أنت غير مسجل في منتديات البوحسن . للتسجيل الرجاء إضغط هنـا

آخر 10 مشاركات
الأذكار           من كان آخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة           
العودة   منتديات البوحسن > المنتديات العامة > ركن وادي الفرات

ركن وادي الفرات نادي مختص بتراث وتاريخ المنطقة الشرقية من سوريا

إضافة رد
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع
قديم 08-31-2008
  #1
عبدالقادر حمود
أبو نفيسه
 الصورة الرمزية عبدالقادر حمود
 
تاريخ التسجيل: Aug 2008
الدولة: سوريا
المشاركات: 12,181
معدل تقييم المستوى: 10
عبدالقادر حمود is on a distinguished road
افتراضي وجهاً لوجه ... الشَّاعر محمد الفراتي والمفكِّر القومي جلال السَّيِّد

وجهاً لوجه ... الشَّاعر محمد الفراتي والمفكِّر القومي جلال السَّيِّد


سـراج جـراد

في منتصف القرن العشرين ، وفي أربعينياته على وجه الخصوص ، وفي عام 1946 تحديداً ، أصدر المفكِّر القومي جلال السيد مجلَّة سماها " الثقافة " كان ينشر فيها المقالات الفكرية والسياسية والأدبية


وشيء من الأنساب التي تتعلق بالقبائل الفراتية أو القبائل التي استوطنت وادي الفرات ، ولكن للأسف لم تدم هذه المجلة سوى سنة واحدة ، وصدر منها / 24 / عدداً فقط ، و قد ضاع قسم كبير من هذه الأعداد ولم يبق منها إلا القليل ، وهي موجودة بالكامل عند أبنائه الذين لم يبخلوا في تقديم أعدادها إلينا .‏


جلال السيد شخصية وطنية وقومية ويعتبر أحد دعاة العروبة والقومية وهو شديد الثقة بأمته العربية إلى حدٍّ بعيد ، ومنذ أن صلب عوده انخرط في العمل الوطني والقومي وتجسَّد ذلك عملياً في سورية والعراق .‏


حين تقرأ كتب جلال السيد تجد نفسك مشدوداً إلى قراءتها ، لما يتمتع به كاتبها من اطلاع واسع وغزير وعمق ثقافي ومعرفي وأسلوب كتابي أدبي ، سياسي خاص به يميزه عن غيره ، وقدرة على الإقناع بسبب حذاقته في ضرب الأمثلة وتقديم البراهين وإبراز الأدلة المنطقية الأكثر معانقة للواقع ، فهو المؤرخ عندما يقتضي الأمر عرض تاريخ العرب وأيامهم وأنسابهم القبلية وتنقلاتهم ومواقع عيشهم منذ نشأتهم إلى الزمن المعاصر ، وهو المثقف والمجتهد في الرأي الملم بتاريخ الإيديولوجيات والقوميات والثقافات لمعظم شعوب العالم التي يستعرضها في أبحاثه ، وهو الواعي لقضايا الأمة العربية وإشكالاتها الداخلية والمخططات الاستعمارية التي تحاك ضدها على أكثر من صعيد .‏


في الأعداد الأولى نوَّه جلال السيد إلى أهمية الكتابة عن الشاعر الفراتي ، لأنه – على رأي السيد _ شاعر فذٌّ موهوب ، وقد وفى بعهده عندما كتب مقالاً عن الشاعر الفراتي تحت عنوان " علماؤنا في الميزان ، الشاعر محمد الفراتي " قال فيه : " قصير القامة ، نحيف البنية ، ذو أنف عربي نجدي ،يضع نظارتين بيضاوين على عينين ذهب سوء الحظِّ بيمناها فابيضّت ، وكافحت الأخرى لتعوِّض عن أختها .‏


في مكان خاص ،من مقهى خاص في هذا البلد ترى شبحاً عليه علائم الشيخوخة الباكرة يمتصُّ طرف حبل متصل بأركيلة يتصاعد منها دخان تمباك لاذقاني من أردأ صنف ، وبين وجهه وكتاب يحمله بيد واحدة مسافة لا تزيد على عشرة السنتمترات ، وتلحظ على هذا الشبح علائم الفقر المدقع ، وتدر دك أوَّل ما تراه أن مقرور يرتعش من البرد فجمع جسده وداخل أعضاءه في أصغر فضاء ممكن . ذاك هو الفراتي .‏


هادئ ، وديع في الأحوال الطبيعية فإذا جرحت كبرياءه الشخصي أو الوطني ، أو شعر بأنك تريد الحطَّ من كرامته فإنه ينقلب إلى ثورةٍ لاهبة وبركان تتدفق منه النيران وسرعان ما يفقد توازنه حتى ليخيل إليك أنَّ به مساً من جنون .‏


لقد قارب الستين عاماً ، وإن كان لا يعترف إلا على خمس وخمسين ، قضى أكثرها مكافحاً أوهامه ، وأخيلته ووضعاً افترضه هو من نكران البلد لجميله وعدم إنصافه لشاعره الفذ وعبقريه الوحيد .‏


جاء الفراتي يحمل بذور الثورة العربية ففاض بالدعاية للعروبة ونظم القصائد والمقطوعات الكثيرة ، يعبِّر بها عن إحساسه ومراميه ، فاشرأبَّت الأعناق إلى هذا الطراز من الرجال الذين لم يروا مثلهم من قبل ، وفي مدة لم تتجاوز السنة الواحدة أصبح الفراتي زعيم الوطنية والعلم في وادي الفرات ، وصار مضرب المثل فيما يتصل بالوطنية والعلم .في تلك الفترة من الزمن تعرَّفنا على الفراتي ، أستاذاً في أوَّل مدرسة أُنشأت على عهد الانتداب الفرنسي ، في دير الزور ، وقد أصبح فيما بعد مديراً لهذه المدرسة ، ومنها مديراً لمصلحة المعارف في اللواء بالوكالة ، وفي هذه الآونة تعرَّف على صديقه السيد العرفي وعلى السادة تحسين الجوهري ، وثابت العزاوي وأمين العليوي فألفوا الحلقة الأولى من حلقات النهضة الوطنية والفكرية بدير الزور ، وقد رشحنا الأستاذ الفراتي ليكون شاعراً جاهلياً بمعنى أنه يضمُّ بين جنبيه الشاعر والبطل ، وتحدثنا عنه بهذه الصفة وقتاً غير قصير وكنا نتمنى على الأيام ألا تخلف ظننا هذا فيه ، ولكن ما كلُّ ما يتمنى المرء يدركه ، فقد أصبح اليوم أشبه بشعراء الإغريق يوم كان واحدهم داعية لبطل يشيد بذكره ويمجِّد خصاله ويكون له بوق التعريف .‏


دارت الأيام دورتها وكان زمن نشأت الفراتي يوحي معنيين هما أن الشاعر أو الأديب لا بدَّ أن يعيش فقيراً معدما ، وأن الشاعر قلب لا يستقر على قرار وبحكم الإيحاء فقد لبس الفراتي هذين الثوبين ولم يستطع من بعدهما خلعاً ولا منهما خلاصاً ، وأصبح الفقر زينة وحلية للفراتي ، وأصبح لازمة إن لم تكن في حقيقتها كائنة فإنه يصطنعها اصطناعاً لخلق الانسجام والتوافق والاكتمال بشخصيته .‏


لقد حمل الفراتي في رأسه علوم الأزهر التي كان يدرسها يومذاك فله إلمام بالجغرافيا والرياضيات والفلك وله وقوف تامٌ على فنون العربية وقليل من الناس يعلم أن الفراتي فقيه متمكِّن من الفقه والناس قد أخذوا بمظاهر زندقته واستهتاره فأقصوه في أفكارهم عن محيط الفقه والعلوم الإسلامية وكل ما ذكرناه عن معرفته يتضاءل إذا قيس إلى أنه شاعر وهذا هو اختصاصه الأول فإنه بالشعر قد عُرف وبه علت منزلته ، إنَّ الفراتي من المصابين بنوع من الهستريا التي وصفها علم النفس بأنها تعاظم إلى أعلى حدٍّ ثمَّ هبوط مفاجئ إلى أسفل درك فهو بينما يقول في مدحه لرئيس الجمهورية :‏


مدحتك لا أرجوك جاهاً ومنصباً فلي فوق هام النجم جاه ومنصب‏


وبينما يمنع أن يتغنى أحد إلا بمجد قحطان نراه يمدح المندوب الفرنسي " آردوان " متذرعاً بأوهى الأسباب وأتفهها ، عصبي المزاج كأكثر أفراد هذه المنطقة ، ولا يعرف الحقد إلى نفسه سبيلا .‏


هذا وبالرغم من تمرجحه بين القطبين فإنَّ شعوره العربي سليم ، وتدرك ذلك من حنينه العفوي واندفاعه المطلق للتغني بمجد العرب ، ونحن لمعرفتنا الوثيقة به فإننا نجزم بأنه نبيل في أصل تكوينه ، وكلما كان غير متفق مع النبل ، فقد جاء عرضاً ولأسباب طارئة .‏


حركات الفراتي وتصرفاته من وحي الغريزة ولا أثر للعقل فيها ، إنه أنيس حلو المعشر عف اللسان وقد استسلم أخيراً إلى الأقدار فطلق طموحه السياسي وركن إلى دواوين شعره المخطوطة يصلحها ويعالجها استعداداً لطبعها في أول فرصة تواتيه ، وهو لا يعرف غير العربية حذقاً ويلمُّ بمبادئ الفارسية والتركية ، وهذا ما كان له أثر في نتاجه الشعري .‏


شاعريته :‏


كانت الدفقة الأولى من شعر الفراتي تبشِّر بمستقبل عظيم زاهر ، وقد ثملنا بنشوة الظفر لما حلمنا بأنَّّ متنبي العرب في القرن الرابع عشر الهجري سيخرج من هذا البلد ، إلا أنَّ وقوف الفراتي عن متابعة ما استجدَّ من الأفكار وانقطاعه عن متابعة الكتب الحديثة والنظريات الطريفة قد خلق بينه وبين ناشئة الجيل الجديد هوَّة سحيقة الغور ، وقد يكون لهذا الانقطاع أسبابه وعوامله القسرية _ فأنا لا أبحث عن السبب وإنما أبحث في النتائج _ وجعل الفراتي تجترُّ الأفكار ويعيدها في آرائه على ما خلَّف الأقدمون من معانٍ ولم يساير عصره ولا تحدَّث عن واقعه الفكري الزاخر بكلِّ جديد ولولا بعض القصائد في ديوانه القديم والجديد لما أمكن للقارئ أن يستدل من قراءة شعر الفراتي على أنه من مخلوقات القرن العشرين ، ومن حيث أنه لا يعرف إلا اللغة العربية فقد انسدت في وجهه منابع الثقافة العليا الحديثة ، فهو لم يستمدها من مناهلها و لا توصل إليها عن طريق الترجمة ومطالعة الكتب الموضوعة بهذا الشأن ، هكذا توقف اندفاعه الفراتي وأصبح يدور حول نفسه ويلتقط أفكار غيره من مخلفات أبي تمام والبحتري وابن المعتز وأضرابهم ممن لا صلة بين أفكارهم وأفكار هذا الجيل .‏


شعر رقيق و تعابير بدوية سهلة محببة إلى النفس وجرس لذيذ ونغم يتضمن في غالب شعره بحري الخفيف والوافر ، أما حماسياته فأكثرها من البحر الطويل كي يكون أقدر على ضبط تلك المعاني النارية واستيعابها .‏


إنه شاعر بعد كل ما ذكرناه من تقصير لا يقل عن طبقة صفي الدين الحلي والبهاء زهير ولا شكَّ في أنه من شعراء الدرجة الأولى في ديار الشام ، طبع له ديوانان من الشعر أولهما يمثل وقاره وعفة لسانه وجريه على قاعدة الذين يحترمون أنفسهم من شعراء العربية ، وثانيهما قد أباح الشاعر فيه لنفسه التعابير العارية والأدب المكشوف مما يمجه ذوق محيط متحرِّج متزمِّت ، فكان فيه جارياً على وتيرة أبي نواس والخليع وحماد وأمثالهم .‏


زمن كان مثل حال الفراتي فإنه يجيد أكثر ما يجيد شكوى الزمان وهو في رثائه بكاء عاطفي يثير الحزن ويبعث الشجون ، وقد رثى الملك حسين والملك فيصل .‏


وللفراتي خمريات جيدة ومقطوعات تصلح للغناء والحداء والترنيم ، وفوق ذلك فإنَّ له أبياتاً ومقطوعات تعدُّ مبتكرة ووحيدة في معانيها و لا نرى حاجة الاستشهاد بشيء من هذا الشعر لأن ديوان الفراتي سيكون لنا متكأً دائماً نغترف منه في كل عدد من أعداد مجلة الثقافة ما يناسب المقام .‏


وبعُد : فإننا قد كشفنا عن الفراتي بالعين التي نراه بها وحسبنا أن نرضي الله والحقَّ وللفراتي بعد ذلك شأن من غضب أو رضي والسَّلام .‏


ومن خلال ما تقدَّم تتبيَّن لنا شخصية المفكر جلال السيد من خلال وصفه للفراتي وصفاً دقيقاً جاء على أغلب ملامحه الشخصيَّة والخَلقية سابراً في أغواره الشيء الكثير .‏


جلال السيد أراد أن يعطي للفراتي شخصيته الحقيقية بعيداً عن أيِّ مثالية بل نراه في بعض الأحيان ومن خلال ما تقدم يتكلَّم عن قضايا دقيقة في حياته ويتكلَّم عن حركاته وسكناته ونفسيته التي عرفه بها من خلالها .‏


علماؤنا في الميزان " رؤية جديدة وصورة واقعية وشهادة للفراتي من شاهد له على العصر نضيفها إلى رصيد معرفتنا بشاعر وادينا " محمد الفراتي
__________________
إذا أنتَ أكثرتَ الصلاةَ على الذي
صلى عليه الله ُ في الايات ِ
وجـعلـتـَـها ِوردا ً عليكَ مُـحـتما ً
لاحتْ عليكَ دلائلُ الخيرات
عبدالقادر حمود غير متواجد حالياً  
رد مع اقتباس
إضافة رد

مواقع النشر (المفضلة)


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
"الهوسة" شعر الحماسة في التراث الأدبي الفراتي عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 0 01-29-2011 08:45 PM
تأسيس بيت الشعر الفراتي في دير الزور عبدالقادر حمود القسم العام 2 11-06-2009 12:12 AM
مشرف الدندل الصقر الفراتي عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 4 12-26-2008 10:37 AM
محمد الفراتي عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 3 11-19-2008 02:44 PM
الزي الفراتي عبدالقادر حمود ركن وادي الفرات 3 10-05-2008 01:43 PM


الساعة الآن 05:31 PM




جميع المواضيع و الردود المطروحة لا تعبر عن رأي المنتدى بل تعبر عن رأي كاتبها

Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir