أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم أهدني فيمن هديت ، وعافني فيمن عافيت ، وتولني فيمن توليت ، وبارك لي فيما أعطيت ، وقني شر ما قضيت ، فإنك تقضي ولا يقضى عليك ، إنه لا يذل من واليت ، تباركت ربنا وتعاليت           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 11-21-2013
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 39


الموسوعة القرآنية
فَيْضُ العَليمِ مِنْ مَعاني الذِّكْرِ الحَكيمِ

تفسير ـ أسباب نزول ـ قراءات ـ أحكام ـ إعراب ـ تحليل لغة

اختيار وتأليف :
الشاعر: عبد القادر الأسود

الجزء السابع ـ المجلد السابع

سورة الأنعام، الآية: 39



وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ.
(39)
قوله ـ عَزَّ وجَلَّ: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا} يَعني بالقرآنِ الكريم وبالنبي الرحيم محمَّدٍ عليه ـ أفضلُ صلاةٍ وأكملُ تسليمٍ ـ وقيلَ: كذَّبوا بِحُجَجِ اللهِ الدامغةِ وببراهينِه القاطعةِ، وبالمعجزات التي أيَّدَ بها رسولَه، وبالأدلة التي ساقه على وحدته ـ سبحانه وتعالى ـ ووُجوبِ تَوحيدِهِ.

وقولُه: {صُمٌّ وَبُكْمٌ فِي الظُّلُماتِ} صُمٌّ: عن سَماعِ الحَقِّ وَ"بُكْمٌ" عنِ النُطْقِ بِهِ، و"في الظلماتَ" عدَّدَ الظلمة كنايةً عن أنهم لا يبصرون شيئًا، فإنَّهم في حالِ كُفرِهم وتَكذيبِهم كَمَن لا يَسْمَعُ ولا يُبصِرُ ولا يَتَكلَّمُ، ولِهذا شبَّههم بالموتى لأنَّ المَيِّتَ لا يَسْمَعُ ولا يبصرُ ولا يَتَكَلَّمُ والظلمات التي عناها الحقُّ ـ سبحانه ـ هي ظُّلُماتُ الكُفْرِ وأنواعِها كظلمةِ الجَهْلِ وظلمةِ العِنادِ وظُلْمَةِ التَقْليدِ في الباطِلِ، لِذلك فهم حائرون دائمًا مُتَرَدِّدون لا يَهْتَدون سَبيلًا، وأخَّرَ ذِكْرَ انْعِدامِ الرُؤيةِ بسببِ هذِه الظُلُماتِ، وقدَّمَ الصَمَمَ والبَكمَ لأنَّها إنَّما تكون في العادةِ عارضةً للإنسان طارئةً عليه من خارجٍ، أمَّا عدمُ القُدْرَةِ على السَمْعِ والنُطْقِ فهما داءان ذاتيان في الإنسان، وهما مترابطين في العادةِ فالأصمُّ أَبْكمٌ بالضرورةِ، كما أنَّ العمى أَخَفُّ هذه العِلَلِ الثلاثةِ، وقد سَبَقَ لَنا كَلامٌ في هذا أُكثرُ تفصيلًا. واللهُ أعلم.

قولُه: {مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُوَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ} يعني مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْهُ عنْ الإيمانِ، ومَنْ يَشَأِ اللهُ يهديه للإيمانِ ويجعلْه على دينِ الإسلامِ، وفي هذه الآيةِ المباركةِ دَليلٌ على أَنَّ الهاديَ والمُضِلَّ هُوَ اللهُ تَعالى، فمَنْ أَحَبَّ هِدايَتَه وفَّقَه بِفضْلِهِ وإحْسانِه للإيمانِ بِهِ، ومَنْ أَحَبَّ ضَلالَتَه تَرَكَهُ على كُفْرِهِ فلم ينفعْهُ عقلٌ ولا تدبُّرٌ مهما كانت البراهينُ واضحةً ومهما كان العقلُ متيقِّظًا متدبِّرًا، وهذا عدلٌ مِنْهُ لأنَّه تَعالى هُو الفاعِلُ المُخْتارُ لا يُسْأَلُ عمَّا يَفْعَلُ وهمْ يُسْألون، فهو ـ سبحانَه ـ إنَّما يتصرَّفُ بملكه بما يشاءُ، وقد سبق لنا أيضًا أنْ أوضحنا هذا المعنى وعرَّجنا عليه في أكثر من مناسبةٍ، فالذين فاتتهُمُ العِنايَةُ الأَزَلِيَّةُ سَدَّ الحِرْمانُ أَسماعَهم، وغَشَّى الخِذلانُ أَبْصارَهم. والإرادةُ الإلهيَّةُ لا تُعارَضُ، والمشيئةُ لا تَزَاحَم، والحقُّ ـ سبحانَه ـ في جميعِ الأحْوالِ غالبٌ على أَمرِهِ.

وهنا لطيفة يَجِبُ لَفْتُ النَّظرِ إليها بأنَّ على المؤمن ألّا يَرْكَنَ إلى عمله مهما كان جليلًا بل عليه أنّ يشهدَ الفضلَ لله عليه دائمًا وكلُّ نعمة هو فيها ـ بما في ذلك نعمة الإيمان ونعمة العمل الصالح ـ وهي مِنْ فضلِ اللهِ ونعمته عليه {وما بكم من نعمة فمن اللهُ} النحل: 53. وله ـ سبحانه ـ المِنَّةُ في ذلك، {بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَدَاكُمْ لِلْإِيمَانِ} الحجرات: 17. وعليهِ أَنْ يَكون دائمَ الخَوفِ مِنْ زوالِ النعمةِ دائمَ الالْتِجاءِ إلى رَبِّهِ من حلول النِقْمَةِ. وبذلك يكون مضمون الآيةِ مُتَّسقًا مع مضمون سابقاتها وتتميمًا له مِنْ أَمْرِ اللهِ رسولَه ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ ـ بألَّا يَحزَنَ على الكافرين الذين يُكذِّبونَ ولا يَهتَدون، وتَأكيدًا على المُرادِ منْها.

قولُه تعالى: {والذين كَذَّبُواْ} مُبتَدأٌ وما بعدَه الخبرُ. ويَجوزُ أنْ يَكونَ "صمٌّ" خَبَرَ مُبْتَدأٍ مَحذوفٍ، والجُملةُ خبرَ الأوَّلِ، والتَقديرُ: والذين كذَّبوا بعضُهُمٌّ صُمٌّ وبَعْضُهم بُكْمٌ، وقالَ أَبو البَقاءَ: "صمٌّ وبُكْمٌ" الخبرُ، مثلُ "حُلْوٌ حامِضٌ"، والواوُ لا تَمْنَعُ مِنْ ذلك. وفيه بُعدٌ لأنَّ هذا الذي قالَه لا يجوزُ، وإنَّما يَكونُ ذلك إذا كان الخبران في معنى خَبَرٍ واحدٍ لأنَّهما في المثل الذي ساقه في مَعنى "مُزٍّ"، ومنه: "أَعْسَرُ يَسَرٌ" بمَعنى "أَضْبَط"، وأَمَّا هذان الخَبَرانِ فكُلٌّ منهما مُستَقِلٌّ بالفائدة. هذا أوّلًا، وثانيًا: إنَّ الواوَ لا تَجوزُ في مِثْلِ هذا إلَّا عندَ أَبي عليٍّ الفارسيِّ وقد ضُعِّفَ.

قولُه: {فِي الظلمات} يُمكِنُ أنْ يَكونَ خَبرًا ثانيًا لِقولِه: "والذين كَذَّبُوا" ويكون ذلك عبارةً عن العَمَى، ويَصيرُ نَظيرَ الآيةِ الأُخرى: {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} البقرة: 18. فَعَبَّرَ عَنِ العَمَى بِلازِمِهِ، وهو حالُ كونِهِ موجودًا "في الظلمات" والمُرادُ بذلك عَمَى البصيرةِ. ويمكن أنْ يكونَ متَعلِّقًا بمَحذوفٍ على أنَّه حالٌ مِنَ الضميرِ المُسْتَكِنِّ في الخَبَرِ تقديرُه: ضالُّون حالَ كونِهم موجودين، أو مستقرِّين في الظلمات. أو يكونُ صِفةً لـ "بُكْم" فيَتَعلَّقُ أيْضًا بمحذوفٍ أيْ بُكْمٌ كائنون في الظلمات. ويمكن أنْ يَكونُ ظَرفًا على حقيقتِه وهو ظَرْفٌ لـ "صُمُّ" أو لـ "بُكْم" أو لِما يَنوبُ عنْهُما في الفِعْلِ لأنَّ الصِفَتيْن في قُوَّةِ التَصْريحِ بالفِعْلِ.

قوله: {مَن يَشَإِ الله يُضْلِلْهُ} مَنْ" مبتدأٌ وخبرُها ما بعدَها، ومفعولُ "يشأ" مَحذوفٌ أي: مَنْ يَشَأِ اللهُ إضْلالَه. أو هوَ نَصْبٌ بفعلٍ مُضْمَرٍ يُفَسِّرهُ ما بعدَه مِنْ حيثُ المَعنى، ويقدَّرُ ذلك الفعلُ مُتَأَخِّرًا عنِ اسْمِ الشَرْطِ لِئَلَّا يَلزَمَ خُروجُه عنِ الصَدْرِ، والتقديرُ: مَنْ يُشْقِ اللهُ يَشَأْ إضْلالَه ومَنْ يُسْعِدْ يَشَأْ هِدايَتَه. ولا يجوزُ أنْ تكونَ "مَنْ" مفعولًا مُقدَّمًا لـ "يشأ" لِفَسادِ المعنى. فإنْ قَدَّرْنا مُضافًا هو المَفعولُ حُذِفَ وأُقيمتْ "مَنْ" مُقامَه، أي: إضلالَ مَنْ يَشاءُ وهِدايةَ مَنْ يَشاءُ، ودَلَّ على هذا المُضافِ جَوابُ الشَرْطِ. كان ذلك فاسدًا أيْضًا لِما حَكَاهُ الأخفشُ عنِ العَرَبِ من أَنَّ اسمَ الشرطِ غيرِ الظَرْفِ والمُضافِ إلى اسْمِ الشَرْطِ لا بُدَّ أنْ يَكونَ في الجَزاءِ ضَميرٌ يَعودُ عليْه أوْ على ما أُضيفَ إليْه، فالضَميرُ في "يُضْلِلْه" و"يِجْعَلْه" إمَّا أنْ يَعودَ على المُضافِ المَحذوفِ ويَكونَ كقولِه: {أَوْ كَظُلُمَاتٍ فِي بَحْرٍ لُّجِّيٍّ يَغْشَاهُ ..} النور: 40. فالهاءُ في "يغشاه" تَعودُ على المُضافِ أي: كَذِي ظُلماتٍ يَغْشاه، وإمَّا أَنْ يَعودَ على اسْمِ الشَرْطِ، والأَوَّلُ مُمتَنِعٌ، إذْ يَصيرُ التَقديرُ: إضْلالَ مَنْ يَشَأِ اللهُ يُضْلِلْه أي: يُضِلُّ الإِضلالُ.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 72 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 12-15-2013 03:41 PM
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 63 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 2 12-12-2013 01:38 PM
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 68 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 12-12-2013 01:36 PM
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 38 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 11-21-2013 10:11 AM
فيض العليم ... سورة الأنعام، الآية: 20 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 2 11-21-2013 10:10 AM


الساعة الآن 02:27 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir