أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم اغفر لي ، وارحمني ،واهدني ، واجبرني، وعافني،وارزقني ، وارفعني           
العودة   منتديات البوحسن > التزكية > رسائل ووصايا في التزكية

رسائل ووصايا في التزكية كلّ ما يختص بعلوم السلوك وآداب القوم وتزكية النفس والتصوف الإسلامي

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-23-2011
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,194
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي المثنوي العربي النوري - زهرة


المثنوي العربي النوري - ص: 259
الرسالة السابعة
زهرة
من رياض القرآن الحكيم 1
_____________________
1 طبعت هذه الرسالة لأول مرة بمطبعة "نجم استقبال" باستانبول سنة 1341هـ (1923)م ثم ترجمها الاستاذ النورسى الى اللغة التركية مع شئ من الايضاح وجعلها "اللمعة السابعة عشرة" في خمس عشرة مذكرة وقد اشرنا الى موضع كل مسألة من اللمعة المذكورة، فمن شاء فليراجعها.



المثنوي العربي النوري - ص: 260
كلُّ حيّ في الدنيا كعسكر موظّف، انما يعمل بحساب المَلِك وبإسمه.
فمن زَعمَ انه مالِكٌ، فهو هالِكٌ..
ان هذا النظام والميزان المشهودين عنوانان لقبضتي الرحمن وبابان من الكتاب المبين.. ومن كتاب الكائنات.
والقرآن ترجمانُ الكتابين وفهرستة البابين وفذلكةُ القَبْضَتين.


المثنوي العربي النوري - ص: 261
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله الحاكم الحَكَمِ الحكيمِ الازلي الذي نظَّمَ هذه الكائنات بقوانينِ عادتهِ وسنَّتهِ، وعيَّنها بدساتير قضائهِ وقدَره، وأسس بنيانَها باُصول مشيئته وحِكمته، وزيَّنها بنواميسِ عنايتهِ ورحمتهِ، ونوَّرَها بجلواتِ اسمائهِ وصفاتِه. وهو القادرُ القيومُ السرمدي الذي ما هذه الكائنات بماهياتها وهوُياتها وتمايزاتها وتزييناتها وموازينها ومحاسنها الا خطوطُ قلمِ قضائهِ وقدَره، ونقوشُ بركار عِلمه وحِكمته، وتزييناتُ يدِ بيضاء صُنعه وعنايته، وازاهيرُ رياضِ لُطفه وكرمه، وثمراتُ فيّاض رحمتهِ ونعمتهِ، ولمعاتُ تجليات جمالهِ وكمالهِ جلَّ جلالهُ؛ حمداً يزيدُ على ضرب جميع الذرات في الذرات.
فيا من بتلألؤ لمعاتِ بروقِ شروق اسمائه ظهر عجائب المخلوقات..
ويامَن تساوى بالنسبة الى قدرته الذراتُ والسياراتُ..
ويامن كتبَ على مِسطَرِ الكتاب المبين - المصدر للنظام والميزان - هذه الكائنات المتزينات:
إنّا نُقدِّمُ اليكَ بين يَدي كلِّ سُكونٍ وحركةٍ تتحرك بها ذراتُ العالم ومركباتها شهادةً:
نشهدُ ان لا اله الاّ انت وحدكَ لا شريكَ لك ونشهد أن محمّداً عبدك ورسولُك ارسلته رحمةً للعالمين.
اللّهمَ صلّ وسلّم عليه وعلى آله وصحبه بعدد جميعِ الحروفات المتشكّلة في الكلمات المتمثلة بإذنِكَ في مرايا تموجات الهواء عند قراءة كلِّ كلمةٍ من القرآن مِن كل قارئٍ من حين النزول الى يوم النشور...


المثنوي العربي النوري - ص: 262
اعلم! 1 ان مايوصل اليك - بحسب الظاهر - من الوسائل؛ إمّا له اختيار أو لا. وما لا اختيار له، لاريب انه يعطيك ما يعطيك بحساب الله وباسمه. فخذ وكُل انت باسم الله، وتوجَّه بتمام شكرك اليه.. وإما له اختيارٌ ما، فلا تأخذ ولاتأكل منه ما لَمْ يُذكَرِ اسمُ الله عَليهِ، أي باخطار صاحبه الحقيقي وبتوجيه نظرك اليه كما ترمز اليه الآية: (ولا تأكُلوا مِمّا لَم يُذكَرِ اسمُ الله عليه) 2 .. فان لم يَذكُر هو، فاذكر انت. وانظر من فوقه الى مَن أنعمَ عليه وعليك. فانظر في النعمة الى الانعام، ومنه الى المنعم الحقيقي. فاشكره بهذا النظر، فإن هذا النظر شكرٌ، ثم ارجع ان شئت وانظر الى الوسيلة وادعُ له مُثنياً عليه بسبب ارسال النعمة على يده. واياك اياك ياقلبي ان تنظر اوّلاً وبالذات الى المنعم الظاهري..
الحاصل: لابد من "بسم الله": مرتين في المختار، ومرة في غيره. واياك اياك يانفسي ان تظني "الاقتران علّية.." فقد يقارن وصولُ نعمةٍ فعلَ أحدٍ، فيظنُ قاصرُ النظر أن فعله علّتُها، كلا!. واياك ان تجعل عدمَ نعمةٍ عند عدمِ شئ دليلاً على ان وجودَ ذلك الشئ علةُ وجودها. فقد تترتب النتيجةُ على الوفِ امورٍ، فلاتوجد - بسنّة الله - تلك النعمة لفِـقَدْ اي جزءٍ كان ولو اضعف الامور. فهل يجوز لمن فتحَ قنطرة جدولٍ فسال الماءُ على نواة وبذر فانشجرت وتسنبلت، ان يدّعي ان الشجرة صُنعهُ ومُلكه ومالهُ حقيقةً؟ فهذه المسألة ميزان تُعرف به درجاتُ الغفلة والشرك الخفي..
واياك اياك ياقلبي ان تسنِد مايُفاض على الجماعة او يتظاهر منها او يتحصل من مساعيها اليكَ والى غيرك من ممثل الجماعة او استاذها او مرشدها؛ اذ مع ان هذا الاسناد والتصوّر ظلمٌ عظيم يوقع المسنَد اليه - المستتر فيه "انا" - في غرور عظيم، وانانية غليظة، ويفتح لمَن يسنِد منافذ الى نوع شركٍ خفي، فتأخذ الوسيلةُ حكمَ المقصود ويلبس البوابُ زيّ السلطان..
واياك اياك اذا رأيت من احدٍ فيوضاتٍ تَردُ عليك، ان تظن انه مصدرُها او منبعها. بل ما هو الاّ مظهرها ومَعكَسُها، بل يحتمل ان لايكون مصدراً ولامظهراً،
_____________________
1 المسألة الرابعة من المذكرة الثالثة عشرة للّمعة السابعة والعشرين توضح هذه المسألة. وفي (ط1): اعلم يا سعيد الشقي: ان ما يوصل...
2 الانعام : 121



المثنوي العربي النوري - ص: 263
بل لأجل حصر نظرك عليه تتخيل ما يُفاض عليك من مقلّبِ القلوب الى قلبك، كأنه تمثّل أولاً في مرشدك، ثم انعكس عليك. كَمَثل من يُمعن النظر في زجاجة، فيتجرد ذهنه فيجول في عالم المثال، فيشاهد غرائب فيزعمها متمثلة في الزجاجة، كلا!. 1
اعلم! 2 يامن يستمد من الاسباب: "تنفخ في غير ضرمٍ وتستسمن ذا وَرَم" 3
مثلاً: اذا شاهدت قصراً عجيباً يبنى من جواهر غريبة لايوجد وقت البناء بعضُ تلك الجواهر الا في الصين، وبعضها الا في فاس، وبعضها الا في اليمن، وبعضها الا في سبيريا، وهكذا.. أفلا تشهد ان ذلك القصر بناء يبنيه مَن يحكم على كرة الارض ويجلب من اطرافها ما يريد في اسرع وقت؟
وهكذا؛ كل حي بناء، وكل حيوان قصر إلهي، لاسيما ان الانسان من احسن تلك القصور، ومن اعجبها، لانه امتدت حاجاتهُ الى الابد، وانتشرت آمالهُ في اقطار السموات والارض، وشرعت روابطهُ في مابين ادوار الدنيا والآخرة. فيا هذا الانسان، لايليق بك ولايحق لك وانت تحسبك انسانا ان تدعو وتعبد الاّ مَن يَحكم على الارض والسماء ويملك ازمة الدنيا والعقبى!..
اعلم! 4 ياقلبي ان الابله الذي لايعرف الشمسَ اذا رأى في مرآةٍ تمثالَ شمس، لايحب الا المرآة ويحافظ عليها بحرص شديد لاستبقاء الشمس، واذا تفطن ان الشمس لاتموت بموت المرآة ولا تفنى بانكسارها، توجَّه بتمام محبته الى الشمس؛ اذ ما يشاهَد في المرآة ليس بقائم بها، بل هو قيومُها. وبقاؤه ليس بها، بل بنفسهِ.. بل بقاء حيوية المرآة وتلألؤها انما هو ببقاء تجليات الشمس ومقابلتها، اذ هي قيومُها. ياهذا قلبُك وهويتُك مرآةٌ. فما في فطرتك من حب البقاء ليس لأجلها، بل لأجل ما فيها.. فقل "ياباقي انت الباقي" فاذ انت باقي فليفعل الفناءُ بنا ما شاء فلا نبالي بما نلاقي..
_____________________
1 المسألة الخامسة من المذكرة السابعة.
2 يراجع الرمز الاول من المذكرة الرابعة عشرة.
3 نفخت في غير ضرم... مثل يضرب لمن يصنع الشئ في غير موضعه. والضرم: النار او الحطب السريع الالتهاب، ونفخ في غير ضرم اي في مكان لا نار فيه.
4 الرمز الثاني من المذكرة نفسها.



المثنوي العربي النوري - ص: 264
اعلم! 1 ياايها الانسان! انّ من غرائب ما اودع الفاطرُ الحكيم في ماهيتك أنه قد لاتَسعك الدنيا فتقول (اوف) 2 كالمسجون المخنوق، مع انه تَسعُك خردلةٌ وحجيرةٌ وخاطرةٌ ودقيقةٌ حتى تفنى فيها، وتستعمل اشد حسياتك لها.. واعطاك لطائف بعضُها يبتلع الدنيا فلا يشبع، وبعضها يضيق عن ذرة ولا يتحمل شُعيرة، كما ان العين لاتتحمل شعرة.
فاحذر وخفّف الوطء، وخَف ان تغرق ويغرق معك ألطفُ لطائفك في أكلةٍ، او كلمةٍ، او شعرة، او شُعيرة، او لمعةٍ، او لحمةٍ، او بقلةٍ، او قبلةٍ.. فان في كل شئ جهة من عدم التناهي يطيق ان يُغرقَك، ولايضيق عن بلعِك. فانظر الى مرآتك كيف يغرقُ فيها السماء بنجومها! والى خردلة حافظتك كيف كتب "الحق" فيها اكثر ما في صحيفة اعمالك واغلب ما في صحائف اعمارك! فسبحانه من قادرٍ قيوم! .
اعلم! 3 ان دنياك كمنزل ضيق كالقبر، لكن لأجل ان جدرانه من زجاجة تتعاكس تراه واسعاً مقدار مد البصر؛ اذ الماضي المعدومُ من جهة الدنيا، والآتي المفقودُ؛ مرآتان متقابلتان تصلان جناح حالك وتتصلان بزمانك. فلا تفرق بين الحقيقة والمثال؛ فيصير خطُ "آنِكَ" سطحاً، حتى اذا تحركت بتحريك المصائب ضربت الجدرانُ رأسكَ فيطيرُ خيالكَ ويُطرد نومُك، فترى دنياكَ اضيق من القبر والجسر، وزمانك اسرع من البرق والنهر..
اعلم! 4 يامن يريد ان يرى شواهد تجليات اسمه "الحفيظ" المشار اليه بـ
)فمَن يَعمل مثقَالَ ذَرَّةٍ خيراً يرهُ_ ومَن يعملْ مِثقالَ ذرَّةٍ شراً يرهُ) 5 وبـ: (وما يَعزُبُ عَن رَبِّكَ مِن مِثقالِ ذَرَّةٍ في الارضِ ولا في السّمآءِ ولا أصغَرَ منْ ذلكَ ولا أكبرَ الاّ في كتابٍ مُبين) 6 في صحائف كتاب الكائنات المكتوب ذلك الكتاب على مِسطرِ الكتاب المبين.
_____________________
1 الرمز الثالث منها.
2 كلمة تضجر.
3 يراجع الرمز الرابع من المذكرة الرابعة عشرة.
4 المسألة الاولى من المذكرة الخامسة عشرة.
5 الزلزلة : 7،8
6 يونس : 61



المثنوي العربي النوري - ص: 265
انظر الى غرفة تأخذها بقبضتك من اشتات بذور الازهار والاشجار، قد اختلطت تلك البذور والحبات المختلفة الاجناس والانواع، المتشابهة الاشكال والاجرام، بحيث لايميَّز بينها. ثم ادفنها معا - في الظلمة - في ظلمات تراب بسيط جامد محدود. ثم اسقه بالماء الذي لاميزان له ولايفرّق بين الاشياء، فاينما توجهه يذهب. ثم انظر اليها عند الحشر السنوي وقد حُشر بنفخ الرعد في الصُور في الربيع، حتى ترى تلك البذور المختلطة المتشابهة كيف امتثلت بلا خطأ الأوامر التكوينية من فاطرها الحكيم، بصورة يتلمع منها كمالُ الحِكمة والعلم والارادة والقصد والبصيرة والشعور!. ألا ترى تلك المتماثلات كيف تمايزت؟ حتى صارت هذه شجرةَ التين تنشُر وتنثر على رؤسكم نِعم ربها!. وصارت هذه ازاهير تزيَّنت لاجلك وتضحك في وجهك وتتودّد لك؟ وصارت هاتيك فواكه مما تشتهون تدعوك الى انفسها وتفديها لك؟ حتى صارت تلك الغرفة باذن خالقها جنة مشحونة من الازهار المختلفة والاشجار. وانظر هل ترى فيها غلطاً او قصوراً؟. (فَارجِعِ البَصرَ هَل تَرى من فُطور) 1 بل قد اعطى "الحفيظ" لكلٍ منها ماورثه من مال ابيه وأصله بلا نقصان وبلا التباس. فما يفعل هذا الفعل الا من يقتدر على ان يقيم القيامة. فمن يفعل هذا، هو الذي يفعل تلك.. فاظهار كمال الحفظ ها هنا مِن الامور التافهة الزائلةِ حجةٌ بالغة على محافظة ما له اهمية عظيمة وتأثير ابدي، كافعال خلفاء الارض وآثارهم، واعمال حَملة الامانة واقوالهم، وحسنات عبدة الواحد الاحد وسيئآتهم. (أيَحسَبُ الانسَانُ اَنْ يُتركَ سُدىً) 2 بلى انه لمبعوث الى الابد، فيحاسب على السبَد واللبد.
فهذا المثال الذي تنسج انت على منواله ليس قبضةً من صُبرة او غرفة من بحر، بل حبة من رمال الدهناء، ونقطة من تلال الفيفاء، 3 وقطرة من زلال السماء.. فسبحانه مِن حفيظ رقيب وشهيد حسيب.
اعلم! ايها السعيد الغافل! ان ما لايرافقك بعد فناء هذا العالم بل يفارقك بخراب الدنيا، لايليق ان تلزق قلبك به. فكيف بما يتركك بانقراض عصرك؟.. بل
_____________________
1 الملك : 3
2 القيامة : 36
3 الفيفاء: الصحراء الملساء والجمع: فيافى.



المثنوي العربي النوري - ص: 266
فكيف بما لايصاحبك في سفر البرزخ؟.. بل فكيف بما لايشيّعك الى باب القبر؟.. بل فكيف بما يفارقك سنة او سنتين فراقاً ابدياً مورِثاً إثمه في ذمتك؟.. بل فكيف بما يتركك على رغمك في آن سرورك بحصوله؟.
فان كنت عاقلاً لاتهتم ولاتغتم، واترك ما لا يقتدر ان يرافقك في سفر الابد، بل يضمحل ويفنى تحت مصادمات الانقلابات الدنيوية والتطورات البرزخية والانفلاقات الاُخروية. الا ترى ان فيك شيئاً لايرضى ألا بالابد والابدي، ولا يتوجه الا اليه، ولا يتنزل لما دونه؟ وذلك الشئ سلطانُ لطائفك، فأطِعْ سلطانك المطيع لأمر فاطره الحكيم جلّ جلاله.
......... 1
اعلم! 2 يا ايها السعيد الغافل! تنظر الى اطرافك الآفاقية فتراها ثابتة مستمرة في الجملة وبالنوع، فتظن نفسك ايضاً ثابتة دائمة حتى لاتتدهش الاّ من القيامة، كأنك تدوم الى ان تقوم هي. كلا!.. انك ودنياك في معرض الزوال والفناء في كل آن. فمثلك في هذا الغَلط كمثل مَن في يده مرآة متقابلةٌ لمنزل او بلد او حديقة ارتسمتْ هي فيها، ففي ادنى حركة للمرآة وتغيرها يحصل الهرج والمرج في تلك الثلاثة التي اطمأننت بها. واما بقاؤها في انفسها فلا يفيدك، اذ ليس لك منها الا ماتعطيك مرآتُك بمقياسها وميزانها. فتأمل في مرآتك وامكان موتها وخراب ما فيها في كل دقيقة. فلا تحمل عليها ما لاطاقة لها به..
اعلم! 3 ان من سنة الفاطر الحكيم - في الاكثر - ومن عادته، اعادةُ ما لهُ اهميةٌ وقيمةٌ غاليةٌ بعينهِ لابمثله في الادوار والفصول المتكررة بتجدد الامثال في اكثر الاشياء. فانظر الى الحشر العصري والسنوي واليومي، تَرَ هذه القاعدة مطّردة. وقد اتفقت الفنونُ وشهدت العلومُ على ان الانسان اكملُ ثمرات شجرة الخلقة، وله اهمية عظيمة وقيمة غالية، وفردُه كنوعِ غيره. فبالحدس القطعي يُعادُ كلُّ فردٍ من البشر في الحشر والنشر بعينه وجسمه واسمهِ ورسمهِ..

_____________________
1 في (ط1): اعلم! اني رأيتني في المنام وأنا أقول للناس: يا أيها الانسان! ان من دساتير القرآن: ان لا تحسبن شيئا مما سواه سبحانه أعظم منك بحيث تتعبد له.. وان لا تحسبن انك أعظم من شئ من الاشياء بحيث تتكبر عليه. اذ يتساوى ما سواه في البعد عن المعبودية وفي نسبة المخلوقية.
2 تراجع المذكرة الثالثة.
3 تراجع المذكرة الرابعة.



المثنوي العربي النوري - ص: 267
......... 1
اعلم! ان الفذلكات المذكورة في اواخر الآيات، لاتنظر الى تلك الآية التي هي فيها فقط، بل تنظر الى مجموع القصة، بل الى تمام السورة، بل الى جميع القرآن؛ لتساند الايات وتلاحظها وتناظرها، فلا تزن ما في الفذلكة بميزان مآل آيتها فقط، ولاتحمل عظمتها على حُكمٍ جزئي مُهّد المحلُ لذكرها، والاّ بَخَسْتَها حقَّها. مثلاً قال
Lوكَذلكَ نُفصِّلُ الآيــات) 2 (ولقدْ صَرَّفنا في هذا القرآن) 3 (ولقد ضَربنا للناسِ في هذا القرآن من كلِّ مثل) 4 (وانّ الله عَزيزٌ حكيم) 5 (وانّ الله عَليمٌ قَديرٌ) 6 ومثل (لعَلّكم تَذَكَّرون) 7 و (لعلَكم تتقونَ) 8 وامثالها مما له عيون ناظرة الى اكثر الآيات التنزيلية، واكثر الآيات التكوينية، واكثر الاحوال البشرية.
فهذه الخواتيم القرآنية التي تُمهَرُ بها الآيات مع تأييدها لاياتها، ترفع رأس المخاطب من الجزئى المشتّت الى الكلي البسيط؛ ومن الجزء المفصّل الى الكل المجمل. وتوجِّه نظره الى المقصد الاعلى.. وغير ذلك من اسرار البلاغة.
اعلم! 9 ياقلبي قد يغالطك الشيطان باراءة الغير الغير المحدود، ليهون عندك قيمة ما انعم عليك. فانظر حينئذٍ الى احتياجك ونفسك وعجزك وحكمة النعمة والانعام القصدي في النعمة، والى عدم تناهي تجلي القدرة والعلم والارادة، والى

_____________________
1 في (ط1) اعلم! يا نفسي الجاهلة المغرورة! ان لكل مقام ومرتبة ظلا، بل ظلالا متباينة وأين الظل من الاصل؟ فهل يليق بمن يرى عكس سرير سلطان في الماء تحته او في المنام، فقعد عليه ان يظن نفسه سلطاناً او مساوياً للسلطان؟ او يشاهد النجوم في حوضه فيظن نفسه في السماء كمن يسري بين النجوم وفوقها. على ان من يرافقه علمه وعقله في السير الملكوتي على خطر عظيم من الغرور، فيقيس نفسه بسبب اخذ علمه ظلاً من ظلال مرتبة على صاحب اصل المرتبة. وكذا على خطأ جسيم من العجب فقد يقول كفراناً للنعمة انما اوتيته على علم... بل هي فتنة...
2 الاعراف : 174
3 الاسراء : 41
4 الروم : 58
5 التوبة : 71
6 النحل : 70
7 الذاريات : 49
8 البقرة : 183
9 قد مرّ في ذيل الحباب اجمال هذه المسألة - المؤلف.



عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المثنوي العربي النوري - شُعْلَةٌ عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 2 03-23-2011 08:21 PM
المثنوي العربي النوري - قطعة من شمة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 4 03-23-2011 08:14 PM
المثنوي العربي النوري - شَمَّةٌ عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 1 03-23-2011 08:07 PM
المثنوي العربي النوري - ذرة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 1 03-23-2011 08:04 PM
المثنوي العربي النوري - حبة عبدالقادر حمود رسائل ووصايا في التزكية 3 03-23-2011 07:55 PM


الساعة الآن 02:42 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir