بسم الله الرحمن الرحيم





عَزَّ العَزاءُ وجَــــــلَّ فيــكَ مُصابي
يا كعبَـــةَ الأَرواحِ والأَلـبـــــــــــــابِ
يا مُرْشـــــــداً ضَــمَّ الوُجودَ فـؤادُهُ
أنّى تُضَــــــمُّ بحفْــــــــــرةٍ وتُرابِ؟
أَطــلقتَ أَرواحــــاً فَكَكْتَ إســـارَها
من رِبقَــــــــةِ الأهــــواء والأَسبابِ
وبهــــا عَرَجْتَ لربِّهــــــــا وتَركْتَهـا
في حضرةِ القُـدّوسِ دونَ حِجابِ
مـا كنتَ تَسْــــــألُهـــــا ثَواباً إنّمــــــا
عـنـــــــد الكريـــــم البَرِّ خيرُ ثوابِ
لله كم بِتْنــــــــا ووجهُكَ بينَنـــــــــــا
بَدرُ السَـمَــــاء يلوحُ للأحبـــــــابِ
زُغْباً أَتيْنـا لا تَطالُ غـــــــــذاءهـــا
فغـَــــــذَوْتَنــــــــــا بالـعِلــــم والآدابِ
أَيْـنَ اللّيـــــــالي ، أَيْــنَ منّـي فِـتْيــةٌ
في (العادليّـــــةِ) قِبْلَـــــةِ الطُلاّب ؟
أَيْـن الشبــــــــابُ وأَيْـن أيّــامُ الهَنــا
مُذْ غِبْتَ ولّى بالهَنــــــاء شَــــبـابي
قد كنتَ أوَّلَ مَـنْ عَمَرْتُ بحُـبِّـــــهِ
قــــلبي وحقِّكَ ما الفُؤادُ بِصــــاب
(كم مَـنزِلٍ في الحيِّ يألَفُـــــهُ الفتى
وحنينُـــــــــهُ أَبَــــــــــداً لأوّلِ) بابِ
* * *
يا حاضِراً بـين الضُـلوعِ وطَيْفُــــــهُ
في العــين تحتَ الجَفْنِ والأَهْـدابِ
أَرْضَعْتَني لَبَنَ المَحَـبَّــــةِ خــــالِصــاً
كيف الفِطامُ ؟ومـا يكونُ شرابي؟
ورَحَلْتَ بالأرواح مـنّــــــــــا والنُهى
وتَركتنـــــــا في لوعــــــةٍ وسِــــلابِ
يا ليتني قبـلَ الرَحيـلِ كَحَلْتُ من
مَرآ ك عينـي أَوْ قَطَفْتُ رِغــــابي
* * *
حُزْني عليـكَ وحَسْـرَتي لا تنتهي
حتى تُـشَفَّــــعَ بي بيومِ حســابي
عهدٌ عليكَ إذا الــوجــوهُ عَنَتْ لـهُ
وخشيتُ يومَ الدينِ فتْــحَ كتـابي
فلَقـــــد حُسِبْتُ عـــليكمُ يا سيِّدي
وَلَكَمْ رَميْتُ النفسَ في الأَعْتــــــابِ
ولَكَمْ وقفتُ وكم طُرِدْتُ وكم هَمَى
طَرفي وكم أجْلستُ خلفَ البـــابِ
مــــا كنتَ إذْ تَـقْسو فتَطرُدُ عابثــاً
أوْ مُعْرِضـــــــاً عنّي وعــن أَتْرابي
بل مُرْشِــــــــداً ومُربّيــــاً ومُرقّيـــاً
ومُخـلِّصـــــــاً نَفسي من الأَوْشابِ
فَلَكُمْ يَعـــــودُ الفضلُ فيمَــــا زانني
من عاطــرِ الأوْصـــــــاف والآدابِ
أَنتم جَـــــلاءُ القَـــلبِ من أوضــارِهِ
وبكم عُـروجُ الـــــروحِ للوهّــــــابِ
لله أنتــــم معشرَ العــلـمَـــــــــاءِ كـم
أَسْكَرْتمونا مــن شَــــــذا الأكـوابِ
دارتْ عــــلينــــــا من نَداكم أكؤسٌ
من خمرةِ العِرفان لا الأعنــــــابِ
فبكم تُضــــــاءُ الأرضُ إمّا أظلمت
وبكم نُغــاثُ مَعـــــاشِرَ الأَقطــــابِ
قُمْ في الجِنـــــان وقَرَّ عيناً سيِّـــدي
فلَقــد غَمَرْتَ رِحـــابَها بمــــلابِ
هـــذي الوِرادُ الذاكِيَــــاتُ تَفَتَّحتْ
فأريجُهـــــا يَزْهو على الأَطْيــــابِ
وطَريـقُكــم مــا زالَ يَعْبُقُ بالشَـــذا
وسَناكمُ مــــــا زالَ في الأَحـبــــــابِ
خَلَّفتُـــمُ دَرَباً خَبيـــــراً عــارفـــــــاً
بمَواطِنِ الأَخْطـــــــــار والأَعْطابِ
رُبّانَ فـــــــــوزٍ إنْ تلاطَمَ مَـوْجُهــــا
قادَ السَفينَـــــةَ هــادئ الأَعْصــابِ
مُتَدرِّعاً بالشَرعِ شَرْعِ (محمّـــد)
ماحي الضَلالـــــةِ طهِرِ الأنســابِ
صــلّى عــليـــهِ اللهُ مــا شَــــعَّ السَنا
من مَنبـــــــعِ الأنوارِ دون نَقــــابِ
وعلى شموسِ الحَــقِّ أَقْمَار الدُجا
آل النبيِّ الغُرِّ والأَصحـــــــــــــــابِ