أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           الحَمْدُ لله الذِي عَافَانِي في جَسَدِي ورَدَّ عَلَيَّ رُوحِي، وأَذِنَ لي بِذِكْرهِ           
العودة   منتديات البوحسن > المنتديات العامة > ركن بلاد الشام

ركن بلاد الشام عن أبي أمامة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : (صفوة الله من أرضه الشام ، وفيها صفوته من خلقه وعباده ، ولتدخلن الجنة من امتي ثلة لا حساب عليهم ولا عذاب .) رواه الطبراني

إضافة رد
قديم 05-24-2010
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي هل سمعت عن سجن القلعة ؟؟ تحقيق مصور عن سجن ضم الكثير من الحكايا ( 1954 )

هل سمعت عن سجن القلعة ؟؟ تحقيق مصور عن سجن ضم الكثير من الحكايا ( 1954 )



أخبار من صحف زمان




ننشر في هذه الزاوية اليوم تحقيقا موسعا عن سجن قلعة دمشق الشهير يتضمن الكثير من الحاكايا حول تاريخ وتفاصيل هامة اوردتها مجلة "الجامعة" التي كانت تصدر في دمشق.




سنبدأ ايضا ضمن سلسلة المواد المنشورة في هذا الباب باستعراض اهم محتويات بضع المجلات والصحف السورية التي تعلق نتاحها بالشأن المحلي.

وسننتقل على محور الزمن الى الامام قليلا لنتجاوز فترة الاحتلال الفرنسي ، ونقترب من مرحلة الحمسينيات.

ويمكن القول بانه صدر في تلك الفترة ثلاث مجلات كانت معروفة في حينه له ذات الطابع ، هي الدنيا لعبد الغني العطري ، والرقيب لعثمان شحرور ، والجامعة لنشأة التغلبي.

وسنبدأ اليوم بمجلة الجامعة لنشأة التغلبي الذي عمل محررا في اكثر من صحيفة في ثلاثينات القرن الماضي ثم اصدر جريدة اسبوعية اسمها عصا الجنة ، وبدل اسمها الى "الجامعة" في العام 1954 وبقيت تصدر حتى العام 1958.

شغل التغلبي منصب مدير الاذاعة السورية وكان مسؤولا عن تحرير مجلتها.

واليوم سننشر تحقيقا اجرته المجلة عن سجن القلعة ، السجن الذي شهد احداثا كثيرة وكبيرة على مدى عقود طويلة ، قبل ان تتم ازالته نهائيا في العام 1985.





قضينا ثلاث ساعات في السجن

هذه القلعة الأثرية ، التي ليس فيها شيء من الآثار يجب أن تهدم

‘‘ درج الموت ’’ في أعماق السجن ــ كيف فر لورنس الشعلان من النافذة !.

مجلة الجامعة – 14 اذار - 1954


حرس مدجج بالسلاح ...

وأفراد من سلاح الدرك يدخلون ويخرجون وسيارات سوداء مغلقة تروح وتغدو وعلامات استفهام كبرى ، مقرونة بالرهبة والخوف يرسمها المارة أمام ( المكان ) الذي توجهت إليه (( الجامعة )) هذا الأسبوع .. هذا ( المكان ) هو سجن دمشق المدني الذي تعارف الناس على تسميته بسجن القلعة .






إلى السجن

لقد دخلت (( الجامعة )) السجن هذا الأسبوع بمحض رغبتها واختيارها ، دون أن تصدر بحقها مذكرة توقيف ، أو حكم قضائي ــ مثلا ــ دخل السجن اثنان من محرريها ومصورها (( أزاد )) لتعطي لمن خارجه صورة صادقة عما في داخله من باب العلم بالشيء أولا ً ومن باب ( الإصلاح ) غير المباشر ثانيا ، ومن باب الاطلاع على ما يدور بين جدران السجن ثالثا ..

وهكذا توجهت الجامعة إلى السجن .. ومنذ أن اجتازت السيارة بنا الأمتار الأولى من الطريق الواقع أمام السجن ، بدأ جوه الرهيب بالظهور ، فالحرس المدججون بالسلاح ، يرقبون الداخلين والخارجين ــ على السواء ــ بحذر ، وريبة ، واهتمام . ولكننا اجتزنا الطريق بسلام ، بفضل النجوم الثلاث التي تربعت على كتف رئيس الشعبة الثانية في سلاح الدرك الذي كان يرافقنا في جولتنا . ونتوجه إلى فناء السجن ، ونترجل من السيارة ، ونجتاز الباب الحديدي الضخم الذي يفصل بين عالم الحرية وعالم الظلام ، ونجيب بالنفي على سؤال وجهه إلينا الحارس وهو :

_ هل لدى أحدكم أسلحة ؟


عشرة آلاف سنة

وكالعادة ، التي لمسها القارئ في ريبورتاجاتنا السابقة ، جلسنا نتحدث إلى المدير ليمكن لنا أن نعطي القارئ فكرة واضحة قدر الإمكان عما يتعلق بالغاية التي جئنا من أجلها .

وإذ نعلم أن عدد المسجونين يبلغ حوالي ألف سجين ، تتراوح مددهم بين التوقيف المؤقت ، والسجن المؤبد ــ باستثناء المحكومين بالإعدام ــ نوجه إلى المدير سؤالا طريفا هو :


ويعمل المدير تفكيره قليلا ً ثم يقول:


نداء إلى أهل الخير

ويحدثنا المدير بأسف ومرارة عن ناحية إنسانية شديدة الأهمية ، نرجو أن نجد لدى القارئ الكريم صدى يستصرخ ما لديه من عواطف نبيلة ، وأحاسيس كريمة .


إن هذه ناحية شديدة الحساسية من الوجهة الإنسانية ، وهي ولا شك ، تثير ضمير الناس الحقيقيين ، فالسجين إنسان قبل كل شيء ، وليس من شأننا أن نبحث الأسباب التي دعته إلى دخول السجن ، وفي اعتقادنا ، أن تنازل المواطنين عن الفائض لديهم من الملابس القديمة لهؤلاء التعساء هو أمر تتطلبه الإنسانية وتدعو إليه .


45 قرشا ً .. يوميا ً

ونفهم خلال الحديث ، أن ميزانية السجن مرتبطة مباشرة بوزارة الدفاع الوطني ، وان (( الميزانية )) المخصصة لطعام السجين في اليوم الواحد هي خمسة وأربعون قرشا ً فقط . فإذا كان للسجين من الأقارب من يهتم به ، أرسل له طعامه ، أما إذا كان غريبا ً عن المدينة ، أو عن البلاد ، كان الله في عونه لأنه سيضطر لإقامة أوده بتلك القروش الخمسة والأربعين المخصصة له يوميا ً .

25 محكوما ً بالإعدام .

ونلاحظ في غرفة المدير لوحا ً أسود يحتوي على جدول موجز بعدد النزلاء ، وأنواع أحكامهم ، ويلفت نظرنا في أعلى اللوح رقم موجود إلى جانب عبارة رهيبة هي (( المحكومون بالإعدام )) أما عددهم فهو خمسة وعشرون محكوما ً .

ويعلق المدير على ملاحظاتنا بشأن هؤلاء بقوله :


((سجن المدارس ))

بعد هذه المقدمة الموجزة نبدأ جولتنا في أرجاء السجن ، ومن مجمل هذه الجولة تلفت نظرنا ظاهرة تجتذب الانتباه حقا ً هي كثرة الصفوف المدرسية في السجن . ويعلق المدير على ذلك ضاحكا ً :

ــ إننا نعتدي على مهمة وزارة المعارف ، (( فالمدارس )) تحتل جانبا ً كبيرا ً من غرف السجن ، ولدينا نسبة عالية من الطلاب تبلغ حوالي مائتي طالب ، وهذا عدد كبير بالنسبة لمجموع السجناء ونسأل باهتمام :

ــ ومن أين تؤمنون الأساتذة اللازمين لهؤلاء الطلاب .

فيبتسم المدير وهو يجيب :

ـ حتى الأساتذة موجودون في السجن .. فإن بين السجناء من هم على درجة من الثقافة تتيح لهم القدرة على تعليم زملائهم ، والدراسة كلها تتم بإشراف وتوجيه وزارة المعارف التي خصصت لنا أحد موظفيها لهذه الغاية .

ونسأل :





سجين زندا

هل رأيت فيلم (( سجين زندا )) الشهير ؟ إذا كنت لم تره بالذات ، فإنك ولا شك شاهدت فيلما ً أخر عن السجون الرهبة المظلمة ، ذات الأفنية والسراديب . فإذا كنت شاهدت مثل هذه الأفلام ، فقد شاهدت سجن القلعة ، لأنه كذلك .

ويرتفع صليل السلاسل الضخمة على باب إحدى غرف السجن ، ويدير الحارس مفتاحا ً ضخما ً ، في القفل الضخم ، وندخل لنرى المذنبين الذين حشروا في تلك الغرفة ، وكانوا يلبسون ملابسهم العادية ، وقد تكدست أغراضهم الخاصة كالحقائب والملابس ، وأدوات الطعام ، تكدست هذه كلها أمامهم .


هنا سجن القلعة .

ونغادر الغرفة ، ونمشي في الفناء .. فنرى غرفة دهنت جدرانها باللون الأزرق وقد كتب عليها كلمة (( الإذاعة )) ونقف مدهوشين ، فالذي نعرفه أنه ليس في سوريا سوى محطتين أولاهما في دمشق ، وثانيتهما في حلب .. إذن فمن أين أتت هذه الإذاعة!!!

ويلحظ المدير دهشتنا فيبتسم ويقول إن هذه الإذاعة ، هي إذاعة ( محلية ) تبث برامجها لنزلاء السجن فقط ، ويشرف عليها مهندس فني من النزلاء أيضا ً . وندخل إلى ( الإذاعة ) فنرى الأجهزة المعتادة ، ونرى المهندس عاكفا ً على فحص جهاز تسجيل على الأشرطة . ولهذا (( المهندس قصة )) ، نرى من المستحسن ذكرها ، كمثال على قوة الإرادة ومضاء العزيمة ، فهو محكوم بعشر سنوات ومع ذلك عكف على دراسة هندسة الراديو والتلفزيون بالمراسلة مع إحدى مدارسها في أميركة ، واستطاع ــ خلال سنة ــ أن ينهي دراسة الراديو ــ وبدأ بالتلفزيون ، وهو الآن يتلقى دروسه من أميركة باللغة الانكليزية ليطبقها ويمضى في تحصيله هذا .


مشاغل الأحذية

وندخل إلى غرفة واسعة . تطالعنا فور ولوجنا إياها رائحة الجلود والمواد التي تصنع منها الأحذية الموجودة في السجن .

وتقوم هذه المشاغل بصناعة ما يقارب أربعين حذاء يوميا ، وهي أحذية عسكرية تصنع لصالح القوى المسلحة على اختلافها ، وصناعتها متقنة جدا ً بصورة تشهد لصانعيها بطول الباع في هذه المهنة .






مشاغل الملابس .

وخلال طوافنا في أرجاء السجن ، نقترب من غرفة تطالعنا من خارجها أصوات (( الماكينات )) التي نسمعها في حوانيت الخياطين . ويتحقق ظننا ، إذ نشاهد الغرفة الواسعة أشبه بخلية نحل ينهمك العمال فيها بصناعة الملابس ــ وهي عسكرية أيضا ً ــ ونرى صفا ً طويلا ً من آلات الخياطة الكهربائية . ويختص هذا القسم ، بالدرجة الأولى بصنع السترات العسكرية . وينتج عددا ً كبيرا ً منها كل يوم ، متقن الصنع ، واضح المتانة .

مشاغل الخرز

ونلحظ في بعض غرف السجن صناعة جميلة ، تدل على الفن والذوق ، وهي صناعة (( الخرز )) فإن بعض السجناء قد اختصوا بهذا النوع من الصناعة ، ومضوا يصنعون محافظ للنقود من الخرز بإتقان عظيم ، بعد أن يزينوها بالألوان المأخوذة من الخرز نفسه .. ويا حبذا لو أن مديرية معرض دمشق الدولي أفردت هذا النوع من الصناعة الجميلة يستهوي الأجانب كثيرا ً ، وندرا أن يأتي سائح إلى البلاد دون أن يصطحب معه من هذه المحافظ عدداً غير قليل ...

وبعد أن ينتهي السجين من صنع المحفظة ، يقدمها لإدارة السجن التي تضع عليها خاتما ً خاصا ً ، وتباع هذه المحافظ لحساب السجناء بعد اقتطاع نسبة معينة لصالح إدارة السجن طبقا ً للقوانين الموضوعة .

العلم نور

وفي غرفة واسعة أيضا ً . نرى خزانة كتب ، وصورا ً عديدة لأعلام الفكر علقت على الجدران ، ونسأل عن طبيعة هذا المكان فنعلم أنه يضم في المكتبة وصفا ً للدراسة الثانوية وإلى جانبه باب يؤدي إلى غرفة المستشفى ، أما المكتبة ، فتضم حوالي ألف كتاب ،أهديت للسجن من مختلف الدوائر والنوادي ، والأشخاص ، وهي تبحث في مختلف المواضيع وإن كان أكثرها يدور حول المواضيع النفسية العملية ، ككتاب (( دع القلق وابدأ الحياة )) و (( أتح لنفسك فرصة ))و (( تحليل الشخصية )) وغيرها .


الفرن

.. وننزل في أحد الأقبية لتطالعنا رائحة الدقيق والخبز ونفهم أن هذا المكان هو الفرن وبالسؤال نعرف أن هذا الفرن ينتج يومياً ما يكفي جميع السجناء بواقع ثلاثة أرغفة لكل منهم ، وطبيعي أن عمال الفرن هم من السجناء أنفسهم ، ويتقاضى الواحد منهم خمسة عشر قرشا يوميا ، لقاء عمله هذا بالإضافة إلى جعله اليومي .

قسم النساء

وفي مكان منعزل عن الغرف الأخرى ، يقوم قسم النساء من السجينات وهن يبلغن الآن (( أربع عشرة )) امرأة ، تتراوح جرائمهن بين القتل والسرقة والمسائل الأخلاقية وبينهن أربع أمهات لأطفال أبرياء قضت الظروف بأن يعيشوا في السجن دون ذنب أو جريمة . وتشرف على هذا القسم السجانة الشهيرة الملقبة (( بأم ياسين )) .. وهي امرأة مرحة محبوبة من سجيناتها ، تشرف على راحتهن وشؤونهن ، وتلبي رغباتهن ، وأن كان ذلك لا يمنع من أن تغلق عليهن الباب الحديدي الضخم وتقفله بمفتاحه الذي لا يفارق يدها . وأم ياسين إلى جانب أنها سجانة ، تقوم أيضا ً بمهمة القابلة عند اللزوم .

الرجل المرأة

وقد تناقلت الصحف اليومية اسم (( أم ياسين )) هذه عندما نشرت قصة السجينة التي زعمت تلك الصحف أنها انقلبت إلى رجل ، وتضاربت أقوالها في هذا الصدد . ولا نرى مانعا ً من إثبات قصة السجينة المذكورة هنا كما رواها لنا مدير السجن بحذافيرها فقد قبض على (( شخص )) يرتدي ملابس نسائية بتهمة دخول البلاد دون جواز سفر ، فحوكم وحكم عليه بالسجن عشرة أيام والإبعاد ، ووضع ـ بالطبع ــ في سجن النساء .. ولكن (( أم ياسين )) اليقظة المنتبهة . لاحظت أن في تصرفات هذه السجينة شيئا ً مريبا ً ، فعمدت إلى مراقبتها ، وإذا بها تكتشف أنها .. رجل . وأبلغت الأمر إلى مديرية السجن التي وضعت السجينة على الفور تحت الفحص الطبي ، فجاء تقرير الطبيب يقول أن السجينة (( خنثي )) أي أنها رجل ولكنه ليس كامل الرجولة ولا يمكنه القيام بمهمة الرجل الجنسية ! والطريف في الموضوع أن إدارة السجن كانت تحار في الكيفية التي تخاطب بها السجينة أبضمير المؤنث أم المذكر ؟ . وانتهت المشكلة عند الإفراج عنها وعنه .

درج الموت

وننزل درجاً ، نرى في زاوية منه منظراً رهيبا ً ، هو منظر المشنقة القديمة التي كانت تستعمل في تنفيذ أحكام الإعدام ، ولكن الجهة ذات العلاقة أهملتها وصنعت واحدة أخرى جديدة . ونصعد درجا آخر مظلما ، هادئا ً هدوءا يقشعر له البدن ، وتزداد القشعريرة حين تعلم أن أجدر لقب يمكن أن يطلق على هذا الدرج هو ( درج الموت ) ذلك أن ارتفاعه يبلغ حوالي خمسين درجة ذات زوايا محددة . وقد علمنا أن المستعمرين الفرنسيين كانوا يستخدمون هذا الدرج لقتل المسجونين من غير المرغوب بهم ، إذ يستدعي الحارس السجين المطلوب قتله إلى أعلى الدرج وهناك يتجاذب معه أطراف الحديث بشكل يثير الانفعال ، فجأة وبدون سابق إنذار يدفع الحارس السجين بقدمه ليهوي من ذلك الارتفاع على الأرض مهشم الرأس ، محطم الجسم وتكون النتيجة الأولى هي الموت حتما أما النتيجة الثانية فتتمثل في تقرير مؤلف من بضعة اسطر يقال فيه أن السجين سقط قضاء وقدرا ً من أعلى الدرج إلى أسفل ، ويسدل الستار على الموضوع عند هذا الحد ..

فرار لورنس الشعلان

واليوم ، تبحث الصحف موضوعا ً مثيراً ، هو موضوع فرار السجين المدعو لورنس الشعلان الذي سبق أن اتهم بقتل اثنين من رجال الجمارك أثناء قيامه بعملية تهريب ، وما كان من فراره والقبض عليه ، ووضعه الدية القانونية ثم قضائه فترة في السجن قبل أن يفر ذلك الفرار الذي لا تزال الصحف تتحدث عنه ..

ولنتمهل هنا قليلا ً لنتساءل كيف فر لورنس ؟

إن الأقوال تتضارب في هذا الشأن وهناك رأيان يتنازع عليهما ذوو العلاقة ، ولكل من الاثنين ما يؤيد رأيه ، وما نريد أن نسوق لك هذا الرأي أو ذاك ، وإنما نقدم لك الرأي الخاص الذي كوناه عن الموضوع بنتيجة الاطلاع على المكان الذي هرب منه ، ومعرفة ظروف الموضوع ..

بدأت القصة أثناء حوادث الانقلاب الأخير ، فقد سمع حارس الغرفة التي يقيم فيه لورنس الشعلان مع سبعة وعشرين محكوما آخرين ، سمع أصوات غناء وتصفيق فسأل المسجونين عن السبب في ذلك فأجابوه بأنهم يحتفلون بسقوط الشيشكلي ، وطبيعي أن الحارس تركهم وشأنهم ، وما علم أنه كانت هناك مؤامرة خطيرة لفرار ثلاثة من السجناء وإن كان المعتقد حتى الآن أن بقية السجناء سوى لورنس واثنين من زملائه ما كانوا يعلمون شيئا ً . وتمخض الصباح عن زجاج نافذة مكسور وقضبان حديدية منشورة وفجوة فاغرة فاها بالإضافة إلى أن لورنس وزميليه لم يكونوا موجودين .

ــ فكيف فر السجناء الثلاثة ؟ ..


والآن ترى الغرفة التي فر منها السجناء الثلاثة وقد أخليت من شاغليها ، وتكدست في جانب منها أمتعة الهاربين الثلاثة وفوقها موقد بترولي كان الهاربون قد أشعلوه ليشترك مع غنائهم وضجيجهم في تغطية صوت نشر الحديد .

حسن توفيق وزملاؤه

وخلال تجوالنا في أرجاء السجن رأينا شبابا احتلت أسماؤهم ذات يوم الصفحات الأولى من الجرائد السورية وهم ( حسين توفيق وزهير اليوسف وعباس الخرسان ) الذين حكموا بالإعدام بتهمة محاولة اغتيال الزعيم أديب الشيشكلي منذ بضع سنوات ثم انزل الحكم إلى السجن المؤبد بالنسبة لأحدهم وبمدد متفاوتة بالنسبة للآخرين وقال لنا زهير اليوسف :

ــ انه ليسرنا أن يكون الأمر الذي ادر كناه منذ أربع سنوات قد أدركه الشعب اليوم يشير بذلك إلى نتيجة الانقلاب الأخير .

القباني الحقيقي

ومنذ أن دخلنا السجن ، وخلال الوقت الذي أمضيناه في السجن ــ وهو ثلاث ساعات ــ كان هناك صوت جهوري مزعج قد ارتفعت عقيرته بمختلف أنواع الغناء والعبارات النابية ، وسألنا عن مصدر الصوت فعرفنا أن صاحبه شخص مختل العقل أوقف بتهمة الاعتداء على أحد رجال الشرطة رغم أنه في حكم المجنون ومن الطريف أن نذكر أن هذا الشخص صاح بمدير السجن أثناء مرورنا به :

ــ أنت اللي حاطط نجمتين على كتفك ، أن مو ( قباني ) صحيح . أنت قباني تقليد .. أن القباني الصحيح .. وننظر إلى الملازم الأول خيرت قباني مدير السجن لنرى صدى هذه الكلمات فنراه يبتسم .

اهدموا هذا السجن

بهذا تنتهي جولتنا في أرجاء سجن القلعة الذي تحدثنا في الأسطر السابقة عما رأيناه فيه . والآن جاء دورنا للكلام عن انطباعاتنا الشخصية لنتيجة هذه الزيارة للسجن الذي مهما قيل في أخلاق نزلائه فإن ذلك القول لا يمكن أن يجعلنا نغفل الحقيقة الواقعة التي تقول بأن نزلاءه هم بشر أولا وأخرا ً بغض النظر عن الأسباب التي أدت بهم إلى النزول في السجن .

وأول ما يلاحظ هو أن البناء الذي يقوم فيه السجن غير صالح لأن يكون سجنا ً على الإطلاق ، فهو بناء قديم متآكل واتصاله ببعض الأسواق اتصالا مباشرا ً يجعل من السهولة بمكان على السجين أن يهرب منه وقد علمنا أن إدارة السجن لا تستطيع أن تقوم بأية إصلاحات في بناء السجن لأن مديرية الأوقاف تعتبره من الآثار ، والآثار لا يمكن المساس بها . وبغض النظر عن أننا لم نر في البناء شيئا ً يستحق الاحتفاظ به كأثر ، فإنه يكفي أن يكون سوء حالته مبررا ً لتبديله .


وبعد

وبعد ، فإننا نطالب المسؤولين بان ينظروا بعناية في أمر هذا السجن ، وأن يعملوا على توفير البناء المناسب ، ذي الشروط الملائمة ، كيلا يبقى السجن في وضعه الحالي ، متنافيا ً مع المبادئ الواجب توفرها في السجون ، كالمتانة والملائمة الصحية لأن السجن ــ كما يقال ــ هو تأديب وتهذيب وإصلاح قبل كل شيء !






سيريا نيوز
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
أعظم وأعجب محاكمة سمعت بها أذن التاريخ‎ حمامة المدينة ركن التاريخ 4 12-03-2010 05:18 PM
ادخلوا القلعة الحصينة المقدسة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 11 07-19-2010 02:28 PM
دمشق منذ نشأتها الى عام 1954؟ عبدالقادر حمود ركن بلاد الشام 1 07-14-2010 11:52 AM
من روائع الحكايا ابوعبدالله القسم العام 4 09-01-2009 01:09 AM
أنتوني روبنز ( هل سمعت بهذا الاسم ؟؟؟) ابوعبدالله القسم العام 2 08-26-2009 05:18 PM


الساعة الآن 01:33 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir