أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           لا إله إلا الله وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد،يُحيي ويُميت،وهو حي لا يموت،بيده الخير وهو على كل شئ قدير           

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-27-2009
  #1
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي سبحان الذي أسرى بعبده


سدت قريش كل طريق في وجه الدعوة في مكة، وفي ثقيف وفي قبائل العرب، وبينما فكت الحصار عن المسلمين، وأوقفت المقاطعة إلا أنها أحكمت الحصار ضد الدعوة ورجالاتها من كل جانب، وقطعت كل سبيل إلى انتشارها، وأصبح النبي صلى الله عليه وسلم في خطر بعد وفاة عمه أبي طالب، وجاءت حادثة الإسراء والمعراج كمنحة تكريم من رب العالمين، فيعرج به من دون الخلائق جميعا، ويكرمه على صبره وجهاده، ويلتقي به مباشرة دون رسول ولا حجاب، ويطلعه على عوالم الغيب دون الخلق كافة، ويجمعه مع إخوانه من الرسل في صعيد واحد، فيكون الإمام لهم وهو خاتمهم وآخرهم.



وكما قيل بحق فإن الإسراء والمعراج لم تكن مجرد معجزة خاصة بالنبي صلى الله عليه وسلم، رأى فيها الآيات الكبرى، وتجلى له ملكوت السماوات والأرض مشاهدة وعيانا، بل كانت بالإضافة إلى ذلك إعلانا سماويا أن محمدا صلى الله عليه وسلم هو نبي القبلتين، وإمام الأنبياء والمرسلين، التقت في إسرائه مكة بالقدس، والبيت الحرام بالمسجد الأقصى، وصلى الأنبياء خلفه، فكان هذا إيذانا بعموم رسالته، وخلود إمامته وإنسانية تعاليمه، “وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين”.



رحلة مزدوجة



هي رحلة مزدوجة، أرضية سماوية، أرضية سميت بالإسراء، وانطلقت من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى: “سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير”، وسماوية سميت بالمعراج، وانطلقت من المسجد الأقصى ارتفاعاً من عالم الأرض إلى عالم السماء، والارتقاء من سماء إلى أخرى إلى حيث سدرة المنتهى، وانتهت عند المسجد الحرام: “ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى عندها جنة المأوى إذ يغشى السدرة ما يغشى ما زاغ البصر وما طغى لقد رأى من آيات ربه الكبرى”.



جاءت الرحلة في نهايات الفترة المكية التي تأسس فيها الإسلام في قلوب المؤمنين الذين دخلوا فيه، وحوصر فيها المسلمون وأوذوا أشد الإيذاء، وتفرقت قريش بين مصدق ومكذب، وقد مهد لهذه الرحلة العظيمة بشق صدره، وكان صلى الله عليه وسلم في الحجر مضطجعا إذ أتاه جبريل فشق ما بين أسفل رقبته إلى أسفل بطنه، فاستخرج قلبه ثم أتي بطست من ذهب مملوءة إيمانا، فغسل قلبه ثم حشي ثم أعيد، ثم أتي بدابة بيضاء دون البغل وفوق الحمار هي البراق، يضع رجله عند أقصى طرفه، يقول صلى الله عليه وسلم: فركبته حتى أتيت بيت المقدس قال: فربطته بالحلقة التي يربط بها الأنبياء، ثم دخلت بيت المقدس، فجمع لي الأنبياء عليهم السلام، فقدمني جبريل عليه السلام حتى أممتهم، ثم خرجت فجاءني جبريل عليه السلام بإناء من خمر وإناء من لبن فاخترت اللبن، فقال جبريل: اخترت الفطرة.



سدرة المنتهى



قال صلى الله عليه وسلم: ثم عرج بي إلى السماء الدنيا، فاستفتح جبريل، فقيل له: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بآدم، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء الثانية، فاستفتح جبريل فقيل له: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، قيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بابني الخالة يحيى وعيسى، فرحبا بي، ودعوا لي بخير، ثم عرج بي إلى السماء الثالثة، فاستفتح جبريل فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، فقيل: ومن معك؟ فقال: محمد، فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد أرسل إليه، ففتح لنا فإذا أنا بيوسف عليه السلام، وإذا هو قد أعطي شطر الحسن، فرحب بي ودعا لي بخير. ثم عرج بنا إلى السماء الرابعة فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد أرسل إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا فإذا أنا بإدريس، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم (قال): يقول الله تعالى: “ورفعناه مكانا عليا”.



ثم عرج بنا إلى السماء الخامسة، فاستفتح جبريل فقيل من أنت؟ قال جبريل، فقيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: قد أرسل إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بهارون، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السادسة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل، قيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بموسى عليه السلام، فرحب بي ودعا لي بخير، ثم عرج بنا إلى السماء السابعة، فاستفتح جبريل، فقيل: من أنت؟ قال: جبريل. قيل: ومن معك؟ قال: محمد، فقيل: وقد بعث إليه؟ قال: قد بعث إليه، ففتح لنا، فإذا أنا بإبراهيم عليه السلام، وإذا هو مستند إلى البيت المعمور، وإذا هو يدخله كل يوم سبعون ألف ملك، ثم لا يعودون إليه، ثم ذهب بي إلى سدرة المنتهى، فإذا ورقها كآذان الفيلة، وإذا ثمرها كالقلال، فلما غشيها من أمر الله ما غشيها، تغيرت، فما أحد من خلق الله تعالى يستطيع أن يصفها من حسنها.



قال: فأوحى الله إلي ما أوحى، وقد فرض علي في كل يوم وليلة خمسين صلاة، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى عليه السلام، قال: ما فرض ربك على أمتك؟ قلت: خمسين صلاة في كل يوم وليلة، قال: ارجع إلى ربك، فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، وإني قد بلوت بني إسرائيل وخبرتهم، قال: فرجعت إلى ربي، فقلت: أي رب خفف عن أمتي، فحط عني خمسا، فنزلت حتى انتهيت إلى موسى، فقال: ما فعلت؟ فقلت: قد حط عني خمسا، فقال: إن أمتك لا تطيق ذلك، فارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، قال: فلم أزل أرجع بين ربي وبين موسى، ويحط عني خمسا خمسا حتى قال: يا محمد هن خمس صلوات في كل يوم وليلة، بكل صلاة عشر، فتلك خمسون صلاة، ومن هم بحسنة فلم يعملها، كتبت له حسنة، فإن عملها كتبت عشرا، ومن هم بسيئة فلم يعملها، لم تكتب، فإن عملها كتبت سيئة واحدة، فنزلت، حتى انتهيت إلى موسى فأخبرته، فقال: ارجع إلى ربك فاسأله التخفيف لأمتك، فإن أمتك لا تطيق ذلك، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لقد رجعت إلى ربي حتى استحييت، قال: فاهبط باسم الله.



ومن أجلّ ما في هذه الرحلة السماوية أن الله فرض في تلك الليلة على نبيه وأمته وقد طويت المسافات وزالت الحجب خمس صلوات في اليوم والليلة، أمرهم بالمحافظة عليها، وجعلها عليهم كتابا موقوتا، بها يناجون ربهم، وبها يقومون بواجب العبودية التي خلعت حلتها على نبيهم في تلك الليلة، وبها يتغلبون على الشهوات والأهواء، وبها تغرس في قلوبهم مكارم الأخلاق، وبها يستعينون على مشاق الحياة: “يا أيها الذين آمنوا استعينوا بالصبر والصلاة إن الله مع الصابرين”.



الامتحان الكبير



كان صلى الله عليه وسلم يعلم أن القوم سيكذبونه، وكان أن مر به عدو الله أبو جهل فجاء حتى جلس إليه، فقال له كالمستهزئ: هل كان من شيء؟ قال: نعم، قال: وما هو؟ قال: إني أسري بي الليلة، قال: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس، قال: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم، فلم يره أنه يكذبه مخافة أن يجحده الحديث إن دعا قومه إليه، قال: أرأيت إن دعوت قومك، أتحدثهم ما حدثتني؟ قال: نعم، قال: هيا معشر بني كعب بن لؤي، فانفضت إليه المجالس، وجاءوا حتى جلسوا إليهما، قال: حدث قومك بما حدثتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني أسري بي الليلة، قالوا: إلى أين؟ قال: إلى بيت المقدس، قالوا: ثم أصبحت بين ظهرانينا؟ قال: نعم، قال: فمن بين مصفق ومن واضع يده على رأسه متعجبا، قالوا: وتستطيع أن تنعت المسجد وفي القوم من قد سافر إليه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذهبت أنعت فما زلت أنعت حتى التبس علي بعض النعت فجيء بالمسجد وأنا أنظر إليه حتى وضع دون دار عقيل أو عقال فنعته وأنا أنظر إليه، فقال القوم: أما النعت فوالله لقد أصاب.



ولما أخبرهم أنه صلى بالأنبياء في بيت المقدس، ومنهم إبراهيم وموسى وعيسى، قالوا: صفهم لنا، فقال: أما عيسى، ففوق الربعة، ودون الطول، عريض الصدر، ظاهر الدم، جعد، أشعر تعلوه صهبة، كأنه عروة بن مسعود الثقفي، وأما موسى فضخم آدم طوال، كأنه من رجال شنوءة، متراكب الأسنان، مقلص الشفة، خارج اللثة، عابس، وأما إبراهيم فوالله إنه لأشبه الناس بي، خلقا وخلقا.



ثم سألوه عن عيرهم فقال لهم: أتيت على عير بني فلان بالروحاء، قد أضلوا ناقة لهم، فانطلقوا في طلبها، فانتهيت إلى رحالهم ليس بها منهم أحد، وإذا قدح ماء فشربت منه فاسألوهم عن ذلك، قالوا: هذه والإله آية، قال: ثم انتهيت إلى عير بني فلان، فنفرت مني الإبل، وبرك منها جمل أحمر عليه جوالق، مخطط ببياض، لا أدري أكسر البعير، أم لا فاسألوهم عن ذلك، قالوا: هذه والإله آية، قال: ثم انتهيت إلى عير بني فلان في التنعيم، يقدمها جمل أورق، وها هي تطلع عليكم من الثنية، فقال الوليد بن المغيرة: ساحر، فانطلقوا فنظروا، فوجدوا الأمر كما قال، فرموه بالسحر، وقالوا: صدق الوليد بن المغيرة فيما قال.



تمادى الكفار في عنادهم وشركهم، وارتد ناس ممن كانوا آمنوا به وصدقوه، وسعوا بذلك إلى أبي بكر الصديق فقالوا: هل لك إلى صاحبك، يزعم أنه أسري به الليلة إلى بيت المقدس، قال: أو قال ذلك؟ قالوا: نعم، قال: لئن كان قال ذلك لقد صدق، قالوا: أو تصدقه، أنه ذهب الليلة إلى بيت المقدس وجاء قبل أن يصبح؟ قال: نعم إني لأصدقه فيما هو أبعد من ذلك، أصدقه بخبر السماء.



وبقيت الإسراء والمعراج رحلة لا مثيل لها، لم يحظ بشرفها أحد قبل النبي محمد صلى الله عليه وسلم ولا بعده، لا أحد قبله نال هذا التكريم من رب العالمين، ولا أحد بعده يمكن أن يناله، هي من ناحية آية من آيات الله الكبرى، ومنحة تكريم من الله القوي العزيز إلى نبيه صلى الله عليه وسلم، وهي من ناحية أخرى تحضير وتمحيص لمرحلة مقبلة من تمام نعمة الله على رسوله والمؤمنين، مرحلة يبدأ فيها الجهاد يأخذ مناحي جديدة، وتزيد فيها التكاليف والأعباء، ويؤمر فيها المسلمون بالهجرة من ديارهم إلى دار يقام فيها بنيان الإسلام، وليقضي الله أمرا كان مفعولاً.
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
تهذيب واختصار لشرح الإمام زروق الفاسي على حزب البحر admin رسائل ووصايا في التزكية 0 07-28-2011 12:18 AM
برنامج عربي لشرح كيفية تخلي الويندوز اكس بي طيارة احمد قسم الحاسوب 4 08-01-2009 11:19 PM
مصري يعرض بيع أطفاله نوح القسم العام 3 05-16-2009 11:39 AM
يوميات رجل مصري شريف علاء الدين ركن بلاد الشام 2 01-10-2009 12:17 AM
المقصد الاسنى لشرح اسمآء الله الحسنى علاء الدين المكتبة الاسلامية 0 09-10-2008 03:20 AM


الساعة الآن 08:34 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir