1.دراسات في التصوف : في الختم و الكتم
اللهم صل على النبي محمد و على آله وصحبه،
وبعد
شاع بين أهل الله مصطلح الختم، أو مقام الختم. منهم من يعتبره مطلقا ، مقام لايتجدد ، وقد مر في زما محيي الدين ابن عربي أحدهم ، غير أنه لم يذكر اسمه و لا نسبه ، واكتفى فقط بوصف اللقاء الذي تم في فاس المحروسة.
تنتابني أمام هذا الموقف الجلل تساؤلات جمة:
1.في كتاب الأبريز وصف دقيق لتنظيم دولة الغيب كما سماها أحد الباحثين في هذا الميدان تهكما و استهتارا ، وأن كانت عندي وعندك أخي وعند بعض من سمعنا عنهم في يومنا هذا حقيقة !
فلم لم يذكر الولي الكريم مولانا عبد العزيز شان الختم في كتابه؟.
وهذا أمر يصيب الباحث أهل التحقيق بالحيرة ، ويصيب من لهم باع في تقديس مقدساتهم شك ؟
أيمكن ان يكون من حدثنا عن ختمية الشيخ كاذبا ؟
أو اصابه الوهم ، أم في خياله الشيطاني و يقول لنا عبثا : حدثني قلبي عن ربي ....؟.
في فاس المحروسة و في جامعها القرويين وجد ابن عربي رضي الله عنه الختم ، وهو يعاني أنكار أهل وقته و جحودهم لفضله، فهل كان يحدث ابن عربي رضي الله عنه عن نفسه ايماءا ، وكان اللقاء في عالم الروح حضره تلميذاه و رفيقا دربه : عبد الله الحبشي ، وصاحب التجليات ابن سودكين.
وكتاب الأبريز عندنا نحن هنا مرجع في معرفة اسرار التصرف ، ومهام الغوث ، والقطب و الأبدال و الأوتاد و النجباء و الصالحين .
فكيف غاب عن صاحبه ذكر الختم العيسوي و الختم الموسوي والختم المحمدي ، أم هي مقامات لحظية و قتية مقيدة بقوله تعالى : (كل يوم هو في شأن) ، فيكون الختم مثلا الختم المجدد المقصود به على رأس مئة سنة و بذلك يكون مقاما متجددا ، لا راد لفضل الله؟.
و لا حجر عليها ، أم هو ختم يومي ، بل سنوي ، وقد يكون شهريا ، بل لحظيا و حينا ؟.
فبذلك تتم الصاحات ، بالتدبيرالألهي الذي لا ينقطع؟.
2.ادعاء الختمية وارد في كل حين ، وتسمعه في كل منتديات التصوف ، بل و في جميع الطرق ،
وفي المغرب بالخصوص.
أحيانا لا تعرف حيثيات هذا الأدعاء ، ولا حتى اسبابه واللبيب الفطن يدرك أن الأمر مجرد أدعاء موهوم مثوارث أحيانا بفطنة و دهاء الأحفاد ، واحيانا بوجود حقائق في عالم الكشف اولت على غير حقيقتها.
ومن ثم ندخل في مزلق صعب وهو كيف نعالج مسالة النص المقدس ، والرجل المقدس ، والبركة المقدسة وهذا يستحيل عقلا احيانا لوعورة المسلك ومراتب الرجال وفهمهم للنص و صاحبه وكيف انتقل بالسند الشفاهي او التبركي.؟.
فلا يمكن ان تنكر على محبي سيدنا محيي الدين ابن عربي رضي الله عنه ان صرحوا انه هو الختم؟.
و مريدي الطريقة التيجانية وهم يعتبرون سيدنا أحمد التيجاني الختم المطلق و لن يأتي بعده ؟
ولا اخواننا في الطريقة الكتانية و قد كان سيدي محمد عبد الكبير الكتاني رجل زمانه علما وحالا وجهادا فهو ختم؟.
و لاختم بعده.....
3. لا وجود لذكر لمعنى الختم في القرآن الا في جناب النبوة ، وهنا تزاحم الولاية النبوة مقام النبوة في خاتميتها ، وهذا أم يحتاج الى تحليل دقيق ، ووقوف هادئ على المعنى و المقصود؟
فبذلك نتجنب التأويلات التي تحيد عن جانب الصواب.
والكشف هنا وأن كان صحيحا لا غبار عليه يراه ولي محقق تثبث ولايته بالشرع و شهادة الصالحين ، فالحقيقة تظل مجرد أخبار غيبي قطعي التصديق نسبي الدلالة بحسب الوقت و الحال و النازلة وماهية الرسالة. ومن ثم فالمواهب كشفية كلها نسبية تصديقها واجب و تأويلها لمن أوتي هذا العلم المنيف.
فيجزم الصادق أن النبوة مقام رفيع و الولاية تابعة لها ببركة الأتباع و التلمذة.أما أمتداد الولاية في النبوة أو النبوة في الولاية فمضيعة للوقت.
3.فهل أدعاء الختم كادعاء المهدوية ، وقد كانت ديدن القائمين في وجه السلطان ، والمتصدرين بالأصلاح؟.
وهو سِال أفظع من سابقيه ، استغلال النص للهوى الخادم للقلب ، من ثم فكل أدعاء أن لم تكن الحقيقة تؤيده فهو باطل؟
1.الختم عند ابن عربي رضي الله عنه:
الختم ختمان عند ابن عربي رضي الله عنهختم يختم به الله الولاية العامة ،فأن كان وختم يختم به الله الولاية المحمدية.
فأما ختم الولاية على الأطلاق فهو عيسى عليه السلام ، فهو الولي بالنبوة المطلقة ، في زمان هذه الأمة .وقد حيل بينه و بين نبوة التشريع والرسالة . فينزل في آخر الزمان وارثا خاتما لأولى بعده ، بنبوة مطلقة.
كما أن النبي صلى الله عليه وسلم خاتم النبوة ، لا نبوة تشريع بعده .
وأن كان عيسى عليه السلام بعده من أولي العزم من الرسل و خواص الأنبياء.
ولكن زال حكمه ، من هذا المقام أي نبوة التشريع لحكم الزمان عليه ، الذي هو لغيره.
فينزل وليا ذا نبوة مطلقة ، يشركه فيها الأولياء المحمديون ، فهو عيسى عليه السلام منا وهو سيدنا.).من كتاب الفتوحات المكية م 2.ص 49.
فأن كان الختم في الولاية العامة لنبي من اولي العزم من الأنبياء عليهم السلام ، ولاية تابعة لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ، لا نبوة تشريع لأن الزمان غير الزمان ن و لإمتداد الولاية المحمدية منذ بدأ الأمر والى منتهاه.
كان سيدنا عيسى عليه السلام بحسب ابن عربي رضي الله عنه مجددا للولاية العامة خاتما لعددها فبه تغلق باب الولاية على الأطلاق في معناها ، لوجود الأمام المهدي في زمانه .
ولذلك كن لنزول عيسى عليه السلام في آخر الزمان له دلالات معنوية تصريفية من الله عزوجل ، في هدم صور الكفر و ثماثيله من الثثليث و الخمر و الخنزير وغيره من المعالم ، و بقتله للمسيخ الدجال لعنة الله عليه و جنده اليهود من الطيالسة.
تبدأ رحلة الأختلال الكوني الى نهايته بعد نفس كل عبد مؤمن بعد رحيل سيدنا عيسى عليه السلام الى الدار الآخرة ثم المهدي لحوقابه عليه السلام.