أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           سبحانك اللهم وبحمدك ، أشهد أن لا إله إلا أنت أستغفرك وأتوب إليك           
العودة   منتديات البوحسن > الشريعة الغراء > المواضيع الاسلامية

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 12-25-2008
  #1
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي حديث الهجرة من سيرة ابن هشام


أبو قحافة وأسماء بعد هجرة أبي بكر

قال ابن إسحاق : فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه عبادا حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر ، قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف فانطلق بها معه . قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال والله إني لا أراه قد فجعكم بماله مع نفسه . قالت قلت : كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا . قالت فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها ، ثم وضعت عليها ثوبا ، ثم أخذت بيده فقلت : يا أبت ضع يدك على هذا المال . قالت فوضع يده عليه فقال لا بأس إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن وفي هذا بلاغ لكم . ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك .

سراقة وركوبه في أثر الرسول صلى الله عليه وسلم

قال ابن إسحاق : وحدثني الزهري أن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم حدثه . عن أبيه عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم ، قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا إلى المدينة ، جعلت قريش فيه مئة ناقة لمن رده عليهم . قال فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا ، حتى وقف علينا ، فقال والله لقد رأيت ركبه ثلاثة مروا علي آنفا ، إني لأراهم محمدا وأصحابه قال فأومأت إليه بعيني : أن اسكت ثم قلت : إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة لهم قال لعله ثم سكت . قال ثم مكثت قليلا ، ثم قمت فدخلت بيتي ، ثم أمرت بفرسي ، فقيد لي إلى بطن الوادي ، وأمرت بسلاحي ، فأخرج لي من دبر حجرتي ، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ، ثم انطلقت ، فلبست لأمتي ، ثم أخرجت قداحي ، فاستقسمت بها ، فخرج السهم الذي أكره " لا يضره " . قال وكنت أرجو أن أرده على قريش ، فآخذ المئة الناقة . قال فركبت على أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر بي ، فسقطت عنه . قال فقلت : ما هذا ؟ قال ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها ، فخرج السهم الذي أكره " لا يضره " . قال فأبيت إلا أن أتبعه . قال فركبت في أثره فبينا فرسي يشتد بي ، عثر بي ، فسقطت عنه . قال فقلت : ما هذا ؟ ، قال ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره " لا يضره " ، قال فأبيت إلا أن أتبعه فركبت في أثره . فلما بدا لي القوم ورأيتهم عثر بي فرسي ، فذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه ثم انتزع يديه من الأرض وتبعهما دخان كالإعصار . قال فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني ، وأنه ظاهر . قال فناديت القوم فقلت : أنا سراقة بن جعشم انظروني أكلمكم فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم مني شيء تكرهونه . قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر قل له وما تبتغي منا ؟ قال فقال ذلك أبو بكر قال قلت : تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك . قال اكتب له يا أبا بكر .

إسلام سراقة

( قال ) : فكتب لي كتابا في عظم أو في رقعة أو في خزفة ثم ألقاه إلي فأخذته فجعلته في كنانتي ، ثم رجعت ، فسكت فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا كان فتح مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرغ من حنين والطائف ، خرجت ومعي الكتاب لألقاه فلقيته بالجعرانة . قال فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار .
قال فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون إليك ( إليك ) ، ماذا تريد ؟ قال فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة . قال فرفعت يدي بالكتاب ثم قلت : يا رسول الله هذا كتابك ( لي ) ، أنا سراقة بن جعشم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وفاء وبر ادنه . قال فدنوت منه فأسلمت . ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه فما أذكره إلا أني قلت : يا رسول الله الضالة من الإبل تغشى حياضي ، وقد ملأتها لإبلي ، هل لي من أجر في أن أسقيها ؟ قال نعم في كل ذات كبد حرى أجر قال ثم رجعت إلى قومي ، فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي .

طريقه صلى الله عليه وسلم في هجرته

قال ابن إسحاق : فلما خرج بهما دليلهما عبد الله بن أرقط ، سلك بهما أسفل مكة ، ثم مضى بهما على الساحل ، حتى عارض الطريق أسفل من عسفان ، ثم سلك بهما على أسفل أمج ، ثم استجاز بهما ، حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز قديدا ، ثم أجاز بهما من مكانه ذلك فسلك بهما الخرار ، ثم سلك بهما ثنية المرة ، ثم سلك بهما لقفا .
قال ابن هشام : ويقال لفتا . قال معقل بن خويلد الهذلي :
نزيعا محلبا من أهل لفت
لحي بين أثلة والنحام
قال ابن إسحاق : ثم أجاز بهما مدلجة لقف ثم استبطن بهما مدلجة محاج - ويقال مجاج ، فيما قال ابن هشام - ثم سلك بهما مرجح محاج ، ثم تبطن بهما مرجح من ذي الغضوين -
قال ابن هشام : ويقال العضوين - ثم بطن ذي كشر ، ثم أخذ بهما على الجداجد ، ثم على الأجرد ، ثم سلك بهما ذا سلم من بطن أعداء مدلجة تعهن ، ثم على العبابيد .
قال ابن هشام : ويقال العبابيب ويقال العثيانة . يريد العبابيب - . قال ابن إسحاق : ثم أجاز بهما الفاجة ، ويقال القاحة ، فيما قال ابن هشام .
قال ابن هشام : ثم هبط بهما العرج ، وقد أبطأ عليهما بعض ظهرهم فحمل رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من أسلم ، يقال له أوس بن حجر على جمل له - يقال له ابن الرداء - إلى المدينة ، وبعث معه غلاما له يقال له مسعود بن هنيدة ثم خرج بهما دليلهما من العرج ، فسلك بهما ثنية العائر ، عن يمين ركوبة - ويقال ثنية الغائر، فيما قال ابن هشام - حتى هبط بهما بطن رئم ، ثم قدم بهما قباء ، على بني عمرو بن عوف لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول يوم الاثنين حين اشتد الضحاء وكادت الشمس تعتدل .

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 02:39 AM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008
  #2
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام

قدومه صلى الله عليه وسلم قباء

قال ابن إسحاق : فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عويمر بن ساعدة قال حدثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، وتوكفنا قدومه كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلا دخلنا ، وذلك في أيام حارة . حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسنا كما كنا نجلس حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا ، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت فكان أول من رآه رجل من اليهود ، وقد رأى ما كنا نصنع وأنا ننتظر قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم علينا ، فصرخ بأعلى صوته يا بني قيلة ، هذا جدكم قد جاء . قال فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة ، ومعه أبو بكر رضي الله عنه في مثل سنه وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل ذلك وركبه الناس وما يعرفونه من أبي بكر ، حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فأظله بردائه فعرفناه عند ذلك

خبر الندوة وهجرة الرسول صلى الله عليه وسلم

وأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في الهجرة ولم يتخلف معه بمكة أحد من المهاجرين إلا من حبس أو فتن إلا علي بن أبي طالب ، وأبو بكر بن أبي قحافة الصديق رضي الله عنهما ، وكان أبو بكر كثيرا ما يستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فيقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تعجل لعل الله يجعل لك صاحبا " ، فيطمع أبو بكر أن يكونه .

الملأ من قريش يتشاورون في أمر الرسول صلى الله عليه وسلم

قال ابن إسحاق : ولما رأت قريش أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قد صارت له شيعة وأصحاب من غيرهم بغير بلدهم ورأوا خروج أصحابه من المهاجرين إليهم عرفوا أنهم قد نزلوا دارا ، وأصابوا منهم منعة فحذروا خروج رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم وعرفوا أنهم قد أجمع لحربهم .
فاجتمعوا له في دار الندوة - وهي دار قصي بن كلاب التي كانت قريش لا تقضي أمرا إلا فيها - يتشاورون فيها ما يصنعون في أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين خافوه .
قال ابن إسحاق : فحدثني من لا أتهم من أصحابنا ، عن عبد الله بن أبي نجيح ، عن مجاهد بن جبر أبي الحجاج وغيره ممن لا أتهم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال لما أجمعوا لذلك واتعدوا أن يدخلوا في دار الندوة ليتشاوروا فيها في أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - غدوا في اليوم الذي اتعدوا له وكان ذلك اليوم يسمى يوم الرحمة فاعترضهم إبليس في هيئة شيخ جليل ، عليه بتلة فوقف على باب الدار فلما رأوه واقفا على بابها ، قالوا : من الشيخ ؟
قال شيخ من أهل نجد سمع بالذي اتعدتم له فحضر معكم ليسمع ما تقولون وعسى أن لا يعدمكم منه رأيا ونصحا ، قالوا : أجل فادخل فدخل معهم وقد اجتمع فيها أشراف قريش ، من بني عبد شمس :
عتبة بن ربيعة ، وشيبة بن ربيعة ، وأبو سفيان بن حرب . ومن بني نوفل بن عبد مناف طعيمة بن عدي ، وجبير بن مطعم ، والحارث بن عارم بن نوفل
ومن بني عبد الدار بن قصي : النضر بن الحارث بن كلدة . ومن بني أسد بن عبد العزى : أبو البختري بن هشام وزمعة بن الأسود بن المطلب وحكيم بن حزام .
ومن بني مخزوم : أبو جهل بن هشام .
ومن بني سهم : نبيه ومنبه ابنا الحجاج ، ومن بني جمح : أمية بن خلف ، ومن كان معهم وغيرهم ممن لا يعد من قريش . فقال بعضهم لبعض
إن هذا الرجل قد كان من أمره ما قد رأيتم فإنا والله ما نأمنه على الوثوب علينا فيمن قد اتبعه من غيرنا ، فأجمعوا فيه رأيا . قال فتشاوروا ثم قال قائل منهم احبسوه في الحديد وأغلقوا عليه بابا ، ثم تربصوا به ما أصاب أشباهه من الشعراء الذين كانوا قبله زهيرا والنابغة ومن مضى منهم من هذا الموت حتى يصيبه ما أصابهم .
فقال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي . والله لئن حبستموه كما تقولون ليخرجن أمره من وراء الباب الذي أغلقتم دونه إلى أصحابه فلأوشكوا أن يثبوا عليكم فينزعوه من أيديكم ثم يكاثروكم به حتى يغلبوكم على أمركم ما هذا لكم برأي فانظروا في غيره فتشاوروا ، ثم قال قائل منهم
نخرجه من بين أظهرنا ، فننفيه من بلادنا ، فإذا أخرج عنا فوالله ما نبالي أين ذهب ولا حيث وقع إذا غاب عنا وفرغنا منه فأصلحنا أمرنا وألفتنا كما كانت .
فقال الشيخ النجدي : لا والله ما هذا لكم برأي ألم تروا حسن حديثه وحلاوة منطقه وغلبته على قلوب الرجال بما يأتي به والله لو فعلتم ذلك ما أمنتم أن يحل على حي من العرب ، فيغلب عليهم بذلك من قوله وحديثه حتى يتابعوه عليه ثم يسير بهم إليكم حتى يطأكم بهم في بلادكم فيأخذ أمركم من أيديكم ثم يفعل بكم ما أراد دبروا فيه رأيا غير هذا .
قال فقال أبو جهل بن هشام والله إن لي فيه لرأيا ما أراكم وقعتم عليه بعد قالوا : وما هو يا أبا الحكم ؟
قال أرى أن نأخذ من كل قبيلة فتى شابا جليدا نسيبا وسيطا فينا ، ثم نعطي كل فتى منهم سيفا صارما ، ثم يعمدوا إليه فيضربوه بها ضربة رجل واحد فيقتلوه فنستريح منه . فإنهم إذا فعلوا ذلك تفرق دمه في القبائل جميعا ، فلم يقدر بنو عبد مناف على حرب قومهم جميعا ، فرضوا منا بالعقل فعقلناه لهم .
قال فقال الشيخ النجدي : القول ما قال الرجل هذا الرأي الذي لا رأي غيره فتفرق القوم على ذلك وهم مجمعون له .


التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 02:41 AM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008
  #3
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام


اجتماع قريش للتشاور في أمر النبي صلى الله عليه وسلم

ذكر فيه تمثل إبليس - حين أتاهم - في صورة شيخ جليل وانتسابه إلى أهل نجد . قوله في صورة شيخ جليل يقول جل الرجل وجلت المرأة إذا أسنت قال الشاعر
وما حظها أن قيل عزت وجلت
ويقال منه جللت يا رجل بفتح اللام وقياسه جللت لأن اسم الفاعل منه جليل ، ولكن تركوا الضم في المضاعف كله استثقالا له مع التضعيف إلا في لببت ، فأنت لبيب حكاه سيبويه بالضم على الأصل .
وإنما قال لهم إني من أهل نجد فيما ذكر بعض أهل السيرة لأنهم قالوا : لا يدخلن معكم في المشاورة أحد من أهل تهامة لأن هواهم مع محمد فلذلك تمثل لهم في صورة شيخ نجدي وقد ذكرنا في خبر بنيان الكعبة أنه تمثل في صورة شيخ نجدي أيضا ، حين حكموا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في أمر الركن من يرفعه " ، فصاح الشيخ النجدي : يا معشر قريش : أقد رضيتم أن يليه هذا الغلام دون أشرافكم وذوي أسنانكم فإن صح هذا الخبر فلمعنى آخر تمثل نجديا ، وذلك أن نجدا منها يطلع قرن الشيطان كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قيل له وفي نجدنا يا رسول الله ؟ قال " هنالك الزلازل والفتن ومنها يطلع قرن الشيطان " ، فلم يبارك عليها ، كما بارك على اليمن والشام وغيرها ، وحديثه الآخر أنه نظر إلى المشرق فقال إن الفتنة هاهنا من حيث يطلع قرن الشيطان وفي حديث ابن عمر أنه حين قال هذا الكلام ووقف عند باب عائشة ونظر إلى المشرق فقاله وفي وقوفه عند باب عائشة ناظرا إلى المشرق يحذر من الفتن وفكر في خروجها إلى المشرق عند وقوع الفتنة تفهم من الإشارة واضمم إلى هذا قوله عليه السلام حين ذكر نزول الفتن أيقظوا صواحب الحجر والله أعلم .
وذكر تشاورهم في أمر النبي صلى الله عليه وسلم وأن بعضهم أشار بأن يحبس في بيت وبعضهم بإخراجه عليه السلام من بين أظهرهم ونفيه ولم يسئ قائل هذا القول وقال ابن سلام الذي أشار بحبسه هو أبو البختري بن هشام والذي أشار بإخراجه ونفيه هو أبو الأسود ربيعة بن عمرو ، أحد بني عامر بن لؤي ، وقول أبي جهل نسيبا وسيطا ، هو من السطة في العشيرة وقد تقدم في باب تزويجه خديجة معنى الوسيط وأين يكون مدحا .

مما يقال عن ليلة الهجرة

فأتى جبريل عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لا تبت هذه الليلة على فراشك الذي كنت تبيت عليه . قال فلما كانت عتمة من الليل اجتمعوا على بابه يرصدونه متى ينام فيثبون عليه فلما رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكانهم قال لعلي بن أبي طالب " نم على فراشي وتسج ببردي هذا الحضرمي الأخضر ، فنم فيه فإنه لن يخلص إليك شيء تكرهه منهم " ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينام في برده ذلك إذا نام .
قال ابن إسحاق : فحدثني يزيد بن زياد ، عن محمد بن كعب القرظي قال لما اجتمعوا له وفيهم أبو جهل بن هشام فقال وهم على بابه إن محمدا يزعم أنكم إن تابعتموه على أمره كنتم ملوك العرب والعجم ، ثم بعثتم من بعد موتكم فجعلت لكم جنان كجنان الأردن ، وإن لم تفعلوا كان له فيكم ذبح ثم بعثتم من بعد موتكم ثم جعلت لكم نار تحرقون فيها .
قال وخرج عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخذ حفنة من تراب في يده ثم قال " أنا أقول ذلك أنت أحدهم " ، وأخذ الله تعالى على أبصارهم عنه فلا يرونه فجعل ينثر ذلك التراب على رءوسهم وهو يتلو هؤلاء الآيات من يس : يس والقرآن الحكيم إنك لمن المرسلين على صراط مستقيم تنزيل العزيز الرحيم إلى قوله فأغشيناهم فهم لا يبصرون حتى فرغ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من هؤلاء الآيات ولم يبق منهم رجل إلا وقد وضع على رأسه ترابا ، ثم انصرف إلى حيث أراد أن يذهب فأتاهم آت ممن لم يكن معهم فقال ما تنتظرون هاهنا ؟ قالوا : محمدا ، قال خيبكم الله قد والله خرج عليكم محمد ، ثم ما ترك منكم رجلا إلا وقد وضع على رأسه ترابا ، وانطلق لحاجته أفما ترون ما بكم ؟
قال فوضع كل رجل منهم يده على رأسه فإذا عليه تراب ثم جعلوا يتطلعون فيرون عليا على الفراش متسجيا ببرد رسول الله - صلى الله عليه وسلم فيقولون والله إن هذا لمحمد نائما ، عليه برده . فلم يبرحوا كذلك حتى أصبحوا فقام علي - رضي الله عنه - عن الفراش فقالوا : والله لقد كان صدقنا الذي حدثنا .
وأما قوله على بابه يتطلعون فيرون عليا وعليه برد رسول الله صلى الله عليه وسلم فيظنونه إياه فلم يزالوا قياما حتى أصبحوا ، فذكر بعض أهل التفسير السبب المانع لهم من التقحم عليه في الدار مع قصر الجدار وأنهم إنما جاءوا لقتله فذكر في الخبر أنهم هموا بالولوج عليه فصاحت امرأة من الدار فقال بعضهم لبعض والله إنها للسبة في العرب أن يتحدث عنا أنا تسورنا الحيطان على بنات العم وهتكنا ستر حرمتنا ، فهذا هو الذي أقامهم بالباب حتى أصبحوا ينتظرون خروجه ثم طمست أبصارهم عنه حين خرج وفي قراءة الآيات الأول من سورة يس من الفقه التذكرة بقراءة الخائفين لها اقتداء به عليه السلام فقد روى الحارث بن أبي أسامة في مسنده عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر فضل يس أنها إن قرأها خائف أمن أو جائع شبع أو عار كسي أو عاطش سقي حتى ذكر خلالا كثيرة

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 02:44 AM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008
  #4
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام

الآيات التي نزلت في تربص المشركين بالنبي

قال ابن إسحاق : وكان مما أنزل الله عز وجل من القرآن في ذلك اليوم وما كانوا أجمعوا له وإذ يمكر بك الذين كفروا ليثبتوك أو يقتلوك أو يخرجوك ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين [ الأنفال 30 ] ، وقول الله عز وجل أم يقولون شاعر نتربص به ريب المنون قل تربصوا فإني معكم من المتربصين [ الطور : 30 ] .
قال ابن هشام : المنون الموت . وريب المنون ما يريب ويعرض منها . قال أبو ذؤيب الهذلي :
أمن المنون وريبها تتوجع والدهر ليس بمعتب من يجزع
وهذا البيت في قصيدة له .
قال ابن إسحاق : وأذن الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم عند ذلك في الهجرة .
قال ابن إسحاق : وكان أبو بكر رضي الله عنه رجلا ذا مال فكان حين استأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الهجرة فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تعجل لعل الله يجد لك صاحبا " ، قد طمع بأن يكون رسول الله صلى الله عليه وسلم إنما يعني نفسه حين قال له ذلك فابتاع راحلتين فاحتبسهما في داره يعلفهما إعدادا لذلك .

وذكر ابن إسحاق ما أنزل الله في ذلك وشرح ابن هشام ريب المنون وأنشد قول أبي ذؤيب :
أمن المنون وريبه تتفجع
والمنون يذكر ويؤنث فمن جعلها عبارة عن المنية أو حوادث الدهر أنث ومن جعلها عبارة عن الدهر ذكر وريب المنون ما يريبك من تغير الأحوال فيه سميت المنون لنزعها منن الأشياء أي قواها ، وقيل بل سميت منونا لقطعها دون الآمال من قولهم جبل منين أي مقطوع وفي التنزيل قوله تعالى : فلهم أجر غير ممنون [ التين 6 ] أي غير مقطوع .

الذين كانوا يعلمون بالهجرة

قال ابن إسحاق ولم يعلم فيما بلغني ، بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد ، حين خرج إلا علي بن أبي طالب ، وأبو بكر الصديق ، وآل أبي بكر . أما علي فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم - فيما بلغني - أخبره بخروجه وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم الودائع التي كانت عنده للناس وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى الله عليه وسلم .

مكة والمدينة

فصل ومن قوله عليه السلام حين خرج من مكة ، ووقف على الحزورة ، ونظر إلى البيت فقال " والله إنك لأحب أرض الله إلي وإنك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت " . يرويه الزهري عن أبي سلمة عن عبد الله بن عدي بن الحمراء يرفعه وبعضهم يقول فيه
عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة وهو من أصح ما يحتج به في تفضيل مكة على المدينة ، وكذلك حديث عبد الله بن الزبير مرفوعا : " إن صلاة في المسجد الحرام خير من مائة ألف صلاة فيما سواه " فإذا كانت الأعمال تبعا للصلاة فكل حسنة تعمل في الحرم ، فهي بمائة ألف حسنة وقد جاء هذا منصوصا من طريق ابن عباس عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم قال " من حج ماشيا كتب له بكل خطوة سبعمائة حسنة من حسنات الحرم " ، قيل وما حسنات الحرم ؟ قال " الحسنة فيه بمائة ألف حسنة " [ قال عطاء ولا أحسب السيئة إلا مثلها ] أسنده البزار .

الرسول صلى الله عليه وسلم وأبو بكر في الغار

قال ابن إسحاق فلما أجمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الخروج أتى أبا بكر بن أبي قحافة فخرجا من خوخة لأبي بكر في ظهر بيته ثم عمدا إلى غار بثور - جبل بأسفل مكة فدخلاه وأمر أبو بكر ابنه عبد الله بن أبي بكر أن يتسمع لهما ما يقول الناس فيهما نهاره ثم يأتيهما إذا أمسى بما يكون في ذلك اليوم من الخبر ، وأمر عامر بن فهيرة مولاه أن يرعى غنمه نهاره ثم يريحها عليهما ، يأتيهما إذا أمسى في الغار . وكانت أسماء بنت أبي بكر تأتيهما من الطعام إذا أمست بما يصلحهما .
قال ابن هشام : وحدثني بعض أهل العلم أن الحسن بن أبي الحسن البصري
قال انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر إلى الغار ليلا ، فدخل أبو بكر رضي الله عنه قبل رسول الله صلى الله عليه وسلم فتلمس الغار لينظر أفيه سبع أو حية يقي رسول الله صلى الله عليه وسلم بنفسه

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 02:48 AM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008
  #5
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام

الذين قاموا بشؤون الرسول في الغار

قال ابن إسحاق : فأقام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الغار ثلاثا ومعه أبو بكر وجعلت قريش فيه حين فقدوه مائة ناقة لمن يرده عليهم .
وكان عبد الله بن أبي بكر يكون في قريش نهاره معهم يسمع ما يأتمرون به وما يقولون في شأن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ثم يأتيهما إذا أمسى فيخبرهما الخبر .
وكان عامر بن فهيرة مولى أبي بكر رضي الله عنه يرعى في رعيان أهل مكة ، فإذا أمسى أراح عليهما غنم أبي بكر فاحتلبا وذبحا ، فإذا عبد الله بن أبي بكر غدا من عندهما إلى مكة ، اتبع عامر بن فهيرة أثره بالغنم حتى يعفي عليه حتى إذا مضت الثلاث وسكن عنهما الناس أتاهما صاحبهما الذي استأجراه ببعيريهما وبعير له وأتتهما أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما بسفرتهما ، ونسيت أن تجعل لها عصاما فلما ارتحلا ذهبت لتعلق السفرة فإذا ليس لها عصام فتحل نطاقها فتجعله عصاما ، ثم علقتها به
لم سميت أسماء بذات النطاقين
فكان يقال لأسماء بنت أبي بكر ذات النطاق لذلك .
قال ابن هشام : وسمعت غير واحد من أهل العلم يقول ذات النطاقين . وتفسيره أنها لما أرادت أن تعلق السفرة شقت نطاقها باثنين فعلقت السفرة بواحد وانتطقت بالآخر .

راحلة النبي صلى الله عليه وسلم

قال ابن إسحاق : فلما قرب أبو بكر رضي الله عنه الراحلتين إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قدم له أفضلهما ، ثم قال اركب فداك أبي وأمي ; فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم " إني لا أركب بعيرا ليس لي " . قال فهي لك يا رسول الله بأبي أنت وأمي ، قال " لا ، ولكن ما الثمن الذي ابتعتها به " ؟ قال كذا وكذا ، قال " قد أخذتها به " ، قال هي لك يا رسول الله . فركبا وانطلقا . وأردف أبو بكر الصديق رضي الله عنه عامر بن فهيرة مولاه خلفه ليخدمهما في الطريق .

حديث الغار

وهو غار في جبل ثور ، وهو الجبل الذي ذكره في تحريم المدينة ، وأنها حرام ما بين عير إلى ثور وهو وهم في الحديث لأن ثورا من جبال مكة ، وإنما لفظ الحديث عند أكثرهم ما بين عير إلى كذا ، كان المحدث قد نسي اسم المكان فكنى عنه بكذا .
وذكر قاسم بن ثابت في الدلائل فيما شرح من الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما دخله وأبو بكر معه أنبت الله على بابه الراءة قال قاسم وهي شجرة معروفة فحجبت عن الغار أعين الكفار .
وقال أبو حنيفة الراءة من أغلاث الشجر وتكون مثل قامة الإنسان ولها خيطان وزهر أبيض تحشى به المخاد ، فيكون كالريش لخفته ولينه لأنه كالقطن أنشد
ترى ودك الشريف على لحاهم
كمثل الراء لبده الصقيع
وفي مسند البزار : أن الله تعالى أمر العنكبوت فنسجت على وجه الغار وأرسل حمامتين وخشيتين فوقعتا على وجه الغار وأن ذلك مما صد المشركين عنه وأن حمام الحرم من نسل تينك الحمامتين وروي أن أبا بكر - رضي الله عنه حين دخله وتقدم إلى دخوله - قبل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ليقيه بنفسه رأى فيه جحرا فألقمه عقبه لئلا يخرج منه ما يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي الصحيح عن أنس قال قال أبو بكر - رضي الله عنه - لرسول الله صلى الله عليه وسلم - وهما في الغار لو أن أحدهم نظر إلى قدمه لرآنا ، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " ما ظنك باثنين الله ثالثهما وروي أيضا أنهم لما عمي عليهم الأثر جاءوا بالقافة فجعلوا يقفون الأثر حتى انتهوا إلى باب الغار وقد أنبت الله عليه ما ذكرنا في الحديث قبل هذا ، فعندما رأى أبو بكر رضي الله عنه القافة اشتد حزنه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وقال إن قتلت فإنما ، أنا رجل واحد وإن قتلت أنت هلكت الأمة فعندها قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم " لا تحزن إن الله معنا " ، ألا ترى كيف قال لا تحزن ولم يقل لا تخف ؟
لأن حزنه على رسول الله - صلى الله عليه وسلم شغله عن خوفه على نفسه ولأنه أيضا رأى ما نزل برسول الله صلى الله عليه وسلم من النصب وكونه في ضيقة الغار مع فرقة الأهل ووحشة الغربة وكان أرق الناس على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأشفقهم عليه فحزن لذلك وقد روي أنه قال نظرت إلى قدمي رسول الله - صلى الله عليه وسلم في الغار وقد تفطرتا دما ، فاستبكيت ، وعلمت أنه عليه السلام لم يكن تعود الحفاء والجفوة وأما الخوف فقد كان عنده من اليقين بوعد الله بالنصر لنبيه .
ما يسكن خوفه وقول الله تعالى : فأنزل الله سكينته عليه قال أكثر أهل التفسير يريد على أبي بكر وأما الرسول فقد كانت السكينة عليه وقوله وأيده بجنود لم تروها الهاء في أيده راجعة على النبي والجنود الملائكة أنزله عليه في الغار فبشروه بالنصر على أعدائه فأيده ذلك وقواه على الصبر [ و ] قيل أيده بجنود لم تروها ، يعني : يوم بدر وحنين وغيرهما من مشاهده وقد قيل الهاء راجعة على النبي عليه السلام في الموضعين جميعا وأبو بكر تبع له فدخل في حكم السكينة بالمعنى ، وكان في مصحف حفصة فأنزل الله سكينته عليهما ، وقيل
إن حزن أبي بكر كان عندما رأى بعض الكفار يبول عند الغار فأشفق أن يكونوا قد رأوهما ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم " لا تحزن فإنهم لو رأونا لم يستقبلونا بفروجهم عند البول ولا تشاغلوا بشيء عن أخذنا " ، والله أعلم .

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 02:52 AM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008
  #6
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام

الرد على الرافضة فيما بهتوا به أبا بكر

فصل وزعمت الرافضة أن في قوله عليه السلام لأبي بكر لا تحزن غضا من أبي بكر وذما له فإن حزنه ذلك إن كان طاعة فالرسول عليه السلام لا ينهى عن الطاعة فلم يبق إلا أنه معصية فيقال لهم على جهة الجدل قد قال الله لمحمد عليه السلام فلا يحزنك قولهم [ يس : 76 ] وقال ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر [ آل عمران : 176 ] وقال لموسى : خذها ولا تخف [ طه : 21 ] وقالت الملائكة للوط لا تخف ولا تحزن فإن زعمتم أن الأنبياء حين قيل لهم هذا كانوا في حال معصية فقد كفرتم ونقضتم أصلكم في وجوب العصمة للإمام المعصوم في زعمكم فإن الأنبياء هم الأئمة المعصومون بإجماع وإنما قوله لا تحزن وقول الله لمحمد لا يحزنك ، وقوله لأنبيائه مثل هذا تسكين لجأشهم وتبشير لهم وتأنيس على جهة النهي الذي زعموا ، ولكن كما قال سبحانه تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا [ فصلت 30 ] وهذا القول إنما يقال لهم عند المعاينة وليس إذ ذاك أمر بطاعة ولا نهي عن معصية . ووجه آخر من التحقيق وهو أن النهي عن الفعل لا يقتضي كون المنهي فيه فقد نهى الله نبيه عن أشياء ونهى عباده المؤمنين فلم يقتض ذلك أنهم كانوا فاعلين لتلك الأشياء في حال النهي لأن فعل النهي فعل مستقبل فكذلك قوله لأبي بكر لا تحزن لو كان الحزن كما زعموا لم يكن فيه على أبي بكر - رضي الله عنه - ما ادعوا من الغض وأما ما ذكرناه نحن من حزنه على النبي صلى الله عليه وسلم وإن كان طاعة فلم ينهه عنه الرسول عليه السلام إلا رفقا به وتبشيرا له لا كراهية لعمل وإذا نظرت المعاني بعين الإنصاف لا بعين الشهوة والتعصب للمذاهب لاحت الحقائق واتضحت الطرائق والله الموفق للصواب .
معية الله مع رسوله وصاحبه
وانتبه أيها العبد المأمور بتدبر كتاب الله تعالى لقوله إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا [ التوبة 40 ] كيف كان معهما بالمعنى ، وباللفظ أما المعنى فكان معهما بالنصر والإرفاد والهداية والإرشاد وأما اللفظ فإن اسم الله تعالى كان يذكر إذا ذكر رسوله وإذا دعي فقيل يا رسول الله أو فعل رسول الله ثم كان لصاحبه كذلك يقال يا خليفة رسول الله وفعل خليفة رسول الله فكان يذكر معهما ، بالرسالة وبالخلافة ثم ارتفع ذلك فلم يكن لأحد من الخلفاء ولا يكون .

أبو جهل يضرب أسماء بنت أبي بكر

قال ابن إسحاق : فحدثت عن أسماء بنت أبي بكر أنها قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رضي الله عنه أتانا نفر من قريش ، فيهم أبو جهل بن هشام ، فوقفوا على باب أبي بكر فخرجت إليهم فقالوا : أين أبوك يا بنت أبي بكر ؟ قالت قلت : لا أدري والله أين أبي . قالت فرفع أبو جهل يده وكان فاحشا خبيثا ، فلطم خدي لطمة طرح منها قرطي .

خبر الجني الذي تغنى بمقدم الرسول صلى الله عليه وسلم

قالت ثم انصرفوا . فمكثنا ثلاث ليال وما ندري أي وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أقبل رجل من الجن من أسفل مكة ، يتغنى بأبيات من شعر غناء العرب ، وإن الناس ليتبعونه يسمعون صوته وما يرونه حتى خرج من أعلى مكة وهو يقول
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر ثم تروحا
فأفلح من أمسى رفيق محمد
ليهن بني كعب مكان فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد

نسب أم معبد

قال ابن هشام : أم معبد بنت كعب ، امرأة من بني كعب ، من خزاعة . وقوله " حلا خيمتي " و " هما نزلا بالبر ثم تروحا " عن غير ابن إسحاق .
قال ابن إسحاق : قالت أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما : فلما سمعنا قوله عرفنا حيث وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأن وجهه إلى المدينة وكانوا أربعة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر الصديق رضي الله عنه وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، وعبد الله بن أرقط دليلهما . قال ابن هشام : ويقال عبد الله بن أريقط .

آل أبي بكر بعد هجرته

قال ابن إسحاق : فحدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير أن أباه عبادا حدثه عن جدته أسماء بنت أبي بكر ، قالت لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم وخرج أبو بكر معه احتمل أبو بكر ماله كله ومعه خمسة آلاف درهم أو ستة آلاف فانطلق بها معه . قالت فدخل علينا جدي أبو قحافة وقد ذهب بصره فقال والله إني لأراه قد فجعكم بماله مع نفسه .
قالت قلت : كلا يا أبت إنه قد ترك لنا خيرا كثيرا . قالت فأخذت أحجارا فوضعتها في كوة في البيت الذي كان أبي يضع ماله فيها ، ثم وضعت عليها ثوبا ، ثم أخذت بيده فقلت : يا أبت ضع يدك على هذا المال . قالت فوضع يده عليه فقال لا بأس إذا كان ترك لكم هذا فقد أحسن وفي هذا بلاغ لكم . ولا والله ما ترك لنا شيئا ولكني أردت أن أسكن الشيخ بذلك .

خبر سراقة بن مالك

قال ابن إسحاق : وحدثني الزهري أن عبد الرحمن بن مالك بن جعشم حدثه عن أبيه عن عمه سراقة بن مالك بن جعشم ، قال لما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة مهاجرا إلى المدينة ، جعلت قريش فيه مائة ناقة لمن رده عليهم .
قال فبينا أنا جالس في نادي قومي إذ أقبل رجل منا ، حتى وقف علينا ، فقال والله لقد رأيت ركبة ثلاثة مروا علي آنفا ، إني لأراهم محمدا وأصحابه قال فأومأت إليه بعيني : أن اسكت ثم قلت : قليلا ، إنما هم بنو فلان يبتغون ضالة لهم قال لعله ثم سكت . قال ثم مكثت ثم قمت فدخلت بيتي ، ثم أمرت بفرسي ، فقيد لي إلى بطن الوادي ، وأمرت بسلاحي ، فأخرج لي من دبر حجرتي ، ثم أخذت قداحي التي أستقسم بها ، ثم انطلقت ، فلبست لامتي ثم أخرجت قداحي ، فاستقسمت بها ; فخرج السهم الذي أكره " لا يضره " قال وكنت أرجو أن أرده على قريش ، فآخذ المائة الناقة . قال فركبت على أثره فبينما فرسي يشتد بي عثر بي ، فسقطت عنه .
قال فقلت : ما هذا ؟ قال ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره " لا يضره " . قال فأبيت إلا أن أتبعه . قال فركبت في أثره فبينا فرسي يشتد بي ، عثر بي ، فسقطت عنه . قال فقلت : ما هذا ؟ ، قال ثم أخرجت قداحي فاستقسمت بها فخرج السهم الذي أكره " لا يضره " قال فأبيت إلا أن أتبعه فركبت في أثره . فلما بدا لي القوم ورأيتهم عثر بي فرسي ، فذهبت يداه في الأرض وسقطت عنه ثم انتزع يديه من الأرض وتبعهما دخان كالإعصار .
قال فعرفت حين رأيت ذلك أنه قد منع مني ، وأنه ظاهر . قال فناديت القوم فقلت : أنا سراقة بن جعشم : أنظروني أكلمكم فوالله لا أريبكم ولا يأتيكم معي شيء تكرهونه . قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي بكر : قل له وما تبتغي منا ؟ قال فقال ذلك أبو بكر ، قال قلت : تكتب لي كتابا يكون آية بيني وبينك . قال اكتب له يا أبا بكر فكتب لي كتابا في عظم أو في رقعة أو في خزفة ثم ألقاه إلي فأخذته ، فجعلته في كنانتي ، ثم رجعت ، فسكت فلم أذكر شيئا مما كان حتى إذا فتحت مكة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وفرغ من حنين والطائف ، خرجت ومعي الكتاب لألقاه فلقيته بالجعرانة .
قال فدخلت في كتيبة من خيل الأنصار . قال فجعلوا يقرعونني بالرماح ويقولون إليك إليك ، ماذا تريد ؟ قال فدنوت من رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على ناقته والله لكأني أنظر إلى ساقه في غرزه كأنها جمارة . قال فرفعت يدي بالكتاب ثم قلت يا رسول الله هذا كتابك لي ، أنا سراقة بن جعشم قال فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم وفاء وبر ادنه قال فدنوت منه فأسلم .
ثم تذكرت شيئا أسأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فما أذكره إلا أني قلت : يا رسول الله الضالة من الإبل تغشى حياضي ، وقد ملأتها لإبلي ، هل لي من أجر في أن أسقيها ؟ قال نعم في كل ذات كبد رطبة أجر . قال ثم رجعت إلى قومي ، فسقت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم صدقتي .
قال ابن هشام : عبد الرحمن بن الحارث بن مالك بن جعشم .

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 02:57 AM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008
  #7
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام

حديث سراقة بن مالك بن جعشم الكناني
ثم المدلجي أحد بني مدلج بن مرة بن تميم بن عبد مناة بن كنانة . وقد ذكر ابن إسحاق حديثه حين بذلت قريش مائة ناقة لمن رد عليهم محمدا عليه السلام وأن سراقة استقسم بالأزلام فخرج السهم الذي يكره وهو الذي كان فيه مكتوبا لا تضره إلى آخر القصة وأن قوائم فرسه حين قرب من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ساخت في الأرض وتبعها عثان وهو الدخان وجمعه عواثن . وذكر غير ابن إسحاق أن أبا جهل لامه حين رجع بلا شيء فقال وكان شاعرا
أبا حكم والله لو كنت شاهدا
لأمر جوادي إذ تسوخ قوائمه
علمت ولم تشكك بأن محمدا
رسول ببرهان فمن ذا يقاومه ؟
عليك بكف القوم عنه فإنني
أرى أمره يوما ستبدو معالمه
بأمر يود الناس فيه بأسرهم
بأن جميع الناس طرا يسالمه
وقد قدمنا في هذا الكتاب عند ذكر كسرى ما فعله عمر بن الخطاب حين أتي بتاج كسرى ، وسواريه ومنطقته وأنه دعا بسراقة ، وكان أزب الذراعين فحلاه حلية كسرى ، وقال له ارفع يديك ، وقل الحمد لله الذي سلب هذا كسرى الملك الذي كان يزعم أنه رب الناس وكساها أعرابيا من بني مدلج . فقال ذلك سراقة وإنما فعلها عمر لأن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كان قد بشر بها سراقة حين أسلم ، وأخبره أن الله سيفتح عليه بلاد فارس ، ويغنمه ملك كسرى ، فاستبعد ذلك سراقة في نفسه وقال أكسرى ملك الملوك ؟ فأخبره النبي - صلى الله عليه وسلم - أن حليته ستجعل عليه تحقيقا للوعد وإن كان أعرابيا بوالا على عقبيه ولكن الله يعز بالإسلام أهله ويسبغ على محمد وأمته نعمته وفضله .

وفي السير من رواية يونس شعر لأبي بكر رضي الله عنه في قصة الغار
قال النبي ولم يزل يوقرني
ونحن في سدف من ظلمة الغار
لا تخش شيئا ; فإن الله ثالثنا
وقد توكل لي منه بإظهار
وإنما كيد من تخشى بوادره
كيد الشياطين كادته لكفار
والله مهلكهم طرا بما كسبوا
وجاعل المنتهى منهم إلى النار
وأنت مرتحل عنهم وتاركهم
إما عدوا وإما مدلج ساري
وهاجر أرضهم حتى يكون لنا
قوم عليهم ذوو عز وأنصار
حتى إذا الليل وارتنا جوانبه
وسد من دون من تخشى بأستار
سار الأريقط يهدينا وأينقه
ينعبن بالقرم نعبا تحت أكوار
يعسفن عرض الثنايا بعد أطولها
وكل سهب رقاق الترب موار
حتى إذا قلت : قد أنجدن عارضها
من مدلج فارس في منصب وار
يردي به مشرف الأقطار معتزم
كالسيد ذي اللبدة المستأسد الضاري
فقال كروا فقلت : إن كرتنا
من دونها لك نصر الخالق الباري
أن يخسف الأرض بالأحوى وفارسه
فانظر إلى أربع في الأرض غوار
فهيل لما رأى أرساغ مقربه
قد سخن في الأرض لم يحفر بمحفار
فقال هل لكم أن تطلقوا فرسي
وتأخذوا موثقي في نصح أسرار
وأصرف الحي عنكم إن لقيتهم
وأن أعور منهم عين عوار
فادعوا الذي هو عنكم كف عورتنا
يطلق جوادي وأنتم خير أبرار
فقال قولا رسول الله مبتهلا
يا رب إن كان منه غير إخفار
فنجه سالما من شر دعوتنا
ومهره مطلقا من كلم آثار
فأظهر الله إذ يدعو حوافره
وفاز فارسه من هول أخطار

حديث أم معبد

وذكر عن أسماء بنت أبي بكر حين خفي عليها ، وعلى من معها أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يدروا أين توجه حتى أتى رجل من الجن يسمعون صوته ولا يرونه فمر على مكة والناس يتبعونه وهو ينشد هذه الأبيات
جزى الله رب الناس خير جزائه
رفيقين حلا خيمتي أم معبد
هما نزلا بالبر ثم ترحلا
فأفلح من أمسى رفيق محمد
ليهن بني كعب مقام فتاتهم
ومقعدها للمؤمنين بمرصد
فيالقصي ما زوى الله عنكم
به من فعال لا يجازي وسودد
سلوا أختكم عن شاتها وإنائها
فإنكم إن تسألوا الشاة تشهد
دعاها بشاة حائل فتحلبت
له بصريح ضرة الشاة مزبد
فغادرها رهنا لديها بحالب
يرددها في مصدر ثم مورد
ويروى أن حسان بن ثابت لما بلغه شعر الجني وما هتف به في مكة قال يجيبه
لقد خاب قوم عنهم نبيهم
وقد سر من يسري إليهم ويغتدي
ترحل عن قوم فضلت عقولهم
وحل على قوم بنور مجدد
هداهم به بعد الضلالة ربهم
وأرشدهم من يتبع الحق يرشد
وهل يستوي ضلال قوم تسفهوا
عمايتهم هاد بها كل مهتد
لقد نزلت منه إلى أهل يثرب
ركاب هدى حلت عليهم بأسعد
نبي يرى ما لا يرى الناس حوله
ويتلو كتاب الله في كل مشهد
وإن قال في يوم مقالة غائب
فتصديقه في اليوم أو في ضحى الغد
ليهن أبا بكر سعادة جده
بصحبته من يسعد الله يسعد
وزاد يونس في روايته أن قريشا لما سمعت الهاتف من الجن أرسلوا إلى أم معبد وهي بخيمتها ، فقالوا : هل مر بك محمد الذي من حليته كذا ، فقالت لا أدري ما تقولون وإنما ضافني حالب الشاة الحائل وكانوا أربعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبو بكر ، وعامر بن فهيرة مولى أبي بكر ، وقد تقدم التعريف به وطرف من ذكر فضائله في هجرة الحبشة ، والرابع عبد الله بن أريقط الليثي ولم يكن إذ ذاك مسلما ، ولا وجدنا من طريق صحيح أنه أسلم بعد ذلك وجاء في حديث أنهم استأجروه وكان هاديا خريتا ، والخريت الماهر بالطريق الذي يهتدي بمثل خرت الإبرة ويقال له الخوتع أيضا قال الراجز
يضل فيها الخوتع المشهر

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 03:00 AM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008
  #8
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام

نسب أم معبد وزوجها

وأما أم معبد التي مر بخيمتها ، فاسمها : عاتكة بنت خالد إحدى بني كعب من خزاعة ، وهي أخت حبيش بن خالد وله صحبة ورواية ويقال له الأشعر وأخوها : حبيش بن خالد سيأتي ذكره والخلاف في اسمه وخالد الأشعر أبوهما ، هو ابن حنيف بن منقذ بن ربيعة بن أصرم بن ضبيس بن حرام بن حبشية بن كعب بن عمرو وهو أبو خزاعة .
وزوجها أبو معبد يقال إن له رواية أيضا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم - توفي في حياة رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا يعرف اسمه وكان منزل أم معبد بقديد ، وقد روي حديثها بألفاظ مختلفة متقاربة المعاني ، وقد رواه ابن قتيبة في غريب الحديث وتقصى شرح ألفاظه وفيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأم معبد وكان القوم مرملين مسنتين فطلبوا لبنا أو لحما يشترونه فلم يجدوا عندها شيئا ، فنظر إلى شاة في كسر الخيمة خلفها الجهد عن الغنم فسألها : هل بها من لبن ؟ فقالت هي أجهد من ذلك فقال أتأذنين لي أن أحلبها ، فقالت بأبي أنت وأمي ، إن رأيت بها حلبا فاحلبها ، فدعا بالشاة فاعتقلها ، ومسح ضرعها ، فتفاجت ودرت واجترت ودعا بإناء يربض الرهط أي يشبع الجماعة حتى يربضوا فحلب فيه حتى ملأه وسقى القوم حتى رووا ثم شرب آخرهم ثم حلب فيه مرة أخرى عللا بعد نهل ثم غادره عندها ، وذهبوا
فجاء أبو معبد وكان غائبا فلما رأى اللبن قال ما هذا يا أم معبد أنى لك هذا والشاء عازب حيال ولا حلوبة بالبيت فقالت لا والله إلا أنه مر بنا رجل مبارك فقال صفيه يا أم معبد فوصفته بما ذكر القتبي وغيره في الحديث ومما ذكره القتبي فشربوا حتى أراضوا جعله القتبي من استراض الوادي : إذا استنقع ومن الروضة وهي بقية الماء في الحوض وأنشد
وروضة سقيت فيه نضوي
ورواه الهروي حتى آرضوا على وزن آمنوا ، أي ضربوا بأنفسهم إلى الأرض من الري ، وفي حديث آخر أن آل أبي معبد كانوا يؤرخون بذلك اليوم ويسمونه يوم الرجل المبارك يقولون فعلنا كيت وكيت قبل أن يأتينا الرجل المبارك أو بعدما جاء الرجل المبارك ثم إنها أتت المدينة بعد ذلك بما شاء الله ومعها ابن صغير قد بلغ السعي فمر بالمدينة على مسجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يكلم الناس على المنبر فانطلق إلى أمه يشتد ، فقال لها : يا أمتاه إني رأيت اليوم الرجل المبارك فقالت له يا بني ويحك هو رسول الله - صلى الله عليه وسلم .
ومما يسأل عنه في هذا الحديث أن يقال هل استمرت تلك البركة في شاة أم معبد بعد ذلك اليوم أم عادت إلى حالها ؟ وفي الخبر عن هشام بن حبيش الكعبي قال أنا رأيت تلك الشاة وإنها لتأدم أم معبد وجميع صرمها ، أي أهل ذلك الماء وفي الحديث أيضا من الغريب في وصف الشاة قال ما كان فيها بصرة وهي النقط من اللبن تبصر بالعين .

طريق الهجرة

قال ابن إسحاق : فلما خرج بهما دليلهما عبد الله بن أرقط ، سلك بهما أسفل مكة ، ثم مضى بهما على الساحل ، حتى عارض الطريق أسفل من عسفان ، ثم سلك بهما على أسفل أمج ، ثم استجاز بهما ، حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز قديدا ، ثم أجاز بهما من مكانه ذلك فسلك بهما الخرار ، ثم سلك بهما ثنية المرة ، ثم سلك بهما لقفا .
قال ابن هشام : ويقال لفتا . قال معقل بن خويلد الهذلي328 -
نزيعا محلبا من أهل لفت
لحي بين أثلة والنجام
قال ابن إسحاق : ثم أجاز بهما مدلجة لقف ثم استبطن بهما مدلجة محاج - ويقال مجاح ، فيما قال ابن هشام - ثم سلك بهما مرجح مجاح ، ثم تبطن بهما مرجح من ذي الغضوين - قال ابن هشام : ويقال العضوين - ثم بطن ذي كشر ، ثم أخذ بهما على الجداجد ، ثم على الأجرد ، ثم سلك بهما ذا سلم من بطن أعداء مدلجة تعهن ، ثم على العبابيد .
قال ابن هشام : ويقال العبابيب ويقال العثيانة . يريد العبابيب .
قال ابن إسحاق : ثم أجاز بهما الفاجة ، ويقال القاحة ، فيما قال ابن هشام .

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 03:06 AM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-25-2008
  #9
ابوعبدالله
عضو شرف
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: دير الزور - الكرامة
المشاركات: 2,061
معدل تقييم المستوى: 18
ابوعبدالله is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام

بلاد في طريق الهجرة

وذكر أن دليلهما سلك بهما عسفان . قال المؤلف رضي الله عنه وقد روي عن كثير أنه قال سمي عسفان لتعسف السيول فيه وسئل عن الأبواء الذي فيه قبر آمنة أم النبي صلى الله عليه وسلم : لم سمي الأبواء ؟ فقال لأن السيول تتبوأه أي تحل به وبعسفان فيما روي كان مسكن الجذماء ورأيت في بعض المسندات أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر بعسفان وبه الجذماء فأسرع المشي ولم ينظر اليهم ، وقال إن كان شيء من العلل يعدي فهو هذا وهذا الحديث هو من روايتي ، لأنه في مسند الحارث بن أبي أسامة ، وقد تقدم اتصال سندي به وكنت رأيته قبل في مسند وكيع بن الجراح وليس فيه إسناد .

فصل

وذكر أن دليلهم سلك بهم أمج ثم ثنية المرة ، كذا وجدته مخفف الراء مقيدا ، كأنه مسهل الهمزة من المرأة . وذكر لقفا بفتح اللام مقيدا في قول ابن إسحاق ، وفي رواية ابن هشام : لفتا ، واستشهد ابن هشام بقول معقل [ بن خويلد ] الهذلي
نزيعا محلبا من أهل لفت
لحي بين أثلة فالنجام
وألفيت في حاشية الشيخ على هذا الموضع قال لفت بكسر اللام ألفيته في شعر معقل هذا في أشعار هذيل في نسختي ، وهي نسخة صحيحة جدا ، وكذلك ألفاه من وثقته وكلفته أن ينظر فيه لي في شعر معقل هذا في أشعار هذيل مكسور اللام في نسخة أبي علي القالي المقروءة على الزيادي ثم على الأحول ثم قرأتها على ابن دريد رحمه الله وفيها صريحا محلبا ، وكذلك كان الضبط في هذا الكتاب قديما ، حتى ضبطه بالفتح عن القاضي ، وعلى ما وقع في غيرها . انتهى كلام أبي بحر . وقد ذكر أبو عبيد البكري : لفتا ، فقيده بكسر اللام كما ذكر أبو بحر وأنشد قبله
لعمرك ما خشيت ، وقد بلغنا
جبال الجوز من بلد تهام
صريحا محلبا البيت .
وذكر المواضع التي سلك عليها ، وذكر فيها مجاجا بكسر الميم وجيمين وقال ابن هشام : ويقال فيها : مجاج بالفتح وقد ألفيت شاهدا لرواية ابن إسحاق في لقف ، وفيه ذكر مجاحا بالحاء المهملة بعد الجيم وهو قول محمد بن عروة بن الزبير :
لعن الله بطن لقف مسيلا
وجاحا وما أحب مجاحا
لقيت ناقتي به وبلقف
بلدا مجدبا وأرضا شحاحا
هكذا ذكره الزبير بن أبي بكر ولقف آخر غير لفت فيما قال البكري .
وذكر مرجح الجيم على الحاء وذكر مدلجة تعهن بكسر التاء والهاء والتاء فيه أصلية على قياس النحو فوزنه فعلل إلا أن يقوم دليل من اشتقاق على زيادة التاء أو تصح رواية من رواه تعهن بضم التاء فإن صحت فالتاء زائدة كسرت أو ضمت وبتعهن صخرة يقال لها : أم عقي عرفت بامرأة كانت تسكن هناك فمر بها النبي صلى الله عليه وسلم واستسقاها فلم تسقه فدعا عليها فمسخت صخرة فهي تلك الصخرة فيما يذكرون .
وذكر الجداجد بجيمين ودالين كأنها جمع جدجد وأحسبها آبارا ففي الحديث أتينا على بئر جدجد قال أبو عبيد : الصواب بئر جد أي قديمة وقال الهروي عن اليزيدي وقد يقال بئر جدجد قال وهو كما يقال في الكم كمكم وفي الرف رفرف .
وذكر العبابيد كأنه جمع عباد وقال ابن هشام : هي العبابيب كأنها جمع : عباب من عببت الماء عبا ، فكأنها - والله أعلم - مياه تعب عبابا أو تعب عبا . وذكر الفاجة بفاء وجيم وقال ابن هشام : هي القاحة بالقاف والحاء .

قصة أوس بن حجر

وذكر قدومهم على أوس بن حجر وهو أوس بن عبد الله بن حجر الأسلمي وبعضهم يقول فيه ابن حجر وهو قول الدارقطني ، والمعروف ابن حجر بضم الحاء وقد تقدم في المبعث ذكر من اسمه حجر في أنساب قريش ، ومن يسمى : حجرا من غيرهم بسكون الجيم ومن يسمى الحجر بكسر الحاء فانظره هنالك عند ذكر خديجة وأمها ، ولا يختلف في أوس بن حجر أنه بفتحتين .
وذكر أن أوسا حمل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - على جمل له يقال له ابن الرداء وفي رواية يونس بن بكير بن إسحاق يقال له الرداح وفي الخطابي أنه قال لغلامه مسعود وهو مسعود بن هنيدة اسلك بهم المخارق بالقاف قال والصحيح المخارم يعني : مخارم الطريق وفي النسوي أن مسعودا هذا قال فكنت آخذ بهم أخفاء الطريق .
وفقه هذا أنهم كانوا خائفين فلذلك كان يأخذ بهم أخفاء الطريق ومخارقه وذكر النسوي في حديث مسعود هذا : أن أبا بكر قال له ائت أبا تميم فقل له يحملني على بعير ويبعث إلينا بزاد ودليل يدلنا ، ففي هذا أن أوسا كان يكنى أبا تميم وأن مسعودا هذا قد روى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحفظ عنه حديثا في الخمس وحديثا في صلاة الإمام بالواحد والاثنين ذكره النسوي في هذا الحديث غير أنه قال في مسعود هذا : غلام فروة الأسلمي . وقال أبو عمر قد قيل في أوس هذا إن اسمه تميم ويكنى أبا أوس فالله أعلم .
وروي أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال لمسعود حين انصرف إلى سيده مر سيدك أن يسم الإبل في أعناقها قيد الفرس فلم تزل تلك سمتهم في إبلهم وقد ذكرنا في شرح قصيدة أبي طالب عند قوله موسمة الأعضاد أسماء السمات كالعراض والخباط والهلال وذكرنا قيد الفرس ، وأنه سمة في أعناقها ، وقول الراجز
كوم على أعناقها قيد الفرس
تنجو إذا الليل تدانى والتبس

النزول بقباء

قال ابن إسحاق : فحدثني محمد بن جعفر بن الزبير ، عن عروة بن الزبير ، عن عبد الرحمن بن عويمر بن ساعدة قال حدثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قالوا : لما سمعنا بمخرج رسول الله صلى الله عليه وسلم من مكة ، وتوكفنا قدومه كنا نخرج إذا صلينا الصبح إلى ظاهر حرتنا ننتظر رسول الله صلى الله عليه وسلم فوالله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال فإذا لم نجد ظلا دخلنا ، وذلك في أيام حارة .
حتى إذا كان اليوم الذي قدم فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم جلسنا كما كنا نجلس حتى إذا لم يبق ظل دخلنا بيوتنا ، وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم حين دخلنا البيوت فكان أول من رآه رجل من اليهود ، وقد رأى ما كنا نصنع وأنا ننتظر قدوم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - علينا ، فصرخ بأعلى صوته يا بني قيبلة هذا جدكم قد جاء . قال فخرجنا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في ظل نخلة ، ومعه أبو بكر رضي الله عنه في مثل سنه وأكثرنا لم يكن رأى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قبل ذلك وركبه الناس وما يعرفونه من أبي بكر ، حتى زال الظل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام أبو بكر فأظله بردائه فعرفناه عند ذلك .

متى قدم الرسول صلى الله عليه وسلم المدينة ؟

كان قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة يوم الاثنين لاثنتي عشرة من ربيع الأول وفي شهر أيلول من شهور العجم ، وقال غير ابن إسحاق قدمها لثمان خلون من ربيع الأول وقال ابن الكلبي خرج من الغار يوم الاثنين أول يوم من ربيع الأول ودخل المدينة يوم الجمعة لثنتي عشرة سنة وكانت بيعة العقبة أوسط أيام التشريق .


المصدر : موقع السيرة

التعديل الأخير تم بواسطة ابوعبدالله ; 12-26-2008 الساعة 02:52 PM
ابوعبدالله غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
قديم 12-27-2008
  #10
نوح
رحمتك يارب
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
المشاركات: 2,437
معدل تقييم المستوى: 18
نوح is on a distinguished road
افتراضي رد: حديث الهجرة من سيرة ابن هشام

فصل ومن قوله عليه السلام حين خرج من مكة ، ووقف على الحزورة ، ونظر إلى البيت فقال " والله إنك لأحب أرض الله إلي وإنك لأحب أرض الله إلى الله ولولا أن أهلك أخرجوني منك ما خرجت

بارك الله في عمرك على السيره الطيبه التي قرئتها كلها والله ان عيوني دمعت على الحبيب صلى الله عليه وسلم

اللهم صلى على قرة اعيننا ابو الزهراء وشفيعنا يوم الحساب صلى الله عليه وسلم
__________________

نوح غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
إنتقل إلى جوار ربه الشيخ محمد هشام برهاني admin المناسبات الدينية واخبار العالم الاسلامي 2 08-13-2014 04:35 PM
في شرح حديث نبوي شريف : ( حديث داء الأمم) عمرالحسني المواضيع الاسلامية 0 07-09-2011 02:21 PM
ابن هشام عمدة النحويين admin السِــيرْ وتـراجم أعــلام الإســـلام 0 09-09-2010 02:12 AM
حديث أبي زرع عبدالقادر حمود المواضيع الاسلامية 0 04-27-2010 05:16 PM
حديث شريف الشيخ محمود فارس المواضيع الاسلامية 3 12-21-2009 02:42 AM


الساعة الآن 04:08 AM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir