أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           بسم الله توكلت على الله ولا حول ولا قوة إلا بالله           

المقدسات الاسلامية هذا الركن لذكر الاماكن المقدسة والمساجد والاثار الاسلامية

إضافة رد
قديم 11-28-2010
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي هذه هي طيبة

مهوى قلوب المحبين


الشيخ : عبد الله نجيب سالم



ليس ثمة من شك عند كل مسلم في أنه لا يماثل المدينة المنورة في الفضل، أو يزيد عليها في الحرمة إلا مكة المكرمة، بل نستطيع أن نذكر أن مذهب بعض الصحابة والسلف هو تفضيل المدينة المنورة كبلد على مكة المكرمة كبلد.
فالمدينة مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم وملجأ أصحابه، وهي بلدة أنصار الله ورسوله، الذين يحبون من هاجر إليهم، ولا يجدون في صدورهم حاجة مما أوتوا، بل ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة.
وهي أيضاً حَرَمٌ حرام، وأرض ذات تكريم، أسوة بمكة البلد الحرام.
وهي كذلك بلدة مباركة، نالت من دعوات النبي صلى الله عليه وسلم الشيء الكثير.
وهي مع هذا مهوى قلوب المؤمنين على مر العصور.
وهي فوق هذا تضم أعظم رمزين: المسجد النبوي الذي أسس على التقوى وكان منارة الدين، والقبر النبوي الذي ضم جسد سيد المرسلين وخاتم النبيين.
ونستطيع هنا أن نجمع بعض الأحاديث الشريفة، التي تشير بوضوح إلى فضل المدينة وأهلها وسكانها.


اللهم حبب إلينا المدينة
كانت المدينة قبل مهاجر رسول الله صلى الله عليه وسلم إليها منطقة موبوءة، تكثر فيها الحمى، فلما حل بها النبي الكريم والصحابة الأطهار دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم ربه أن يُذْهِبَ عنهم الوباء والأذى، وأن ينقي ويصحح لهم المدينة وَجَوَّها.
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وُعِك أبوبكر وبلال، قالت فدخلت عليهما، فقلت: يا أبتِ كيف تجدك؟ ويا بلال كيف تجدك؟ قال: وكان أبوبكر إذا أخذته الحمى يقول:
كل امرئ مصبَّح في أهله والموت أدنى من شراك نعله
وكان بلال إذا أقلع عنه يرفع عقيرته فيقول:
ألا ليت شعري هل أبيتن ليلة بوادٍ وحولي إذْخـر وجليـل
وهل أرِدَنْ يوماً مياه مَجَنّـة وهل يبدونْ لي شامة وطَفيل
قال: قالت عائشة: فجئت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته فقال:
ـ " اللهم حبب إلينا المدينة كحبنا مكة أو أشد، وصححها لنا، وبارك لنا في صاعها ومدها، وانقل حمّاها فاجعلها في الجحفة "(1).
وهكذا حببت المدينة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضوان الله عليهم، حتى كان عليه السلام ـ كما يروي أنس رضي الله عنه ـ إذا قدم من سفر، فنظر إلى جُدران المدينة أوضع راحتله (أي أسرعها) وإن كان على دابة حركها من حبها(1).
وحرّم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وجعل لها منطقة ذات اختصاص وامتياز فقال: وقد صعد على جبل أحد:
ـ " هذا جبل يحبنا ونحبه، اللهم إن إبراهيم حرّم مكة، وإني أحرم ما بين لابتيها "(2) (أي طرفيها) يقصد المدينة.
وقد بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض أسباب ذلك الفضل فقال:
ـ " أمرتُ بقرية (أي بالهجرة إلى قرية) تأكل القرى، يقولون: يثرب، وهي المدينة، تنفي الناس كما ينفي الكير خبث الحديد "(3).
وإذا كان على المرء شيء من شظف العيش أو نحوه في المدينة، فقد أمره النبي صلى الله عليه وسلم أن يصبر، فله بصبره ما هو خير من متاع الدنيا، يقول عليه الصلاة والسلام:
ـ " لا يصبر على لأْواءِ المدينة وشِدَّتها أحد من أمتي إلا كنت شفيعاً له يوم القيامة أو شهيداً "(4).
الهجرة إليها واجبة للنصرة
وقد كانت الهجرة إلى المدينة قبل الفتح الأعظم ـ فتح مكة ـ فريضة من فرائض الإسلام وعلامة من علامات صدق الإيمان، ثم لما نسخت الهجرة إليها بعد الفتح بقي الاستحباب والندب للبقاء فيها، والرغبة في المقام بين جنباتها، حتى ولو فات المرء شيء من منافع الدنيا، فعن سفيان بن أبي زهير قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:
ـ " تفتح اليمن، فيأتي قوم يَبُسّون (أي يسوقون) فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح الشام، فيأتي قوم يَبُسّون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، وتفتح العراق، فيأتي قوم يبسون، فيتحملون بأهليهم ومن أطاعهم، والمدينة خير لهم لو كانوا يعلمون "(1).
وأكثر من هذا فإن هناك بشارة عظيمة لمن بقي ساكناً في بلد الحبيب لا يفارقها، حباً لها وتعلقاً بأشرف ساكن سكنها عليه السلام، حتى يتوفاه الله ويدفن في ثراها، هذه البشارة وردت في حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
ـ " من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل، فإني أشفع لمن مات بها "(2).
ولعل بعض الصالحين حين ترك السكنى في المدينة لحاجة وضرورة شق عليه ذلك حتى أبكاه، روي أن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حين خرج من المدينة إلى الشام عندما آلت إليه الخلافة، التفت إليها فبكى، ثم قال لخادمه:
ـ يا مزاحم ! أتخشى أن نكون ممن نفتِ المدينة ؟
سجل تاريخي حافل
هذه المدينة، التي دخلت التاريخ من أوسع أبوابه، بعد أن كانت نسياً من البلدان منسياً، شهدت بنفسها، ورأت بأم عينها، واحتفظت في ذاكرتها بالسجل الكامل الحافل للدعوة إلى الله والرسالة النبوية وملحمة آل البيت وحياة الصحابة، فإذا ما جئت تستنطقها وجدت تحت كل حجر قصة عظيمة، وفوق كل ذرة رمل ملحمة بطولية، وفي كل شارع، ووراء كل منعطف، وأمام كل ساحة، وبين كل شجرة وشجرة، نبأ عن معركة أو خبراً عن تضحية، أو أثراً عن مكرمة.
وحسبك أن تقف على بعض الأطلال المتبقية والآثار الشاهدة حتى اليوم لتجدد ذكريات قديمة قدم الإسلام.
هذه هي المساجد الأثرية، مسجد المصلى، أو مسجد الغمامة، ويقوم على المكان الذي كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيه صلاة العيدين.
ومثله مسجد الفتح الواقع شمال البلدة الغربي على قطعة من جبل سَلْع، ويقع حيث كان الخندق.
ومثلهما مسجد القبلتين الذي أقيم على حافة وادي العقيق، وفيه قبلتان، الأولى منهما: متجهة إلى الشمال نحو بيت المقدس، والثانية: إلى الجنوب وتتجه نحو مكة، وعنه تتحدث الروايات الواردة في شأن تحويل القبلة، حيث انطلق رجل من الأنصار بعد أن صلى مع رسول الله لأول مرة باتجاه الكعبة، فمر بملأ من الأنصار يصلون كعهدهم أولاً نحو بيت المقدس، فحدثهم بحديث تحويل القبلة، فولوا وجوههم في نفس الصلاة نحو البيت، واستكملوا صلاتهم باتجاهه(1).
وقد أعيد بناؤه على أحسن ما يرام وأجمل ما يُتمنى !!
مسجد قباء
ومن أهم المساجد الأثرية المباركة التي تمتاز بفضل على ما سواها مسجد قباء، الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم يتردد عليه كل يوم سبت راكباً أو ماشياً ليصلي فيه، ويعلن للملأ أن " من توضأ في بيته، ثم قصد إلى هذا المسجد، فصلى فيه ركعتين كانتا له كعمرة "(2)... وهو يقع في الجنوب الغربي من المدينة المنورة، وقد بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمل فيه بنفسه، ثم جدده عثمان ابن عفان وزاد فيه، ومن بعده عمر بن عبد العزيز الذي بالغ في تنميقه وتوسعته، وعمل له مئذنة ورَحبة وأروقة، ثم توالى على توسعته والعناية به وتجديد عمارته عدد كبير من الأمراء والملوك والسلاطين حتى يومنا هذا، وكان فيه موضع يقال إنه مبرك ناقة النبي صلى الله عليه وسلم.
وقد جدد ووسع أخيراً... حتى غدا معلماً من معالم المدينة المنورة الحديثة.
وإضافة إلى المساجد التي ستراها أمام عينيك ماثلة شاهدة حقٍ على التاريخ، ستجد حول المدينة أثرين باقيين، وهما على أكبر قدر من الأهمية.
أحد ... جبل يحبنا ونحبه
أما أحدهما: فهو جبل أحد، وهو جبل صخري يعلو عن سطح البحر قرابة 120 متراً، فيه يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ـ " أحد جبل يحبنا ونحبه "(1)، وفي سفحه قبر عم رسول الله وأسد الله حمزة ابن عبد المطلب رضي الله عنه، وعلى مقربة منه مقابر الصحابة رضوان الله عليهم الذين استشهدوا بين يدي رسول الله في هذه المعركة صابرين صامدين.
بدر ... وأول لقاء كبير مع الكفر
وثانيهما: قرية بدر، وهي إلى الجنوب الغربي من المدينة تبعد عن المدينة حوالي 150 كم، وفيها وقعت أول معركة مشهودة بين المسلمين والمشركين في العام الثاني للهجرة، حيث تجلت نصرة الله للمؤمنين.
وإن شئت أن لا يفوتك من آثار المدينة ومشاهدها شيء فالبقيع بقعة طاهرة... إنها مقبرة من عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم تضم رفات أكثر من عشرة آلاف من الصحابة الذي ملأت أعمالُهم صحائفَ التاريخ ... وتضم كذلك بعضاً من آل بيت النبوة الكرام ... وكثيراً من السلف الصالح والعلماء الأجلاء وفضلاء المسلمين ... وتستحب زيارتها والترحم على من فيها من السابقين الأولين.
عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان النبي صلى الله عليه وسلم كلما كان ليلتها يخرج من آخر الليل إلى البقيع فيقول: " السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وأتاكم ما توعدون غداً مؤجلون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد "(1).
هذه هي طيبة... أيها الحاج فطب بها نفساً... وقف فيها على عتبات الذكرى وخزائن الحوادث العظام التي غيرت وجه العالم... وكانت ثمة بدايتها...
اللهم بلغنا طيبة، وأنلنا من بركات مسجدها الطاهر وسكانها الأبرار.

في جوار الحبيب عليه الصلاة والسلام
عاشق وعابد
زائر المدينة المنورة من الحجاج عاشق وعابد...
فهو بالطبع لم يأت إليها إلا بنيّة الزيارة والتعبد لله، حيث يجد فيها الأجر المضاعف للصلاة ومشاهد الإيمان وآثار الإسلام، مما يقوي في نفسه دعائم الاقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم ومعاني الالتزام بهديه...
ولكن الحاج كذلك، وهو ييمم وجهه شطر المدينة، محب وأي محب... إن بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم من الحب الخالص العميق ما لا يصل إليه حب النفس والأهل والمال والولد ... فبمجرد أن يُذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم أمامه تتحرك لواعج الشوق في نفسه ... فكيف إذا شاهد من بعيد بلدته التي عاش فيها حياته واختارها الله لوفاته ؟؟ بل كيف نتصور حال المسلم المحب الصادق إذا رأى بأم عينيه منارات المسجد الحرام تتلألأ كالعرائس بأبهى حللها؟ ثم دنا خطوة بعد خطوة حتى وقف على باب المسجد النبوي الطاهر الذي يفيض بالنور والمهابة؟ ثم اقترب رويداً رويداً حتى كان بمواجهة من لهج لسانه طويلاً بالصلاة عليه وإهداء السلام إليه، ونبض قلبه بالخفقان له دائماً، وسكنت جوارحه بالتأدب معه ؟؟
إنه أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم يقيناً عياناً، فما أعظم ذلك من حلم يتحقق؟؟
الشفاعة يوم القيامة ... رجاؤنا
ويضيف المسلم إلى ذلك كله ـ وهو يمضي إلى المسجد النبوي ـ شعوره بالحاجة والأمل في شفاعة هذا النبي عليه الصلاة والسلام يوم الدين والهول الأكبر، ويستذكر كيف أن الله سبحانه وعد كل من جاء رسول الله تائباً إلى الله من ذنبه، مستغفراً من خطيئته، فاستغفر له الرسول صلى الله عليه وسلم، أن يغفر الله ما سلف منه وسبق:
ـ (وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَّلَمُواْ أَنفُسَهُمْ جَآؤُوكَ فَاسْتَغْفَرُواْ اللّهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُواْ اللّهَ تَوَّاباً رَّحِيماً)(1).
فلهذا يحس صادقاً أن مجيئه لزيارة هذا النبي مظهر من مظاهر الرغبة الصادقة بالتوبة والاستغفار، كما أن فيها رجاءً كبيراً بقبول الله سبحانه لتوبة من تاب في هذا المقام.
نعم لقد دأب المسلمون من لدن السلف الصالح رضوان الله عليهم على زيارته صلى الله عليه وسلم، وبذل المجهود لبلوغها، وما ذلك إلا للتعبير منهم عن الحب والمكانة السامية التي يكنونها لرسولهم الخاتم، بعد أن استنقذهم الله به من الظلمات إلى النور... بل وكان دأبهم ذاك ضرباً من ضروب الاعتراف بالجميل، وتأكيد العهد مع النبي صلى الله عليه وسلم، وإعادة شحذ الهمة، حتى تبقى أسباب الاقتداء به والاتباع لسنته حية قوية، لا تفتر ولا تتوانى، سواء كانت الزيارة قبل الحج أو بعده.
الحج والزيارة ... عادة وعبادة طيبتان
وإنما ارتبطت زيارته عليه السلام وزيارة مسجده الشريف وبلده بالحج بسبب قرب المكان من مكة، وعدم تيسر الوصول إليه إلا في أيام الحج أو العمرة، يضاف إلى ذلك بعض الأحاديث المروية في هذا الشأن والتي تحث على زيارته مع الحج كمثل قوله عليه السلام:
ـ " من حج فزار قبري بعد وفاتي كان كمن زارني في حياتي ". ومثل قوله:
ـ " من حج البيت ولم يزرني فقد جفاني ". وقوله:
ـ " من زارني بعد موتي فكأنما زارني في حياتي ". وقوله:
ـ " من زار قبري وجبت له شفاعتي ".
وهي أحاديث وإن كانت ضعيفة في آحادها(1) إلا أنها تتقوى ببعضها، وتزداد قوة بعمل الأمة وإجماع الأئمة على فضل زيارته عليه السلام، واعتبارها من أفضل القرب وأرجى العبادات وأطيب الأعمال، كما صرح بذلك القاضي عياض والإمام النووي، والإمام الكمال بن الهمام، والعلامة رحمة الله السندي وغيرهم من كبار أعلام الدين ورجال الملة قديماً وحديثاً...
بل قد قال بعضهم بوجوب زيارة قبره الشريف لارتباطها بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم ودلالتها على الشوق إليه والتعلق به.
(انظر زيارة النبي صلى الله عليه وسلم في الموسوعة الفقهية الكويتية ج 24 ص 83).
المسجد النبوي ... جذور في أعماق التاريخ
وقبل أن نخوض في صفة زيارته  وزيارة مسجده الطاهر نعرج على تاريخ المسجد لنعلم أن هذا المسجد اشترى موضعه الرسول  بنفسه، وشارك بيده مع المؤمنين في بنائه وهو يرتجز معهم بقوله:
اللهم لا عيش إلا عيش الآخرة فاغفر للأنصار والمهاجرة
حتى بناه من اللبن وجعل قبلته إلى بيت المقدس، وجعل له ثلاثة أبواب، وكانت عُمُده من الجذوع، وسقْفُه من الجريد، واتساعه 70 ذراعاً في 60 ذراعاً أو يزيد، وكانت بيوت النبي  من حوله، وكان لكل بيت من بيوته أكسية من شعر مربوط في خشب عرعر، ثم تغيرت القبلة، وبقي حائط القبلة الأولى مكان أهل الصفة.
ولم يَزِد فيه أبو بكر رضي الله عنه شيئاً.
أما عمر رضي الله عنه فقد زاد فيه وبناه على بناء النبي  باللبن والجريد وعُمُد الخشب وجعل له ستة أبواب.
فلما كان عثمان رضي الله عنه زاد في المسجد زيادة كبيرة، حيث جعل طوله 160 ذراعاً وعرضه 150، وجعل له ستة أبواب، وجعل أعمدته من الحجارة المنقوشة، وجداره منها ومن الجير.
وفي عهد عبد الملك بن مروان ألحقت أبيات نساء رسول الله  وحُجره بالمسجد.
ثم لما تولى الوليد بن عبد الملك جعل طوله 200 ذراع وعرضه في المقدمة 200 ذراع وفي المؤخرة 180ذراعاً.
ثم زاد فيه المهدي مئة ذراع من جهة الشام فقط.
وما زالت توسعة الخلفاء وعنايتهم بالمسجد النبوي تتوالى حتى حدثت زيادة فيه في عهد الملك سعود بن عبد العزيز، إلا أن الزيادة التي تمت أخيراً تعتبر أضخم وأفخم وأرقى مما سبق كله... فجزى الله القائمين بها وعليها كل خير... ونسأل الله سبحانه التمام والكمال والتوفيق.
زيارة المسجد النبوي سنة مباركة
ولنعد ـ بعد هذه اللفتة السريعة ـ إلى زيارته .
فإذا أردت ذلك فانوِ مع زيارته زيارة مسجده الشريف أيضاً لتحصل سنة زيارة المسجد وثوابها، فإنه أحد المساجد الثلاثة التي تشد إليها الرحال، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله  قال:
ـ " لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: مسجدي هذا، والمسجد الحرام، والمسجد الأقصى "(1).
آداب وسنن:
وفي الطريق إلى المدينة عليك أن تكثر من الصلاة والسلام على رسول الله  حتى إذا عاينت بساتين المدينة فقل: اللهم هذا حرم نبيك، فاجعله وقاية لي من النار، وأماناً من العذاب وسوء الحساب.
ويستحب أن تغتسل إذا دخلت المدينة، وتلبس أنظف ثيابك.
ثم تتوجه إلى المسجد الطاهر فتدخله وأنت تقول: اللهم صلِّ على سيدنا محمد وعلى آله وسلم، رب اغفر لي ذنوبي، وافتح لي أبواب رحمتك، ثم تصلي ركعتين تحية المسجد بكل خشوع وقنوت.
ها أنت أمام الحضرة النبوية الشريفة
تم تقصد الحجرة الشريفة التي فيها قبره عليه الصلاة والسلام، فتستقبل القبر الشريف وخلفك القبلة مبتعداً قدر أربعة أذرع (أي حوالي مترين) إجلالاً وتأدباً مع المصطفى ، مستذكراً كل معاني الحب والإجلال له، كأنك واقف أمامه في حياته، ثم تسلم عليه دون رفع صوت، قائلاً:
ـ السلام عليك يا رسول الله، السلام عليك يا نبي الله، السلام عليك يا نبي الرحمة وشفيع الأمة، السلام عليك يا سيد المرسلين وخاتم النبيين، السلام عليك يا أحمد يا محمد يا مزمل يا مدثر... السلام عليك وعلى آل بيتك الطيبين الطاهرين الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً... جزاك الله عنا أفضل ما جزى نبياً عن قومه ورسولاً عن أمته، أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أنك رسول الله، قد بلغت الرسالة، وأديت الأمانة، وأوضحت الحجة، وجاهدت عدوك في الله حق جهاده، وهديت أمتك أحسن الهداية، وعبدت ربك خير عبادة حتى أتاك اليقين... اللهم آتِ محمداً الوسيلة والفضيلة وابعثه مقاماً محموداً الذي وعدته، وآته نهاية ما ينبغي أن يسأله السائلون، وصلّ يا رب عليه وعلى آله وأزواجه وذريته.
ثم السلام على الصاحبين الجليلين
تأخر صوب اليمين قدر ذراع السيد للسلام على الصديق الأكبر سيدنا أبي بكر رضي الله عنه وتقول:
ـ السلام عليك يا خليفة رسول الله  وصاحبه في الغار ورفيقه في الأسفار وأمينه في الأسرار، جزاك الله عنا خير الجزاء، لقد خلفت النبي  بأحسن خِلْفة، فقاتلت المرتدين، ولم تزل قائماً بالحق ناصراً لأهله...
ثم تَنَحَّ صوب اليمين قدر ذراع للسلام على الفاروق سيدنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه وتقول:
ـ السلام عليك يا أمير المؤمنين، ومظهر الإسلام، وفاتح الفتوح، رضي الله عنك وعمن استخلفك.
ثم بعد ذلك يكثر الزائر من الاستغفار والتوبة سائلاً الله سبحانه أن يمحو عنه زلاته، وأن يقبل منه حسناته، وأن يرفع له درجاته، وأن يشفع فيه نبيه ورسوله، وأن يغفر له بشفاعته عليه السلام، ثم يدعو للمؤمنين أجمعين من أهلٍ وذرية وجيران وغيرهم.
أخطاء شائعة... شوهت الزيارة
هذا ولا يفوتنا هنا أن ننبه إلى ما نبه إليه فقهاء المذاهب وعلماء الأمة باستمرار من كراهة التمسح بجدار الحجرة الشريفة أو بشباكها، أو أن يطاف بقبره، بل الأدب ـ كما ذكر النووي والغزالي ـ أن يبتعد عن القبر بمقدار ما لو كان حضرة النبي  حياً...
وقد شوهت آداب زيارته أفعال العوام ممن غلب عليهم الشوق إليه، مع غلبة الجهل بآداب زيارته، فتصرفوا تصرفات يأباها العالم وينفر عنها العاقل، حتى أدى ذلك إلى بعض المواقف المتشنجة ممن أراد منعهم من أخطائهم، فوقع في أخطاء مقابلة ما كان له أن يقع فيها لدلالتها الظاهرة على الجفاء والخواء.
وينبغي للحاج مدة بقائه في المدينة أن يستشعر معاني الإجلال والمهابة لرسول الله ، وأن يحرص على أداء الصلوات في المسجد النبوي، وأن ينوي الاعتكاف فيه ما استطاع، وأن يفعل فيها الخير كثيراً، وأن يزور البقيع وشهداء أحد ومسجد قباء...
فإذا أراد السفر ودع المسجد بصلاة ركعتين، ثم يسلم على رسول الله ، ثم يخرج سعيداً بالتلاق، حزيناً على الفراق، وهو يدعو:
ـ اللهم لا تجعله آخر العهد بحرم رسولك، وسهل لي العود، وارزقني العفو والعافية.
قرت عينك أيها الحاج بزيارة حبيبك وشفيعك، وبرؤية مسجد نبيك، فهنيئاً وهنيئاً... وتقبل الله عملك وغفر لك ذنبك.
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
طيبة الغراء في مدح سيد الانبياء عبدالقادر حمود المكتبة الاسلامية 0 09-28-2014 11:19 AM
مئذنة "طيبة الإمام" تتمايل ولا تقع نوح المقدسات الاسلامية 2 03-26-2010 02:02 PM
شوق وحنين لساكن طيبة الغراء ابوعبدالرحمن الانشاد والشعر الاسلامي 1 11-15-2009 11:44 PM


الساعة الآن 03:18 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir