أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 07-23-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي بين الإمامين الشَّافعي والصَّدَفي


بين الإمامين الشَّافعي والصَّدَفي


كم نحن في حاجة إلى هدي السَّلف لنيل الشَّرف! جيل تربَّى على عين الإسلام فتمثَّله حياً في كل الشؤون.
ومما يأسِرُني من تراجم هؤلاء إجلالُ بعضهم بعضاً والتأدب للمخالف في المذاهب أو الرأي أو الفتيا؛ لأنهم لا يَصْدُرون حين يَصْدُرون عن قول أو فتيا إلا بعد تقوىً لله، ونصحٍ لعباده.
وهذا الخُلق العالي في الحوار أو المناظرة أخذوه من هدي الصحابة رضي الله عنهم؛ فهل يعثُر أحدٌ منكم على صحابي قال لأخيه - حين خالفه في قول - ما فيه تسفيهٌ لعقله أو تجهيل لاستنباطه فضلاً عن أن ينسبه للكفر والضلال أو الفسق والابتداع؟!
كلنا وَقَعَ على الحادثة الشهيرة حينما هيَّج النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه للوصول إلى بني قريظة في أعقاب غزوة الخندق بقوله: ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يصلينَّ العصر إلا في بني قريظة))! فالتزم بعضهم ظاهر الكلام فصلَّى في بني قريظة بعد فوات وقت الصلاة، وصلى بعضهم في الطريق خشية فواتها وأقرَّ الرسول صلى الله عليه وسلم الفعلين أي الاجتهادين دون أن ينكر على طائفة ولم تحقِّر طائفةٌ أختَها أنها على الحقِّ وحدها.
كلَّما صدقت النيَّات وخلُصت الأعمال سَادَت المودة وعظم الإخاء، وإذا جادل أحدٌ أخاه في مسألة رجا أن يُسَدِّد الله أخاه، وأن تتَّضح الحقيقة ويظهر مراد الله ومحبوبه على يده.
ألسنا نريد الحق؟ فلا يضيرنا ظهر على أيدينا أو على أيدي من خاصمنا أو خالفنا؟!
هذا ما ينبغي أن يُرَاجَع في هذه الأيام، وتُعَمَّق الأنظار نحوه، وينبغي أن نُشِيعَ فيما بيننا تلك الحوادث والمناقشات والمناظرات في عهد السلف الصالح؛ لتكون مثلاً يُحتذى وعظة ننتفع بها ونستضيء بنورها ونتفيأ ظلالها.
إرادةُ الحق ونِشدانُ الصواب هذا همُّهم وشُغْلهم الشاغل! يقول الإمام الشافعي رضي الله عنه: ما كَلَّمتُ أحداً قطُّ إلَّا أحببتُ أن يُوفق ويُسدَّد ويُعان، وتكون عليه رعاية من الله وحفظ، وما كلمتُ أحداً قط إلا ولم أُبَال بَيَّن اللهُ الحقَّ على لساني أولسانه.
ويقول رحمة الله عليه: ما ناظرت أحداً إلا على النصيحة.
أقول: على النصيحة لا الفضيحة كما نُنَاظِرْ أو نُحاور!!
ويقول أيضاً رضي الله عنه: والله ما ناظرت أحداً فأحببتُ أن يخطئ.
انظر إلى الصدق الذي لا يَعرف خلَلاً!
إنني أَحْلِفُ غير حانِث أَنْ لو كانت محاورتنا على هديٍ مِنْ هذا الخلق إذاً لارتفعت الشحناء والبغضاء، ولَحَلَّ الإخاءُ والوفاء، وكانت النكاية للأعداء لا للأصدقاء!
وبعدُ: فما قلناه هو ما ينبغي أن يتقرَّر بين أهل العلم وطلابه في كل فنٍّ وتخصُّص؛ وبخاصة أهل الفقه والشريعة الغرَّاء، وهم مِلْحُ البَلَد.
وإلى لقاءات متجددة لنطالع -إن شاء الله تعالى– في كل حلقة ولقاء حواراً أو مناظرة لسلفنا الأخيار الأبرار، والله الموفق لكل خير وسَداد.
سأخبركم عن موقف يزيدكم حباً بالشافعي وتعظيماً له!
ولكن قبل ذلك من هو يونس الصَّدفي هذا؟!
هو الإمام شيخ الإسلام أبو موسى يونس بن عبد الأعلى المصري، وكان كبير المُعَدِّلين والعلماء في زمانه بمصر، وكان علَّامة في علم الأخبار والصحيح والسقيم، لم يشاركه في زمانه في هذا أحد!
وكان مع هذا كما يقول ابن خلكان: أحد أصحاب الشافعي رضي الله عنه والمكثرين في الرواية عنه والملازمة، وكان كثير الورع متين الدين.
والآن إلى حكاية الموقف!
حدَّث يونس الصَّدَفي بنفسه قال: ما رأيت أعقَلَ من الشافعي، ناظرته يوماً في مسألة، ثم افترقنا، ولقيني فأخذ بيدي، ثم قال: يا أبا موسى، ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتَّفق في مسألة.
أرأيتم إلى هذه الصفوة من الناس التي قلَّ أن يجود بها الزمن؟! إمام طبَّقت شهرته الآفاق يحاور مَنْ هو في سِنِّ تلامذته؛ لأن الشافعي ولد عام 150هـ ويونس ولد عام 170هـ في ذي الحجة، إمام يأتي لمن يصغُرُه بعشرين سنة متودِّداً له ومتألفاً وهو آخذ بيد مخالفه قائلاً: ألا يستقيم أن نكون إخواناً وإن لم نتَّفق في مسألة؟!
وكأنِّي بالإمام الشافعي رحمة الله عليه قد شعر بأن نَفْسَ الإمام يونس قد تغيَّرت عليه؛ إمَّا بأن يكون لإبطاء في الحضور عليه أو لسبب آخر فكانت منه هذه الكلمات.
كلمات تنضح بالعقل والحكمة وتتدفق بالحياة والسُّمو.
وإن لم نتَّفق في مسألة!! عجيب حقاً؛ أي الإمام الشافعي يَقبل عقله الكبير أن تبقى المودة قائمة والتقدير قائماً بين عالمين أو طالبين وإن لم يتَّفقا على مسألة.
فكيف بنا نرى من يهجر مجلساً أوجماعة من أجل مسألة أو مسألتين تخالف فيها!
إن كلمات يونس عمَّا جرى بينه وبين الشافعي تزخر بالفوائد؛ ومنها أن مجيء الكبير إلى الصغير للتألف لا يحطُّ من قدره؛ بل يزيده تعظيماً ومحبة.
ومنها: أن الأستاذ لا ينبغي له أن يتأثر لمخالفة مُجالِسه أو طلابه له وكم سمعنا عن مخالفة صاحبي أبي حنيفة رحمه الله له في مسائل كثيرة، وكان يُقبِلُ عليهما ما لا يُقبل على غيرها؛ لأن نشدان الحقيقة والصواب هو الغاية المرجُوَّة.
إن العظيم يعرف قدر العظماء ويستبقي صحبة الكبار والصادقين والأخيار؛ لقد تَفَرَّسَ الشافعي حال الإمام يونس فرآه من الراسخين والعقلاء، بل أُثر عن الشافعي أنه قال - وقد أشار إلى الباب الأول من أبواب المسجد الجامع ولعله مسجد عمرو بن العاص-: ما يدخل من هذا الباب أحدٌ أعقل من يونس بن عبد الأعلى! فلذا لم يفرِّط في صحبته.
هكذا فليكن خلق من يُحاوِر أو يناظر!
وإذا رأيتَ أن هذا الذي حاورتَه أو ناظرته قد تعكَّر عليك أو تأثر فتذكر شمائل هؤلاء وأخلاقهم فتكسب سعادة الدارين.
هذا إن أردنا مصلحة الدين والعلم، أما إن أردنا مراعاة حظوظنا وشهوات نفوسنا فهيهات أن يتحقق على أيدينا عزُّ الدين أو نشر العلم والمعرفة!!



منقول عن موقع نسيم الشام
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:40 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir