أقدم سائقة تاكسي عربية تتقاعد
تقضي عيشة يوسف إبراهيم أقدم سائقة سيارة أجرة (تاكسي) في الجزيرة العربية والخليج بقية عمرها طريحة الفراش بمدينة عدن جنوبي اليمن بعد أن أثقل كاهلها نحو ثمانية عقود قضت منها قرابة نصف قرن خلف مقود السيارة.
وتتحسر عيشة إبراهيم (73 عاما) على تاريخ طويل تلخصه الشهادات التقديرية والصور الفوتوغرافية خلال عملها سائقة سيارة أجرة منذ منتصف الخمسينيات بعدن حيث كانت لا تزال مستعمرة بريطانية.
وتشير إلى شهادات تقديرية حصلت عليها من الحاكم البريطاني لعدن ومن أسر عريقة ومؤسسات، تعرضت جميعها للتلف بسبب أمطار غزيرة اجتاحت عدن عام 1993 وشملت حجرتها الملاصقة لمنحدر ملاصق لتل.
وتقطن عيشة إبراهيم في حي القطيع بضاحية بلدة كريتر (أعتق بلدة بمدينة عدن) وحيدة يشاركها حجرتها مذياع صغير، هو جزء من حياتها اليومية.
وتقيم في منزل متواضع داخل الحي يسكنه الفقر وهو عبارة عن حجرة واحدة أشبه بسرداب ولا تتعدى مساحتها الثمانية أمتار مربعة.
وكانت إدارة مرور عدن قد كرمتها في عام 2006 ومنحتها شهادة تقدير بوصفها أقدم سائقة سيارة أجرة في الجزيرة والخليج.
وتشير عيشة للجزيرة نت إلى أن ما يؤرقها بعد أن أصبحت غير قادرة على الحركة قيام شبان مجهولين قبل سنوات بسرقة سيارتها من نوع "أوبل" من أمام منزلها وبيع أجزائها لتجار الحديد الخردة.
وتتحدث عن تجربتها بفخر وحنين إلى الماضي بالقول "عملت سائقة سيارة أجرة منذ منتصف الخمسينيات ولم يحدث طيلة فترة عملي التي استمرت قرابة 45 عاماً أن ارتكبت أي مخالفة أو حادث مروري".
وتنحدر عيشة من بلدة الشحر بمحافظة حضرموت وهي مولودة لأبوين يحملان الجنسية الصومالية، وقد انتقلت إلى محافظة عدن مع شقيقتها بعد أن توفي والداها.
ومع أنه لم يسبق لها الزواج كانت كذلك امرأة عادية لم تنل حظها من التعليم حيث يصفها أبناء الحي بأنها خرجت من رحم المعاناة حين مات أبواها وهي لا تزال صبية لا تتجاوز سن الخامسة عشرة.
بدأت عيشة مشوار كسب لقمة العيش في كشك خشبي صغير في أحد الأحياء الشعبية بكريتر تبيع فيه السجائر وبعض المثلجات قبل أن يتبرع أحد جيرانها بتعليمها مهنة السياقة.
وفي سن الثامنة عشرة تمكنت من جمع ثمن سيارة وبدأت العمل سائقة سيارة أجرة تقدم خدمات التوصيل لبعض الأسر بعدن.
وتصف عيشة تجربتها مع السيارة بقولها "كنت أقوم بصيانة السيارة بنفسي ولم يحدث أن تعرضت للمضايقة أو المنع من قبل أحد وكنت أحظى باحترام وتشجيع من قبل الجميع".
وعلى الرغم من ما يكبل حركة جسدها اليوم من أمراض الشيخوخة، لا تبدى المرأة المسنة لزائريها إشارات الوهن، فهي -كما يصفها أحد جيرانها- "جُبلت على الشدة طيلة مشوار حياتها".