أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           اللهم رحمتك أرجو فلا تكلني إلى نفسي طرفة عين ِ وأصلح لي شأني كله لا إله إلا أنت           

القسم العام المواضيع العامة التي ليس لها قسم مخصص

 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 03-05-2009
  #1
هيثم السليمان
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الدولة: دير الزور _ العشارة
المشاركات: 1,367
معدل تقييم المستوى: 17
هيثم السليمان is on a distinguished road
افتراضي صوتُ صَفيرِ البُلبلِ



أبو جعفر المنصور و الأصمعي


قيل: إنّه كان يحفظ الشعر من مرّة ، وله مملوك يحفظه من مرّتين ، وكان له جارية تحفظه من ثلاث مرات ، وكان بخيلاً جدّاً حتى إنّه كان يلقب بالدوانيقي لأنّه كان يحاسب على الدوانيق ، فكان إذا جاء شاعر بقصيدة قال له: إن كانت مطروقة بأن يكون أحد يحفظها أو أحد أنشأها: أي بأن كان أتى بها أحد قبلك ، فلا نعطيك لها جائزة ، وإن لم يكن أحد حفظها نعطيك زنة ما هي مكتوبة فيه ، فيقرأ الشاعر القصيدة فيحفظها الخليفة من أوّل مرّة ، ولو كانت ألف بيت ، ويقول للشاعر اسمعها مني وينشدها بكمالها ، ثم يقول له: هذا المملوك يحفظها ، وقد سمعها المملوك مرّتين، مرّة من الشاعر ومرّة من الخليفة فيقرؤها ، ثمّ يقول الخليفة : وهذه الجارية التي خلف الستارة تحفظها أيضاً وقد سمعتها الجارية ثلاث مرات فتقرؤها بحروفها فيذهب الشاعر بغير شيء.
قال الراوي : وكان الأصمعي من جلسائه وندمائه فنظم أبياتاً صعبة وكتبها على قطعة
عمود من رخام ولفّها في عباءة وجعلها على ظهر بعير وغيّر حليته في صفة أعرابي غريب , وضرب له لثاماً ولم يبين منه غير عينيه ، وجاء إلى الخليفة وقال : إنّي امتدحت أمير المؤمنين بقصيدة . فقال : يا أخا العرب إن كانت لغيرك لا نعطيك عليها جائزة وإلا نعطيك زنة ما هي مكتوبة عليه . فأنشد الأصمعي هذه القصيدة :


صوتُ صَفيرِ البُلبلِ = هَيَّجَ قلبي الثَّملِ
الماءُ والزهرُ معاً = مع زَهْرِ لحظِ المُقلِ
وأنتَ يا سيِّدَ لي = وسيِّدي ومولى لي
فكم وكم تَيَمَّني = غُزَيِّلٌ عَقَيقَلي
قَطَّفْته من وجنةٍ = من لَثْمِ وردِ الخَجَلِ
وقلتُ بس بسبسني = فلم يجدْ بالقُبلِ
وقال لا لا لللا = وقد غدا مهرولِ
والخودُ مالتْ طرباً = من فعلِ هذا الرّجلِ
فَوَلْوَلَتْ ولولةً = ولي ولي يا ويلَ لي
فقلتُ لا تُوَلْولي = وبيّني اللُؤلؤَ لي
لما رأتْهُ أشمطاً = يُريدُ غيرَ القُبلِ
وبعدَهُ ما يكتفي = إلا بطيبِ الوصللي
قالتْ لهُ حينَ كذا = انهضْ وجُدْ بالنقلِ
وفِتيةٍ سَقَوْنَني = قُهَيْوَةً كالعسلَ لي
شَمَمْتُها بأَنَفي = أزكى من القَرَنْفُلِ
والعُودُ دَنْدَنَ دنا لي = والطَّبلُ طبطب طبَ لي
طب طبطب طب طبطب = طب طبطب طبلَ لي
والسّقفُ قد سقَ سقَ سقَ لي = والرّقصُ قد طاب لي
شوى شوى وشاهشُ = على ورقٍ سَفَرجَلي
وغرَّدَ القُمريُّ يصيحُ = من مَللٍ في مللِ
فلو تراني راكباً = على حمارٍ أهزلِ
يمشي على ثلاثةٍ = كَمِشْيَةِ العَرَنْجَلِ
والنّاسُ ترجمُ جملي = في السوق بالقُلْقُلِ
والكلُّ كَعْكَعَ كَعِكَعْ = خَلفي ومن حُوَيْللي
لكنْ مَشيتُ هَارباً = من خَشيةِ العَقَنْقَلِ
إلى لقاءِ مَلِكٍ = مُعَظَّمٍ مُبَجَّلِ
يأمرُ لي بخلعةٍ = حمراءَ كالدم دملِ
أجرُّ فيها مَاشياً = مُبغدداً للذِّيلِ
أنا الأديبُ الألمعي = من حيِّ أرضِ الموصلِ
نَظمتُ قِطعاً زُخرفَتْ = يعجزُ عنها الأدبُ لي
أقولُ في مطلعها = صوتُ صفيرِ البُلْبُلِ

قال الراوي : فلم يحفظها الملك لصعوبتها، ونظر إلى المملوك وإلى الجارية فلم يحفظها أحد منهما فقال : يا أخا العرب هات الذي هي مكتوبة فيه نعطك زنته .
فقال : يا مولاي إنّي لم أجد ورقاً أكتب فيه وكان عندي قطعة عمود رخام من عهد أبي ، وهي ملقاةٌ ليس لي بها حاجة ، فنقشتها فيها .
فلم يسع الخليفة إلا أنّه أعطاه وزنها ذهباً فنفد ما في خزينته من المال ، فأخذه وانصرف، فلما ولّى قال الخليفة : يغلب على ظنّي أنّ هذا الأصمعي ، فأحضره وكشف عن وجهه .
فإذا هو الأصمعي فتعجب منه ومن صنيعه وأجازه على عادته ، قال : يا أمير المؤمنين، إنّ الشعراء فقراء وأصحاب عيال , وأنت تمنعهم العطاء بشدّة حفظك وحفظ هذا المملوك وهذه الجارية , فإذا أعطيتهم ما تيسّر ليستعينوا به على عيالهم لم يضرك ، انتهى.




إعلام الناس بما وقع للبرامكة مع بني العبّاس للأتليدي
هيثم السليمان غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
 

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 10:00 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir