أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك           
العودة   منتديات البوحسن > الصوتيات والكتب > المكتبة الاسلامية

المكتبة الاسلامية كل ما يختص بكتب التراث الإسلامي الصوفي أو روابط لمواقع المكتبات ذات العلاقة على الشبكة العالمية...

إضافة رد
قديم 02-03-2009
  #101
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الحَكَمُ جَلَّ جلالُهُ



" هو الحاكم الذي حكم على كل حقيقة بما هي عليه، حكم في الأزل، وقدَّر العمل والأمل، وجعل لكل شيء سبباً، وربط المسببات بأسبابها، وبين الدخول من أبوابها، فالعباد أمام أحكامه أقسام:


منهم: من نظر إلى الخاتمة.


وأعلى منهم: من نظر إلى السابقية.


وأعلى منهم: من نظر إلى حكم وقته الذي هو فيه، فقام بواجب الوقت.


وأعلى منهم: من استغرق بالكلية في شهود الحاكم وذكره، والقيام بأمره.


فمن نظر إلى السابقية أو الخاتمة تكاسل في العمل، ومن نظر إلى الواجب عليه في وقته فهو السعيد المستحق للمزيد.


واعلم أن سر القدر والتكلم فيه منهيٌّ عنه لأن العقول لا تصل إلى حقيقته لأن الله كتب كتابان:


الأول: كتاب الأحكام القدرية ، أخفاه عنا.


الثاني: الأحكام الشرعية أبرزه لنا، وكلَّفنا به، وأخبرنا أن السعادة في الوقوف عند أحكامه الشرعية.


فإذا كنت مطيعاً فاعتبر الطاعة بقدر الله وتوفيقه، وهدايته، ولا تنسبها إلى نفسك خوفاً من الغرور بها.


وإذا كنت عاصياً فاعتبر ذلك باستعداد فطرتك، وظلم نفسك وغفلتك، وتنبَّه بسرعة إلى التوبة، وارجع إلى الأحكام الشرعية، كل ذلك بتقدير أزلي من الحكيم الخبير.


وإذا وقعت في ذنب فاعتبر أنك مريض أسرع بالعلاج، وهو مركب من ثلاث حقائق: الندم على ما فات، والعزم على أن لا تعود ، وردّ المظالم إلى أهلها إن أمكن.


واعلم أن الاحتجاج بالقدر لا يفيد، ولكن العارف يفر من قدر الله إلى قدر الله، كما يفر المريض من مكان مضر إلى مكان هواؤه نقي، فإن كانت المعصية بقضاء الله، فهي مرض مهلك يفر منها إلى قضاء الله، وهو الصلح على مولاك.


واعلم أن العبد متى تحقَّق بقضاء الله الأزلي وبقسمته السابقة في الأجل والرزق اطمأنَّ قلبه، ولم يطمع في حصول شيء لم يكن له، فيزول من قلبه همُّ الرزق، لأنه يصير له كالظل لا يفارقه (1) .


ومتى أشرق على قلبك نور اسمه "الحكم" وعرفت أنه أثبت كل أحكامه في القدم، صرت وقوراً لا تجزع، وإن جزع الخلق، ولا تفزع وإن فزع الخلق، ولا تحزن وإن حزن الجهَّال، رفعت الأقلام وجفت الصحف.


وحظُّك من هذا الاسم الشريف أن تكون حاكماً على قوتك الغضبية، فلا تغضب على من أساء إليك، وأن تحكم على قوتك الشهوانية فلا تطلب إلا ما يسَّره الله لك، ولا تحزن على ما تعسَّر، وأن تحكم على نفسك فتجعلها تحت سلطان العقل، وتجعل العقل تحت سلطان الشرع، ولا تحكم حكماً حتى تأخذ الإذن من الله "الحكم" العدل." اهـ




الدُّعـــــاءُ


" إلهي ... أنت الحكم الذي حكمت على العوالم وهي في علمك ، وخصصتها بإرادتك وأبرزتها بقدرتك ، فكل شيء في الوجود محكوم عليه فيما هو عليه من علم وعمل ، وقد نشرت أسباب السعادة لأهلها ،فأشهد قلوبنا أقدارك حتى نتنعم في أنوارك، ونرضى عن أحكامك، فنصبح بالرضا من خواص خدمك، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".



اقتباس:============================================

(1) : : فمن عرف أنه سبحانه وتعالى الحاكم لم يتحاكم لغيره، فإذا ظهر له شيء من أمره رضي بحكمه، وانقطع تعلق قلبه عن المستقبل ، - كما ذكر الرازي - بل يصير مشغول القلب بأنه لا يصيبه إلا الذي جرى في الأزل. ولذلك قال عليه الصلاة والسلام: (من عرف سر الله في القدر هانت عليه المصائب) .قال عليه الصلاة والسلام: (اللهم لك أسلمت، وبك آمنت، وبك خاصمت، وإليك حاكمت). اهـ




(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: العَدْلُ جَلَّ جَلالُهُ ....... )


__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-05-2009
  #102
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

العَدْلُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو العادل في أحكامه، الحكيم في إتقان نظامه، عدل بين البرية، وجعل لكل فرد مزية (1) .


رفع السماء على الأرض لشرفها، ورفع رأس الإنسان على جسمه لمزاياها، ركَّب الجسم من عناصر مختلفة، وأوقف كل عنصر عند حدِّه ، ولولا العدل الإلهي لطغت العناصر على بعضها، وهلك الوجود.


عدل في أحكامه الشرعية فجعل لكل قوة في الإنسان حداً لا تتعداه، فحكم على السارق بقطع يده، وحكم على شارب الخمر بالجلد، وحكم على الزاني المحصن بالرجم، وذلك هو عين العدل.


وعدل في أحكامه القدرية، فجعل لكل شيء قدرا، فضيَّق الأرزاق على قوم بالعدل، ولو بسطها لهم لبغوا في الأرض.


سلَّط الأمراض على قوم ليهذِّب نفوسهم حتى يرجعوا إلى بابه بالذل.


منح كل حقيقة في الوجود كمالها، فصرف الطيور في الهواء، وسخر للأسماك الماء، ومنح الحيوان الأجل والغذاء... بحكمة عادل قادر.


ومن عدله أن جعل في النباتات شيئاً يؤكل، وشيئاً يحرق. فالذي يؤكل مثل: الحبوب والثمار لطيبها ونفعها. والذي يحرق: الخشب والورق، كذلك في الإنسان من هو بمنـزلة الثمار، يستحق الاحترام، والمحافظة عليه، ومنها ما هو بمنـزلة الخشب والورق، يستحق النار بالعدل الإلهي.


وإن الجنة هي مظهر اسمه "الرحيم" والنار هي مظهر اسمه"العدل" ، والله تعالى يحب أن يظهر آثار أسمائه ليتجلى عدله، فلو كشف لك الستار لوجدت أن العدل الإلهي والحكمة العليّة، والمصلحة العامة دخول من يستحق النار فيها.


قال تعالى: {وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا }. فلا يصلح الحطب إلا للنار.


وإذا تجلَّى لك الحقُّ بنور اسمه"العدل" أخذت نصيباً من التخلُّق بهذا الاسم الكريم؛ فتعدل بين روحك ونفسك، وتعدل بين جوارحك وجسمك، فتعطي للروح رتبة الشرف والإجلال، والاحترام، وتعطي للنفس رتبة الأدب والوقوف على الحدود، وتعطي للقلب رتبة المحافظة عليه، لأنه شريف لطيف (2) .


وتعدل بين جوارحك فلا تجعلها تنغمس في شرور ولا منكر، ولو أنك أعطيت رتبة الشرف للوضيع لم تعدل، فإذا جعلت النفس تحكم على الروح فقد ظلمت وأسأت.


وقد ضرب العارفون مثلاً للعدل فقالوا:" لو أن عند الإنسان والداً محترماً، وزوجة لخدمته، ودابة لركوبه، فترك والده عارياً، جائعاً، وأعطى لزوجته الحرية وانقاد لها، وأعطى لدابته العناية الكبرى في الغذاء والمحافظة عليها من الحر والبرد... فهذا الرجل يكون في منتهى الجهل بالحقائق: فالوالد بمنـزلة الروح لأنه أصل وجوده، والنفس بمنـزلة الزوجة لأنها منبع الشهوة، والجسم بمنـزلة الدابة لأنها ركوبة تحمل الروح.


فالعدل يحتِّم عليك العناية بالروح، ويحتم عليك تأديب الزوجة حتى لا تتبرَّج، ويوجب عليك إعطاء القوت الضروري للجسم .


ومن أراد أن يذوق سرَّ الخلافة في نفسه، فليستعمل العدل في قواه، فهي رعية واسعة. " اهـ




الدُّعـــــاءُ


" إلهي ...أنت العدل في أحكامك بين العباد ، تنزل العطاء بالموازين على قدر الاستعداد ، رفعت قوماً وخفضت آخرين بالعدل ، قدرت في الأزل فريقاً في الجنة وفريقاً في السعير ، تجلَّ لي بنور اسمك العدل ، حتى أعدل بين روحي ونفسي ، وجسمي وحسي ، وأعدل بين أهلي وأولادي ، وإخواني وأقاربي وجيراني، فأنال سر الخلافة عنك ، وأتلقى مدد المعونة منك ، لأحظى برضاك مع الأخيار الأبرار ، في جنات تجري من تحتها الأنهار ، إنك على كل شيء قدير.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".



اقتباس:============================================

(1) : : الذي يعطي كل ذي حق حقه ، ويضع كل شيء في موضعه ، ولا يصدر منه إلا العدل ، فهو الذي يفعل ما يريد، وحكمه ماض في العبيد .


(2) : فالتعلق باسمه "العدل" يكون بطلب التسديد والتوفيق في كل أمورك حتى تكون عدلاً فيما تحكم به بقولك، أو همتك، معتدلاً في جميع الأمور، خائفاً من سطوة عدله، طامعاً في نواله وفضله. والتخلق به: أن تعدل في أحكامك، وتعتدل في أوصافك، فلا فرقك يحجبك عن جمعك، ولا جمعك يحجبك عن فرقك، تعطي كل ذي حق حقه، وتوفي كل ذي قسط قسطه .أما التحقق به : فبأن تغيب عن حكمك وعدلك، بشهود حكم من أجرى حكمه وعدله عليك، والله تعالى أعلم."اهـ




(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: اللَّطِيفُ جَلَّ جَلالُهُ....... )



__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 04-30-2009
  #103
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

اللَّطِيفُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي يلطف بعباده في المقدور، وهو يعلم خفايا الأمور.

له ألطاف خفية، وإغاثات رحمانية.

له حيطة العلم بالحقائق والدقائق.

وله القدرة النافذة التي بها يدفع عن عباده، ويلطف بخلقه، وهو اللطيف الخبير، سبحانه وتعالى.
وما من حقيقة في الوجود إلا وقد أحاط بها سر هذا الاسم الشريف، ونالها قسطٌ وافر من "اللطيف" بسرِّ هذا الاسم تلطَّفت الأرواح؛ فشاهدت الفتَّاح.

وبسرِّ هذا الاسم لطف الكواكب والأفلاك، فنفذت أشعتها إلى العباد.

وبسرِّ هذا الاسم تلطَّفت الأرواح السماوية فنالت الرتبة العلية.

وبسرِّه يلطِّف الله كثائف المادة فتتلطَّف وتجانس اللطيف من الأرواح (1) .

ولو نظرت إلى لطف الله بالعبد وهو في بطن أمه، وإلى لطفه به عند خروجه إلى الدنيا، وإلى لطفه به في الشدائد، لرأيت العجب العجاب.


فما من نَفَسٍ إلا ولله فيه ألطاف خفيةٌ بالعبد، ويكفينا أن العبد إذا نام يلطف به اللطيف، ويدفع عنه شر حشرات المنـزل، وغوائل الحياة... .


وقد روي أن رجلاً من الصالحين رأى رجلاً نائماً وعلى رأسه ثعبان عظيم، يريد أن يلدغه، فما يشعر إلا وعقربة جاءت بسرعة وضربت الثعبان، فسرى سمها فيه؛ فمات !.

قال: فأيقظت النائم، وإذا هو سكران!، فقلت له: أيها المخالف لربِّك، العاصي لأمره، أنت في نومك، وقد أحاطت بك ألطافه، ودفع عنك شر البلاء.

فقال الرجل: نعم الرب الكريم!، حتى في المعصية يلطف بي؟!.

فتاب وحسنت توبته.


وإن اللطافة التي وهبها الله للروح فنفذت من الكثائف هي من سرِّ تجلي اسمه "اللطيف".

وإذا شاهدت عيونك لطافة أي مخلوق فشاهد "اللطيف" الذي منحه اللطف، وإن لطافة المعاملة، ولطافة الكلام، وكل لطيف في الوجود فما هو إلا من تجلي "اللطيف" (2) .


وقد أشار بعض العارفين إلى أن الاسم الأعظم هو "اللطيف"، لكثرة توالي لطفه على كل كائن.

والذي يولِّد المحبة في القلوب كثرة معاينة اللطف، وذكر هذا الاسم مع معاينة استحضار الألطاف التي نشرها في الوجود على العالمين.


وإذا رأيت كثافة في طبعك، أو غلظاً في قلبك، أو شدة في حياتك، وذلك بسبب الغفلة، فإذا تنبَّهت ورجعت تائباً نادماً بقلب حاضر، ولسان ذاكر، ترى اللطف قد أحاط بك في الحال، وتنجو من الأهوال.


ولكنِّي أوصيك أن لا تأخذ الأذكار من الكتب، ولا الأوراد من الدفاتر، ولكن خذها بالتلقي عن الرجال، فإن السرَّ كله في الإذن منهم، وهم أطباء، والأذكار أدوية... فربَّما اتخذت الأوراد وسيلة للأغراض النفسية أو الحيوانية، فكأنك جعلت الأسماء وسيلة، والشهوات مقصداً؛ فكانت الشهوات أعزَّ عليك من المذكور جلَّ جلالُه، وهذا هو السبب في أن بعض الناس يحصل عنده انزعاج أو خلل في العقل أو مرض في الجسم، وهذه من غيرة الحكم العدل جلَّ جلاله.


وقد بلغنا أن رجلاً من العارفين وهو في خلوته قال: يا لطيف!. فسمع من يقول له: لبيك!.
فقال له: من أنت؟.
فقال: أنا خادم اللطيف، أنا ملك روحاني خلقني الله من نور اللطف، وأنا مسخَّرٌ لقضاء حوائج من ينادي "اللطيف".
فقال له: أنا لم أقل يا خادم اللطيف، أنا قلت: يا لطيف!، ولم تتوجَّه همتي إلى غيره.
فقال له: أنا أجبتك باعتباري خليفة عن "اللطيف" في قضاء حوائج الذاكرين بهذا الاسم.
فقال له: لا حاجة لي عندك، ولكني أريد أن أتنعم بتجلي لطفه، فيكون أنسي بشهوده فوق الجنة قدرا، وفوق الأرواح عزاً وفخراً.


وإذا أردت أن تنال حظاً من اسمه "اللطيف"؛ فكن لطيفاً بين العباد، تبذل لهم لطيف الألفاظ، وتتلطف في دعوة العصاة إلى الحق، وتجذبهم بلطيف أخلاقك، وتهتم بأهل الفقر فتلطف لهم حالهم، وتدعو لهم، وتسأل الله اللطف في كل حال (3) ." اهـ




الدُّعـــــاءُ


" إلهي ... إن ألطافك أحاطت بالموجودات، وعمت الكائنات، وإن لك نفحات إذا سرت في قلب غافل أيقظته، أو إلى عبد مذنب قربته، وإن لك لحظات جعلت أولياءك عندك في أعلى الدرجات، ولك ألطاف صيرت الواصلين لا يلتفتون إلى الجنات.


إلهي.... لطفت بنا في كل مرحلة في هذه الحياة، فالطف بنا حتى نخرج من هذه الدار، والطف بنا عند سؤال الملائكة الأطهار، وأشهدنا تجلي اللطف في النفس والآفاق، فأنت الواحد الأحد الخلاق، وأنت على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".".



اقتباس:============================================

(1) : ولطفه تعالى بخلقه من وجوه كثيرة، أعظمها تسهيل الطاعات وتيسير الموافقات، وحفظ التوحيد في القلوب والتثبيت على الإيمان، وإبقاء المعرفة مع وجود الزلات - وهو أعجب من إخراج اللبن من بين فرث ودم - ولكن سنة الله سبحانه حفظ كل لطيفة في طي كل كثيفة، وصيانة الودائع في المواضع المجهولة، ألا ترى أنه جعل التراب الكثيف معدن الذهب والفضة وغيرها من الجواهر، والصدف معدن الدر، والذباب معدن الشهد، والدود معدن الحرير؟ وكذلك جعل قلب العبد محلاً ومعدناً لمعرفته ومحبته، وهو مضغة لحم .


ومن ذلك إطلاع القلوب على المكاشفة بعلم الغيوب، وصيانة العقائد من الارتياب، وسلامة القلوب من الاضطراب، قال تعالى: { يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة} .


(2) : ولا يستحق اسم "اللطيف" عند حجة الإسلام الغزالي إلا من يعلم دقائق المصالح وغوامضها، ومادقَّ منها وما لطف، ثم يسلك في إيصالها إلى المستحق سبيل الرفق، فإذا اجتمع الرفق في الفعل، واللطف في العلم فقد تم معنى اللطف، ولا يتصور كمال ذلك في العلم والفعل إلا لله تعالى. وإحاطته سبحانه بالدقائق والخفايا لا يمكن تفصيله، بل الخفي مكشوف في علمه كالجلي من غير فرق.


(3) : والتعلق بهذا الاسم: طلبك منه، وابتهالك إليه أن يكشف لك عن أسرار ذاته، وأنوار صفاته، وذلك بتلطيف عوالم بشريتك، واستيلاء نور روحانيتك. وعلى الثاني: أن يطلعك على كمائن النفوس ودقائقها. وعلى الثالث: أن يجري منافع عباده على يديك . وفي الحديث: (طوبى لمن خلقته للخير، وأجريته على يديه) الحديث والتخلق به: بالاعتناء بتلطيف بشريته، وتقوية روحانيته، حتى تتلطف في حقه جميع الأواني لغلبة شهود المعاني . وفي ذلك يقول ابن الفارض رضي الله عنه :-




ولطف الأواني في الحقيقة تابع=للطف المعاني والمعاني بها تسمو



وبتحصيل العلم بأسرار الذات، وأنوار الصفات، وبإغاثة الملهوف، وإرشاد المتلوف، وجبر المكسور، وإعطاء الميسور. والتحقق به: بالرسوخ والتمكين في المعاني الثلاثة. فالتعلق:طلب ومحاولة. والتخلق: مجاهدة ومكابدة. والتحقق: وصول ومشاهدة، وهكذا في جميع الأسماء، والله تعالى أعلم."اهـ




(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: الخَبِيرُ جَلَّ جَلالُهُ ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 05-16-2009
  #104
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الخَبِيرُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي لا تعزُبُ عنه الأخبار الخفية، ولا تتحرك حركة في الملك أوالملكوت روحية أو جسمية إلا وهو تعالى خبير بها، بصيرٌ بحقائقها، عليمٌ بدقائقها.


و"الخبير": بمعنى العليم بدقائق الأمور، لا تخفى عليه خافية، يعلم الداء والدواء (1) .


و"العليم" له وسعة بالإحاطة الكلية، و"الخبير" له دقة العلم بالغيبات، ومتى خصصت العناية الأزلية لعبد من العبيد فيتجلى على قلبه نور اسمه تعالى"الخبير"، فيكشف له عن خفايا الأكوان، فيتجمَّل من جمال هذا الاسم، ويتخلَّق بمعناه "اللطيف" فيسمَّى "خبيراً"، يخفي الأمور ويشاهد أسرار المقدور.


ولا ينال الحظ الأوفر من هذا الاسم الشريف، إلا من كان خبيراً بدسائس نفسه، بصيراً بخدائع حسِّه، يعرف الفرق بين خطرات الملك والشيطان، بصيراً بإلهامات الرحمن.


وقد أرشد الحق تعالى إلى البحث عن العبد الخبير، المتخلِّق بهذا الاسم حتى صار بالرحمن خبيرا، قال تعالى: { الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا } (2) . يعني: اسأل الخبير بأسرار الرحمن، وإن كان ضعيفاً فقيرا، فابحث عن الخبير واسأله عن دينك، وبه تصل إلى حق يقينك.


وما طلب الرجال العارفون الخبراء إلا لهذا المعنى الجليل الذي صيَّرهم أحباء أمناء (3) .


ومتى توالت عليك أنوار الخبير صرت خبيراً بالأمور، وكان لك كشف بأمور إخوانك الصغير والكبير، فترى النقص فيهم هو فيك، وترى الكمال فيهم عين أمانيك.


ولقد كان الإمام ابو العزائم - رضي الله عنه وعنا به - له الوراثة الكاملة لنور هذا الاسم، فكان يبين لك من دسائس النفس ما يخفى على العقلاء، ويكشف من أمراض القلب ما يجهله معظم العلماء (4).


ولقد كان له بصيرة نافذة يلاحظ بها أصحابه، وله خبرة فائقة، يرشد بها أحبابه، ولو كانوا في جهات بعيدة، فقد كان يرسل الرسائل لأصحابه يشرح لهم الداء الدفين (5) ، ويبعث النصيحة لتلاميذه يبين لهم المرض الكمين، وهي وراثة محمدية، وخصوصية أحمدية،.


ومن أراد أن يشرق عليه ضياء هذا الاسم الشريف فليكثر من ذكره، مستحضراً أنه بصير به، وبضميره خبير، ويستغرق في هذا المعنى العالي، حتى يغلب عليه حال متوالي، ويفوح طيب الوراثة على قواه، ويتخصَّص بالمدد من مولاه (6) ." اهـ




الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الخبير بالدقائق والبصائر، المطلع على السرائر، الناظر إلى الضمائر، تجلَّ لي بنور اسمك الخبير، بلا حول مني ولا تدبير، حتى أكون خبيراً بالأمور الغائبة عن الجهال، وأنجو من الشرك الخفي، وما هو أخفى في الأقوال والأعمال، ويتجلى لي مولاي الخبير، نعم المولى ونعم النصير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم". ".اهـ



اقتباس:============================================

(1) : : فهو سبحانه يعلم كل شيء، ولا يغيب عن علمه شيء، وهو العالم بكنه كل شيء، مطلع على حقيقته.

وقيل - كما ذكر حجة الإسلام -: هو الذي لا تعزب عنه الأخبار الباطنة، ولا يجري في الملك والملكوت شيء، ولا تتحرك ذرة ولا تسكن، ولا تضطرب نفس ولا تطمئن إلا ويكون عنده خبر ذلك.

وقد فرق العلماء بين لفظي "الخبير" و " العليم " فالخبير: يفيد معنى العليم، ولكن العلم إذا كان للخفايا الباطنة سمي خبرة، وسمي صاحبه خبيراً.


(2) : سورة الفرقان – الآية 59.


(3) : من هنا قال سيدي ابن عطاء السكندري في بعض حكمه الجليلة النافعة: " سبحان من لم يجعل الدليل على أوليائه إلا من حيث الدليل عليه، ولم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ". يعني: أنه سبحانه كما احتجب بالأكوان عن العقول والأبصار، ستر أولياءه بكثائف الظواهر من الصنائع الخسيسة صيانة لهم عن الأغيار. ولا دليل على معرفتهم إلا العناية الإلهية التي بها عرفت الربوبية. كما قال بعض الأكابر : عرفت ربي بربي ولولا ربي ما عرفت ربي . فإذا أحبك الله وأراد أن يعرفك بولي من أوليائه، طوى عنك وجود بشريته، وأشهدك وجود خصوصيته . فإنه لم يوصل إليهم إلا من أراد أن يوصله إليه ؛ لأنهم أحبابه ، فلا يحب أن يجمع عليهم إلا من جمع قلبه عليه .


(4) : وكذا أرباب القلوب وساداتنا مشايخ التصوف العالمين العاملين، فمن لا شيخ له فشيخه الشيطان... فينبغي على المريد الصادق أن يتخذ له شيخاً ورعاً صادقاً عاملاً بكتاب الله وسنة رسوله، تربى في مدارس التربية العرفانية على يد شيخ تربى هو كذلك على شيخ تربية هكذا إلى سيدي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الذي قال في حديثه الشريف: " أدَّبني ربي فأحسن تأديبي" فمن لا شيخ له لا ضمان لاستمراره في الطريق، وعبادة الفذ قليل المداومة عليها فمن يذكر الله تعالى ويتعبد بنفسه من غير شيخ، فإنما يتعاطى أعمالا شاقة فتمل نفسه فيترك العمل آخر عمره جملة واحدة، ولذلك تقول الناس حبل العبادة طويل. وقد كان شخص من الناس اجتمع على سيدي عبد الوهاب الشعراني رضي الله عنه فجعله يفتتح المجلس بالجماعة لما كان عليه من المواظبة على الأوراد والخيرات، ثم بعد مدة سلبه الله تعالى ذلك الخير كله وصار كالفخارة الفارغة وزال ذلك البريق الذي كان على وجهه، فإن كل من لا شيخ له إذا أكثر العبادات فلا بد أن يمل منها ويذهب ميله إليها حتى لا يبقى له إليها داعية أو يعجب بها وهذا مكر من الله تعالى به بلا شك، وقد مدح الله تعالى رجالا بقوله: { صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلا}.

فكن يا أخي مع هؤلاء، ولا تكن مع من مكر به من الناكثين لعهود أشياخهم، فلعلك يدور فيك ماء الحياة ويخضر عودك فلا تمل من العمل. وقد كان السلف الصالح رضي الله تعالى عنهم إذا دخل أحدهم في سن الأربعين سنة أقبل على عبادة ربه حتى لو قيل له: غدا تموت لا يجد له زيادة على ذلك العمل الذي هو عليه رضي الله عنهم أجمعين.

ويتعين العمل بهذا العهد على الدعاة إلى الله تعالى لأنه متى لم يكن الشيخ أكثر عملا من المريد لا يتم اقتداؤه به، وإذا ترك الشيخ عبادة كان يفعلها اقتدى به المريد ضرورة، ولذلك قام صلى الله عليه وسلم حتى تورمت قدماه وكان أواخر عمره أكثر صلاته في بالليل جالسا ولم يترك العمل، ولذلك كان أتعب صلى الله عليه وسلم من بعده فما تورمت أقدام أحد بعده إلا نادرا، فلا تجد يا أخي أتعب قلبا ممن يكون قدوة أبدا. { والله غفور رحيم }.‏


(5) : كما كان يفعله سيدي ومولاي العربي بن أحمد الدرقاوي الشاذلي رضي الله عنه في رسائله الجليلة وحكمه الرائعة النافعة التي كان يوجهها لمريديه محبيه في كافة الأمصار، وهي مما أكرمني المولى بخدمته فخرج في كتاب بعنوان مجموع رسائل مولاي العربي الدرقاوي" تم طبعه في المجمع الثقافي في أبو ظبي، نفعنا الله به وبالصالحين في الدارين.


(6) : وقد تكرر في كلام مولانا الشيخ لفظ المدد والنظرة وغيرها من العبارات التي ربما يتوهم البعض أن فيها نوعاً من المغالاة أو البدعة أو الشرك كما هو دارج في ألفاظ بعض المتمسلفين، لذا وجب علينا بيان ذلك بمزيد من البيان والتفصيل عسى أن يفهم من يريد الفهم، ولا أسف على من أصر على جهالاته؛ ولا يستغرب الشيء من معدنه، فأقول وبالله المستعان:

إن ما يقال في معنى "المدد" وطلبه من الله تعالى عن طريق الأحياء والموتى، يقال كذلك في معنى:"النظرة" وطلبها من الله تعالى، فالأمر منه سبحانه وإليه : { وَلَلآخِرَةُ أَكْبَرُ دَرَجَاتٍ وَأَكْبَرُ تَفْضِيلا }. وقد اتفق العلم الحديث والقديم على أن نظرات الناس تختلف باختلاف الانفعالات وباختلاف شحنتها من القوى والطاقات الباطنية في الإنسان. وهذا أمر محسوس ، فلكل نظرة معنى، ولكل نظرة تأويل، ولك نظرة حديث روحي تفهمه العقول، وتتأثر به القلوب والعواطف، والشاعر يقول:



عيناك قد دلتا عيني منك على = أشياء ، لولاهما قد كنت تخفيها
والعين تعرف من عيني محدثها = إن كان من حزبها أو من أعاديها



وهكذا يختلف معنى"النظرة" في القرآن المجيد باختلاف المضمون والمدلول والمفهوم، فمثلاً: قوله تعالى: { وَإِذَا مَا أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ } فهي نظرة حقد ونفاق. وقوله تعالى: { فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ فَقَالَ إِنِّي سَقِيمٌ } فهي نظرة حكمة وتخلص واعتذار.وقوله تعالى: { فَلَوْلَاإِذَا بَلَغَتِ الْحُلْقُومَ وَأَنتُمْ حِينَئِذٍ تَنظُرُونَ} فهي نظرة عجز وإشفاق. وقوله تعالى: { ثُمَّ عَبَسَ وَبَسَرَ} فهي نظرة خبث وتماكر وتفكير. وقوله تعالى: { عَلَى الْأَرَائِكِ يَنظُرُونَ} فهي نظرة إيمان وسعادة…. إلخ. فالتنويم المغناطيسي الصادق أساسه النظرة. والانفعال بالحب أو البغض أو السكون أو الخوف أساسه النظرة. إذن: ففي النظرة سر، يرى، ويفهم، ويُحَس!! وفي الحديث الثابت:" العين حق". ومن هنا نفهم قوله تعالى فيمن أحبهم: {وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ} في مقابلة قوله تعالى فيمن كرههم: {وَلاَ يُكَلِّمُهُمُ اللّهُ وَلاَ يَنظُرُ إِلَيْهِم يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ يُزَكِّيهِمْ}. ولأمر ما قال سبحانه وتعالى: {لاَ تَقُولُواْ رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا}. وكذلك لأمر ما قال سبحانه وتعالى عن غيرهم: {وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَّهُمْ وَأَقْوَمَ}. ولأمر ما قاس سيدنا موسى: { رَبِّ أَرِنِي أَنظُرْ إِلَيْكَ}.

فالنظرة إذاً نوع من الإمداد الغيبي ترسل به عين البصر أو البصيرة وفي إشعاعاتها سيالات قوية وتيارات نفاذة مؤثرة، وأنت واجدٌ تجربة ذلك مكررة في اختلاف نظراتك اليومية إلى أولادك ومرؤوسيك والناس كلهم ممن تتعامل معهم أو لا تتعامل معهم ي حالتي الرضا والبسط أو الغضب والانقباض.ألا ترى نظرة المنوّم المغناطيسي الصادق؟، ألا ترى نظرات قواد الجيوش والحركات الثورية؟. ألا ترى إلى نظرات الخطباء والمحاضرين والممثلين؟. ألا ترى إلى نظرات المجرمين؟. ألا ترى إلى نظرات المحبين؟. ألا ترى إلى نظرات السعداء والمحزونين؟. والخائفين والواثقين؟.

يقول سيدي القطب أبو الحسن الشاذلي رضي الله عنه وأرضاه وعنا به - ما معناه -:" نحن كالسلحفاة نربي أبناءنا بالنظرة". ويقول:" لا والله ما بيني وبين المريد الصادق إلا أن أنظر إليه وقد كفيته!". نظرة القوة الخارقة، والروحانية النفاذة، التي تنفعل لها الأشياء!!.

وطلب "النظرة" من الميت الصالح أدخل في هذا الباب، وأجمع لمتعلقات الغاية، لانعدام العوائق والعلائق البشرية، واختفاء الحدود والقيود والأزمنة، وكل ذلك دائر، في المجال الإمكاني المحكوم شرعاً بالإباحة، وهو لا يتعارض مع العلم، ولا مع الناموس الكوني، ولا مع معقولية الأشياء، ولا مع معلوم بالضرورة من دين الله تعالى، ولا مع تجارب العلم والتنكنولوجيا.

هذا، وطالب "المدد" أشياخه قائمون جميعاً على قدم العبودية في ساحة العطاء الأقدس، وما منهم إلا من يدندن بطلب"النظرة" و"المدد" من ربه في حضرة الفرق، حتى يفنى عن "النظرة" و"المدد" في حضرة الجمع، ثم يبقى بعد ذلك بالنظر الحق الممد وحده عز وجلّ في حضرة البقاء والتجريد الأعظم.

فاللهم!! نظرة ومدداً ، وليس إلا منك النظر والإمداد!!. اللهم!! وأذق من يظن بنا الجهل والخرافة حلاوة سر النظرة، نظرته إليك ونظرتك إليه وأذقه حلاوة"المدد" الحق حتى يقول معنا:" إلهي! النظرة والمدد".

وقد ورد في الحديث الشريف عن سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (إذا ضلَّ أحدكم شيئاً أو أراد عوناً وهو بأرض ليس بها أنيس، فليقل: يا عباد الله أغيثوني، يا عباد الله أغيثوني، فإن لله عباداً لا يراهم). قال عتبة رضي الله عنه راوي الحديث: أنه قد جرّب ذلك فوجد. وهذا بعينه هو ترجمة قولهم :"مدد" فإن الإعانة أو الإغاثة كما تكون بالحس تكون بالمعنى، والله الفعّال ، والخلق أداة تنفيذ، في الحياة أو الممات.

وقد روى السخاوي عن إبراهيم ابن إسماعيل بن غازي الحراني قال: قال لي أبي : خرجت من حرّان إلى الموصل، في زمن الشتاء، والوحل والأمطار، وكانت جمال الناس تقع كثيراً، وقاسى الناس شدة عظيمة، فكنت أخشى على نفسي لما أعلم من ضعفي. فنمت فسمعت قائلاً يقول:" ألا أعلمك شيئاً إذا قلته لم يقع جملك وتأمن به؟. فقلت: بلى والله، ولك الأجر. فقال لي: قل:" { إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ أَن تَزُولا} الآية. فقلتها فما وقع جمل حتى دخلنا الموصل، وهلك لنا شيء كثير من سقوط جمالهم، وسلم ما معي: وصدق الله { وما أوتيتم من العلم إلا قليلا}.

وما نشر من كتب السنة ما هو الأقل والأيسر، فكيف يحكم فلان أو فلان بأن السنة خالية من ذكر عالم الغيب أو الغوث أو القطب، عبارة أو إشارة أو تخريجاً؟. والمسألة هنا أيضاً مسألة تجريبية لا نظرية ولا جدلية، ومع هذا فقد ألف فيها إمامنا السيوطي رسالته العلمية الموثقة "الخبر الدال" فأثبت فيها بالحديث وجود عوالم الأغواث والأقطاب والنجباء والعصائب والأوتاد والأبدال.

وقد ذكر الإمام محمد زكي إبراهيم رائد العشيرة المحمدية رضي الله عنه وأرضاه - في رسالته النافعة - ومنها نقلت وعليها عوَّلت لعظيم فائدتها -: "أصول الوصول" فقال:" قال لي عالم عارف ثقة لم يكن يومها صوفياً: لقد وقعت لي شدة ماحقة، فوقع لي الفرج ببركة"الغوث" فعرفت وتيقنت أن في مكة "غوثاً" على ما قال ساداتنا الصوفية، ومن ذاق عرف، ومن أراد وصل بتوفيق الله تعالى، كما فعل حجة الإسلام الغزالي رضي الله عنه من قبل.

وإن الذين ينكرون الأرواح والغوث والقطب ومن والاهم معذورون في ذلك - إن أحسنا الظن بهم - لأنهم يرون النبي صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم فرداً من الأفراد - حاشا شئون الوحي - ويرون أصحابه كآحاد الناس، أما فضل الله تعالى ودرجات الناس عنده، ومقاماتهم في غيبه، فلا علم لهم بشيء من ذلك لأنهم وقفوا على السطوح وعبدوا القشور، وحسبوا - غروراً - أنهم بلغوا نهاية النهاية، وغاية الغاية! وهم لم يبارحوا مكانهم.

وفي"أربعين" السلمي:"أن من العلم كهيئة المكنون لا ينكره إلا أهل العزة بالله" وفي البخاري تعليقاً عن أبي هريرة رضي الله عنه قال:" أوتيت وعاءين من العلم، أما أحدهما فقد بثثته، وأما الآخر فلو بثثته قطع مني هذا البلعوم". والله سبحانه وتعالى يقول: {فَلا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ وَمَا لا تُبْصِرُونَ} أي: هناك عوالم أخرى مستورة غير منظورة لها نظامها الدقيق الذي أقسم الله به، وغيب الله أعظم من أن يحيط به أحدٌ مهما اشتهر ذكره، وارتفع عند بعض الخلق قدره!!."اهـ




(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: الحَلِيمُ جَلَّ جَلالُهُ ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-02-2009
  #105
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الحَلِيمُ (1) جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي يرى مخالفة الأوامر ويعلم طغيان الظالم، والفاجر، وهو "حليمٌ" لا يعجل، مع القدرة التامة، رحيمٌ شملت رحمته الطائع والعاصي، بوسعة عامة (2).


قال تعالى: { وَلَوْ يُؤَاخِذُ اللّهُ النَّاسَ بِظُلْمِهِم مَّا تَرَكَ عَلَيْهَا مِن دَآبَّةٍ} (3) .


ولو فتَّشنا مكارم الأخلاق لوجدنا الحلم هو الدرة الغالية، وهو منتهى المفاخر العالية. وقد ورد في الأثر: ( الحلم سيد الأخلاق ) (4) . وورد : (كاد الحليم أن يكون نبياً) (5) .


وإن حلم الله على العاصي وستره على المذنب، وإمهاله للكافر، ورزقه للفاجر، بمنـزلة الراح الطهور الذي يشرح الصدور، كأن الحق سبحانه وتعالى يقول: تعلَّموا الحلم مني، وأنا القادر العظيم، وتخلَّقوا بالحلم، واحذروا نزغات الشيطان الرجيم، فأنا الحليم مع قدرتي، والسَّتَّار مع عزتي (6) .


ومن أراد أن يكون مثال الكمال، ويتحلَّى بحلَّة الجمال، فليستعمل الحلم مع الجهلاء، ويستعمل الصفح عن السفهاء، ويتمثَّل معاملة الله لأعدائه، وحلمه على المشركين ، ولطفه في قضائه، يعبدون غيره، ويرزقهم!، ويعظِّمون سواه، ويمهلهم! (7) .


وقد جعل الله السفهاء بمنـزلة المعراج الذي يعرج عليه أهل الحلم، والبراق الموصل لأهل العلم، فمتى تعدَّى عليك سفيه لئيم، فقابل ذلك بالحلم، واشكر الله على خلاصك من الخلق الذميم.


واعلم أن حظ العبد من هذا الاسم أن يكون حليماً على الجهَّال، غاضّاً الطرف عن سيِّء الأعمال ( 8 ).


وأكبر إمام تخلَّق بالحلم، وتحلَّى بهذا الخلق العجيب هو سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم؛ فإنه لم يغضب لنفسه أبداً، ولقد رماه الكفار بالجنون والسحر، وكافة أنواع الأذى، وضربوه بالأحجار حتى سال الدم منه، ومع ذلك فهو حليم، لبس حُلَّة الرب "الحليم"، أنس بمولاه الكريم، راضٍ بحكم مولاه الحكيم، قائلاً:" اللهمَّ اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون" (9) .


وصاحب هذا الخلق يحيا ذكره ويصير إماماً لإخوانه، وجيهاً في الدنيا والآخرة."اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي ...تجليت باسمك الحليم، فسترت العيوب، وجذبت القلوب بفضلك، فلا تمنع عنا عطاياك، ننساك جهلاً فتواسينا بالرزق، تنـزهت في علاك. إلهي ... أشرق على قلوبنا بأنوار الحليم حتى نتخلق بالحلم . إلهي .... احفظ نفوسنا من الغضب والحماقة، وجمِّلنا بأنوار أسمائك على قدر الطاقة، حتى نكون نوراً مشرقاً للأحباب، ومورداً عذباً للطلاب، وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم)." .



اقتباس:============================================

(1) : يقال:حلُم - بالضم - يحلُمُ حلماً-، فهو حليم. وأما حلَم - بالفتح - يحلُم- ، حلماً بضم فسكون- ، وبضمتين - فهو:حالم؛ فرؤيا المنام، والجمع أحلام.

(2) : وقيل: إن الحليم هو الذي لايعجل الانتقام مع غاية الاقتدار، ويعزم على عدم الانتقام ولايظهر ذلك. وقيل: هو الذي لا يحبس آلاءه وأفضاله عن العباد لأجل ذنوبهم . وقيل: هو الذي لايسارع بالعقوبة ولا يعجل بالمؤاخذة بل يتجاوز الزلات ويعفو عن السيئات .

(3) : سورةفاطر - الآية 45.

(4) : لم أجده بهذا اللفظ.

(5) : ‏قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (كاد الحليم أن يكون نبياً) أي قرب من درجة النبوة وكاد من أفعال المقاربة وضعت لمقاربة الخبر من الوجود لعروض سببه، لكن لم يكن لفقد شرط أو عروض مانع. قال العسكري: كذا يرويه المحدثون ولا تكاد العرب تجمع بين كاد، وأن، وبهذا نزل القرآن. رواه الخطيب في ترجمة محمد البزدوي (عن أنس) وفيه يزيد الرقاشي متروك، والربيع بن صبح ضعفه ابن معين وغيره ومن ثم أورده ابن الجوزي في الواهيات وقال: لا يصح.‏ انظر: فيض القدير شرح الجامع الصغير - الحديث رقم 6198.

(6) : روى الرازي أن شاباً كان كثير الذنوب ولكنه لم يكن مصراً على ذنبه، بل كان يتوب ثم يرجع إلى الذنب، فلما كثر منه ذلك وسوس له الشيطان فقال له: إلى متى تذنب وتتوب ثم تعود؟ وأراد أن يقنطه من رحمة الله سبحانه وتعالى، فلما جاء الليل قام الشاب وتوضأ، وصلى ركعتين، ثم رفع بصره إلى السماء قِبلة الدعاء، ونادى ربه قائلاً: يا من عصمت المعصومين، ويا من حفظت المحفوظين، ويا من أصلحت الصالحين، إن عصمتني تجدني معصوماً، وإن أهملتني تجدني مخذولاً، ناصيتي بيدك، وذنوبي بين يديك، يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك . فقال الله سبحانه وتعالى للملائكة : يا ملائكتي ... أما سمعتم قوله ؟ اشهدوا أني قد غفرت له ما مضى من ذنبه، وعصمته فيما بقي من عمره .

(7) : في الحديث القدسي الجليل الذي رواه سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن ربه عز وجلَّ قال: (قال اللّه تعالى إني والجن والإنس في نبأ عظيم أخلق ويعبد غيري وأرزق ويشكر غيري) لكن وسعهم حلمه فأخرهم { لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارمُهْطِعِينَ مُقْنِعِي رُءُوسِهِمْ لاَ يَرْتَدُّ إِلَيْهِمْ طَرْفُهُمْ وَأَفْئِدَتُهُمْ هَوَاء} أي متخوفة لا تعي شيئاً فيقال لهم: {يا معشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أقطار السماوات والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان}.

قال الغزالي: المنعم هو اللّه والوسائط مسخرون من جهته فهو المشكور وتمام هذه المعرفة في الشك في الأفعال فمن أنعم عليه ملك بشيء فرأى لوزيره أو وكيله دخلاً في إيصاله إليه فهو إشراك به في النعمة فلا يرى النعمة من الملك من كل وجه بل منه بوجه ومن غيره بوجه فلا يكون موحداً في حق الملك وكمال شكره أن لا يرى الواسطة مسخرة تحت قدرة الملك ويعلم أن الوكيل والخازن مضطران من جهته في الإيصال فيكون نظره إلى الموصل كنظره إلى قلم الموقع وكاغده فلا يؤثره ذلك شركاً في توحيده من إضافته النعمة للملك فكذلك من عرف اللّه وعرف أفعاله على أن الشمس والقمر والنجوم مسخرات بأمره كالقلم في يد الكاتب واللّه هو المسلط على الفعل شاءت أم أبت. الحديث رواه الحكيم الترمذي ، والبيهقي، والحاكم بسندهم عن أبي الدرداء.

انظر: المناوي - فيض القدير شرح الجامع الصغير - الحديث رقم 6008.

( 8 ) : فالتعلق بهذا الاسم باستمطار حلمه تعالى بستر مساويك، ونشر محاسنك، وبشكر منته في خلقه، والرجوع إليه قبل ظهور أمره بإنفاذ حكمه. أما التخلق فيكون بالصفح عن الجناة، والعفو عنهم فيما يعملونه به من السيئات، بل تجازيهم بالإحسان تحقيقاً للحلم والغفران.

(9) : صح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد حين كسروا رباعيته وشجوا وجهه: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) وهذا القول من النبي صلى الله عليه وسلم إنما كان على سبيل الحكاية عمن تقدمه من الأنبياء والدليل عليه ما رواه مسلم عن عبدالله بن مسعود رضي الله عنه وأرضاه قال: كأني أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يحكي نبيا من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: (رب اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). وفي البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر نبيا قبله شجه قومه فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يخبر عنه بأنه قال: (اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)."اهـ .




(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: العَظِيمُ جَلَّ جَلالُهُ....... )

__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 06-12-2009
  #106
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

العَظِيمُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي تسجد العقول على أعتاب عظمته، وتصعق الأرواح عند تجلِّي عزَّته، وتتلاشى الموجودات عند ظهور كبريائه، وتتضاءل الكائنات عند ظهور آلائه.


والعظمة لها معانٍ لغوية، ومراتب معنوية:


فالسموات عظيمة في صفائها وضيائها.
والأملاك عظيمة في طاعتها وتقديسها.
والأخلاق عظيمة في قدرتها ووصفها.
والأعمال الصالحة عظيمة في علو شأنها..... .


والعظيم المطلق هو الله جلَّ جلاله، الذي يعظم الأشياء بإفاضة الكمال عليها، وقد عظم في الوجود خلائق كثيرة، وأماكن مختلفة:


فأول الكائنات التي عظَّمها الأنبياء؛ لأنَّ نفوسهم من الصفاء، وقد صيَّرهم الحق بعنايته عظماء. ثم ورثة الأنبياء من العارفين العلماء (1) (؛ فمن احتقر الأنبياء وورثتهم كفر بواهب العطاء (2) .


ومن الأمكنة المعظمة الكعبة (3) ، وجميع المساجد، ومقامات الأولياء (4) ، وإن كانوا في البرازخ.

ومن التعظيم: شعائر الله. قال الله تعالى: { ذَلِكَ وَمَن يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِن تَقْوَى الْقُلُوب} (5) .


فالذي يعظم حرمات الله، ويحترم شعائر الدين، ويوقِّر كلَّ ما نسب إلى الحضرة العلية؛ فهو عظيم القدر عند الله، وعند عباده، وجيهاً في الدنيا والآخرة (6) .


ومن ذلك: تعظيم الملائكة لطالب العلم، فهي تضع أجنحتها إجلالاً له (7) ." اهـ




الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... تجليت بعظمتك فخضعت لك العوالم بالسجود ترتعد لعزتك، أشرق أنوار العظمة على قلبي، حتى يسجد فلا يرفع، وأشهدني جلال الكبرياء حتى تتزكى نفسي، فلا أرى سواك ينفع، فأرى نفسي حقيرة مهينة، وأرى حقيقتي عدماً، وأشاهدك لي معيناً. إلهي .... اجعلني معظماً لكل ما عظَّمت، محقِّراً معادياً لكل ما حقَّرت، حتى ألبس رداء الهيبة بين العوالم، وسلِّمني بفضلك من كل ظالم. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".



اقتباس:
============================================


(1) : ذكر حجة الإسلام الغزالي رضي الله عنه ونفعنا بمحبته: أن العظيم من العباد هم الأنبياء والعلماء الذين إذا عرف العاقل شيئاً من صفاتهم امتلأ بالهيبة صدره، وصار مستوفى بالهيبة قلبه ، حتى لا يبقى فيه متسع. فالنبي عظيم في حق أمته، والشيخ في حق مريده ، والأستاذ في حق تلميذه، إذ يقصر عقله عن الإحاطة بكنه صفاته، وكل عظيم ناقص بالنسبة إلى عظمة الله تعالى، لأنه العظيم المطلق، فعظمته فوق كل عظيم غيره.

عن كَثِيرِ بنِ قَيْسٍ قالَ: "كُنْتُ جَالِساً مَعَ أبي الدّرْدَاءِ في مَسْجِدِ دِمَشْقَ فَجَاءَهُ رَجُلٌ فقالَ: يَا أبَا الدّرْدَاءِ إنّي جِئْتُكَ مِنْ مَدِينَةِ الرّسُولِ صلى الله عليه وسلم لِحَدِيثٍ بَلَغَنِي أنّكَ تُحَدّثُهُ عنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم مَا جَئْتُ لِحَاجَةٍ. قالَ: فإِنّي سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَطْلُبُ فِيهِ عِلْماً سَلَك الله بِهِ طَرِيقاً مِنْ طُرُقِ الْجَنّةِ، وَإِنّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا رِضاً لِطَالِبِ الْعِلْمِ، وَإِنّ الْعَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ في السّمَاوَاتِ وَالأرْضِ وَالْحِيَتَانِ في جَوفِ الْمَاءِ، وَإنّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ لَيْلَةَ الْبَدْرِ علَى سَائِرِ الْكَواكِبِ، وَإِنّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ، وَإنّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرّثُوا دِينَاراً وَلا دِرْهَماً، وَرّثُوا الْعِلْمَ، فَمَنْ أخَذَهُ أخَذَ بِحَظّ وَافِرٍ". أخرجه أبو داود والترمذي وابن ماجه وابن حبان في صحيحه من حديث أبي الدرداء.

انظر: تخريج أحاديث الإحياء، للحافظ العراقي - كتاب العلم - الباب الأول - الحديث رقم 2.


(2) : كما هو حاصل في أيامنا النحسات من روايات وأفلام وأقلام ومسلسلات ومقالات تسيء إلى رسل الله وعلى رأسهم سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وكذا علماء الأمة وأئمتها من السلف والخلف، ويقرب منهم من يوافقهم في منهجه ودعوته ولو كان متحلياً بوصف الدعاة إلى الله، فيقع في أعراض أهل الله تعالى، ويحقر الأولياء والصالحين من هذه الأمة الموحدة، ويتهم أئمتها وعلماءها بالشرك والضلال دون وجه حق سوى التعصُّب الأعمى لفرقته، فاحذر يا أخي ولا تغتر بكل ناعق، هدانا الله وإياك لما فيه رضاه، ورضا رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ورزقنا الأدب مع أهل الله العارفين والعلماء العاملين، من السلف والخلف، آمين.


(3) : ومن تشريفه تعالى للكعبة المعظمة البيت الحرام أن كان من الأدعية المأثورة: ( اللهم زد هذا البيت تشريفاً وتكريماً وتعظيماً ومهابة وبراً، وزد من حجَّهُ واعتمره تشريفاً وتكريماً وتعظيماً ومهابة وبراً.


(4) : وزيارة أهل الله الصالحين من الأحياء والأموات، وزيارة قبورهم ومقاماتهم من أسباب حصول البركة والخير، وفيها من الفتوح والمنوح ما لا يدركه إلا من عرفه وذاقه، ورزقه الله الصدق والإخلاص، والفهم، لا سيما إن كان المزور من عباد الله الصالحين وأهل الله العارفين فتتأكد حرمته، والتحشم عنده، وحفظ القلب، وسلوك أدب الزيارة، وقد قال سيدي ومولاي العربي الدرقاوي في بعض رسائله في الحث على زيارة الصالحين أحياء وأمواتاً : "فإذا كنتَ بفاس البالي - أيها الفقير! - وأردتَ زيارة شيوخ الطريقة الذين هم هنالك، فابدأ بسيدي ابن العربي المعافري الذي بين المدينتين البالية والجديدة - حرسها الله - ، ثم سيدي علي بن حرزهم، ثم سيدي عبد الله التاودي، ثم سيدي يوسف الفاسي، ثم سيدي محمد بن عبد الله، ثم سيدي أحمد اليمني ، ثم سيدي علي الجمل أستاذنا، وهو من بقيتهم هنالك، ثم بادر إن عزمت إلى سيدي أبي علي بايتيوسي، ثم إلى سيدي أبي يعزى بتاغية، ثم إلى سيدي أبي سلهام، بساحل البحر، ثم إلى مولاي عبد الله بن أحمد بمكناسة الزيتون - حرسها الله - ثم إلى سيدي أبي زكري بها، ثم إلى مولاي عبد السلام بن مشيش بجبل الأعلام، ثم إلى سيدي أبي زيد بقبيلة مزيات - حرسها الله - ثم إلى شيخه سيدي أبي مدين الغوث بعباد تلمسان- رضي الله عنهم - وهم كثيرون إلا أنهم لا يعرفهم إلا من وصل مقامهم، أو من وقف على آثارهم، فاستدل به عليهم، ولا يعرف ذلك إلا الحاذق اللبيب من أهل العلم والتقى ، إذ هم قد كادوا - رضي الله عنهم - أن يكونوا أنبياء، على نبينا وعليهم الصلاة والسلام، كما قلنا فيما تقدم، وقد كررنا قولنا هذا عنوة لعل من يربح، ولا بد ولا بد زرهم - أيها الفقير – ما دمت حياً كما تزور الوالدين وأهل المحبة، إذ لزيارتهم الفضل الكبير، والسر الواضح الشهير ، قد شاهدناه مراراً متعدده - والله على ما نقول وكيل - ومن أراد أن يعرف فضل الزيارة وسرها وخيرها وبركتها ومزيتها فلينظر كتب القوم - رضي الله عنهم - فقد قال الشيخ الجليل ولي الله تعالى أبو سالم سيدي ابراهيم التازي دفين وهران - رضي الله عنه :



زيارة أرباب التقى مرهم يبري=ومفتاح أبواب الهداية والخير
وتحدث في القلب الخلي إرادة=وتشرح صدراً ضاق من سعة الوزر
وتنصر مظلوماً وترفع خاملاً=وتُكسِب معدوماً وتجبر ذا كسرِ
وتبسط مقبوضاً وتضحك باكياً=وترفع بالبر الجزيل وبالأجرِ
عليك بها فالقوم باحوا بسرها=وأوصوا بها ياصاح بالسر والجهرِ
فكم خلّصت من لجة الإثم فاتكاً=فألقته في بحر الإنابة والسرِ
وكم من بعيد قرَّبته بجذبة=ففاجأه الفتح المبين من البرِ
وكم من مريد ظفّرته بمرشدٍ=حكيم خبير بالبلاء وما يبري
فألقت عليه حُلّة يمنية=مطرّزة باليمن والفتح والنصر
فزر وتأدب بعد تصحيح توبة=تأدب مملوك مع الملك الحر
ولا فرق في أحكامها بين سالك=مربّ ومجذوب وحي وذي قبر
وذي الزهد والعباد فالكل منعم=عليه ولكن ليست الشمس كالبدر
وزورة رسل الله خير زيارة=وهم درجات في المكانة والقدر
وأحمد خير العالمين وخير من=ييممه العافون في العسر واليسر
وأمته أصحابه الغر خيرهم=وأفضل أصحاب النبي أبو بكر
ويتلوه فاروق أبو حفص الرضى=على رأي أهل السنة الشُّهُب الزهـر
وبالوقف قالوا في الهزبر أخي العلا=علي وعثمان الشهيد أبا عمروِ
وقالوا كترتيب الخلافة فضلهم=وقد تم نظمي في المزور وفي الزورِ
على أنبياء الله مني ورسله=وخاتمهم أزكى سلام مدى الدهرِ
وقرباه والصحب الكرام وتابع=لهم في التقى والبر والصبر والشكرِ


والسلام.


(5) : سورة الحج – الآية 32.


(6) : وحظ العبد من هذا الاسم : التواضع لله وأن يستعين بربه ويستهديه. والعلم والقدرة هما مظهرا عظمة الإنسان، وبهما كرَّمه الله تعالى، وفي هذا المعنى ورد أنه صلى الله تعالى عليه وآله وسلم قال: ( من تعلَّم وعلَّم وعمل بما علم ثم علَّم الغير فذلك يدعى عظيماً في السماء).

وقد قيل: العظيم من لا تكون عظمته بتعظيم الأغيار بله أهل الصغار، وإنما من جلَّ عن الحدِّ والمقدار بمزيد إيمانه ومعارفه وقوله وعمله.


(7) : روى مسلم وأبو داود والترمذي والنسائي وغيرهم مرفوعا: ( من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة ).


وروى أبو داود والترمذي وابن ماجه في صحيحه مرفوعا: (إن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع، وإن العالم يستغفر له من في السماوات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما إنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر). " اهـ





(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: الغَفُورُ جَلَّ جَلالُهُ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 08-13-2009
  #107
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية

الغَفُورُ جَلَّ جَلالُهُ



" اعلم أن الله تعالى كرَّر أسماء المغفرة (1) في القرآن، ونوَّع معانيها لتطمئنَّ قلوب العصاة، وتسكن نفوس المذنبين، ولا ييأس مجرمٌ من رَوح الله "الغفور" جلَّ جلاله؛ فهو { غَافِرِ الذَّنبِ وَقَابِلِ التَّوْبِ } (2) . من أذنب وأتى إلى بابه قبله.


الغفَّار: هو الذي إن تكرَّرت منك الإساءة وأقبلتَ عليه فهو غفَّارها وستَّارها (3) .


و"الغفور" هو السيد التامُّ القدرة (4) ، وقد يغفر فضلاً منه وإحسانا، بدون قيدٍ ولا شرط، فهو الفعَّال المطلق الذي هو فوق القيود والحدود.


واعلم... أن العبد متى تأمَّل في أخلاق الله تعالى ومعاملته لعباده انفتح أمامه باب الأمل، ونشط في صالح العمل (5) ، ولاح على قلبه نور "الغفور"، وانكشف له حكمة المقدور، فلا يرى عورةً إلا سترها، ولا زلَّةً إلا غفرها؛ إن اعتذر إليه أخٌ قَبِلَ، وعامله بالإحسان، ويقابل جميع الإساءة بالغفران.


وصاحب هذا الخلُق يصبح بين العالم كشجرة مُظِلَّةٍ مثمرة، وروضةٍ بأنواع المسرَّات عامرة.




الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت الغفور الذي تغفر الذنوب جميعاً، تمحو الإساءات فتجعل العاصي وجيهاً مطيعاً، تجليت بنور اسمك الغفور، ففرت إلى رحابك الأرواح، وانشرحت الصدور. تجلَّ لقلبي بواسع الغفران، واجعلني مظهر الإحسان في بني الإنسان، واجعل قلبي نقياً تقياً، راضياً مرضياً، فأكون مصدراً للعفو والصفح عليك، إذ الأمر منك وإليك. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".



اقتباس:============================================

(1) : قيل: والمغفرة مأخوذة من الغفر، وهو: نبت إذا وضع في الجرح بريء من حينه، فالمغفرة تبريء جراح الذنوب، كما يبريء هذا النبات جراح الأبدان. وقيل من (المِغْفَر) وهو الجُنَّة التي تجعل على الرأس عند الحرب لأن المغفرة ستر الذنوب . وقيل الغفور هو السيد التام القدرة، وقد يغفر فضلاً وإحساناً منه، بدون قيد ولا شرط . فهو الفعال المطلق الذي هو فوق القيود والحدود . وقيل : إن الغفار هو الذي إن تكررت منك الإساءة ، وأقبلت عليه فهو غفارك وستَّارك وستارها.

(2) : سورة غافر - الآية رقم 3.

(3) : فالغفار صيغة مبالغة لغافر أيضاً وهي أبلغ لزيادة المعنى ، وقيل مبالغة من جهة الكمية والتكرار، فهو" العزيز الغفار" - سورة ص 66 - تدلُّ على غفران الذنوب على سبيل التكرار مرة بعد أخرى، فستر القبيح وأظهر الجميل، فهي تتناول الأفراد والأرتال، هذا بينما "الغفور" تتناول المبالغة من جهة الكيفية بمغفرة الذنوب العظيمة، وهو تعالى يغفر الذنوب جميعاً، كبيرها وصغيرها، غير أنه { لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء} مهما عظم الذنب وتكررت الآثام.

(4) : والغفور صيغة مبالغة لغافر التي تدلُّ على أصل المغفرة، وهو من الغفر، وهو الستر بصيانة العبد عما استحقه من العذاب، فهو كثير الستر على عباده بالتجاوز عن سيئاتهم لمن استغفر من أي ذنب فهو يدل على كثرة ما يغفر، فهو يغفر الذنوب جميعاً، فهو من جهة الكيفية جودة وكمالاً فهو تام المغفرة كاملها ، يغفر الذنوب العظام.

(5) : مكرراً الدعاء الذي رواه البخاري، ويسمى سيد الاستغفار، وهو قول النبي عليه الصلاة والسلام: (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت، خلقتني وأنا عبدك، وأنا على عهدك ووعدك ما استطعت، أعوذ بك من شر ما صنعت، أبوء لك بنعمتك عليَّ وأبوء بذنبي فاغفر لي فإنه لايغفر الذنوب إلا أنت) . وعن أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم علمني دعاء أدعو به في صلاتي . فقال له: قل " اللهم إني ظلمت نفسي ظلماً كثيراً ، ولا يغفر الذنوب إلا أنت فاغفر لي مغفرة من عندك ، وارحمني إنك أنت الغفور الرحيم " .

وروى الأصمعي قال: وقف أعرابي أمام الروضة الشريفة فقال: اللهم هذا حبيبك، وأنا عبدك، والشيطان عدوك، فإن غفرت لي سُرَّ حبيبك، وفاز عبدك، وغضب عدوك. وإن لم تغفر لي غضب حبيبك، ورضي عدوك، وهلك عبدك. وأنت أكرم من أن تغضب حبيبك، وترضي عدوك، وتهلك عبدك. اللهم إن العرب الكرام إذا مات فيهم سيد أعتقوا على قبره، وإن هذا سيد العالمين، فأعتقني على قبره." اهـ






(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: الشَّكُورُ جَلَّ جَلالُهُ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-01-2009
  #108
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية


الشَّكُورُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي يجازي على العمل اليسير بالأجر الكبير، ويعطي للطائعين في العمر المحدود رضوانه الأكبر في دار الخلود.


هو الذي وهب التوفيق والهدى للطائعين، ويشكرهم بين العالمين.


و"الشكور": هو الله، إذ العبد عاجزٌ في مبداه ومنتهاه.


والشكر من العبد: هو اعترافه بعجزه عن الشكران، والدواء الوحيد لحفظ النعمة ودوام المزيد هو شكر المنعم الكريم، والسير على الصراط المستقيم.


وما زالت نعمةٌ عن مخلوق إلا بترك الشكر، ولا نزلت بليّةٌ بإنسان إلا من التهاون في الأمر (1) .


قال تعالى: { لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ }(2) .



الدُّعـــــاءُ


" إلهي ....أنت الشكور، جذبتنا إليك بحسن معاملتك فشرحت الصدور، وكشفت للعارفين الحقيقة، فلم يعاملوا سواك، ورفعت النقاب عن بصائر الواصلين فدخلوا في رضاك. شاهدوك متجلياً فشكروك، وعاينوا نورك في كل المواطن فعبدوك، تحققوا بالشكر فأعطيتهم المزيد، وجعلتهم بفضلك نوراً مشرقاً للعبيد، أسألك أن تكشف عن بصيرتي الحجب حتى أكون مظهراً للشكر، وأنت الشكور.وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم".



اقتباس:
============================================


(1) : فالشكر مبنيٌ على خمس قواعد: الأولى: خضوع الشاكر للمشكور. والثانية: حبه له. والثالثة: اعترافه بنعمه. والرابعة: الثناء عليه بها. والخامسة: أن لا يستعملها فيما يكره.

وإن نعم الله تعالى لا تحصى، وإن أجلَّها نعمة الصحة، والأبدان، والأبناء، والأموال، وما هدانا الله إليه وأعاننا عليه من طاعته، وغفر زلته، وما يلم بنا من ضعف، ومن مناجاته" تطاع ربنا فتشكر، وتعصى فتغفر لمن شئت". وسمَّى نفسه تعالى "شكوراً" على معنى أنه يجازي العبد على الشكر شكراً كما سمى جزاء السيئة باسمها { وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا }. إن الشكر يتضمن معرفة النعمة كما يتضمن إظهارها والثناء على المنعم بها، بوصفها في محلها، و" إن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده" فالثناء شكر،ووضع النعمة في مواضعها، وحسن استخدامها من ضروب الشكر ومستلزماته، وبضد ذلك الكفر بالنعمة، فهو غطاء وستر لها، وجحود ووضعها بغير مواضعها، كاستعمالها لغير ما يرضى بها المنعم... ولهذا قال تعالى: { وَقَلِيلٌ مِّنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ }. الذي يصرف النعمة إلى ما خلقت من أجله، ويؤدي حقها نية وقولاً وعملاً.


(2) : سورة إبراهيم - الآية 7.

ويذكر القشيري أن شكر العبد للخالق غير ميسور وبيان ذلك من وجوه : الأول: أن شكر النعمة مشروط بمعرفة تلك النعمة ، ومعرفة نعم الله تعالى غير حاصلة ، يقول الله تعالى: { وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها } فإذا كانت معرفة النعم غير حاصلة ، كان الشكر غير ممكن من هذا الوجه . الثاني: شكر النعمة مخلوق من المنعم، وذلك الشكر أعظم قدراً من تلك النعمة ، فكيف يعقل شكر نعمته من غير نعمته . الثالث: أن الله يعطي على هذا الشكر نعمة زائدة فإن وقع هذا الشكر في مقابلة النعمة السابقة بقيت النعمة اللاحقة بلا شكر وإن وقع الشكر في مقابلة اللاحقة بقيت النعمة السابقة بلا شكر، وعلى التقديرين لا يفي شكر العبد بنعمة الرب . الرابع: أن الله يعطيك مع استغنائه عنك، وأنت تشكره مع افتقارك إليه، فكيف يقع هذا الشكر الصادر عن الحاجة والضرورة، في مقابلة الإنعام الذي هو محض التفضل والإحسان ؟." اهـ






(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: العَلِيُّ جَلَّ جَلالُهُ ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-16-2009
  #109
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية



العَلِيُّ جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي له التعالي المطلق، والعلوُّ المحقَّق، وكل رتبة في الوجود مهما علت وارتقت فهي لعزِّ علاه خشعت (1)

.
والعلوُّ قسمان: علوُّ مكانة، وعلو مكان.


فعلوُّ المكانة: هو علوُّ الرتبة والشرف، مثل رتبةالخليفة، ورتبة العلماء.


وعلو المكان: مثل علو الكواكب والأفلاك، فالعرش العظيم له علوعلى جميع المخلوقات الحسية.
ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم له علو المكانة والشرف على جميع العوالم الكونية. وقد أكرمنا الله ببركة سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حيث قال تعالى: { وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ } (2) . فمنحنا رتبة العلوّ في المكانة ونحن على الأرض حتى سبقنا بذلك أهل السماء، لأننا كنا في معية العلي الأعلى (3) .


وقد كان سيدنا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول في دعائه: ( اللهمَّ إنا نسألك الدرجات العلى) (4) . وهو أن يتجلى العليُّ لرفع شأن عبده فيجعله رفيع الدرجات، ظاهر البركات.


وعلوُّ الحضرة الإلهية علوُّ عزٍّ ومجد، وكمال، ونزاهة، يستوي عنده فوق وتحت، لأنه مقدَّسٌ عن الجهات، ولكن متى شاء الحق أن يرفع قدر عبده تعلَّق قلبه بربه، وخشع جسمه لطاعته، وهام في حبِّه، فلم يرَ سواه علياً كبيراً، ولا يرى غيره حافظاً نصيرا، فيكون في المعية الإلهية، ويرفعه الحق إلى مقام العبدية (5) .


ومن أراد العلو فليتواضع لله، فقد ورد في الحديث: ( من تواضع لله رفعه ) (6) .


وقد بين سبيل السعادة الباقية فقال تعالى: { تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الأَرْضِ وَلا فَسَادًا وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِين} (7) ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي .... أنت العلي المنـزَّه عن الحدود والجهات، المقدَّس عن الأوهام والخطرات، جعلت الشرف الأعلى لمن لجأ إليك، وأعطيت المقام الرفيع لمن توكَّل عليك.
إلهي .... إنك منحت سيدنا محمداً صلى الله عليه وسلم أعلى الدرجات، وصيَّرته مفتاحاً لكل المقامات والحضرات، فاجعل لنا حظاً وافراً من ميراثه العالي، وشرفه الغالي، حتى نفوز من علو المكانة بحظ أوفر، وننال بحسن اتِّباعه السعد الأكبر، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم" ( 8 ) .



اقتباس:
============================================


(1) : واعلم أن علو الله تبارك وتعالى يرجع إلى واحد من ثلاثة أمور: إلى أنه لا يساويه شيء في الشرف والعزة، فيكون هذا الاسم من أسماء التنـزيه، أو إلى أنه قادر على كل شيء والكل تحت قدرته وقهره، فيكون من أسماء الصفات المعنوية، أو إلى أنه يتصرف في الكل بقدرته، فيكون من أسماء الأفعال. وأما علوه سبحانه فليس كما يفهم الأغبياء ومن شاكلهم من طلبة العلم المبتدئين أنه علو مكان - حاشاه سبحانه وتعالى عن ذلك علواً كبيراً - وإنما هو علو مرتبة. والعجب من هؤلاء وأضرابهم أنهم لا يفهمون من الفوق إلا المكان !!! - كما قال حجة الإسلام - ومع ذلك إذا سئل أحدهم عن شخصين من الأكابر وقيل له: كيف يجلسان في الصدور والمحافل؟ فيقول: هذا يجلس فوق ذاك. وهو يعلم أنه لا يجلس إلا بجنبه ، وإنما يكون جالساً فوقه لو جلس على رأسه، أو مكان مبني فوق رأسه . ولوقيل له: كذبت ما جلس فوقه ولا تحته ، ولكنه جلس بجنبه، اشمأزت نفسه من هذا الإنكار، وقال : إنما أعني به فوقية الرتبة والقرب من الصدر؛ فإن الأقرب إلى الصدر الذي هو المنتهى، فوق بالإضافة إلى الأبعد . ثم لا يفهم من هذا أن كل ترتيب له طرفان يجوز أن يطلق على أحد طرفيه اسم الفوق والعلو، وعلى الطرف الآخر ما يقابله فافهم فهَّمني الله وإياك.

(2) : سورة آل عمران - الآية 139.

(3) : ومن أدب المؤمن مع اسم "العلي" أن يتواضع ويتذلل بين يدي الله تعالى، وعند ذلك يرفع الله قدره . روى القشيري أن الله تعالى أوحى إلى سيدنا موسى على نبينا وعليه أفضل الصلاة والسلام - أن يأتي الجبل ليكلمه ، فتطاول كل جبل طمعاً أن يكون محلاً للمناجاة ، وتصاغر طور سيناء ، وقال : متى أستحق أن أكون محلاً لقدم موسى عليه السلام في وقت المناجاة، فأوحى الله تعالى إلى موسى عليه السلام أن ائت جبل سيناء لتواضعه. وحكي أن رجلاً قال لمالك بن فضول : اتق الله، فألصق خده بالتراب، وقال : سمعاً وطاعة!!.

(4) : جاء في دعائه صلى الله عليه وآله وسلم ، فيما رواه الطبراني في الكبير، والحاكم في المستدرك بسندهما عن السيدة أم سلمة رضي الله عنها قوله صلى الله عليه وآله وسلم: (اللهم أنت الأول لا شيء قبلك، وأنت الآخر لا شيء بعدك، أعوذ بك من شر كل دابة ناصيتها بيدك، وأعوذ بك من الإثم والكسل، ومن عذاب النار، ومن عذاب القبر، == ومن فتنة الغنى وفتنة الفقر، وأعوذ بك من المأثم والمغرم، اللهم نق قلبي من الخطايا كما نقيت الثوب الأبيض من الدنس؛ اللهم بعد بيني وبين خطيئتي، كما بعدت بين المشرق والمغرب، هذا ما سأل محمد ربه؛ اللهم إني أسألك خير المسألة وخير الدعاء وخير النجاح وخير العمل وخير الثواب وخير الحياة وخير الممات، وثبتني وثقل موازيني، وحقق إيماني، وارفع درجتي وتقبل صلاتي، واغفر خطيئتي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة آمين اللهم إني أسألك فواتح الخير وخواتمه وجوامعه، وأوله وآخره، وظاهره وباطنه، والدرجات العلى من الجنة آمين؛ اللهم نجني من النار، ومغفرة بالليل والنهار، والنزل الصالح من الجنة آمين، اللهم إني أسألك خلاصا من النار سالما، وأدخلني الجنة آمنا؛ اللهم إني أسألك أن تبارك لي في نفسي وفي سمعي وفي بصري وفي روحي وفي خلقي وفي خلقي وأهلي وفي محياي ومماتي؛ اللهم وتقبل حسناتي، وأسألك الدرجات العلى من الجنة آمين.

‏ انظر: كنـز العمال - المجلد الثاني - الفصل السادس - في جوامع الأدعية - الحديث رقم 3820.

(5) : العَبْدِيَّةُ والعُبودِيَّةُ والعُبودَةُ والعِبادَةُ: الطَّاعَةُ. القاموس - مادة عبد.

(6) : قوله صلى الله عليه وآله وسلم : (من تواضع لله رفعه الله) . رواه الإمام أحمد في المسند، وابن ماجه في السنن بسندهما عن أبي سعيد الخدري بزيادة: " به درجة ومن تكبر وضعه الله "- الحديث، وأخرجه أبو يعلى وأحمد بلفظ: ( ومن قنع أغناه الله ومن أكثر ذكر الله أحبه الله). وأسنده الديلمي عن عمر بلفظ فهو في نفسه صغير وفي أعين الناس عظيم. ورواه أبو الشيخ عن معاذ بلفظ من تواضع تخشعا لله رفعه الله ومن تطاول تعظما وضعه الله وفي تاريخ ابن عساكر عن طلحة بن عبيد الله أن التواضع لله تبارك وتعالى الرضى بالدون من المجالس انتهى.‏

انظر: العجلوني - كشف الخفاء ومزيل الإلباس - الحديث رقم 2445.

(7) : سورة القصص - الآية 83.

( 8 ) : ومن عرف أنه العلي الذي ارتفع فوق كل شيء - علوَّ مكانة وجلال -، سَمَت همته لله، فجعل أحواله وقفاً عليه.

والتعلق باسمه تعالى "العلي": بطلب رفع همتك إليه، وجعل اختيارك وقفاً عليه، حتى لا تختار دنيا ولا آخرة، سوى الوصول إلى رضاه ، ولا تعتمد في كل أحوالك إلا إياه.

والتخلق به : بالجنوح إلى معالي الأمور. وفي الحديث: (إن الله يحب معالي الأمور ويكره سفسافها ). وعن سيدنا علي كرّم الله وجهه : علوُّ الهمة من الإيمان." اهـ






(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: الكَبِيرُ جَلَّ جَلالُهُ ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 09-28-2009
  #110
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي رد: الأنـــــوار الـقــد ســــــيــة في شرح اسماء الله الحسنى واسرارها الخفية


الكَبِيرُ جَلَّ جَلالُهُ



" هو الذي تتصاغر أمامه العظماء، وتضمحلُّ لجلالته الكبراء، كلُّ كبيرٍ أمامه كالذَّرِّ الحقير، وكلُّ شامخٍ إذا تجلَّى كبرياؤه فهو هباء صغير، له الكمال الذاتي، والجمال الصفاتي، له الغنى الأزلي، والبقاء الأبدي ( 1 ) .


واعلم ... أن الكِبْرَ من أمراض القلوب، وصاحبه ينازع علاَّم الغيوب، وهو من صفات إبليس، يوقع في الحجاب والعذاب، والبعد عن حضرة التوَّاب، ويولد مرض حب الرياسة والأنانية، ويجرُّ إلى الأمراض الظلمانية ( 2 ) ، فإذا أردت أن يحفظك الله من مرض الكبر: فكرِّر ذكر "يا كبير". واذكر من أنت في مبدأ الأمر والتصوير، حتى تنجو من الشر الخطير.


ومتى صغرت نفسك أمام عينيك، وفنيت ( 3 ) عن مقتضى حسِّك، أعطاك الله عزَّه الباقي الدائم، وصيَّرك كبيراً بين العوالم، متكبِّراً على كل ظالم، متواضعاً لكل فقير مسالم.


وقد خصَّص الحق سيدنا محمداً صلى الله عليه وآله وسلم بحلل الكمال، وكل من رآه أو سمع به خضع لظهور الكبير المتعال.


والكبير من العباد من منحه الله العلم بالله، وأعطاه الحمد فصيَّره كبيراً عند من رآه، ومنحه العواطف على الأمة فبذل النصيحة، وأنقذها من العصيان، ويدعو لها بالهدى ورفعة الشان ( 4 ) ." اهـ



الدُّعـــــاءُ


" إلهي ....أنت الكبير الذي ذلَّت لكبريائك الكائنات، وسجدت لعلوِّك المخلوقات، من تكبر قصمت ظهره، ومن تعاظم خفضت قدره وذكره. أشرق على قلبي بنور الكبرياء، حتى تمحو مني وجودي الباطل ويزول الداء، وظللني بظل أسمائك وأنوارها، فمن رآني خشع لعلو مقداري، فكلُّ جمال هو منك واصل، وكل كمال من فيضك حاصل، فكيف أتكبر وأَصْلِي معدوم؟، وكيف أتعاظم وأمري مفهوم ؟. اجعلني لك ذاكراً شاكراً، وكن لي حفيظاً ناصراً. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم" .



اقتباس:
============================================


(1) : : والله تبارك وتعالى هو الكبير في كل شيء، والغني على الإطلاق، وهو الذي كبر وعلا في ذاته وصفاته، وأفعاله عن مشابهة مخلوقاته: { لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ } ، أو الذي فاق مدح المادحين، ووصف الواصفين، فهو أكمل الموجودات وأشرفها، أو ذو الكبرياء والعلو والعظمة والرفعة، والتنـزه عن أوهام الخلق ومداركهم، فله تبارك وتعالى كبرياء الذات والصفات والأفعال. وهو الذي يتصاغر أمامه الكبراء والعظماء، والمتعالي عن مشاهدة كل الحواس وإدراك العقول، لا ينازعه في كبريائه أحد، ولا تهتدي العقول لوصف عظمته، ولذلك نقلوا عن أدعية هذا الاسم الكريم : " يا كبير أنت الذي لا تهتدي العقول لوصف عظمته " .


وليس كبره لكبر جثة، بل هو كبر جلال وعلو، ولذلك قيل: يمتنع أن يكون الله تعالى كبيراً بحسب الجثة والحجم والمقدار، فوجب أن يكون كبيراً بحسب القدرة والمقادير الإلهية .


(2) : وهذا ما نشاهده اليوم في قلوب ووجوه من تكبر واعترض على علماء الأمة، وأهل الله العارفين، والعلماء العاملين المخلصين من سلف هذه الأمة وخلفها، حيث جعل بعض المتكبرين من أنفسهم أشباهاً للسلف الصالح، وعاندوا العقل والمنطق، ونفخ الشيطان في أنوفهم، فشبَّه لهم أن سلف الأمة الصالح وأئمتها العظام رجال، وهم رجال، فأطلقوا مقولتهم بدون وجه حق، فقالوا:" هم رجال ونحن رجال" نأخذ ونرد كما أخذوا وردّوا، ونسي هؤلاء قدرهم في العلم والحال، والذوق والوجدان، فاغتروا، وضلوا وأضلوا، فإياك يا أخي وإياهم، وفرَّ منهم فرارك من الأسد، فهم القوم والله والله والله لا يسعد جليسهم، ولا يشرف مخالطهم، ولعن الله من كذب عليك، فاسأل الله تعالى العافية.


(3) : المراد بالفناء : أن يفنى العبد عن حظوظ نفسه وعن أبناء جنسه، وعن كل ما سوى الله فلا يكون له في شيء من ذلك حظ، ويسقط عنه التمييز فناء عن الأشياء كلها شغلاً بما فني به، فالفناء فضل من الله تعالى وموهبة للعبد وإكرام منه، ومنـزلة له، واختصاص له به، وليس هو من الأفعال المكتسبة وإنما هو شيء يفعله الله عز وجل بمن اختصه لنفسه واصطنعه له ". انظر التعرف لمذهب أهل التصوف للكلاباذي صفحة123".


( 4) : ومن عرف كبرياء ربه يتواضع متذللاً له سبحانه، وللعارفين به، ولأوليائه الصالحين من عباده، متأدباً معهم وبين أيديهم أحياءً وأمواتا، ويدفع فساد أهل الكبرياء في أرض الله، والله لا يحب المفسدين، وأن يكون كبير القلب، كبير الهمة، كما قال صلى الله عليه وآله وسلم في حديث الشريف:" كبِّروا هممكم فإني لم أرَ أقعد بالرجال عن معالي الأمور من ضعف الهمم". وإن من مستلزمات ذلك مجانبة الغرور، وحسن التواضع ، وإلا وقع في التفاخر والرياء، والكبر، والغرور وهي تجزى عند الله بالصغار والهوان، وعند الناس بالنفرة حيناً، والمصانعة أخرى، والاحتقار. ومن عرف طفولته وحاجته، ونومه ومرضه، وموته، أدرك حقيقته، وعرف منَّة الله عليه فيما آتاه، وأنه لا يدري ما يسلب عنه من ذلك، وعرف أن ما آتاه الله ابتلاء بنعمه، إنما يستحق الشكر لا الاستكبار، والتخلق من ذلك بخلق الشيطان الرجيم،الموسوم بما سمي به إبليس فأبلس، وبئس،وحزن، وما زاده الكبر إلا صغارا. " اهـ






(يتبع إن شاء الله تعالى مع اسمه الشريف: الحَفِيظُ جَلَّ جَلالُهُ ....... )
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
المزدوجة الحسنى للاستغاثة بأسماء الله الحسنى عبدالقادر حمود الآذكار والآدعية 12 09-05-2013 03:55 PM
عظم الله اجركم اخي الشيخ عمر الحسني أبو أنور المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 2 12-14-2012 12:11 AM
لواقح الأنوار القدسية في العهود المحمدية للشعراني عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 100 12-06-2012 05:08 PM
لواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية هيثم السليمان المكتبة الاسلامية 3 02-06-2010 02:13 PM
أسماء الله الحسنى علاء الدين قسم الحاسوب 5 11-21-2008 01:08 PM


الساعة الآن 02:55 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir