أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           لا إله إلا الله وحده لا شريك له،له الملك وله الحمد،يُحيي ويُميت،وهو حي لا يموت،بيده الخير وهو على كل شئ قدير           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 10-14-2014
  #1
عبد القادر الأسود
عضو شرف
 الصورة الرمزية عبد القادر الأسود
 
تاريخ التسجيل: Feb 2010
المشاركات: 216
معدل تقييم المستوى: 15
عبد القادر الأسود is on a distinguished road
افتراضي فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 130

وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ (130)
قولُهُ ـ تعالى جَدُّه: {وَلَقَدْ أَخَذْنَا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ} شُروعٌ في تَفصيلِ مَبادي الهَلاك المَوْعودِ بِهِ، وإيذانٌ بأنهم أُمْهِلوا حتى تحولوا مِنْ حالٍ إلى حالٍ إلى أَنْ حَلَّ بهم عذابُ الاستئصال، وتصدير الجُملةِ بالقَسَمِ "ولقد" لإظهارِ الاعْتِناءِ بمَضمونها، ولَقَدْ ابْتَلَى اللهُ قَوْمَ فِرْعَوْنَ "آلَ فِرْعَوْنَ" بِسِنِينٍ عِجَافٍ، قَلَّتْ فِيهَا الزُّرُوعُ فَجَاعُوا، فالمرادُ بالسنينِ القحطُ، وقدْ غلبت في ذلك حتى صارت كالعَلَمِ للقحطِ لِكَثْرَةِ ما يُذْكَر ويُؤرَّخُ بِها، وليس العامُ الخصيبُ كذلك. والمُرادُ بآلِ فرعونَ أَتباعُه مِنَ القِبْطِ، وإضافةُ الآلِ إلى فرعون، لما فيه مِنَ الشَرَفِ الدنيوي الظاهر، وإنْ كان في حقيقة الأمرِ خَسيساً، إذ لا يُضافُ الآلُ إلاَّ إلى الأشْرافِ.
قولُه: {وَنَقْصٍ مِنَ الثَّمَرَاتِ} وَنَقَصَتْ فِيهَا الثَّمَراتُ، قال قتادةُ: أمَّا السنُونَ فلأهلِ البوادي، وأمَّا نقصُ الثَّمراتِ فلأهلِ الأَمصارِ. وَنَقْصُ الثمراتِ يكونُ بكَثرةِ عاهاتِ الثِمارِ وخُروجِ اليَسيرِ منها. أخرج الحكيم الترمذي في نوادرِ الأُصولِ، وابنُ أبي حاتمٍ عنِ ابنِ عبّاسٍ ـ رضيَ اللهُ تعالى عنهما ـ قال: لما أَخذَ اللهُ تعالى آلَ فرعونَ بالسنين يَبِسَ كلُّ شيءٍ لهم، وذَهَبتْ مواشيهم، حتى يَبِسَ نيلُ مِصرَ، فاجْتمعوا إلى فرعونَ وقالوا له: إنْ كُنتَ كما تَزعُمُ فأْتِنا في نِيلِ مِصرَ بماءٍ فقال: غدوةً يَصْبَحُكُمُ الماءُ، فلمَّا خَرجوا مِنْ عِندِه قالَ أيّ شيءٍ صنعت؟ أنا لا أَقْدِرُ على ذلك، فغداً يُكذِّبونني، فلمّا كان جوفُ الليلِ قام واغتسلَ ولَبِسَ مُدَرَّعةَ صوفٍ، ثم خرجَ حافياً حتى أتى النيلَ، فقامَ في بطنِه فقال: اللهمَّ إنَّك تعلمُ أني أَعْلَمُ أنَّكَ تقدِرُ على أَنْ تملأَ نيلَ مصرَ ماءً، فاملأْهُ ماءً. فما عَلِمَ إلاَّ بخريرِ الماءِ يُقبلُ، فخَرَجَ، وأَقبلَ النيلُ مُتْرَعاً بالماء، لمِا أَرادَ اللهُ تَعالى بهم مِنَ الهَلَكَةِ، وهذا إنْ صحَّ فإنَّما يَدُلُّ على أنَّ الرجلَ لم يَكنْ دَهريّاً نافياً للصانِعِ وإنَّما هي شهوة الحكم والرغبة في التسلُّط على الآخرين، فإنَّ الجاحد إذا ما ألمَّ به كربٌ التجأ في قرارة نفسه إلى الله، فإنَّ اللهَ تبارك وتعالى يخلق الناسَ على فِطْرَةِ الإيمان، قال تعالى في سورة الروم: {فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا فِطْرَتَ اللهِ الَّتِي فَطَرَ النَّاسَ عَلَيْهَا لا تَبْدِيلَ لِخَلْقِ اللهِ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} الآية: 30. وفي الصحيحين من حيث أبي هريرة عن النبيِّ ـ صلى اللهُ عليه وسلَّمَ أنَّه قال: ((كُلُّ مولود يُولَدُ عَلَى الفِطْرَةِ، فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنصِّرانِهِ أو يُمجِّسَانِهِ)). لكنَّ نفسه وشيطانَه والبيئة التي يعيش فيها تؤثِّر على أفكاره، فيتأثر بها ويعتقد بمعتقدها، لكنَّ الإيمان يبقى مستقرّاً في قرارة نفسِه فإذا تعرض لخطب أو ألمت به مصيبة، توهّجت شعلةُ الإيمان ونفضت عنها الرماد، وقد أكّدَ هذا المعنى ربُّ العزة في محكم تنزيله فقال في سورة النمل: {وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا} الآية: 14.
قولُه: {لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ} لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ مَا كَانُوا فِيهِ مِنَ النَّعِيمَ وَالخَيْرَاتِ، فَيَعْرِفُوا أَنَّ اللهَ ابْتَلاَهُمْ بِذَلِكَ الجُوعِ، وَبِنَقْصِ الثَّمَرَاتِ لِيُؤْمِنُوا بِاللهِ، وَلِيُدْرِكُوا عَجْزَ فِرْعَوْنَ وَآلِهتِهِ أَمَامَ عَظَمَةِ اللهِ تَعَالَى، وَبَالِغَ قُدْرَتِهِ، وَليَكُفُّوا عَنْ ظُلْمِ بَنِي إِسْرَائِيلَ، وَيَسْتَجِيبُوا لِدَعْوَةِ مُوْسَى، لأنَّ المَصَائِبَ تُرَقِّقُ القُلُوبَ القَاسِيَةَ. و"يَذَّكَّرُّونَ" يتَّعظون، ذلك لأنَّ الشِدَّةَ تُرَقِّقُ القلوبَ، وتُرَغِّبُ فيما عندَ اللهِ.
وفي هذه الآيةِ الكريمة دليلٌ على أنَّهُ ـ سبحانه وتعالى ـ فعلَ ذلك لإرادة أَنْ يَذَّكَّرُوا، وأَنْ لا يُقيموا على كفرهم، وأجابَ الواحديُّ: (بأنَّهُ قد جاءَ لفظا الابتلاءِ والاختبارِ في القرآن الكريم لا بمعنى أنَّه تعالى يمتحنُهم، لأنَّ ذلك على اللهِ مُحَالٌ، بل إنَّه تعالى عاملهم معاملة تشبه الابتلاءَ والامتحانَ، فكذا ههنا). ذلك أنَّ الامتحان إنّما يكون في العادة ليعلم الممتحنُ أمراً يجهلُه في الممتحَنِ، وهذا هو المحالُ في حقِّهِ ـ سبحانه ـ إلاَّ إذا كانت الغاية من الامتحانِ إقامة الحجَّةِ على الممتَحَنِ ومعاملتُه بما يتناسبُ مع فعله، وهو مقتضى العدالة الإلهية، حتى لا يقولَ قائلٌ وكيفَ عُلِمَ أنّي سأفعلُ كذا وكذا وأنا لم أفعلْه؟. ومثالُ ذلك أَنَّ المعلِّمَ يَعرِفُ مِنْ تِلميذِه مُسْتَوى تحصيلِه والدرجة التي يستحقها قبلَ أنْ يُخْضِعَهُ للامتحانِ، لكنَّه إنْ فَعَلَ دُونَ امْتِحانٍ فإنَّ مِنْ حَقِّ التلميذِ أَنْ يَعْتَرِضَ عَلَيْهِ، ولله المثلُ الأعلى واللهُ أَعْلَمُ بمراده.
قوله تعالى: {بالسنين} جمعُ سَنَة. وفيها لغتان أشهرهما: إجراؤُه مُجْرى جمع المذكر السالم فيُرفع بالواو ويُنْصب ويُجَرُّ بالياء، وتُحْذَفُ نونُه للإِضافة. قال النحاة: إنما جرى ذلك المجرى جبراً له لِما فاته مِنْ لامه المحذوفة، فلامُها واوٌ أوْ هاءٌ، وقد اشتقوا منها فقالوا: أَسْنَتِ القومُ إذا قحطوا، وقلبوا اللامَ تاءً لِيُفَرِّقوا بين ذلك وقولهم أَسْنى القومُ إذا لَبِثوا في مَوْضِعٍ سَنَةً، وهو شاذٌّ لا يُقاسُ عليه.
واللغةُ الثانيةُ: أن يُجْعَلَ الإِعرابُ على النونِ ولكنْ مَعَ الياءِ خاصَّةً. نَقَلَ هذِهِ اللُّغةَ أَبو زَيْدٍ والفَرّاءُ. ثم لك فيها أيضاً لغتان، إحداهما: ثبوتُ تنوينها، والثانيةُ عدمهُ.
قال الفراء: هي في هذه اللغة مصروفة عندَ بني عامر وغير مصروفة عند بني تميم. ووجه حذف التنوين التخفيف، وحينئذ لا تُحْذف النون للإِضافة، وعلى ذلك جاء قولُ الصِمَّةَ بْنِ عبدِ اللهِ القُشَيريّ من الطويل:
دَعَانيَ مِنْ نَجْدٍ فإنَّ سنينَه ................. لَعِبْنَ بنا شِيْباً وشَيَّبْنَنَا مُرْدا
وقد أخذ هذا المعنى من بيتٍ نسبَهُ بعضهم لحسان بنِ ثابت الأنصاري ـ رضي اللهُ عنه وهو:
إذَمٌ واللهِ نَرميهم بحرْبٍ ................ تشيب الطفل من قبل المشيب
وجاء الحديث: ((اللهم اجعلها عليهم سنين كَسِني يوسف)). و ((سنيناً كسنينِ يوسف)) باللغتين.
وفي لام "سَنَة" لغتان، أحدهما: أنها واو لقولهم: سنوات وسانَيْتُ وسُنَيَّة. والثانية: أنه هاءٌ لقولهم: سانَهْتُ وسَنَهات وسُنَيْهَة. وليس هذا الحكمُ المذكور أعني جَرَيَانَه مَجْرى جمعِ المذكر أو إعرابَه بالحركات مقتصراً على لفظ سنين بل هو جارٍ في كل اسمٍ ثلاثي مؤنث حُذِفتْ لامُه وعُوِّضَ منها تاء التأنيث ولم يُجْمع جمع تكسير، نحو ثُبة وثبين، وقُلة وقُلين. وتَحَرَّزْتُ بقولي "حُذِفَتْ لامُه" ممَّا حُذِفَتْ فاؤه نحو: لِدة وعِدَة. وبقولي "ولم يُجْمع جمع تكسير" مِنْ "ظُبَة وظُبَى". وقد شذَّ قولهم "لِدُون" في المحذوف الفاء، وظِبون في المكسَّر قال
يرى الراؤون بالشَّفَراتِ منها ............. وُقودَ أبي حُباحبَ والظُّبينا
واعلم أن هذا النوعَ إذا جَرَى مَجْرى الزيدِيْنَ فإن كان مكسورَ الفاء سَلِمَتْ ولم تُغَيَّر نحو: مئة ومئين، وفئة وفئين. وإن كان مفتوحَها كُسِرَتْ نحو سنين، وقد نُقِل فتحُها وهو قليلٌ جداً. وإن كان مضمومَها
جاز في فائهِ الوجهان: أعني السَّلامة والكسر نحو: ثُبين وقُلين.
وقد غَلَبت السَّنَة على زمانِ الجَدْب، والعام على زمان الخصب حتى صارا كالعلَم بالغلبة، ولذلك اشتقوا من لفظ السنة فقالوا: أَسْنَتَ القومُ. قال ابن الزبعري من الكامل:
عمروُ الذي هَشَمَ الثَّريدَ لقومِه ......... ورجالُ مكةَ مُسْنِتونَ عجافُ
وقال حاتم الطائي:
وإنَّا نُهيْنُ المالَ في غيرِ ظِنَّةٍ ........... وما يَشْتكينا في السنين ضريرُها
ويؤيِّد ما ذَكَرْتُ لك ما في سورة يوسف: {تَزْرَعُونَ سَبْعُ سِنِينَ} سورة يوسف، الآية: 47. ثم قال: {سَبْعٌ شِدَادٌ} سورة يوسف، الآية: 48. فهذا في الجَدْب. وقال: {ثُمَّ يَأْتِي مِن بَعْدِ ذلك عَامٌ فِيهِ يُغَاثُ الناس} سورة يوسف، الآية: 49.
وقوله: {مِّن الثمرات} متعلِّقٌ بِ {نَقْصٍ}.
__________________
أنا روحٌ تضمّ الكونَ حبّاً
وتُطلقه فيزدهر الوجودُ
عبد القادر الأسود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 174 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 12-05-2014 01:28 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 98 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-22-2014 03:38 PM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:46 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 94 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:41 AM
فيض العليم ... سورة الأعراف، الآية: 96 عبد القادر الأسود المواضيع الاسلامية 0 09-19-2014 07:33 AM


الساعة الآن 12:38 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir