أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           زوَّدك الله التقوى، وغفر ذْنبك ويسَّر لك الخير حيث ما كنت           
العودة   منتديات البوحسن > التزكية > رسائل ووصايا في التزكية

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-23-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي المثنوي العربي النوري - نقطة من نور معرفة الله


المثنوي العربي النوري - ص: 419
الرسالة الثانية عشرة
الرسالة القيمة
نُقْطَةٌ
من نور عرفة الله جل جلاله 1
_____________________
1 طبعت هذه الرسالة باللغة التركية لأول مرة بمطبعة "اوقاف" باستانبول سنة 1337هـ (1918م) على ابواب ثلاثة ولم يدرج الاستاذ المؤلف هنا الاّ الباب الاول منها فترجمناه كاملاً.



المثنوي العربي النوري - ص: 420
ايضاح اذا ما دخلتُ بستاناً فلا اجني الا الأجود من الثمرات، حتى اذا ما تعبت في قطفها أجد المتعة واللذة. ولو وقع نظري على الفاسدة منها، أصرفه عنها، آخذاً بالقاعدة: "خذ ما صفا دع ما كدر"... هكذا أنا، فارجو أن يكون قرائي ايضاً مثلي.
يقال: ان كلامك لايُفهم بوضوح.
- نعم ! ماحيلتي.. هكذا ترد السانحات الى القلب.. فبينما اجدني كأنني اتكلم فوق منارة عالية، اذا بي - في احيان أخرى - أنادي من قعر بئر عميق.
فيا قارئي العزيز! ارجو ان تلاحظ في هذه الرسالة:
ان المتكلم: هو قلبي العاجز.
أما المخاطب: فهو نفسي العاصية.
بينما المستمع: هو ذلك الانسان الذي يتحرى الحقيقة.
وسنشير في هذه الرسالة الى ما نقصده بالذات - وهو التوحيد - في اربعة براهين عظيمة من بين براهينه التي لا تحصر...
سعيد النورسي
آمنت بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر وبالقدر خيره وشره من الله تعالى والبعث بعد الموت حق، اشهد ان لا اله الاّ الله واشهد ان محمداً رسول الله.


المثنوي العربي النوري - ص: 421
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على محمد خاتم النبيين وعلى آله وصحبه اجمعين .
ان مقصودنا ومطلوبنا هو:
(الله لا الهَ الاّ هو الحي القيوم) (البقرة: 255) فمن بين براهينه التي لاتعد نورد هنا اربعة منها:
البرهان الاول: هو محمد صلى الله عليه وسلم. (وقد بسطنا هذا البرهان في رسالة "شعاعات") 1.
البرهان الثاني: هذا الكون وهذا الانسان الاكبر، ذلك الكتاب الكبير المنظور.
البرهان الثالث: هو القرآن الكريم.. ذلك الكتاب الذي لا ريب فيه وهو الكلام المقدس.
البرهان الرابع: الوجدان الحي، أو الفطرة الشاعرة، الذي يمثل البرزخ ونقطة اتصال عالمي الغيب والشهادة. فالفطرة الشاعرة او الوجدان نافذة الى العقل ينشر منها شعاع التوحيد.البرهان الاول: وهو حقيقة محمد صلى الله عليه وسلم
تلك المجهزة بالرسالة والاسلام، فمن حيث الرسالة تتضمن شهادة أعظم اجماع واوسع تواتر لجميع الانبياء عليهم السلام. ومن حيث الاسلام تحمل روح الاديان السماوية كلها وتصديقها المستند الى الوحي.
فالرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يبين للبشرية جمعاء وجود الله ووحدانيته في جميع اقواله الصادقة المصدّقة بمعجزاته الباهرة، وبشهادة الانبياء عليهم السلام وتصديق الاديان

_____________________
1 شعاعات من معرفة النبى صلى الله عليه وسلم رسالة صغيرة من مؤلفات سعيد القديم.



المثنوي العربي النوري - ص: 422
كلها. فهو صلى الله عليه وسلم يظهر ذلك النور باسم المصطفين الاخيار من البشرية الذين اتحدوا في هذه الدعوة.
تُرى هل يمكن ان يتسلل الباطل الى مثل هذه الحقيقة الباهرة التي تنال هذا القدر من التصديق، وتبصرها العيون النافذة في الحقائق، فتراها واضحة جلية خالصة لا شائبة فيها؟.. كلا.. ثم كلا.البرهان الثاني: وهو كتاب الكون
نعم ! ان حروف هذا الكتاب ونقاطه فرداً فرداً او مجموعة، يتلو كلٌ بلسانه الخاص:
(وان من شئ الاّ يسبّح بحمده) (الاسراء: 44). ويبين وجود الخالق العظيم ووحدانيته.. فكل ذرة في الكون تشهد شهادة صادقة على وجوب وجود الخالق الحكيم جل جلاله. فبينما تراها تتردّد بين امكانات واحتمالات غير متناهية، في صفاتها وذاتها وأحوالها ووجودها، اذا بها تنتعش وتسلك طريقاً معيناً، وتتصف بصفة معينة، وتتكيف بحالة منتظمة، وتسير وفق قانون مسدّد، وتتوجه الى قصد معين.. فتنتج حِكماً ومصالح تبهر الالباب.. فتزيد سطوع الايمان بالله في اللطيفة الربانية الممثلة لنموذج عوالم الغيب في الانسان. أفلا تنادي الذرة بلسانها الخاص وتصرّح بقصد صانعها الجليل، وبحكمته البالغة؟. فكل ذرة من الذرات كما انها تدل على الخالق الحكيم، بوجودها المنفرد، وبصفاتها الخاصة، وبكيفياتها المعينة، فان هذه الدلالة تتزايد، باعتبار كون الذرة جزءاً من مركبات متداخلة متصاعدة، ومن حيث الامكانات والاحتمالات التي تسلكها، اذ لها في كل مركب مقام، وفي كل مقام نسبة معينة وارتباط معين، وفي كل نسبة لها وظيفة خاصة، وفي كل موقع تحافظ على التوازن العام، وفي كل وظيفة تثمر مصالح شتى وحكماً عديدة. في كل مرتبة اذاً تتلو الذرة بلسانها الخاص دلائل وجوب وجود صانعها الجليل وتظهر قصد خالقها الحكيم، وكأنها ترتل الآيات الكريمة الدالة على الوحدانية. مثلها في هذا كمثل الجندي الذي له وظيفة معينة وارتباط خاص مع كلٍ من فصيله وفرقته والجيش كله.. ألا تكون اذاً البراهين الدالة على الله سبحانه وتعالى أكثر بكثير من عدد ذرات


المثنوي العربي النوري - ص: 423
الكون، فما يقال من أن: "الطرق الى الله بعدد انفاس الخلائق" انما هي حقيقة صادقة لا مبالغة فيها قط، بل قد تكون قاصرة. سؤال: لماذا لايرى الجميع بعقولهم الخالق العظيم ؟
الجواب: لكمال ظهوره جل وعلا، ولعدم الضد.
تأمل سطور الكائنات فانها من الملأ الاعلى اليك رسائل
فهذا الكتاب الكوني العظيم يتجلى فيه النظام بوضوح تام بحيث يُظهر النّظام كالشمس في رابعة النهار، فتظهر معجزة القدرة في كل كلمة أو حرف فيه. فتأليف هذا الكتاب البديع فيه من الاعجاز الباهر بحيث لو فرضنا - فرضاً محالاً - ان كل سبب من الاسباب الطبيعية فاعلاً مختاراً، لسجدت تلك الاسباب جميعاً - بكمال العجز - أمام ذلك الاعجاز، قائلة: سبحانك... لاقدرة لنا... انك انت العزيز الحكيم. اذ انك ترى أن في هذا الكتاب من النظم الدقيق المتشابك المتساند بحيث يلزم لايجاد نقطة في مكانها الصحيح قدرة مطلقة تستطيع ايجاد الكون كله، وذلك لأن كل حرف من حروفه - ولاسيما ما كان ذا حياة - له وجه ناظر الى كل جملة من جمل الكتاب، وله عين شاخصة اليها، بل ان كل كلمة فيه لها ارتباط وثيق مع كلمات الكتاب كلها.. فالذي خلق عين البعوضة اذاً هو خالق الشمس ايضاً، والذي نظّم معدة البرغوث هو الذي ينظم المنظومة الشمسية. فان شئت راجع كتاب "السانحات" لترى حقيقة الآية الكريمة:
(ما خلقكم ولا بعثكم اِلاّ كنفسٍ واحدة) (لقمان: 28). ولتشهد كيف يقطر شهدُ الشهادة الصادقة من لسان معجزة القدرة، النحل، الذي يمثل كلمة صغيرة من هذا الكتاب. او ان شئت فتأمل في نقطة من هذا الكتاب، في حيوان مجهري لا يُرى بالعين المجردة، لتشهد كيف انه يمثل نموذجاً مصغراً للكائنات. فالذي كتبه على هذه الصورة المعجزة كتب الكائنات. فلو امعنت النظر فيه لرأيته يضم من المكائن الدقيقة والاجهزة البديعة ما يثبت لك يقيناً انه لا يمكن ان يفوّض أمره الى الاسباب الجامدة البسيطة الطبيعية التى لا تميز بين الامكانات. الاّ اذا توهمت ان في كل ذرة شعورالحكماء وحكمة الاطباء ودهاء الساسة والحكام، وانها تتحاور فيما بينها دون وساطة !!. وما هذا الاّ


المثنوي العربي النوري - ص: 424
خرافة يخجل منها الخرافيون. فلا يمكن ان تكون تلك الماكنة الحية الصغيرة اذاً الاّ معجزة قدرة إلهية. ألا ترى ان العقول تنبهر امامها؟ فهي اذاً ليست من صنع الاسباب الطبيعية، بل من ابداع من يقدر على ايجاد الكائنات كلها وينظم شؤونها، اذ هو محال ان يجتمع اس اساس تلك الأسباب المادية وهو: القوة الجاذبة والقوة الدافعة معاً في جزء لايتجزأ للقيام بتلك الصنعة الحكيمة.
نعم ! ان ما يظنونه اساساً لكل شئ من جذب ودفع وحركة وقوة وامثالها، انما هو ناموس الهي يمثل قوانين عادات الله، واسم لها. فهذه القوانين مقبولة بشرط الاّ تنتقل من كونها قاعدة الى طبيعة فاعلة، ومن شئٍ ذهني الى حقيقة خارجية، ومن امرٍ اعتباري الى حقيقة مشهودة، ومن آلة قياس الى مؤثر حقيقي.سؤال: مع ان هذه الشهادة قاطعة، فكيف اذاً يعتقد البعض بأزلية المادة، وتشكّل الانواع من حركات الذرات (اي بالمصادفة) وامثالها من الامور ؟
الجواب: لمجرد اقناع النفس بشئ آخر (غير الايمان بالله)، ولأنهم لايدركون فساد الفكرة بالنظر السطحي التقليدي، ينشأ لديهم هذا الاحتمال. ولكن اذا قصد الانسان وتوجّه بالذات الى اقناع نفسه، فلابد انه سيقف على محالية الفكرة وبُعدها عن المنطق والعقل. ولو اعتقد بها فلا يعتقد الاّ بسبب التغافل عن الخالق سبحانه. فما اعجب الضلال !... ان من يضيق عقله عن ازلية الله سبحانه وايجاده الاشياء كلها - وهي صفة لازمة ضرورية للذات الجليلة - كيف يعطي تلك الازلية والايجاد الى ذرات غير متناهية والى اشياء عاجزة ؟!. فلقد اشتهرت حادثة: انه بينما كان الناس يراقيون هلال العيد، ولم يره احد، اذا بشيخ هرم يحلف انه قد رأى الهلال، ثم تبين ان مارآه لم يكن هلالاً بل شعرة بيضاء مقوسة قد تدلت من حاجبه! فاين تلك الشعرة من الهلال ؟ واين حركات الذرات من تشكيل الانواع؟.
ان الانسان لكونه مكرّماً فطرةً يبحث عن الحق دوماً، واثناء بحثه يعثر على الباطل احياناً فيخفيه في صدره ويحفظه. وقد يقع الضلالُ - بلا اختيار منه - على رأسه اثناء تنقيبه عن الحقيقة، فيظنه حقاً، فيلبسه كالقلنسوة على رأسه.!!


المثنوي العربي النوري - ص: 425
سؤال: ما هذه "الطبيعة" و"القوانين" و "القوى" التي يسلّون بها انفسهم؟
الجواب: ان الطبيعة هي شريعة إلهية كبرى أوقعت نظاماً دقيقاً بين افعال وعناصر واعضاء جسد الخليقة المسمى بعالم الشهادة. هذه الشريعة الفطرية هي التي تسمى بـ"سنة الله" و "الطبيعة" وهي محصلة وخلاصة مجموع القوانين الاعتبارية الجارية في الكون.
أما ما يسمونه بـ "القوى" فكل منها هو حكمٌ من احكام هذه الشريعة.
و"القوانين" كل منها عبارة عن مسألة من مسائلها.
ولكن لاستمرار احكام هذه الشريعة واطراد مسائلها توهّم الخيال فجسّمها في "الطبيعة" واعتبرها موجوداً خارجياً مؤثراً وحقيقة واقعية فاعلة، بينما هي امر اعتباري ذهني. فترى النفوس التي ترى الخيال حقيقة والامر الاعتباري الذهني امراً خارجياً ألبست هذه الطبيعة طور المؤثر الحقيقي. والحال لا يقنع القلبُ بأي مبرر، ولا يعجب الفكر بأي مسوغ، بل لاتأنس الحقيقة: بكون هذه الطبيعة الجاهلة مصدراً للاشياء. فما ساقهم الى هذه الفكرة غير المعقولة الاّ توهمهم انكار الخالق الجليل، وذلك لعجزهم عن ادراك آثار قدرته المعجزة المحيرة للعقول.
فالطبيعة مطبعة مثالية وليست طابعة، نقش لانقاشة، قابلة للانفعال لا فاعلة، مسطر لا مصدر، نظام لا نظّام، قانون لا قدرة، شريعة ارادية لا حقيقة خارجية.
فلو قدم شخص في ريعان الشباب الى هذا العالم البديع مباشرة، ودخل قصراً فخماً مزيناً بأروع الآثار وافترض لنفسه ان ليس هناك من أحد خارج البناء قد قام بتشييده وتزيينه، وبدأ يتحرى السبب الفاعل في ارجاء القصر، ووقع بصره على كتاب جامع لأنظمة القصر وخارطته، فانه يتصور - من جهله - ان هذا الكتاب هو الفاعل، لما ينعكس في شعوره من البحث عن علّة حقيقية، فيضطر الى هذه العلة بسبب افتراضه الموهوم مقدماً!. وهكذا البعض يسلّي نفسه بالطبيعة بسبب تغافله عن الخالق الجليل، فيضطر الى خداع نفسه بنفسه ويتيه في مثل هذه الامور الخارجة عن منطق العقل.


المثنوي العربي النوري - ص: 426
والشريعة الالهية اثنتان:
احداهما: الشريعة الآتية من صفة الكلام التي تنظم افعال العباد الاختيارية.
والثانية: الشريعة الآتية من صفة الارادة التي تسمى بالاوامر التكوينية والشريعة الفطرية وهي محصلة قوانين عادات الله الجارية في الكون.
فكما ان الشريعة الاولى عبارة عن قوانين معقولة، فان الشريعة الثانية ايضاً عبارة عن مجموع القوانين الاعتبارية، والتي تسمى - خطأ - بالطبيعة فهذه القوانين لاتملك التأثير الحقيقي ولا الايجاد، اللذين هما من خواص القدرة الالهية.
ولقد شرحنا - أثناء بياننا التوحيد - ان كل شئ مرتبط بالاشياء جميعاً، فلا شئ يحدث من دون الاشياء جميعاً. فالذي يخلق شيئاً قد خلق جميع الاشياء، لذا فليس الخالق لشئ الاّ الواحد الأحد الصمد. بينما الاسباب الطبيعية التي يسوقها أهل الضلالة هي متعددة، فضلا عن انها جاهلة لا يعرف بعضها بعضاً. علاوة على انها عمياء، وليس بين يديها الاّ المصادفة العمياء.. فـ
(قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون) (الانعام: 91)
الخلاصة: ان الاعجاز الباهر الظاهر في النظام والتناسق والاطراد المشاهد في كتاب الكون الكبير - وهو برهاننا الثاني على التوحيد - يظهر بوضوح تام كالشمس الساطعة ان الكون وما فيه ليس الاّ آثار قدرة مطلقة وعلم لا يتناهى وارادة ازلية.
| سؤال: بم يثبت النظام والانتظام والتناسق ؟.
الجواب: ان العلوم الكونية التي توصل اليها الانسان، هي كالحواس لنوع الانسان وكالجواسيس تكشف له عن مجاهيل لا يصلها بنفسه. فبالاستقراء التام يمكنه ان يتوصل الى كشف ذلك النظام بتلك الحواس والجواسيس. فكل نوع من انواع الكائنات قد خصّ بعلم أو في طريقه الى ذلك، لذا يُظهر كلُ علمٍ ما في نوعه من انتظام ونظام بكلية قواعده، لأن كل علم في الحقيقة عبارة عن دساتير وقواعد كلية. وكلية القواعد تدل على حسن النظام؛ اذ ما لا نظام له لا تجري فيه الكلية. فالانسان مع انه قد لا يحيط بنفسه بالنظام كلّه الا انه يدركه بجواسيس العلوم، فيرى أن الانسان الاكبر - وهو العالم - منظمٌ كالانسان الأصغر سواءً بسواء. فما من شئ الاّ ومبني على اسس حكيمة، فلا عبث، ولا شئ سدىً.


المثنوي العربي النوري - ص: 427
فبرهاننا هذا ليس قاصراً -كما ترى - على اركان الكائنات واعضائها، بل يشمل الخلايا وجميع الكائنات الحية، بل يشمل الذرات جميعاً،فكلها لسان ذاكر يلهج بالتوحيد، والجميع يذكرون معاً: "لا اله الاّ الله" .البرهان الثالث: هو القرآن الحكيم:
اذا ما الصقت أذنك الى صدر هذا البرهان الناطق ستسمع حتماً انه يردد: "لا اله الاّ هو". فبرهاننا هذا يمثل شجرة عظيمة متشعبة الاغصان والفروع، تتدلى منها ثمرات الحق والحقيقة من كل جانب بغزارة ووفرة وحيوية، بحيث لا تدع لأحد أن يداخله ريب من أن بذرتها الاصيلة - وهي التوحيد - قوية، حقة، حية؛ اذ لايخفى ان البذرة الفاسدة لا تؤتي شجرتها الثمار الغضة كل حين.
أما غصن هذه الشجرة الوارفة الممتد الى عالم الشهادة. فهو يحمل اثمار الاحكام الصائبة الحقة، مثلما أن الغصن العظيم الممتد الى عالم الغيب غني بالثمرات اليانعة الحقة للتوحيد والايمان بالغيب.
فاذا ما شوهد هذا البرهان العظيم من جميع جوانبه لعُلم يقيناً ان الذي يعلنه واثق كل الثقة، من نتيجته - وهي التوحيد - ومطمئن اطمئناناً لا يشوبه تردد قط، اذ يبني جميع الامور على هذه النتيجة الرصينة، بل يجعلها حجر الزاوية لكل شئ في الوجود.. فمثل هذا الاساس الراسخ لا يمكن ان يكون تكلفاً وتصنعاً البتة، بل يجعل الاعجاز الباهر على هذا البرهان مستغنياً عن تصديق الآخرين له، فانباؤه كلها صدق، ثابتة وحق وحقيقة بنفسها.
نعم! ان الجهات الست لهذا البرهان المنير شفافة رائقة، فعليه الاعجاز الظاهر، وتحته: المنطق والدليل، وفي يمينه: استنطاق العقل، وفي يساره: استشهاد الوجدان، أمامه وهدفه: الخير والسعادة في الدنيا والآخرة، نقطة استناده: الوحي المحض.. أفيجرأ وهمٌ ان يقتحم هذا الحصن الحصين ؟
وهناك اصول اربعة للعروج الى عرش الكمالات وهو "معرفة الله" جلّ جلاله:


عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المثنوي العربي النوري - شُعْلَةٌ عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 03-23-2011 08:21 PM
المثنوي العربي النوري - ذرة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 1 03-23-2011 08:04 PM
المثنوي العربي النوري - زهرة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 3 03-23-2011 08:01 PM
المثنوي العربي النوري - حبة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 3 03-23-2011 07:55 PM
المثنوي العربي النوري - لمعات عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 03-23-2011 07:27 PM


الساعة الآن 09:26 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir