة واحدة - كما هو لدى الجندي المرابط في الثغر- فلقد علّمني استاذي، كما علّم كل ذي عقل: ان الزمان زمان انقاذ الايمان لا سلوك الطريقة الصوفية. فقال: ادّ حق الصلاة خمس اوقات في اليوم، واعمل بالاذكار عقبها، واتبع السنة الشريفة، واجتنب الكبائر السبع. فاستجبتُ بكل ما املك من روح وقلب.
قلت: نعم ايها الاستاذ!. قلته بتوفيق من الله سواءً لهذا الدرس أم للدروس التي تلقيتُها من رسائل النور، قلته لما اظهرها الاستاذ من حقائق استنبطها من القرآن الكريم.. وصدّقتُها بكل جناني.
فالذي لقنني هذا الدرس - درس الحقيقة - خاطبته بــ "الاستاذ". تلك الكلمة التي لم اخاطب بها احداً في حياتي غيره. اصبت ولم اخطأ.
خلوصي
***
[لابد من وجدان المخاطب]
لقد اكملت بفضل الله كتابة "الموقف الاول من الكلمة الثانية والثلاثين" هدية شهر رمضان المبارك. ولئن وفقني المولى الكريم فسأكتب الرسائل الاخرى في المدة المقررة التي امرتم بها.
ان هذه "الكلمات" القيمة الرفيعة النورانية جديرة بان تُكتب بأجود خط بل حتى بالذهب. إلاّ انها تُكتب من قبل هذا العاجز المحروم من جودة الخط الاّ بقدر ما يساعد على القرآءة، بل له اخطاء. وهذا مما يكون مبعثاً لأزيد حمدي وشكري لله تعالى.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 23
وحيث انني سأكون بعيداً بعداً مادياً عن التفاتاتكم الكريمة وعن التحيات السارّة التي تبعثونها بشتى الوسائل وعن اوامركم التي هي بمثابة تفسير لرسائل النور وهوامش قيمة وذيول لها.. لاجل كل هذا سأكون متألماً.. ولكني لا افكر على هذه الصورة، اذ اقول: سأسعى - اينما كنت - لوجدان المخاطب الذي سيعير السمع للدرس الذي تلقنه بفضل العناية الالهية دون النظر الى عجزي وفقري في سبيل نشر الحقيقة، وسأطرق باب كل وسيلة من الوسائل، بفضل الله ثم بفضل دعواتكم.. وهكذا اجد العزاء والسلوان.
ولكني آسف من جانب آخر هو: ان الانشغال بالوظائف الدنيوية تعيق الى حدٍّ ما انشغالي بـ "بالكلمات" النورية التي ارتاح اليها فطرةً وانجذبتُ لحقائقها.. ولكن لا حيلة لي، فكلما مرّ يوم من الايام ظهر وجه الدنيا الفاسد والفاني بأوضح صورة. وتذهب نفسي حسرات على الاوقات الماضية التي لم تُستغل في سبيل الحياة السرمدية.
ولهذا لا اتألم كثيراً على فراقنا الصوري، ولا سيما بعدما بشّر استاذي الحبيب - في درسه الاخير لي - بيقين جازم عن الحياة الباقية اللذيذة التي تفوق لذتها ألذ حالات هذه الحياة الفانية بمراتب لا تعد.
خلوصي
***[ساحل السلامة]
ان المؤلَّف أو الاثر - كأمثاله - منوّر، ملئ بالحكم. وسيكون ان شاء الله دواءً ناجعاً وبلســماً شــافياً لجرح اجتماعي بليغ تعاني منه الامة المحمدية. وكمـــا تفضلتم فـ "الكلمات" المستفاضة من نور القرآن الكريم استفاضة مباشرة، قد عرضتها على (فلان)، وقرأت عليه عدداً من "الكلمات" فصّدق بها، وسأقرأها عليه كلما سنح لي الوقت.
اني عاجز عن الشكر والحمد لله تعالى إزاء النعم التي انعمها عليّ جل وعلا وهي لا تعد ولا تحصى. إذ بينما كنت ملطخاً بالذنوب والمعاصي، اخرجتموني ايها


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 24
الاستاذ المحترم باذن الله من الظلمات الى النور بوساطة تلك "الكلمات" المباركة المنورة.
وبينما كنت اقضي عمري الماضي بالتحري عن الحقيقة، ساقني القدر الالهي - وانا الضعيف العاصي - الى الطريقة النقشبندية وذلك قبل خمس سنوات، تلك الطريقة المتوجهة نحو الشيخ "محمد الكفروي" الذي استلمها من "الشاه النقشبند" 1 ولكن بعد ذلك انسدّ عليّ الطريق بعد كسوف عابر. فظل هذا العاجز يتخبط في طريق شائك مظلم، واذا بي اخرج من الظلمات الى النور ومن الدوامات المغرقة الى ساحل السلامة، ومن المهالك الخطرة الى السعادة الدائمة بوساطة انوار "الكلمات" المؤلفة من قبلكم. فالحمد لله.. وهذا من فضل ربي.
ولقد تفضلتم بالقول: ان زماننا هذا زمن انقاذ الايمان..
نعم ايها الاستاذ المحترم! ان كلامكم على العين والرأس.
خلوصي
***

[اهمية قراءة المعجزات]ان هذه الرسالة "المكتوب التاسع عشر" تعلن بين دفتيها المعجزات الكبرى للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وان ارسالها اليّ خصيّصاً، بعثت فيّ حياة جديدة، فضلاً عن ان مطالعتها تمس عواطفي ومشاعري كلها وتثيرها حتى اصبحتْ وسيلة لأسكب العبرات ساخنة.
خلوصي
***

_____________________
1 النقشبند(الشاه): هو محمد بهاء الدين مؤسس الطريقة النقشبندية ولد في قرية قصر العارفان، قرب بخارى، ودرس في سمرقند، تزوج في الثامنة عشرة من عمره، انتسب الى شيوخ كثيرين وعاد اخيراً الى بخارى ولم يغادرها حتى وفاته، وانشأ فيها طريقته ونشرها، وتوفي في 3 ربيع الأول 791هـ 1389م عن (73) سنة من العمر. من مصنفاته: رسالة الواردات والاوراد البهائية، حياتنامة، تنبيه الغافلين.- المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 25
[مرشدون معنويون]
"فقرة من رسالة لأخي عبدالمجيد 1"
اقبّل اياديكم. وارجو دعواتكم.. لقد وصلني تأليفكم الجديد الذي سيكون استاذاً قديراً ومرشداً سامياً لعبد المجيد العاجز في نفسه والذي تجافى عن الدنيا.
وبهذا ابشرّ نفسي واسلّيها؛ فلئن فقدت استاذاً يخاطبني لفظاً ومشافهة فقد وجدتُ مرشدين عديدين معنويين.
انها حقاً مؤلفات نورانية ترشد الى الصراط السوي والسداد. رضي الله عنكم.
عبدالمجيد
***

[مرتبة "الحب في الله"]نعم، هناك جهتان اتسلّى بهما:
الاولى: وجودنا دوماً في صحبة ومسامرة معنوية بوساطة "الكلمات" المباركة التي بين ايدينا.
الثانية: ايماننا ان محبتنا بفضل الله هي في مرتبة "الحب في الله".
وبناء على هذا فان اعظم هدية اقدمها اليكم اليوم وغداً هو تبليغ ما علّمتمونا من درس الى المؤمنين، تبليغاً باسمكم وكالةً حسب المستطاع، وحمل ما وهبنا الله سبحانه من محبة حقيقية الى الابد.
وإزاء هذا ادعو الرب الرحيم الكريم الذي هو احسن الخالقين واكرم الاكرمين وارحم الراحمين ان يبلّغنا ما تؤول اليه المحبة في الله، والموضّح في الموقف الثالث من الكلمة الثانية والثلاثين.
_____________________
1 هو اصغر اخوة الاستاذ النورسي، ترجم كثيراً من رسائله الى العربية وترجم (اشارات الاعجاز) و (المثنوي العربي) الى التركية. كان مدرساً ثم مفتياً للعلوم الاسلامية. توفي سنة 1976 عن ثلاث وثمانين سنة من العمر، رحمه الله رحمة واسعة. - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 26
اننا عازمون على سلوك الحق والصدق والاخلاص برفقة السيد حقي الذي التقيناه في طريق الايمان التحقيقي.
خلوصي
***

[الانوار لا تبقى مهملة]آمل هنا أن اُسمع الاخرين تلك "الكلمات" التي عُهد اليّ حمل امانتها، اُسمعها الى اذان صاغية باذنه تعالى ثم ببركة دعائكم.
اطمأنوا يا استاذي المحترم! ان هذه الانوار لا تبقى مهملة قطعاً. فالخالق الكريم الذي اظهرها لانظار العالم بدلال القرآن وخادمه سينشرها وسيحافظ عليها حتى بأناس عاجزين كأمثالنا وممن لا يُخطرون على بال. فانني على قناعة من ان خدام القرآن الذين يقولون قد كسبنا هذا بفضل سعينا وجهودنا سيرون في ذلك اليوم ان تلك الخدمة المقدسة قد عُهدت الى اناس هم اهل لها ولو انهم في الظاهر يبدون ضعفاء ليسوا من اهلها.
ولهذا ارجو من اخواني هناك ان يكونوا على ارتباط وثيق برسائل النور.
خلوصي
***

[الساعات المباركة]انني في الاوقات التي اوفّق فيها - بحول الله وقوته الصمدانية وعناية الله ولطفه الرباني - الى السعي لمطالعة رسائل النور، مكتوبات النور، واستنساخها ونشرها وتبليغها الناس - حسب المستطاع - وامثالها من اعمال البر العظيمة.. اكون - وانا الفقير الى الله - المستفيد والمستفيض اولاً وبالذات في تلك الاوقات التي اغتنمها لأفادة الاخرين.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 27
ولهذا اجد تلك الساعات مباركة جداً، واتألم من فراقها. واتمنى العيش بكل روحي وقلبي دائماً في اجواء تلك الساعات ودوامها وعدم انقطاعها.
ولكن ما الحيلة؟ فانني في تلك الاوقات التي اغتنمها والتي تمضي بسرعة، اصفّي ذهني وأواجه الانوار. حيث اجد نفسي امام مجموعة من الرسائل التي تضم معجزات القرآن، واحسب نفسي في مدرسة استاذي العزيز وفي الروضة الطاهرة لسيد الكونين سيدنا الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم. وفي خاتمة المطاف اعرج الى الحضرة الالهية المنزهة عن المكان.
ولهذا السبب اتمنى الاّ تكون تلك الاوقات التي لا انشغل بها بالرسائل من انفاسي المعدودة من حياتي.
خلوصي
***

[نوافذ النور]قرأت الاسبوع الماضي "الذيل الاول والثاني للمكتوب الرابع والعشرين"، قرأتهما على جماعتين مختلفتين. واصبح المستمعون نشاوى من الاعجاب. وانا هذا الفقير قد غشيني نور ذلك الاعجاز القرآني. وانا اطالع هذه الرسائل كأسطع وانور ما في "الكلمات" و "المكتوبات" النورية.
وقد قرأت اليوم، الجمعة، لجارنا السيد فتحي، الكلمتين "الحادية عشرة والثالثة عشرة". ففي الاوقات التي اغتنمها فرصة للانسلال من المشاغل الدنيوية اسرع الى نوافذ النور المفتحة على مصراعيها، تلك "الكلمات" النورية، فآخذ منها غذائي الروحي والمعنوي واحاول ان أجد احداً من الناس لأبلّغه بها.
خلوصي
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 28
[الرسائل تسد حاجة الزمان]تسلّمت "المكتوب السادس والعشرين" بكل سرور، قرأته مرات ومرات وبامعان ولهفة ومحبة ولذة وشوق. وتضرعت في الختام الى الباري الجليل القائل: (قل ما يعبؤا بكم ربي لولا دعاؤكم) (الفرقان: 77). فدعوتُه سبحانه بلسان انتسابي اليه بالعبودية، وانا في عجز تام وفقر كامل وشوق عارم، دعَوتهُ دعوة خالصةً لوجهه الكريم، بالتوفيق لخدماتكم الخالصة لله تعالى، المادية منها والمعنوية، الظاهرة منها والباطنة، والدنيوية منها والاخروية، وتضرعت اليه جل وعلا ان ينشر تلك الانوار بوضوح وجلاء الى اهل الايمان والقرآن. وان يسجلها الرب الجليل عنده بلطفه وكرمه العميمين. وان يجعل استاذنا المحترم عزيزاً في الدارين. وأملي ان يحظى دعائي هذا بنور الآية الكريمة (ادعوني استجب لكم) (غافر: 60).
استاذي المحترم! أليس الذي تنتظره منا هو الدعاء؟ لقد جرّب هذا الفقير، وحصل لدّي اليقين الجازم ان قوله تعالى: (وقل جاء الحق وزهق الباطل) (الاسراء: 81) له معجزات خالدة لا تموت. فلقد يسّر الله ان قرأت الرسائل المرسلة اليّ هذه المرة على جماعات متنوعة شتى وكان منهم علماء. وجميعهم ابدوا اعجابهم الشديد وتقديرهم العظيم لها.
اما انا فأقول: ان جميع ما في رسائل النور "الكلمات" و "المكتوبات" النورية انما هي لحاجة الزمان، وان لها المقدرة على اقناع كل صنف من اصناف ارباب الدين، بل إلزام الملحدين، بشرط الاّ يكونوا عنيدين موغلين في العناد. ومع هذا فان الذين ابتلوا بحب الدنيا - التي تسوق الى المنافع والمصالح والحرص على الحياة - وفيها الكفر والعناد والغفلة والكسل والشرك والضلال وامثالها من المصابين بالامراض المستعصية، اقول لا يستبعد من هؤلاء اغماض العين إزاء تلك الحقائق وانكارهم لما يشاهدونه من حق وحقيقة، وغيرها من الحماقات والجنون. بمعنى ان مضيف المولى الكريم لا يخلو من أنعام في صور اناسي.
فلو هيأ الله سبحانه وتعالى من يقوم بنشر هذه الانوار، فلا شك ان تلك الهذيانات والبلاهات تتوضح اكثر.
خلوصي
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 29
[درجات الاعجاب والتقدير]
"وهذه فقرة لاخي عبد المجيد"
ان هذه المؤلفات تحظى بالتقدير والاعجاب من قبل التجار والكسبة والجماعات كافة، فما رآها احد الاّ واعجب بها. فهي مؤلفات سالمة من الانتقاد، ولكن درجات الاعجاب والتقدير متفاوتة حسب درجات الفهم والادراك. فكل يستطيع ان يقدرها حسب درجة فهمه لها.
عبدالمجيد
***

[رسالة أخيرة الى العم الفاضل]
"رسالة ابن اخي عبدالرحمن - سلف السيد خلوصى - الذي توفي وهو
في السادسة والعشرين من عمره وقد كتبها قبل وفاته بشهرين"

بـــاســـــمـه
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اقبل اياديكم الكريمة. وارجو دعواتكم الطيبة. وقد تسلمت خبر عافيتكم وراحتكم مع رسالتكم "الكلمة العاشرة" التي ترشد الى الخير والسداد. وذلك بوساطة السيد تحسين. فاقدم لكم جزيل شكري وامتناني.
وعلى الرغم من انني نادم على مفارقتي لكم - خلافاً لأمركم - ومستحق لعتابكم مني، فان هذا الامر كان مقدراً اذن، ولعل فيما حدث خيراً لنا. وما حدث الاّ بإرادة الله وأمره..
وبناء على هذا فانني بدافع الجهل اقترفت ذنباً وقصّرت تقصيراً، وقد عوقبت من جرائه، ولكن باذن الله لن اعاقب بعد اليوم. فارجو عفوكم راجياً دعواتكم.
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #2
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 30
عمي العزيز!
ابين لكم ايضاً هذا: انه بفضل رعايتكم وغيرتكم وهمتكم صُنت نفسي عن كل ما يمسّ آخرتي بسوء ويضرها من اعمال وافعال. وما ازال كذلك بفضل الله. ومع انني لاقيتُ كثيراً من ويلات الدنيا التافهة، وتجرعت غصصها، وشاهدت كثيراً من ملذاتها وافراحها ايضاً، وامضيتها كلها.. ولكني رغم كل ذلك ما نسيت قطعاً - وفي اي وقت كان - ان كل هذا هباء في هباء. وان لذائذ الدنيا كلها وافراحها التي ليست لله، عاقبتُها وخيمة وهي الذل والعذاب الشديد. بينما متاعب هذه الدنيا التي يعانيها المرء في سبيل الله إنفاذاً لأوامره الجليلة تفضي الى لذائذ واثوبة دائمة.
ولما كنت اعتقد الامر على هذه الصورة فقد استطعت بفضل الله ان اصون نفسي من المفاسد. فهذا الشعور وهذه التربية انما ترسختا في كياني وذهني وخيالى بفضل ما بذلتموه فيّ من جهد. ولكوني اعرف الحقيقة هكذا فاني صابر محتسب لله تجاه كل ما اقاسيه واكابده.
والآن يا عمي العزيز ويا استاذي القدير!
ان مجاهدة نفسي الامارة بالسوء، وعدم الانصياع لرغباتها المؤلمة العاقبة اضطرتني الى الزواج. فأنا الآن في راحة من جميع النواحي بفضل الله وكرمه ولطفه ورحمته تعالى عليّ. حيث لا اختلط مع الآخرين لئلا اسمع المكروه، ولئلا تتسرب فيّ خصال فاسدة، لذا اقضي اوقاتي بعد الدوام الرسمي في البيت شاكراً لله تعالى.
وبعد، فيا عمي العزيز! ان استاذي العظيم ومرشدي الاكبر هو ما استشعره واتحسسه من الآية الكريمة:
(اليوم نختم على افواههم وتكلمنا ايديهم وتشهد ارجلهم بما كانوا يكسبون) (يس: 65). فهي التي ايقظتني من نوم الغفلة ومنعتني من ارتكاب الشرور والمفاسد عقب ارشاداتكم لي.
واني لاعتقد ان ذلك اليوم قريب جداً 1 وان دعائي دوماً "اللّهم لا تخرجنا من الدنيا الاّ مع الشهادة والايمان"، وان عقيدتي التي اؤمن بها هي 2: آمنت بالله
_____________________
1 انه لجدير بالملاحظة: انه يخبر عن وفاته - المؤلف.
2 انه يعلن انه سيرحل من الدنيا بالايمان - المؤلف.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 31
وملائكته وكتبه ورسله واليوم الاخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى والبعث بعد الموت حق. اشهد ان لا إله الاّ الله واشهد انّ محمداً عبده ورسوله 1
ابن اخيكم
عبدالرحمن
***

بمعنى ان "الكلمة العاشرة" قد اصبحت له بمثابة مرشد حقيقي بحيث رفعته الى مرتبة الولاية مباشرة فأنطقته بهذه الكرامات الثلاث.
لقد فارقني قبل ثماني سنوات. ثم استطاع الحصول على "الكلمة العاشرة". ومثلما يقول في مستهل رسالته، انه استفاد منها استفادة عظيمة وطهّر نفسه من لوثات متراكمة طوال ثماني سنوات.
ويقول في موضع آخر من رسالته - التي طويت - بياناً لشوقه الى "الكلمة العاشرة":
ارسل اليّ جميع ما ألّفته من "الكلمات" لأكتب من كل منها ثلاثين نسخة ولأستكتبها، كي تنشر ولا تضيع.
وهكذا فقد فقدتُ وارثاً بطلاً مثل هذا الوارث البطل. فإلى روحه الفاتحة.
سعيد النورسي

***
_____________________
1 ان ذكره - في رسالته الاخيرة - الكلمات الايمانية التي ينطقها المرء لدى لفظه انفاسه الاخيرة يشير الى انه قد انقذ ايمانه ببطولة من قبضة هذه الدنيا وانه سيتركها هكذا - المؤلف.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 32
ذيل
المكتوب السابع والعشرين
[لذة العجز والفقر]
"فقرة للسيد خلوصى"
ان كل فرد مؤمن يعرف ببصيرته ما هو جميل حقاً، كل حسب درجة فهمه وذوقه، الاّ ان اللذة الكامنة في العجز والفقر، وفي السمو الذي تنطوي عليه الشفقة والتفكر، لا يقاس بشئ اطلاقاً.
انني اتضرع الى الرب اللطيف الكريم ان يرينا هذه النتيجة السامية وهي ان ييسر لكثير من البصائر رؤية القطع الألماسية التي تستخرجونها من خزينة القرآن الخاصة وتدلّون عليها بتعابيركم الرفيعة، وإفاقة الغافلين الثملين، ونجاة الحائرين، ويدخل الفرح في قلوب المؤمنين، ويدفع الملحدين والكفار والمشركين الى دائرة الصواب ونطاق العقل والإنصاف..
ايها الاستاذ المحترم! انكم مهما بالغتم في تقديم الشكر الى الله العلي القدير، فهو في موضعه!
ان ما وفقكم الله اليه بالعجز والفقر للوقوف بباب قصر القرآن العظيم والاخذ من خزينته الخاصة مما لا عين رأت ولا اذن سمعت، فتستخرجون ما تشاهدونه - وما يؤذن لكم منها - من جواهر، الواحدة تلو الاخرى. وتتدبّرون فيها انتم اولاً ثم تقولون: ايها الناس! انظروا الى المولى الكريم الذي فتح لكم ابواب مضيفه وخلق العوالم برحمته العميمة وبرأكم بحكمته وارسلكم الى هذا العالم.. ذلكم رب العالمين.. الذي بيّن لكم الحكمة في الخلق والقصد من مجيئكم الى هنا، والمهمة التي كُلفتم بها، وكل ما تقتضيه العبودية من وظائف وخدمات.. وامثالها من الامور التي بيّنها قبل الف وثلاثمائة سنة بوساطة رسوله الكريم صلى الله عليه وسلم فأنا بدوري ابلغكم تلك


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 33
الاوامر الرفيعة وتلك الاحكام المقدسة، بلسانكم انتم بحيث تقدرون على فهمه فاستمعوا اليها.
فان كنتم ذوي عقل وصواب وذوي بصائر وقلب، وتتمتعون بالانسانية، فستفهمون الحقيقة وتردون الى حظيرة الايمان.
نعم يا استاذي المحترم!
انتم تبينون هذه الاوامر لا غيرها. ونحن بدورنا قد سمعنا - قدر المستطاع - تلك الاوامر عن كثب والحمد لله، وحثثنا اليها، لمشاهدتها واشهادها. فلقد ابرزتم لنا تلك القطع الالماسية وايقظتمونا من الغفلة وافهمتمونا الحقيقة، واصبحتم وسيلة خير الى معرفة الصواب. فليرضَ الله عنك الى الابد.
ونحن وان لم نكن قد نجونا بعد من شرور النفس الامارة واحابيل شياطين الجن والانس الاّ اننا نجد الذوق واللذة في الانهماك للعمل في حقل هذه الخدمة القرآنية المقدسة. فلئن قصّرنا في العمل ولم نتمكن منه بما يستحق هذه الخدمة الجليلة، فحسبنا اننا داخلون فيها والحمدلله، وانما الاعمال بالنيات.
خلوصي
***

[حول الكلمة الحادية والعشرين]
"فقرة من رسالة صبري كتبها لدى استنساخه للكلمات الاولـى والحادية والعشـريـن، والثانيــة والعشـرين".
ان جميع رسائل النور، بل كل منها، وكل موضوع من موضوعاتها، تحل ما لا يحصر من المشكلات. واعتقد ان هذا الامر مشهود ومسلّم به. لذا فلو اراد احد ان يتقرب من بحر هذه الانوار فان الكلمتين "الحادية والعشرين، والثانية والعشرين" كافيتان لازالة امراض القلب وتنوير الروح وبث الفرح والسرور فيها، وإن لم تصل يدهُ الى غيرها بعد.
علماً ان اُولى الكلمتين: مفتاح التوحيد.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 34
والشق الاول من الكلمة الحادية والعشرين مرقاة الى الجنة.
والشق الثاني منها صيدلية لا نظير لها لضماد جراحات الامراض القلبية، بحيث تخنس بإكسير ادويتها الوساوس التي قلّما ينجو منها انسان. فهو طريق خلاص وسبيل نجاة توصل الى شاطئ السلامة الابدّية، بما تفتح للقلب والروح من فيوضات ابدية للقرآن الكريم وانواره الخالدة غير المتناهية.
اما "الكلمة الثانية والعشرون" فانها ترسّخ العقيدة وترصّن الايمان ببراهينها ولمعاتها ودلائلها التي لا نظير لها.
صبري
***

[كيف تُقرأ الرسائل؟]
"هذه الفقرة من رسالة السيد رأفت" 1
ان "كلماتكم" رفيعة وسامية، ترشد السبيل امام الحائرين، ينبغي قراءتها بدقة وامعان مع تحليل فكري وعمل عقلي، لان الدلائل العقلية والموازين المنطقية التي تسوقونها لذيذة المذاق مع كونها تثير الاعجاب. حتى ان المرء كلما قرأها زاد شوقه لقرآءة اخرى، وشعر بلذة معنوية غير متناهية فيلازمها ملازمة لا يستطيع ان يتركها ويتخلى عنها.
ولهذا لا تكفي قراءتها مرة واحدة بل ينبغي قراءتها باستمرار.
رأفت

***

_____________________
1 هو العقيد المتقاعد رأفت بارودجي (1886 - 1975) لازم الاستاذ النورسي في بارلا وسجن معه في كل من سجن اسكى شهر (سنة 1935) ودنزلى (1943) وآفيون (1948) كان يتقن تعليم القرآن الكريم واصبح اماماً في مسجد باستانبول لحين وفاته رحمه الله رحمة واسعة.- المترجم.


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #3
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 35
الذيل الثاني
"هذه مشاعر اخي في الآخرة "بكر آغا" لدى قراءته للـ"كلمات" وهو الذي صار سبباً لإيقاظ اهالى "اسبارطة" وجلب انظارهم الى اسرار القرآن، وبهذه الخدمة قد ادّى اعمال علماء اجلاء رغم انه امّي".
[مفاتيح الانوار]
حضرة استاذي الفاضل!
اقبل اياديكم الكريمة، بكل اجلال واحترام يا سيدي المحترم. وادعو لكم في كل وقت وآن بما ينطلق به لساني من دعوات خالصة. كما ارجو دعواتكم لي.
سيدي! لا يخفى عليكم انّ اخاكم وطالبكم هذا جاهل امّي، الاّ انه بفضل الله قد استقرأ جميع رسائلكم الفريدة من نوعها واستمع اليها.
فرسائلكم النورانية لا يمكن حجبها عن الانظار كما لا يمكن ان يحجب نور الشمس بشئ، فليس هناك احتمال لذلك.
ولقد راقبتُ قلبي وتحريت عن احوال روحي لدى الاستماع الى الرسائل، وبدأت افتش عن مدى ما فهمته من الرسائل فوجدت فوراناً عظيماً ينبعث من روحي وجيشاناً هائلاً ينطلق من قلبي، حتى يسوقني الى القيام بعمل للايمان - بغير شعور مني - وكأنه يناديني قائلاً وملحّاً: هيا هيا!.
فاثناء مراقبتي هذه الحالة المنبعثة من روحي، شاهدت المفاتيح التي اظهرتها لي تلك الرسائل النورانية، واُظهرت لي وكأنني اُبلغت ان افتح بهذه المفاتيح ما يجب


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 36
فتحه من الابواب. وكأنني اُمرت بان ابحث عن اخواني النوريين وابلّغ تلك الانوار المفاضة الى من هو اهل له. بل اعتبرت بث الانوار المشعة من تلك الرسائل ونشرها مهمة أوكلتْ إليّ.
وبعد تسلمي تلك المفاتيح من تلك الانوار، ولأجل ان تشل ايدي الملحدين الخونة فتشت عن اولئك الاخوة والتقيتهم والحمدلله، واودعت في ايديهم تلك الانوار التي هي امانة الله وامانة رسوله الحبيب صلى الله عليه وسلم فالحمدلله اولاً وآخراً على توفيقه سبحانه.
ان من يقرأ مؤلفاتكم القيّمة يدخل حظيرة الايمان حتماً، ان كان انساناً حقاً او حتى ان كان له مساس بالانسانية. والاّ فعليه ان يتخلى عن الانسانية ويقول: لست انساناً.
هذه المؤلفات كل منها بمثابة "فاتح" بذاته، وسوف تفتح القلوب في ارجاء الارض كافة ان شاء الله تعالى. نسأل الله ان ننال من ثوابها في الاخرة.. آمين.
اقبّل أياديكم الكريمة مكرراً وأرجو دعاءكم يا سيدي!

بكر أمر الله أوغلو
من مدينة عادل جواز ونسل عبدالجليل
***

[أمل لفهم الرسائل]
"فقرة لخسرو" 1
لم اصادف لحد الآن مؤلّفاً شبيها بهذه "الكلمات" الراقية الجميلة، آمل ان يوفقني الله بعد دعواتكم، لبلوغ ذلك اليوم الذي اتمكن من فهمها جميعاً. حيث لا يتيسر لكل أحد ادراك جميع معانيها.

_____________________
1 خسـرو: كان في مقدمة الذين استنسخوا المئات من الرسائل ونشروها في احلك الظروف، وقضى معظم حياته مع استاذه في سجون اسكي شهر ودنزلي وآفيون وهو الذي كتب مصحفاً بتوجيه من الاستاذ النورسي لاظهار الاعجاز في التوافقات اللطيفة لاسم الجلالة في الصفحة الواحدة. ولد في اسبارطة سنة 1899 وتوفي في استانبول سنة 1977م رحمه الله رحمة واسعة. - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 37
احمد الله حمداً لا نهاية له، لما تفضلتم بالسماح لي باستنساخ تلك"الكلمات".
خسرو
***

[حول رسالة المعجزات الأحمدية]
"فقرة للحافظ زهدي الصغير"
لقد استطعت بفضل الله من قطف ثمرتين ايضاً من الثمرات النورانية لبستان النور. ولكني عاجز عن التعبير عمّا تكمن في تلك الثمار من لذة فائقة. انني لا ارتوي من اذواق مطالعة "المكتوب التاسع عشر" الذي يحملني الى ادراك تذوق التشرف والمثول في المجلس النبوي المبارك، نبي آخر الزمان صلى الله عليه وسلم والحضور والجلوس في مجلسه السعيد.
ان قلمي ناقص وقاصر جداً عن التعبير عن اعجابي برسائل النور عامة وتقديري لها.. أسأل الله المعطي الوهاب! ان يوفقني الى تذوق لذائذ جميع ما في بستان النور من ثمرات يانعة، كما يتذوقها اخواني الاحبة.
الحافظ زهدي الصغير
***

[نور المعراج]
"فقرة لذكائـــي الفطــن الــذي سيكون
باذن الله خسرو الثاني وصبري الصغير"
لقد وفقت اليوم لإكمال قراءة ذلك الكتاب العظيم، ولكن قلمي عاجز كل العجز، عن التعبير عن مدى السرور والسعادة التي غمرتني بعد اكمال قراءة رسالة "المعراج". ومع هذا ساحاول عرض مشاعري النابعة من مطالعتها في جملة قصيرة ملخصة:


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 38
لقد وجدت لدى قراءتي لرسالة "المعراج" نوراً يملأ القلب وينير طريق السلامة في خضم متاهات بحر الحياة واصلاً بالانسان الى البحر المعنوي الذي يجري نحو السعادة الابدية..
نعم ان الحقائق الغزيرة الثابتة بالادلة القاطعة والواردة في كل مثال من امثلة الكتاب، جعلت الحياة السعيدة لخير القرون وزمن المعجزات، تنبض بالحياة امام اعيننا، تلك الحياة التي تملأ ارواحنا نوراً بمجرد التخيل بها وتغمرها بالسرور والبهجة، ولاسيما لدى انتقالها من فكر الى آخر.. لقد جعلنى كتاب "المعراج" في حالة انبهار وذهول. وانه لكاف وواف في كل وقت لان يدحض اقوال المفتونين بالفلسفة، بل له من القوة في الاثبات والدلائل ما تدفعهم ليعلنوا افلاسهم.
ان كتاب "المعراج" كتاب تاريخي جليل يثبت الحقائق التي تتضمنها اصول العقيدة والمستورة حتى عن اهل الايمان، ويقررها باسلوب معقول وبمنطق سليم بحيث يستطيع المنصف المحايد ان يراها ويلمسها.
ان الفيلسوف الغارق في الغفلة، المستسلم للضلالة، ويريد ان يعلو تعقله موقعاً مرموقاً، يكون شأنه شأن الملك المعزول عن العرش، المنزوع عنه جميع الشارات والاوسمة إزاء ذلك الكتاب الرائع، فيستحوذ عليه اليأس والقنوط الى الابد. بينما الفليسوف المدرك، تتحطم قيود الفلسفة لديه إزاء هذه الحقائق، وتتحطم اغلال الاعتراض التي تكبل فكره، الواحدةتلو الاخرى. وعند ذاك يدرك ان دعواه وادعاءاته باطلة، فيهوى للسجود امام عظمة الخالق القدير سجدة تعظيم واجلال سائلاً المغفرة منه تعالى.
ذكائي
***

[سبيل مأنوس]
انني اقرأ مؤلفاتكم القيمة، مغتنماً الفرص لذلك، رغم اني لا اتمكن من الاحاطة



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 39
بكل معانيها. فهي سوانح رائعة بارشاداتها السامية. لقد ملكت عليّ مشاعري كلها وأسرتني باذواقها، وستدوم ان شاء الله مدى الحياة والى القبر.
استاذي! ان "كلماتكم" قد بدّلت فكري الديني تبديلاً حقيقياً، وساقتني الى سبيل مأنوس محبوب. فأنا الآن لا انظر الى الحياة كما ينظر اليها الاطباء الآخرون.
الدكتور يوسف كمال 1
***

[شخصيات ثلاث]
"وهذه الفقرات الطويلة للسيد خلوصي"
باسمه سبحانه
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعدد الملك والانس والجان.
ايها الاستاذ العزيز!
انني محظوظ وسعيد لتسلّمي "المسألة الرابعة من المكتوب الثامن والعشرين" قبل اربعة ايام ولتسلمي مسألته "الثانية والثالثة" امس.
اولاً: ارجو التفضل بالسماح لي لأقول بعض الشئ حول الالتفاتة الكريمة والتقدير العظيم لشخصي العاجز الذي ابداه اخي السيد صبري المحترم والنابع من تواضعه الجم وذلك:
ان في اخيكم هذا المقصّر جداً، قطرة من بحر صفات استاذه العزيز، فاعرض لكم حالتي انطلاقاً من هذه الجملة.
اولاها:
لقد كنت منذ نعومة اظفاري - بلطف من الباري الكريم - متحرياً عن الحقيقة،
_____________________
1 ولد في "اولو بورلو" التابعة لإسبارطة سنة 1900 تولى رئاسة الاطباء فى مستشفى اسبارطة، وكان يحضر بين فينة واخرى دروس الاستاذ النورسى في (بارلا). توفي سنة 1969 رحمه الله رحمة واسعة - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 40
ومتلهفاً لحقيقة القرآن العظيم. ولقد وجدت ما كنت اتحراه وابحث عنه في قضاء "اكريدر" وذلك فيما ألّفه الاستاذ المحترم من الكتاب الموسوم بـ "الكلمات" فوجدت ان هذا الكتاب انقذني من دوامات الحياة ومشكلاتها وابلغني ساحل السلامة ونجاني من المهالك والظلمات موصلاً اياي الى السعادة والانوار. فاورث روحي وكياني حباً لا يتزلزل نحو ناشر هذه الانوار القرآنية - التي ايقظتني من الغفلة باذن الله - وقام بتبليغها للآخرين وارشاد الناس اليها. فمنذ تلك اللحظة شعرت بعلاقة قوية ورابطة وثيقة نحوه، فالحمدلله والشكر له مائة الف الف مرة.
انني اشعر كلما انشغلت بالانوار بشوقٍ عارم وذوق لطيف تفوقان بمراتب كبيرة جميع لذائذ الدنيا.
ثانيتها:
ان ما تقتضيه العبودية، وما تلقيه هذه الانوار من دروس هو: علمي بان جميع التقصيرات والاخطاء والسيئات والذنوب انما هي من نفسي، بينما أجد الحسنات والفضائل كلها من فضله سبحانه.
فأرغب في الانطلاق الى ميدان عمل النور والقرآن الكريم، حسبةً لله وحده. وشكراً لله على وضعي هذا. ولكن لكوني لا اوفّق في نشرها، يتملكني الالم والحزن، حيث انها لا تصل الى يد المؤمنين كافة.
الحالة الثالثة وشخصيتي الحقيقية:
انني اخجل من ان اعرّف هذه الشخصية، فادعو الله سبحانه وتعالى ان يحفظني واخوتي من دسائس النفس الامارة ومكايد شياطين الجن والانس، ولا يجعلنا من الضالين الخائبين. آمين.
اخوتي الاكارم!
ان الافاضل والاكارم ممن هم اخوة استاذي وطلابه، يستشعرون الحالة الاولى والثانية في ارواحهم بلا شك.
اذاً فالذين دخلوا في هذه الطريق مرة واحدة لا يُغلبون امام نفوسهم الامارة بالسوء وشياطينهم، كهذا العاجز. وبنسبة تغلبهم على نفوسهم وشياطينهم تنبسط


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 41
مشاعرهم وحواسهم ولطائفهم بالتوفيق الالهي. حيث اللطائف لا حدود لها في البشر ولا سيما في المؤمنين.
ان توجه استاذي المحترم ذلك التوجّه الكريم الى طالبه، هذا المقصر، دليل ومثال على درجة شفقته الواسعة على الناس، ولا سيما على المؤمنين، ولا سيما من كان مثلي ممن هو في أمس الحاجة اليه.
الخلاصة:
اقول ازاء حسن الظن المفرط نحوي، والالتفاتة التي يبديها الاخ المحترم المتواضع صبري:
انني عبد مذنب مقصر وعاجز وفقير مفلس، وواحد من امة محمد صلى الله عليه وسلم. فأنا محتاج جداً الى دعواتكم. ان اعظم ما اتمناه واسمى نياتي، والذي ارجوه من الله سبحانه، هو ان اكون - وانا حامل للعجز والفقر - معيناً لخادم القرآن والداعي اليه، في خدمته المقدسة، خدمة القرآن والايمان وفي استخراجه للآلئ حقائق القرآن والاعلان عنها.
فلأجل هذه النية السامية، وفي الدقائق التي انشغل فيها بالانوار، وانا اشعر بالسعادة، ترد بعض الكلمات الى قلبي وقلمي من حيث لا احتسب، فهذه المعرفة لا تعود لي، بل تخص الانوار المتلمعة من انوار القران العظيم.
لذا فالاستاذ الحقيقي هو القرآن الكريم.
اما استاذنا المحترم فهو أليق من يعرّف القرآن الكريم ويبلّغه ويدرّسه. فعلينا ايها الاخوة اغتنام الفرص لشراء تلك الجواهر الثمينة النفيسة. وننقّشها نقشاً في قلوبنا ودماغنا، لانها - اي هذه الانوار - ستكون مدار سلوان لنا في الدارين.. وان نسعى لنشرها حسب استطاعتنا ونصونها مما قد يطرأ عليها من مؤثرات خارجية. ومن الله التوفيق.
خلوصي
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 42
[ستكون الرسائل انشودة]
"فقرة السيد سليمان 1 الذي عاونني في شؤوني طوال ست سنوات بوفاء خالص، ولم يثر غضبي وانا العصبي المزاج مزاولاً وظيفة كتابة المسودات باستمرار"
سيدي المحترم!
اقبل اياديكم اولاً، وارجو دعاءكم. فانا طالبكم واخوكم ومعاونكم في الامور، المدعو سليمان، قد طالعت ما قمتم بتأليفه من الانوار الى الآن، رسالة تلو رسالة. وشاهدت في كل منها من الانوار الساطعة ما هو كالشمس المنيرة. واستفدت منها ايّما استفادة، حيث وضّحت لي تلك الانوار طريق الآخرة ونوّرته وبينت لي كثيراً مما كنت اجهله في ذلك الطريق. فرضي الله عنكم. واعتذر عن بيان شكراني اليكم.
ولما كنت عاجزاً عن تصوير وتمثيل تلك الانوار في نفسي، تشبثت روحي فصورت مشاعري القلبية على هذه الصورة، اقدمها لكم راجياً عفوكم الكريم عن النقائص والاخطاء.
سيدي الكريم!
ان ما شاهدته من طعوم اللذة والسعادة في بحر رسائل النور، لم ار مثلها ابداً في حياتي الدنيا كلها. فلقد ادركت بعد محاكماتي الوجدانية، يقيناً:
ان كل رسالة من تلك الرسائل بحد ذاتها تفسير للقرآن الكريم، وان مطالعتها، مرهم سريع التاثير وترياق نافع للجروح المعنوية التي ابتلي بها المحرومون عن الانسانية وهم في صور اناسي. فانا بقريحتي الضئيلة هذه قد ادركت هذا الامر. واعتقد ان الزمان سيظهر قيمة هذه الرسائل، وانها ستكون انشودة تترنم بها الالسنة وتجول شرقاً وغرباً. وستبين لاوربا - باذن الله - كيف ان الاسلام نور إلهي ساطع.
اقبل اياديكم مرة اخرى، راجياً دعواتكم الكريمة يا سيدي.
طالبكم سليمان
***
_____________________
1 هو سليمان كروانجي الذي لازم الاستاذ النورسي وقام بخدمته طوال ثماني سنوات في منفاه بارلا وكان مثالاً للصدق والوفاء والاخلاص. توفي في سنة 1965 رحمه الله رحمة واسعة. المترجم.

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #4
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق

الملاحق - ملحق بارلا، ص: 43
[ماهية الملاحق]
اخي السعيد خسرو!
ان هذه الرسالة "اي المكتوب السابع والعشرين" مجلس نوراني عظيم، يتدارس فيه طلاب القرآن الكريم الميامين، ويتداولون فيما بينهم ضمناً الافكار الدائرة حول الايمان ويتذاكرون ما فيها من المعاني.
فهذه الرسالة رواق مدرسة عالية رفيعة، يتبادل فيه حملة القرآن الاراء والافكار ووجهات النظر ويدلي كل بدلوه فيما تعلّمه من دروس القرآن الكريم.
وهي ايضاً منزل عظيم، ومعرض واسع لبيع الرسائل التي هي صناديق مجوهرات الخزينة القرآنية المقدسة، فكل طالب يعرض ما أخذه من الجواهر النفيسة الى الزبائن الكرام.
فبارك الله فيكم يا اخي خسرو، فلقد جمّلتم ذلك المنزل اي تجميل.
سعيد النورسي
***

[كنت ابحث عن نور]
"هذه الفقرة للعقيد المرحوم السيد عاصم 1"
ان هذه الرسائل المباركة المسماة بـ "الكلمات" لا تقدر بثمن فهي نابعة من موازين القرآن الكريم وبراهينه، فلقد كنت ابحث عن نور مثل هذا منذ مدة مديدة، فلّله الحمد والمنة ان انعم عليّ هذه "الكلمات". ان قلمي ولساني عاجزان عن التعبير عمّا يكنّه قلبي.
عاصم
***
_____________________
1 ولد سنة 1877 في ازميت وعمل برتبته العسكرية في طرابلس الغرب والشام وعدد من المدن في تركيا توفى سنة 1935 في اثناء التحقيق معه.
يقول الاستاذ النورسي بحقه: »لقد اجري التحقيق مع العقيد السيد عاصم، ففكر: إن قال صدقاً فسيلحق الضرر باستاذه، وإن كذب سيصيب الخلل استقامته وصدقه طوال اربعين سنة من الخدمة العسكرية التي قضاها بعزّ وكرامة. لذا قال: اللهم اقبض روحى. وسلّم روحه خلال عشر دقائق واصبح شهيد الاستقامة«. المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 44
[صفة الدلاّل]
"فقرة لصبري"
نعم ينبغي الاعتراف بهذه الحقيقة:
ان خزينة المجواهرات مهما كانت مليئة وغنية ونفيسة، لا بد ان يكون دلاّلها والبائع لها، على معرفة باصول البيع والشراء. اذ لو لم تكن له تلك القابلية او المعرفة فان ما يملكه من الخزائن الثمينة وما فيها من الامتعة القيمة تحجب عن انظار الناس، اي لا يكون قد ادّى ما يستحقها من قدر.
وبناء على هذا، فان الذي يقوم بعرض الحقائق القرآنية للناس كافة عرضاً خالصاً لله، ويدعو اليها منذ اربعين سنة - وليس منذ ست سنوات - وفي خضم هذه الظروف المضطربة وهو يقرأ على اهل الاسلام الامر الرباني الجليل
(يا ايها الذين آمنوا هل ادلكم على تجارة تنجيكم من عذاب اليم) (الصف:10) وينادي منذ ذلك الوقت بهذا النداء العلوي، قد جعل الامة المحمدية في موضع شكران عظيم لله، بما قدم من انوار ايمانية الى المحتاجين اليها.
صبري
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 45
الذيل الثالث
للمكتوب السابع والعشرين

"
فقرة لسعيد"
بسم الله الرّحمن الرّحيم

"
رسالة الى طبيب اشتاق كثيراً الى رسائل النور من جراء صحوة روحية انبعثت فيه لكثرة مطالعته لها.
ورغم ان علاقة هذه الرسالة واهية بهذا الذيل، ولكن.. لتكن لي فقرة بين فقرات اخوتى".
مرحباً بك ايها الصديق الحميم، ويا عزيزي الطبيب السعيد الذي اهتدى الى تشخيص مرضه.
ان الصحوة الروحية التى تبينها رسالتكم الخالصة، لجديرة بأن تُهنّأ وتبارك.
يا أخي! اعلم ان الحياة اثمن شئ في عالم الموجودات. وان ما يخدم الحياة هو ارقى واجب من بين الواجبات كلها، وان السعى لصرف الحياة الفانية الى حياة باقية هو أغلى وظيفة في الحياة.
واعلم ان خلاصة قيمة هذه الحياة، وزبدتها واهميتها البالغة هي في كونها نواةً للحياة الخالدة ومنشأ لها، حتى ان تصور خلاف هذا، اي حصر الهمّ والعلم في هذه الحياة الفانية، هو افساد اي افساد للحياة الابدية، وليس ذلك الا جنوناً وبلاهة كمن يستبدل برقاً خاطفاً بشمس سرمدية.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 46
ان الاطباء الغافلين عن الآخرة، والمنغمسين في اوحال المادية هم - في نظر الحقيقة - اًسقم الناس وأشدهم مرضاً ولكن اذا ما تمكن هؤلاء من تناول العلاج الايماني من صيدلية القرآن المقدسة واخذوا جرعات من مضادات السموم فيها، فانهم يضمدون جراحاتهم البشرية، ويداوون مرضهم، فضلاً عن انهم يكونون السبب في مداواة جراح البشرية كلها.
نسأل الله تعالى ان تكون صحوتك الروحية هذه بلسماً شافياً لجرحك انت، ومثالاً حياً، وقدوة طيبة، أمام انظار الاطباء الآخرين ودواء لمرضهم.
ولا يخفى عليك ما لإدخال السلوان في قلب مريض يائس قانط من نور الامل من اهمية، فقد يكون اجدى له من ألف دواء وعلاج. بيد ان الطبيب الغارق في مستنقع المادية والطبيعة الجاسية يزيد اليأس الأليم لهؤلاء المساكين حتى يجعل الحياة كلها امامهم مظلمة محلولكه.. ولكن صحوتك هذه ستجعلك - بإذن الله - مناط سلوان ومدار تسلٍ لاولئك المساكين وامثالهم، وتجعل منك طبيباً حقاً يشع نوراً الى القلوب وينثر البهجة في النفوس.
من المعلوم ان العمر قصير جداً، والوظائف المطلوبة كثيرة جداً، فالواجبات اكثر من الاوقات، فاذا تحريت ما في دماغك من معلومات، مثلما فعلته انا، ستجد بينها ما لا فائدة له ولا اهمية من معلومات تافهة شبيهة بركام الحطب.. لقد قمت انا بهذا الضرب من البحث والتفتيش، فوجدت شيئاً كثيراً مما لا فائدة له ولا اهمية.
نعم انه لا بد من البحث عن علاج وعن وسيلة للوصول الى جعل تلك المعلومات العلمية والمعارف الفلسفية مفيدة نافعة، منورة مضيئة، حية نابضة، تتدفق بالرواء والعطاء.
تضرع انت كذلك يا أخى وادعُ الحكيم الجليل ان يرزقك صحوة روحية تخلّص تفكيرك وتزكّيه لاجله سبحانه، وتضرم النار في اكوام بقايا الحطب تلك ، لكي تتنور وتتحول - تلك المعارف العلمية التي لا طائل وراءها - الى معارف الهية نفيسة غالية.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 47
صديقي الذكي!
ان القلب ليرغب كثيراً في ان يندفع الى الميدان اشخاص من امثال "خلوصي" ممن هم من اهل العلم والشوق اللهيف الى الانوار الايمانية والاسرار القرآنية.
ولما كانت "الكلمات" تستطيع ان تخاطب وجدانك، فلا تحسبها رسالة خاصة مني اليك، بل كل "كلمة" من كلماتها ايضاً رسالة موجهة اليك من داعٍ الى القرآن الكريم، والدال عليه. وخذها وصفة طبية صادرة من صيدلية القرآن الحكيم. فانك بهذا ستفتح - بظهر الغيب - مجلساً واسعاً كريماً، وجلسة مباركة حاضرة.
هذا وانت حرّ في ان تكتب الرسائل اليّ متى شئت، ولكن ارجو الاّ تتضايق من عدم ردي عليها بجواب، ذلك لاني قد اعتدت - من سالف الايام - على عدم كتابة الرسائل الا قليلاً جداً، حتى اننى لم اكتب الى شقيقي - منذ ثلاث سنوات - سوى جوابٍ واحدٍ على الرغم من كثرة رسائله اليّ.
سعيد النورسى
***

[الرسائل اغرقتنا في بحر النور]
"فقرة لخسرو"
استاذي المحترم المحب!
لقد نوّرتنا رسالتكم مادياً ومعنوياً ورفعتنا الى ما لا يطال اليه من الفيوضات واغرقتنا في بحر النور، فأحمد الله ربي بما لا يتناهى من الحمد على نيلنا لهذا الشرف العظيم بوساطتكم وبما بشرتمونا بالتوفيق في الايام الآتية لما يترتب عليه من خدمة القرآن العظيم.
انني في دعاء لكم يا استاذي، بان يرزقكم الله بما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 48
استاذي المحترم!
لقد تذكرتكم كثيراً، الاّ ان الخونة المارقين يحولون بيننا وبين الوصول اليكم في كل جانب. وهذا يؤلمني جداً. ان احوالنا الحاضرة تعصر قلوبنا بالأسى. ولكن لا حول لنا ولا قوة إلاّ بالله.
أيما انسان وصلت اليه رسائل النور المفاضة بالانوار يرتبط بها ارتباطاً وثيقاً. لذا فهي جّوالة بين المشتاقين الذين هم اهل لها.
والحمد لله.. هذا من فضل ربي
خسرو
***

[الرسائل بددت الغفلة]
ايها الاستاذ المحترم!
ان رسالتكم المؤلفة بفيض من القرآن الكريم، وكأنها مرآة لأنواره، تكفي دلالة على مدى علوّكم استاذاً جليلاً، فلقد بددت ايها الاستاذ العزيز هذه الرسائل الظلمات المخيمة على الاسلام وهتكت استار الغفلة عن الله المسدلة على الناس، وابرزت بفضله سبحانه حقائق ساطعة براقة من تحت تلك الاستار الملطخة الملوثة.
فعزمكم الذي لا يلين وصلابتكم التي لا تنثني، وسعيكم المتواصل، لم تبق باذن الله دون ثمرات. فلقد فجرتم يا استادي المحترم ينبوعاً دفاقاً بماء الحياة في قلب الاناضول 1.
فمنبع تلك الرسائل وكنزها الدائم انما هو بحر القرآن الحكيم. ستديم لكم تلك المؤلفات القيمة حياتكم وتخلد اسمكم عندما ترحلون من هذه الدار، دار الامتحان الى عوالم السعادة. فطوبى لاولئك السعداء البررة، طلابك الذين تحبهم والذين

_____________________
1 انه لو كانت لي حصة واحدة من الالف التي تتصورونها من الثواب والشرف الحاصل في العمل ضمن هذه الخدمة السامية، فشكراً لله تعالى على تلك الحصة الواحدة. اما اهل الفضل فهم اولاء من امثالكم ممن يعاونونني في الخدمة ويسعون للقيام بها باقلامهم الالماسية - المؤلف..



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 49
يقدّرون ما فجرتموه من نبع فياض حق قدره، ويذبّون عنه بالإعلام عنه وتلقين احكامه بالوف ارواحهم ان استوجب الامر.
فقرّ عيناً يا استاذي العزيز! ان هؤلاء البررة لن يقوموا باعمال لا تنشرح لها في الآخرة.
ان طلابك شاكرون لفضلكم ممتنون بكل مهجهم وارواحهم لما اودعتموه لديهم من مفاتيح كثيرة للأسرار القرآنية.
نعم ان الانوار والفيوضات التي تنشرونها وتنثرونها اليوم تجعل الناس الحقيقيين في سرور غامر اذ تعلّمهم خطوات العمل لوظائفهم الاساس على الارض.
ان سعيكم مشكور وخدماتكم مقبولة باذن الله وتضحيتكم جسيمة.
استاذي العزيز! لتنشر اعمالكم الجليلة، ولتبلغ آفاق السموات، ولتنطق بها الألسن. 1
ان الاعمال الدنيوية التي لم تلق حظاً من الدين والتي بدأت بالانتشار في الاوساط عامة، والتي تزيد عتامة الغفلة للغافلين، وتزيد سكرهم، بل هي السكر بعينه، لا يمكن دفعها الاّ بمؤلّفاتكم القيمة، وارشاداتكم القويمة.
فلقد ثبتت بدلائل معقولة ومنطقية، انه لن ترقى الدول الملحدة الى مستوى الانسانية بل لا يمكنها ان تدركها وهي ما زالت كذلك، حتى تؤول الى الخراب او الانهيار.
ان مؤلفاتكم القيمة عالية رفيعة وجامعة، تنعكس فيها صفات روحك السامية.
استاذي الحبيب! اطمأنوا اطمئناناً تاماً ان سعيكم مشكور ولم يذهب هباءً منثوراً وسوف تتلقف الايدي العديدة رسائلكم الى الابد، وستوقف ملحدي اليوم عند

_____________________
1 انني لا اشارك اخي هذا في دوافعه الحسية ومشاعره هذه، فحسبنا رضى الله، اذ ان كان معنا فكل شئ معنا اذاً والا فلا تغني الدنيا كلها شيئاً. ان اعجاب الناس واستحسانهم في مثل هذه الاعمال، وفي الاعمال الاخروية ان كانت علة، فانها تبطل العمل، ولكن ان كان مرجّحاً، فانه يفسد اخلاص العمل، وان كان مشوقاً فانه يزيل صفوة العمل ونقائه، ولكن إن تفضّل سبحانه وأحسنه، علامةً على القبول بلا طلب، فهو مقبول وشئ حسن إن استعمل في سبيل بيان تأثير ذلك العمل والعلم في الناس، ويشير الى هذا قوله تعالى (واجعل لي لسان صدق في الآخرين) (الشعراء:84). المؤلف.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 50
حدّهم بل ربما تمنحهم نور الايمان، أليس هذا ما ترجونه؟ أليس عملكم وغايتكم تنحصر في بلوغ ايقاظ الناس وارشادهم الى الايمان؟
ان الادباء المتربين على فتات موائد الفلاسفة، اولئك المحرومون من الادب، سيجدون حتماً الادب الحقيقي في رسائلكم. نعم وسيتحقق هذا فعلاً. وانتم بدوركم تكونون قد وفيتم خدمة الايمان الجليلة حق الايفاء. ان هذه الامة وهذا الوطن مدينة لكم الى الابد، وتعجز ان توفي حقكم. ان ثواب خدماتكم السامية لا تقابلها هذه الامة، بل سيمنحها الله سبحانه ما يليق بها. ليرض الله في الدنيا والآخرة عنكم، وعن أمثالنا من الخدام المذنبين.
زكي
صديق المرحوم لطفي
الطالب القديم لرسائل النور
***
[الرسائل تجرد قارئيها من المشاعر الهابطة]

"فقرة للسيد عاصم"
باسمه سبحانه
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده)
حمداً وشكراً، بما لا يتناهي من الحمد والشكر، ارفعه كل دقيقة من دقائق عمري للقدير المطلق وسلطان الابد والازل، الحي القيوم الذي لا يموت، الذي انعم من بحر كرمه الواسع استاذي المحترم الى هذا الفقير. ومهما بالغت من الحمد والشكر لله تعالى فلا اوفي حق الدّين عليّ. فله الحمد والمنة.. وهذا من فضل ربي.
انني هذا الفقير الغارق في الذنوب، قد عصفت بي المعاصي بمقتضى جبلتي البشرية وتقاذفتني موجاتها، قليلا او كثيراً طوال حياتي العسكرية التي دامت اربعاً


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 51
وثلاثين سنة دون انقطاع، فظلت حياتي الدينية والاخروية فقيرة جداً.. هكذا امضيت حياتي وانا ملفع بستار الغفلة. فالآن ادرك ما فات مني، واندم عليه اشد الندم. بل ابكي على ما كنت اضحك منه. ولم يحصل هذا الاّ باكتحال عيني بلقائكم ورسائلكم. فألف حمد وحمد لله تعالى على هذا الاحسان العميم.
لقد بدأتْ بفضل الله مراسلتي معكم بوساطة اخينا الشيخ محمد افندي لدى مجيئي الى "بوردور" قبل اربع سنوات. فألقت تلك الرسائل في يد هذا الفقير مفاتيح تفجّر بالانوار وتفيض بالحكم وتحل المعضلات وتفتح لغز الكائنات.
نعم، ان هذه المفاتيح لا تقدّر بثمن، فهي اغلى من اغلى الجواهر والألماس، بل ان قلمي ولساني ليعجزان عن التعريف بما يكنه قلبي من مشاعر نحوها. فأفضّل ملازمة عجزي.
ان هذه الرسائل التي تضم بين دفتيها خزائن الشريعة الغراء والحقيقة الصادقة والمعرفة الالهية وكنوزها، بل ان كل رسالة منها انور من الاخرى واسطع منها ولاسيما رسالة "اعجاز القرآن" فهي تشع الانوار. فاين وصفي العاجز منها؟ انها بستان رائع تنثر الفرح والبهجة والسرور وتضم ازاهير نادرة لطيفة، حتى يحار المرء من ايها يقطف ويشم، ليزيل حيرته ويبل ريقه ويشفي غليله. ولا شئ امامه ولا مفر الاّ ان يجعل من جميعها باقة عظيمة من الانوار.
فهذه الرسائل المباركة تغرق قارئيها، وكاتبيها والمستمعين لها في بستان النور، في بحر النور، وتحملهم على التفكر والتدبر وهم نشاوى بالاعجاب. انها تجعل الانسان مجرداً من الاحاسيس الدنيوية ومعزولاً عن المشاعر الهابطة، موجهة اياه الى خالقه الكريم بعبودية خالصة دائمة. انها ترفع الانسان الى منازل عالية تسمو على الاخلاق الرذيلة كلها.. انها تقتل عنده النفس الامارة بالسوء.
نعم استطيع ان اقول: بان هذه الرسائل النورانية روضة من الجنان، ولكن اسفاً والف اسف على اولئك الشقاة الذين يعجزون عن اخذ حظهم من هذه الروضة الطيبة.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 52
وكلي أمل أن يصل الى اولئك هذا الإلهام الرباني ايضاً، ليقدروا على تبديل الغفلة الى يقظة وصحوة كما جاء في ختام "الكلمة الثالثة والعشرين".
اتضرع الى المولى القدير الواجب الوجود بأن يجعل المؤمنين الموحدين على الصواب والسداد، وادعوه سبحانه دعاءً فعلياً باستنساخ ما لديّ من الرسائل وتداول قراءتها في ايام الجمع التي قد تستغرق القراءة حتى المساء. فنوفي بفضل الله سبحانه وتعالى حق عبوديتنا لله تعالى. وندعو لاستاذنا ان يديم الله عمره ما دامت الارض ويظل مرشداً لرسائل النور ودالاّ عليها قائماً بامر الدعوة الى النور. وهذا الدعاء دَين في اعناقنا جميعاً تجاه الاستاذ.
اننا جميعاً - انا واهلي - نتضرع الى الله سبحانه عقب كل صلاة بمثل هذا الدعاء.
عاصم
***

[وجدت الباب الذي ابغيه]
"فقرة بابا جان محمد علي "
ايها الاستاذ الموقر يا من هو اغلى من روحي!
اني عاجز عن إيفاء مهمة الطالب حق الايفاء، ولا استطيع تقديم خدمة حقيقية لرسائل النور، اذ كلما فكرت في القوة والقدرة والاسرار والانوار المتظاهرة في رسائل النور، غبت عن نفسي. فانا لا استطيع العروج الى مثل هذه الذرى السامية. ولكن ساحاول ان شاء الله ما وسعني ان استفيد من هذه الرسائل التي تكشف عن اسرار القرآن والتي هي اغلى بالوف المرات من اغلى الجواهر الثمينة وذلك فضل الله على عباده المؤمنين. وسأضئ شطراً من الليل بانوار تلك الرسائل لاننى لا اجد متسعاً من الوقت في النهار لانهماكي بمتطلبات العيش.
انني اشعر في قلبي انشراحاً وفرحاً في منتهي الحلاوة واللذة كلما استنسخ تلك الانوار.. وحقاً انني عاجز عن تقديم مدى الشكر لله المولى القدير الذي انعم علينا


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 53
هذه النعم الجزيلة.. واحيانا افقد ارادتي تجاه الانوار العظيمة. اذ كلما تذكرت الايام التي خلت ومضت بالغفلة، اجدني حزيناً مهموماً، ولكن ما ان وجدت هذه الانوار فاني ارنو ببصري الى المستقبل، فاضحك مستبشراً وتغمرني البهجة والسرور. فلقد كنت انتظر مثل هذه الخدمة الجليلة للقرآن منذ خمس عشرة سنة. اذ ذقت صنوفاً من متع الحياة الدنيا ولكن لم تشبع هذه الرغبة العميقة التواقة للابد. فلقد وجدت فيها الغذاء الكامل والاطمئنان التام.. فالحمد لله اولاً وآخراً.
نعم لقد اغترت نفسي لحد الآن باذواق دنيوية صورية حتى ابلغتني ابواب سجون الآخرة الرهيبة.. ولقد امتطتني نفسي لحد الآن وحملتُ أهواءها على كاهلي.. اما الآن فلله الحمد والشكر فقد اغاثني جل علاه باسرار القرآن الكريم بوساطة الاستاذ سعيد، ونجوت بفضله تعالى من اوضار تلك النفس الامارة. نعم لقد طرقت ابواباً كثيرة طوال خمس عشرة سنة متحرياً عن الطريق الموصل الى الحقيقة وانسحبت من اكثرها لما وجدت فيها من زينة الحياة الدنيا. والآن فلله الحمد وجدت الباب الذي ابغيه حقاً. فاسأله تعالى ان يجعلني من خدّام ذلك الباب ويرزقني الثبات على تلك الخدمة السامية.
ان مدى ما تقدمه هذه الرسائل "رسائل النور" من فوائد جليلة بنشرها انوار حقائق الايمان وتبديدها ظلمات هذا العصر المظلم، لا يمكن اغماض العين عنها وانكارها قطعاً الاّ بالجهل لا غير.
اللّهمّ ارفع الغشاوة عن ابصارنا وارنا الحق حقاً وارزقنا اتباعه.
بابا جان محمد علي
***

[هل وجدت في نفسك شيئاً؟]
"كتبت هذه الرسالة لمناسبة ماورد في مسألة صغيرة
مــن استفســار: هــل وجــدت فـي نفســك شــيئا؟"
ايها الاستاذ المحترم! يا استاذي القدير!
انك اثمن من حياتي كلها. وانني على استعداد للتضيحة بها في كل لحظة إنفاذاً لامر من اوامرك.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 54
نعم ! انه لا تردد قطعاً في بذل تلك الهدية العظيمة، هدية الحياة، في سبيل الرب الجليل الذي انعمها علينا.
ايها الاستاذ المحترم! اننا مستعدون لأداء تلك الامانة في كل وقت الى منعمها الحقيقي جل جلاله، تلك الحياة التي وهبت لنا امانة ونجهل وقت سلبها منا. فانا متهئ في كل حين ومن دون احجام لإنفاذ امره سبحانه وتعالى. وانتم لما كنتم تبلّغون اوامر ذلك الرب العظيم فان كلامكم الطيب هو حق ورحمة في الوقت نفسه.
ثم يا سيدي! ان الاغصان الدانية تقلّم وتقطّع لترتفع الشجرة وتعلو وتصان من الاحياء المضرة. فليس لتلك الاغصان حق الاعتراض على ذلك العمل قطعاً. حيث انها لو ظلت على ما هي عليه ربما يقطعها حيوان مضر، وتتفسخ جذورها وتعدم.
استاذي القدير!
اقولها دون مبالغة. انني اعتقد انه ليس هناك احد غارق في الذنوب والخطيئات مثلي. بل اقنعت نفسي بذلك احياناً. بل لست غارقاً في الذنوب الى ركبي وظهري ولا الى عنقي وحدها بل من اخمص قدمي الى قمة رأسي، بل حتى اعماق اعماق وجودي وكياني ملوثة بحمأة تلك الذنوب والخطايا.
وفي الوقت الذي بدأ كياني كله بالتعفن والفساد، باشرتم باذن الله بالعلاج والضماد - كالخضر ولقمان الحكيم عليهما السلام - ووضعتم ذلك المرهم الشافي المستخلص من صيدلية الشفاء القرآني على الجروح والعفونات. فانتم وسيلة لمنح الحياة، تلك التي تستحق ان تسمى حياة.
فليس من العقل في شئ الاّ يضحّى في سبيل من انعم تلك الحياة، ومن اصبح وسيلة لذلك الإنعام الجليل.
نعم ان على المريض ان يدرك حاجته الى اجراء العملية الجراحية، فهو مدين بالشكر والثناء لمن يراقب معالجته ويداويه ليل نهار، بل مدين بما لا يحد من الشكر والحمد والثناء لذلك الحكيم العليم الذي ليس كمثله شئ، والذي سلم ذلك الدواء من صيدلية القرآن الكريم.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 55
ولكن يا استاذي انني متألم جداً لعدم ايفائي هذا الدّين الذي في عنقي. ليرضَ الله عنك ابداً يا استاذي.
الحافظ علي 1
***

[اركان الايمان في الرسائل]
ان هذه الآثار النورانية اذ ترغّب من ناحية اذا بها ترهّب من جهة اخرى. فهى تتضمن كليهما الترغيب والترهيب معاً، ولا ريب في جدوى تأثير احدى هاتين الوسيلتين في الانسان. وفي ضوء هذه الحقيقة توقظ اهل القرآن وتلاميذه واضعة نصب أعينهم ستة اسس لئلا ينخدعوا.
1- انها تضع بدلاً من حب الجاه، ابتغاء مرضاة الله النابعة من الإيمان به سبحانه.
2- انها تضع بدلاً من الخوف والوقوع في شكوك الأوهام، الايمان بالقدر.
3- انها تضع بدلاً من الحرص والطمع، الايمان بان الله هو الرزاق ذو القوة المتين.
4- انها تضع بدلاً من الاحاسيس والمشاعر العنصرية الإيمان بالرسل الكرام وفي مقدمتهم الرسول الاكرم صلى الله عليه وسلم المبعوث الى الجن والانس كافة والذي يحقق لنا
(انما المؤمنون اخوة) (الحجرات:10) (واعتصموا بحبل الله جميعاً ولا تفرقوا) (آل عمران:103).
5 - انها تضع بدلاً من الانانية وحب الذات، الاعتراف بعجزنا ونقصنا مع الادراك التام اننا مكلفون بأداء الخدمة والعمل للقرآن الكريم بنشر الرسائل المترشحة منه والحفاظ عليها، من دون ترقب النتيجة. بمعنى: التجرد من نوازع البشرية الى حد ما والتشبه بالملائكة الذين هم واسطة لإنزال الكتب والصحف السماوية. فنحقق الايمان بالملائكة بهذه الصورة.
_____________________
1 وهو من الاوائل الذين تتلمذوا على الاستاذ النورسى، كان دؤوباً في الاستنساخ، لما انعم الله عليه من جودة الخط ومن علو الهمة، استشهد في سجن (دنيزلي) سنة 1944 عن (46) سنة من العمر رحمه الله رحمة واسعة. - المترجم.



عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #5
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 56
6- انها تضع بدلاً من الكسل والخلود الى الدعة والراحة، الاسراع الى العمل للقرآن الذى كل ساعة منه تعدل يوماً من العبادة. وتجعلنا ان نقدر الوقت حق قدره ونستمسك بالعمل للقرآن من قبل ان يفلت منا هذا العمل المقدس، مع فتح الابصار لإدراك الامور والأحداث. بمعنى معرفة قيمة الحياة قبل ان يحل بنا الموت فجأة.
وهكذا فيا استاذي القدير انتم ترشدون الى الايمان بالآخرة دلالة و رمزاً واشارة وصراحة. ليرضَ الله عنكم وينقذ الامة المحمدية من الضلالة ويوفقكم في مسعاكم وجهادكم الخالص في الدعوة الى القرآن.
آمين.. آمين.. بحرمة سيد المرسلين وبحرمة القرآن المبين.
لقد ارسلت القسم السابع من المكتوب التاسع والعشرين الى اخيكم السيد عبدالمجيد فقال في جوابه:
انه لا يجوز النظر لأحد - مما سوى خلوصي وعبد المجيد - الى تلك البنت الجميلة من بنات افكار اخى الكبير. فالمحارم ايضاً في هذا الامر هم اجانب. ارى من الافضل ان تكتب لاخى الكبير ان خروج مثل هذه الحسناء الى الخارج لا يحقق نفعاً بل ربما يولّد اضراراً جسيمة. ان سرعة الانفعال والغضب الذي كان لدى سعيد القديم مازال سارياً في سعيد الجديد، علماً ان سعيداً الجديد ما ينبغى ان يضيّع وقته مع بنى الانسان. وهذا ما يقتضيه مسلكه ومشربه. وعلى كل حال فالحافظ هو الله سبحانه.
وانا بدورى قد اجبته بالآتي:
نعم ان هذا الرأى صحيح بالنسبة لنا، ولكن لا اراه صحيحاً بالنسبة للاستاذ الفاضل الذي ادار ظهره الى الدنيا ووفّى بوظيفته حق الإيفاء، فالذى استخدمه في هذا الامر الجليل سيعصمه بلا شك.
فلقد اقتنعت قناعة تامة بأن الاستاذ يدير ظهره الينا ايضاً إنْ قطعنا علاقتنا مع رسائل النور.
نعم، ان قلق اخينا العزيز، وارد وفى محله، واضطرابه خالص ومحقّ فيه اذا ما أُخذ ظاهر الامور بنظر الاعتبار، ولكن حرمان من له علاقة برسائل النور - وهم قلة


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 57
معدودون - من هذه الحقائق وحجب هذه الاثار السامية عنهم، لا أراه صواباً بل هو مغاير لذلك الاساس. فالله خير حافظاً وهو ارحم الراحمين فهو ناصرنا ومعيننا. وليس لنا الاّ دفع الشكوك والمكايد والالتزام بالنية الصافية والشعور الخالص والشوق الجاد في السعي لشد أزر العمل الذي رفع لواءه استاذنا الفاضل.
تحياتنا الى اخواننا جميعاً مع الدعاء لهم بالتوفيق والسداد مع رجاء الدعاء لي والصفح عن زلاتى، مع التوسل بألاّ تخرجوا طالبكم الصادق من دعواتكم.
الباقي الحب في الله
خلوصي
***

[سبب اعادة هدية]
"رســـالة كتبــت حــــول اعـــادة هـــديـة أحد إخوتي العــزيــزيــن
كــ "خلوصـي" ادرجـت ضمـن فقـرات اخوتـي حسـب رأيهم ".

باسمه سبحانه
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخويّ في الآخرة العزيزين الوفيين، السيد الحاج نوح وملا حميد!
ان اسباباً كثيرة تمنعني عن قبول الهدايا، اذكر اهمها وهو: الاخلال بالعلاقة الخالصة الحميمة بيني وبين طلاب النور، علاوة على انني لست محتاجاً حاجة ماسة، وذلك بفضل الالتزام بالاقتصاد والقناعة والبركة، بل لا استطيع ان امدّ يدي الى اموال الدنيا، وذلك خارج طوقي وارادتي.
وسأبين سبباً دقيقاً واحداً من بين الاسباب الكثيرة:
اتى صديق حميم تاجر، بمقدار من "الشاي" يبلغ ثمنه ثلاثين قرشاً، فلم اقبله.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 58
فقال: لا تردّني خائباً يا استاذي، لقد جلبته لك من استانبول! فقبلته ولكن دفعت له ثمنه ضعفاً.
فقال : لِمَ تتعامل هكذا يا استاذي، ما الحكمة فيه؟
قلت: لئلا اُنزل قيمة الدرس الذي تتلقاه - وهو بقيمة الالماس - الى قيمة قطع زجاجية تافهة. فانني ادع نفعي الخاص لاجل نفعك انت!
نعم! ان درس الحقيقة الذي تأخذه من استاذ لا يتنازل الى حطام الدنيا ولا تزل قدمه الى الطمع والذل، ولا يطلب عوضاً عن ادائه الحق والحقيقة، ولا يضطر الى التصنع.. هذا الدرس هو بقيمة الألماس.
بينما الدرس الذي يُتلقى من استاذ اضطر الى اخذ الصدقات، والى التصنع للاغنياء والى التضيحة حتى بعزته العلمية، في سبيل جلب انظار الناس، فمال الى الرياء امام الذين يتصدّقون علىه. وبهذا جوّز اخذ ثمرات الاخرة في الدنيا. اقول: ان هذا الدرس يهون الى مستوى قطع زجاجية ولو كان الدرس هو نفسه.
***

[الشعور الاخوى الخالص]
اخي العزيز الوفي الصادق النشط ويا صاحبي في الخدمة القرآنية السيد رأفت!
ان العمل الذى تؤديه في خدمة القرآن الكريم عمل مبارك كله، وفقكم الله في مسعاكم وزاد شوقكم الى العمل اكثر، دون ان ينال منكم الفتور والملل.
ان وظيفتكم هذه اهم من الاستنساخ اليدوي، ولكن لا تدعه ايضاً. سأبين لكم دستوراً في الاخوة عليكم الاخذ به بجد.
ان الحياة نتيجة الوحدة والاتحاد، فاذا ذهب الاتحاد المندمج الممتزج، فالحياة المعنوية تذهب ايضاً ادراج الرياح.
فالآية الكريمة
(ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم) (الأنفال: 46). تشير الى ان التساند والترابط اذا اختل تفقد الجماعة مذاقها.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 59
انكم تعلمون ان ثلاث الفات اذا كتبت منفردة متفرقة فقيمتها ثلاث، ولكن اذا اجتمعت بالتساند العددي فقيمتها مائة واحد عشر. فان بضع اشخاص من امثالكم من خدّام الحق اذا عمل كل منهم على انفراد من دون اعتبار لتقسيم الاعمال فان قوتهم تكون بقوة ثلاثة او أربعة اشخاص، بينما اذا ما عملوا متساندين باخوة حقيقية، مفتخراً كل منهم بفضائل الآخرين، حتى يبلغوا بسر الفناء في الاخوة ان يكون احدهم هو الآخر بنفسه، اقول: انهم اذا ما عملوا هكذا فان قيمة اولئك الاشخاص الاربعة تكون بمثابة اربعمائة شخص.
انكم يا اخي بمثابة مولدات الكهرباء التي تمدّ الضوء الى بلد عظيم وليس الى اسبارطة وحدها، فدواليب الماكينة مضطرة الى التعاون فيما بينها. فان كلاً من تلك الدواليب - ناهيك عن الغيرة والاستياء - تجد الراحة مما تكسبه من القوة الفائقة التي تمتلكها الدواليب الاخرى حيث انها تخفف عنه عبء الوظيفة.
ان الذين يحملون على اكتافهم اعباء خدمة الايمان والقرآن والتي هي بمثابة خزينة الحق والحقيقة العظيمة الرفيعة يفتخرون كلما انضم اليهم اكتاف قوية متعاونةً معهم، فيشكرون ربهم.
حذار حذار من فتح باب النقد فيما بينكم. ان ما يستحق النقد خارج الصف كثير بل كثير جداً. فكما انني افتخر بمزاياكم، وأجد الراحة والسلوان من مزاياكم التي حرمت منها، واعدّها كأنها عندي وانا المالك لها، فانتم كذلك عليكم النظر الى مزايا اخوانكم على هذا النمط. فليكن كل منكم ناشراً لفضائل الآخرين.
ولما كنت ارى ان الشعور الاخوي الخالص الذي ابداه اخونا "الحافظ علي" تجاه احد اخواننا الذي سيكون منافساً له في الاستنساخ اليدوي جدير بأن تطلعوا عليه، اذكره لكم وهو الاتي:
جاءني "الحافظ علي"، وقلت له ان خط الأخ "فلان" اجود من خطه وانه اكثر منه عملاً ونشاطاً. واذا بي اجد ان الحافظ علي يفتخر باخلاص ومن الصميم بتفوق الآخر عليه، بل التذ بذلك وانشرح، وذلك لان الآخر قد استطاع جلب محبة استاذه وثنائه عليه.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 60
راقبت قلبه وامعنت فيه بدقة، وعلمت انه ليس تصنعاً قط. بل شعرت انه شعور خالص. فشكرت الله تعالى على ان في اخواننا من يحمل هذا الشعور السامي، وسينجز هذا الشعور باذن الله كثيراً جداً من الخدمات. والحمد لله فان ذلك الشعور الاخوي قد سرى تدريجياً في صفوف اخواننا في هذه المنطقة.
سعيد النورسي
***

[لا أشبع من مطالعة الرسائل]
استاذى المحترم!
ان هذه "الرموز" 1 آثار بديعة خارقة تثير الاعجاب حيث تمنح عشاق العلم من القراء اذواقاً لا نهاية لها ومشاعر رقيقة رفيعة، ولقد تجددت حياتي بهذه المشاعر العالية - بشرط ان يثبتنا المولى في هذه الحياة الجديدة - حتى اتمنى منه تعالى العمر المديد. فلا غرو أنى لا أشبع من مطالعتها، فمهما قرأتها كأني لم اقرأها واكون كمن يقرأ مؤلفاًً جديداً فأقرأها بذوق معنوي لا يحد وحظ روحي لا ينتهي.
وهكذا الامر سواء في "الكلمات" او "المكتوبات" أو "الرموز" واظن ان الوصف الخارق لهذه الرسائل يتمركز في هذه النقطة الدقيقة! علماً ان الانسان اذا ما قرأ المؤلفات الاخرى مرة واحدة لا تثار عنده رغبة لإعادة القرآءة.
نعم اني مهما بالغت في قراءة هذه الانوار القرآنية لا استطيع دفع الجوع عن قراءتها مرة اخرى ولاسيما "الرموز" فقد سحرتني وغرقتني في الاعجاب، لذا باشرت فوراً باستنساخها.
رأفت
***
_____________________
1 الرموز الثمانية: رسالة تبين التوافقات اللطيفة في اسماء الله الحسنى في القرآن الكريم واسرار حروفه وكلماته.المترجم.


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #6
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 61
[سلواني الوحيد]
استاذى العزيز الرؤوف...
انكم تحاولون تنبيه طالبكم الذى يكنّ لكم الحب في الله، هذا العاجز، وتسعون لارشاده بشتى الوسائل وتعلّموه دروساً معنوية رفيعة جداً. بيد أنى لا استطيع ان استفيض كما يستفيض اخوتي الاعزاء الموقرون الذين يجالسونكم ويتشرفون بصحبتكم وقربكم معنىً ومادة ممن لهم قدم صدق في خدمة القرآن الكريم بتوفيق الباري سبحانه وتعالى.
انني احيل سبب ذلك الى العصيان، والى زيادة الخطيئات، والى تأثير المحيط والاحداث التى تعرقل العمل المنور، واحيلها في اوقات كثيرة الى هجمات نفسي الامارة بالسوء وهجمات شياطين الجن والانس.. ومن هنا اشعر بشقاوتي.
نعم، وفضلاً عن هذا فانى اشعر بالنعم التى نلتها والتي لا تعد ولا تحصى، والتي لم اتمكن من ايفاء شكرها مع الاسف الشديد. علماً ان كل يوم وكل ساعة بل كل دقيقة وثانية تنبهني بانقضاء حياتى الفانية والرحيل من هذه الدنيا القصيرة العمر، ورغم هذا لا استطيع ان اكف يدي عنها. وان سلواني الوحيد، هو ارتباطي الوثيق بالقرآن العظيم وايماني الذى لا يتزعزع بالدين المبين والنبي الكريم صلى الله عليه وسلم وما أتاه من شريعة غراء، وشدة ارتباطي باستاذي المحبوب. فآمل الاّ تدع هذا الغارق في الذنوب محروماً من دعواتك الطيبة.
خلوصي
***

[حول العلاقات بين الاستاذ والطلاب]
اخوتي خسرو، لطفي، رشدي!
سأبين لكم وجهة نظري - بما يفيدكم - حول العلاقات القائمة بين الاستاذ والطلاب وزملاء الدرس، وهي:
انتم يا اخوتي، طلابي - بما هو فوق حدّي - من جهة، وزملائي في الدرس من جهة اخرى، ومساعديّ واصحاب الشورى من جهة اخرى.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 63
نعم، ان الحقائق المجملة والمطلقة، تنطلق ونكون نحن وسائل ظاهرية لها، اما تنظيمها وتنسيقها وتصويرها فهي تعود الى اخوتي الاكفاء، واحياناً اتدخل في التفاصيل والتنظيم بدلاً عنهم فتظل ناقصة.
انكم تعلمون ان الغفلة تستحوذ اكثر في موسم الصيف، حيث يفتر كثير من الزملاء عن الدرس ويضطرون الى تعطيل الاشغال، فلا يقدرون على الانشغال بجد بالحقائق..
اخوتي! نحن في اشد الحاجة في هذا الزمان الى القوة المعنوية تجاه الضلالة والغفلة. فأنا مع الاسف باعتباري الشخصي ضعيف ومفلس. فليست لي كرامة خارقة كي اثبت بها هذه الحقائق، وليست لي همة قدسية كي اجلب بها القلوب. وليس لي دهاء علوي كي اسخّر به العقول، بل انا بمثابة خادم متسول امام ديوان القرآن الكريم.
اخوكم
سعيد النورسي
***

[سؤال حول الروح]
باسمه سبحانه
"كتب للسيد خلوصى"

سؤال: ما الداعى لقول الامام الغزالي: ان النشأة الاولى مخالفة تماماً للنشأة الاخرى؟
الجواب: ان قول حجة الاسلام الامام الغزالي من ان النشأة الاولى مخالفة تماماً للنشأة الاخرى، هى مخالفة باعتبار الكيفية والصورة. وليست باعتبار الماهية والجنسية، لانها تكون معارضة لصراحة آيات كريمة كثيرة، مثل:
(يحيي الارض بعد موتها وكذلك تخرجون) (الروم:19) و(وهو الذى يبدؤا الخلق ثم يعيده) (الروم: 27).


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 64
ثم أنه اشارة الى ان الامور الاخروية من حيث المرتبة رفيعة جداً.. ثم انه اشارة للغزالى الى وقوع الحشر الجسماني مع الحشر الروحاني ايضاً تقليداً ومسايرة لبعض الباطنية.
سؤال: ان سعد التفتازاني 1 بعد تقسيمه الروح الى قسمين احدهما: روح انسانية والاخرى: روح حيوانية، يقول: "ان المعرضة للموت هى الروح الحيوانية وحدها. أما الانسانية فليست مخلوقة، وليست بينها وبين الله نسبة ولا سبب. فقد استقلت بذاتها وليست قائمة بالجسد". ما سبب قوله هذا وما ايضاحه؟.
الجواب: ان قول سعد التفتازانى "الروح الانسانية ليست مخلوقة": يعنى ان ماهية الروح قانون امري ذى حياة ومرآة ذات شعور لإسم الله الحي، وجلوة ذات جوهر من تجليات الحياة السرمدية، وذلك مضمون قوله تعالى
(قل الروح من امر ربي) (الاسراء: 85). لذا فهي مجعولة. ومن هذه الجهة لا يقال انها مخلوقة. وقد قال السعد في المقاصد وفى شرح المقاصد موافقاً لجميع علماء الإسلام المحققين ومنسجماً مع نصوص الآيات الكريمة والاحاديث الشريفة: "ان قانون الامر ذاك قد ألبس وجوداً خارجياً، فهي مخلوقة وحادثة كسائر المخلوقات" وجميع آثاره شاهدة على عدم قوله بأزلية الروح.
أما قوله: "ليست بينها وبين الله نسبة" فهو اشارة الى ردّ مذهب باطل كالحلول. فروح الحيوانات كذلك باقية، وتفنى اجسامها وحدها في القيامة. بينما الموت ليس فناء بل انقطاع العلاقة.
أما قوله: "ولا سبب" فاشارة الى خلق الروح مباشرة دون توسط الاسباب، كما جاء في مناجاة عزرائيل عليه السلام في قبض الارواح.
أما قوله: "استقلت بذاتها" فان الجسد يستند الى الروح فيبقى قائماً بينما الروح قائمة بذاتها - كما ذكر في اثبات بقاء الروح - فاذا ما دمّر الجسد تكون الروح حرة اكثر وتحلق الى السماء كالملاك، وهو اشارة الى ردّ مذهب باطل.
***

_____________________
1 هــو مسـعـود بــن عمر بن عـبـد الله، ولد بتفـتـازان بخراسان فـي 712 (أو 727هــ) وتـوفي في سـمرقـنـد 793هــ.. إمام في العربية والمنطق والفقه، سعى لإحياء العلوم الاسلامية بعد كسوفها بغزو المغول فألف كثيراً من امهات الكتب. حتى انه يعد الحد الفاصل بين العلماء المتأخرين والمتقدمين. من كتبه (تهذيب المنطق) و(شرح المقاصد) و (شرح العقائد النسفية) و (المطول).. وكتابه (التلويح في كشف حقائق التنقيح) في الاصول شرح فيه كتاب (التوضيح في حل غوامض التنقيح) للعلامة عبيد الله ابن مسعود المحبوبي (ت747هـ). - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 65
[العلاقة التي لا يقيدها زمان ولا مكان]
"خطاب الى السيد خلوصي"
باسم من
(تسبح له السموات السبع والارض ومن فيهن وان من شيء الاّ يسبح بحمده) (الأسراء: 44).
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته بعدد عاشرات دقائق عمركم، عمّركم الله بالسلامة والعافية.
اخي العزيز!
لقد آلمتنى رسالتكم، ولكن فكرت في حقيقة، فزال الألم. والحقيقة هي الآتية:
ان العلاقة التي تربطنا والاخوة القائمة بيننا خالصة وفي سبيل الله - ان شاء الله - لذا لا يقيدها زمان ولا مكان. فالمدينة والبلدة والبلاد باكملها بل الكرة الارضية، بل الدنيا، بل عالم الوجود، بمثابة مجلس بالنسبة لأخوين حقيقيين. فلا فراق في هذه الصداقة والاخوة، بل وصال كلها. ومالنا.. فليفكر اصحاب الصداقات الفانية المجازية الدنيوية! انه لا فراق في مسلكنا. اينما تكون تستطيع اجراء المحاورة مع اخيك هذا، بوساطة ما في يدك من "الكلمات" وانا كذلك متى ما شئت يمكننى مشاهدتك بجنبى رافعين ايدينا الى المولى الكريم. فإن ارسلك القدر الالهى الى مكان آخر فسلّمْ أمرك اليه بكمال الرضى، اذ الخير فيما اختاره الله. ولعل الاماكن الاخرى محتاجة الى صاحب قلب سليم وعقل مستقيم مثلكم يلقن درس الايمان التحقيقي. فلقد خدمت ولله الحمد للايمان خدمة جليلة في "اكريدير".
اخي العزيز!
ان مشاغل الربيع والصيف وقصر الليالي ومرور الشهور الثلاثة، وأخذ اغلب اخوتي الحصة.. واسباب اخرى تولد بلا شك شيئاً من الفتور في دروس الشتاء. ولكن الفتور الناشئ من تلك الاسباب يجب الاّ يصيبكم، لأن تلك الدروس علوم ايمانية، لا يكفي للانسان ان يسمعها لنفسه وحده. فضلاً عن انكم تجدون دوماً أخاً او اخوين حقيقيين. ثم ان الذىن يستمعون الى ذلك الدرس ليسوا من البشر فقط، بل لله سبحانه وتعالى مخلوقات ذوات شعور كثيرة تتلذذ كثيراً من استماع الحقائق الايمانية، فلكم اذن اصدقاء كثيرون ومستمعون كثيرون من هذا النوع.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 66
وكذا فان المجالسة الايمانية المتسمة بالتفكر على هذا النمط، زينة وبهجة لسطح الارض ومدار شرف لها، ولقد قال احدهم اشارة لهذا:
آســـمان رشــــك بـردبــــهر زمــين كـــه دارد
يك دوكس يك دو نفس بهر خدا بر نشينند
بمعنى ان السموات تغبط الارض لما فيها من شخصين يجلسان انفاساً معدودة - اى لدقيقتين - مجالسة خالصة لوجه الله، في ذكر وتفكر. فيبين كل منهما للآخر الآثار الجميلة لرحمة ربه الجليل وصنعته المزينة الحكيمة فيحب ربه ويحببه، ويفكر في آثاره ويحمل الآخر على التفكير.
ثم ان العلم قسمان:
نوع منه يكفي العلم به ومعرفته والتفكر فيه مرة او مرتين.
والآخر: كالخبز والماء. يحتاجه الانسان ويفكر فيه كل وقت. فلا يمكنه ان يقول: لقد فهمته وكفى. فالعلوم الايمانية من هذا القسم، و"الكلمات" التي في ايديكم من هذا القسم - على الاكثر - ان شاء الله..
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 67
مسائل متفرقة

المسألة الاولى:
سؤال: ما حكمة كثرة الصلاة على الرسول صلى الله عليه وسلم، وما سر ذكر السلام معها؟
الجواب: ان الصلاة على الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم وحدها طريق الحقيقة، فمع انه صلى الله عليه وسلم قد حظي بمنتهى الرحمة الالهية اظهر الحاجة الى منتهى الصلاة عليه، ذلك لان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم ذو علاقة مع آلام الامة جميعاً، وله حظ بسعاداتهم. ولعلاقته بسعادة جميع الأمة المتعرضة لأحوال لا نهاية لها في مستقبل غير محدود يمتد الى ابد الآباد، أظهر صلى الله عليه وسلم الحاجة الى منتهى الصلاة عليه.
ثم ان الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم عبد وهو رسول في الوقت نفسه. فيحتاج الى "الصلاة" من حيث العبودية. ويحتاج الى "السلام" من حيث الرسالة. اذ العبودية تتوجه من الخلق الى الخالق حتى تنال المحبوبية والرحمة، فـ "الصلاة" تفيد هذا المعنى.
اما الرسالة فهى بعثة من الخالق سبحانه الى الخلق فتطلب السلامة (للمبعوث) والتسليم له، وقبول مهمته والتوفيق لإجراء وظيفته. فلفظ "السلام" يفيد هذا المعنى.
ثم اننا نقول "سيدنا" ونعبّر به: يا رب! ارحم رئيسنا الذي هو رسولكم الينا ومبعوثنا الى ديوان حضرتكم، كي تسرى تلك الرحمة فينا.
اللهم صلّ وسلّم على سيدنا محمد عبدك ورسولك وعلى آله وصحبه أجمعين.
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 68
المسألة الثانية:
(جواب قصير لسؤال طويل اورده احد اخواننا).
اذا قلت: ما هذه الطبيعة التي زلّ اليها اهل الضلال والغفلة فدخلوا الكفر والكفران وسقطوا الى اسفل سافلين بعد ان كانوا في مرتبة احسن تقويم؟
الجواب: ان ما يطلقون عليه بـ "الطبيعة" هو : الشريعة الفطرية الالهية الكبرى، التي هى عبارة عن مجموع قوانين عادة الله، التي تبين تنظيم الافعال الالهية ونظامها.
من المعلوم ان القوانين امور اعتبارية، لها وجود علمي، وليس لها وجود خارجي. ولكن الغفلة والضلالة ادت بهم الى الجهل بالكاتب والنقاش الازلي، لذا ظنوا الكتاب والكتابة كاتباً، والنقش نقاشاً والقانون قدرةً، والمسطر مصدراً والنظام نظّاماً والصنعة صانعاً!
فكما اذا دخل انسان جاهل لم ير الحياة الاجتماعية الى معسكر عظيم وشاهد حركات الجيش المطردة وفق الانظمة المعنوية، تخيل انهم مربوطون بحبال مادية، او دخل مسجداً عظيماً وشاهد الاوضاع الطيبة المنظمة للمسلمين في صلاة الجماعة او العيد، تخيل انهم مربوطون بروابط مادية.. كذلك اهل الضلالة الذين هم أجهل من ذلك الجاهل يدخلون هذا الكون الذي هو معسكر عظيم - لمن له جنود السموات والارض سلطان الازل والأبد - او يدخلون هذا العالم الذي هو مسجد كبير للمعبود الازلي، ثم يذكرون انظمة ذلك السلطان باسم الطبيعة، ويتخيلون شريعته الكبرى المشحونة بالحكم غير المتناهية انها كالقوة او كالمادة صماء عمياء جامدة مختلطة.
فلا شك انه لا يقال عن مثل هذا: انه انسان، بل حتى لا يقال له حيوان وحشي، لان ما تخيله "طبيعة" يفرض عليه ان يمنح كل ذرة، وكل سبب قوةً قادرة على خلق الموجودات كلها وعلماً محيطاً بكل شئ، بل عليه ان يمنح كلَّ ذرة وكل سبب جميع صفات الواجب الوجود. وما ذاك الاّ محال في منتهى الضلالة بل هذيان نابع من بلاهة الضلالة.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 69
فـ "الكلمات" ورسائل اخرى قد أردتْ مفهوم الطبيعة قتيلاً في مائة موضع وموضع والى غير رجعة! وكذا الكلمة الثانية والعشرين اثبتت هذا الأمر اثباتاً قاطعاً.
الحاصل: لقد اثبتت في "الكلمات" اثباتاً قاطعاً: ان الذى يؤلّه الطبيعة يضطر الى قبول آلهة غير متناهية لانكاره الإله الواحد، فضلاً عن ان كل إله قادر على كل شئ، وضد كل إله، ومثله.. وذلك لينتظم الكون!. والحال انه لا موضع للشريك قطعاً بدءاً من جناح ذبابة الى المنظومة الشمسية ولو بمقدار جناح الذباب، فكيف يتدخل في شؤونه تعالى غيره؟
نعم ان الآية الكريمة
(لو كان فيهما آلهة الاّ الله لفسدتا فسبحان الله رب العرش عما يصفون) (الأنبياء: 22) تقطع اساس الشرك والاشتراك ببراهين دامغة.
***

المسألة الثالثة:
ان الكفر بذرة لجهنم معنوىة، كما ان ثمرته جهنم مادىة - كما اثبت في الكلمة الثانية والثامنة وفي سائر الكلمات - فكما أنه سبب لدخول جهنم، فهو سبب لوجودها. إذ كما ان حاكماً صغيراً بعزة ضئيلة وغيرة قليلة وجلال بسيط لو قال له شرير: لا تقدر على عقابي، ولن تقدر. فانه بلا شك ينشئ لذلك الشرير سجناً ويقذفه فيه حتى لو لم يكن هناك سجن.
كذلك الكافر بانكاره جهنم، فانه يوصم من له منتهى الغيرة والعزة والجلال، ويكذّبه ويتهمه بالعجز والكذب، فيمسّ عزته بشدة ويتعرض لجلاله بسوء. فلا شك لو لم يكن اى سبب لوجود جهنم - فرضاً محالاً - فانه سبحانه يخلقها لذلك الكفر المتضمن للاتهام بالعجز والتكذيب الى هذا الحد، وسيقذف فيها الكافر.
***

المسألة الرابعة:
اذا قلت : لماذا يتغلب اهل الكفر والضلال على اهل الهداية في الدنيا؟


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 70
الجواب: لان اللطائف الانسانية واستعداداتها التي منحت لشراء الالماس الابدى تحيلها بلاهة الكفر وسُكر الضلالة وحيرة الغفلة الى قطع زجاجية تافهة وبلورات ثلجية سرعان ما تزول. فلا شك ان الزجاج المتكسر الجماد لانه قد أُشتري بثمن الالماس، يصبح كأنه افضل زجاج واجلى جماد!
كان فيما مضى جوهرى ثرى، فقد عقله واصبح معتوهاً، ولما ذهب الى السوق اخذ يعطي خمس ليرات ذهبية لقطعة زجاجية لا تساوي شيئاً. ولما رأى الناس هذا منه، بدأوا يعطونه ما لديهم من زجاج، حتى الاطفال اعطوه بلورات ثلجية لقاء قطعة ذهب.
وكذا، فقد سكر سلطان في زمن ما، ودخل ضمن الاطفال ظناً منه انهم وزراء وقواد، وبدأ باصدار اوامر سلطانية اليهم. سُرّ الاطفال بذلك، وقضى هو لهواً بينهم لطاعتهم له.
وهكذا الكفر بلاهة والضلالة سكر والغفلة حيرة بحيث يشترى المتاع الفاني بدلاً من الباقي. وهذا هو السر في شدة شعور اهل الضلالة. فيشتد العناد والحرص والحسد وامثالها من الاحاسيس لديهم، حتى ترى احدهم يعاند لسنة كاملة لما لا يساوى دقيقة واحدة من الاهتمام.
نعم، انه ببلاهة الكفر وسكر الضلالة وحيرة الغفلة تهوي اللطيفة الانسانية التى خلقت فطرة للابد والابدية، فتأخذ اشياء فانية بدلاً من الباقية وتعطيها ثمناً غالياً.
وهناك مرض عصبى او مرض قلبى ينتاب المؤمن ايضاً حتى انه - كأهل الضلالة - يعطي اهتماماً لما لا يستحق الاهتمام به. لكن سرعان ما يدرك خطأه فيستغفر ربه ولا يصر عليه.
***

المسألة السادسة (مسالة صغيرة).
ان سبب اطلاق اسم رسائل النور على مجموع الكلمات (وهي ثلاث وثلاثون كلمة) والمكتوبات (وهي ثلاثة وثلاثون مكتوباً) واللمعات (وهي احدى وثلاثون


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 71
لمعة) والشعاعات (وهي ثلاثة عشر شعاعاً) هو: ان كلمة النور قد جابهتني في كل مكان طوال حياتي، منها:
قريتي اسمها: نورس.
اسم والدتي المرحومة: نورية.
اسم استاذي في الطريقة النقشبندية: سيد نور محمد.
و اساتذتي في الطريقة القادرية: نور الدين.
واحد اساتذتي في القرآن: نوري.
واكثر من يلازمني من طلابي من يسمّون باسم نور .
واكثر ما يوضح كتبي وينورها هو التمثيلات النورية.
وأول آية كريمة إلتمعت لعقلي وقلبي وأشغلت فكري هي:
( الله نور السموات والأرض مثل نوره كمشمكوة...)
واكثر ما حل مشكلاتي في الحقائق الالهية هو: اسم "النور" من الاسماء الحسنى.
ولشدة شوقي نحو القرآن وانحصار خدمتي فيه فان إمامي الخاص هو سيدنا عثمان ذو النورين رضي الله عنه.
***

جواب لسؤال حول تغليف الاسنان.
"جواب لسؤال السيد خلوصي"
اكتب لكم مجملاً مسألة او مسألتين شرعيتين.
ان المضمضة سنة في الوضوء وليست فرضاً. بينما هي فرض في الاغتسال، فلا يجوز بقاء داخل الفم دون غَسل ولو شيئاً جزئياً. ولهذا لم يجرأ العلماء على الفتوى بجواز تغليف الاسنان. والامام ابو حنيفة والامام محمد "رضى الله عنهما" لهما فتاوى في جواز صنع الاسنان من الفضة او الذهب بشرط الاّ يكون تغليفاً ثابتاً. بينما هذه المسألة منتشرة بحيث اخذت طور البلوى العامة، لا يمكن رفعها.
فوردت الى القلب فجأة هذه النقطة:


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 72
انه ليس في طوقي ولا من حدّي التدخل في مهمة المجتهدين، ولكني اقول على الرغم من عدم ميلي الى ضرورة عموم البلوى:
اذا أوصى طبيب حاذق متدين بتغليف السن، عند ذاك تخرج السن من كونها من ظاهر الفم وتكون بمثابة باطنه. فلا يبطل الاغتسال بعدم غسلها، لان غلافها يغسل فحل محلها. فكما يحل شرعاً غسل اغلفة الجرح محل الجرح نفسه لوجود المضرة، فغسل هذا الغلاف الثابت - المبني على الحاجة - يحل محل غسل السن، فلا يبطل الاغتسال. والعلم عند الله. ولما كانت هذه الرخصة تقع للحاجة، فلا شك ان الذي يقوم بتغليف الاسنان او حشوها للتجميل لا يستفيد من هذه الرخصة، لانه لو عمل ذلك بسوء اختياره حتى في حالة الضرورة لا تباح له ذلك. ولكن لو كان قد حدث دون علمه فالجواز للضرورة.
سعيد النورسي
***

[حول رسالة الحشر]
"النكتة الثالثة للمسألة الثامنة من
المكتوب الثامـن والعشـرين"
بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم وعلى والديكم وعلى اخوانكم وعلى رفقائكم في درس القرآن
اخي العزيز!
اولاً: لقد سرّني كثيراً رأيكم: أنه لا داعي لما رآه عبد المجيد من ان المبحث الثالث للمكتوب السادس والعشرين، زائد لا داعى له، بناء على حذر في غير محله.
علينا ان ندرك اننا نحظى بسر الآية الكريمة
(ملة ابراهيم حنيفاً) (البقرة:135). والتي تشير الى اتباعنا سيدنا ابراهيم عليه السلام الذي نال ثناء القرآن الكريم في قوله تعالى (وكيف اخاف ما اشركتم ولا تخافون انكم اشركتم بالله) (الأنعام:81).

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #7
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 73
ثانياً: يكتب عبدالمجيد ان مفتياً - من اهالي مدينة لهم صداقة عامة نحوي - قد اورد انتقادات واهية، بنظر سطحي عابر على تفرعات "الكلمة العاشرة". فأجوبة عبدالمجيد له كافية، عدا موضعين. اذ هو الآخر قد أجاب جواباً سطحياً في موضعين اثنين حول ذلك السؤال السطحي.
الاول: لقد قال ذلك الفاضل: ان حقائق " الكلمة العاشرة" ليست للمنكرين، لانها مؤسسة على الصفات الالهية والاسماء الحسنى. ويقول عبد المجيد في جوابه له: قد حمل المنكرين على الاقرار بالايمان في الاشارات الاربعة التى تسبق الحقائق، ثم يسرد الحقائق.
والجواب الحقيقي هو الآتي:
ان كل حقيقة من الحقائق تثبت اموراً ثلاثة في آن واحد: وجود واجب الوجود، واسمائه وصفاته، ثم تبني الحشر على تلك الامور وتثبته. فيستطيع كل شخص من اعتى المنكرين الى اخلص المؤمنين ان يأخذ حظه من كل حقيقة، لانها تلفت الانظار الى الموجودات والآثار، وتقول: في هذه الموجودات افعال منتظمة، والفعل المنتظم لا يكون بلا فاعل، لذا فلها فاعل. ولما كان الفاعل يفعل فعله بالانتظام والنظام يلزم ان يكون حكيماً عادلاً، وحيث انه حكيم، فلا يفعل عبثاً، وحيث انه يفعل بالعدالة فلا يضيّع الحقوق، فلا بد اذن من محشر اكبر ومحكمة كبرى.
وعلى هذا المنوال تسير الحقائق، وتلبس هذا الطراز من التسلسل، وتثبت الدعاوى الثلاث دفعة واحدة. ولانها مجملة فالنظر السطحي يعجز عن التمييز. علماً ان كل حقيقة منها قد فصلت بايضاح تام في رسائل اُخر وفي "الكلمات".
الجواب الثاني الناقص الذي اورده عبدالمجيد:
لقد اخطأ عبد المجيد لمسايرته السؤال الخطأ لذلك الفاضل ولقبوله الخطأ، لانه لم يُذكر في حاشية "الكلمة العاشرة" ان الاسم الاعظم هو عبارة عن مرتبة عظمى لكل اسم فقط. بل ذكرنا في مواضع كثيرة:ان الحشر يظهر من الاسم الاعظم ومن المرتبة العظمى لكل اسم. فمع اثبات الرسالة الاسم الاعظم، فلكل اسم مرتبة عظمى ايضاً بحيث حظي الرسول الاعظم صلى الله عليه وسلم بهذه المراتب. فالحشر الاعظم ايضاً متوجه اليها.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 74
فمثلاً:
اسم "الخالق" له مراتب ابتداءً من مرتبة كونه سبحانه وتعالى خالقي الى المرتبة العظمى في كونه خالقاً لكل شئ.
وقد قال ذلك الفاضل الذي ساوره الشك: ان وجود مرتبة عظمى لكل اسم من كلام فلاسفة المتصوفة، قاصداً ردّه. بينما يتغير الاسم بالنسبة للامام الاعظم ابي حنيفة والامام الغزالى وجلال الدين السيوطي والامام الرباني والشيخ الكيلاني وامثالهم من المحققين الصدّيقين. فقد قال الامام الاعظم:ان الاسم الاعظم هو: العدل، الحكم.. وهكذا.
على كل حال يكفي هذا القدر لهذه المسألة.
وقد جعلتنى انتقادات ذلك الفاضل ممتناً بثلاث جهات:
اولاها: انه عجز عن الانتقاد مع ارادته له. مما يبين ان حقائق "الكلمة العاشرة" تستعصي على الجرح والنقد. الاّ ما كان موجهاً الى بعض العبارات في الفرعيات.
ثانيتها: نسأل الله تعالى ان تحث تلك الانتقادات همة عبد المجيد الفطن الغيور ليصبح رفيق "خلوصي" نشطاً نابهاً اهلاًً لصداقته.
ثالثتها: ان ذلك الفاضل راغب في الرسائل، ولهذا انتقد، اذ الذي لا يرغب في شئ لا يهتم به، لذا سيستفيد باذن الله من الرسائل في المستقبل استفادة تامة.
يمكنكم اجمال هذه النكتة اجمالاً جيداً وارسالها الى ذلك الفاضل، مع تحياتي له وامتناني منه.
اخوكم
سعيد النورسي
***

[خادم الشخص المنتظر]
اخي العزيز الغيور، يا اخي في الآخرة ورفيقي في خدمة القرآن، صبري الاول وخلوصي الثاني!.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 75
ابارك حسن فهمكم وادراككم الجيد للمكتوب العشرين واستنساخكم الجيد له، تذكرون في رسالتكم رغبتكم في تلقي درس في علم الكلام مني. انتم يا اخي تتلقون ذلك الدرس فعلاً، فما استنسختموه من "الكلمات" دروس منورة لعلم الكلام الحقيقي.
فقد قال علماء محققون، كالامام الرباني: سيبين احدهم في آخر الزمان علم الكلام - اي المسائل الايمانية الكلامية لمذهب اهل الحق - بياناً جلياً بحيث يفوق على جميع ما كتبه اهل الكشف والطريقة الصوفية، فيكون وسيلة لنشرتلك الانوار. حتى ان الامام الرباني قد رأى نفسه ذلك الشخص.
فاخوك هذا العاجز الفقير الذي لا يذكر بشئ لا يمكنني ان ادّعي - بما يفوق حدّي الف مرة - انني ذلك الشخص المنتظر، إذ لست اهلاً لاكون ذاك من اية ناحية كانت.
ولكن يمكنني ان اقول: انني اظن نفسي خادماً لذلك الشخص المنتظر، اهئ الميدان لمجيئه، وجندياً من جنود طلائعه، ولهذا فقد احسستم تلك الرائحة العجيبة من تلك الامور المكتوبة.
***

[حول توافقات القرآن الكريم]
باسمه سبحانه
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته بعدد حروف القرآن واسرارها
يا سلوانى في دار الفناء هذه، ويا انسي في دار الغربة هذه، يا من تحثونني على الكلام في الاسرار القرآنية بشوقهم ولهفتهم. يا اخوتي المخاطبين الاذكياء المتفرسين!
لأجل اشعاركم مبلغ عملي الذي يرثى له بخط ناقص ردئ، ولاجل احساسكم كم هو مهم لديّ اقلامكم القيمة، فقد ارسلت لكم بخطي "فهرس الحروف


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 76
القرآنية" 1 من دون تصحيح، للاطلاع عليه لدقائق. والحال انكم تأملتم فيه ساعات طوالاً بدلاً من دقائق قليلة ودونتموه لأيام عدة. فادركت من هذا انكم تهتمون بذلك الفهرس اهتماماً بالغاً. لذا ارسل لكم القائمة نفسها بعد تبييضها، فيمكنكم استنساخها. ولكن اعلموا ان هذا الفهرس قد كتب بشكل تقريبي ليكون مرجعاً موقتاً، فقد كتبته في ظرف تسع ساعات مع خطي الردئ وكتبت قسماً منه استناداً الى محفوظاتي السابقة والآخر بناء على مقياسين اثنين، ثم ادركت ان هناك تفسيراً 2 في هذا الباب، فجلبناه، وقابلناه مع قائمتنا فشاهدنا ان الغالبية العظمى متوافقة، الاّ ان هناك خلافاً في عدد قليل من المجموعات وفي حوالي خمسة عشر موضعاً من المواضع الجزئية.
ونتيجة التحقيقات ادركنا ان المخالفة هى نتيجة اخطاء مطبعية للتفسير والمستنسخين، بينما صححنا مسوّدتنا في مكانين او ثلاث، ثم ادركنا انّا اخطأنا في ذلك التصحيح. فلم نغير بعد قائمتنا. وظننا ان التفسير بحاجة الى تصحيح من جراء الاخطاء المطبعية. ولكن لم اجرأ على التصحيح لأن صاحبه مدقق عظيم والمطبعة قريبة للجامع الازهر وقد اشرف على الطبع علماء ازهريون.
ابعث لكم التفسير نفسه مع الفهرس المبيّض، لتطالعوهما ولكن لا تحاولوا الانتقاد، لان قائمتي تقريبية فلم اجعلها تحقيقية، اما التفسير فهو يعتمد على الروايات على الاغلب. ثم ان هناك بعض السور المكية دخلت فيها آيات مدنية وربما لم يدخلها في العدّّ. فمثلاً ذكر حروف سورة العلق انها مائة ونيف، ومراده النصف الاول منها النازل اول مرة. فقد اصاب. أما انا فإستناداً الى ما حفظته سابقاً أخطأت فيما اصاب فيه حيث اخذت السورة بمجموعها.
ثم ان اسرار التوافقات تأخذ بنظر الاعتبار المجاميع الكلية. فالفهرس التقريبى كافٍ لنا. والتوافقات المذكورة في النكات الثلاث لدعاء "كنز العرش" 3 لا تتغير بتغير الكسور. ولا تفسد تلك التوافقات حتى بتغير المجاميع الكبيرة. مثلاً سورة الكهف
_____________________
1 وهو جزء من رسالة "الرموز الثمانية".- المترجم.
2 المقصود المقياس في تفسير ابن عباس للفيروزابادى صاحب القاموس - المترجم -
3 دعاء طويل يبدأ بالتوسل بالبسملة وبدايات السور القرآنية سورة سورة ثم بكل حرف من حروف القرآن مع ذكر اعدادها في القرأن الكريم (مجموعة الاحزاب »3«). المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 77
ومعها تسع وثلاثين سورة تتفق في عدد الالف. فاذا ما فقدت احدى السور او اثنتان منها ذلك العدد الالف فلا يفسد ذلك التوافق.. وهكذا. رغم ان الكسور لها اسرار فانها لم تفتح امامنا بعد فتحاً جلياً. ونسأل الله ان يفتحها لنا وعندها يأخذ الفهرس صورته التحقيقية.
سعيد النورسى
***
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #8
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق

[الرسائل من العلوم الايمانية]
اولاً: ان هذه الكلمة "الكلمة العاشرة" لم تُقدّر حق قدرها. فقد طالعتها بنفسي ما يقرب من خمسين مرة، وفى كل مرة اجد لذة جديدة واشعر بحاجة الى قراءة اخرى. فمثل هذه الرسالة يقرأها بعضهم مرة واحدة ويكتفي بها وكأنها رسالة كسائر الرسائل العلمية. والحال ان هذه الرسالة من العلوم الايمانية التي تتجدد الحاجة اليها في كل وقت كحاجتنا الى الخبز كل يوم..
سعيد النورسي
***

[سعادتي بدعائكم]
"فقرة غريبة لمسعود"
عندما كنت اكدّ في ضرب المنجل لحصاد الشعير، والقمر ينور الارجاء، والجو اللطيف ينمي الشعير. تأملت في حالي يائساً وانا غارق في هذا النور الوضئ، ولكن لا يكف عمل المنجل من الانتهاء. فأظل محروماً من استنساخ رسائل النور. فقلت ما ورد على الخاطر، ولا اعلم أهو من الغفلة أم من طلوعات قلبية: يا رب ان اسمي مسعود، ولكنى غير مسعود، فقدكدحت في العمل ولم اسعد!. واستمررت في الحصاد. وبعد فترة غلبني النوم ورأيت فيما يرى النائم ان احداً يقول لي: لا تغادر


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 78
طرف ثوب الاستاذ فهو الذي يجعلك مسعوداً. افقت من النوم، والقمر على وشك الغروب. فقلت حالاً: استغفرك يا رب، اننى لم اطلب السعادة الدنيوية. فيا استاذي لقد لُقنت ان سعادتى الاخروية ستحصل بدعائكم. فارجو دعاءكم. وتقبلوا فائق الاحترام مقبلاً ايديكم واقدامكم يا سيدي.
مسعود
***

[الرسائل مرشدة]
"رسالة "مزينة" من اخواتنا في الآخـرة وطالبـات رسـائل النور"
استاذي المحترم!
ان عيوني الغارقة في آلام هذه الدنيا الفانية، ارتبطت "بكلماتكم" المؤثرة وبرسائلكم الشافية من كل قلبي وروحي، وكلما قرأتها ادركت كم هي مرشدة تلك الرسائل، بحيث اعجز عن وصفها.
نعم، ان المظالم التى ارخت سدولها وخيّمت على الدنيا في هذا الزمان، تمزقها وتهتكها "كلماتكم" فتبدد تلك الظلمات وتشتت تلك الغفلات. ايّ عقل يا ترى يمكن ان يقذف نفسه في الظلمات بعد ان شاهد الحقيقة وسطوع انوارها فيغمض عينه دونها. فانا بفضل الله تعالى لا ارمي نفسي الى الظلمات مذ اصبحت محظوظةِ وسعيدةً. فلا ارجع الى الشقاء باذن الله مرة اخرى.
استاذي! انني محرومة كسائر اخواتي من أخذ الدرس منكم بالذات، ولكني اتصور انى آخذه غيابياً منكم باستماعي الى تلك "الكلمات" الرفيعة مرة في الاسبوع او في الشهر، فاتصور كأنني اتلقاه منكم مباشرة. نتضرع الى المولى القدير دائماً - وانتم في المقدمة ونحن من خلفكم - لسلامة المسلمين وليحوّل حالنا وحالي من الظلمات الى النور ولينعم علينا سبحانه افضاله.
ان لساني وعجزي وقصوري لا يسمح لي بالاسهاب والاستمرار في الكلام. فأنا معترفة بالتقصير يا استاذي.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 79
نسأله تعالى ان يجعل لنا يوماً ننجو فيه - بتأثير الرسائل - من الاوضاع التى نفعلها دون اختيارنا وخارج ارادتنا - بارشاد كلماتكم - كما نجا منها اخونا المتقي المستقيم السيد لطفي.
لقد تسلمنا من اخينا ذكائي "الكلمة السابعة عشرة" و"المكتوب الثامن عشر والعشرين" ورسالة "النوافذ" الساطعة بالانوار، وبدأنا بمطالعتها.
هذا ولا يغادر ايدينا استاذنا الحقيقي وهو القرآن العظيم.
مزينة
***

[قراءة الرسائل عبادة فكرية]
اخي العزيز السيد رأفت!.
تسلمت رسالتكم والكتاب المرسل معها، بكل سرور وامتنان. ولقد شعرت فيكم روح احد طلابى "خلوصي" الذي اكن له حباً عميقاً. فقبلتك طالباً للنور، وليس طالباً حديثاً بل قديماً كقدم خلوصي. ان خاصية الطالب هي:
ان يتبنى العمل للرسائل المؤلفة كأنه هو صاحبها، وكأنه هو الذي ألفها وكتبها فيسعى جاداً لنشرها وابلاغها الى من هو اهل لها.
ان خطكم جميل.. بارك الله فيكم. فإن كان لكم متسع من الوقت، فاستنسخ قسماً من الرسائل. وقسماً منها سيستنسخه طلاب مجدّون امثال خسرو. وانتم بدوركم تستلمون منهم وتستنسخونه وتكونون من المشاركين لهم في اعمالهم.
فلقد كنت انتظر منذ سنوات ان يظهر في "اسبارطة" طلاب مجدّون، فالحمد لله والمنة له وحده، فقد ظهر معكم عدد منهم، فالطالب الواحد يفضل على مائة من الاصدقاء.
ان الانوار القرآنية المسماة بـ "الكلمات" هي من نوع العبادة الفكرية التي تعدّ من اعظم العبادات.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 80
ان المهمة الجليلة في هذا الوقت هي خدمة الايمان. اذ هي مفتاح السـعادة الابدية.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***

[حول الاسم الاعظم]
باسمه
(وان من شيء الا يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخى العزيز الوفي السيد رأفت!
أنتم تتابعون الرسائل وتستنسخونها، كما كنت آمل، فبارك الله فيكم. ان سعياً قليلاً من امثالكم بمثابة الكثير، لان الكثيرين يقلّدونكم لثقتهم بكم. ولقد غدت ديار الغربة هذه في حكم موطني الاصلي، لوجداني فيها اخواناً نشطين جادين مثلكم. بل انستني موطني الاصلي.
ان مصدر علو المؤلفات و معدنها السامي و منبع رفعتها بعد القرآن الكريم هو وجود مخاطبين يدركونها حق الادراك ويشتاقون اليها اشتياقاً جاداً. فلئن شكرتم الله لوجدانكم اياي مرة واحدة فانا اشكره سبحانه الف مرة لوجداني اياكم.
تسألون في رسائلكم عن الاسم الاعظم. ان الاسم الاعظم مخفي، مثلما الاجل مخفي في العمر، وليلة القدر في شهر رمضان. واستتار الاسم الاعظم ضمن الاسماء الحسنى فيه حِكَم كثيرة. و من حيث زاوية نظري ان الاسم الاعظم الحقيقي مخفي. يُعرّف به الخواص. ولكن لكل اسم مرتبة عظمى بحيث تكون بمثابة الاسم الاعظم.
فتباين وجدان الاولياء للاسم الاعظم نابع من هذا السر الدقيق. فالاسم الاعظم للامام علي رضي الله عنه ستة اسماء، كما ذكر في ارجوزته الواردة في كتاب "


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 81
مجموعة الاحزاب" 1. وقد بيّن الامام الغزالي مزايا ما ذكره الامام علي رضي الله عنه من الاسم الاعظم وتلك الاسماء الستة المحيطة به، وشرحها في كتابه "جُنة الاسماء" وتلك الاسماء الستة هى: فرد، حيّ، قيوم، حكم، عدل، قدوس..
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***

[كنت اكتب العلم في روحي]
ثالثاً: تطلبون رسالة مني بخطي! فقد قيل لفاقد الشفاه: انفخ وأطفئ المصباح! فقال: لقد طلبتم اصعب الامور، فلا اقدر عليه.
نعم، ان الله سبحانه وتعالى لم يهب لى جودة الخط، حتى انني املّ من كتابة سطر واحد وكأنه عمل مرهق. فكنت اقول في السابق - متفكراً لا شاكياً - : ربّ رغم احتياجي الى الخط ومحبتى النظم لم تمنحني هاتين النعمتين. ثم تبين لى بياناً قاطعاً، انه كان احساناً عظيماً عدم منحي الشعر والخط. فان معاونة امثالكم من ابطال الكتابة يحققون لي حاجتي الى الخط. فلو كنت اجيد الكتابة، لما كانت المسائل تقر في القلب، فما من علم بدأت به سابقاً، الاّ وكنت اكتبه في روحي لحرمانى من الكتابة الجيدة، فكانت تلك الملكة نعمة عظمى علي.
أما الشعر فرغم انه وسيلة مهمة للتعبير، فان الخيال يقضي فيه بحكمه، فيختلط بالحقيقة ويغير من صورتها. واحياناً تتداخل الحقائق. ولم يفتح القدر الالهي باب الشعر امامنا، عناية وفضلاً منه تعالى، لانه كان من المقدّر ان نكون في المستقبل في خدمة القرآن الكريم التيهي حق خالص ومحض الحقيقة. فالآية الكريمة
(وما علّمناه الشعر) (يس: 69). متوجهة الى هذا المعنى.
_____________________
1 للشيخ أحمد ضياء الدين كموشخانوي، جمع فيه الادعية المأثورة عن الائمة والأقطاب والاولياء العظام في ثلاثة مجلدات. طبع باسطنبول بخط اليد سنة 1311 وفي حاشيته شرح لبعض الادعية - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 82
سأكتب لكم عدة سطور لأجلكم انتم باذن الله...
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***

[سبب الاستهلال]
اخي العزيز المدقق، ويا اخي في الآخرة ورفيقي في خدمة القرآن!
اولاً: تستفسرون في رسالتكم عن سبب استهلالي الرسائل كلها بالآية الكريمة
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده) (الإسراء: 44).
الجواب: ان حكمة ذلك هى:
ان اول باب فتح لي من خزائن القرآن الكريم المقدسة، هو هذه الآية الكريمة. فحقيقة هذه الآية ظهرت اول ما ظهرت لي من بين الحقائق القرآنية السامية، ولقد سرت تلك الحقيقة في اغلب الرسائل.
وحكمة اخرى هي:
ان اساتذتي الكرام الذين اثق بهم قد استهلّوا بها رسائلهم.
وتسألون ايضاً في رسالتكم عن الكبائر السبع، فاقول:
ان الكبائر كثيرة، الا ان اكبر الكبائر واعظم الذنوب التى تطلق عليها الموبقات السبعة هي: القتل والزنا والخمر وعقوق الوالدين - اي قطع صلة الرحم - والقمار وشهادة الزور وموالاة البدع التي تضر بالدين.
الباقي هو الباقي
اخوك
سعيد النورسي
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 83
[الرسائل قوت وغذاء]
14 شـــوال 1352
كانون الثانى 1934 1

باسمه
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي في الآخرة، العزيز المدقق، السيد رأفت، يا رفيقي المتفكر الناشد للحقيقة!
اولاً:
تذكرون في رسالتكم انكم كلما قرأتم موازين رسائل النور استفدتم اكثر.
نعم، يا اخي ان تلك الرسائل قوت وغذاء لانها مستقاة من القرآن الكريم، فكما يستشعر الانسان الحاجة الى الغذاء يومياً، يستشعر الحاجة الى هذا الغذاء الروحانى ايضاً. فلا يسأم من القراءة من انكشفت روحه وانبسط قلبه من امثالكم. فهذه الرسائل القرآنية لا تشبه الرسائل الاخرى، فهى ليست من انواع الفاكهة كي تُسئم بل هى غذاء..
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***

_____________________
1 تأريــخ وصــــول الـرســـالة الـــى السـيد رأفــت.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 84
[حول الزيدية]
5 شباط 1934
باسمه
(وان من شيء الا يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المدقق المشتاق السيد رأفت!
ثانياً: ان سؤالكم حول الامام زيد 1، إمام أهل اليمن سؤال ذو اهمية ويُمن الاّ انه صادف وقتاً لا يُمن فيه حيث الوضع لا يسمح، وذهني مسدود و... و... إلاّ انني اقول:
ان الامام زيداً من السادات العظام، ومن ائمة اهل البيت، وهو الذي ردّ غلاة الشيعة قائلاً: اذهبوا انتم الروافض، ولا يقر بالتبرئة من ابي بكر و عمر رضي الله عنهما، بل يقرّ بخلافتهما ويجلّهما. وان اتباعه هم اعدل الشيعة واقربهم الى السنة، فهم يتصفون بالانصاف وقبول الحق بسرعة.. وستستقيم - باذن الله - عدول الزيديين عن أهل السنة والجماعة وسيلحقون بأهل السنة والجماعة و يمتزجون معهم.
ان هذا الزمان الاخير يضطرب كثيراً، وتشعر فتنة آخر الزمان هذه بولادة امور عجيبة. سلامي الى من له علاقة بالرسائل
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***
_____________________
1 (79 - 122هـ) هو زيد علي بن الحسين بن علي بن ابي طالب: الامام، يقال له: »زيد الشهيد« وقال ابو حنيفة: ما رأيت في زمانه أفقه منه ولا أسرع جواباً ولا أبين قولاً. بايعه اربعون ألفاً من اهل الكوفة على الدعوة الى الكتاب والسنة ثم انصرفوا عنه ونشبت معارك انتهت باستشهاده في الكوفة. (عن الاعلام باختصار) وانظر البداية لإبن كثير (9/329) المترجم .



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 85
[يمكنكم مجالسة سعيد]
15 شباط 1934
باسمه
(وان من شيء الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ثانياً:... وقد قلت لكم سابقاً: لا اهمية لشخصي "سعيد" كي يُرغب في مجالسته ومحاورته.
أما "سعيد" الذى هو استاذكم فيمكنكم مجالسته ومحاورته كلما فتحتم رسالة من الرسائل.
أما "سعيد" الذى هو اخوكم في الآخرة، فهو معكم صباح مساء في الدعاء والتضرع الى المولى الكريم. فالسيد "سزائي" يمكنه ان يرى استاذه واخاه "سعيد" في اي وقت يشاء.
أما شخص "سعيد" فيندم بعض من يراه، حسب المثل "تسمع بالمعيدى خير من ان تراه" 1 ويقول: ليتني لم اره! انه شبيه بطبل حسن الصوت من البعد فارغ في القرب.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***
_____________________
1 المثل للنعمان بن منذر اورده الميدانى (655) 1 / 178 والعسكري في جمهرة الامثال 1 / 266 والزمخشري في المستقصى" 1 / 148، وابن منظور في لسان العرب مادة (معد) - المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 86
[حول آل العباء]
14 نيسان 1934 الاربعاء
باسمه
(وان من شيء الا يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي العزيز الوفي المدقق المهتم، السيد رأفت!
ان سؤالكم في هذه المرة ذو جهتين:
الاولى: جهة آل العباء، وهى سر، لست اهلاً لذلك السر لأجيب عن سؤالكم، أو لا يمكن التعبير عن كل سر بالكتابة، لأن جلوة من جلوات الحقيقة المحمدية تظهر في آل العباء.
اما الجهة الثانية الظاهرية: فهى واضحة مبينة في كتب الاحاديث كصحيح مسلم 1، برواية ام المؤمنين عائشة الصدّيقة رضى الله عنها وهي:
(خرج النبىصلى الله عليه وسلم غداة وعليه مرطٌ مرحّلٌ من شعر اسود فجاء الحسن بن علي فأدخله ثم جاء الحسين فدخل معه ثم جاءت فاطمة فادخلها ثم جاء علي فادخله ثم قال:
(انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس اهل البيت ويطهركم تطهيرا) (الاحزاب:33).
وامثال هذا الحديث الشريف موجودة في الصحاح الستة بروايات مختلفة تبين آل العباء 2.

_____________________
1 برقم 2424. وانظرفضائل الصحابة 61 .
2 وللـحديث طرق كثـيرة. انـظر المسند 48، 107، 6/292، 296، 298، 304 والبخاري في التاريخ الكبير 1/2/69 والحاكم 3/147 والترمذي واحمد في فضائل الصحابة برقم 987،1149، 1404، 1170، 1392 وذكر الهيثمي في المجمع 9/166 والسيوطي في الدر المنثور 5/198 له طرق كثيرة مع مخرجيها عن عدد من الصحابة رضي الله عنهم. اخرج الطبراني في الاوسط عن عليٍ أنه دخل على النبي# وقد بسط شملهً فجلس عليها هو وعلي وفاطمة والحسن والحسين، ثم اخذ النبي بمجامعه فعقد عليهم ثم قال:"اللهم ارضَ عنهم كما انا عنهم راضٍ" قال الهيثمي (9/169): رجاله رجال الصحيح غير عبيد بن طفيل وهو ثقة، كنيته ابو سيدان ا هـ. عن حياة الصحابة 4/105.المترجم.



عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 03-23-2011
  #9
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الملاحق


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 87
وقد قال احد الفاضلين للاستشفاء والاستشفاع 1:
لي خمسة اطفى بها نار الوباء الحاطمة المصطفى والمرتضى وابناهما والفاطمة
اكتفيت بهذا القدر حالياً، لا تتألم. سلامي لكل من ذكرتموه في رسالتكم فرداً فرداً، وادعو لهم.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***

[تهنئة بولادة طفلة]9/مايس/1934 الاربعاء

باسمه سبحانه
(وإن من شيء الاّ يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
اخي العزيز الوفي المدقق السيد رأفت!. اولاً:
ان قدوم طفلتكم المباركة الى الدنيا، فأل خير لكم. اهنئكم عليها. وستنال باذنه تعالى فيضاً من انوار الآية الكريمة
(وليس الذكر كالانثى) (آل عمران:36). إذ الإبنة التي رزقتم بها - كما رزق اخونا عاصم - تجعلاكما في ظني اهلاً لمزيد من التهنئة والتبريك؛ ذلك لان اهم اساس في مشربنا هو "الشفقة" والبنات بطلات الشفقة والحنان، وهن المخلوقات المحبوبات. انني اعتقد ان الاولاد الذكور فى هذا الزمان اكثر خطراً من الاناث.
_____________________
1 ورد في مجموعة الاحزاب للكموشخانوي جزء 2 ص 505 في دعاء دفع الطاعون. وفيه: لي خمسة اُطفئ بها حر الوباء …الخ. المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 88
أسأله تعالى ان يجعلها مبعث سلوان وانس لكم، ويجعلها كملاك صغير يجول في بيتكم. وافضّل ان يكون اسمها "زينب" بدلاً من "رنكى كول".
ثانياً:
ان ما كتبتموه انت والسيد شريف حول رسالة "حكمة الاستعاذة" و"اسرار البسملة" افادات مقتضبة جداً بحيث لا يفهم أهو تقدير ام نقد؟ علماً انني قلت مكرراً ان كل شخص ليس محتاجاً الى ادراك كل مسألة من مسائل كل رسالة، بل يكفيه ما فهم منها.
ثالثاً:
ان عالم المثال برزخ بين عالم الارواح وعالم الشهادة، فهو شبيه بكل منهما بوجه. حيث ان احد وجهيه ينظر الى ذاك والآخر الى هذا.
مثلاً: ان صورتك المثالية فى المرآة شبيهة بجسمك وهي لطيفة كروحك في الوقت نفسه. فذلك العالم، عالم المثال، ثابت قطعاً كقطعية ثبوت عالم الشهادة وعالم الارواح 1 فهو مشهر العجائب والغرائب وهو متنزّه اهل الولاية، فكما ان القوة الخيالية موجودة في الانسان الذي هو عالم صغير، كذلك عالم المثال موجود في العالم الذي هو انسان كبير بحيث يؤدي تلك المهمة. فهذا العالم ذو حقيقة. فكما تخبر القوة الحافظة في الانسان عن اللوح المحفوظ فالقوة الخيالية ايضاً تخبر عن عالم المثال.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***
_____________________
1 اعتقد ان وجود عالم المثال مشهود. وتحققه بديهى كبداهة عالم الشهادة، حتى ان الرؤيا الصادقة والكشف الصادق، والتمثلات في الاشياء الشفافة، ثلاث نوافذ مطلة من هذا العالم الى ذلك العالم بحيث تظهر للعوام وللناس كلهم جوانب من ذلك العالم. المؤلف



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 89
[اللطائف العشر]20 حزيران 1936 الاربعاء
باسمه
(وان من شيء الا يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المهتم السيد رأفت!
تسألون في رسالتكم عن اللطائف العشر، انني الآن لست في حالة تدريس الطريقة الصوفية. والعلماء المحققون النقشبنديون لهم آثار حول اللطائف العشر.
فوظيفتنا في الوقت الحاضر استخراج اسرار القرآن الكريم، لا نقل المسائل الموجودة. فلا تتألم، لا استطيع سرد التفاصيل. الاّ انني أقول:
ان اللطائف العشر لدى الامام الربانى هى: القلب، الروح، السر، الخفي، الاخفى، ولكل عنصر من العناصر الاربعة في الانسان لطيفة انسانية بما يناسب ذلك العنصر. وقد بحث اجمالاً عن رقي كل لطيفة من تلك اللطائف واحوالها في كل مرتبة من المراتب اثناء السير والسلوك.
اننى ارى: ان في الماهية الانسانية الجامعة، وفي استعداداتها الحياتية، لطائف كثيرة، ولكن اشتهرت عشرة منها. وقد اتخذ الحكماء والعلماء الظاهريون تلك اللطائف العشر ايضاً وبصورة اخرى اساساً لحكمتهم، كالحواس الخمس الظاهرية والخمس الباطنية كنوافذ تلك اللطائف العشر او نماذجها.
وللطائف العشر الانسانية علاقة مع اللطائف العشر لدى اهل التصوف - كما هو متعارف بين العوام - فمثلاً: الوجدان، الاعصاب، الحس، العقل، الهوى، القوة الشهوية، القوة الغضبية وامثالها من اللطائف اذا اضيفت الى القلب والروح والسر تظهر اللطائف العشر في صورة اخرى.
وهناك لطائف كثيرة غير هذه المذكورة، كالسائقة والشائقة والحس المسبق - قبل الوقوع - فلو كتبت الحقيقة حول هذه المسألة، لطالت. لذا اضطررت الى الاقتضاب لضيق الوقت.


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 90
[المعنى الحرفي والاسمي]
أما سؤالك الثاني: إذا نظرت الى المرآة من حيث انها زجاجة، فانت ترى مادتها الزجاجية، وتكون الصورة المتمثلة فيها شئ ثانوى، بينما ان كان القصد من النظر الى المرآة رؤية الصورة المتمثلة فيها، فالصورة تتوضح امامك حتى تدفعك الى القول
(فتبارك الله احسن الخالقين) (المؤمنون: 14) بينما يبقى زجاج المرآة أمراً ثانوياً.
فالنظرة الاولى تمثل "المعنى الاسمي" اي: زجاجة المرآة معنى مقصود، وصورة الشخص المتمثلة فيها "معنى حرفي" غير مقصود.
اما النظرة الثانية فصورة الشخص هي المقصودة، فهي اذن معنى "اسمي" أما الزجاج فمعنى حرفي.
وهكذا ورد في كتب النحو تعريف الاسم انه: دلّ على معنى في نفسه. اما الحرف فهو الذي: دلّ على معنى في غيره.
فالنظرة القرآنية الى الموجودات تجعل الموجودات جميعها حروفاً، اى انها تعبّر عن معنى في غيرها، بمعنى انها تعبّر عن تجليات الاسماء الحسنى والصفات الجليلة للخالق العظيم المتجلية على الموجودات.
أما نظرة الفلسفة - المادية - الميتة فهي تنظر على الاغلب بالنظر الاسمي الى الموجودات، فتزل قدمها الى مستنقع الطبيعة.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 91
[مسلم غير مؤمن ومؤمن غير مسلم]27حزيران 1934 الاربعاء
باسمه
(وان من شيء الا يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز المستفسر والمغالي في البحث والتحري، السيد رأفت!
ان ذكاءك الفائق وملاحظتك الدقيقة يدفعانى الى ان اجيب باختصار عن اكثر اسئلتكم، فلا تتألم، رغم اني اريد محاورتك الاّ ان الوقت لا يسمح.
ان معنى مسلم غير مؤمن ومؤمن غير مسلم هو الآتى:
كنت ارى - في بداية عهد الحرية 1 - ملحدين داخلين ضمن الاتحاديين يقولون: ان في الاسلام والشريعة المحمدية دساتير قيمة شاملة نافعة جداً وجديرة بالتطبيق للمجتمع البشري ولاسيما للسياسة العثمانية. فكانوا ينحازون الى الشريعة المحمدية بكل ما لديهم من قوة، فهم من هذه النقطة مسلمون، اي يلتزمون الحق ويوالونه، مع انهم غير مؤمنين، بمعنى انهم اهل لان يدعون: مسلمون غير مؤمنين.
أما الآن فهناك من يعتقد بنفسه الايمان، فيؤمن بالله ورسوله واليوم الآخر. الاّ انه يوالى التيارات المناهضة للشريعة والموافقة للاجانب، تحت اسم المدنية. ولما كان لا يلتزم بقوانين الشريعة الاحمدية التي هي الحق والحقيقة ولا يواليها موالاة حقيقية، فيكون اذن مؤمناً غير مسلم. ويصح القول: كما ان الاسلام بلا ايمان لا يكون سبباً للنجاة كذلك الايمان بلا إسلام - على علم - لا يصمد ولا يمنح النجاة.
سؤالكم الثاني: الاجل المبرم والمعلق، فهو بتعبير آخر: الاجل المسمى وأجل القضاء، كما تعلمون.
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***

_____________________
1 وهو عهد الاعلان الثاني للدستور، اى المشروطية الثانية وتم ذلك في سنة 1908 من قبل السلطان عبدالحميد الثانى. المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 92
[الفقه الاكبر والمسائل الفرعية]باسمه
(وان من شيء الا يسبح بحمده)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخي العزيز الوفي المدقق السيد رأفت!
ان افضل جواب واسهله والحامل للرخصة الشرعية هو جوابكم انتم. فقد قال شرح الملتقى "للداماد" وفي مرقاة الفلاح: كفارة واحدة كافية لشهري رمضان. فكفارة واحدة كافية لوقائع متعددة لان التداخل موجود. وقد قالا: هو الصحيح.
وهناك العزيمة والرخصة في هذه المسألة من زاوية نظر الحقيقة. فالعزيمة ان لكل رمضان كفارته ان كان الشخص يطيق. اما جهة الرخصة فبمقتضى التداخل، فالفرض كفارة واحدة لعدة شهور رمضان. وتظل الكفارات المتفرقة في درجة المستحبات. ولان معنى العقوبة ومعنى العبادة مندرجان في هذه الكفارة فلا يكره عليها. فضلاً عن التداخل.
اننا منهمكون باسس الايمان المسمى بالفقه الاكبر، فلا يتوجه ذهني توجهاً جاداً في الوقت الحاضر الى نقل دقائق المسائل الفرعية ومراجعة مصادر المجتهدين ومداركهم، ولا يخفى عليكم ان الكتب ايضاً ليست متوفرة لدي. فضلاً عن انه لا متسع لي من الوقت كي اراجعها. علاوة على ذلك فان علماء الاسلام قد بحثوا هذه المسائل بتدقيقات صائبة بحيث لم تدع حاجة الى تدقيقات عميقة في الفرعيات. فلو كنت اشعر بالحاجة الحقيقية لكنت اراجع المصادر القيمة للمجتهدين حول هذه المسائل وامثالها وكنت ابينها لك. وربما لم يأت بعد زمن الانشغال بمثل هذه الحقائق..
الباقي هو الباقي
اخوكم
سعيد النورسي
***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 93
مسألة تخص الاقتصادايها الانسان ويا نفسي!
اعلم يقيناً ان بدنك واعضاءك ووجودك ومالك وحيواناتك التي انعمها الله سبحانه عليك ليس للتمليك بل للاباحة. اى: أنه ملّكك ملكه لتستفيد، وأباحه لك للانتفاع ولم يملّكه لك ملكاً. فمثلك العاجز عن ادارة المعدة - التي هي اسهل ادارة واظهرها والداخلة ضمن الاختيار والشعور - كيف تكون مالكاً للعين والاذن وامثالهما من الحواس التي تستدعي ادارة خارجة عن دائرة الاختيار والشعور.
فما دامت الحياة وما تتطلبها من امور لم تُمنح لك للتمليك بل للاباحة. فما عليك الاّ العمل وفق دستور الإباحة، اى بمثل المضيّف يستضيف ضيوفاً ويبيح لهم الانتفاع مما وضع امامهم في المجلس من دون تملك لها، اذ قاعدة الاباحة والضيافة هي التصرف ضمن رضى المضيّف. فلا يمكن اسراف فيما ابيح للضيف ولا اكرام احد بشئ منه ولا التصرف فيه ولا تضييعه والعبث به، اذ لو كان تمليكاً لكان يستطيع ان يتصرف فيه وفق رغباته واهوائه.
فمثل هذا تماما؛ لا يجوز الانتحار وانهاء الحياة التي وهبها لك الله سبحانه اباحةً، ولا يمكنك ان تفقأ عينك اي تفقأها معنىً باختلاس النظر الى محرمات لا يرضى بها أصحابها. وكذا الاذن واللسان والانف وما شابهها من الجوارح والحواس والاجهزة لا يمكن قتلها معنى بالولوج في الحرام. فينبغى التصرف في جميع النعم في الدنيا وفق شريعة المضيّف الكريم.
سعيد النورسي

***


الملاحق - ملحق بارلا، ص: 94
انذار نهائي الى مفتى "اكريدر"
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
سادير معكم محاورة، لكونكم صديقاً قديماً وزميلاً في العلم.
انني اخبركم عن مصيبة دينية عظمية تتعلق بكلينا، فلنسع معاً لدرء هذه المصيبة ورفعها. وهي كالآتى:
في الوقت الذي ينبغي ان يكون شخصكم الكريم اكثر اهتماماً وأزيد تأييداً لعملنا للقرآن والايمان وأسبق الناس في الذود عنه. نراكم مع الاسف تنظرون الينا نظرة باردة تنطوي على روح المنافس، حتى اتخدتم منا موقف المنحاز المناوئ، لاسباب مجهولة. بل سعيتم في تعيين ابنكم مديراً في هذه القرية 1 ومن ثم ايجاد مؤازرين واصدقاء له، مما آل الامر الى حالة ترتعد فرائصي بدلاً منكم كلما فكرت في ماهيتها. وذلك لانكم السبب والمسؤول عن الخطايا والآثام الناشئة من هذه الحالة، وذلك وفق قاعدة "السبب كالفاعل".
فكما لا يتحول السم الى ترياق بمجرد التسمية كذلك اطلاق اي اسم كان على اوضاع هيئة تضمر روح الزندقة وتهيئ الامور للالحاد، لا يغير من الامر شيئاً. فليطلق عليها اي اسم كان، سواءً: الوطن الشاب، او الوطنيين الميامين، فالمعنى لا يتغير. اذ الهيئات الموجودة في اماكن اخرى التى تتسمى بمنظمات الشباب ومجالس القوميين الاتراك، ومحافل التجدد، وما شابهها من الاسماء يمكن ان توجد في اشكال اخرى من دون ان تولد ضرراً، ولكن، سعي تلك الهيئة في هذه القرية وباصرار ضدنا لا تكون الا فى سبيل الزندقة، وذلك لاننا منهمكون دوماً في خدمة الايمان وحقائق الدين فحسب منذ ثماني سنوات.
فلا شك ان اعمال الهيئة العاملة الجاهدة ضدنا تكون في سبيل الالحاد خلافاً لاصول الدين، بل حتى تحسب اعمالها في سبيل الزندقة، فالنتيجة هي هذه، سواءً علمت بها أم لم تعلم، اذ قد تبين لدى الجميع انه لا علاقة لي قطعاً بالتيارات السياسية، بل نحن ننشغل بالحقائق الايمانية وحدها.
_____________________
1 وهو الذي يذكره الاستاذ النورسي في المسألة السابعة من المبحث الرابع للمكتوب السادس والعشرين - الشخص الثاني. ص435 (المكتوبات). المترجم.



الملاحق - ملحق بارلا، ص: 95
فالآن لو عمل احد عملاً ضدنا فلا يعد عمله في سبيل الحكومة، لان مسلكنا ليس سياسياً، ولا يكون ايضاً فى سبيل مستحدثات الامور، لأن شغلنا الشاغل الحقيقي هو الاسس الايمانية والقرآنية، ولا يكون ايضاً في سبيل الاوامر الرسمية لدائرة الشؤون الدينية. لأن الانشغال بانتقاد اوامرها ومعارضتها يشغلنا عن عملنا المقدس. فندع ذلك العمل للآخرين ولا ننشغل به. بل نحاول الاّ نمس تلك الاوامر على قدر المستطاع.
لذا فان الذى يتخذ سلوك المخالف لنا والمتعدي علينا، فان مخالفته هذه تعد فى سبيل الزندقة والالحاد، أياً كان اسمه، حيث ان هذه القرية اصبحت مدار تيار ايماني طوال ثماني سنوات.
ومن هنا فان الوضع الناشئ، وضع جاد مهم يتعلق بكلينا، استناداً الى علمكم ومقامكم الاجتماعي ومنصبكم، منصب الفتوى، ونفوذكم فى هذه المناطق، ومعاونتكم لابنكم تلك المعاونة الناشئة من عطفكم المفرط على الاولاد.
ان بقائى هنا ليس دائمياً بل هو موقت، وانا لست مكلفاً لاصلاح ذلك الوضع بل يمكن ان اتخلّص من المسؤلية الى حدّ ما. ولكن جنابكم العالي، لكونكم السبب في الامر ونقطة الاستناد فان النتائج الوخيمة التي تنشأ من ذلك الوضع يترتب عليكم اصلاحها قبل كل شئ، وذلك لئلا تسجل فى سجل اعمالكم الاخروي. او تسعون فى سحب ابنكم من هذه القرية.
سعيد النورسي
***

عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الملاحق - ملحق امير داغ الثاني عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 9 03-23-2011 06:12 PM
الملاحق - ملحق اميرداغ الاول عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 9 03-23-2011 05:54 PM
الملاحق - ملحق قسطموني عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 14 03-23-2011 05:34 PM
من أسماء القرآن«عربي مبين» صفة لكتاب الله وحجة للحق نزل بلسان العرب ليتحدى فصاحتهم عبدالقادر حمود المواضيع الاسلامية 0 12-17-2010 09:55 AM


الساعة الآن 01:05 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir