لماذا يذهب طالب الصف الأول إلى المدرسة ودموعه تسبق قدميه ؟ أيهما أجدى للسن الأولى لل
ما إن تمضي بضعة أسابيع على بداية العام الدراسي حتى نجد أن أغلب عرفاء الصفوف وخاصة في المرحلة الدنيا ( الأول والثاني والثالث ) هم من الطلاب الذين تفوقوا على أقرانهم ليس في الاجتهاد وإنما بعامل الزمن ، أقصد أنهم ممن يكبرون زملاءهم بسنة أو ببضعة أشهر لسبب ما ، فهل هذا مؤشر على أن السابعة هي الأجدى في تكون أن السن الأولى للدخول إلى المدرسة ؟
وحتى لانطلق الأحكام جزافاً لابد من استعراض ماقيل في هذا الشأن ثم الإشارة إلى إيجابيات دخول الطلاب إلى المدرسة في السابعة لا في السادسة . يقول النبي صلى الله عليه وسلم : « أمروهم بالصلاة وهم أبناء سبع » وحيث إن العالم على اختلاف مشاربه وآرائه وفلسفاته وعلومه ومعتقداته يشهد أن النبي لا ينطق عن الهوى ويعترف أنه أفضل مصلح اجتماعي مر على البشرية و أنه الأول بكل شيء ؛ حتى أن عظماء العالم في جميع المجالات دانو لما جاء به ولست بصدد ذكر ذلك فما جاء به أشهر وأعظم من أن تلم به مقالة ؛ لكنني بصدد إشارة النبي إلى أن السابعة من العمر هي المرحلة الأولى للإدراك والتعلم بدليل أننا أمرنا أن نأمر أطفالنا بأداء الصلاة وهم في هذا العمر والصلاة لا تختلف من حيث الالتزام بها وحفظ مفرداتها وتقديسها والانضباط بقواعدها وغير ذلك عن التعلم .
في حين يقول سقراط : « السادسة هي العمر الذهبي للتعلم لدى الطفل » . أظن ( وهو رأي شخصي ) أنه لايقصد بالتعليم الالتزام بالمدرسة ودوام ومنهاج وغير ذلك ، فشتان مابين قدرة الطفل على كسب المعلومة وبين قدرته على الالتزام بالمدرسة والدليل أن الطفل يألف الحضانة بالرغم من أنها في سن قريبة من السادسة ويركض إليها في الصباح ركضاً في حين ندفعه إلى المدرسة ودموعه تسبق قدميه .
أما أفلاطون فيقول عن هذه المرحلة العمرية بأنها « بداية تكوين معارف الطفل بالإضافة إلى ظاهرة الشفافية التي تعتمد على رغبة الطفل في الاعتماد عما يراه وتتلخص باستخدام الكتابة والرسم » .
وإننا لوناقشنا قول أفلاطون سنجد أنه يتوافق مع سن السابعة ، فهو يرى أن هذه المرحلة هي بداية تكوين معارف الطفل ،مادامت بداية فهي حتماً ستكون خفيفة لكن لو منحنا الطفل سنة كاملة فبالتأكيد سوف تقوي لديه هذه الملكة ويصبح قادراً على الاستيعاب التحليل والمناقشة .
ويمكن لي أن أحمل ما قاله سقراط وأفلاطون على شيء مهم هو أن عصرهم كان يفتقر إلى أدوات اللعب المتطورة وسائل التسلية المختلفة التي صارت سمة من سمات عصرنا الحاضر والتي لها دور فعال في جعل الطفل أقل إحساساً بالمسؤولية فتظل نفسه تصبو إلى مرحلة الحرية التي كان يعيشها قبل أن تقيده المدرسة بأنظمتها والدليل أن أبناء البادية أسرع نضجاً من أبناء الريف وأبناء الريف أسرع نضجاً من أبناء المدينة وأبناء الذين لايمتلكون ألعاباً ولا يتابعون التسالي المختلفة أسرع نضجاً من أولئك الذين أغرقهم أهلهم بالألعاب والتسالي وعدم تحمل المسؤولية . وأقصد بالنضج هنا أنهم يتجاوزون في تصرفاتهم المرحلة العمرية التي يعيشونها فيبدون أكبر من أعمارهم .
ومما تقدم أرى أن تكون السابعة هي السن الأولى للتعلم إنطلاقاً من أمور إيجابية أذكر منها ماتيسر لي راجياً من المختصين وأصحاب الخبرة والرأي إغناء الموضوع :
1- يقول المثل : « أكبر منك بيوم أعرف منك بسنة » ، فكيف إذا كان الفارق سنة لايوماِ واحداً ؟
2- زيادة الإدراك حيث ثبت تفوق التلاميذ الذين يدخلون في عمر السابعة على الصعيد العلمي وعلى صعيد الثقة بالنفس ؛ لذا تجدهم يستلمون زمام القيادة والدليل عرفاء الصفوف كما أسلفت .
3- إطالة فترة الحضانة التي هي أقرب إلى نفس الطفل من المدرسة لما تحتويه من ألعاب ورحلات وأناشيد طريفة ودوام قصير واهتمام زائد من المشرفين ومناهج بسيطة قريبة من روح الطفل وغير ذلك .
والحضانة كما نعلم جميعاً هي الخطوة الأولى إلى المدرسة وهي التي تهيئ الطفل نفسياً وجسدياً لتقبل فكرة الدوام والالتزام إضافة إلى أنها المرحلة التمهيدية للتعلم حيث يقطع الطفل فيها شوطاً بعيداً في مسيرة تعلمه ؛ لذا نجد معلمي صفوف الأولى يتسابقون إلى استقطاب التلاميذ القادمين من الحضانات والروضات ويحرصون كل الحرص على أن يكون هؤلاء في عداد طلابهم ؛ لأنهم خبروا بالتجربة الفرق الشاسع بينهم وبين غيرهم .
4- التأقلم مع المناهج العلمية ومتابعتها خاصة في هذا العصر الذي تطورت فيه العلوم وتشعبت المعارف الأمر الذي حمل وزارات التربية في كل أنحاء العالم على أن تكون مناهجها التأسيسية قوية جداً وربما أغلبها لا يتناسب مع أطفال في السادسة من العمر .
5- التخفيف من التسرب الذي هو أكبر عوامل انتشار الأمية ؛ لأن الطالب إذا كان مدركاً لما يعطى له فإنه سوف يتعامل بمحبة مع المنهاج والمعلم والمدرسة ؛ أما إذا كان غير مدرك لما يقدم له فسوف يعادي كل شيء داخل أسوار المدرسة على مبدأ « من جهل شيئاً عاداه » وسوف يولد من رحم المدارس طلاب أميون يحملون الكتب ولا يعرفون ما بداخلها .
وهذا ما هو حاصل الآن ومن أراد أن يطمئن قلبه فليذهب إلى مدارسنا ؛ لكنني أنصح الذاهبين أن يتزودوا بحبوب لارتفاع الضغط وخفقان القلب والهلوسة ؛ لأنهمك سوف يرون العجب والعجاب . وهذه دهوة أوجهها لجميع القائمين على العملية التربوية لإحصاء الأميين في المدارس وتحويلهم إلى مدارس خاصة تعالج .
وضعهم حتى لا يخرجوا من المدرسة بعد عقد ونصف من الزمن كما دخلوها أول مرة .
6- التخفيف من نسبة البطالة من خلال إطالة مدة الدارسة .
ربما يتبادر إلى الذهن أن كثيراً من أبناء المعلمين ممن دخلوا المدرسة قبل سنة قد واكبوا زملاءهم الأكبر منهم سناً أقول : هذا صحيح لكنه نسبي بدليل أن أكثرهم قد ندموا على ترفيع أبنائهم إلى الثاني إضافة إلى أن هناك معلومات تربوية تفيد أن الطفل الأصغر سناً قد يواكب زملاءه ويتماشى معهم في السنوات الأولى فقط لكن الغالبية العظمى منهم تتراجع لديهم القدرة على الاستيعاب بعد السنوات الأولى ويظل هذا التراجع مستمراً طيلة فترات الدراسة ناهيك عن انطوائهم على أنفسهم وانقيادهم لمن هم أكبر منهم وغير ذلك .
وربما يتبادر إلى الذهن أيضاً أننا إذا أردنا تطبيق ذلك سنقع في إشكالية غياب طلاب سنة دراسية كاملة وهذا حتماً سيؤدي إلى خلل في رفد مسيرة العمل أقول : يمكن قبول الطلاب الأقرب إلى السابعة بدءاً من السنة التي يتم فيها إصدار القرار ، وهكذا حتى تعتدل الأمور .
وحرصاً على تعزيز المعلومة برأي أهل الخبرة والاختصاص تم التوجه بهذا السؤال إلى السيد محمد مصطفى الحسن الحائز على دبلوم التأهيل التربوي وعلى إجازة في الفلسفة وعلم النفس فقال : يغلب على اليوم الأول في المدرسة أن يكون يوماً مشهوداً في حياة الطفل ؛ لأنه اليوم الأول الذي يترك فيه الطفل جو الأسرة المألوف ليدخل جواً جديداً صاخباً يضم عدداً كبيراً من الأفراد ربما لايكاد يعرف واحداً منهم ؛ اذا يثير الدخول إلى المدرسة سؤالاً أساسياً بشأن عمر الطفل الذي يتوجه إلى المدرسة لأول مرة فهل يكون الخامسة أم السادسة أو السابعة ؟
إن أكثر دراسات علم النفس أشارت إلى وجود تطور مناسب في نمو الطفل بين الرابعة والسادسة باتجاه النضج
وإنه من الخطر وضع الطفل في المدرسة الابتدائية قبل أن يكون في درجة عالية من النضج .
وحيث إن الاختيار خاضع لعدد من العوامل تعود إلى ماكان يتناوله الطفل من تربية وفرص نضج في بيته ومجتمعه ؛ لذا جاء الاختيار متفاوتاً فاعتمدت بعض البلدان مثل بريطانيا سن الخامسة تفادياً لأخطار الضعف في النضج والتي يحتمل وجودها في الرابعة من العمر ، ومالت بلاد كثيرة إلى اختيار السادسة من العمر على أساس النضج الجيد الذي تنطوي عليه تلك السن مثل : فرنسا ، وأمريكا وبعض الدول العربية ، بينما اتجهت دول أخرى إلى اعتماد السابعة من العمر ومن هذه الدول روسيا وبعض البلدان العربية ؛ أما تأخير دخول الطفل إلى المدرسة حتى يتجاوز السابعة فليس له مبرر كاف حسب النتائج التي توصل إليها علم النفس .
__________________
ركعتان في جوف الليل خير من الدنيا ومافيها
أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا
03-27-2009
رد: لماذا يذهب طالب الصف الأول إلى المدرسة ودموعه تسبق قدميه ؟ أيهما أجدى للسن الأولى
تعليمات المشاركة
المواضيع المتشابهه
العرض العادي
